يخادعون الله والذين امنوا وما يخدعون الا انفسهم وما يشعرون الخداع انزال الغير عما هو بصدده بامر تبديه على خلاف ما تخفيه فالمخادع يستر بخلاف ما يبطن ولذلك سمي المخدع مخدعا لتستر اصحاب المنزل فيه ولا يقصد احد مخادعة الله لكنهم كانوا يقصدون مخادعة المؤمنين واولياء الله فاظاف الله عز وجل ذلك الى نفسه لعظم قدرهم وارتفاع منزلتهم عند الله وهو كقوله ان تنصروا الله ينصركم والله لا يحتاج ان ينصر ولكن كأنه قال ان تنصروا اولياء الله ينصركم وهو في قوله ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله والله لا يبايع ولكن اضافة ذلك الى نفسه لعظم قدر نبيه وعلو منزلته عند الله تعالى فكذلك هنا اضاف مخادعتهم اولياءه الى نسفه لعلو منزلتهم عند الله وقدرهم لديهم وما يخدعون الا انفسهم اي حاصل خداعهم ويباله يرجع اليهم وما يشعرون اي ما يشعرون ان حاصل الخداع يرجع عليهم في الدنيا والاخرة ففي ذلك بيان غفلتهم وغبائهم فقال وما يخدعون الا انفسهم وما يشعرون والانفس جمع نفس بمعنى ذات الشيء وحقيقته وتطلق على الجوهر اللطيف الذي يكون به الحس والحركة والادراك ويشعرون مضارعوا شعرة يقال شعر بالشيء اي فطن له ومنه قيل للشاعر شاعر لفطنته لانه يفطن لما لا يفطن له غيره من غريب المعاني ودقائقها والشعور العلم الحاصل بالحواس ومنه مشاعر الانسان اي حواسه فهؤلاء المنافقون لم يخادعوا الله لعلمه بما يسرون ولن يخادع المؤمنين لان الله يدفع عنهم ضرر خداع المنافقين وانما يخدعون انفسهم لان ضرر المخادعة عائد عليهم ولكنهم لا يشعرون بذلك. لان ظلام الغي قال فقلوبهم فجعلهم عديمي الشعور فاقدي الحس وجاءت الاية الكريمة وما يخدعون الا انفسهم اسلوب قصر مع ان خداعهم للمؤمنين ينالهم بسبب الخداع ظرر لان اولئك المنافقين كي يصيبهم صغار وعذاب شديد بسبب ذلك اما المؤمنون فحتى لو نالهم ظار فلهم عند الله ثوابه ونفى عنهم الشعور مع سلامة مشاعرهم. لانهم لم ينتزعوا من نعمتها ولم يستعملوها فيما خلقت له فكانوا كالفاقدين لها على قاعدة كل نعمة لا تقربوا الى الله فهي ملية اذا جاءت العقوبة باسم العمل فمهما كنت في عمل في الدنيا فستكافئ عليه في الاخرة