الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله ايها الاخوة الاخوات نواصل مجالسنا في تدبر كلام الله تعالى. ونسأل الله تعالى بمنه وكرمه ان يرزقنا بشرى نبينا محمد صلى الله عليه واله وسلم حيث قالوا ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم الا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده. نسأل الله تعالى من فضله انتهينا من سورة الممتحنة وتأتي بعدها سورة الصف. وسورة الصف من ابرز مقاصدها الاجتماع لنصر دين الله جل وعلا. ولهذا سميت بسورة الصف فيجتمع المسلمون صفا واحدا يقاتلون اعدائهم وينصرون دين الله جل وعلا. ولهذا تأمل كيف جاءت هذه الاية في بداية السورة ان الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كانهم بنيان مرصوص اختتمت السورة ايضا بقول الله تعالى يا ايها الذين امنوا كونوا انصار الله مناسبة سورة الصف للممتحنة ظاهرة سورة الممتحنة فيها البراءة من الكافرين. وموالاة المؤمنين فلما تحققت البراءة من الكفار ما بقي بعد ذلك الا ان ننصر دين الله وان نقاتلهم في سبيل الله وهذه المناسبة تشبه المناسبة بين سورة الكافرون والنصر فسورة الكافرون فيها البراءة من الكفار فاذا انقطعت الصلة بهم حصلت البراءة ما بقي الا نصر الدين قتال الكافرين. اذا جاء نصر الله والفتح وسورة الصف آآ سورة اه تحث المسلم على الجهاد واشتملت على قواعد عظيمة في الجهاد في سبيل الله بها اه تتحقق الثمرة المرجوة من الجهاد من اعلاء كلمة الله تعالى وهذا موضوع مهم آآ يحصل فيه التمييز بين الجهاد الشرعي والجهاد البدعي تأملوا في بداية السورة يقول الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم. سبح لله ما في السماوات وما في الارض وهو العزيز الحكيم تفتتح السورة بتسبيح الله تعالى سبح لله ما في السماوات وما في الارض كما قال الله تعالى تسبح له السماوات السبع والارض ومن فيهن. وان من شيء الا يسبح بحمده. ولكن لا تفقهون تسبيحهم فكل المخلوقات تعبد الله وتسبحه وتسجد له وهذه حقيقة ايمانية عظيمة يكشفها القرآن لنا وعندما نستشعر هذه الحقيقة هذه الحقيقة تبعث الهيبة في القلوب وتجعلك تلهج بتسبيح الله تعالى. تخيل الان لو انك تستشعر ان هذه الارض التي تمشي عليها تسبح الله نادي الجدران التي تحيط بك تسبح الله ان هذا الثوب الذي تلبسه يسبح الله. هذه السيارة التي تركبها تسبح الله حتى قال ابن مسعود رضي الله عنه كنا نسمع تسبيح الطعام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه حقيقة ايمانية عظيمة اجعل المسلم يعظم الله يسبحه لكل احواله وتأمل كيف افتتحت السورة التي تحث على الجهاد في سبيل الله بالتسبيح لماذا؟ لان المقصود من الجهاد في سبيل الله انما هو تسبيح الله ليس المقصود من الجهاد سفك الدماء او انتصار لحزب او طائفة النبي صلى الله عليه وسلم سئل الرجل يقاتل حمية يقاتل شجاعة يقاتل لاجل المغنم اي ذلك في سبيل الله؟ قال من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله مقاتلون حتى لا تكون فتنة يعني شرك. ويكون الدين كله لله عندما يكون الدين كله لله يظهر التسبيح في الارض سبح لله ما في السماوات وما في الارض والتسبيح كلمة تعظيم وتنزيه واول ما يدخل فيها تنزيه الله تعالى من الشرك والكفر فاذا مقصود الجهاد رفع راية لا اله الا الله والتي يحصل بها تعظيم الله تسبيحه سبح لله ما في السماوات وما في الارض وهو العزيز الحكيم. العزيز يعز اولياءه الحكيم يقدر ما يشاء ينصرنا بحكمته ويخذلنا بحكمته اذا انهزم المسلمون فهذا بحكمة الله تعالى حتى يرجعوا الى انفسهم ويعرف ان السبب في ذلك انفسهم اولما اصابتكم مصيبة قد اصبتم مثليها قلتم ان هذا قل ومن عند انفسكم فنصره حكمة والهزيمة حكمة وهو العزيز الحكيم ثم تأمل ما قال الله تعالى مباشرة بدأ بالمقصود ان الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا لا بل بدأ بجهاد النفس قبل جهاد الاعداء لان جهاد النفس هو الاصل. والاساس الذي من خلاله يتحقق النصر للمسلمين فقال يا ايها الذين امنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون يا ايها الذين امنوا لم تقولون ما لا تفعلون وكما جاء في سبب نزول سورة الصف وهذه الاية ان بعض الصحابة رضي الله عنهم قبل ان يفرض الجهاد كانوا يتمنون الجهاد في سبيل الله يتمنون قتال الكفار الذين اخرجوهم من مكة وعذبوهم فقالوا وددنا ان نعلم اي الاعمال احب الى الله؟ فنعمل به. وهم يريدون بذلك الجهاد فنزلت هذه السورة شق ذلك على بعض المسلمين. يعني كره القتال فعاتب الله تعالى المسلمين او بعض بعض المسلمين يا ايها الذين امنوا لم تقولون ما لا تفعلون يقولون نريد ان نجاهد ثم لما يأتي الامر بالجهاد يتخلفون او تتراجعون. لم تقولون نريد ان نجاهد ما لا تفعلون ثم لا تفعلون ولا تجاهدون هذه الاية وان نزلت في هذا المقام فهي عامة ومدارها على الصدق مع الله جل وعلا لان عندما يخالف قولك فعلك هذا معناه انك غير صادق مع الله لما تقولون ما لا تفعلون ولهذا ما يحقق المسلم هذه الاية ويخرج من هذا العتاب الا اذا استقام على طاعة الله في قوله وقلبه واعماله ولهذا من جميل تبويبات الامام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه انه بوب بابا في الجهاد قال باب عمل صالح قبل الجهاد في سبيل الله. واستدل بهذه الاية عمل صالح قبل الجهاد في سبيل الله يعني اولا اصلح نفسك. اصدق مع ربك قبل ان تجاهد في سبيل الله وذكر هذه الاية لم تقولون ما لا تفعلون ثم قال ان الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا ثم قال وقال ابو الدرداء انما تنصرون او انما تقاتلون باعمالكم انما تقاتلون باعمالكم اذا كانت اعمالكم صالحة مستقيمة اذا كنتم صادقين مع الله الله ينصركم. يا ايها الذين امنوا ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم وقال الله تعالى وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا اذا هذا هو شرط النصر الايمان والعمل الصالح تحقيق التوحيد الخالص عدم الشرك بالله. اليوم اذا اردنا النصر والتمكين فعلينا اولا ان نجاهد انفسنا وعلى المسلمين ان يرجعوا الى التوحيد الخالص كم في بلاد المسلمين من مظاهر الشرك اخرج الان من الجزيرة العربية وانظر في بلاد العراق وايران والشام ومصر والمغرب العربي وباكستان والهند كل دولة فيها الاف الاضرحة. التي تعبد من دون الله يذهب بعض المسلمين هداهم الله الى هذه الاضرحة يستغيثون باهلها يا ولفلان آآ اشفني يا ولفلان قربني الى الله عافني او لفلان. ادخلني الجنة نجني من النار ويقربون القرابين. ويجتمع عندها بالملايين في بعض المواسم كيف بعد ذلك نرجو نصرا او نريد عزا الله تعالى يقول يا ايها الذين امنوا لم تقولون ما لا تفعلون؟ هذي اول قاعدة من قواعد الجهاد. والنصر يا ايها الذين امنوا لم تقولون ما لا تفعلون؟ تقول انا مسلم واين استسلامك لله؟ اين اخلاصك لله؟ اين توحيدك لله؟ تستسلم للمخلوق وتخضع للمخلوق وتصرف العبادة للمخلوق لما تقولون ما لا تفعلون؟ تقول انا احب الله ثم تصر على ما يكره الله تعالى من المعاصي والمحرمات لما تقولون ما لا تفعلون؟ تقول انا احب النبي صلى الله عليه وسلم. ولا تحرص على اتباع سنته. وتحري هديه صلى الله وسلم لا يرى عليك سنة النبي صلى الله عليه وسلم لا يرى عليك هدي النبي صلى الله عليه وسلم. في اخلاقك في ظاهرك في تعاملاتك لما تقولون ما لا تفعلون بل هذه القاعدة والله لو عاش معها المسلم في كل قول هذا سيصلح له كل عمله. لانه سيجاهد نفسه على ان يوافق قوله فعله وما في قلبه فيكون صادقا اذا قلت في الصلاة الله اكبر بعض الناس تقول الله اكبر وقلبه معلق بالدنيا ويجول ويصول في الدنيا يذهب الى السوق ويذهب الى البيت ويذهب الى الوظيفة. وهو في صلاته لما تقولون ما لا تفعلون فانظر كيف ان هذه الاية تصلح حياة المسلم تجعلك صادقا مع الله وبهذا يؤهل المسلمون للنصر يا ايها الذين امنوا لم تقولون ما لا تفعلون؟ يعني صدقوا اقوالكم بالاعمال الصالحة يا ايها الذين امنوا لم تقولون ما لا تفعلون ثم زاد الله تعالى هذه الحقيقة تعظيما وتهويلا. قال كبر مقتا عند الله. والمقت اشد الغظب كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون. يعني هذا الامر يغضب الله تعالى لا يرضاه الله تعالى لان فيه نوع نفاق المنافق هو الذي يظهر خلاف ما يبطن. يقول انا مسلم وهو كافر في الباطن فكذلك الذي يقول ما لا يفعل فيه شبه بالمنافقين. وهذا يغضب الله تعالى. الله لا يحب النفاق والرياء يحب الاخلاص والعبودية الصادقة بما تقولون ما لا تفعلون ثم شرع في المقصود ان الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا. هؤلاء الذين صدقوا مع الله فبذلوا انفسهم لله تأمل كيف كان الجزاء من جنس العمل؟ ان الله يحب الله اكبر هذا اعظم جزاء للمجاهدين اعظم مطلوب واغلى مرغوب محبة الله تعالى ماذا تريد اذا احبك الله ان الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا لماذا يحبهم لان بذل الروح الروح اغلى ما تملكه هذا لا يكون الا بخلوص محبة الله تعالى في قلبك يكون الله تعالى احب اليك من كل شيء. حتى من نفسك فتبذل روحك لاجل الله هذا غاية في محبة الله فاحبهم الله وهكذا اذا لم يفتح للمسلم باب الجهاد والقتال بالقوة هناك جهاد اعظم كما قلنا جهاد النفس. وهذا ما يكون على درجة الكمال الا بالعلم النافع والدعوة في سبيل الله. بل هذا الجهاد اليوم هو والجهاد الاكبر بان نصر المسلمين لا يكون الا اذا رجعوا الى دينهم. كيف يرجع المسلمون الى دينهم؟ المسلمون خير مسلمون على الفطرة لكن آآ تأتي الفتن فتن الشبهات فتن الشهوات والجهل الغفلة هنا اعظم جهات جهاد العلم والدعوة في سبيل الله عندما تبذل قوتك وفكرك ووقتك وتعبك. في طلب العلم ومراجعة العلم وحفظه ودراسته وتحقيقه ثم تنشر هذا بين الناس تدعو الى الله تعالى بقدر استطاعتك لو تصلح نفسك واهل بيتك هذا فيه خير عظيم ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم تجاهد في نشر الاسلام نشر السنة نشر الدين نشر الاستقامة الدعوة في سبيل الله ومن احسن قولا ممن دعا الى الله فهذا من اعظم الجهاد في زماننا لانه به يرجع المسلمون الى دينهم اذا انتشر اهل الخير العلماء والدعاء الى الله تعالى ينصلح واقع الامة قال ان الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا صفا ثم تأمل كيف اكد الاجتماع في هذا الصف قال كانهم بنيان مرصوص. انظر الى البنيان لبنة ترس الى اللبنة الاخرى وهكذا ليس بينها فرج وصدوع وصاحب البنيان لا يحب ان تختلف آآ اللبنات في بنيانه. فكذلك الله تعالى يحب الوحدة والاجتماع ان الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا لان الاجتماع في الظاهر يورث الاجتماع في الباطن واجتماع القلوب يورث تآلف القلوب ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لتسون صفوفكم او ليخالفن الله بين قلوبكم وكذلك في الجهاد كأنهم بنيان مرصوص وهذا في الجهاد لا يتحقق الا بشروط الجهاد المعروفة وضوح الراية وان تكون الراية لا اله الا الله اذا كانت الراية واحدة واضحة يتحد المجاهدون في صف واحد يكون هدفهم الاخلاص لله. ما يكون القائد يريد ان ينصر حزبه. يريد ان يستولي على الملك لا ولذلك انظر اذا كان الجهاد خالصا لوجه الله ما اريد به الا وجه الله رفع راية لا اله الا الله يثمر وتحقق به النصر انظر عندما تدخل الدنيا في المقاصد كم رأينا من جهاد في زماننا يجتمع قادة لكن بعد ان يطرد العدو اذا بهم يتقاتلون فيما بينهم. لماذا ما كانت الراية واضحة عندهم بدع عندهم شرك والمقاصد للاسف يدخلها ما يدخلها من المطامع الدنيوية والمصالح الشخصية وكذلك هذا يتحقق اه مع وضوح الراية يتحقق اجتماع المجاهدين تحت ولي الامر. ولذلك من شروط الجهاد الشرعي ان يكون باذن ولي الامر. لماذا بدون ولي الامر تختلف المقاصد والاهداف وربما يختلف الصف اذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر المسافرين اذا كانوا ثلاثة ان يأمروا احدهم. حتى ما يقع بينهم خلاف. ما بالك بجهاد في سبيل الله جيش فيه سرايا والمجاهدون ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم انما الامام جنة. يقاتل من ورائه ويتقى به كما ثبت عند مسلم انما الامام يعني ولي الامر جنة مثل الدرع للمسلمين. يقاتل من ورائه ويتقى به. اما جهاد بدون اذن ولي امر فلا يؤتي ثمرته. لذلك لما يحصل جهاد هكذا باجتهاد بعض الجماعات او الافراد. ربما تكون هذه الجماعات على فكر منحرف اصلا يكفرون اهل الاسلام ويقتلون اهل الاسلام. كيف يكون هذا جهادا شرعيا هذا يكون قتال فتنة ما يكون جهادا شرعيا الجهاد الشرعي فيه رفع راية لا اله الا الله فيه رد عدوان المعتدين على الابرياء المسلمين فاذا كان الجهاد شرعيا باذن ولي الامر ايضا بذلك تحصل القوة والعدة اما ان يتسلل الى الجهاد افراد لا يملكون قوة واعدوا لهم ما استطعتم من قوة من رباط الخير. هذا لا يؤتي ثمرته اذا كان بدون قوة بدون اعداد عدة ايمانية ولا عسكرية فاذا لا بد من اعداد العدة الايمانية والعسكرية وهذا لا يكون الا آآ وجود آآ ولي الامر الذي يجمع صف المجاهدين اذا هذا كله يستفاد من قوله صفا كأنهم بنيان مرصوص ثم يذكر الله تعالى لنا قدوات في هذا الباب وسيأتي معنا آآ تكملة آآ بعض ايات هذه السورة في او ايات هذه السورة في الحلقات القادمة او في المجال القادمة ان شاء الله. نسأل الله تعالى ان يغفر لنا ويرحمنا. نسأل الله تعالى ان يردنا ويرد المسلمين الى الدين ردا جميلا اسأل الله تعالى ان يعز الاسلام والمسلمين وان يذل الشرك والمشركين. ونسأل الله تعالى ان يجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا والحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين