الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وصلنا الى قول الله سبحانه وتعالى وما نتنزل الا بامر ربك له ما بين ايدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا كان عليه الصلاة والسلام يحب ان يكثر جبريل من زيارته فقال له يا جبريل ما يمنعك ان تزورنا اكثر مما تزورنا فنزل قول الله سبحانه وتعالى وما نتنزل الا بامر ربك يا محمد ليس تنزلي بالوحي اليك راجعا الي. لله سبحانه وتعالى ما نستقبل من امرنا وما مضى من امرنا وهو مالك امرنا في الحال وما كان ربك نسيا اي وما كان ربك يا محمد ذا نسيان فيتأخر نزولي اليك بسبب نسيان الله سبحانه وتعالى. وقد عل استحالة نسيان الله سبحانه وتعالى بقوله رب السماوات والارض وما بينهما اي فلابد لله سبحانه وتعالى ان يمسك السماوات والارض حالا بعد حال والا فسدتا هو سبحانه وتعالى القيوم عليها فلو كان ربك يا محمد نسيا لما استقامت السماوات والارض على نظام تعبده اي فاقبل على عبادة ربك الذي لا ينساك. ولا تحزن على ابطاء الوحي اليك. فان ابطاء الوحي اليك من لطف ربك بك ولما كانت عبادة الله سبحانه وتعالى تحتاج الى مكابدة قال له واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا؟ اي هل تعلم ربك شبيها او مثيلا يستحق اسمه استحقاق الله سبحانه وتعالى له. ولنا مع هذه الايات وقفات اولا ما دلالة طلب نبينا صلى الله عليه وسلم من جبريل ان يكثر من زيارته يقول في الاية اشتياقه صلى الله عليه وسلم لسماع الوحي من ربه والانس به والاستزادة منه وقد ذكر الله سبحانه وتعالى تنزل جبريل بالفعل نتنزل. فما دلالة قول جبريل وما نتنزل؟ لماذا لم يقل وما ننزل ما الفرق بين نتنزل وننزل في الحقيقة التنزل في اللغة يحتمل معنيين الاول هو النزول بالتدريج. وقتا بعد وقت ويحتمل معنى اخر كذلك وهو النزول على الاطلاق. ولو نظرنا الى السياق واستبطاء النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل في نزوله حملنا التنزل على المعنى الاول الذي هو التنزل بالتدريج وقتا بعد وقت فاذا جبريل كان ينزل احيانا ويغيب عن نبينا صلى الله عليه وسلم احيانا اخرى فان قال قائل قوله سبحانه وتعالى وما نتنزل الا بامر ربك لماذا لم يقل وما نتنزل الا بامر ربنا؟ لماذا اضاف الرب الى النبي صلى الله عليه وسلم ويعني كان يمكن ان يقال انه الاصل ان يضيف الى نفسه لانه مربوب لله سبحانه وتعالى. تقول في ذلك اشارة الى طمأنة للنبي صلى الله عليه وسلم والمقام والسياق سياق طمأنة اي ان عدم نزول لك في بعض الاحيان ليس عن نسيان من الله سبحانه وتعالى. انما هو لحكمة ارادها الله سبحانه وتعالى وقوله سبحانه وتعالى وما كان ربك نسيا. ما المراد بنفيان النسيان هنا؟ نقول النسيان هنا على ظاهره وان الله سبحانه وتعالى لكمال علمه ازلا وابدا. اي لكماله علمه الصمدي لا يطرأ عليه النسيان بحال الله سبحانه وتعالى لا يترك الايحاء اليك بسبب نسيانه. وبعض العلماء حمل النسيان هنا على معنى الترك كما في قول الله سبحانه وتعالى ما ودعك ربك وما قلى والصواب ان يبقى النسيان على ظاهره هنا فنسي في قول الله سبحانه وتعالى وما كان ربك نسي هذه صيغة مبالغة ولو اننا حملنا هنا صيغة المبالغة على معنى الترك اذا كان المعنى وما كان ربك كثير الترك. ولا يوجد في قولنا وما كان ربك كثير الترك تنزيه لله سبحانه وتعالى وان موسيقى الاية لتنزيه الله سبحانه وتعالى على النسيان وبالتالي الاولى ان نحمل النسيان هنا على ظاهره. نعم فان قيل انما نزه الله سبحانه وتعالى نفسه عن كثرة النسيان بقوله وما كان ربك نسيه ولو اخذنا مفهوم المخالفة من هذه الاية لكان المعنى ان الله سبحانه وتعالى يجوز عليه قليل النسيان. لان الله سبحانه وتعالى نزه نفسه عن كثير النسيان نقول الصواب ان المراد هنا المبالغة في النفي لا نفي المبالغة. بمعنى ان الله سبحانه وتعالى اراد ان يبالغ في نفي النسيان عن نفسه ولم يرد ان ينفي فقط كثرة النسيان عن نفسه. وذلك ان الصيغ المبالغة لا مفهوم مخالفة لها قول الله سبحانه وتعالى وما كان ربك نسيا لا يستلزم ان الله سبحانه وتعالى قريب ويقال كذلك انما يسار الى القول مفهوم المخالفة اذا كان القيد المذكور في السياق انما اوتي به بغرض التخصيص. انما اوتي به بغرض التخصيص. الا ان السياق هنا هو سياق تمدح فالله سبحانه كان يتمدح نفسه او ان جبريل عليه الصلاة والسلام كان يتمدح ربه آآ واذا ورد القيد في سياق غير سياق التخصيص لا يعمل بمفهوم المخالفة والله تعالى اعلى واعلم وبعد ان نزه جبريل عليه الصلاة والسلام ربه عن النسيان بقوله وما كان ربك نسيا علل استحالة النسيان على الله سبحانه وتعالى. يعني ذكر سبب استحالة النسيان الله سبحانه وتعالى فقال لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم رب السماوات والارض وما بينهما. وهذا كما قلنا تعليل لاستحالة النسيان عليه اذ لو كان الله سبحانه وتعالى ينسى لما استقامت السماوات والارض على نظام ولفسدتا. فلما كانتا على نظام دل ذلك على نسيانه سبحانه وتعالى. فنقول لو كان ربك نسيا السماوات والارض لكنها مستقيمة على نظام اي لم تفسد. فالنتيجة فما كان ربك نسيا فاذا قال جبريل رب السماوات والارض وما بينهما ثم قال له فاعبده واصطبر لعبادته اي لا تنشغل بعدم كثرة النزول اليك وانشغل بعبادة الله سبحانه وتعالى واصطبر على عبادة الله سبحانه وتعالى. وقد يقول قائل الاصل ان يعد الفعل اصطبر بعلى فنحن نقول اصطبر على كذا ولا نقول اصطبر لي كذا فلماذا عدي الفعل اصطبر بحرف اللام نقول هنا ضمن فعل الاصطبار معنى الثبات. فكأن الله سبحانه وتعالى يريد ان يقول لنبيه واصطبر على عبادته واثبت لابادته تضمن فعل الاصطبار وهذا ما يسمى عند علماء اللغة العربية باسلوب التضمين. فانت في بعض الاحيان قد تأتي بفعل وتضمن هذا الفعل معنى فعل اخر. اذا اردت ان توجز وتشير الى الفعل الاخر بحرف الجر الذي تعدي به الفعل الاول. فمثلا الله سبحانه وتعالى قال لما قال في سورة الانسان عينا يشرب بها عباد الله ان نقول في غير القرآن عينا يشرب منها عباد الله لماذا عد الشرب هنا بحرف الجر الباء نقول هنا ضمن الله سبحانه وتعالى فعل الشرب معنى فعل ري وكأن الله سبحانه وتعالى قال عيني يشرب منها عباد الله وعينا يرتوي بها عباد الله فأوجز كل ذلك انضمنا الفئران الاول معنى الفئران الثاني والله تعالى اعلى واعلم ويختم جبريل كلامه لمحمد صلى الله عليه وسلم بقوله هل تعلم له سميا؟ قد يقال هنا كيف ينفي الله سبحانه وتعالى عن نفسه السمي ونحن نعلم ان الله سبحانه وتعالى اجاز لنا ان نتسمى بكثير من اسمائه الله سبحانه وتعالى من اسمائه الرحيم ومن عباده من يسمى رحيم كذلك وهذا كثير في اسماء الله سبحانه وتعالى الله سبحانه وتعالى هو الرؤوف ونبيه صلى الله عليه وسلم يتصف كذلك بالرأفة. نقول محمد الرؤوف كذلك ما معنى قول الله سبحانه وتعالى هنا؟ هل تعلم له سميا وطبعا هذا الاستفهام اريد به النفي. الاستفهام هنا خرج عن غرضه الرئيس الا وهو طلب الفهم واريد به النفي اي لا تعلم لربك سميا. نعم نقول يطلق السمي في اللغة ويراد به الشريك في الاسم اسمك محمد والاخر اسم محمد فهو سميك والله سبحانه وتعالى في سورة مريم لما بشر زكريا بيحيى قال لم نجعل له من قبل سميا اي لم نجعل له شريكا في في اسمه وقد يطلق السمي ايضا ويراد به المثيل والنظير يراد به المثيل والنظير. الذي يستحق مثل اسمه طب هل هذا المعنى للسمي يصلح ان يطلق على يحيى؟ نقول لا لان بعض الانبياء الذين سبقوا يحيى كانوا افضل منه. فلا معنى لان نقول ذلك. فاذا ويطلق يراد به المثيل والنظير الذي يستحق مثل اسمه. فمثلا الله سبحانه وتعالى هو الرحيم وقد يسمى بعض عباده باسم رحيم مثلا. الله سبحانه وتعالى هو الرؤوف وقد يسمى بعض عباده باسمي رؤوف مثلا والنبي صلى الله عليه وسلم وصف في كتاب الله سبحانه وتعالى انه بالمؤمنين رؤوف رحيم. اليس كذلك وهذا لا يستلزم ان تكون رحمة النبي صلى الله عليه وسلم مماثلة او مشابهة لرحمة الله سبحانه وتعالى. نعم يجوز ان تطلق اسم رحيم ورؤوف على النبي صلى الله عليه وسلم الا ان المعنى الذي تضمنه هذا الاسم لا يمكن ان يكون مثل رحمة ورأفة الله سبحانه وتعالى فشتان بين الرحمتين وان اتصف كل منهما بها. نعم وحاصل هذا المعنى هل تعلم لربك سميا؟ يستحق لاسمك استحقاق الله سبحانه وتعالى له يقول جل ذكره في مقام الرد على منكري البعث ويقول الانسان ائذا ما مت لسوف اخرج حيا الكافر يا اخوة الذي لا يؤمن بالبعد بالبعث بعد الموت يقول فاذا ما مت لسوف اخرج من قبري وابعث حيا يجيبه رب العزة بقوله او لا يذكر الانسان انا خلقناه من قبل ولم يك شيئا ولا يذكر هذا الكافر اني اوجدته عن عدمه فليعتبر بذلك وليعلم ان من انشأه من غير شيء لا يعجز عن احياءه بعد مماته وايجاده بعد ثنائه وعندنا هنا وقفات تدبرية ويقول الانسان ائذا ما مت لسوف اخرج حيا. الله سبحانه وتعالى انما اسند نفي البعث الى عموم الناس ويقول الانسان وهذا عام في جميع الناس. وقد يقال هنا المراد بالانسان معظم المخاطبين بالقرآن في اول نزوله. تعلمون ان الله سبحانه وتعالى لما خاطب قريشا اول نزول القرآن انما خاطب اقواما ينكرون البعث والنشور وهؤلاء هم كانوا غالب الناس في ذاك الزمان واذا الانسان هنا انما عبر به لكثرة منكري البعث في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وهم الاغلبية العظمى من الناس في مكة فاذا المراد بالانسان معظم المخاطبين بالقرآن في اول نزوله. وهذا في الحقيقة مجاز عن بعضهم. هذا مجاز عن بعضهم فاذا ويقول الانسان اي الانسان الكافر. ائذا ما مت لسوف اخرج حجا. قول هذا الانسان الكافر فاذا ما مت لسوف اخرج حيا هذا استفهام اليس كذلك الا ان هذا الاستفهام خرج عن ظاهره وهو طلب الفهم الى آآ الانكار التكذيبي. خرج الى معنى الانكار التكذيبي. فمن اغراض الاستفهام كما مر معنا في علم المعاني او انك قد تستفهم عن شيء انت لا تريد آآ ان تطلب فهمه انما تريد ان تكذب به انما تريد ان تكذب به فاذا ااذا ما مت لسوف اخرج حيا فهم يكذبون اه في كونهم سيخرجون احياء بعد الموت. وهنا الانكار والتكذيب مسلط على جملة لسوف اخرج حيا. فلا احد منهم ينكر انما ينكرون الخروج احياء بعد الموت اذا هذا الاستفهام الاول هو استفهام مجازي ليس على بابه وقول الله سبحانه وتعالى ويقول الانسان لما عبر بالمضارع ويقول الانسان مع ان هذا القول قد صدر منه في الماضي. نقول عبر بالمضارع هنا للافادة لاستمرار التجددي فان هذا القول لا يزال يتجدد حتى وما يزال الناس ينكرون البعث والنشور حتى ينفخ السور والله تعالى واعلم هذا سر التعبير بالمضارع الذي يفيد كما قلنا لاستمرار التجدد. الله سبحانه وتعالى اجاب على استفهامه الانكاري التكذيبي باستفهام اخر فقال الله سبحانه وتعالى له او لا يذكر الانسان انا خلقناه من قبل ولم يك شيئا فهو بدأ باستفهام انكاري تكذيبي فقابله الله سبحانه وتعالى باستفهام انكاري توبيخي تعجيبي الله سبحانه وتعالى في قوله اولا يذكر الانسان انا خلقناه من قبل ولم يقل شيئا. ليس الغرض من هذا الاستفهام هو طلب الفهم. الله سبحانه وتعالى لا يستفهم من احد. لان الله سبحانه وتعالى اعلم بعقائدهم منهم اذا الاستفهام هنا خرج عن ظاهره واريد به الانكار التوبيخي اراد الله سبحانه وتعالى ان ينكر عليهم وان يوبخهم وان يعجل من حالهم في انكارهم للبعث. ودائما يا اخوة الاستفهام يكون مشوبا معنى التنبيه فالله سبحانه وتعالى انما يورد في كثير من الاحيان المعنى الذي يريد ان يوصله الينا باسلوب الاستفهام في القرآن الكريم. اه من باب التنبيه لان اسلوب الاستفهام ينبه العقل الى التدبر والتفكر. نعم الله سبحانه وتعالى اراد منه ان يتفكر باصل خلقته الله سبحانه وتعالى في هذا الاستفهام الانكار التويخي ان يثبت البعث والنشور. ففي الاية حجة عقلية قرآنية على امكان البعث عقلا وعلى قدرة الله سبحانه وتعالى على ذلك وعلى علمه به. فانت اذا اردت ان تصنع شيئا لابد ان تكون قادرا عليه عالم به وكذلك لا بد ان تكون مريدا آآ له فاذا اقتدر الله سبحانه وتعالى على خلق الانسان اول مرة فهذا يدلنا على قدرته وعلمه سبحانه وتعالى وعلى انه اراد ذلك والذي عنده القدرة على فعل الشيء والعلم به لا يعجزه ان يعيد فعله مرة اخرى عند العقلاء الله سبحانه وتعالى لا يعجزه ان يؤيد خلق الانسان مرة اخرى وهذه حجة قرآنية عقلية واضحة بينة يدركها كل الناس يدركها العامي والعالم. وهذا مثال على ما جاء به القرآن الكريم من ادلة عقلية فطرية يدركها العامة والخاصة وهذا من اعجاز كتاب الله سبحانه وتعالى. والله تعالى اعلى واعلم نكتفي بهذا القدر. سبحانك اللهم وبحمدك نشهد ان لا اله الا انت نستغفرك ونتوب اليك. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته