الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد بنواصل الدروس التي تتعلق بكتاب جمع الجوامع حيث تكلمت فيما مضى عن الاطلاق والتقييد وابتدئوا في هذا اليوم بدرس الظاهر والمؤول وقد عرف المؤلف الظاهر بانه ما دل دلالة ظنية وذلك ان الالفاظ تنقسم الى ثلاثة اقسام القسم الاول النص وهو الذي يدل على معناه بلا احتمال او بلا احتمال متأيد بدليل والنص يجب ان يعمل على وفق معناه ولا يجوز الغاء معناه ولا استبداله بغيره والنوع الثاني الظاهر وهو اللفظ الدال على معنيين هو في احدهما ارجح والواجب في اللفظ الظاهر ان يحمل على المعنى الراجح ولا يجوز حمله على غير المعنى الراجح الا بدليل وقد قال المؤلف بان دلالة دلالة ظنية والمراد بالظن ما يحتمل امرين هو في احدهما ارجح والنوع الثالث من انواع الالفاظ المجمل يراد به ما لا يفهم معناه اما بان يكون ليس له معنى بالكلية او يكون مترددا بين معنيين على جهة التساوي بدون مرجح لاحدهما والواجب التوقف فيه حتى يأتي الدليل المبين لمعناه ومن خلال ما سبق علمنا ان الظاهر يجب ان نفسره بالمعنى الراجح ولا يجوز ان نحمله على المعنى المرجوح وحمل اللفظ الظاهر على المعنى المرجوح يسمى تأويلا يسمى عند الاصوليين تأويلا اذ ان التأويل هو حمل الظاء حمل اللفظ الظاهر على الاحتمال المرجوح فان كان صرف اللفظ الظاهر عن المعنى الراجح لدليل صحيح فانه يكون تأويلا صحيحا ومن امثلته قوله جل وعلا واذا قرأت القرآن فاستعذ بالله فان قوله فان الفاء في قوله فاستعذ الراجح فيها ان تكون للتعقيب ولكنها هنا لم تحمل على التعقيب وانما حملت على مجرد الجمع لدليل وهو ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يبتدأ بقراءة بالاستعاذة قبل قراءة القرآن والنوع الثاني من انواع التأويل التأويل الفاسد وهو الذي بناه صاحبه على ما يظنه دليلا وليس كذلك ومن امثلته تأويلات نفات الصفات تأويلات نفات الصفات من مثل تأويلهم قوله تعالى وكلم الله موسى تكليما بانه جرحه بجروح حكمة فهذا تأويل فاسد بنوه على ظنهم ان اثبات صفة الكلام لله يقتضي المشابهة بالمخلوق والمماثلة له وهذا الظن ظن غير صحيح وبالتالي كان التأويل تأويلا فاسدا والنوع الثاني من انواع التأويل ان يكون التأويل لا لشيء يعني لم يبنى على دليل فهذا من اللعب وليس من التأويل ومن امثلته ما فعله بعض الباطنية من تفسير شعائر الاسلام الظاهرة بمعان خفية كتفسيرهم الصلاة بانها ذكر الائمة وان الصيام حفظ الاسرار ونحو ذلك والناظر في التأويلات يجد انه لم تستبح الحرمات ولم تترك مدلولات النصوص بمثل التأويلات والتأويل ان كان بدليل قوي كان تأويلا قريبا وان كان بدليل ضعيف كان تأويلا بعيدا غير مقبول وقد اورد المؤلف في هذا الباب عددا من الامثلة التطبيقية للتأويل البعيد وان كان الكتاب ينبغي ان يقتصر على التأصيل الاصولي لكنه هنا ذكر بعض الامثلة الفرعية على جهة التدريب والتمرين فقال ومن البعيد يعني من التأويل البعيد تأويل حديث امسك اربعا على ابتدأ هذا الحديث هو فيمن تزوج اكثر من اربع قبل اسلامه فاذا اسلم فماذا نقول له هل نقول له ابتدأ نكاح اربع منهن او نقول اختر اربعا وفارق البقية فقال الجمهور المراد اختر اربعا مما لديك من النساء سواء تزوجت عليهن اولا او كنهن الاخيرات الصغيرات وقال الحنفية بانه يلزمه ان يختار من تزوجهن اولا الكبيرات فان عقد عليهن في عقد واحد لزمه مفارقة الجميع وبالتالي قالوا بانه اذا اراد ان يتزوج بعضهن فانه يبتدأ عقدا جديدا. ففسروا قوله امسك اربعا ابتدأ نكاح اربع منهن وهذا يخالف ظاهر اللفظ فان كلمة امسك بعيدة عن كلمة ابتدأ ثم لو كان المراد ابتداء نكاح لالزمه باختيار برظاهن مهر جديد وعقد جديد وهذا ما ليس موجودا في هذا اللفظ والمثال الثاني في قوله تعالى فاطعام ستين مسكينا فان هذا اللفظ ظاهره انه لا بد في الاطعام من ان يكون لستين مسكينا وانه لا يجزئ ان تطعم مسكينا واحدا ستين مرة وبذلك قال الجمهور وقال بعض الحنفية بان قوله ستين مسكينا اي ستين ودا وبالتالي اجازوا ان يطعم مسكين واحد في كفارة الظهار ست اه ستين مرة وهذا يخالف ظاهر اللفظ فكان تأويلا لا نقبله الا دليل والمثال الثالث في قول النبي صلى الله عليه وسلم ايما امرأة نكحت نفسها بغير اذن وليها فنكاحها باطل فان قوله امرأة نكرة في سياق الشرط فيكون عاما يشمل جميع افراد النساء سواء كن كبيرات او صغيرات حرائر او اماء ففسره بعض الحنفية بان المراد به الصغيرات ولكنهم قالوا بان الصغيرة اذا زوجت نفسها وقف نكاحها على اجازتها النكاح لما بعد بلوغها ولذا قال بعضهم بان المراد به الامة وهذا تأويل اخر بنوه على غير دليل وذلك انهم يرون انه يجوز ان تزوج المرأة الكبيرة الحرة نفسها اه فقيل لهم بانه ورد في الحديث فايما امرأة نكحت بغير اذن وليها فلها مهرها والامة اذا زوجت نفسها في مذهبكم كان مهرها لسيدها وليس لها. ولذا قال بعضهم بان المراد بالحديث المكاتبة لان المهر يكون لها. فهذا ايظم من التأويل البعيد لانه حمل لللفظ العام على صورة نادرة قليل وقوعها ومثل هذا نفي ما فيه حقيقة شرعية كقوله لا صيام لمن لم يبيت الصيام فان الصيام هنا يحتمل ان يراد به الصيام الشرعي. ويحتمل ان يراد به الصيام اللغوي ويحتمل ان يكون المراد به لا صيام كامل ويحتمل ان يراد به لا صيام صحيح فلما وقع التردد فيه قال بعض الحنفية بان هذا اللفظ مجمل وبالتالي يحتاج الى تأويل. ولذا فسره بعضهم بانه لا صيام يعني لا صيام في القضاء. فان الحنفية يجيزون ان تكون النية في صيام رمضان قبل الزوال. ولم يأخذوا بها هذا الحديث في صيام رمضان. وحمله بعضهم على القضاء واخرون على صيام النذر فانه وقع الاتفاق عليهما بانه لابد من تبييت النية في صيامهما ومثال اخر في قول النبي صلى الله عليه وسلم زكاة الجنين زكاة امه. وفي رواية ذكاة امه بالنصب فان الحنفية يرون ان الجنين لابد ان يذكى. والجنين حمل الشاة او البهيمة التي يكون في بطنها فاذا ذبحت الشاة او البقرة او الناقة الحامل هل وفي بطنها جنين؟ هل يلزم تزكيته قال الحنفية يلزم وقال الجمهور بانه لا يلزم. واستدل الجمهور بهذا الحديث زكاة الجنين زكاة امه. قالوا فدل هذا على انه يكتفى بذكاة الام عن زكاة الجنين. وقال الحنفية بان هذا الحديث يراد به ان زكاة الجنين تشابه زكاة امه فحملوه على التشبيه وهذا فيه نظر فانه لا يحمل على التشبيه الا بتقدير اداة التشبيه كزكاة امه وتقدير الاداة خلاف الراجح. فان الظاهر حمل اللفظ على معناه بدون تقدير له ومثل هذا في قول الله عز وجل انما الصدقات للفقراء والمساكين الاية فان الجمهور يقولون هذه الاية حصرت مصارف الزكاة في الثمانية الاصناف. لان لفظة انما للحصر وقال بعض الفقهاء بان هذه الاية ليست للحصر وقالوا بان قوله انما هنا لا تدل او تصرف عن آآ الحصر ولم يأتوا في هذا بدليل ولذا كان تأويلهم تأويلا مخالفا للظاهر لم يبنى على دليل معتبر فلم يقبل بل وكان تأويلا بعيدا ومثله ايظا في قول النبي صلى الله عليه وسلم من ملك ذا رحم عتق عليه فهذا الحديث حمله بعضهم على الاصول والفروع يعني على الاباء والاجداد والابناء والاحفاد مع ان اللفظ عام. فان قوله ذا رحم كما يشمل الاصول والفروع يشمل بقية القرابة من الارحام. فحمل هذا اللفظ على الاصول والفروع فقط هذا من التأويل البعيد لانه ترك للعموم تخصيص له بدون مخصص فلم يقبل والجمهور والشافعية يرون ان العتق انما يكون للاصول والفروع وقد خالفهم جمهور اهل العلم فاذ رأوا ان العتق فيكون للقرابة فمن ملك قريبا له عتق عليه ومثل هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم لعن الله السارق يسرق يسرق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده فان قوله البيظة ظاهرها ان المراد به بيظ الدجاج ولكن بيض الدجاج قليل ثمنه. ولذا قال بعض الفقهاء هذا الحديث يدل على ان السارقة تقطع يده ولو كان ما سرقه قليلا وهذا قول الظاهرية وطائفة والجمهور يرون ان السرقة لا يقطع فيها الا اذا بلغت نصابا. الا اذا بلغت النصاب كما في الحديث لا يقطع الا في ربع بنار فصاعدا وبعضهم قال هذا الحديث يراد به الحديد لان لفظة البيضة تطلق الحديد الذي يستخدم في القتال ولكن هذا تأويل بعيد. تأويل بعيد فان الاصل والظاهر في لفظة البيضة تطلق على بيظ الدجاج ومثل هذا في حديث بلال يشفع الاذان فان الاذان قد وقع الاختلاف في صيغته فقال بعضهم بانه يفرد كا الاقامة وهذا مذهب بعض الحنفية ورأى الجمهور بان الاذان تشفع الفاظه اي تكرر الفاظه وآآ استدلوا بحديث امر بلال ان يشفع الاذان وان يوتر الاقامة فقال بعضهم بان قوله يشفع الاذان يعني انه يؤذن مرة اخرى فان ابن امه مكتوم يؤذن اولا ثم يؤذن آآ بلال لحديث ما ورد من الاحاديث ان ابن ام مكتوم كان يؤذن ولكن هذا يخالف ظواهر الاحاديث فان النبي صلى الله عليه وسلم مقال لا يمنعن احدكم اذان بلال من طعامه وشرابه فانه يؤذن وكان ابن ام مكتوم لا يؤذن حتى يقال له اصبحت اصبحت فهذه امثلة للتأويلات التي رأى المؤلف ايرادها لبيان او للتمثيل والتمرين على معرفة التأويلات البعيدة ثم ذكر المؤلف لفظة المجمل وعرفه بانه ما لم تتضح دلالته اما لكونه لا يعرف منه اي معنى. كقوله تعالى واتوا حقه يوم حصاده. فانك كلمة الحق لا نفهمها ولا نعرفها او لكوني اللفظ يتردد بين معنيين على جهة التساوي ولا مرجح لاحدهما. مثل لفظة طرق الاجمال قد يكون في الحروف وقد يكون في الاسماء وقد يكون في الافعال وقد يكون في آآ الجمل وشبه الجمل وسيأتي نماذجها. كما ان البيان قد يأتي بالقول ويأتي بالفعل ويأتي بالاشارة ما حكم المجمل ان نتوقف فيه حتى يأتي دليل يبينه ويوضح المراد منه قال فلا اجمال في اية السرقة. في قوله تعالى والسارق والسارقة تقطعوا ايديهما فان بعض العلماء قال هذه الاية مجملة وذكر ان الاجمال في موطنين الاول في قوله فاقطعوا فانه يحتمل البتر الجرحى كما في قوله تعالى قطعنا ايديهن اي جرحنها لكن هذا ليس بصحيح فان الاصل والمعنى الراجح في لفظة قطع ان يكون للبتر والابانة واما موطن الاجمال المدعى الثاني في الاية في قوله تعالى ايديهما فان بعضهم قال هو لفظ مجمل يحتمل ان يراد به قطع اليد من المنكب او من المرفق او من الكوع او من عند الاصابع. ولذا قال بعضهم يحتاج الى بيان الناظر في كتب اللغة يجد ان الاصل في لفظة اليد ان ترى ان يراد بها الى مفصل الكوعي وهذا هو الاصل الا ان يأتي دليل يدل على خلاف ذلك. ولذا لما قال وايديكم الى المرافق واراد مفصلا غير الكوع احتاج الى بيانه وتوظيحه ومثل هذا في قوله حرمت عليكم امهاتكم فان التحريم الاصل الا يطلق على الذوات وانما يطلق على الافعال فتقول عليك الذهاب والاياب ولا تقولوا يحرم عليك العمود والالة لماذا؟ لان التحريم والتحليل يتعلق بالافعال. فاذا علق الحكم الشرعي بذوات. فحينئذ ماذا نفعل فيه؟ قال طائفة بانه مجمل لانه لم يبين المراد منه. وبالتالي يتوقف فيه حتى يأتي دليل يوضح المراد منه. وقال اخرون باننا نقدر فيه فعلا يناسب الحال. فقوله حرمت عليكم امهاتكم اي الوطؤ. وقوله حرمت عليكم الميتة اي الاكل وهناك قول ثالث يقول بانه يفسر بجميع الافعال والتقديرات الصالحة له ما لم يأت دليل يدل على تخصيصه. فقوله حرمت عليكم امهاتكم يشمل الوطء من العقد وقوله حرمت عليكم الميتة يشمل الاكل والبيع والانتفاع ما لم يرد دليل يدل على جواز شيء من الافعال. وهذه يقال لها عموم المقتضى والف قد سبق سبق ان ذكر ذلك في باب العموم وكان يرى ان المقتضى لا له وتقدم البحث في ذلك وان الاظهر هو القول بعموم المقتضى ومن امثلتي ما ذكره المؤلف على الاجمال الحروف التي يقع التردد فيها ففي اية السرقة كان التردد وادعاء الاجمالي في كلمات وفي اية التحريم كان الاجمال المدعى في جملة وفي قوله وامسحوا وامسحوا برؤوسكم الاجمال هنا في الحرف. فهل الباء هنا للتبعيظ او للالصاق وترتب عليه ما هو المقدار المجزئ في مسح الرأس في الوضوء؟ فقال ما لك واحمد يجب استيعابه وقال ابو حنيفة يكفي فيه الربع وقال الشافعي يكفي فيه اقل مسماه بالتالي قال بعضهم يجوز مسح شعرة واحدة وقال اخرون يجزئ مسح ثلاث شعرات فالباء هنا قال طائفة بانها مجملة لترددها بين هذه المعاني وكل من اختار معنى منها قال او اه استدل بدليل على ما اختاره. ومن رأى انها الالصاق قال بوجوب ميم الرأس وفي ذلك الاحتياط لهذه العبادة ومثل هذا في قوله لا نكاح الا بولي فان نفي الافعال الشرعية يرحمك الله. ومثله ما تقدم من حديث لا صيام من لم يبيت الصيام فانه يحتمل نفي الفعل لكننا نجد افعالا توجد بدون شرطها ويحتمل نفي الصحة ويحتمل نفي الاجر ويحتمل نفي الكمال ولذا قال طائفة بان هذا اللفظ مجمل. كقول بعض الحنفية وقال اخرون بان هذا اللفظ انما ورد في لسان الشرع ولسان الشرع يحمل في به اللفظ على مصطلحه. فنحمله فنحمله على الصحة الشرعية ومثله لا صلاة الا بفاتحة الكتاب هل هو مجمل لتردده بين المعاني السابقة او يحمل على الصحة الشرعية. وبالتالي هل نقول من شرط صحة الصلاة ومن اركانها قراءة الفاتحة فيها للامام والمنفرد كما قال الجمهور او نقول بانها لا تجب كما قال بذلك بعضهم ومثل هذا في حديث رفع عن امتي الخطأ فان هذا الحديث فيه او قال فيه بعضهم بانه لفظ مجمل. لان الخطأ والنسيان موجود عند الناس وبالتالي فهو غير مرفوع ومن ثم هذا لفظ مجمل لتردده بين معان متعددة والقول الاخر يقول بان المراد بهذا رفع الاثم والمؤاخذة عندنا ثلاثة اقوال او ثلاثة احتمالات الاول رفع ذات الخطأ والنسيان وهذا مخالف والثاني رفع الاثم والثالث رفع المؤاخذة تفرقون بينهما رفع الاثم ورفع المؤاخذة يعني مثلا من قص اظافره وهو ناس في احرامه فان قلنا المراد بالحديث رفع الاثم فانه لا اثم عليه لكن تجب عليه الفدية وان قلنا هو لرفع المؤاخذة فانه لا اثم عليه ولا فدية وقال هذه النصوص يرى المؤلف انه لا اجمال فيها. لماذا؟ لوظوح دلالة الكل. يعني كل النصوص السابقة خالف قوم ورأوا انها مجملة وانما الاجمال الى ان بدأ يذكر ما يقع فيه مال فالاول في مثل لفظة القرء. فانه يتردد بين الطهر والحيض. وبالتالي كان لفظا مجمل لا قال والنور فان كلمة النور تصدق على الشيء اليسير. فكنور المصباح وتصدق على العظيم كنور الشمس ولذا رأى المؤلف انها من الالفاظ المجملة واكثر الاصوليين واهل اللغة على ان هذا اللفظ ليس من الالفاظ المجملة وانما هو من الالفاظ العامة وذلك ان الالفاظ الكلية على ثلاثة انواع الفاظ مشتركة وهي التي وضعت لمعان مختلفة مثل لفظة المشتري تصدق على المقابل للبائع وتصدق على الكوكب المعروف. فحينئذ هذا لفظ مجمل بلا اشكال. والثاني الالفاظ الكلية العامة ومن امثلتها المتواطئة ومن امثلتها لفظة انسان فهي تصدق على كل واحد من الناس وبالتالي من الفاظ العموم وهناك نوع ثالث وهو ما اشتركت في اصل المعنى دون تمامه هذا يسميه بعضهم المشكك وهذا النوع يراه بعضهم من المجمل والجمهور على انه ليس بمجمل وانما من الالفا العامة ومثل هذا لفظة الجسم لفظة الجسم فانها تصدق على معان مختلفة قال ومثل المختار فانه يصدق على الفاعل ويصدق على المفعول تقول محمد اختار عبدالله للقيام بهذا الامر. فمحمد هو الذي اختار ويسمى مختار عبد الله هو الذي اختير ويسمى ايضا مختار. ومثله قوله تعالى ولا يضار كاتب ولا شهيد فان الكاتب يحتمل ان يقع منه الظرر ويحتمل ان يقع عليه الظرر. يحتمل ان يكون هو الذي اوقع الظرر ويحتمل ان يكون هو الذي اوقع به غيره الظرر ومثل هذا في قوله تعالى الا ان يعفون او يعفو الذي بيده عقدة النكاح فهل المراد بالذي بيده عقدة النكاح الزوج؟ كما قال الامام الشافعي او ان مراد به الولي كما قال بذلك جمهور اهل العلم فهذا اجمال في جملة والاول اجمال فيه لفظ مفرد ومثله في قوله تعالى احلت لكم بهيمة الانعام الا ما يتلى عليكم فانه عند نزول الاية اول ما نزلت لا يدرى ما الذي يقع عليه هذا الاستثناء؟ ولذا قال الا ما يتلى عليكم مجمل. لا نعرف المراد منه هو ومثله في قوله وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم يقولون امنا به كل من عند ربنا فان الواو هنا تحتمل ان يكون ان تكون عاطفة. وبالتالي يكون الراسخون في العلم ممن يعلم تأويله وتحتمل ان تكون الواو استئنافية وكلمة الراسخون مبتدأ وخبره يقولون وبالتالي يكون الراسخون لا يعلمون تأويله فهذا من الاجمال في حرف. ومثله في قوله عليه السلام لا يمنع احدكم جاره ان يضع خشبة في جداره فالهاء الاخيرة في قوله في جداره هل تعود الى واضع الخشبة جدار واضع الخشبة او تعود الى جدار الجار احتمالان هكذا في قولك زيد طبيب ماهر. فهل ماهر تعود على زيد كانك قلت زيد ماهر وطبيب او ان ماهر تعود الى كلمة طبيب فكأنك قلت زيد طبيب ماهر في طبه ومثل هذا في قولك الثلاثة زوج وفرد فهل الواو هنا للتقسيم او ان الواو هنا للجمع او هل الواو هنا للتردد او للجمع قال والاصح وقوعه اي وقوع الاجمال في الكتاب والسنة وبالتالي نحتاج الى بيان يوضح المراد منه قال اذا تردد اللفظ بين معنيين احدهما معنى شرعي والاخر معنى لغوي فاننا نحمله على معنى الشرع الاشاعرة بناء على قولهم بجواز تكليف ما لا يطاق. والجمهور يقولون لا يجوز تأخير عن وقت الحاجة ولذا رأوا ان سوء ان النبي صلى الله عليه وسلم اذا سئل عن مسألة فاجاب بجواب عام انه يحمل على العموم ولا يصح لنا ومن امثلته لفي قوله واقيموا الصلاة يحتمل ان يراد به الصلاة الشرعية المبتدأة بالتكبير مختتمة بالتسليم ويحتمل ان يراد به المعنى اللغوي الذي هو الدعاء او الثناء. فحينئذ اذا ورد لفظ الصلاة في لسان الشرع حملناه على المعنى الشرعي. قال وقد تقدم فان تعذر حقيقة يعني فان تعذر حمل اللفظ على مسماه الشرعي حقيقة فيرد اليه بالتجوز. ويكون ذلك مقدما على المعنى اللغوي المعنى اللغوي او مجمل اي فان تعذر حقيقة فيرد اليه بتجوز او باجمال او يحمل على اللغوي اقوال. يعني اذا تعذر حمل اللفظ الوارد في الكتاب والسنة على المسمى الشرعي في حقيقة فحينئذ هل نحمله على المعنى الشرعي الذي ورد بتجوز او نقول هو مجمل لا نفهم منه معنى ويتوقف فيه او نحمله على المعنى اللغوي اقوال لاهل العلم ومن امثلة هذا في قوله فان كان صائما فليصلي قال والمختار ان اللفظ المستعمل لمعنى تارة ولمعنيين اخرى ليس ذلك المعنى احدهما انه يكون لفظا مجملا ولذلك قال بعضهم في قوله والراسخون في العلم يقولون امنا به كل من عند ربنا اننا لو جعلنا الواو عاطفة لكان لفظ يقولون يعود على الراسخين ويعود على لفظ الجلالة وهذا غير صحيح وبالتالي قالوا هذا دليل على ان الواو استئنافية وان آآ الراسخين مبتدأ وخبرها يقولون قال فان كان احدهما فان كان احدهما فيعمل به ويوقف الاخر. يعني اذا صلح المعنى لاحد اللفظين فحمل على ذلك اللفظ اه ولم يحمل على الاخر كقوله اه وسبحوه ثم قال المؤلف البيان البيان يراد بها او للعلماء فيها مصطلحان الاول انه توظيح المجمل والثاني انه التعريف بالاحكام وبالتالي على القول الثاني يكون بيان الاحكام على جهة الابتداء من البيان بخلاف المنهج الاول. وقد اختار المؤلف المنهج الاول. فقال البيان هو اخراج الشيء من من حيز الاشكال الى حيز التجلي وانما يجب لمن اريد فهمه اتفاقا. اي متى يتعين على الانسان ان يسعى لي البيان باخراج اللفظ من حيز الاشكال الى حيز التجلي اذا كان يترتب عليه عمل يتعلق به ويراد منه فهمه. واما ما لا يراد من العبد فهمه فانه لا يجب عليه ان يسعى لفهمه ومن امثلة ذلك كيفية الصفات ثم ذكر المؤلف ما يكون به البيان فقد يكون البيان بالقول كقوله ان الله يأمركم ان تذبحوا بقرة ثم بقوله آآ لا فارغ ولا بكر عوان بين ذلك. صفراء فاقع لونها تسر الناظرين فهذا بيان بالقول وقد يكون البيان بالفعل كما في بيان النبي صلى الله عليه وسلم للحج الحج والصلاة ولذا قال صلوا كما رأيتموني اصلي وقال خذوا عني مناسككم لذلك اخذنا كيفية الوقوف للخطبة من النبي صلى الله عليه وسلم وكذا الاصح انه يمكن ان يبين المظنون المعلوم. كما بيان قوله تعالى واتوا حقه يوم حصاده بقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما سقت العشر فهذا خبر واحد وقد بينا به آآ اية سورة الانعام. وهكذا يمكن ان يكون المتقدم بيانا المتأخر. ولذا اذا جاءنا خاص متقدم وعام متأخر فاننا نعمل بالخاص في محل خصوصه ونعمل بالعام فيما عدا ذلك. وهذا قول الجمهور والحنفية هنا ان المتأخر ينسخ المتقدم قال وان جهلنا عينه من القول اقوى الفعل هو البيان. يعني ولو قدر اننا جهلنا المتقدم او المتأخر او جهلنا آآ ايهما البيان هل هو القول او الفعل؟ فحينئذ الاهم هو ورود البيان سواء كان بفعل او بقول قال وان لم يتفق البيانان كما لو طاف بعد الحج طوافين. وامر بطواف واحد. فحينئذ الفعل يدل على طوافين. والقول يدل على طواف واحد. وبالتالي نقول القول هنا وهو الذي يعمل به. ولا يجب الا طواف واحد. والفعل الذي هو الطواف الثاني يكون ندبا او يكون واجب ان او يكون او ننظر للمتقدم والمتأخر فنوجب آآ المتقدم وفعله ندب او واجب سواء كان الفعل متقدما على القول او كان متأخرا عليه ثم اورد المؤلف مسألة تأخير البيان عن تأخير البيان فهل يمكن ان يردنا خطاب ولا يبين ذلك الخطاب ولا يوضح المراد منه الا بعد مدة وهذا على نوعين. النوع الاول خير البيان عن وقت الحاجة وهذا قال عنه المؤلف تأخير البيان عن وقت الفعل غير واقع اي لم يقع في الشريعة. وان جاز. والقول بالجواز هو قول ان نذكر انه يختص ببعض محالة لان لا يترتب على ذلك تأخير البيان عن وقت الحاجة ومن امثلته مثلا في حديث غيلان السابق فان النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه غيلان وقال اسلمت وعندي عشر نسوة قال امسك اربعا وفارق سائرهن ولم يسأله هل تزوجتهن في وقت واحد او في اوقات مختلفة فلو كان يفرق بينهما لسأل فتأخير فعدم سؤاله يدل على عدم وجود الفرق اذ لو كان هناك فرق كن للزم منه ان يكون النبي النبي صلى الله عليه وسلم قد اخر البيان عن وقت الحاجة قال والى وقته اي تأخير البيان الى وقت الحاجة جائز. فتنزل الاية كقوله واتوا حقه يوم حصاده واذا كان الناس لا يحتاجون الى بيانها يتوقف او يتأخر بيانها فالجمهور يجيزون تأخير البيان عن وقت الخطاب الى وقت الحاجة سواء كان للمبين سواء كان للمبين ظاهر ام لم يكن له؟ فقوله واتوا حقه هذا ليس له ظاهر و من امثلة ما كان له ظواهر الفاظ العموم والاطلاق وهناك قول بانه لا يجوز وهناك قول ثالث يقول يمتنع في غير المجمل فالمجمل يجوز تأخير البيان فيه عن وقت الخطاب الى وقت الحاجة واما غير المجمل وهو الفاظ الظواهر بحملها على معنى غير المعنى الراجح فهذا لا يجوز لان لا يترتب عليه ان يتبادر الى افهام الناس معنى وحكم لم يقصده الشارع. والاخر القول الرابع يقول يمتنع تأخير البيان الاجمالي يعني في المجمل فيما له ظاهر بخلاف المشترك والمتواطئ. والقول الخامس يمتنع تأخير البيان عن وقت الخطاب في غير مسائل النسخ فان النسخ الاصل ان يكون الناسخ متأخرا في الورود وهناك قول يقول يجوز تأخير النسخ اتفاقا. يعني انه حكى الاجماع على ذلك. والقول سادس يقول بانه يجوز تأخير البيان اذا لم يكن هناك تأخير لبعض دون بعض وعلى المنع المختار انه يجوز للرسول صلى الله عليه وسلم تأخير التبليغ الى وقت الحاجة ومن امثلة هذا هل يلزم بيان الاحكام لمن اسلم او وهذه المسألة لها ايضا علاقة بمسألة اه هل يجوز العمل بالعموم بمجرد وروده على المكلف او لابد من التأكد من انه لا مخصص له قال وانه يعني على المنع المختار يجوز الا يعلم الوجود بالمخصص ولا بانه مخصص كما تقدمت هذه المسألة في ابواب العموم وبهذا قد انتهينا من ابواب البيان والاجمال والظاهر والتأويل ولعلنا نترك ما يتعلق بالنسخ الى لقاء ات باذن الله عز وجل. واعتذر منكم في الاسبوع القادم. وموعدنا ان شاء الله اعداء اسبوعين بارك الله فيكم. ووفقكم الله لكل خير. وجعلنا الله واياكم من الهداة المهتدين هذا والله اعلم صلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين