وتحب سواء كان ذلك في ما يخصك او فيما يخص غيرك تصرفت فيه بما لا يحل لك من مشتهياتك ومحبوباتك فعند ذلك احذر فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فلهم النار يوم القيامة الحمد لله رب العالمين احمده له الحمد كله واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد فقد جاء في صحيح الامام البخاري من حديث خولة الانصارية رضي الله تعالى عنها وهي امرأة حمزة انها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة ان رجالا يتخوضون ان يتصرفون انواع من التصرفات بالتخوظ مأخوذ من الخوظ وهو في الاصل المشي في الماء مع حركة ولكن يطلق على الدخول يطلق على الدخول فيما هو من الباطل سواء كان قولا او كان فعلا وقوله يتخوضون في مال الله ان يتصرفون في مال الله بغير حق فيصرفه فيكسبونه من وجه غير جائز ويصرفونه في وجه لا يجوز فيجمعون بين الامرين او ينفردون بواحد منهما او ينفردون بواحد منهما اذ انهم يتصرفون في اموال الناس وفي الاموال العامة وكذلك في اموالهم على وجه لا يجوز هذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم ان رجالا يتخوضون في مال الله فمال الله يطلق على المال الشرعي وهو ما يكون من اموال بيت المال وما يلحق به من مصادر ويطلق ايضا على المال على وجه العموم ولو كان مما يخص الافراد ومن ذلك قول الله تعالى فاتوه من مال الله الذي اتاكم. فقوله صلى الله عليه وسلم ان الرجال يتخوضون في مال الله يشمل هذا وهذا ان كان اكثر العلماء من الشراح ذكروا انه في التصرف في المال العام لكن الذي يظهر والله تعالى اعلم انه يشمل المال العام والمال ويكون الخوظ في المال بغير حق اما من جهة كسبه واما من جهة التصرف فيه ولهذا يسأل يوم القيامة كل واحد منا عن ماله من اين اكتسبه وفيما انفقه الانسان مسؤول عن المال في جهة تحصيل من جهة تحصيله ومسؤول عن المال من جهة تصرفه فيه وعملي فيه وقوله صلى الله عليه وسلم يتخوضون يشمل كل اوجه التصرف المحرم في المال سواء كان ذلك في المكاسب او في المصارف سواء كان ذلك في الاعطاء او في المنع فان من التصرف في المال ان يمنع عمن يستحقه فالذي يمنع الزكاة متخوض في مال الله بغير حق والذي يمنع النفقة الواجبة على زوجته او على اولاده او على من تجب من تجب عليه نفقتهم متخوض في مال الله بغيرها والذي يتصرف في المال العام ما لا يجوز له صرفا او منعا فانه ايضا متخوض في مال الله بغير حق ولهذا ينبغي للانسان ان يحذر في كل مال يكسبه او يصرفه ان يعد للسؤال جوابا. من اين اكتسبته وفيما انفقته حتى تسلم من التخوف في مال الله بغير حق ليكن بين عينيك وبين ناظريك هذا الامر وهو من اين اكتسبت هذا المال امن حل ام من حرام وفيما انفقت هذا المال افيما يرضي الله عز وجل وما يحل لك ام فيما يغضبه جل وعلا ويحرم عليك فاذا عملت بهذا سلمت من التخوض في مال الله بغير حق واما اذا كنت غير مبال في مكسبك فالحل ما حل في يدك وفي مصرفك لصرفه فيما تشتهي فلهم النار وهذا بيان ان التخوف في مال الله بغير حق من كبائر الذنوب. لان كل ذنب يأتي الوعيد عليه بالنار او باللعن او البراءة من صاحبه وما اشبه ذلك من العقوبات العاجلة او الاجلة فانه من كبائر الذنوب. هذا هو ضابط كبائر الذنوب وقوله فلهم النار يدل على ان ذلك من الكبائر. وقوله يوم القيامة لانه اليوم الذي يجازى فيه الناس على اعمالهم يلقون ما قدموه من خير وشر وهو الذي يعمل له فالناس في هذه الدنيا يعملون ليوم الميعاد شعروا بذلك او لم يشعروا. ادركوا او لم يدركوا. فكلنا بائع نفسه فمعتقها او موبقها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ما في احد الا وهو في تجارة مع الله عز وجل اما ان يكون فاطنا لهذه التجارة عاملا بما يقتضي الكسب واما ان يكون غافلا عنها معرضا عنها زاهدا فيها فيبوء بالبوار والخسارة فانه لا ينجو احد الا ما يكون من امتثال شرع الله والعمل حق والعمل امره والبعد عما نهى عنه وزجر واما نهى عنه وزجر ما يتعلق بالاموال وهي من اعظم الفتن التي يفتن فيها كثير من الناس فتجد الرجل يصلي تجد الرجل يصوم وتجد الرجل يقوم باعمال صالحة لكنه في المال قد قصر اما بخلا واما شحا واما كسبا بغير حق او صرفا بغير حق. فنسأل الله الاعانة على طاعته وان يسلمنا واياكم من التخوظ في مال الله بغير حق وان يجيرنا من النار. اللهم اجرنا من النار اللهم اجرنا من النار اللهم اجرنا من النار يا ذا الجلال والاكرام وصلى الله وسلم على نبينا محمد