بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على النبي الكريم. اللهم اغفر لنا ولشيخنا والمسلمين قال المؤلف رحمه الله تعالى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اتق الله حيثما كنت واتمع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن. رواه الترمذي وقال حديث حسن الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فهذا الحديث الشريف جمع اصول صلاح ما بين العبد وربه وصلاح ما بين الانسان والناس فان هذه الوصايا الثلاث بها تصلح الصلات بين العبد والله عز وجل وبين العبد والناس وبها يستدرك ما يكون من الهفوات والاخطاء والزلات. وصية جامعة نافعة من اخذ بها سعد ومن عمل بها نجا ومن وفق اليها فقد وفق الى خير كثير يفتح له ابوابا من الحسنات يقيه شر السيئات هذه الوصية من ثلاث جمل الجملة الاولى اتق الله حيثما كنت وهذا عنوان صلاح ما بين العبد وبين ربه عنوان صلاح ما بينك وبين الله ان تتقيه. ولذلك اوصى الله تعالى عباده بالتقوى الاولين والاخرين فقال جل في علاه ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم واياكم ان اتقوا الله ان اتقوا الله وتقوى الله هي ان تعظمه وان تجله وان تحبه وان تقوم بما امرك به رغبة فيما عنده وتنتهي عما نهاك عنه خوفا من عقابه واجلالا له جل في علاه هذا هو معنى التقوى على اختلاف العبارات وتنوعها التقوى ان تفعل ما امرك الله تعالى به ظاهرا وباطنا وان تنتهي عما نهاك عنه ظاهرا وباطنا رغبة فيما عنده وخوفا من عقابه محبة له وتعظيما بذلك يجتمع لك القيام بالشريعة فان الشريعة هي القيام بما امر الله تعالى به في الظاهر والباطن وترك ما نهى الله تعالى عنه في الظاهر والباطن لكن الحديث اشار الى اهمية التقوى وملازمتها في كل الاحوال والاحيان والاماكن دون تمييز لحال دون حال فمن الناس من تقواه في الجماعات وحال الشهود وفي الاعلان لكنه في حال الخفاء وحال الاصرار لا يجد من التقوى ما يحجزه عن طاعة الله. ما يحجزه عن معصية الله. لا يجد من التقوى ما يحمله على طاعة الله. فاذا قال بمحارم الله انتهاكها واذا غاب الرقيب فعل ما لذ له وطاب مما تشتهيه نفسه ويمليه عليه هواه بذلك اكد النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى في هذه الوصية فقال اتق الله حيثما كنت في اي مكان كنت بخلوة في جلوى في سر في اعلان في غيب في في شهادة في بلدك خارج بلادك انت مقيم انت في غربة انت تراقب الله وتعامله واذا كان العبد يراقب الله ويعامله فلن تغيره الاحوال لن تبدله الظروف بل الله عز وجل بين عينيه يرقبه ويخافه يقوم بحقه لانه معه بعلمه ومعه بصره ومعه بسمعه فلا يغيب عنه شيء من حاله اذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب ولا تحسبن الله يغفل ساعة ولا انما يخفى عليه يغيب. فكل شيء عنده بمقدار وكل شيء عنده بين ظاهر فالسر عنده علانية. وقد قال جل وعلا الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير فهو العالم بالخفايا والاعلان والسر والاظهار العالم بكل الاحوال وهذا يوجب في القلب رهبة وخوف وهذا لا يعني ان الانسان يجاهر بالمعاصي حتى يحقق الخوف في السر لكن هذا يعني ان يتقي الانسان الله عز وجل طاقته وجهده في الا يقع في معصية حال سره ولا حال اعلانه بل يرقب الله في كل احواله فان زلت به قدم ووقع في خطأ ظاهر او باطن فانه يعالجه بالتوبة والاستغفار كما جاء في نهاية هذه الوصية. اذا صلاح ما بينك وبين الله عز وجل صلاح ما بيني وبين الله وما بينك وبين الله وما بين الناس وبين ان يتقوه جل في علاه والتقوى هي عنوان السعادة وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون عنوان السعادة في الدنيا والاخرة ولو ان اهل القرى امنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض. وهذا على العموم ايضا على الخصوص انت اذا اتقيت الله فتح الله عليك من بركات آآ السماء والارض والارزاق والخير ما يكون عونا لك على تحقيق العبودية لله عز وجل ويكون عاجل البشرى الذي يشجعك على مزيد استمرار في طاعة الله عز وجل فاحرص على تقوى الله عز وجل في السر والاعلان. واعلم ان ما يخفى على الناس فان الله به عليم. كما قال الله تعالى وما كنتم تستترون ان يشهد عليكم سمعكم والابصاركم ولجلودكم ولكن هذا اشكال ظننتم ان الله لا يعلم كثيرا مما تعملون. لا يعلم كثيرا مما تعملون. هذا الظن هو الذي يجرأ الانسان على المعصية. لكن من استحضر رقابة الله وانه عليه رقيب وبه بصير وهو مطلع على السر والاعلان. كان ذلك حاملا له على الانزجار والكف عن الخطأ والزلل وسيء الاعمال الوصية الثانية التي اوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم قال واتبع السيئة الحسنة تمحها ما منا الا ذو خطأ كل ابن ادم خطاء مهما اجتهدنا في تحقيق التقوى سنذل لكن هذا الزلل لا يعني ان ان نركن اليه وان نستمرئه وان نمضي فيه بل الواجب علينا ان نجد وان نجتهد في ان نكف انفسنا عنه وان نعوض ذلك التقصير بالاستغفار والتوبة والانابة الى العزيز الغفار. يقول الله جل وعلا محكم كتابه يا عبادي قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا لو كانت امثال الجبال خطايا واوزار فصدقت في التوبة تلاشت تلك الذنوب بجنب مغفرة الله ورحمته وعفوه وتجاوزه سبحانه وبحمده. فلا تتردد في التوبة بل بادر بالتوبة في كل صباح وامساء وفي كل حال وعند كل خطيئة وعند كل شعور بالتقصير بادر بالتوبة والتوبة بابها مفتوح ومن رحمة الله ان الله عز وجل يقبل توبة التائب اذا كان صادقا فيجعله على حال احسن من الحال التي كان عليها قبل ذنبه اذا صدق في عودته الى ربه كما قال في شأن ادم عليه السلام فعصى ربه فعصى ادم ربه فغوى ثم اجتباه ربه. متى حصل الاجتباء بعد المعصية التي تاب منها وليس المعصية التي اصر عليها فلذلك ينبغي للعبد ان يكثر من التوبة وان يلازمها وان يستشعر تقصيره. يا اخواني لا تنال التوبة والمغفرة الا بالاقرار الذنب لذلك في سيد الاستغفار جاء فيه ابوء بذنبي اقر واعترف وفي الصحيح من حديث ابي هريرة وقال بعضهم في الصحيحين ان عبدا اذنب ذنبا فقال ربياني اذنبت ذنبا فاغفره لي فقال الله عز وجل علم عبدي ان له ربا يأخذ بالذنب يعني يعاقب عليه ويغفر الذنب اغفروا لعبدي ثم كرر مرة ثم مرة ثم مرة على هذا الحال وكل مرة يقول فيها الله عز وجل هذا المقال وفي الاخير يقول الله اغفروا لعبدي ولعبدي ما فعل على هذه الحال انه مقر بما يكون منه من تقصير ومن ذنب ومن خطأ ويعود الى الله عز وجل فانه مدرك فظل الله وعطاءه واحسانه. لهذا اقول اتبع السيئة الحسنة الحسنة اعظم الحسنات التي تتبعها السيئات هي ان تتوب الى الله. ولذلك فسر جماعة من العلماء الحسنة هنا بالتوبة لكن هذا ليس قاصرا عليها بل هذا منها ومن اعظمها ان تتبع الذنب التوبة الى الله منه ولكن ايضا بادر الى الاستكثار من الصالحات. جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث عبد الله ابن مسعود فقال يا رسول والله اني اصبت امرأة في اطراف المدينة واتيت منها ما يأتي الرجل امرأته الا واتيت منها كل شيء الا ما يأتي الرجل امرأته يعني ما جامعها قبلوا ما الى ذلك. فقال النبي فهل لي من توبة؟ قال فها انا ذا فاحكم فيما ترى فانزل الله تعالى قوله واقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل ان الحسنات يذهبن السيئات. الحسنات حسنة التوبة وقد حصل لان الرجال جاء ويقول يا رب يا رسول الله فعلت كذا وها انا ذا بين يديك افعل بي ما ترى لكن وجهه الى شيء اخر زيادة على هذا الاقرار بالذنب وهو ان يستكثر من الصالحات. بالصلاة اقم واقم الصلاة طرفي النهار. وزلفا من الليل. هذه الصلاة الصلوات المفروضة وايضا الصلاة المتنفل بها وزلفا من الليل ان الحسنات يذهبن السيئات. فبادر الى كل صالحة اذا وقعت في خطأ اكثر من التوبة والاستغفار وعوض ذلك بصالح الاعمال. وقد قال الله تعالى واني لغفار لمن تاب وامن وعمل صالحا ثم اهتدى والاهتداء الاستمرار في الاستكثار من الصالح من العمل. اخر ما جاءت فيه الوصايا في هذا الحديث الشريف قوله صلى الله عليه وسلم وخالق الناس بخلق حسن اي عاملهم بمعاملة حسنة ولا تنتظر على ذلك جزاءا الناس مجبولون على القصور والتقصير وعلى الكنود اساؤوا في حق الله فكيف في حق الخلق الانسان هذا حاله ان الانسان لربه لكنود فكيف بمعاملته للناس؟ ولذلك الاخلاق الحسنة لا تتحقق للواحد منا الا اذا عامل الله في الناس ولم يعامل الناس في الله يعني لا يرجو منهم جزاء ولا شكورا يرجو العاقبة من الله في احسانه الى الخلق لا تنتظر من الناس شيئا وهذا احسن ما يكون لنفسك واطيب ما يكون لقلبك واهنى ما يكون لعيشك ان لا تنتظر من الناس احسانا انما انتظر الجزاء من الله ولهذا ذكر الله في وصف الابرار انه انهم يعطون وينفقون ويقولون انما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا انما الجزاء والشكور نريده من الذي لا يضيع عنده القليل والكثير بل يعطي على القليل الكثير جل في علاه. خالق الناس بخلق حسن ومخالقة الناس بخلق حسن. حسن الخلق دائر على ان تبذل لهم كل خير واحسان وان تكف عنهم كل شر واساءة هذاك ثانيا ثالثا ان تحتمل ما يكون منه من اساءة. يعني بعض الناس يبادر بالاحسان لكن اذا اساء اليه غيره ما احتمل. هذا عنده قصور في في في جانب مخالقة الناس بخلق حسن الخلق الحسن يتحقق لك بان تبذل لهم الخير وان تكف عنهم الشر وان تحتمل ما يكون منهم من جمع ذلك قوله قوله جل وعلا خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين. خذ العفو يعني لا تكلف الناس اكثر مما آآ مما مما مما يأتوك به وامر بالعرف يعني امر بكل ما يكون معروفا من الخير والمعاملة واعرض عن الجاهلين اصبر على ما يكون منهم من سوء وتقصير واساءة وآآ عدم قيام بما يجب فانه بذلك لك محاسن الاخلاق اتق الله حيثما كنت اتبع السيئة الحسنة تمحها خالق الناس بخلق حسن اللهم اعنا على ذلك وارزقنا القيام به على الوجه الذي ترضى به عنا يسره لنا واكتب لنا به اعظم الاجر ثواب وصلى الله وسلم على نبينا محمد