الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ وليد بن راشد السعيدان حفظه الله. يقدم المسألة الاولى ان فيه دليلا على استحباب تلبيد الشعر عند الاحرام فيستحب للمحرم قبل ان يعقد احرامه ان يلبد شعره. فان قلت وما التلبيد؟ فاقول هو ان يجعل في الشعر ما يسكنه ويمنع من انتفاشه وانتشاره كالصبر مثلا او نوع من انواع الصمغ او ان يلبده بالعسل او ان يلبده بغير ذلك من المواد الحديثة اذا في هذا الزمان والنبي صلى الله عليه وسلم انما فعل ذلك لان شعره كان طويلا. فكان من قفاه يظرب الى كتفيه ومن جوانبه يضرب الى شحمة اذنيه صلى الله عليه وسلم لا سيما وانه كان قارنا وانتم تعرفون ان القارن لا يستطيع ان يتحلل. من احرامه اذا طاف اوسعه حتى قلة في اليوم العاشر ففترة الاحرام تطول فاختار النبي صلى الله عليه وسلم هذا التلبيد حتى يعينه على تثبيت شعره وتسكينه. ومن الفوائد ايضا ان فيه دليلا على ان من ساق الهدي فلا حق له ان يتحلل بعد الطواف والسعي اي من العمرة بل يبقى على احرامه حتى يحل في يوم النحر. فمن ساق الهدي لم يحل حتى يوم النحر وهو مأخوذ من قول الله عز وجل ايضا ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله ومن مسائله ايضا ان فيه دليلا على ان النبي صلى الله عليه وسلم كان قارنا في حجته فهو فهذا الحديث يرجح قول من قال بانه كان قارنا. لانه لو كان متمتعا التمتع الخاص لحل النبي صلى الله عليه بعد عمرته اذ المتمتع الخاص من شأن نسكه جواز التحلل بعد الطواف والسعي من العمرة. ولكن النبي صلى الله عليه وسلم هنا لم يتحلل. حتى سألته زوجته حفصة عن عدم عن سبب عدم التحلل فاخبرها انه ساق الهدي فهذا دليل يصحح قول من قال بانه كان قارنا ومن فوائده ايضا ان فيه دليلا على استحباب سوق الهدي من الاماكن البعيدة تعظيما لشعائر الله عز وجل. وتعظيما للبيت الحرام. فالنبي صلى الله عليه وسلم اهدى وساق الهدي معه من الحليفة وهي من ابعد المواقيت عن المدينة ومن الفوائد ايضا انه ان فيه دليلا على استحباب التحلل في حق من لم يسق الهدي. فيستحب للقارن اذا لم يسق الهدي ويستحب للمفرد اذا لم يسق الهدي ايضا ان يتحللا بعد من الطواف والسعي. فاذا طاف القارن وسعى ولم يسق الهدي فيستحب له ان يتحلل بالتقصير. فينقلب نسكه من قراءة الى الى تمتع. وهكذا المفرد اذا طاف وسعى فيستحب له ان يقصر حتى ينقلب نسكه من افراد الى تمتع. ومن المعلوم استحباب هذا التحلل. وهو الذي امر به النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه حين طافوا وسعوا فمنهم من كان قارنا ولم يسق الهدي ومنهم من كان مفردا. فامر من لم يسق الهدي منهم بالتحلل بعد الفراغ من الطواف والسعي ليجعلوها عمرة هذا افضل ومن الفوائد ايضا ان فيه دليلا على جواز المسح على الرأس في الوضوء حتى وان كان عليه حائل من لبد ونحوه فاذا كان على رأس الانسان حناء او على رأسه عسل او دهن او شيء من هذا الاصباغ وكان من شأنها ان تحول بين الماء ووصوله الى شعرة الرأس فانه لا بأس بالمسح على هذا اللد والصبغ وذلك لان النبي صلى الله عليه وسلم لما لبد رأسه بهذا التلبيد كان يمسح على رأسه اذا اراد الصلاة او اراد الوضوء فهذا دليل على جواز مسح الرأس حتى ولو كان عليه ما يمنع وصول الماء من لبد ونحوه ومن الفوائد ايضا ان فيه دليلا على استحباب تقليد الهدي. لقوله صلى الله عليه وسلم اوقلدت هدي؟ فان قلت وما معنى تقليد الهدي؟ اقول ان يجعل في عنقي البهيمة شيئا من خيط صوف او نعل الحذاء يعني. يجعل الحذاء في شيء ثم يعلقه في رقبة البهيمة. فان قلت واي انواع البهم او البهيمة تقلد فاقول اما التقليد في الابل فهو مشروع بالاجماع. واما التقليد في البقر فمشروع اجمع واما تقليد الغنم ففيه خلاف بين اهل العلم والقول الصحيح مشروعيته. فالتقليد مشروع في انواع البهائم الثلاث ابلا كانت او بقرا او غنما. فان قلت وما المقصود الشرعي من هذا تقليد فاقول حتى يتعرف من يراها في الطريق سائرة الى الحرم انها انها هدي فلا يتعرض لها سرقة ولا قطع طريق. وقد كان العرب في الجاهلية يعظمون ما يهدى الى الحرم. ويسمون النياق التي الى الحرم بناقة الله فلم يكن اللصوص ولا الصعاليق يتعرضون لشيء مما يهدى الى الحرم فان قلت وهل الاشعار هو التقليد؟ فاقول لا. الاشعار شيء والتقليد شيء. والاشعار شرحناه في الحديث الذي الماضي وسنشرحه في الحديث الذي يأتي الدرس القادم ان شاء الله. وهو ان يأتي الى سنام البعير الى صفحة سنام البعير الايمن بسكين او خنجر ثم يشرط جلده ويسلط الدم عنه. ويسلط الدم عنه. والاشعار مشروع في الابل اجماعا. وغير مشروع في الغنم اجماعا. واما البقر ففيها خلاف بين اهل العلم وقد رجحنا في الدرس الماضي قبل العطلة انه مشروع لقرب البقر واحكامها امن من الابل. واما التقليد فهو مشروع في البهاء في انواع البهائم الثلاث جميعا. ولعل هذا كاف في شرح التقليد. ومن المسائل ايضا ان قلت عندنا اشكال. كيف نجمع بين ربط قلادة في عنق الهدي والنبي صلى الله عليه وسلم امر بقطع القلائد من رقاب بهيمة الانعام كما في حديث ابي بشير رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم بعثه فنأى نادي في الناس الا لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر او قلادة الا قطعت فكيف نجمع بين الامر بقطع القلائد في عن اعناق البهائم وبين تقليد الهدي هنا فهمتم الاشكال؟ الجواب لا اشكال في ذلك. اذ التقليد وسيلة لشيء. والمتقرب باجماع العلماء ان الوسائل لها احكام المقاصد. فاذا قصد بالتقليد امر مشروع كان التقليد مشروعا. واذا قصد بالتقليد امر ممنوع كان التقليد ممنوعا فاذا قصد بتقليد بهيمة الانعام ان يخبر الناس ومن يراها بانها هدي حتى لا يتعرض لها. فهذا مشروع او ممنوع هذا مشروع. اذا جاز التقليد للاعلام بان البهيمة هدي. واما اذا كان مقصود من ان يحميها من العين. يحميها من العين. بمعنى الا يصيبها شيء من الضرر. فهو لا الا لهذا المقصود لجلب الخيرات ولدفع المضرات. فحينئذ يكون هذا المعلق تميمة. فيكون نوعا فاذا نحن لا ننظر الى صورة التعليق وانما ننظر الى المقصود من التعليق اذ التعليق في ذاته وسيلة والوسائل لها احكام المقاصد فجاز التعليق تقليدا للهدي لان مقصوده مشروع وحرم تقليد البهائم لدفع الضرر عنها لانه تميمة والتمائم في الشريعة ممنوعة. وعلى ذلك فلا اشكال بين الاحاديث ولله الحمد ومن المسائل ايضا ان فيه دليلا على جواز سؤال العالم عما يشكل من تصرفاته واحواله فان بعض الطلبة قد يرى من شيخه بعض التصرفات تشكل عليه. فلا ينبغي ان يبقى هذا الاشكال مرهونا او حبيسا في صدرك ايها الطالب. بل عليك ان تصرح به للشيخ. حتى يزول الشكوى عن قلبك. وحتى تتفقه في حقيقة تصرف هذا الشيخ فلعلك تستفيد فائدة كانت خافية عنك. فلا ينبغي اذا رأيت شيئا من التصرفات الغريبة وتوجسها قلبك من شيخك ان تسكت. بل لابد ان تسأل. فحفصة هنا رضي الله عنها رأت الناس قد حلوا من احرامهم لما طافوا وسعوا انتظارا لليوم الثامن حتى يعيدوا الاهلال بالحج. ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحل من احرامه. فاستغربت هذا التصرف فسألته فهذا لا بأس به ولا حرج. بل وعلى ذلك امثلة كثيرة في السنة. مثلا في الصحيحين من حديث كريب عن ميمونة رضي الله عنه قالت رأيت النبي صلى قالت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن الصلاة بعد العصر ثم رأيته ويصليهما فقلت يا رسول الله اراك تنهى عنهما ثم اراك تصليهما؟ فقال يا ابنة ابي امية سألت عن الركعتين بعد العصر وان انه اتاني وفد عبد القيس فشغلوني عن الركعتين بعد الظهر فهما هاتان. ما في مشكلة اسأل ومثلها ايضا في صحيح الامام مسلم من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص. رضي الله او عنهما. قال حدثت ان النبي صلى الله عليه وسلم قال صلاة الرجل قائما عفوا صلاة الرجل قاعدا على نصف صلاة الرجل قائما. قال ثم اتيته فوجدته يصلي قاعدا. فوضعت يدي على رأسه. فلما انصرف قال ما لك يا عبد الله بن عمرو قلت سمعتك تقول صلاة الرجل قاعدا نصف الصلاة وانت تصلي قاعدا. قال نعم يا عبد الله ولكني لست كاحد منك يعني جلوسي يكتب في ميزاني كاجر القائم لست كاحد منكم هذي خصيصة مما خص به النبي صلى الله عليه وسلم. فاذا هذا الحديث يطلعنا على انه لابد للطالب اذا رأى شيئا من التصرفات الغريبة او الاشياء التي يعلم من شيخه انه يرجح غيرها او يقول غيرها ان يسأله لم يا شيخ؟ لم يا شيخ هذا؟ في سنن ابي داوود من حديث مروان الاصفر؟ قال رأيت ابن عمر مناخ راحلته مستقبل القبلة فجلس يبول اليها. فقلت يا ابا عبدالرحمن اولم ينه عن ذلك؟ قال بلى انما نهي عن ذلك في الفضاء فاذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس. اذا استفاد مروان هذه الفائدة فلا ينبغي ان يبقى قالوا حبيسا في صدرك مدة من الزمان خوفا من ان يأتي الشيطان فينفخ فيه فيشكك في مقدار شيخك او رجاحة عقله او حكمته او امانته العلمية. ومن المسائل ايضا ان في هذا الحديث ردا على من قال بان النبي كان متمتعا. التمتع الخاص كما قال صفة من العلماء فان من العلماء من قال بان النسك الذي حجه النبي صلى الله عليه وسلم كان تمتعا وهذا خطأ وهذا خطأ. لانه لو كان متمتعا التمتع الخاص ها لو كان متمتعا التمتع الخاص لتحلل ولو ولو انه تحلل لم يكن لانكار حفصة عليه داع لانه حلل اذ هي انما انكرت عليه عدم التحلل. فانكارها لعدم التحلل او سؤالها او سؤالها عن عدم التحلل دليل على انه لم يكن متمتعا التمتع الخاص. ومن المسائل ايضا ان فيه دليلا على انه لا يجوز ذبح الهدي قبل يوم النحر. لانه قال حتى انحر اي حتى ادخل في يوم النحر وفي هذا رد على بعض الحنفية الذين اجازوا اجازوا ذبح الهدي عفوا وفيه رد على بعض الحنفية والشافعية ايضا الذين اجازوا ذبح الهدي قبل اليوم العاشر. وهذا خطأ. واقوال العلماء انما يقاس وبطلانها بموافقة الدليل من عدمه. فالحق هو ان الهدي عبادة مؤقتة بوقت ابتداء. وهو طلوع طلوع الشمس ووقت طبعا طلوع الشمس من يوم ايش؟ من اليوم العاشر ووقت انتهاء وهو بغروب اخر شمس ايام التشريق ومن ذبح الهدي قبل ذلك او بعد ذلك فانه لا يعتبر قد فعل العبادة التي امره الله عز وجل بها. فاذا في هذا الحديث رد على بعض الحنفية والشافعية الذين يجيزون نحره قبل يوم النحر. ومن المسائل ايضا من عجائب بعض اهل العلم غفر الله لهم ورفع الله قدرهم ومنازلهم. انهم ارادوا ان يشككوا في صحة في دلالة هذا الحديث على ان النبي لم يكن متمتعا. لانهم هم يرون انه كان متمتعا. وهذا الحديث لما كان رادا عليهم ارادوا ان يشكك في دلالته او يوجهه توجيها لا يتعارض مع اختيارهم فقال بعضهم في قوله حفصة ما بال الناس قد حلوا من العمرة ولم تحل انت من عمرتك. قالوا ان المقصود بالعمرة هنا اي الحج فكأنها قالت ولن تحل انت من حجك. ولكن هذا قول بعيد جدا. لان العمرة شيء والحج شيء واحد. فالعمرة والحج وان اتفقا في ان كلا منهما نسك الا ان هذا له نسك زكور له صفة خاصة واعمال خاصة وهذا له اعمال خاصة وله صفة خاصة. ولان هذا من باب القول بالمجاز ولا يجوز القول بالمجاز اذا كان حمل الكلام على الحقيقة ممكنا. ولان قرر عند العلماء وجوب البقاء على الظاهر. والظاهر من قولها انها العمرة التي فعلها الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم اول ما قدموا مكة حين طافوا وسعوا. فتحلل الناس وبقي النبي صلى الله عليه وسلم ومن ساق الهدي لم يتحللوا فهو الذي اثار الاشكال. ومن اهل العلم من قالوا من قالوا بان قولها ولم تحل انت من عمرتك اي من احرامك. اي من احرامك هذا ايضا فيه نظر. لماذا قالوا هذا الكلام؟ قالوا لان هذا الحديث لا يدل على انكارها على عدم التحلل من العمرة الاولى. وانما على عدم التحلل من احرام الحج. فهم ارادوا ان يصرفوا لفظ العمرة الى الاحرام حتى يدخل فيه الاحرام بالحج. ولكن هذا فيه بعد ايضا لانه انتقال من الحقيقة الى المجاز بلا داع وانتقال من الظاهر الى المؤول بلا داع. والاصل في الكلام الحقيقة والاصل في الكلام هو البقاء على الظاهر. والظاهر من قولها ولم تحل لانت من عمرتك اي العمرة الاولى التي فعلها الصحابة معه اول ما قدموا مكة وما عدا هذا فهو ضعيف جدا ومن المسائل ايضا ان فيه دليلا على وجوب الهدي على القارن. فان النبي صلى الله عليه وسلم ساق الهدي لانه قارن وذبح الهدي لانه قارن. فهذا دليل على وجوب ذبح الهدي على القارن ويستدل له ايضا بعموم قوله عز وجل فمن تمتع بالعمرة الى الحج فما استيسر من الهدي لان التمتع هنا يدخل فيه التمتع وهو القران والتمتع الخاص وهو النسك المعروف. ومن المسائل ايضا ذهب بعض اهل العلم الى قول غريب ولا اعلم له دليلا مرفوعا الى النبي صلى الله عليه وسلم. وهو ان من لبد رأسه وجب عليه الحلق ولم يكتفي بالتقصير ان من لبد رأسه وجب عليه الحلق ولم يكتف بالتقصير. فالنبي صلى الله عليه وسلم انما اختار الحلقة في في التحلل لانه كان قد لبد رأسه وقال بها كثير من اهل العلم من عفوا وقال بها جمع من اهل العلم من الاوائل والاواخر. ولكن لا نعلم دليلا يؤيده. وبناء على ذلك فالقول الصحيح هو ان من لبد رأسه يبقى مخيرا. بين ان بالتقصير وان يتحلل بالحلق اذ الامر جائز ولا حكر فيه ومن المسائل ايضا ان فيه دليلا على اهمية الاهتمام بشعر الانسان. فلا ينبغي للانسان اذا كان ذا شعر طويل نسأل الله ذلك ان يهمله بل عليه ان يرجله وان يسكنه وان يدهنه وان يجعل عليه ما يوجب تسكينه وعدم انتفاشه فمن كان له شعر فليكرمه كما روى ابو داوود باسناد حسن. من حديث ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم من كان له شعر فليكرمه. وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم رأسه الي وهو معتكف فاغسله وفي رواية فارجله وانا حائض. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وفي شأنه كله فتلبيد رأس النبي صلى الله عليه وسلم هنا من باب الاهتمام بشعره حتى لا ينتفش ومن المسائل ايضا ولعله الاخير ان في هذا الحديث دليلا على جواز جعل العلامات على الاشياء لتدل على انها لله كأن نعلن عن ارض وقفية او نضع لوحة عند الارض الوقفية وقف لله تعالى. او ان نكتب على المصاحف اذا كانت وقفا وقف لله تعالى او نكتب على الابار اذا كانت وقفا وقف لله تعالى فما كان لله وعلم بعلامة ليدل الاخرين على انه لله هذا لا بأس به ولا حرج. فالنبي صلى الله عليه وسلم انما قلد بدنه ليدل الاخرين على انها لله عز وجل بل وكذلك الاشعار اشعارها ليشعر الاخرين بانها هدي لله عز وجل. فلا بأس ان انا الانسان علامة على ما هو لله من وقف او هدي حتى لا يتعرض له بالسوء واظن الوقت بقي معنا ولا لا؟ كم شرحنا طيب باقي معنا وقت نأخذ الحديث الثاني احد مع الكتاب عن عمران ابن حصين رضي الله عنه قال نزلت اية المتعة في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينزل قرآن يحرمه ولم ينهى عنها حتى مات قال رجل برأيه ما شاء. قال البخاري يقال قالوا انه عمر ولمسلم نزلت اية المتعة يعني متعة الحج وامرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لم تنزل اية تنسخ اية متعة الحج ولم ينه عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات وله ما بمعنى نعم احسنت الكلام على هذا الحديث في جمل من المسائل المسألة الاولى ما معنى قوله اية المتعة المقصود بها قول الله عز وجل فمن تمتع بالعمرة الى الحج فما استيسر من الهدي هذا هو المقصود بها واياك ان تفهمها كما فهمها بعض الناس. من ان المقصود بها متعة النساء كما قال به بعضهم فهذا فهم خاطئ. بل الحق ان المقصود بها قول الله عز وجل فمن تمتع بالعمرة الى الحج فما استيسر من الهدي. فالمقصود بها متعة الحج كما في رواية البخاري الثانية ومن المسائل ايضا ان فيه اشارة الى دلالة على مسألة اصولية كثر خلاف الاصوليين فيها. وهي مسألة نسخ جائزة شرعا لكنه لانه ولي الامر رأى ذلك انه انفع للناس وانفع للبيت. حتى لا يزال للبيت واردا فلو ان الانسان انتهت مهمته من البيت في اشهر الحج من عمرة وحجة لبقي طيلة اشهر العام كلما قرآن بالسنة نسخ القرآن بالسنة. وهي مسألة خلافية واكثر العلماء على منعه. ولكن قول الصحيح والله اعلم جوازه. وادلة جوازه مذكورة في كتابي اصول الفقه على منهج اهل السنة تأصيلا وتدليلا وتفريعا. وقد شرحتها باستفاضة هناك. والخلاصة ان نسخ القرآن بالسنة جائز لا بأس به. فان قلت وكيف اخذت هذه الفائدة من هذا الحديث؟ من قول عمران نقول تأمل قول عمران رضي الله عنه. نزلت اية المتعة في كتاب الله انتبه ولم تنزل اية تنسخها. هذا فيه اشكال؟ ولم ينه عنها رسول الله ما وجه الدلالة الان؟ اتضحت لكم قال لو نهى عنها رسول الله لكان نهيه نهي سنة. فدل ذلك على ان السنة تنسخ القرآن ولا اشكال في ذلك واصل المسألة هو تفريق دقيق اذا تبين لك زال عنك الاشكال وهو ان القرآن اقوى ثبوتا من السنة ولكن النسخ لا شأن له باصل الثبوت. وانما النسخ له شأن باستمرار الحكم. فاستمرار الحكم القرآني ظني واصل ثبوته قطعي. والنسخ بالسنة انما يرفع الظني الذي هو الاستمرار ولا شأن له باصل الثبوت فقول من قال بان السنة اضعف ثبوتا من القرآن وكيف الضعيف يقوى على نسخ القوي؟ نقول ان النسخ لا شأن له باصل الثبوت وانما له شأن باستمرار الحكم. هل الحكم القرآني استمراره قطعي؟ ولا قد ينسخ؟ اجيبوا يا جماعة قد ينسخ كم من الاحكام الموجودة في القرآن قد نسخت ولا داعي الى ذكر امثلة عليها. فمن القرآن ما نسخ رسمه وحكمه. كاية رجم الزانيين. واية العشر رضعات نسخ لفظها وحكمها وهي قرآن ومن القرآن ما نسخ حكمه وبقي رسمه كاية اعتداد متوفى عنها زوجها حولا كاملا والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا وصية لازواجهم متاعا الى الحول غير اخراج. هذه منسوخ حكمها لكن لفظها باقي رسمها باقي فاذا استمرار الحكم القرآني قطعي ولا ظني؟ استمراره. لكن اصل ثبوته طيب السنة ظنية ولا قطعية حكمها ظني فاذا النسخ له تعلق بالظنيات لا القطعيات. فاذا لا يجوز لنا ان نمنع نسخ القرآن بالسنة لان قصاراه انه ظني رفع ظنيا. ظني رفع ظن فاذا من نظر الى ان النسخ يرجع الى اصل الثبوت منع نسخ القرآن بالسنة ان السنة اضعف والاضعف لا يستطيع ان يرفع القوي. ومن نظر الى ان النسخ لا شأن له باصل الثبوت. وانما له باستمرار الحكم قال اذا لا بأس به لان الظني يرفع الظن. واما الادلة واما وقوع النسخ في السنة فامثلته ذكرتها في ذلك الكتاب المذكور لكننا في صدد شرح هذا الحديث. فاذا قول عمران ولم الاية تنسخ اية المتعة ولم ينه عنها رسول الله حتى مات دليل على انه لو نهى عنها لارتفع الحكم قرآني اي ارتفع جوازها وهو سنة. فهذا دليل على انه كان يرى ان السنة تنسخ قل قرآن ومن المسائل ايضا قوله قال رجل برأيه ما شاء. يريد من؟ الجواب وضحته الرواية رواية اخيرة قال يريد عمر لان عمر كان ينهى عن هذه المتعة فكان ينهى من اعتمر في اشهر الحج عن الحج وكان ينهى من اراد الحج ان يعتمر في اشهر الحج فكان ينهى عن جمع النسكين في اشهر الحج اي في عام واحد. فمن اعتمر فلا يحجن من عامه. ومن حج من عامه يعتمر في اشهر الحج وهو الذي اوجب انكار عمران. وعلي ابن ابي طالب ايضا انكر على عثمان. رضي الله عنهم وارضاهم فهذا رأي عمر. وله اجتهاده. فاذا قوله قال رجل برأيه ما شاء يريد بذلك عمر رضي الله عنه لانه كان ينهى عن هذا النوع من المتعة ومن المسائل ايضا ان قلت لماذا كان عمر ينهى عن هذا النوع من المتعة لماذا؟ الجواب حتى لا يزهد الناس في المجيء الى البيت بسبب الاكتفاء باحد النسك اوكي لان اشهر الحج لابد ان يعمر البيت فيه. فان من الناس من اذا اعتمر فاذا جمع الانسان بين حج وعمرة فانه سيبقي اشهر طول السنة لا يأتي الى البيت لانه اخذ حظه في اشهر الحج من عمرة وحجة فكان اجتهاده رضي الله عنه او اوصله الى اننا لو اجزنا لهم او لو ابحنا لهم او لو رخصنا لهم مع ان همت نفسه تذكر انه قد فرغ وانتهى فيبقى البيت لا وارد له. لا وارد له. فقال لكن لو اننا اقتصرنا بهم على عمر فستطمح نفوسهم للحج. واذا اقتصرنا بهم على الحج فستطمح نفوسهم في بقية السنة الى عمرة. فلا يزال الناس يتواردون على البيت. ولكن لا يخفى على شريف علمكم ان هذا رأي واجتهاد. وقد وقع في مقابلة النص والمتقرر عندنا انه لا رأي مع النص وكل قياس صادم النص فانه فاسد الاعتبار والمتقرر عند العلماء اي ان انه لا اجتهاد مع النص اي لا اجتهاد في مورد النص. واذا جاء نهر الله كما قيل بطل نهر معقل. ومن المسائل ايضا ان فيه دليلا على حرمة معارضة النصوص الصحيحة بالاراء فعمران انكر عوض. على عمر رضي الله تعالى عنه معارضة رأيه للنص. فرأى عمر ان هذا لا عمران فرأى عمران ان هذا مما لا ينبغي. فقال كلامه هذا انكارا على من عارض النص بالرأي ومن المسائل ايضا ان فيه دليلا على ان اقوال العلماء يستدلوا لها لا بها فلا يجوز ان نجعل ما ان نجعل اجتهاد عمر ورأيه دليلا. لان رأيه في خاصة نفسه اصلا يحتاج الى يحتاج الى دليل ويا ليتنا نفقه هذه القاعدة. ان اقوال العلماء يستدل لها ولا يستدل بها. فلا حق لك في مقام الخصومة والمجادلة والنزاع. ان تستدل علي بقول جهة نية او قول عالم فلان لان اقوال العلماء مهما بلغ رتبتهم من العلم لا يصلح ان تكون دليلا. في ذات به وانما الادلة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. واما اقوال العلماء فانها خاضعة للقبول والرد ومن المسائل ايضا ان فيه دليلا على وجوب تقديم النص الصحيح على اقوال الرجال وجه الدلالة منه واضحة. فعمران مع ان اميره عمر وحبيبه عمر ولعمر في قلب عمران منزلة عظيمة وتقدير كبير. لكن لم يمنعن عمران هذا كله ان يرد عمر لما رأى انه مخالف للنص لانه لا يجوز ان نقدم على النص لا عقلا ولا قولا ولا رأيا ولا مذهب امام ولا قول معظم ممن كان. وليس هناك تلازم بين عدم قبول الاقوال لمخالفتها للنصوص واحترام العلماء. فاحترام العلماء ما لا يقدح فيه ردنا لبعض اقوالهم اذا تبينت مخالفتها للنصوص. فهذا لون وهذا لون اخر. ومن جعل بينهما تلازما فقد اراد النزاع والخصومة فقط والتشغيل. والا فهذا خطأ. فانا احترمك ايها العالم وليس بملزم لي ان اقبل كل ما تقول. وليس ردي لبعض اقوالك بخارق او خارم لي واحد في المئة من احترام لك وتعظيمه فما فعله عمران ليس من باب عدم احترام عمر ولا من عدم تقدير عمر لا ولكن من باب تعظيم النصوص من باب تعظيم النصوص ووجوب تقديمها على اقوال الرجال وارائهم ولعلنا نكتفي بهذا القدر من الكتاب الاول والله اعلى واعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد