الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ وليد بن راشد السعيدان حفظه الله يقدم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الامين وعلى اله واصحابه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد عندنا اليوم في شرح العمدة لعلنا نستوفي شرح حديثين ان شاء الله عز وجل اليوم اولهما حديث ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة منك داء من الثنية العليا التي بالبطحاء وخرج من ثنية السفلى عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة منكد من الثنية العليا التي بالبطحاء وخرج من الثنية السفلى الكلام على هذا الحديث في ثلاث مسائل فقط واظن اول حديث يمر علينا بهذه الطريقة المسألة الاولى قوله كداء بفتح الكاف والمد هذا مكان معروف في مكة فهو معروف اليوم بريع الحجون والذي يدخل طريقه بين مقبرتي العلا او المعلاة ويفظي من الجهة الاخرى الى حي العتيبة وجرول. وهو مكان معروف لمن يعرف احياء مكة وزقاقها واما قول النبي صلى الله عليه وسلم الثنية فالثنية هي الطريق بين الجبلين كما هو معروف واما قوله صلى الله عليه وسلم وخرج من الثنية السفلى فالمقصود بالثنية السفلى هو ما يسميه الناس بكدا بضم الكاف والقصر. فاذا عندنا كداء وعندنا كدى. فاما كدا فقد عرفناها واما كدى فهو ما يعرف اليوم بريع الرسام. وسمي بذلك لانه كان بوابة جدة او بوابة مكة من قبل جدة. وكانوا يأخذون عند هذه البوابة والرسوم على البضائع فسمي حي الرسام وهو يقع بين حارة الباب وهي حارة معروفة وبين جرول. واغلب هذه الاماكن قد اخذت في التوسعة اغلبها وعندنا شيء اخر يقال له كدي هذه اكدية مكة عندنا كداء وعرفناها وعندنا كدى وعرفناها وعندنا كدي بضم الكاف فهو ريع في مكة لا يزال يعرف بهذا الاسم يخرج من مسفلة مكة الى جبل ثور. عن طريق القادم الى مكة من الطائف اي جنوب شرقي مكة وكل هذه الاغذية من مكة. اي انه يحكم عليها بانها حرم المسألة الثانية اختلف اهل العلم في دخول النبي صلى الله عليه وسلم من كدا وخروجه من كدا. هل فعله تشريعا ام ماذا ان قلنا فعله تشريعا فيستحب لمن دخل مكة ان يدخلها من هذا الموضع واذا خرج ان يخرجها من الموضع الاخر وان قلنا انها ليست من الافعال التشريعية فان الانسان يدخل مكة من حيث كان اسمح لدخوله على قولين لاهل العلم فمنهم من جعل دخول مكة من كداء وخروجها من الثنية السفلى اي كدى. من جملة السنة الفعلية الثابتة النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم من لم يجعلها كذلك. فقالوا ان النبي صلى الله عليه وسلم انما دخل منك ذا بانها اسمح لدخوله وخرج من كدا لانها اسمح لخروجه فقط. فاذا هم يخرجونها بهذا التخريج عن دائرة الافعال قال التشريعية فان قلت وما الراجح عندك انت؟ فاقول قبل ان اقول الراجح لا بد ان نبين قاعدة في افعال النبي صلى الله عليه وسلم وهي ان الاصل في افعال النبي صلى الله عليه وسلم الاقوال عندي والله عز وجل له في تشريعه الحكمة البالغة والمصلحة المتناهية والله اعلم ثم ننتقل بعد ذلك الى حديث اخر وهو حديث ابن عمر ايضا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل البيت ما هو؟ هو التشريع. فاي فعل فعله النبي صلى الله عليه وسلم؟ فالواجب علينا ان نحمله مباشرة على انه من الافعال تشريعية ولا يجوز لنا ان نخرجه عن موضوع التشريع الى موضوع اخر الا بقرينة تدل على ذلك. وهل وردت في هذا الحديث التي تخرج هذا الفعل عن كونه تشريعيا؟ الجواب لا. لا نعلم قرينة تصلح ان تصرف هذا الفعل عن من كونه فعلا تشريعيا الى فعل اخر. وبناء على ذلك فالقول الصحيح عندي في هذه المسألة هو ان النبي صلى الله عليه وسلم انما دخل من هذا الموضع وخرج من هذا الموضع تشريعا فيسن لمن دخل مكة ان يكون دخوله من كدا بالفتح والمد واذا خرج ان يخرج من كدا بالظم والقصر هذا هو السنة ما لم يكن على الانسان شيء من المشقة الزائدة او الكلفة التي لا تحتمل والا فيدخل مكة من حيث كان اسمح لدخوله فبما ان الاصل في افعاله صلى الله عليه وسلم التشريع فالقول الصحيح ان نحمل هذا الفعل على انه تشريع ما لم يكن ثمة مشقة او كلفة خارجة عن العادة ونظير هذا مجيء النبي صلى الله عليه وسلم الى مصلى العيد من طريق. ورجوعه من طريق اخر فاذا جاء الى مكة من طريق وخرج منها من طريق اخر وقد اختلف العلماء في مجيئه للعيد من طريق ورجوعه من طريق اخر هل فعله تشريعا او لا؟ وقد رجحنا فيما مضى بانا القول الصحيح انه تشريع. فيستحب لمن قصد مسجد العيد ان يأتيه من طريق ويكون رجوعه الى بيته من طريق اخر ومن المسائل ايضا وهي الاخيرة اختلف العلماء في بيان الحكمة من المجيء الى مكة من طريق ورجوعه من طريق اخر ما الحكمة في ذلك؟ فذكر العلماء جملا من الحكم فمنهم من قال لانها اسمح لدخوله وخروجه. فدخل الى مكة منكدا لانه اسمح لدخوله وخرج من كدى لانها لخروجه وقد بينت لكم ان هذا لا بد فيه من دليل يدل عليه. ومنهم من قال انه غير الطريق تفاؤلا بتغير الحال بعد الفراغ من النسك فاذا هذا فعله من باب التفاؤل. فهو دخل من طريق وفعل النسك طب من طواف وسعي وحلق او تقصير ثم من طريق اخر تفاؤلا بتغيير الحال. فهو قريب من تغيير الرداء في صلاة الاستسقاء. فان النبي صلى الله عليه وسلم فعله من باب التفاؤل بتغير الحال ومنهم من قال غير الطريق في الدخول والخروج لتكثر البقاع التي تشهد له يوم القيامة. فان الله عز وجل مستشهد هذه البقاع في على هذه الارض. فكل من سار على شيء من البقاع متوجها لعبادة او راجعا من او فاعلا فيها عليها عبادة فانها ستشهد له يوم القيامة كما قال الله عز وجل يومئذ تحدث اخبارها فمنهم من قال اي تشهد على اهلها بما فعلوه عليها من خير او شر ومنهم من قال علة اخرى وهي انه دخل مكة من ثنية كذا لانها ثنية عالية فهو يدخلها يدخل مكة من باب العلو تعظيما للبيت تعظيما للبيت فهو دخل مكة من مكان عال تعظيما للبيت وانتم تعرفون ان الملوك والامراء انما يستقبلون في اعلى الاماكن فاذا العلو مطلب من مطالب التعظيم فاذا اقبل الانسان على بيت الله عز وجل فيكون استقباله من مكان فيكون اقباله من مكان عال تعظيما البيت واما ثنية كدى التي خرج منها النبي صلى الله عليه وسلم فهي ثنية فهي ثنية في مسفلة وليست عالية من باب البيت حتى لا يوجه البيت ظهره وهو في مكان عال. فهذا ليس من الادب مع بيت الله عز وجل فكان حين اقباله على البيت من مكان عال تعظيما للبيت وكان في حال خروجه في مكان انزل تعظيما للبيت ايضا ومن اهل العلم من قال ان النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك من باب موافقة ابيه ابراهيم في حال الدخول والخروج ولا جرم اننا نحتاج الى نقل في مثل هذا الامر الغيبي فان قلت وما الراجح عندك انت؟ فاقول الراجح عندي والله اعلم ان الامر فعله النبي صلى الله عليه وسلم تعبدا فنحن نقتدي به في هذا الفعل ولا ندري عن حقيقة الحكمة بعينها مع اننا نجزم بانه انما فعله لحكمة يعلمها الله. عز وجل فان الذي امره بذلك انما هو الله تبارك وتعالى الله هو الحكيم اسما وذو الحكمة المتناهية صفة. ولكن عين هذه الحكمة لم تعلمها عقولنا. فالفعل تعبدي كما رجحناه في المجيء الى العيد من طريق والعودة من طريق فقلنا في ذلك الوقت ايضا انه تعبدي. وهذا اقرب اي الكعبة هو واسامة ابن زيد وبلال وعثمان ابن طلحة. فاغلقوا عليهم الباب فلما فتحوا كنت اول من ولد. فلقيت بلالا فسألته هل صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم بين العمودين اليمانيين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم البيت هو واسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة فاغلقوا عليهم الباب. فلما فتحوا كنت اول من ولد فلقيت بلالا فسألته. هل صلى فيه رسول صلى الله عليه وسلم قال نعم بين العمودين اليمانيين. الكلام على هذا الحديث في جمل من المسائل المسألة الاولى ففيه دليل على قبول خبر الاحاد فانما ابن عمر قبل ما اخبره به بلال وهو خبر احاد. فافاد ذلك ان خبر الاحاد مقبول اذا صح سنده للمعصوم صلى الله عليه وسلم. وهذه قاعدة عند اهل السنة والجماعة ان خبر الاحاد يقبل مطلقا سواء اكان موضوعه عقديا او فقهيا وسواء اكان اكانت واقعته مما تعم بها البلوى او مما لا تعم بها البلوى. كل ذلك لا شأن له بقبول خبر الاحاد من عدم قبوله وانما المعتمد عند اهل السنة صحة الاسناد. فاي خبر احاد صح سنده فالواجب قبوله اعتماده المسألة الثانية ان فيه دليلا على جواز صلاة النفل داخل الكعبة. ان فيه دليلا على جواز صلاة النافلة داخل الكعبة ووجه الدلالة منه واضحة ولله الحمد المسألة الثالثة ان قلت كيف نجمع بين اثبات ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى في البيت وبين ما في الصحيح من حديث ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلي في البيت لما دخل فعندنا روايتان متعارضتان. احداهما تثبت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل البيت. والاخرى وتنفي فكيف نفك هذا التعارض ايها الطلبة؟ الجواب لا تعارض بينهما ولله الحمد والمنة وذلك من من عدة اوجه. الوجه الاول ان ابن عمر حفظ ان ابن عمر حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم انه صلى في البيت وابن عباس لم يحفظ ذلك. فتعارضت رواية من حفظ مع رواية من لم يحفظ. والمتقرر عند ان من حفظ ها حجة على من لم يحفظ. فنرجح بهذه القاعدة الاصولية رواية ابن عمر. او نقول اثبات ابن عمر على نفي ابن عباس رضي الله عنهما هذا الوجه الاول. الوجه الثاني ان نبنى عمر رضي الله عنهما تثبت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم. فاذا روايته رواية اثبات. وابن عباس ينفي فروايته رواية نفي. فتعارضت رواية المثبت مع النافي. فتعارضت رواية المثبت مع والمتقرر في قواعد الاصول ان المثبت مقدم على النافي. والمتقرر في قواعد الاصول ان المثبت على النافل لان النافي معه معه علم خفي على عفوا لان المثبت معه زيادة علم خفيت على وهنا وجه ثالث ايضا. وهو ان ابن عمر يثبت صلاة وابن عباس ينفي صلاة فنحمل الصلاة التي يثبتها ابن عمر على صلاة النفل. في الكعبة ونحمل النفي في حديث ابن عباس على نفي صلاة الفريضة. فالصلاة التي يثبتها ابن عمر هي النافلة والصلاة التي فيها ابن عباس هي الفريضة وبناء على هذه الاوجه الثلاثة فلا نجد تعارضا بين حديث ابن عباس وحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما. ومن ايضا ان قلت كيف نجمع بين قول بلال وهو من جملة من كان داخلا في البيت مع رسول صلى الله عليه وسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى. وبين رواية اسامة بن زيد الذي كان معهم ايضا وهو ينفي ان يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى وكلاهما ممن دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم. فبلال يثبت هذه الصلاة واسامة ينفيها ايهما اشد تعارضا؟ رواية ابن عباس وابن عمر ولا رواية بلال واسامة؟ الجواب الثانية. لان ابن اصل لم يكن ممن من جملة من دخل ولا ابن عمر لكن الان رواية الذي نحن بصدده الان رواية اثنين ممن دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم احدهما يثبت والاخر ينفي. نقول لا تعارض بينهما ولله الحمد والمنة ولا مشكلة على القواعد الاصولية فان من درس العلم على طريقة التأصيل والتقعيد فانه لا يمكن ان تقف عنده هذه المشاكل التي تعتبر نوازل عظيمة عند غيره فنجمع بينهما من عدة اوجه الوجه الاول ان الصلاة التي يثبتها بلال انما هي صلاة النافلة والصلاة التي ينفيها اسامة انما هي صلاة الفرض. وبذلك يكون الاشكال قد حل فان لم يعجبك هذا الجواب فانتقل للجواب الاخر. وهو ان بلالا حفظ ان النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى فاذا روايته رواية من حفظ. واما اسامة فانه لم يحفظ هذه الصلاة عن النبي صلى الله عليه وسلم فتكون قد تعارضت رواية من حفظ مع رواية من لم يحفظ. والمتقرر في قواعد الاصول ان من حفظ حجة على من لم يحفظ. فنقدم اثبات بلال على نفي اسامة رضي الله عنه. لا سيما وان في بعض روايات ان اسامة كان منشغلا بطمس الصور التي كان المشركون قد رسموها داخل الكعبة فان النبي صلى الله عليه وسلم امر بطمسها. وهي وهي صورة ابراهيم واسماعيل وهما يستقسمان بالازلام عليهما صلاة الله وسلامه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم كذبوا ما استقسموا بها قط. فامر بمحوها. فربما كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم التي حفظها بلال كانت في الوقت التي الذي كان فيه اسامة منشغلا بمحو هذه الصور اليس كذلك فاذا بلال حفظ واسامة لم يحفظ ومن حفظ حجة على من لم يحفظ وان لم يعجبك هذا الجواب فدونك الجواب الثالث وهي ان بلالا يثبت واسامة ينفي. فتعارضت رواية المثبت مع النافي والمتقرر عند العلماء ان رواية المثبت مقدمة على رواية النافل لان المثبت معه زيادة علم خفيت على النافل لو رأيتم هذه الاوجه الثلاثة لوجدتموها نفس الجواب الذي اجبنا به في حل التعارض بين رواية ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما وهكذا يكون التأصيل. ومن المسائل ايضا ان قلت سلمنا لك صحة صلاة النافلة في الكعبة ولكن ما شأن صلاة الفريضة افتصح صلاة الفريضة داخل الكعبة ايضا؟ الجواب في ذلك خلاف بين اهل العلم رحمهم الله تعالى. والقول الصحيح عندي في هذه المسألة هو صحة الفريضة ايضا داخل الكعبة فاذا صلى الانسان الفريضة داخل الكعبة فان صلاته صحيحة. فان قلت ولم؟ ولم ولم؟ فاقول لان قرر عند العلماء ان كل موضع صح فيه النفل فيصح فيه الفرض الا بدليل الاختصاص. وكل موضع صح فيه الفرض فيصح فيه ها النفل الا بدليل الاختصاص. وبما ان باطن الكعبة اي جوف الكعبة من المواضع صح فيها النفل فيصح فيها فرض ولا نعلم دليلا يدل على تخصيص النافلة في هذه المسألة صلاة الفريضة الا اننا نقول انتبه. الا اننا نقول انه يستحب التنفل في جوف كعبة واما الفريضة فلا نقول بانه يستحب وانما هو جائز فقط. اذ لا نعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا مرة واحدة في عمره ولا نعلمه محفوظا عن احد من اصحابه صلى الله عليه وسلم انكم تقصدوا ايقاع الفريضة داخل الى الكعبة فاذا الدليل يدل على الجواز لا الافضلية. انما الافظلية تقال في حق النافلة لا الفريضة فيكون الحكم هكذا. يستحب التنفل داخل الكعبة. واما الفرض فيجوز فيها فهمتموني ماشي. ومن المسائل ايضا ان في هذا الحديث دليلا على جواز النافلة فوق ظهر الكعبة ايضا لان المتقرر عند العلماء ان الهواء له حكم القرار. فكل موضع صحت الصلاة في قراره تصح في هوائه. كل موضع صحت الصلاة في قراره فتصح على ظهره اي في هوائه قال الامام موفق الدين ابن قدامة رحمه الله لا نعلم في هذا خلافا بين اهل العلم. فتصح النافلة في الكعبة وتصح النافلة على ظهرها ايضا. ومن المسائل ايضا ان فيه دليلا على جواز الصلاة بين السواري اي بين الاعمدة اذا لم تفضي الى قطع الصفوف. فلو صلى الانسان بين ساريتي المسجد الان فجعل احدى السواري يساره والاخرى عن يمينه لجاز ذلك وصح. وتحمل الاحاديث الواردة في الكراهية في كراهية الصلاة بين السواري على على الصلاة التي توجب انقطاع الصف. فاما صلاة المنفرد بين ساريتين او صلاة الجماعة اليسيرة بين ساريتين بحيث لا يفظي الصلاة بينها الى انقطاع الصف فان هذا جائز ولا حرج ذلك صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة قال فيها بلال بين العمودين اليمانيين. ومن المسائل ايضا فيه دليلا على صحة الصلاة اذا استقبل المصلي بعض البيت فلا يلزم لصحة الصلاة ان تستقبل كل البيت بكل اركانه الاربعة. وانما يكفيك استقبال بعضه. فان النبي صلى الله عليه وسلم انما صلى هذا النفل مستقبلا لجدار واحد فقط. وبقية الجدران عن يمينه وشماله وخلفه. مع ذا ومع ذلك صحت صلاته صلى الله عليه وسلم فدل ذلك على صحة الصلاة الفرض والنفل فيما ها لو استقبل الانسان جزءا واحدا من البيت. ومن المسائل ايضا ان فيه دليلا على جواز تخصيص الامام بعض افراد رعيته ببعض شؤونه فاذا اراد الامام شيئا وخص فلانا وفلانا وفلانا واغلق عليهم بابه. وخصهم باجتماع خاص هذا لا ينبغي ان يكون سببا لايغار بقية قلوب الرعية. فان الامام قد لا يريد ان يطلع على هذا الشأن الا الا ما ان يثقوا فيه او من يتميز ببعض الصفات المطلوبة في هذا الامر من رعيته. فالنبي صلى الله عليه وسلم لم الجميع وانما ادخل اسامة وبلالا عثمان ابن طلحة رضي الله عنهم وارضاهم. ومن المسائل ايضا انه يجوز منع الناس من من من الدخول الى الكعبة لغرض مشروع فاذا اغلق فاذا اغلقت ابواب الكعبة في وجوه الناس فليس هذا من ظلم الامام ولا من طغيان الحاكم ولا من الاعتداء او التعدي على شيء من حرمات الله. فان ولاة الامر انما يغلقونها من باب تحقيق المصالح واندفاع علم فاسد مع ان الصفة المحبوبة في بناء الكعبة للنبي صلى الله عليه وسلم قال فيها ولجعلت لها بابين بابا يدخل الناس منه وبابا يخرجون. ولكن لم يفعله صلى الله عليه وسلم. فاذا كان للناس باب يدخلون وباب لكان في الامر سعة لكن اما ان يكون الباب واحدا يدخل منه زرافات وجماعات ثم يخرجون من نفس الباب حيث تدخل جماعات اخرى فان هذا يوجب من الضيق والضنك والتعب والمشقة العظيمة بل وتعريض الانفس للهلاك والعطب ما يوجب اغلاق الباب ومنع الناس منه ومن المسائل ايضا ذهب بعض اهل العلم الى ان دخول الكعبة من سنن الحج فيستحب للانسان اذا حج ان يدخل البيت. وهذا لا اعلم له دليلا. ولا اراه سنة بل ارى الله اعلم ان من ربط دخول الكعبة بتمام النسك انه قد ابتدع في الدين واحدث فيه ما ليس منه. فان اولا يستدل على المشروعية بدخول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث فاقول يا اخي النبي صلى الله الله عليه وسلم لم يدخله عاما حجة الوداع. وانما دخله عام الفتح. عام الفتح قوله صلى الله عليه وسلم الثابت في حديث ابن عمر هذا انما كان في عام الفتح. ولذلك لا اعلم عن صحابي واحد انه وعلق افضلية الحج بدخول الكعبة. بل قال ابن عباس رضي الله عنهما يا ايها الناس ان دخولكم البيت ليس في حجكم من شيء. وكان ابن عمر يحج كثيرا ومع ذلك لم يثبت عنه مع شدة حرصه على التأسي بافعال النبي صلى الله عليه وسلم فلم يثبت عنه انه دخل كما اخرجه كما ذكره البخاري في صحيحه معلقا بصيغة الجزم ومن المسائل ايضا ان قلت وما الحكم ان لم يتيسر لي صلاة ركعتين اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم داخل الكعبة؟ فاقول ان لم يتيسر لك ذلك فاحرص على الصلاة في الحجر بمقدار ستة اذرع. فان الحجر بمقدار ستة اذرع يعتبر من البيت فاذا جئت الى الجدار الذي يلي الحجر فاحسب ستة اذرع فهذا كله في حكم الكعبة. فاذا صلى الانسان مما يلي جدار الحجري بمقدار ستة اذرع فانه يعتبر قد صلى في في بطن الكعبة. وهذا من تيسير الله ولله الحمد. وانتم تعرفون ان بناء الكعبة انما هو على قواعد ابراهيم من الحجرين فقط. يعني من جهة الركنين اليمانيين. واما من جهة الركنين الشاميين فبقي على قواعد ابراهيم دار ستة اذرع ولكن في حال بناء قريش لها قصرت بها النفقة فتوقفت في بنائها الى هذا الحد. ولما هدم في عهد ابن الزبير استشار الناس او يبنيها على قواعد ابراهيم؟ ام يجعل البيت على ما مات عليه النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة فاشار عليه الناس ان يبنيه ان يبقيه على ما هو عليه حتى لا يكون تغيير بنائه فتنة للناس ولا يكون سنة للخلفاء من بعده ان يهدموا ويبنوا على طراز يريدونه هم. فنعم الرأي هو ومن المسائل ايضا قوله بين العمودين اليمانيين لو تيسر لك ايها المسلم ان تدخل فهل يستحب لك ان توقع صلاة الركعة في هذا الموضع بخصوصه ام تصلي من اي ناحية؟ الجواب يستحب للانسان مع السعة ان يصلي بين العمودين من اليمانيين تحريا لكمال الاقتداء في صلاة تلك الركعتين في جوف الكعبة في الموضع الذي صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا من باب كمال المتابعة ان تيسر والا فيصلي الانسان حيث تيسر له من الكعبة. ومن المسائل ايضا ان فيه دليلا على ان اظهار التشريع عند من تقوم بحضورهم البلاغ كاف فلا يشترط بحصول البلاغ ان يكون الراءون او السامعون للبلاغ امما وطوائف كثيرة. فتلك الركعتان انما رآها ثلاثة. بل رآها اثنان. بلال وعثمان بن طلحة. واما اسامة فانه قد ثبت نفيه ومع ذلك اتخذها العلماء تشريعا. وقالوا باستحبابها فاذا هذا يدلنا على انه ليس من كمال التبليغ وليس شرطا وواجبا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يظهر التشريع الى امم وطوائف ذات اعداد كثيرة بل اذا لمن تقوم بهم الكفاية ولو واحدا لكفى. ولذلك كم من الشرائع التي لم يرها منه الا عائشة. رضي الله عنها ذلك نقلتها للامة واتخذتها الامة شريعة يتعبدون الله عز وجل بها. ومن المسائل ايضا لقد ذهب بعض اهل العلم في هذا الحديث مذهبا عجيبا. وهو انهم قالوا ان قول ابن عمر ان قول بلال صلى لا به الحقيقة حقيقة الصلاة الشرعية التي هي الركوع والسجود وتكبيرة الاحرام والتي تحريمها التكبير وتحليلها التسليم لا وانما يراد بها الحقيقة اللغوية التي هي الدعاء. فقوله اصلى اي ادعى وقوله نعم بين عمودين اي دعا بين العمودين. فهم يحملون اللفظة على حقيقتها اللغوية لا الشرعية. فما رأيكم يا طلبة العلم في هذا القول؟ الجواب هذا قول ليس بصحيح. بل الحق ان نحملها على الصلاة ذات الحقيقة الشرعية فان قلت ولم؟ اقول لان المتقرر عند العلماء انه متى ما تعارظت الحقائق الشرعية مع قتل لغوية فان المعتمد هو الحقيقة الشرعية. فالحقيقة الشرعية مقدمة على الحقيقة اللغوية عند التعارف هذه اول قاعدة. وهناك وجه ترجيح اخر وهو اننا لو حملناها على الصلاة الشرعية لكنا قد حملنا اللفظ على ولكن لو حملناه على الصلاة اللغوية فنكون قد حملنا اللفظ على مجازه. والمتقرر عند العلماء ان اللفظ واذا دار بين الحقيقة او المجاز فان حمله على الحقيقة هو الاولى لان الاصل في الالفاظ الشرعية حملها على حقائقها الشرعية وهناك وجه ترجيح ثالث. وهو اننا لو حملنا لفظ الصلاة على الصلاة الشرعية لكنا قد حملنا اللفظ على ظاهره اذ الظاهر المتبادل للذهن انها الصلاة الشرعية. لكن لو اننا حملناه على الدعاء لحملناه وعلى غير ظاهره والمتقرر عند العلماء ان الاصل في الالفاظ الشرعية بقاؤها على ظاهرها. فلا يجوز ان ننتقل عن الظاهر الى معنى اخر الا الا بقرينة. اخر مسألة عندنا وفقكم الله ان فيه دليلا على ان سدانة البيت ولاية باقية لعثمان ابن طلحة وذويه. يعني وذريته فلا يجوز ان تنتزع منهم بحال كالسقاية في بني العباس فانها ولاية من ولايات البيت. وهي باقية في بني العباس الى ان تقوم الساعة. وبذلك قال جميع العلماء ولا نعلم بينهم مخالفة. والله اعلى واعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين