في مملكته عبيدا خاضعين لامره. لا نتقدم على امره لا بقيل وقال ولا بعقل ورأي واجتهاد ولا باستحسان سامج ولا باي شيء. فحيث امرنا فما لنا الا ان نقول سمعنا قال يمين الله في الارض. فهذا دليل على ان ابن عباس لا يقصد حقيقة يمين الله التي هي صفته والملازمة لذاته. فيمين الله من صفاته الذاتية التي لا تنفك عنه لعلنا نقتطع هذا الدرس ان شاء الله عز وجل في شرح حديث عمر رضي الله عنه انه جاء الى الحجر الاسود تقبله وقال اني لاعلم انك حجر لا تضر ولا تنفع فعمر رضي الله عنه انما قبل اتباعا فلو انه قبل بلا دليل لكان الكلام يختلف. ولكنه قبل وعلل هذا التقبيل بانه مجرد متابعة او محض متابعة. فهذا فيه دليل على ان هذا الحكم حكمة عظيمة لكن قد لا يهتدي لها عقلي. اذ عقلك اعجز واحقر وانقص من ان يدرك حكمة الله عز وجل في كل احكامه. فمن جعل مناط الاحكام مبنية الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ وليد بن راشد السعيدان حفظه الله يقدم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله واصحابه ومن والاه واهتدى بهداه واما بعد ولولا اني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك والحديث متفق عليه وانتم تعرفونه ولكن سيكون الكلام عليه في جمل من المسائل المسألة الاولى ان فيه دليلا على استحباب تقبيل الحجر الاسود اذا قدر الانسان عليه وهو من سنن الحج والعمرة اجماعا كما حكى ذلك الاجماع جمع من اهل العلم رحمهم الله. فيستحب للانسان في حج او عمرة في الحج او العمرة اذا امكنه الله عز وجل من الوصول الى الحجر الاسود فانه يقبله فان تقبيله سنة اجماعا المسألة الثانية فيه دليل على ان بركة الحجر الاسود ليست بركة ذاتية منتقلة. وانما هي بركة معنوية لازمة فيه دليل على ان بركة الحجر الاسود ليست من البركات المنتقلة الذاتية وانما من البركة المعنوية اللازمة وقد قسم اهل العلم رحمهم الله تعالى البركة الثابتة بالادلة الى بالادلة الى قسمين. الى بركة معنوية لازمة اي لا تفارق محلها والى بركة ذاتية منتقلة اي تنتقل الى اي جزء جسم مسها والبركة الذاتية المنتقلة انما هي بركة ذات النبي صلى الله عليه وسلم. ولذلك كان الصحابة رضوان الله تعالى عليهم يتبركون بعرقه وبشعره وبفضل وضوءه وبثيابه وبنخامته. كما ثبتت الاحاديث الكثيرة وبركة النبي صلى الله عليه وسلم بركة نافعة في حياته وبعد مماته اذا تيقنا ان هذا الاثر من جملة اثاره وقد انتهت اثاره صلى الله عليه وسلم من من زمن قديم. من زمن الصحابة او من زمن التابعين. لم يعد يوجد شيء من اثاره صلى الله عليه وسلم وما يدعى انه من اثاره هنا وهناك كل ذلك من الكذب. الذي لا يصح نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم وانما يراد به ابتزاز مشاعر المسلمين او اموالهم. فالواجب الحذر. فجميع اثاره صلى الله عليه وسلم من شعره ونعاله وسيفه به وثيابه كل ذلك قد انتهى. وقد فقدته الامة واما البركة المعنوية فهي البركة التي تلازم محلها لا تفارقه مطلقا ولذلك قرر اهل السنة ان بركة الازمنة كزمن رمضان والعشر الاول من ذي الحجة وبركة ليلة القدر كل ذلك من البركة المعنوية اللازمة. وكذلك كل مكان مكان ثبتت فيه البركة شرعا. فان بركة جميع الامكنة كبركة المسجد الحرام ومسجد المدينة والمسجد الاقصى كل ذلك من البركة المعنوية اللازمة كذلك جميع الذوات والاعيان التي ثبت فيها البركة. كبركة القرآن الكريم وبركة ماء زمزم. وبركة المسلم. كل من البركة المعنوية اللازمة. واما البركة الذاتية المنتقلة فانها في ذات رسول الله صلى الله عليه وسلم. والواجب على المسلم الا يخلط بين نوعي البركة لانه حصل بسبب الخلط بينهما بلاء عظيم وشر مستطير لا نزال نعاني اثاره الى هذه فالحجر الاسود حجر مبارك. ولا شك في ذلك ولكن بركته بركة اتباع. فنحن نقبله اتباعا وآآ نشير اليه اتباعا ونستلمه بايدينا او بشيء معنا كعصا ونحوها اتباعا وامتثالا لامر النبي صلى الله عليه وسلم ومن المسائل ايضا فيه دليل على ان الاحكام الشرعية لا تؤخذ الا من الشارع فانه لو لم يقبل النبي صلى الله عليه وسلم الحجر الاسود لما فعله عمر. رضي الله عنه. ولكنه قبل وعلل هذا التقبيل انه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقبله. اذا الاحكام مبنية على اذن الشارع بها. فجميع الاحكام التي لا وراءها برهان من الشارع فانها لا يجوز نسبتها للدين مطلقا. ولذلك اجمع العلماء على ان الاحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للادلة الصحيحة الصريحة ومن المسائل ايضا ان فيه دليلا على استحباب ازالة الوهم الذي قد يعلق في الاذهان مما يخالف الشرع فاذا رأيت انه قد يعلق في بعض اذهان العامة شيء يخالف الشريعة من المعتقدات الفاسدة فالواجب عليك ان تبادر بالاصلاح وذلك ببيان الحكم الشرعي ووجهة دليله فقد بادر عمر رضي الله تعالى عنه الى تصحيح الوهم الذي قد يعلق في اذهان البعض لما رآه يقبل الحجر الاسود فبين لهم ان هذا التقبيل ليس لذات الحجر الاسود وانما هو محض اتباع للنبي صلى الله عليه وسلم. فيستحب للعالم وطالب العلم ان يزيل التوهم الذي قد يعلق في القلب من بعض التصرفات الشرعية اذا خشي من فهمها الفهم المغلوط. ومن المسائل ايضا ان فيه دليلا على ان الشريعة مبناها على الاتباع لا على الابتداع ان الشريعة انما تبنى على الهدى وعلى الاتباع وعلى الاقتفاء لا على الهوى والابتداع والابتداء. فنحن نقتفي ولا نبتدي ونتبع ولا نبتدع ومن المسائل ايضا ان فيه دليلا على وجوب ترك الاعتراظ بالعقل على ما اثبتته السنة فلا يجوز معارضة ما ثبتت به الادلة الشرعية بمجرد العقول والاهواء وذلك لان عمر رضي الله عنه علل هذا التقبيل الذي قد يرفضه العقل بانه محض اتباع ولا شأن للهوى ولا شأن للعقل ولا شأن للرأي ولا للاجتهاد ولا للاستحسانات فيه وهذا فيه رد على الذين يتخوضون بعقولهم في معارضة الادلة الثابتة من الكتاب والسنة وما لهم حجة في ذلك الا لان عقولهم لا تستوعب الحكمة التي تقف وراء هذا الحكم الشرعي فهذا صراط مستقيم سنه عمر رضي الله عنه بانه مهما كان عقلك لا يستوعب الحكمة ولا التعليل من تطبيق هذا الحكم او من تقريره وسنه في شريعة الله فلا يجوز لك ان تعطل تطبيق الحكم لمجرد ان عقلك لا يفقه حكمة التي تقف وراءه ويوضح هذا مسائل ستأتينا ان شاء الله ومن المسائل ايضا ان فيه دليل على انه ليس من شرط امتثال الحكم معرفة حكمته او علته. وهذه هي اصل عظيم عند اهل السنة والجماعة فلا يجوز تعليق تطبيق الاحكام الشرعية على فهم ما يقف وراءها من الحكم والمصالح او العلل. فان من علق تطبيق الاحكام الشرعية او امتثالها بذلك فسيعطل كثيرا من الاحكام الشرعية لاننا لا نجد عقولنا تهتدي الى الحكمة التي تقف وراءها فما العلة من جعل صلاة المغرب ثلاثا مع ان الفجر ركعتين مع ان الفجر ركعتان فقط وكذلك العصر اربع ركعات هل هل تستطيع العقول ان تهتدي الى عين الحكمة والمصلحة الشرعية في ذلك؟ الجواب لا. ومع ذلك لا نزال نطبقه كل يوم لاننا نقدم امر الشارع على عقولنا. ولا نجعل تطبيق امر الشارع وامتثاله مرهونا بمعرفة العقل للحكمة او التعذيب ولذلك خذوها مني قاعدة ليس من شرط امتثال الاحكام معرفة حكمها و عللها الشرعية. فعمر رضي الله عنه قبل هذا الحجر ثم بين للناس انه قبل لمحض الاتباع. ولكن لو سأله احد ما الحكمة التي تقف وراء ذلك لما كان للجواب داع اصلا لان الحكمة الاصلية الاساسية التي يقف المؤمن عندها كما سيأتي انما هي امر الله ورسوله. صلى الله عليه وسلم فاياك ان تجعل الاحكام تابعة لفهم العقل. بل اجعل فهم العقل تابعا لما قررته الشريعة من الاحكام الدليل هو الميزان. والعقل هو الموزون. والدليل هو الاصل والعقل هو الفرع. التابع والدليل هو السيد المطاع. والعقل هو العبد التابع. فاياك ان يتقدم المتبوع التابع على متبوعه تهلك فلا يزال العبد سالما في دينه وعقيدته ما دام الدليل امام عقله فعقله يتبع الدليل حيثما ذهب ذهب معه وحيثما وقف وقف معه. ولكن الضلال هو ان تعكس الامر فتجعل عقلك هو المقدم والدليل هو التابع. فهذا منهج الهالكين والعياذ بالله. ويوضح المسألة الثانية وهي ان الواجب عليك عفوا كم عندكم المسألة السابعة وهي ان الواجب عليك ايها المسلم ان تجعل لكل حكم شرعي علتين علة اصلية اساسية وعلة فرعية ثانوية. يجب عليك ايها المسلم ان تجعل كل حكم من الاحكام الشرعية علتين. علة اصلية اساسية وعلة فرعية ثانوية فرعية. وتجعل تطبيق الاحكام الشرعية مربوطا بالعلة الاصلية الاساسية فقط. فان اهتدى عقلك للعلة الفرعية الثانوية فهذا خير ونور. يهدي الله لنوره من يشاء. وان لم يهتدي عقلك للثانية فيكفيك في تطبيق الحكم العلة في اولى فان قلت وماذا تعني بالعلة الاولى؟ الجواب امر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. فاذا سألك احد لم تفعل هذا؟ قل لانه امر الله ورسوله. لم تتوضأ من لحوم الابل؟ لانه امر الله ورسوله. لم تصلي المغرب ثلاثا والفجر ركعتين لانه امر الله ورسوله. ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ لانه امر الله ورسوله وهذا كاف في تطبيق الحكم وامتثاله. لان المؤمن يعتقد الاعتقاد الجازم الذي لا يخالطه مطلق الريب ان من قرر هذه الاحكام هو الحكيم اسما وذو الحكمة المطلقة المتناهية صفة فلا يخالط قلبه شيء من الريب او التشكيك في احكام الله وفي علم الله وفي خبرة الله وحكمته عز وجل. في انه يقف وراء تطبيق على هاتين العلتين وجعل مناط التطبيق مقصورا على الحكمة الاولى فانه سيرتاح راحة عظيمة وسيطمئن قلبه في تطبيق احكام شريعة الله عز وجل. ومن المسائل ايضا ان فيه دليلا على ان تقبيل الحجر واستلامه والاشارة اليه ليست لامر يرجع الى ذات الحجر وانما يرجع الى تعظيم من امرنا بهذا الفعل. فنحن نقبله لا لتعظيم الحجر في ذاته من حيث هو هو لا وانما من حيث ان الله هو الذي امرنا بهذا التقبيل. فالتعظيم في في هذا التقبيل لا يرجع الى ذات الحجر وانما يرجع الى تعظيم امر الله عز وجل. واستلام الحجر لا يرجع الى تعظيم بذاتي للحجر وانما يرجع الى تعظيم امتثال امر الله تبارك وتعالى فلا يرجع استلامه وتقبيله والاشارة اليه الى تعظيم له في ذاته من حيث هو هو فنحن لا نقبله تعبدا له في ذاته. بل تعبدا لله عز وجل تعظيم امره وذلك يقرب منه سجود الملائكة لادم فان سجودهم ليس تعبد لادم حاشا وكلا وانما سجودهم كان لتعظيم الامر لهم بهذا السجود. والا فثمة في مناسك الحج حجر نقبله وحجر نرميه. فنحن انما قبلنا هذا امتثالا لامر الشارع ورمينا هذا امتثالا لامر الشارع. اذ اننا موجودون في ملك وايش؟ واطعنا بكمال الاذعان وكمال التسليم. وكمال القبول وكمال الانقياد. لا لا نعارض امره بشيء كائنا من كان. كائنا ما كان هذا الامر. ونسأل الله عز وجل ان يوفقنا وان يثبتنا على دينه حتى نلقاه ومن المسائل ايضا ان فيه دليلا على ان التحسين والتقبيح العقلي ليس مناطا لمعرفة مراد الله عز وجل في تشريعه ومسألة التحسين والتقبيح من المسائل التي ابتلي بها اهل القبلة. وانقسم اهل القبلة فيها الى ثلاثة اقسام امن فطائفة قالت ان العقل ليس من ملكاته ادراك حسن الشيء وقبحه وهم الاشاعرة وهذا خطأ. لان الله خلق العقول وجعل من خصائصها ان تدرك حسن الاشياء وقبحها فانت تدرك ان هذا الامر حسن وان لم يأت بتحسينه دليل. لكن يدرك حسنه بعقلك المجرب. وتدرك ان هذا الامر قبيح بعقلك وان لم يرد بتقبيحه دليل. فالذي في هذه الصفة عن العقل ما قدر العقل حق قدره بينما طائفة اخرى ناقضوا الطائفة الاولى المناقضة المطلقة فقالوا ان العقل يدرك حسن الاشياء وقبحها وله الحق الكامل في تشريع ما رآه حسنا والنهي عما رآه او وتحريم ما رآه قبيحا. فيا ليته مقتصروا على الامر الاول بل زادوه حتى عبدوا العقل وجعلوه الها مشرعا. فما رآه العقل حسنا فهو الحسن شرعا وما رآه عقله قبيحا فهو القبيح شرعا. وهم المعتزلة عبدة العقل. فيصح لنا ان نقول ان المعتزل عبدة العقل لانهم ما جعلوا الشرع العقل تابعا للشرع بل جعلوا الشرع تابعا للعقد فحسنه العقل فهو المشروع وان جاء الدليل بنفيه. وما قبحه العقل فهو الممنوع وان جاء الدليل بتقريره وتشريعه بينما اهل السنة والجماعة توسطوا بين الطائفتين. فقالوا ان العقل يدرك الاشياء وقبحها ولكن لا حق له في تشريعها. بلا دليل فقولهم يدرك حسن الاشياء وقبحها رد على الطائفة الاولى الذين نفوا تلك الملكة عن العقل وقولهم ولا حق له في تشريعها فيه رد على ماذا؟ على الطائفة الاخرى التي عظمت العقل حتى جعلته الها متبعا فان قلت ومن اين اخذت هذه الفائدة؟ فاقول ان عمر رضي الله تعالى عنه لم يرى في تقبيل الحجر في حد ذاته امرا يدرك العقل حسنه. ولكن مع ذلك قبل الحجر. تقديما لامر الشارع على مقرري مقررات العقل. فليس الشرع تابعا للعقل. بل العقل هو الذي يتبع الشرع فاذا خلاصة مذهب اهل السنة في مسألة التحسين والتقبيح العقليين تقول او يقول العقل يدرك حسن الاشياء وقبحها ولكن لا حق له في سنها وتشريعها بلا دليل. ومن المسائل ايضا قوله حجر قل لا تضروا ولا تنفع. اي بذاتك وقدرتك فهذا حجر كسائر الاحجار. لا يملك باعتبار ذاته تصريفا ولا تدبيرا ولا نفعل ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا. ولا يمكن ان نعتقد في يوم من في الحجر الاسود او غيره من احجار الارض انها تملك شيئا من ذلك. فقوله لا تضر ولا تنفع اي بذاتك قدرتك وان كان امتثال امر الشارع فيه ينفع في الجزاء في الاخرة فانتفاعنا بالحجر الاسود انما هو انتفاع امتثال. انما هو انتفاع امتثال فنحن انما نقبله رجاء. ذلك الثواب الذي يأتينا بامتثال امر الشارع فيه لا تضر ولا تنفع اي بذاتك وقدرتك لكن انا اطلب النفع والثواب والجزاء اذا ممن امرني باستلامك. ومن المسائل ايضا اجمع العلماء رحمهم الله تعالى على انه لا يقبل ولا يستلم شيء من الاحجار على وجه الارض الا الحجر الاسود فيقبل ويستلم او يشار اليه والركن اليماني يستلم فقط ولكن لا يقبل ولا يشار اليه. واما ما عدا هذين الحجرين فانه لا يقبل ولا يستلم ولا يشار اليه. عليكم السلام ورحمة الله وبركاته هذا باجماع العلماء رحمهم الله تعالى واجمع العلماء ايضا على انه لا يطاف بشيء من الاحجار الا بالبيت العتيق خاصة وان الطواف حولها ليس لذا فيها. فاننا نعلم ان احجار الكعبة احجار لا تضر ولا تنفع وانما نحن نطوف عليها امتثالا لامر من؟ لامر الله تبارك وتعالى لامر الله تبارك وتعالى. ومن المسائل ايضا لقد قرر الفقهاء قاعدة في الحج يدخل تحتها تقبيل الحجر الاسود وغيره من سنن الحج قولوا هذه القاعدة كل سنة في الحج ادى فعلها الى مفسدة فالمشروع تركها كل سنة في الحج ادى فعلها الى مفسدة فالمشروع تركها بمعنى ان تقبيل الحجر الاسود وان كان سنة باجماع العلماء الا ان الانسان لا ينبغي ان يتقحم الامر الحرام في سبيل تحصيله التقبيل. فان من الناس من يضرب هذا ويزاحم المزاحمة التي ترجع عليه او على غيره بالضرر والخطر. وربما يرفع صوته في سب هذا او شتم هذا فيتقحم امورا محرمة من اجل تحصيل سنة وهذا من الخطأ في تطبيق شريعة الله. فان المتقرر عند العلماء انه اذا تعارض مصلحتان روعي اعلاهما بتفويت ادناهما. واذا تعارض مفسدة ومصلحة وكانت المفسدة اربى من المصلحة. فدروا المفاسد مقدم في هذه الحالة على جلب المصالح. فلا ينبغي ان تجعل مصلحة التقبيل قاضية على تلك المحرمات التي نراها واقعة وشاهدة بل ولا نكاد نحج او نعتمر الا اراها من السباب والشتائم والمزاحمة التي تعرض الانسان للخطر. او لغير او غيره للخطر. بل ان نحن رأينا ورأيتم من يحمل وقد اغمي عليه بسبب شدة المزاحمة. فاذا كان الحجر متيسرا او بمزاحمة يسيرة لا تفضي الى شيء من الحرام فلا بأس ولا حرج. واما ان قحم الانسان في سبيل تحصيل هذه السنة الامور المحرمة فان هذا ليس من الدين في صدر ولا ورد. ومن مسائلي ايضا لقد قرر العلماء رحمهم الله تعالى ان السنة في تقبيل الحجر الاصرار بتقبيله الاصرار بتقبيله. بمعنى الا يرفع صوته في قبلته. وقد روى الامام الفاكهي رحمه الله تعالى عن سعيد بن جبير قال اذا قبلت الحجر فلا ترفع صوتك بها كما تقبل النساء اذا قبلت الحجر الاسود فلا ترفع صوتك بها كما يقبل الزوج زوجته. فلابد من التنبيه لذلك. ومن المسائل ايضا فيه دليل على قاعدة اصولية عظيمة. وهي ان الاصل في افعال النبي صلى الله عليه وسلم التشريع. فكل فعل فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فالاصل انه ما فعله الا تشريعا. بدليل ان عمر علل هذا التقبيل بانه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقبله. فكان الصحابة يأخذون التشريع من افعاله هذا من جملة الادلة الدالة على هذه القاعدة العظيمة. ويستفاد منها في الفعل الذي اختلف فالعلماء في وجهته اهو فطري جبلي ام من باب الموافقة ام من باب الخصوصية ام من باب التشريع؟ فيأتي الطالب فيقول الاصل اننا نحمله على التشريع ولا نخرج عن دائرة كونه تشريعا الا بقرينة تخرجنا. اذ الاصل هو البقاء على الاصل حتى يرد الناقل. ومن المسائل ايضا ان قلت ما الذي حمل عمر رضي الله عنه على ان يقول هذا القول انما انت حجر لا تضر ولا تنفع. ما الداعي الى قوله يا امير المؤمنين؟ الجواب قال الامام الطبري رحمه الله تعالى انما فعل عمر ذلك انما فعل عمر ذلك بان الناس كانوا حديث عهد بعبادة الاصنام. اي من اسلم حديثا في عصره. اي من اسلم حديثا انما فعل عمر ذلك لان الناس كانوا في عهد بعبادة الاصنام. فخشي عمر ان يظن الجهال ان استلام الحجر من باب تعظيم الاحجار. كما كانت تعتقده في الاوثان. هذا هو الداعي لهذا القول من امير المؤمنين ففيه دليل على انه يجب تبيين ما قد يشكل او يوهم على العامة حتى لا يعتقدوا خلاف طوابي فيه. ومن المسائل ايضا هناك حديث عندنا قد حسنه بعض اهل العلم مرفوعا وصححه بعضهم موقوفا. وهو حديث ابن عباس قول النبي صلى الله عليه وسلم الحجر الاسود يمين الله في الارض. فمن قبله او صافحه فكأنما بل قبل يمين الله وصافحه هذا الحديث فيه كلام بالنظر الى اسناده ولكن مع التسليم بكونه حديثا حسنا بكونه حديثا حسنا فان من الناس من رده لانه يتعارض مع العقل. لانه ظن ان الحديث يثبت حلول يمين الله عز وجل في الحجر الاسود والعقل يفرض انه ليس في شيء من المخلوقات من ذات الله شيء كما انه ليس في ذات الله من ذوات مخلوقات شيء فكيف يقول الحديث بان من استلم الحجر فكانما استلم يمين الله ومن قبل الحجر فكان ما قبل يمين الله فهذا يثبت عقيدة الحلولية. فردوا هذا الحديث بناء على هذا الفهم. وهذا اما غلط. فاننا ان سلمنا حسن الحديث وبلوغه رتبة الاحتجاج فاننا نجيب وعن فهمهم هذا بجوابين. الجواب الاول الجواب الاول ان ابن عباس رضي الله ذاته لا ازلا ولا ابدا. فهذا كقولنا الحاكم ظل الله في الارض العالم نور الله في الارض. النبي رحمة الله في الارض. فنحن لا نقصد الرحمة التي هي صفته ولا نقصد النور الذي هو صفته. افهمتم؟ وانما نعني شيئا اخر فاذا قول ابن عباس يمين الله في الارض تقييده هذا دليل على انه لا يريد ان يمين الله هي صفة ذاته قد حلت في الحجر الاسود. وانما يقصد بها ما يعني من كلام من اهل العلم الدارج الحاكم ظل الله في الارض الى اخره والجواب الثاني يوظح الجواب الاول وهو انه قال فمن قبله او صافحه فكأنما قبل الله قبل يمين الله وصافحها. وقوله كانما هذا اسلوب تشبيه ومن المعلوم المتقرر في قواعد العربية ان المشبه ليس هو المشبه به فمن قبل الحجر فكأنما قبل يمين الله. ومن استلم الحجر فكأنما صافح الله عز وجل هذا اسلوب تشبيه كقول كقوله صلى الله عليه وسلم اول زمرة يدخلون الجنة وجوههم كالبدر. هل يقصد بذلك كالبدر في استدارته واضاءته والجبال التي عليه حقيقة؟ الجواب لا فالمشبه ليس هو عين المشبه به فان قلت وما الداعي؟ لقول ابن عباس هذا اصلا فنقول قاله جريا على عادة الرعية اذا فدخلوا على الملوك فان الرعية اذا دخلوا على ملوك زمانهم في الارض فانهم يقبلون ايديهم ثم يصافحونها فاقام الله عز وجل تقبيل الحجر الاسود في ارضه. واستلامه بمنزلة هذه الصفة الملكية بمنزلة هذه الصفة الملكية. اذ لا يستطيع احد ان يصل الى تقبيل يمين الله ولا مصافحة يمين الله التي هي ذاته تعالى الله عز وجل عن ذلك علوا كبيرا. فاقام استلام الحجر وتقضي له في ارضه هذا المقام. افهمتم؟ فاذا لا اشكال في هذا الحديث على هذين التخريجين فان قلت وهل صح ان الحجر الاسود من جملة حجارة الجنة وانه كان ابيض ولكن سودته خطايا بني ادم؟ هل صح ذلك؟ الجواب نعم قد ثبت ذلك وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في جامع الامام الترمذي باسناد جيد من قول النبي صلى الله عليه وسلم نزل الحجر الاسود من الجنة ابيض من الثلج. فسودته خطايا بني ادم نزل الحجر الاسود من الجنة ابيض من الثلج. فسودته خطاياه بني ادم. ولما سمع بعض الملاحدة ولما سمع بعض الملاحدة هذا اعترض عليه فقال كيف سودته خطايا بني ادم ولم تبيضه حسناتهم كيف سودته خطايا بني ادم ولم تبيضه حسناتهم. اوليس لبني ادم حسنات؟ فاجاب العلماء عن ذلك بجوابه. الجواب الاول ان الله تبارك وتعالى قد ترى عادته في الالوان ان السواد يصبغ ولا ينصبغ. ان السواد يصبغ ولا بمعنى انه يخفي غيره من الالوان ولا تستطيع غيره من الالوان تخفيه الا بكلفة. وهذا معروف لديكم فان السواد يصبغ غيره لكنه لا ينصبغ بلون اخر. كذا ذكره امام الحافظ في الفتح رحمه الله تعالى. ولكن عندي جواب اخر. وهي ان العبرة او نقول ان متقررة عند العلماء ان العبرة بالكثير الشائع لا بالقليل النادر. واغلب بني ادم على غير الهدى وما اكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين وان تطع اكثر من في الارض يهدوك ولا ماذا قال؟ يضلوك عن سبيل الله. لكن اهل الايمان قليل. وما امن معه الا قليل وقليل من عبادي الشكور. ومن سنة الله الكونية ان الكثير هو الذي يغلب القليل عادة الا بامر من الله عز وجل. كالفئة القليلة المجاهدة امر الله تغلب الكثيرة. والا فالعادة ان الكثرة تغلب القلة. فبقي الحجر الاسود يسود على مر الزمان وتعاقب الدهور بسبب كثرة الخطايا من بني ادم. واما اهل فانهم قليلون افهمتم هذا الجواب؟ فهمتم ويدلك على صحة ما قلته. قول النبي صلى الله عليه وسلم وما انتم اي اهل الحق في اهل للشرك الا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الاسود او كالشعرة الحمراء في جلد الثور الاسود او كما قال صلى الله عليه وسلم. فاذا كيف يرجو الانسان ان ترجع ان يرجع ذلك البياض الذي نزل عليه الحجر الاسود مع كثرة اهل الشرك والوثنية والبدع والشهوات معاصي واما اهل ومع قلة اهل الطاعة. وكما قيل وقد كانوا اذا عدوا قليل فقد صاروا اقل من القليل. فان قلت وهل ثبت ان هذا الحجر يشهد يوم القيامة لمن استلمه هل ثبت ان هذا الحجر الاسود يشهد يوم القيامة لمن استلمه اقول نعم قد ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. وذلك فيما رواه ابن عباس رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم والله ليبعثن الله يوم القيامة هذا اي الحجر. له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به يشهد على كل من استلمه بحق. وقد اخرج هذا الحديث الامام الترمذي في جامعه وابن ماجه في سننه باسناد حسن وقواه الامام الحافظ رحمه الله تعالى ان قلت وهل استلامه سبب لتكفير الخطايا؟ وهل استلامه سبب لتكفير الخطايا الجواب نعم. وقد ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم كما ففي حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما. قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ان مسح فهما اي الركنين اليمانيين. ان مسحهما يكفر الخطايا. كما اخرج ذلك الامام الترمذي في جامعه وحسنه وصححه الحاكم ووافقه الامام الذهبي. ولعلنا نكتفي بهذا القدر والله اعلى واعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد