اعظم القربات وافضل الطاعات التي من هدي اليها ووفق ووفق اليها هدي الى خير كثير. فان القول هو المعبر عما في القلب. القول هو العنوان الذي يدل على صاحبه. وكما قل هذه سبيلي الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحانك بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين مرحبا بكم معشر المؤمنين والمؤمنات ومن بلغ في هذا المجلس الرابع من سلسلة المحاسن التي نتحدث فيها عن محاسن الاخلاق والاعمال. وفي هذا المجلس سوف نتحدث عن موضوع شريف لطيف يغفل عنه كثير من الناس حتى لربما غفل عنه بعض الصحابة حتى نبههم النبي صلى الله عليه سلم اليه الا وهو حسن القول حسن المنطق. فقد علم النبي صلى الله عليه وسلم معاذ ابن جبل رضي الله عنه جملة من امور الدين. ثم قال له الا اخبرك بملاك ذلك كله؟ قال بلى يا رسول الله قال امسك عليك هذا واشار الى لسانه فقال معاذ يا رسول الله وانا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال قال ثكلتك امك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم او قال على حصائد السنتهم او قال على اخرهم الا حصائد السنتهم. فامر ربما خفي على بعض كبار اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في وقت من الاوقات حري بان يخفى على كثير من احادي المسلمين ايها الاخوة ايتها الاخوات ان حسن المنطق من لسان الفتى نصف ونصف فؤاده فلم يبقى الا صورة اللحم والدم. لسان الفتى نصف ونصف فؤاده فلم يبق الا صورة اللحم والدم. فهذا اللسان الذي يلوج بين فكيك يمكن ان يبلغ بك اعلى المراتب ويمكن ان يهوي بصاحبه الى احط الدركات. جاء في حديث الحارث بن بلال المزني رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى لا يظن ان تبلغ ما بلغت يرفعه الله بها اعلى الدرج وان العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى لا يظن ان تبلغ ما بلغت تهوي به في النار سبعين خريفا ان اللسان ايها الكرام هو مغراف القلب. فيجب ان ان يكون معبرا حقيقيا عما يكنه صاحبه اعتقده من العقائد الصحيحة. ولهذا تأملوا لا يتم ايمان امرئ الا بالقول مع العمل. فالايمان قول وعمل الايمان قول القلب واللسان وعمل القلب واللسان والجوارح. وقد امر الله تعالى آآ نبيه صلى الله عليه وسلم بالقول فقال قل امنا بالله وما انزل علينا وما انزل على ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباق وما اوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون. وامر بذلك عموم المؤمنين فقال قولوا امنا بالله وما انزل الينا وما انزل الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط وما اوتي موسى وعيسى وما اوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون. وقال على وجه الخصوص لنبيه وقل امنت بما انزل الله من اذا القول ركن من اركان الايمان ولما جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله دلني الى امر اتشبث به قال قل امنت بالله ثم استقم. ولم يزل الله سبحانه وتعالى يثني على المؤمنين باقوالهم فيقول سبحانه ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا. تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا ولو تأملنا ايها الكرام القول في القرآن لوجدنا ان الله تعالى اعتنى به غاية العناية. تأملوا كيف اخذ الله ميثاقه على بني اسرائيل قال واذ اخذنا ميثاق بني اسرائيل لا تعبدون الا الله وبالوالدين احسانا وذي القربى واليتامى والمساكين ما هذا وقولوا للناس حسنا. فامرهم فيما اخذ عليهم من الميثاق ان يقولوا للناس قولا حسنا. وخص الله هذه الامة بمزيد مزية. فقال وقل لعبادي يقولوا التي هي احسن. واحسن ابلغ من اسمع وقل لعبادي يقولوا التي هي احسن ان الشيطان ينزغ بينهم ان الشيطان كان للانسان عدوا مبينا. ذلك ان قول ايها الكرام يؤثر في النفوس تأثيرا بالغا. والكلمات مغناطيس القلوب. فمن وفق للكلم الطيب اللطيف فانه يأخذ بمجامع القلوب. ومن كان كلامه فظا غليظا نزرا فانه ينفر القلوب. هذا امر يشهد به الواقع قبل ان تشهد به النصوص وآآ لهذا عبر بعضهم عن هذا المعنى بقوله تقول هذا مجاج النحل تمدحه وان تشاء قلت الزنابير مدحا ودما وما جاوزت وصفهما. والحق قد يعتريه سوء تعبير. قد يعبر الانسان عن القضية الواحدة بكلمات حسنة جميلة فيكتسب الاقناع. وقد يعبر عنها بكلمات فظة غليظة فيؤدي ذلك الى الرد والرفظ تقول هذا ميجاج النحل تمدحه وان تشاء قلت ذا قي الزنابير مدحا وذما وما جاوزت وصفهما الحقيقة والحق قد يعتريه سوء تعبير. ونجد ان الله سبحانه وتعالى يعول ويأمر بالقول الحسن. تأملوا ان الله سبحانه وتعالى قال ولا تؤتوا السفهاء اموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفة اي ان هؤلاء السفهاء الذين لم يبلغوا سن الحلم وسن الرشد اذا ارادوا اموالهم من ابائهم فاننا نردهم ردا حسنا. ونقول لهم قولا معروفا لنطيب نفوسهم. ولا نمنعهم ونزجرهم سيقع ذلك حسرة في نفوسهم. بل قال سبحانه واذا حضر القسمة اولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفة فالقول المعروف هو القول الحسن القول اللطيف الذي يترك اه اثرا حميدا في نفس اه محدثك ويقال من التراث ان ملكا من الملوك رأى في المنام كأنما تساقطت اسنانه فطلب لذلك المعبرين فجعل كل معبر يقول ايها الملك يموت اهلك كلهم بهذا تعبر هذه الرؤيا يعني انه سقوط الاسنان كناية عن هلاك آآ افراد اسرته. فكان من عبر له هذه الرؤيا بما يسوؤه يقتله حتى وفق بمعبر فلما حدثه بذلك قال ابشر ايها الملك فانك تعمر فتكون اخر اهلك موتا بذلك سرورا بالغا واجزل له العطية. مع ان القضية واحدة والمؤدى واحد. لكن حسن المنطق يؤثر تأثيرا بالغ والقول الحسن ايها الكرام اه يبني المحبة ويستنبت المودة بين المؤمنين فاذا كان الانسان لطيفا في منطقه ينتقي آآ اطايب الكلام ولطائفه فان هذا يعقد المحبة في قلوب الاخرين مع ان ذلك لا يكلفه كثيرا. لا يكلفه شيئا. الحروف الهجائية ثمانية وعشرون حرفا. فيمكن ان تصفها بطريقة لبقة فتكتسب بذلك مودة الناس. ويمكن ان تبعثرها ولا تبالي بما تهرف. فيورثك بغينا وبغضة من الناس. واخص واحق من اختيرت له الكلمات هما الوالدان. كما سمعنا في تلاوة امامنا وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا. اما عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما اف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما فالوالدان هما احق من توجهت اليهما بالكلم الطيب اللطيف الرقيق المنتقى بعناية فائقة وبعض الجفاة وللاسف حينما يكلمون والديهم يكلمونهم بفظاظة وغلظة وربما عبروا عنهم بكلمات لا تليق فهذا لا ريب انه من العقوق فينبغي للموفق ان يختار الكلمات اللطيفة ثم انه قال بعد ذلك في معرض الايات وقل لهم قولا ميسورا. ارأيتم كيف ان القرآن مليء بالتعبير عن القول باكرم الاوصاف. قولا كريما. قولا معروفا. قولا سديدا ونحو ذلك من الكلمات التي تدل على ان القول امر مهم. كثير ايها الكرام من المشكلات الزوجية والاخوية التي تؤدي الى تفكك البيوت وانحلال العرى واغار الصدور ترجع الى امر القول والكلام لا يبالي بعض الناس بكلامه فيطلق الكلام على عواهنه فيخدش به النفوس ويطعن به الافئدة ولا يشعر بذلك فيؤدي ذلك الى الى الفرقة. كم من زيجة اه ادت الى الفراق والطلاق بسبب بذاءة لسان من زوج او اه اه عدم اكرام من زوجة فاوغر ذلك صدر احدهما على الاخر فادى به الى الطلاق ولو ان الزوج اذا كلم زوجته تلطف معها بالكلام والان لها القول ولو ان الزوجة اذا كلمت زوجها اكرمته وحشمته واشعرته بقدره لتقشع كثير من المشكلات الزوجية. والعامة تقول عندنا وهي كلمة يعني واقعية الكلام اللين يغلب يغلب الحق البين ولهذا يعني نصيبه من الصحة فان الكلام اللين يأسر القلوب ويطمئن النفوس ويرضيها ويحملها على قبول ما لم تقبله لو قيل لها بطريقة اخرى. ايضا العلاقات التي تجري بين الناس كثير من الاوامر الاخوة والصداقة انفضت ونقظت بسبب كلمة وعبارة لم يحسب لها صاحبها حسابا القاها دون ان يبالي فوقعت موقعا سيئا من نفسي متلقيها فادى ذلك الى الخصومة واساءة الظن نحن بحاجة ايها الكرام ويا ايتها الكريمات الى ان نضبط السنتنا وان نعقلها عن ان تفوها بما لا يليق تأملوا كيف ان الله سبحانه وتعالى علق بامر القول جملة من الاداب في سورة الحجرات التي هي سورة الاداب يقول الله عز وجل يا ايها الذين امنوا لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم ولا من نساء عسى ان يكن خيرا منهن. السخرية هي عبارة عن وظيفة اللسان. حينما يتفكه بعض الناس ويتكأ على اريكته ويطلق لسانه بالنكت التي لا يبالي بها يسخر بها بفلان ويسخر بعلان او حينما تجتمع نسوة فيأخذن بالسخرية من فلانة وعلانة. هذه من اعظم حصائد الالسنة التي تجر صاحبها الى النار. ثم ماذا قال بعد ذلك يقول الله عز وجل ولا تنابزوا بالالقاب. لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كان عند الاوس والخزرج عادة سيئة فاشية بينهم وهي انه لا يعرف بعضهم بعضا الا بالالقاب التي نسميها نحن في لهجتنا المعايير. فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك نهاهم عنه وحملهم على على القاب الحسنة بل انه غير بعض الاسماء. كان هناك رجل يسمى جعيل. تصغير جعل فسماه عمرو. وقال احدهم سماه من بعدي واصبح للبائس يوما ظهره. فكان لدى النبي صلى الله عليه وسلم حس مرهف يدرك اثر الكلمات على النفوس. وانزل الله تعالى ولا تنابزوا بالالقاب. بئس الاسم الفسوق بعد الايمان. ومن لم يتب فاولئك هم الظالمون وما اكثر ما يجري التنابز بالالقاب بين الناس. بعض الناس يعير بعضا اما بلونه واما ببلده اما بجنسه واما بقبيلته واما بكذا وكذا وكذا وكلها من جثاء جهنم من دعا بدعوى جاهلية فهو من جثام جهنم وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التفاخر بالاحساب والانساب وعدها من عبدية الجاهلية موطن ذلك هو اللسان. فعلى الانسان ان يضبط لسانه. ومن افات اللسان عافانا الله واياكم. الورطة التي لا يكاد يسلم منها الا من رحم الله الا وهي الغيبة قال الله عز وجل ولا يغتب بعضكم بعضا. ايحب احدكم ان يأكل لحم اخيه ميتا فكرهتموه. فان الغيبة مع حسن القول. ينبغي ايها الكرام ان يكون الانسان عف اللسان. كريم المنطق اذا تكلم عن امر ما عن شخص ما عن ظاهرة ما ان يتكلم بعدل واحسان واعتدال والا آآ في الكلام وتأخذه العاطفة فيتخوض في اعراض الناس ويقع بهم خلاصة القول اننا علينا ان نربي انفسنا ايها الكرام ويا ايتها الكريمات على حسن القول. فان ذلك من اكرم الاخلاق واحسن الصفات. وهذا ليس بالامر المستحيل. فلو قدر ان انسانا نشأ في بيئة تعودت على البذاءة في القول فيمكنه ان يتدارك نفسه. وان يقيم على لسانه حارسا. بحيث يصاب في الكلمات التي ترد على لسانه. ومع مع الوقت ومع التزكية سوف يصل الى درجة من الذوق والحس المرهف ما يوفق فيه الى الكلمات المحببة اللطيفة ويتخلص من الكلمات المحددة التي تخدش وتخمش النفوس. وهذا يورثه محبة الله ومحبة عباد الله والله سبحانه وتعالى المسؤول ان يهدينا واياكم لاحسن الاقوال واحسن الاعمال فانه لا يهدي لاحسنها الا هو وان يصرف عنا وعنكم سيء الاقوال وسيء الاعمال فانه لا يصرف سيئها الا هو والحمدلله رب العالمين قل هذه سبيلي على بصيرة انا ومن تبعني وسبحان