واعلم ان افعال النبي صلى الله عليه وسلم بالنسبة للتأسي به على اقسام ثلاثة. القسم الاول ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل الجبلة والطبيعة. او بمقتضى العادة كالاكل والشرب والنوم واللبس وما اشبه فهذا لا حكم له في ذاته. لان جميع البشر يأكلون ويشربون وينامون. لكن قد يكون فيه صفة تحبة او قد يكون مأمورا به لسبب او منهيا عنه لسبب. فمثلا الاكل من حيث هو هو مباح وهو من ما تقتضيه الطبيعة والجبلة لكن نقتدي بالنبي عليه الصلاة والسلام في اوصاف هذا الفعل بان نسمي الله تعالى عند الاكل وان نأكل باليمين وان نحمد عند الفراغ. وهكذا الشرب وهكذا النوم نتأدب بالاداب التي جاءت بها السنة. عن النبي صلى الله عليه وسلم وهكذا ايضا في لباس اللبس من حيث هو هو مباح. ولكن يكون فيه صفة نقتدي ونتبع فيها النبي صلى الله عليه وسلم. القسم الثاني من افعاله عليه الصلاة والسلام ما فعله على وجه التعبد. وظهر لنا فيه معنى التعبد اننا نقتدي به ونتأسى به كافعال الصلاة وكذلك افعال الحج وكذلك ما يفعله في صيامه وفي قيامه وفي سائر احواله لان الاصل هو التأسي به والاقتداء به. والقسم الثالث ما كان خاصا بالرسول صلى الله عليه وسلم وهذا لا بد ان يقوم دليل على خصوصيته بذلك. والا فان الاصل هو التأسي به. قال الامام احمد رحمه خص النبي صلى الله عليه وسلم بواجبات ومحرمات وكرامات ومباحات. فاما الواجبات التي يخص بها النبي صلى الله عليه وسلم. فمنها ان الله تعالى اوجب عليه قيام الليل. كان قيام الليل واجبا على الرسول صلى الله عليه وسلم. ولهذا قال الله تعالى ومن الليل فتهجد به نافلة لك. ومنها السواك كان واجبا على الرسول صلى الله عليه وسلم ايضا خصه الله عز وجل بكرامات بان اكرمه دون بقية الامة. ومن ذلك ان الله عز وجل اعطاه جوامع الكلم. واختصر الله واختصر له الكلام اختصارا. وجعلت امته خير الامم. والى ذلك من الامور التي اكرم الله عز وجل بها النبي صلى الله عليه وسلم. ثالثا خصه الله عز وجل بمحرمات يعني دون غيره. فمن ذلك الرمز بالعين يعني الاشارة بالعين. قال النبي عليه الصلاة والسلام ما كان بنبي ان تكون له خائنة الاعين. وكذلك ايضا المنع من اكل من الصدقة. انا ال محمد لا تحل لنا صدقة وانما هي اوساخ الناس. رابعا خصه الله تعالى بمباحات يعني بامور اباحها له دون غيره. واكثر في النكاح. ولهذا ذكر فقهاؤنا رحمهم الله كصاحب الاقناع وغيره ذكر خصائص النبي صلى الله عليه وسلم في باب فقال كتاب النكاح وخصائص النبي صلى الله عليه وسلم. وانما ذكرها الفقهاء في كتاب النكاح بان اكثر خصائصه تتألق بالنكاح. فمن ذلك اعني من خصائصه في النكاح انه يتزوج بلا ولي. لانه بالمؤمنين من انفسهم ويتزوجوا بلا عدد. وكذلك ايضا من خصائصه في النكاح. جواز نكاح الهبة بالنسبة له يعني ان تهب المرأة نفسها للرسول صلى الله عليه وسلم. ولهذا قال الله تعالى يا ايها النبي انا احللنا لك ازواج كالاتي اتيت اجورهن وما ملكت يمينك مما افاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك التي هجرن وامرأة مؤمنة يعني واحللنا لك امرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي ان اراد النبي ان يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين. فتبين بهذا ان ان الاصل في افعال النبي عليه الصلاة والسلام التأسي به الاقتداء به حتى يقوم دليل على ان هذا الفعل او على ان هذا القول من ذكر او غيره انه خاص به