الحمد لله معز من اطاعه واتقاه ومضل من خالف امره وعصاه له من الحمد اسماه ومن الشكر اسناه ومن الثناء الحسن منتهاه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ولا رب لنا سواه ولا نعبد الا اياه واشهد ان محمدا عبده ورسوله وخليله ومجتباه وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهداه وسلم تسليما كثيرا الى يوم لقياه اما بعد فاتقوا الله عباد الله اتقوا الله حق التقوى. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته. ولا تموتوا ثم الا وانتم مسلمون. ومن يتق الله يجعل له مخرجا. ويرزقه من حيث لا يحتسب. ومن يتق الله يجعل لعله من امره يسرا ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له اجرا عباد الله حديث في هذه الخطبة عن امر وقع فيه التساهل من كثير من الناس مع عظيم شأنه وخطره الا وهو التساهل في اليمين بالله تعالى او في عقد النذر وعدم الوفاء به والتساهل في اليمين يكون اما من جهة الحلف بالله كاذبا او الحلف بالله صادقا عن حنث في ذلك وعدم اخراج الكفارة او من جهة الحلف بالله تعالى في كل صغيرة وكبيرة او كثرة الحلف بالطلاق والتساهل بالنذر يكون في عدم الوفاء بالنذر بعد عقده واليمين في الاصل هي توكيد الشيء بذكر معظم مصدرا بحرف من حروف القسم وهي الواو والباء والتاء والهمزة كأن يقول والله او بالله او تالله او الله. واما الحلف بغير الله تعالى فقد قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم من حلف بغير الله فقد كفر او اشرك ومن ذلك ما يلحظ من بعظ الناس الذين يحلفون بالنبي عليه الصلاة والسلام فان الحلف بالنبي لا يجوز وهو عليه الصلاة والسلام لا يرضى بذلك والواجب على من سمع احدا يحلف بالنبي ان ينكر عليه وان يبين ان ذلك محرم وان الحلف لا يكون الا بالله لان كثيرا ممن اعتاد الحلف بالنبي قد نشأ على ذلك وتعودت السنتهم عليه فهم بحاجة للتوجيه والارشاد وبيان ان الحلف لا يجوز الا بالله تعالى واما الحلف بالله كاذبا فهذه هي اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في الاثم ثم في النار نسأل الله السلامة والعافية وقد ورد فيها الوعيد الشديد واسوأ ما تكون اذا كانت في مجال خصومة وترتب عليها اقتطاع حق امرئ مسلم وحكم القاضي لهذا الحالف بموجب هذه اليمين فانه في الغالب في الغالب ان هذا الذي قد حلف عقوبته معجلة يعاجل بالعقوبة ولا يمهل. ولقد سمعتم عن قصص كثيرة في الماضي والحاضر عن اناس وقعوا في ايمان فعوجلوا بعقوبات اما بهلاك واما بامراض مستعصية واما بفقد عزيز او بغير ذلك وقد جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما في القسامة في شأن الذين حلفوا بايمان القسامة وهم كاذبون انهم لم يمر عليهم عام وفيهم عين تطرف اي انهم هلكوا جميعا والقصص في هذا مشهورة ومتواترة وذلك لان الحلف بالله كاذبا الذي يقتطع بسببه حق امرئ مسلم ذنبه عظيم فيعاجل صاحبه بالعقوبة غالبا في الدنيا قبل الاخرة وقد يمهله الله تعالى والله تعالى جعل الدنيا ليست بدار عدالة بل فيها ظالم ومظلوم واما دار العدالة المطلقة فهي الدار الاخرة. وقد يمهل الله الظالم الى يوم القيامة. كما قال سبحانه ولا تحسبن الله عما يعمل الظالمون انما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار عباد الله ان الحلف بالله كاذبا يدل على قلة تعظيم الله في القلب وعلى الاستهانة بذكر اسم الله تعالى في موطن الكذب وعلى الجرأة على رب العالمين. يقول الله تعالى ان الذين يشترون بعهد الله وايمانهم ثمنا قليلا. اولئك لا خلاق لهم في الاخرة. ولا يكلمهم الله ولا ينظر اليهم يوم القيامة. ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم فانظروا الى هذا الوعيد الشديد في حق من يحلف بالله كاذبا ومن الايمان الفاجرة ان يحلف بالله كاذبا لترويج سلعته وهذا ذنب عظيم وسبب لمحق البركة في الكسب الذي كسبه بهذه الايمان الفاجرة. يقول النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر اليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم. قالها ثلاث فقالوا يا رسول الله من هم فذكر منهم المنفق سلعته بالحلف الكاذب اي الذي يروج سلعته بالايمان الكاذبة ومن التساهل بالايمان الاكثار منها حتى وان كان الحالف صادقا فان الذي يكثر من اليمين قد يجره ذلك لان يحلف كاذبا او ان يتساهل فيها او ان يتساهل في الوفاء بالكفارة كفارة عند الحنف في اليمين فينبغي للمسلم ان يعظم شأن اليمين وان يصون يمينه والا يحلف الا عند الحاجة. ولهذا لما ذكر الله تعالى كفارة يمين بقوله ولا كي يؤاخذكم بما عقدتم الايمان فكفارته اطعام عشرة مساكين قال في اخر الاية واحفظوا ايمانكم قال ابراهيم النخعي رحمه الله كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن الصغار وهذا فيه تأديب السلف لاولادهم على تعظيم الله عز وجل وعلى صون اليمين. فان الشهادة والعهن يجب ان يقترن بالتعظيم لله سبحانه وتعالى وهكذا اليمين ففيها تعظيم لله عز وجل عباد الله وقد ذكر الله تعالى في عدة مواضع من القرآن ان كثرة الحلف انها من صفات المنافقين انها من صفات المنافقين او الكافرين وقال سبحانه ولا تطع كل حلاف اي كثير الحلف كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم. وقال عن المنافقين اتخذوا ايمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله ويحلفون بالله انهم لمنكم وما هم منكم يحلفون لكم لترضوا عنه فذكر الله تعالى كثرة الحلف عن الكفار وعن المنافقين. فينبغي للمسلم ان يبتعد عن التشبه بهم ان من الناس من لا يكاد يتحدث بحديث الا ويقرن حديثه بالحلف بالله وهذا يتشبه اولا بما ذكره الله تعالى من الكفار والمنافقين ثم ان ذلك يجره اما الى الحلف كاذبا او الى عقد ايمان والحنف فيها وعدم اخراج كفارتها ثمان كثرة الحلف من الانسان تدل على عدم ثقة الانسان في قوله وحديثه اذ ان الانسان الواثق لا يحتاج في الغالب الى تأكيد صحة حديثه بالحلف عباد الله ومما يكثر التساهل فيه الحلف بالطلاق فان بعض الناس يرى ان من المرجلة وان من الكرم او ان الناس لن تصدقه الا اذا حلف بالطلاق فاذا دعا احدا لوليمة حلف بالطلاق واذا اراد تأكيد امر من الامور حلف بالطلاق. وربما في المجلس الواحد تسمع اكثر من شخص يحلف بالطلاق. وهذا من الجهل العظيم ومن التلاعب بحدود الله عز وجل. وهذا يدل على استهانة بامر النكاح الذي سماه الله تعالى ميثاقا غليظا. فيريد ان يحل عقد الزوجية بسبب امر تافه بعضهم وكثير منهم يعتقد انه لا يقع الطلاق بذلك. والواقع ان اكثر اهل العلم وهو الذي عليه المذاهب الاربعة مذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة ان من حلف بالطلاق فان امرأته تطلب هذه المذاهب المتبوعة في العالم الاسلامي جميع هذه المذاهب يرى يرى اتباعها يرى ائمة هذه المذاهب واتباعها ان من حلف بالطلاق فان امرأته تطلق وتخرج من ذمته وان كان في المسألة قول اخر قال به قلة من اهل العلم لكن استقرت الفتية عليه اخيرا في هذه البلاد بل في العالم كله وهي فتوى الامام ابن تيمية رحمه الله ان من لم يقصد الطلاق وانما قصد الحث او المنع او التصديق او تكذيب فانه لا يقع طلاقه ما دام لم ينوي الطلاق. وانما يكون فيه كفارة يمين ولكن الذي عليه اكثر علماء الامة وعليه المذاهب الاربعة ان الطلاق يقع. فينبغي ابراز هذا القول قول جماهير اهل العلم ان يبرز ذلك للناس وان يبين لهؤلاء وان يبين لهؤلاء الذين يحلفون بالطلاق بان زوجاتهم تطلق وتخرج من عصمتهم بهذه الايمان عند اكثر اهل العلم فعليهم ان يتقوا الله عز وجل والا يتلاعبوا بحدود الله عز وجل. وان يعظموا عقد النكاح الذي سماه الله ميثاقا ايضا ان بعض الناس عند ادنى سبب يحلف بالطلاق وربما يهدد زوجته بالطلاق في مدخله ومخرجه وحديثه وفي كلامه تجد ان الطلاق على لسانه وهذا من الجهل العظيم ومن قلة الوعي ويدل كذلك على ضعف الوازع الديني وعن الجرأة على حدود الله عز وجل. فينبغي ان يتواصى افراد المجتمع على الانكار على هؤلاء المتلاعبين بحدود الله سبحانه فاذا سمعنا احدا يحلف بالطلاق في مجلس او غيره فينبغي ان ينكر الجميع عليه وان يبين ان هذا تلاعب بحدود الله وان الطلاق عظيم جدا ولا يلجأ اليه الا بعد استنفاذ جميع الحلول. واذا اراد ان يطلق زوجته طلقها طلقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه فلا يكون الطلاق الا على صفة معينة. اما ان يجعل الطلاق على لسانه ويجعله سبيلا اكيد كرمه او لتأكيد مرجلته او لتأكيد صحة حديثه فان هذا من التلاعب بحدود الله عز وجل. ولما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم ان فلانا طلق امرأته ثلاثا. قال عليه الصلاة والسلام ايلعب بكتاب الله وانا بين اظهركم فكيف بما يحصل الان وما ينقل عبر وسائل التواصل الاجتماعي من الحلف بالطلاق ربما من اكثر من شخص في واحد ثم بعد ذلك ينفض ذلك المجلس وكأن شيئا لم يكن فهذا فيه جرأة على حدود الله عز وجل فعلى فعلينا جميعا ان نتواصى على الانكار على هؤلاء المتلاعبين بحدود الله تعالى اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا اليه انه هو التواب الرحيم ولله على احسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه. واشهد ان محمدا عبده ورسوله الداعي الى رضوانه. صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم كثيرا اما بعد فان خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة عباد الله والنذر ابتداء عقده مكروه كما قال اهل العلم. لان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه انهى عن النذر وقال انه لا يأتي بخير وانما يستخرج به من البخيل وقال انه لا يرد من قدر الله شيئا فينبغي للمسلم ان يبتعد عن النذر ولا يظن انه اذا نذر على هذا الشيء ان هذا النذر سيكون سببا لتحققه فان هذا فهم غير صحيح. فالنذر ليس له علاقة بالقضاء والقدر. لا يرد من قدر الله شيئا فابتداء عقده مكروه لكن اذا نذر كأن يقول لله علي نذر او يقول عاهدت الله او لله علي عهد او بأية صيغة من صيغ النذر فان كان النذر نذر طاعة كان ينظر ان يصوم او ينظر ان يتصدق ونحو ذلك فيجب عليه ان يفي بهذا النذر والذي لا يفي بهذا النذر قد توعد بعقوبة شديدة يقول ربنا عز وجل في شأن الذين ينذرون نذر طاعة ثم لا يفون بنذورهم يقول ومنهم من عاهد الله ومعاهدة الله هي صيغة من صيغ النذر ومنهم من عاهد الله لان اتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين اي نذروا نذر طاعة بالصدقة والصلاح فلما اتاه من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون. فما هي العقوبة؟ فاعقبهم نفاقا في قلوبهم الى يوم يلقونه بما اخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون. فالعقوبة الشديدة ان الله يلقي في قلب هذا الناذر الذي نذر نذر طاعة ولم يفي به يلقي في قلبه النفاق الى الممات ولا يوفق حتى للتوبة ولهذا قال الى يوم يلقونه وهذا من اشد ما يكون من العقوبة. وقد لا يشعر الانسان بهذه العقوبة مع شدتها ان النفاق يلقى في قلبه بسبب عدم وفائه بنذر الطاعة. فمن نذر يجب عليه ان يفي به. اما اذا كان النذر نذر معصية فلا يجوز فعل تلك المعصية ولا الوفاء بالنذر لكن عليه يمين. اما اذا كان النذر في امر مباح او كان النذر ما يسميه الفقهاء بنذر اللجاج والغضب الذي يريد به تأكيدا او يريد به حثا او منعا او تصديقا او تكذيبا فهذا مخير بين ان يفي بالنذر او ان يكفر كفارة يمين وهكذا لو نذر نذرا مطلقا ففيه كفارة يمين. فالناذر لن يخرج سالما. اما ان يفي بما نذر به واما ان يكفر كفارة يمين وما اكثر وما اكثر الذين نذروا نذورا ثم ندموا بعد ذلك وصعب عليهم الوفاء بتلك النذور وهم الذين قد ظيقوا على انفسهم. ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال انه انه لا يأتي بخير لان غالب من ينذر يندم لا يأتي بخير وانما يستخرج به من البخيل اي ان البخيل هو الذي لا تسمح نفسه بان يتصدق او ان يفعل الطاعات من تلقاء نفسه. لا يفعل ذلك الا بالزام ونذر. ولهذا وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بالبخيل وقال انه لا يرد من قدر الله شيئا. فينبغي ينبغي ان يصون الانسان يمينه وان يبتعد عن النذر فان هذه امور يتساهل فيها بعض الناس وقد وردت النصوص مبينة عظيم شأنها ومبينة عظيمة الاثم في حق من عقد يمينا ولم ولم يكفر كفارة يمين او انه حلف كاذبا او انه نذر نذرا ثم لم يفي بذلك النذر فيحملوا ذمته امورا كان كان في غنى عنها فلم تكن هذه الامور مطلوبة منه. ولو انه ولو انه صان نفسه عن ان يحلف او عن ان لكان بعيدا عن ان يوقع نفسه في هذه الامور التي لها تبعات عظيمة وربما يقع في سببها في ذنوب واثام كبيرة الا واكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير والسراج منير. فقد امركم الله بذلك فقال سبحانه ان الله وملائكته يصلون على النبي. يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد. اللهم ارض عن صحابة نبيك اجمعين وعن التابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وكرمك يا رب العالمين اللهم اعز الاسلام والمسلمين. اللهم اذل الكفر والكافرين. اللهم اصلح احوال المسلمين في كل مكان. اللهم وفق ولاة امور المسلمين وتحكيم شرعك واجعل رحمة لرعاياهم. اللهم وفق امامنا وولي امرنا لما تحب وترضى. اللهم وفقه وولي عهده لما فيه صلاح البلاد والعباد. ولما فيه عز الاسلام المسلمين وقرب منهم البطانة الصالحة الناصعة التي تعينهم اذا ذكروا وتذكرهم اذا نسوا يا رب العالمين. اللهم اغفر لنا وللمؤمنين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات. اللهم اصلح لنا ديننا الذي هو عصمة امرنا واصلح لنا دونان التي فيها معاشنا واصلح لنا اخرتنا التي اليها معادنا واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير. واجعل الموت راحة لنا من كل شر اللهم اني اسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى. نسألك اللهم من الخير كله عاجله واجله ما علمنا منه وما لم نعلم. ونعوذ بك من الشر عاجله واجله ما علمنا منه وما لم نعلم. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين