الحمد لله من شر في الاوقات والظهور. ومدبر الاحوال في الايام والشهور. ومسهل بالصعاب وميسر الامور. احمده تعالى واشكره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واليه المنتهى والمصير. واشهد ان محمدا عبده ورسوله السراج المنير. والبشير النذير صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى اله واصحابه وضاعف لهم الاجور وسلم تسليما كثيرا اما بعد فان اعظم وصية وصية الله للاولين والاخرين بتقوى الله تعالى. ولقد الذين اوتوا الكتاب من قبلكم واياكم ان اتقوا الله. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون. ومن يتق الله يجعل له مخرجا. ويرزقه من حيث لا يحتسب. ومن يتق الله يجعل له من امره يسرا ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له اجرا. عباد الله ان العقيدة وسلامتها من الانحراف من اهم الامور التي ينبغي ان يسعى المسلم الى تحقيقها. وان الله ولقد بعث الانبياء والرسل الى اقوام وامم كانوا يقرون بان الله هو الخالق الرازق المدبر لهذا الكون كما قال الله سبحانه ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فانى يفكون. قل من يرزقكم من السماء والارض امن يملك السمع والابصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الامر فسيقولون الله فقل افلا تتقون. فكانوا يقرون بذلك ولكن كان عندهم انحراف في العقيدة. فارسل الله تعالى الرسل وانزل الكتب لتصحيح عقائدهم وتخليصها من شوائب الشرك. وهذا يبرز اهمية الاهتمام بسلامة العقيدة وخلوها من شوائب الشرك والبدع والعناية بتحقيق التوحيد. والحديث في هذه الخطبة عن امر من الامور التي تخدش في سلامة التوحيد الخالص وفي صفاء العقيدة. الحديث عن التطير والتشاؤم. وقد كان التطير والتشاؤم عادة لكثير من الامم السابقة قبل الاسلام. فقد ذكر الله تعالى شيئا عنه فقال سبحانه في قصة وتشاؤمهم من نبيهم صالح قالوا اطيرنا بك وبمن معك. قال طائركم عند الله بل انتم قوم تفتنون في قصة موسى عليه الصلاة والسلام مع قومه فاذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وان تصبهم سيئات يتطيروا بموسى الا انما طائرهم عند الله ولكن اكثرهم لا يعلمون. وفي قصة اصحاب القرية اذ جاءها المرسلون قالوا انا تطيرنا بكم لان لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب اليم. قالوا طائركم معكم ائن ذكرتم بل انتم قوم والمشرفون فالتطيب والتشاؤم من بقاء عادات الامم السابقة التي تبعتهم عليها العرب في الجاهلية حتى تأصلت فصارت لهم دينا وعقيدة يسيرون عليها. ويتوسعون فيها. كان الواحد من العرب اذا رأى الطير يمنة تيمنا به ومضى لامره وان رآه طار يسرة تشاءم منه ورجع. ثم توسعوا في ذلك حتى صاروا يتطيرون بالحيوانات ويتشائمون يتطيرون حيوانات والطيور والمناظر كان احدهم اذا اراد سفرا فرأى في الطريق رجلا اعور تشاءم والغى سفره ويتشاءمون ببعض الشهور بعض الايام وبالعدوى والامراض وينسبون المطر والاحداث الى الانواء والنجوم والطوالع والدهور. واشتهر عندهم التشاؤم بشهر صفر والتطير منه فيتوهمون فيه كثرة الحوادث وحصول الكوارث والمصائب وعدم التوفيق ولا يعقدون فيه نكاحا ولا ينشئون فيه سفرا ولا يبدأون عملا وكانوا يكفون عن القتال في الاشهر الحرم فاذا دخل شهر كثر القتال وانتهكت الحرمات وكثرت الكوارث والنكبات حتى غدا شهر صفر عندهم شهر المآتم والاحزان وبالغ بعظهم حتى تشاءموا من ايام وشهور اخرى كشهر شوال. فلما جاء الاسلام ابطل ذلك كله ونهى عنه جعل التطير والتشاؤم من الاوهام السخيفة والخرافات الباطلة والعقائد المذمومة التي يسعى الاسلام الى محاربتها من جذورها عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا متفق عليه وجاء في في صفات السبعين الفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب. جاء قول النبي صلى الله عليه وسلم هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون. فذكر من صفاتهم انهم لا يتطيرون اي لا يتشائمون. ان التطير والتشاؤم ينافي كمال التوحيد. ويضاد التوكل الخالص. لا يدفع شر ولا مكروها ولا يجلب خيرا ولا محبوبا بل يدعوا الى تعطيل العقل وبلبلة الفكر واضطراب النفس وتعطيل المصالح وترك اي والتوكل وهذا كله يقود الى الفشل في الحياة. ولا يزال بالمرء حتى يصبح عبدا للخزعبلات والخرافات وضحيته للدجل والضلالات. يقول النبي صلى الله عليه وسلم الطيرة شرك. الطيرة شرك. الطيرة شرك. وفي حكمة النهي عن والتطير يقول الامام ابن القيم رحمه الله وسر هذا ان الطيرة تتضمن الشرك بالله والخوف من غيره وعدم التوكل به والثقة به فكان صاحبها غرضا لسهام الشر والبلاء فيتسرع نفوذها اليه لانه لم يتدرع بالتوحيد توكل بجنة واقية وكل من خاف شيئا غير الله سلط عليه. كما ان من احب مع الله غيره عذب به. ومن رجا مع الله الغيرة خذل من جهته وهذه امور تجربتها تكفي عن ادلتها عباد الله ومع نهي الاسلام عن التطير والتشاؤم وبيان فسادهما واضرارهما وانه من العادات الجاهلية الا انها الا ان هذا التطير والتشاؤم لا يزال باقيا عند بعض الناس اليوم. وقد بلغ التشاؤم والتطير في واقع الناس وبلغ مآخذ شتى ودروبا متعددة. وبعضهم يذهب الى الكهان والسحرة والمشعوذين والدجالين ومدعي اهل الغيب وقراءة الكف والفنجان فيسألونهم عن امورهم ومستقبل حياتهم ويصدقونهم بما يقولون فيقعون في الكفر بالله تعالى ويعتقد بعضهم في الابراج اعتقادا فاسدا حتى علقوا مستقبل حياتهم واحوالهم وما يجري لهم من خير او شر على كون الواحد منهم ولد في برج كذا او برج كذا في سيل من الخرافات التي لا تنتهي. وصار بعضهم يتشاءم ببعض الكلمات والافعال والهيئات والاشخاص والاماكن والازمان. وربما ترى بعضهم قد علق في بيته او في سيارته صورة او وكلمات او خرقا بالية او تمائم ونحو ذلك. يتفائلون بعضها ويزعم ان بعضها يدفع عنه الحسد والعين والحوادث وكل هذه الاعتقادات الفاسدة المنافية للتوكل على الله عز وجل والايمان بقضائه وقدره وحسن الظن به والتوكل عليه عن عقبة ابن عامر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من تعلق تميمة فلا اتم الله له. ومن تعلق ودعة فلا ودعا الله له. وفي رواية من تعلق تميمة فقد اشرك. وعن ابن مسعود رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الرقى اي بغير ما ورد به الشرع والتمائم والتولة شرك. وعن حذيفة رضي الله عنه انه رأى رجلا في يده خيط من الحمى فقطعه وتلا قول الله تعالى وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون. وعن عمران بن حصين رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا في يده حلقة قال ما هذه؟ قال من الواهنة قال انزعها انها لا تزيدك الا وهنا فانك لو مت وهي عليك ما افلحت ابدا. فبعض الناس ربما ربط في يده او في عنقه خيوطا او اساور يعتقد انها تجلب له نفعا او تدفع عنه ضرا او تدفع عنه العين او تدفع عنه المس او السحر او نحو ذلك وكل هذه من الخرافات الباطلة وهي محرمة ومن الشرك ان الرقى والتمائم والتولة شرك فهي من ضروب الشرك وهي محرمة فعلى المسلم ان يجتنب هذا كله عباد الله وان من ظن ان ذهاب طائر او قدومه او صوت غراب او شهرا معينا او يوم من الايام او تعليق تميمة ونحو ذلك من يا ايها الاشخاص انه يرد قضاء او يدفع مقدورا او يجلب خيرا ونفعا فقد جهل قدر الله عز وجل واساء الادب مع الله سبحانه تعالى الله عما يشركون. فعليكم رحمكم الله بالعناية بصفاء العقيدة وتحقيق التوحيد الخالق والتوكل على الله سبحانه وتعالى وان يكون المرء متفائلا بالخير قولا وفعلا حسن الظن بالله تعالى في جميع والاحوال موقنا بان ما اصابه لم يكن ليخطئه. وما اخطأه لم يكن ليصيبه. واثقا بربه سبحانه. مفوضا الامر اليه مبتعدة عن الطيرة والتشاؤم مقتفيا اثار سلف هذه الامة الذين بلغوا مبلغا عظيما في تحقيق التوحيد وانكار والتشاؤم والتحذير منها. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال عكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنه قال كنا جلوسا عند عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما فمر رجل نعم قال كنا جلوسا عند عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما فمر طائر فقال رجل من القوم خير خير. قال ابن عباس لا خير ولا شر بالانكار عليك لئلا يعتقد ان له تأثيرا في الخير او الشر. وخرج التابعي الجليل طاووس بن كيسان رحمه الله مع صاحب له في سفر فصاح غراب فقال الرجل خير قال طاووس واي خير عنده لا تصاحبني ومن ذلك قول بعض الناس خير يا قير وهذه مقولة يقولها بعض الناس ولا يدركون معناها وهي تدخل في باب التطير وهي مأخوذة من هذه المعاني. فقول بعض الناس خير يا طير هذه من الالفاظ المنكرة. وينبغي انكارها على من قالها. وان كان كثير من يقول ذلك لا ينتبه لمعناها لكنها داخلة في معنى التطير والتشاؤم هذا المنقول عن العرب في الجاهلية فقوله يا طيب يدخل في التطير المنهي عنه. اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا اليه. انه هو التواب الرحيم الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى والتابعين لهم باحسان ومن اقتفى. احمده تعالى واشكره واشهد اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فان خير هذه كتاب الله وخير الهدي لمحمد صلى الله عليه وسلم محدثاتها وكل ابتلاءات بدعة. عباد الله الطيرة والتشاؤم ذكرهم الله تعالى عن بعض الامم السابقة وكانت موجودة عند العرب قبل البعثة فابطلها الاسلام. لكن لا تزال تعشعش في نفوس بعض الناس اليوم رام التقدم العلمي في كثير من علوم المادة وكلما كان المجتمع اكثر بعدا عن نور النحي وكلما كان مجتمعا اكثر بعدا عن نور الوحي والنبوة كثر فيه الدجل والشعوذة والتطير والتشاؤم. ولذلك نجد في كثير من بلدان الغرب اليوم يضرب التشاؤم والتطير اطنابه في مجالات متعددة. فعندهم التشاؤم بعض الحيوانات بل عندهم تشاؤم في بعض المسابقات الكروية يضعون حيوانا اذا تحرك حركة معينة قالوا ان هذا الفريق سيفوز واذا تحرك حركة اخرى قالوا انه سيخسر. وعندهم تشاؤم من بعظ الايام كيوم الثلاثاء يسمونه يوم الثلاثاء الاسود بل بلغ الامر بالتشاؤم عندهم انهم يتشائمون بالارقام كرقم ثلاثة عشر فيتجاوزون هذا الرقم عند صناعة المصاعب وارقام الكراسي ونحو ذلك. وليس العجب ان يقع هذا منهم لبعدهم عن نور الوحي والنبوة. ولكن العجب ان يقع هذا من بعض ابناء المسلمين واعجب من ذلك ان يقع هذا ممن تربى في هذه البلاد بلاد التوحيد ونشأ على التوحيد ثم يقع منه هذا التشاؤم والتطير بامور لا تستند الى دين ولا الى عقل ولا الى منطق بل الى خزعبلات وخرافات وامور وبلغني ان بعض الناس اليوم لا زال يتحاشى ان يعقد عقد النكاح في شهر صفر. تشاؤما به وان بعض التجار لا يعقدون التجارية في شهر صفر تشاؤما به يتشائمون بامور معينة يتشائمون باوقات وازمان واماكن وامور ما انزل الله بها من سلطان وان هذا ليؤثر في كمال التوحيد الواجب. ويدل على ضعف الايمان وضعف تحقيق التوكل على الله عز وجل والا فما علاقة الايام والشهور والاماكن والاشخاص بما يقدره الله تعالى ويقضيه. هذه في خرافات وخزعبلات الجاهلية لكنها لا تزال باقية لدى بعض الناس اليوم عباد الله واذا وقع في قلب الانسان شيء من التطير او التشاؤم فقد ارشد النبي صلى الله عليه وسلم الى دفعه بالتوكل على الله عز والاتيان بهذا الذكر عن ابن مسعود رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الطيرة شرك الطيرة شرك الطيرة شرك وما منا الا ولكن الله يذهبه بالتوكل. والمعنى ان التطير قد يخطر ببال كل احد من الناس من غير بان يقصد لكنه اذا توكل على الله وسلم امره اليه ولم يعمل بذلك الخاطر غفر الله له ولم يؤاخذ به وعند احمد بسند صحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من ردته الطير عن حاجة فقد اشرك. قالوا يا رسول الله وما ذلك قال ان يقول اللهم لا خير الا خيرك ولا طير الا طيرك ولا اله غيرك الا واكثرون الصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير. فقد امركم الله بذلك فقال سبحانه ان الله وملائكته يوصلون على النبي. يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد. ارضى اللهم عن صحابته اجمعين. اللهم ارضى عن ابي بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر صحابة نبيك اجمعين وعن وتابعيهم باحسان الى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وكرمك يا رب العالمين. اللهم اعز الاسلام والمسلمين اللهم اذل الكفر والكافرين. اللهم ادم لامة الاسلام امرا رشدا يعز فيه اهل طاعته ويهدى فيه اهل معصيته ويأمر فيه بالمعروف وينهي عن المنكر وترفع فيه السنة وتقمع فيه البدعة يا يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم وفق ولاة امور المسلمين لتحكيم شرعك. واجعلهم رحمة لرعاياهم. ووفق امامنا وولي امرنا لما تحب وترضى وخذ بناصيتي للبر والتقوى ووفقه وولي عهده لما فيه صلاح البلاد والعباد يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام اللهم اغفر لنا وللمؤمنين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات. اللهم انا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة وجميع سخطك نسألك اللهم من الخير كله عاجله واجله ما علمنا منه ما لم نعلم ونعوذ بك من الشر كله عاجله واجله ما علمنا منه ما لم نعلم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب