الحمد لله الذي وعد المنفقين اجرا عظيما وخلفا وتوعد الممسكين لاموالهم عما اوجب عليهم عطبا وتلفا واشهد ان لا اله الا الله هو الملك الجواد الرؤوف بالعباد واشهد ان محمدا عبده ورسوله افضل الرسل وخير العباد صلى الله عليه وعلى اله واصحابه اولي الفضل والعلم والانقياد وسلم تسليما كثيرا اما بعد فاتقوا الله ايها المسلمون يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون اعلموا ان الصيام انما فرض لاجل تحقيق التقوى لله سبحانه يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون عباد الله يعيش المسلمون هذه الايام موسما من مواسم التجارة مع الله عز وجل بالاعمال الصالحة يعيشون شهر رمضان شهر الخيرات والبركات والاحسان شهر الجود وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم اجود الناس وكان اجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل اجود بالخير من الريح المرسلة فينبغي للمسلم ان يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم وان يتضاعف جوده في هذا الشهر المبارك وان يكثر من البذل والانفاق في سبل الخير. ويبدأ اولا بتفقد الاموال التي عنده. فيخرج ما وجب فيه الزكاة منها ثم بعد ذلك يكثر من الصدقات والانفاق في سبل الخير ما استطاع الى ذلك سبيلا مثل الذين ينفقون اموالهم في سبيل الله كمثل حبة انبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة. والله يضاعف لمن يشاء. والله وهو واسع عليم عباد الله جرت عادة كثير من الناس اخراج زكواتهم في هذا الشهر المبارك ولعلنا ان نعطي نبذة عن ابرز احكام الزكاة التي يحتاج اليها الزكاة هي الركن الثالث من اركان الاسلام فهي اكد اركان الاسلام بعد الشهادتين وبعد الصلاة فعلى المسلم ان يهتم بها وان يسأل اهل العلم عما يشكل عليه من مسائلها واحكامها وقد جاء الوعيد الشديد في حق من بخل بالزكاة او قصر في اخراجها يقول ربنا سبحانه والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله. فبشرهم بعذاب اليم يوم يحمى عليها في نار جهنم. فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم. هذا ما كنزتم فذوقوا ما كنتم تكنزون وكل مال لا تؤدى زكاته فهو كنز يعذب به صاحبه يوم القيامة. يقول النبي صلى الله عليه وسلم ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها الا اذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت اعيدت له في يوم كان مقداره خمسين الف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله اما الى الجنة واما الى النار. فهذا وعيد شديد في حق من بخل بالزكاة. وانه يعذب في قبل ان يقضى بين العباد ويؤتى بهذه الاموال التي كنزها وادخرها ولم يخرج زكاتها يؤتى بها فيعذب بها يوم القيامة وان من المؤسف له ان بعض المسلمين يتساهل بهذه الفريضة وبهذا الركن العظيم. اما جهلا او تهاونا وتفريطا او بخلا وبكل حال فهو على خطر عظيم. حتى لو كان جاهلا فجهله بالزكاة واحكامها لا يعفيه من المسؤولية لا سيما في بلادنا هذه التي يكثر فيها العلماء وطلاب العلم. فبامكانه ان يسأل عن الاموال التي عنده. وما يجب فيها وما تجب الزكاة فيها منها. وما تجب فيها الزكاة من هذه الاموال عباد الله والزكاة تجب في اربعة اصناف من الاموال. فتجب في الحبوب والثمار. فان كانت تسقى بلا كلفة ولا مؤونة التي تسقى بمياه الامطار والانهار والعيون ونحوها. فالواجب فيها العسر اي عشرة في المئة. اما ان كانت تسقى بمؤونة وكلفة كالتي تسقى بالمكان الرافعة للماء ونحوها كما هو عليه الحال في بلادنا فالواجب فيها نصف العشر اي خمسة في المئة وتجب الزكاة في بهيمة الانعام الابل والبقر والغنم. فلا ولا تجب الزكاة الا في السائمة منها. وهي التي ترعى العشب والكلى اكثر السنة واما المعلوفة اكثر العام فلا تجب فيها الزكاة. الا ان تكون معدة للتجارة فتزكى زكاة عروظ التجارة وتجب الزكاة في الذهب والفضة ونصاب الذهب عشرون مثقالا وهو يعادل خمسة وثمانين جراما ونصاب الفضة مائتا درهم خمسمائة وخمسة وتسعين جراما وفي حكم الذهب والفضة في وقتنا الحاضر الاوراق النقدية فتجب الزكاة في الريالات والعملات الورقية عموما اذا بلغت نصابا ونصاب الاوراق النقدية هو ادنى النصابين من الذهب والفظة والفضة الان ارخص بكثير من الذهب وعلى هذا فنصاب الاوراق النقدية هو نصاب الفضة ونصاب الفضة خمسمئة وخمسة وتسعون جراما فنضربه في سعر الجرام من الفضة فيخرج لنا نصاب الاوراق النقدية وهو يعادل هذه الايام الف وثمانمائة وعشرين ريالا سعوديا تقريبا او ما يعادله من العملات الاخرى فمن ملك هذا المبلغ وحال من ملك هذا المبلغ فاكثر وحال عليه الحول فيجب عليه ان يزكيه بغض النظر عن الذي ادخر هذا المبلغ لاجله حتى لو ادخره لنفقة او لزواج او لبناء مسكن او لشراء ارض او لاي غرض من الاغراض ما دام قد بلغ نصابا وحال عليه الحول فتجب زكاته وقد اصبح كثير من الناس اليوم دخولهم شهرية ولا يدري الانسان ما الذي ادخر وحال عليه الحول وما الذي صرف من ذلك وطريقة اخراج دخل الدخل الشهري. اولا اذا كان الانسان لا يدخر من دخله الشهري شيئا فلا زكاة عليه. لكن اذا كان يدخر من دخله الشهري شيئا فمن ايسر الطرق واسهلها ان يتخذ له وقتا محددا في السنة. ولنفترض مثلا انه منتصف منتصف شهر رمضان فيزكي جميع الاموال التي عنده ناويا تعجيل الزكاة فيما لم يحل عليه الحول. وبذلك لا ينظر لزكاة امواله لمرة واحدة في السنة كلما اتى هذا التاريخ زكى جميع الرصيد عنده ناويا تعجيل الزكاة فيما لم يحل عليه الحول وتعديل الزكاة جائز وتجب الزكاة في عروظ التجارة وهي كل ما اعده الانسان طلبا للربح والتكسب فيقيم ما عنده عند تمام الحول ويخرج ربع العشر وعلى هذا فاصحاب المحلات التجارية عليهم في اخر السنة ان يجردوا ما عندهم من بضاعة ومن سيولة وان يزكوها والواجب انما هو والواجب وتجب الزكاة في السلع المعدة المعروضة للبيع. اما الاصول مستغلة فلا زكاة فيها فمن كان عنده عمارة يؤجرها لا زكاة في اصل عمارة وانما في اجرتها اذا حال عليها الحول ومن كان عنده ارظ فان زكاة هذه الارظ تتأثر بنيته وهو ادرى بنيته. فان كان قد نوى ان يبني عليها مسكنا او عقارا لتأجيره مثلا فلا زكاة فيها اما ان كان قد جزم بنية البيع والتجارة اما في الحال او في المستقبل فهي من عروض التجارة ويجب عليه ان يزكيها عند تمام الحول بقيمتها بغض النظر عن القيمة التي اشتريت بها اما من كان مترددا في النية وليس له نية واضحة تارة يقول اريد ان ابني مسكنا عليها او ابني عليها عقارا لتأجيره يقول اريد ان ابيعها فهذه لا زكاة فيها لان الزكاة لا تجب في الارض الا اذا جزم فيها بنية البيع واما الاسهم فالمساهم لا يخلو ان يكون مستثمرا او مضاربا فان كان مستثمرا وهو الذي ملك الاسهم بغرض الافادة من ريعها وارباحها. وهو لا يتاجر ولا يضارب فيها. لا يبيع فيها انما اشترى اسهم وتركها او اكتتب في شركة وتركها فهذه تكفي زكاة الشركة عنه ولا يلزمه ان يزكي باعتبار ان الزكوات المساهمة عندنا في المملكة تخرج الزكاة الى مصلحة الزكاة والدخل اما ان كان المساهم مضاربا يبيع ويشتري ويتاجر في الاسهم فهذه الاسهم تعتبر من عروض التجارة. فعليه ان يقيم ما لديه في المحفظة في عند تمام الحول. ويخرج ربع عشر قيمتها واما الصناديق الاستثمارية التي في البنوك فيجب على من كان مستثمرا فيها ان يزكي ما يملك فيها من وحدات لان هذه الصناديق لا تزكى حاليا من قبل البنوك. فعلى المستثمرين ان يخرجوا زكواتها بانفسهم اعوذ بالله من الشيطان الرجيم قد افلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا اليه انه هو التواب الرحيم الحمد لله الرؤوف الرحيم البر الجواد الكريم واشهد ان لا اله الا الله الملك العظيم له الاسماء الحسنى والصفات العلى والاحسان المعميم واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فان خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثات بدعة عباد الله على المسلم ان يتحرى بزكاته المستحقين. والمستحقون للزكاة هم الاصناف الثمانية الذين ذكرهم ربنا سبحانه في قوله انما الصدقات اي الزكوات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم. فانظر كيف ان الله عز وجل صدر هذه الاية باداة الحصر انما ثم ختمها بقوله فريضة من الله والله عليم حكيم. فهذه القسمة صادرة عن علم وحكمة. فلا يجوز صرف الزكاة لغير هذه الاصناف الثمانية فلا تصرف فلا تصرف الزكاة في بناء المساجد. ولا تصرف في بناء المدارس. انما تصرف في هذه الاصناف الثمانية خاصة واوضحوا هذه الاصناف الثمانية في مجتمعنا ثلاثة اصناف الفقراء والمساكين والغانمين. اما الفقراء والمساكين فهم ذوي الحاجات هم المحتاجون لكن الفقراء اشد حاجة من المساكين. والفقير هو المعدم الذي ليس عنده شيء. او عنده دون نصف الكفاية. واما وهو الذي عنده نصف الكفاية او اكثرها لكن ليس عنده تمام الكفاية. فعلى المسلم ان يتحرى المستحقين للزكاة وعليه ان يبحث عن شريحة من شرائح المجتمع مساعدتهم اعظم اجرا وثوابا من غيرهم. وهم المتعففون الذين لا يسألون الناس الحافا يحسبهم الجاهل اغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم هذه الشريحة اذا نظر اليهم الجاهل ظنهم اغنياء يراهم يلبسون ملابس نظيفة ويخالطون الناس ولا يسألون الناس اموالهم ولا يظهر اثار الفقر تعففهم لكن الانسان الفطن اذا تأمل في احوالهم وجد انهم اما فقراء او مساكين وذلك بالنظر الى دخولهم الشهرية وبالنظر الى نفقاتهم. فيرى ان هذا الانسان دخله ضعيف وان نفقاته كبيرة ومستأجر لبيت فيعرف ان مستحق للزكاة لكنه متعفف. فهؤلاء هم الذين ينبغي ان نبحث عنهم وان نعطيهم من زكواتنا وصدقاتنا فذلك اعظم اجرا وثوابا والصنف الثالث من اصناف التي هي اوضح الاصناف في مجتمعنا الغارمين وهؤلاء الغارمون هم الذين لحقتهم ديون كثيرة وهم عاجزون عن سدادها وليس كل مدين يكون غريما مستحقا للزكاة فان كثيرا من التجار عليهم ديون ولهم ديون وانما الغارم مستحق للزكاة هو المدين الذي عليه ديون حالة قد عجز عن سدادها ولو ان الدائن رفع فيه شكاية لربما سجن بسبب ذلك الدين. هذا هو الذي تحل له الزكاة اما الذي عليه ديون مؤجلة او مقصطة وقادر على تشديدها فهذا لا تحل له الزكاة وان من المؤسف له ان بعض الاغنياء يزاحمون الفقراء في حقوقهم فتجد ان بعض الناس دخله دخل اغنياء ومع ذلك زاحموا الفقراء في الزكاة وهذا لا يحل له. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من اخذ اموال الناس تكثرا فانما يأخذ فليستقل او ليستكثر عباد الله وتوجد جهات خارجية مجهولة تحتال على الناس بما تظهره من مقاطع وصور وربما زعمت انها صرح لها من جهات رسمية فينبغي الحذر من اعطاء الزكاة او التبرعات عموما هذه الجهات واذا اراد الانسان المساعدة لما في الخارج فيكون ذلك عبر القنوات الرسمية المصرح لها من الدولة. واما في الداخل فان الجمعيات الخيرية تشرف عليها الدولة وعليها حوكمة ورقابة صارمة فتبرأ الذمة بالدفع اليهم فعلى المسلمين ان ان يهتم بشأن الزكاة والا يدفعها الا لمن كان مستحقا لها الا واكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير فقد امركم الله بذلك فقال سبحانه ان الله وملائكته يصلون على النبي. يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد. اللهم ارض عن صحابته اجمعين وعن التابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وعنا معهم. بعفوك وكرمك يا رب العالمين اللهم اعز الاسلام والمسلمين اللهم اذل الكفر والكافرين. اللهم ابرم امة الاسلام امرا رشدا. يعز فيه اهل طاعتك ويهدى فيه اهل معصيتك ويأمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر. اللهم وفق ولاة امور المسلمين وتحكيم شرعك. واجعلهم رحمة لرعاياهم. ووفق امامنا وولي امرنا لما تحب ولما فيه صلاح البلاد والعباد وقرب منه البطانة الصالحة الناصحة التي تدله على الخير تعينه اذا ذكر وتذكره اذا نسي يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم اصلح لنا ديننا الذي هو عصمة امرنا. واصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا. واصلح لنا اخرتنا التي اليها معادنا واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير واجعل الموت راحة لنا من كل شر. اللهم انا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك سخطك سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين