اولئك الذين هداهم الله فبهداه مقتضى وفي المقابل حذر النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث الترمذي وحسنه من التشبه بالكفار فقال من تشبه بقوم فهو منهم وقال لا تشبهوا بالكفار السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما اما بعد فان اصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار عباد الله ينبغي علينا ان نسأل انفسنا سؤالا ممن نتشبه في عقائدنا وعباداتنا وافعالنا وهيئاتنا واخلاقنا لان من تشبه بقوم فهو منهم وقد بين الله جل وعلا بيانا واضحا جليا ان الناس على طريقين وانه هدى الناس الى النجدين فمنهم من سلك طريق الهداية ومنهم من سلك طريق الغواية وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم ونحن تبع له في هذا الخطاب ثم جعلناك على شريعة من الامر فاتبعها ولا تتبع اهواء الذين لا يعلمون فيجب على المسلم ان يتمسك بدينه وان يتشبه بنبيه وصحابته وتلامذته وان يحذر اشد الحذر من ان يتشبه او يكون من الذين اتبعوا اهواءهم فهم لا يعلمون مدح النبي صلى الله عليه وسلم بعض اصحابه لانهم تشبهوا بالكرام فشبه الصديق في بعض اموره بابراهيم عليه السلام وشبه عمر بموسى عليه السلام وشبه نفسه في خلقته بابراهيم عليه السلام والتشبه بالصالحين فلاح تشبهوا بالكرام ان لم تكونوا مثلهم فان التشبه بالكرام فلاح ومدح النبي صلى الله عليه وسلم من سار على نهج الصالحين وامر الله بذلك في كتابه المبين فاخبر عن اصحاب الكهف وكيف انهم فتية امنوا بربهم وزدناهم هدى واخبر عن الصالحين في مواضع متعددة وذكر الانبياء في ايات وقصص متنوعة وقال وذلك لان هذا التشبه انما ينتج عن ميل قلبي اليهم فقال عز وجل يا ايها الذين امنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى اولياء لان ولايتهم ومحبتهم في القلب يورث تشبها بهم في الظاهر وانا لنرى بعض المسلمين اليوم وقد وقع منه التشبه باقوام نهينا عن التشبه بهم فما الذي حصل منه في دينه انظر الى صلاته انظر الى خلقه انظر الى احواله تجد فيه العجب العجاب يدعي الاسلام ويدعو غير الله كالنصراني الذي يدعي انه على دين عيسى ويقول يا عيسى المدد يدعي الاسلام ويعظم مقبورا ميتا كاليهود الذين يعظمون مقبوريهم يدعي الاسلام ويتخذون القبور ويتخذون القبور مساجد وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من تشبه بهذا الفعل فقال لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم وصالحيهم مساجد بل ان النبي صلى الله عليه وسلم حفاظا على عزة الرجولة ومكانة الانوثة امر الرجال الا يتشبثوا بالنساء ونهى النساء عن ان يتشبثوا بالرجال واخبر ان من فعل ذلك فقد وقع في اللعن لعن الله المخنثين من الرجال المتشبهين بالنساء ولعن الله المترجلات من النساء المتشبهين بالرجال بل انه عليه الصلاة والسلام حتى تبقى هذه الامة عزيزة نهى عن التشبه في امور واوصاف من اوصاف البهائم فنهى عن التفاتة كالتفات الثعلب في الصلاة وبروك كبروك الابل وسجود كسجود الكلب ونهى عليه الصلاة والسلام عن مشية الشيطان ونهى عن جلسة المغضوب عليهم كل ذلك حتى تكون ايها المسلم عزيزا قدوتك محمد صلى الله عليه وسلم لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وذكر الله كثيرا ما معنى التشبه ان تشبهت بالصالحين او تشبهت بغيرهم حقيقة التشبه ما ذكره الغزي رحمه الله بانه عبارة عن محاولة الانسان ان يكون شبه المتشبه به وعلى هيئته وحليته ونعته وصفته او هو عبارة عن تقصد ذلك وتكلفه كما نجد الصبيان يتشبهون بالرجال لما يرون من عظمة الرجولة وهم صغار وترى الطفلة الصغيرة تتشبه بامها في التزين والترجأ والتأنث لما ترى من عظمة امها فما من تشبيه صادر منك الا عن مخبوء في قلبك فانظر رعاك الله بمن تتشبه نهى عليه الصلاة والسلام ان يأكل الانسان بشماله لان الشيطان يأكل بشماله فتأملوا يا رعاكم الله عظم هذا الامر وهذا لا يعني ان التشبه ممنوع مطلقا لان التشبه بالامور العادية التي ليست من خصائص الكفار والفجار والفسقة والظلمة امر مباح وانما المنهي في التشبه ان يقع ذلك في العقائد والعبادات وهذه اخطرها او في العادات الخاصة بهم او في هيئاتهم او في اخلاقهم او في طريقة تعاملهم التي تخالف الشريعة الاسلامية ولهذا نجد ان الله جل وعلا لما امرنا ان نقتدي فقال وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا عباد الله ليستلم احدنا نفسه سؤالا هل يجد اكمل من رسول الله صلى الله عليه وسلم في خلق في تعامل في زهد في ورع لا والله فكيف اذا يتخلق المسلم بغير رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا كان الله امرنا جل في علاه ان نهجر الشرك واهله. فذلك يشمل فعالهم ويشمل صفاتهم. ويشمل عاداتهم التي اختصوا بها فينبغي علينا ان نحذر فان مكائد الكفار كثيرة فمن اسباب الوقوع في التشبه مكائد الكفار الليل والنهار يريدون التسوية بين التوحيد والشرك بين الايمان والكفر حتى يلتبس الامر علينا وهل يجتمع الليل والنهار وهل يجتمع النور والظياء والظلمة؟ لا والله ود كثير من اهل الكتاب لو يردوا لكم من بعد ايمانكم كفارا حسدا من عند انفسهم من بعد ما تبين لهم الحق وقال جل وعلا مبينا محذرا ان تطيعوا الذين كفروا يردوكم على اعقابكم فتنقلبوا خاسرين يقول صلى الله عليه وسلم يوشك الامم ان تداعى عليكم كما تداعى الاكلة الى قصعتها فقال قائل ومن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال لا بل انتم يومئذ كثير. ولكنكم غثاء كغثاء السيل ينزعن الله من صدور من صدور عدوكم المهابة ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن فقال قائل يا رسول الله وما الوهن قال حب الدنيا وكراهية الموت. رواه احمد وغيره ومن اسباب التشبه الجهل باحكام الدين. فان الجاهل يقلد كل ما يراه عقله حسنا. وذوقه ووجده حسنا وكثرة المنافقين واهل البدع في الدين من اسباب انتشار التشبه بالكافرين. ومن اسباب انتشار الفسق والفجور في العالمين اسأل الله الكريم رب العرش العظيم ان يرزقنا العزة بديننا والتشبه بالصالحين من امتنا اقول ما تسمعون استغفر الله لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده اما بعد عباد الله اعلموا ان خير الكلام كلام الله. فتشبثوا به واعتصموا به. وان خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه سلمت فتعلموه واقتدوا به عليه الصلاة والسلام في قومتكم وجلستكم في ما تفعلون وما تذرون وفيما تقولون فانكم مقدمون على رب العالمين وهو مجازيكم على اعمالكم واعلموا رحمني الله واياكم ان التشبه بالكفار لها صور كثيرة متعددة ومن هذه الصور اي عباد الله ما يقع من التشابه في الزي وما يقع في التشابه في الهيئات وما يقع من التشابه في الاجتماعات وغير ذلك فلنحذر فان ذلك من سلوك سبيل المغضوب عليهم. يقول عليه الصلاة والسلام لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه. قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى. قال فمن؟ قال العلامة الامام ابو حسين محمد ابن الحسين الاجري رحمه الله وهو من علماء القرن الرابع الهجري. فكيف لو رأى زماننا؟ يقول من اكفح امر هذه الامة علم ان اكثرهم العام منهم يجري امورهم على سنن اهل الكتابين. كما قال النبي صلى الله الله عليه وسلم وعلى سنن كسرى وقيصر وعلى سنن اهل الجاهلية وذلك مثل امر المصائب زمروا في جنازاتهم فزمرنا لا اله الا الله. طبلوا في جنازاتهم فطبلوا هذا من اي من اعظم انواع التقليد؟ يقول رحمه الله في المصايب والافراح والمساكن واللباس والحلية والاكل والشرب والولائم والبيع والشراء والمكاسب واشباه لما ذكرت يطول شرحها تجري بينهم على خلاف السنة والكتاب وما الربا بخاف عنا وما الميسر بخاف عنا اليوم تجري في اسواق المسلمين المنشر تحت مسميات مختلفة. ادفع مائة فلس يدخل في سحب من اين اخذوا ذلك؟ الا من اتباع والتشبه باهل الكتابين. يقول رحمه الله واشباه لما ذكرت يطول شرحها تجري بينهم على خلاف السنة والكتاب وانما تجري بينهم على سنن من قبلنا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال ما اقل من يتخلص من البلاء الذي قد عم الناس ولن يميز الا عاقل عالم قد ادبه العلم. والله الموفق لكل رشاد والمعين عليه. عباد الله تشبهوا بالعلماء واقتدوا بهم تشبهوا بالصالحين واقتدوا بهم فان ذلك هو المخرج. فعليكم بالامر العتيق. واياكم ومحدثات الامور فان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. وقوموا الى صلاتكم يرحمكم الله واسألوا الله عز وجل ان يغفر لنا تقصيرنا وان يتجاوز عنا سيئاتنا وان يرزقنا العزة في ديننا وصل اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين