ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا. واشهد ان لا اله الا الله شهادة تنجي قائلها من النار واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد فاتقوا الله عباد الله فان اصدق الحديث كلام الله واوثق العرى كلمة التقوى وخير الملل ملة ابراهيم واحسن القصص هذا القرآن العظيم واحسن السنن سنة محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم واشرف الحديث ذكر الله وخير الامور عزائمها وشر الامور محدثاتها واحسن الهدي هدي الانبياء واشرف القتل موت الشهداء واعمى الضلالة الضلالة بعد الهدى وخير العلم ما نفع وخير الهدى ما اتبع وشر العمى عمى القلب اللهم اعذنا منه بهذه الكلمات خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم اصحابه في غزوة تبوك غزوة قص الله بعض نبأها في الذكر الحكيم في سورة التوبة فان النبي صلى الله عليه وسلم بلغه ان الروم النصارى ومن شايعهم من العرب يعدون العدة لقتال المسلمين. بعدما اظهر الله تعالى الدين الحنيف في جزيرة العرب. ففتح الله ومكة وجاءت الوفود مذعنة بالايمان. منقادة للاسلام فانتصر هذا الدين وصدق وعد الحق المبين اذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله افواجا فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا فتح الله تعالى الافاق لرسوله فشرق بذلك اعداء الدين من اليهود والنصارى ومن شايعهم من المنافقين فلم يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم بدا من ايقاف طمع الطامعين في جزيرة العرب وقد بلغه ان الروم تعد العدة لقتاله فبدأ صلى الله عليه وسلم بالتهيؤ لهم والاستعداد لقتالهم مع شدة الوقت فهو في حر شديد وجذب وقلة موارد والشقة والمسافة بينه وبين العدو بعيدة والعدو قوي شديد البأس له ميراث في القتال فهو اقوى قوى الارظ في ذلك الزمان وثمار المدينة طابت والظلال رغبت فاستنفر النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين للقاء العدو في تلك الحال وامر بالاعداد للخروج وذلك في شهر رجب من السنة التاسعة لهجرته صلى الله عليه وسلم قال لاصحابه وهم على قلة من المال والعتاد والسلاح من جهز جيش العسرة فله الجنة من جهز جيش العسرة فله الجنة فتسابق اهل التقوى والايمان من الصحابة الكرام من المهاجرين والانصار تسابقوا في طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاهدوا باموالهم وانفسهم جاء ابو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه بماله كله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هل ابقيت لاهلك شيئا؟ فاجاب ابو بكر بيقين ثابت ابقيت لهم الله ورسوله ثم جاء عمر فتصدق بنصف ماله رغبة في سبق كل احد فوجد ابا بكر قد سبقه جاء عثمان بن عفان وهو من ذي الملاءة والمال جاء بثلاثمائة بعير مجهزة وجاء بمال كثير من الذهب والفظة فصبه في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما على عثمان انما عمل بعد اليوم ما على عثمان ما عمل بعد اليوم تسابق المؤمنون في بذل الكثير والقليل كل حسب طاقته واستطاعته ومن خلت يده من المال لم يبخل بدموعه وصدق نيته فهؤلاء نفر من الصحابة ضعفاء لا مال لهم ولا سلاح ولا عتاد يرغبون في مشاركة النبي في الخروج الى هذه الغزوة جاءوا للنبي صلى الله عليه وسلم ليحملهم ويجهزهم ليخرجوا معه الى الجهاد فاعتذر اليهم فقال لا اجد ما احملكم عليه. رجعوا وهم يبكون وسموا البكائين حتى جهزهم بعض الصحابة رضي الله تعالى لعنهم وفيهم نزل قول الحق جل في علاه ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج اذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل. والله غفور رحيم. ولا على الذي ولا على الذين اذا ما اتوك لتحملهم. قلت الا اجد ما احملكم عليه؟ تولوا واعينهم تفيض من الدمع حزنا الا يجدوا ما ينفقون في مقابل هذه الصور المشرقة من مواقف الصحابة الكرام من المهاجرين والانصار ظهرت مخازي اهل النفاق الذين يتربصون باهل الايمان الدوائر فانهم لما اعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهته وانه منطلق الى قتال الروم. قالوا لاهل الايمان اتحسبون جلاد بني الاصفر يعني الروم كقتال العرب بعضهم بعضا والله لك انى بكم غدا رنين في الحبال ظنوا انه لن يعود رسول الله واصحابه من تلك المعركة. وقالوا لا تنفروا في الحر تثبيتا وارجافا شحت قلوبهم وجفت ايديهم واستطار في المؤمنين شرهم فانطلقت السنتهم في اهل الايمان همزا ولمزا وسخرية وطعنا هم العدو فاحذرهم. فاذا جاء المؤمن بالمال الكثير قالوا ما اراد هذا الا الفخر والرياء. واذا جاء المؤمن بالمال القليل قالوا ان الله لغني عن صدقة هؤلاء وفيهم قال الله تعالى الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات. والذين لا يجدون الا جهدهم يسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب اليم. جاءت طائفة من اهل النفاق الى النبي صلى الله عليه وسلم. يلتمسون العذر في عدم الخروج جاءوا باعذار كاذبة فكشف مستور قلوبهم وظهر ضعف ايمانهم وكان من تلك الاعذار التي اعتذر بها هؤلاء ما اعتذر به الجد ابن قيس وهو احد المنافقين. فقال للنبي صلى الله عليه على اله وسلم اني اخشى على نفسي الفتنة بنساء بني الاصفر فاني لا اصبر على النساء. فكذبه الله وفضحه. فقال سبحانه ومنهم من يقول ائذن لي ولا الا في الفتنة سقطوا وان جهنم لمحيطة بالكافرين. ايها المؤمنون قعد بعض اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بامره كعلي ابن ابي طالب رضي الله تعالى عنه. الا ان المنافقين لم يتركوه فشاؤوا اليه قالوا ما تركك الا زهدا في صحبتك فوجد في نفسه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم الا ترظى ان تكون مني كهارون من موسى اي خليفة لي في المسلمين في خروج هذا. ايها المؤمنون خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه المهاجرون والانصار في حر شديد وكرب عظيم وساعة عسرة قوية طاعة لله ونصرة لدينه صدقوا الله فصدقهم. لقد تاب الله على على النبي والمهاجرين والانصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة وهي خروجهم الى تبوك. من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم انه بهم رؤوف رحيم. فرح المخلفون من المنافقين بمقعدهم خلاف رسول الله. كرهوا ان يجاهدوا في لله باموالهم وانفسهم. تربصوا بالمؤمنين الدوائر. وتخلف اقوام من المنافقين. ومن فتنوا في دينهم من اهل الايمان وكان ممن تخلف اولا ابو خيثمة رضي الله تعالى عنه. فجاء ذات يوم بعد خروج النبي صلى الله عليه سلم الى بيته جاء وقد هيأ له طعام حسن وظل بارد فاستيقظ قلبه وقال لنفسه معاتبا ابو خيثمة يعني نفسه في ظل بارد وطعام مهيأ وامرأة حسناء في ما له مقيم ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الشمس والحر والريح. والله ما هذا بالنصف والله ما هذا بالنصف اي ما هذا بالعدل والانصاف. فاعد رحله ولحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فانجاه الله من التخلف فلما اقبل على النبي صلى الله عليه وسلم وهم في تبوك. قال الصحابة هذا راكب على الطريق مقبل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كن ابا خيثمة فلما جاء اذا هو ابو فكان من ايات نبينا صلى الله عليه وسلم. فاخبر النبي خبره. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له ايها المؤمنون بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك بعد مصاعب عظيمة ومشاقة فلم يلق فيها كيدا ولم يواجه عدوا فان الله تعالى القى في قلوب الروم الرعب في الشام وتفرق من كان معهم من نصارى العرب فلم يخرجوا فلم يخرجوا للقاء النبي صلى الله عليه وسلم وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا. صدقوا الله فصدقهم وجعل لهم فرجا ومخرجا. رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين منصورين مؤيدين وفي رجوعه صلى الله عليه وسلم لم ينس قوما في المدينة كانوا قد اعدوا العدة بقلوبهم صدقوا في الخروج معه صلى الله عليه وسلم لكنهم حبسوا. فقال لاصحابه ان في المدينة اقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا الا كانوا معكم. فقالوا يا رسول الله هم في المدينة قال وهم بالمدينة حبسهم العذر وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ايها المؤمنون ان في هذا الخبر من الايات والعبر ما يوقظ البصائر ويلفت الانظار والفكر فاللهم اعنا على الاعتبار والادكار وارزقنا البصيرة بسيرة خير الانام صلى الله عليه وسلم. اقول هذا قول واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. احمده حق حمده واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين. اما بعد فاتقوا الله عباد الله. اتقوا الله واصدقوه في يكن لكم فيما تستقبلون من اموركم فاذا عزم الامر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم. فاذا على امر فاصدق الله في حاضرك. يكن الله لك في مستقبلك تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة عاد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من تلك الغزوة ودخل المدينة مستبشرا بدخوله ظافرا بعوده سالما مع اصحابه. فبدأ بالمسجد على عادته. فصلى صلى الله عليه وسلم ركعتين ثم جلس للناس فجاء المخلفون من الاعراب وجاء المخلفون من المنافقين يعتذرون فكان منهم من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عذرا ووكل سرائر ووكل ووكل سرائل ووكر وكل سرائرهم الى الله عز وجل. بايعهم واستغفر لهم. ثم ان ثلاثة من الصحابة كعب بن ما لك وصاحباه كانوا قد جاءوا الى النبي صلى الله عليه وسلم وهم ممن تخلف ولا عذر له في تخلفه فكان ما كان من صدقهم حيث اخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحقيقة الامر. وانهم تخلفوا بلا عذر فلم بشيء الا ان الله تاب عليهم بعد بلاء وتمحيص. ضاقت عليهم الارض بما رحبت وضاقت عليهم انفسهم وظنوا الا ملجأ من الله الا اليه. فتاب الله عليهم وعفا عنهم. اما المنافقون فقد فضح الله خبرهم. حيث قال تعالى لرسوله استغفر لهم او لا تستغفر لهم. ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم. ذلك بانهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين. تخلف اناس اخرون عن الخروج لا رغبة بانفسهم بل لعذر فقال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم ان اقواما بالمدينة ما سرتم مسيرا ولا نزلتم واديا الا شاركوكم في الاجر. ايها في هذه الغزوة العظيمة غزوة ذات العسرة من العبر والدروس ما ينبغي ان يقف عليه اهل الايمان بالاعتبار والاتعاظ وابرز ذلك ظهور ظهور خطورة النساء خطورة النفاق. وابرز ذلك وابرز ذلك ظهور خطورة النفاق فان المنافقين قد نجم نجمهم في هذه الواقعة وظهر شرهم واستطال فنزل فضحهم في سورة التوبة التي سميت الفاضحة فقد فضحت المنافقين. وقد قال الله تعالى في شأنهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله انى فكون والنفاق له اعمال صفات وخصال ينبغي لكل مؤمن ان يحذر على نفسه النفاق فان النفاق يبدأ في العمل ثم بعد ذلك يظهر في القلوب ويرسخ ذاك ان النفاق نوعان. نفاق ظاهر بالاعمال ونفاق باطن بالعقائد. واظمار الكفر واظهار الايمان. فيجب على المؤمن ان يحذر هذا وذاك. وان يتخلص وان يتخلى من خصال النفاق نفاق كثير من الناس يغفل عنه ويظن انه سالم منه وقد خافه الصحابة على انفسهم فجدير بنا ان نخاف النفاق على انفسنا وجماع خصال النفاق الكذب اظهار خلاف الحقيقة والواقع. فاحذروا النفاق في اقوالكم واعمالكم واعتبروا باحوال المنافقين وما ال اليه مصيرهم. حيث قال الله تعالى لرسوله استغفر لهم او لا تستغفر لهم ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم. ذاك انه لا يغريهم ما يظهرونه من صلاح الظاهر ويخفون من فساد الباطل فان الله بهم عليم يخادعون الله وهو خادعهم. اللهم اجرنا من النفاق في السر والعلن. اللهم طهرهم قلوبنا من النفاق واعمالنا من المعاصي وسيء الاقوال والاعمال. اللهم انا نسألك الهدى في السر والعلن يا ذا الجلال والاكرام اللهم امنا في اوطاننا واصلح ائمتنا وولاة امورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين. اللهم وفق ولي امرنا الى ما تحب وترظى خذ بناصيته الى البر والتقوى سدده في القول والعمل يا ذا الجلال والاكرام. اللهم وانصر جنودنا الذين يحرسون امننا ويحمون حدودنا ويذبون عن بلادنا. اللهم واكتب مثل ذلك لكل من دافع عن الاسلام والمسلمين في كل مكان. اللهم انصر الاسلام واهله واذل الكفر وملله. اللهم انا نسألك الهدى والتقى والعفاف والرشاد والغنى. ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين اللهم اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان. ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا. ربنا انك رؤوف رحيم. وصلى الله وسلم على سيد المرسلين وامام المتقين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين