ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره. ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا واشهد ان لا اله الا الله شهادة تنجي قائلها من النار واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صفيه وخليله خيرته من خلقه بعثه الله بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا. وداعيا اليه باذنه وسراجا منيرا. بلغ الرسالة وادى الامانة ونصح الامة تركها على محجة بيضاء لا يزيغ عنها الا هالك فصلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين. اما بعد فان اصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة ايها المؤمنون عباد الله ان اعظم الشدائد التي تنزل بالعبد في الدنيا هو الموت وسكراته وما بعد الموت اشد منه على المسرف الغافل فواجب على كل مؤمن الاستعداد للموت والاستعداد لما بعده بتقوى الله عز وجل والتزود بالاعمال الصالحة قال ربكم جل في علاه قوله الحق جل في علاه يا ايها الذين امنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله ان الله خبير بما تعملون ولا تكونوا كالذين نسوا الله فانساهم انفسهم اولئك هم الفاسقون فمن ذكر الله في حال صحته ورخائه وعافيته واستعد للقاء ربه جل وعلا واستعد ما يكون في نزول الموت وما بعده ذكره الله تعالى في هذه الشدائد فكان معه فيها تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون يكون الله معه في هذه الشدائد العظيمة ويلطف به ويعينه ويتولاه ويثبته على التوحيد وتسدده في جوابه فيلقى الله تعالى وهو عنه راب ومن نسي الله تعالى وغرته دنياه وغرته صحته وغره ماله وغره رخاؤه وغره ما هو فيه من متع الدنيا وغفل عن الاستعداد للقاء ربه جاءه الموت على حين غفلة فنزل به على اشد ما يكون وكان ذلك اول ما يكون من الشدائد التي يلقاها فالمؤمن المتهيأ المستعد بطاعة الله وتقواه. اذا نزل به الموت احب احب لقاء الله فاحب الله لقاءه. واما المسرف الغافل فبالعكس من ذلك وحينئذ حينئذ يفرح المؤمنون حينئذ يستبشر اهل الايمان حينئذ يقول المؤمن يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين حينئذ يندم المفرط الغافل حينئذ يندم من اسرف على نفسه والهته دنياه عن لقاء ربه. فيقول يا حسرتاه ما فرطت في جنب الله ايها المؤمنون الدنيا دار عمل وهي سريعة التقظي والاخرة دار جزاء وهي دار القرار فمن يعمل هنا يجد خيرا هناك ومن لم يعمل هنا ندم هناك ايها المؤمنون اذا خرج الانسان من الدنيا انقطع عمله وسئل عما كان من اعماله واول مواطن السؤال عندما يوضع في قبره فيأتيه ملكان فيسألانه من ربك ما دينك من نبيك؟ سؤال حق يسأله كل مقبور ايها المؤمنون يبقى الناس بعد هذا السؤال في قبورهم ما شاء الله ان يبقوا ثم ينفخ في الصور ثم ينفخ في الصور نفخة واحدة نفخة البعث والنشور فاذا نفخ في الصور خرج الناس من قبورهم واجداثهم ينسلون الى ربهم يسرعون للحضور بين يديه ان كل من في السماوات والارض الا اتي الرحمن عبدا يأتون اليه لا يتمكنون من تخلف ولا تأخر ولا تأني يحزن المكذبون عندئذ وتظهر حسرتهم كما قال جل في علاه. ونفخ في الصور وهذا نفخ البعث والنشور. فاذا هم من الاجداث الى ربهم ينسلون هذا حال الناس يوم البعث والنشور. يتوافدون صراعا مهطعين الى الداع قالوا يا ويلنا هذا قول الخاسرين الغافلين من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون ان كانت الا صيحة واحدة فاذا هم جميع لدينا محضرون. فاليوم يوم العرظ والنشور والقيام بين يدي العزيز الغفور. فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون الا ما كنتم ايها المؤمنون هذا حديث حق ليس ذلك بالاساطير هذا وعد صدق لا كذب فيه ولا ميل. هذا قول رب العالمين العليم الخبير في ذلك اليوم العظيم. يجري على الناس اهوال واحوال. ومن تلك الاهوال والاحوال سؤال الملك الديان جل في علاه. فما منا الا وسيسأله ربه جل في علاه. قال الله تعالى لرسوله وانه لذكر لك ولقومك. وسوف تسألون. وقال مقسما جل في علاه اوربك لنسألنهم اجمعين عما كانوا يعملون. فما منا الا مسؤول فاللهم ثبتنا بالقول الثابت يوم نلقاك يا ذا الجلال والاكرام. ايها المؤمنون جميع الخلق مسؤولون يوم القيامة. قال الله تعالى فلنسألن الذين ارسل اليهم ولنسألن المرسلين. قال الله تعالى فوربك لنسألنهم اجمعين. فيسأل الله الرسل جميعا عن تبليغ الرسالات كما ذكر سبحانه ولنسألن سليم وكما قال جل في علاه واذ اخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وابراهيم وموسى عيسى وعيسى ابن مريم واخذنا منهم ميثاقا غليظا ليسأل الصادقين عن صدقهم واعد للكافرين عذابا اليما فيسأل فيسأل الله تعالى الصادقين وهم الرسل ومن امن بهم يسألهم عن صدقهم جل في علاه. ويسأل الله الرسل عن اقوامهم وبماذا اجابوهم يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا اجبتم؟ يسألهم الله تعالى عن اجابة في اقوامهم ويسأل الناس عن اجابتهم الرسل كيف كانت كما قال تعالى يسألني ويسألك ويسأل كل احد من البشر ويوم يناديهم فيقول جل في علاه ماذا اجبتم المرسلين قال صلى الله عليه وسلم في يوم عرفة في جمع مشهود عظيم. قال صلى الله عليه وسلم وانتم وانتم تسألون عني فما انتم يسأل الله تعالى المكذبين والمشركين والمعرضين. كما قال سبحانه ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم الله اي والله يقسم الله بذاته جل في علاه. تالله لتسألن عما كنتم تعملون وقال تعالى في المشركين وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن اناثا. اشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون. وكل شاهد في امر دقيق او جليل. صغير او كبير سيسأله الله بعد شهادته اكان صادقا فيها ام كان كاذبا اكان محقا ام كان على غير هدى ستكتب شهادتهم ويسألون. ايها المؤمنون مما يسأل الله تعالى عنه الناس يوم القيامة ما منحهم من القوى والقدرات في الابصار والاسماع والعقول. قال الله تعالى ولا تقفوا ما ليس لك به علم. ان السمع والبصر والفؤاد وهو الفكر والعقل كل اولئك كان عنه مسؤولا. يقول ابن عباس يسأل الله العباد يوم القيامة فيما استعملوها اي اسماعهم وابصارهم وعقولهم وفي هذا زجر عن النظر الى ما لا يحل او الاستماع الى ما لا يحل او ارادة ما لا يجوز. فاتقوا الله عباد الله ستسألون عن اعمالكم الدقيقة والجليل الصغير والكبير ستسألون عن اعمالكم دقيقها وجليلها صغيرها وكبيرها علانيتها وسرها ظاهرها وباطنها. قال الله تعالى فوربك لنسألنهم اجمعين عما كانوا يعملون. وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم وستلقون ربكم فيسألكم عن اعمالكم ايها المؤمنون ما منا الا ويسأل يوم القيامة جاء في السنن من حديث ابي برزة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تزول لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما افناه وعن علمه فيما فعل وعن ماله من اين اكتسبه وفيما انفقه؟ وعن جسمه فيما ابلاه. وفي رواية عبد الله بن مسعود قال صلى الله عليه وسلم لا تزول قدم عبد يوم القيامة من عند ربه حتى يسأله عن خمس عن عمره فيما افناه وعن شبابه فيما ابلاه. وعن ماله من اين اكتسبه وفيما انفقه وعن عملي وعن علم وعن وعن عمل فيما علم اي عن عمله بعلمه قال ابو ذر ذو الدرهمين يوم القيامة اشد حسابا من من ذي الدرهم. صاحب الريالين اشد حسابا من صاحب الريال. ايها المؤمنون ستسألون يوم القيامة عن العهود والمواثيق التي امركم الله تعالى بالوفاء بها قال الله جل في علاه واوفوا بالعهد ان العهد كان مسؤولا. وقال تعالى وكان عهد الله مسئولا ومن اعظم ما يسأل عنه يوم القيامة ما استرعاه الله تعالى اياه. فما استرعاك الله تعالى اياه انت مسئول عنه من عمل او ولد او مال او غير ذلك مما مكنك الله تعالى وجعله تحت يدك. كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالامام راع وهو مسؤول عن رعيته والرجل في اهله راع وهو مسئول عن رعيته. والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها. والخادم في ماله لسيده راع وهو مسئول عن رعيته. فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته والموظف راع على نسق ما قال صلى الله عليه وسلم وهو مسؤول عن رعيته ايها المؤمنون ان الله تعالى سائل كل ذي رعية فيما استرعاه. ااقام امر الله فيهم اما ضاع حتى ان ليسأل عن اهل بيته. اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. سددنا في الاقوال والاعمال واغفر لنا الخطأ والزلل يا ذا الجلال والاكرام. اقول هذا القول واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه. انه هو الغفور الرحيم الحمد لله رب العالمين له الحمد في الاولى والاخرة له الحمد في الاولى والاخرة وله الحكم واليه ترجعون. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فاتقوا الله عباد الله. اتقوا الله تعالى واعدوا للسؤال جوابا. انكم ايها المؤمنون ستسألون عما انعم الله تعالى به عليكم من سائر النعم التي تفظل بها عليكم في ابدانكم وفي اموالكم وفي بلدانكم وفي اهليكم وفي مآكلكم وفي مشاربكم وفي مراكبكم وفي مساكنكم وفي كل ما اتاكم من خير الدنيا ستسألون عنه يوم القيامة ثم لتسألن يومئذ عن النعيم. فالله تعالى سائل كل ذي نعمة فيما انعم عليه ايها المؤمنون لا يحقرن احدكم شيئا من النعم فانك مسؤول عن ذلك كله. ان الله ليرضى عن العبد يأكل الاكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها. خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقي ابا بكر وعمر فقال ما اخرجكما من بيوتكما في هذه الساعة وكانت ظهيرة. قال الجوع يا رسول الله. قال وانا والذي نفسي بيده لاخرجني الذي اخرج اخرجكما خرج سادات الدنيا رسول الله وابو بكر وعمر من بيوتهم لم يخرجهم الا الجوع. فذهبوا الى رجل من الانصار فاذا هو ليس ببيته فلما رأته لما رأتهم امرأته هيأت لهم منزلا فنزلوا ثم اتوا بالماء ثم جاء الانصاري رضي الله تعالى عنه فقال ما احد اليوم اكرم اضياف اضيافا مني فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب ثم اكل منه النبي صلى الله عليه وسلم وصاحب اخذ الرجل المدية السكين فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اياك والحلوب لا تذبح حلوبا فذبح لهم فاكلوا من الشاة ومن ذلك العذق وشربوا. فلما ان شبعوا ورووا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابي بكر وعمر والذي نفسي بيده يحلف الله يحلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بربه يحلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بربه. والذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم. يوم القيامة اخرجكم من بيوتكم الجوع ثم لم ترجعوا حتى اصابكم هذا النعيم قال الفضيل بن عياض قال الفضيل قال الفضيل ابن عياض لرجل كم اتت عليك من سنة قال ستون سنة قال فانت منذ ستين سنة تسير الى ربك يوشك ان تبلغ اي وشك ان تغادر وتموت فقال الرجل انا لله وانا اليه راجعون فقال له الفضيل بن عياض اتعرف تفسيرها تقول انا لله وانا اليه راجعون. فقال له فقال الفضيل مبينا لهذه الكلمة ان انا لله عبد واليه راجع انا لله عبد واليه راجع ثم قال رحمه الله فمن علم انه لله عبد من علم انه اليه راجع. فليعلم انه موقوف ومن علم انه موقوف فليعلم انه مسؤول. ومن علم انه مسؤول فليعد للسؤال جوابا فقال الرجل وقد هاله الجواب فما الحيلة وقد بلغت من العمر هذا المبلغ قال فضيل يسيرة الحيلة يسيرة. قال ما هي؟ قال تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى فانك ان اسأت فيما بقي اخذت بما بما مضى وبما بقي. والاعمال بالخواطر حكي عن الحسن البصري انه قال اعد للسؤال جوابا وللجواب صوابا والا فاعدد للنار جلبابا. وقال عمر بن الخطاب حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا وزنوا انفسكم قبل ان توزنوا وتأهبوا للعرض الاكبر قبل ان تعرضوا. كم من النعم تحيط بكم؟ وكم من الخيرات تتنعمون بها فاعرفوا لله الحق فيها بشكره والثناء عليه بها واستعمالها فيما يحب ويرضى. واياكم والاغترار بالدنيا فما اسرع انقظاءها وما اشد تحول احوالها لتركبن طبقا عن طبق. اللهم اعنا على ذكرك وشكرك او حسن عبادتك. اللهم استعملنا فيما تحب وترضى واصرف عنا السوء والفحش يا ذا الجلال والاكرام. اللهم اجعل خير اعمالنا خواتمها وخير اعمارنا اواخرها وخير ايامنا يوم نلقاك يا ذا الجلال والاكرام. ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين اللهم امنا في اوطاننا واصلح ائمتنا ولاة امورنا واجعل ولايتنا في من خافك واتقاك واتبع رضاك يا حي يا قيوم. اللهم ولاة الامر الى ما فيه خير العباد والبلاد. سددهم في الاقوال والاعمال. اللهم من ارادنا واراد المسلمين بشر فاشغله بنفسه. ورد كيده في نحره واكفنا بقوتك وحولك كيده ومكره. ربنا اعنا ولا تعن علينا. ربنا انصرنا على من بغى علينا. ربنا ولا تؤثر علينا ربنا اهدنا ويسر الهدى لنا. ربنا اجعلنا لك ذاكرين شاكرين. راغبين راهبين اواهين منيبين. اللهم تقبل توبتنا واغفر زلتنا واقل عثرتنا ولا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا. اللهم الهمنا رشدنا وقنا شر انفسنا اللهم اغفر لنا ولاخواننا الذين الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا انك رؤوف رحيم. الا وصلوا على رسولكم صلى الله عليه وسلم. فان صلاتكم معروضة عليه. اللهم صلي على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد