ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا واشهد ان لا اله الا الله اله الاولين والاخرين لا اله الا هو الرحمن الرحيم واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته باحسان الى يوم الدين اما بعد فاتقوا الله ايها المؤمنون فتقوى الله تعالى تفتح ابواب الخيرات ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب بالايمان والتقوى تستفتح بركات السماوات والارض قال الله جل في علاه ولو ان اهل القرى امنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض ان فتح بركات السماوات والارض لا يتحقق الا بالاستقامة على امر الله وشرعه. وان لو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماء غدقا وقال جل في علاه ولو انهم اقاموا التوراة والانجيل وما انزل اليهم من ربهم لاكلوا من فوقهم ومن تحت ارجلهم ايها المؤمنون ان تقوى الله تعالى هي القيام بشرعه هي امتثال امره هي تعظيم ما عظمه واجتناب ما نهى عنه وحرمه عباد الله المال قوام الحياة المال زينة الحياة الدنيا قال جل في علاه المال والبنون زينة الحياة الدنيا فبالمال تعمر الارض بالمال يطيب العيش بالعلم والمال يبني الناس ملكهم لم يبنى ملك على جهل واقلال طب المال فطرة فطر الله تعالى النفوس عليها وتحبون المال حبا جما وقد قال جل في علاه وانه اي الانسان وانه لحب الخير لشديد السعي في اكتساب المال شرعة اذن الله تعالى بها في كتابه فقال جل في علاه يا ايها الذين امنوا اذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون فاذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض وابتغوا من فضل الله وقال جل في علاه هو الذي جعل لكم الارض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور ايها المؤمنون ان المال فتنة عظيمة تحصل لبني ادم في اكتسابه وفي امساكه وفي انفاقه قال الله جل وعلا انما اموالكم واولادكم فتنة ثم ذكر الله تعالى طريق السلامة من تلك الفتنة فقال فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا واطيعوا وانفقوا خيرا لانفسكم ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون ان تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم وقد جاء في جامع الترمذي باسناد لا بأس به من حديث ابي برزة الاسلمي رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تزول لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما افناه وعن علمه فيما فعل به وعن ماله من اين اكتسبه وفيما انفقه فواجب على كل مؤمن واجب على من اراد النجاة يوم الميعاد ان يعد لهذه الاسئلة جوابا سل نفسك عن كل درهم في جيبك او في حسابك او في ملكك من اين اكتسبته وفيما انفقته هذا سؤال سيوجه اليك بين يدي ملك حق يعلم الدقيق والجليل لا تخفى عليه خافية سبحانه وبحمده ايها المؤمنون ان من فتنة المال الا يبالي الانسان من اين اكتسبه ولا يكترث من اين اخذ فتجده لاهثا في اكتسابه وتحصيله تجده ساعيا في الاستكثار منه دون تفكير في حلال او حرام وانه لمن البلاء العظيم ان تكون من اولئك الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري من حديث ابي هريرة ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما اخذ المال يعني باي سبب ومن اي طريق لا يأتي ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما اخذ المال امن حلال ام من حرام وان من اكثر ما يحصل به التساهل باكتساب الاموال ما تورط فيه كثير من الناس عبر الازمان وفي زمننا هذا على وجه الخصوص من اكثر ما يحصل به التساهل في التكسب والتورط في المال الحرام الجناية على المال العام فان الجناية على المال العام سبيل مسلوك من كثير من الناس والمال العام هو الذي يملكه الناس كافة وتشرف على ادارته الدولة سواء كان ذلك نقودا او كان ذلك عقارا او كان ذلك ثروات او كان ذلك مرافق وخدمات او كان ذلك طرق ومستشفيات او كان ذلك ما كان من المال الذي يشترك الناس في الانتفاع به. والملك فيه لجميع الناس والدولة تشرف عليه كثير من الناس لا يقيم لهذا المال حرمة ولا يرى له قيمة ولا يتحرج في الاستكثار منه والاخذ يأخذ منه ما استطاع ويعده غنيمة باردة ويقول كما يقول كثير من الناس هو لك او لاخيك او للذئب كذب والله انه مال يشترك جميع الناس في استحقاقه فالجناية عليه عظيمة قال الله تعالى ومن يغلل يأتي بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون لا فرق في ذلك بين قليل المال وكثيره المال العام عظيم التحريم ليس في ذلك فرق بين المال اليسير والمال الكثير جاء في صحيح الامام مسلم من حديث عدي الكندي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول انتبه ايها الاخ انتبه يا من تريد النجاة يقول صلى الله عليه وسلم من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطا فما فوقه اتدرون ما هو المخيط انه الابرة فكتمنا ابرة فما فوقها كان غلولا يأتي به يوم القيامة فالغلول كل مال اخذ من المال العام بغير حق سواء كان ذلك من صاحب الولاية او كان ذلك من المستفيد من هذه المرافق ومن هذه الاموال لا فرق في ذلك بين قليل وكثير وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم غلولا لانه يغن يد صاحبه كالاسير الذي يغل بالحديد انه غلول تغل به يدك بين يدي الله عز وجل والغلول ايها المؤمنون كبيرة من كبائر الذنوب عظيمة ومن عظم الغلول الكثير او القليل انه يبطل اجر الجهاد ويذهب اجر الشهادة واستمع الى هذا الحديث جاء في صحيح الامام مسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لما كان يوم خيبر اقبل نفر من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا فلان شهيد وفلان شهيد حتى مروا على رجل فقالوا فلان شهيد فقال النبي صلى الله عليه وسلم كلا توقف النبي صلى الله عليه وسلم فنفى عن هذا وصف الشهادة. كلا يعني ليس هذا ليس الامر كما وصفتم. ليس هذا بشهيد كلا ما السبب؟ اني رأيته في النار ببردة غلها بردة مثل هالمشلح بردة اغلها في الجهاد فابطلت عمله اني رأيته في النار ببردة غلها وفي حديث اخر قال صلى الله عليه وسلم في رجل قتل بالجهاد فقال صلى الله عليه وسلم ان الشملة التي اخذها من الغنائم قبل ان تصيبها المقاسم لتشتعل عليه نارا شمله من ابخس ما يكون من المال لكنها غلول يأتي بها يوم القيامة كما قال الله جل في علاه ومن يغلل يأتي بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون فكل درهم وكل دينار وكل شبر من الارض وكل عقار تستولي عليه او مال تأخذه من المال العامي بغير حق. ستأتي به يوم القيامة يشتعل عليك نارا وهو قطعة من النار تتزود من ذلك او تستقل. فكن على حذر فان المال العام شأنه خطير اللهم قنا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن. وارزقنا الاستقامة على ما تحب وترظى. يسر لنا حلالا طيبا تغنينا به عمن سواك. اقول هذا القول واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه. انه هو الغفور الرحيم الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه احمده حق حمده لا احصي ثناء عليه هو كما اثنى على نفسه واشهد ان لا اله الا الله اله الاولين والاخرين لا اله الا هو الرحمن الرحيم واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه. ومن اتبع سنته باحسان الى يوم الدين اما بعد فاتقوا الله ايها المؤمنون اتقوا الله تعالى حق التقوى وراقبوه جل في علاه في الدقيق والجليل والصغير والكبير فان حقوق الخلق عظيمة والله تعالى يعفو ويصفح ويتجاوز فيما يكون بينك وبينه من الحقوق اذا تبت وانبت وحق الخلق موقوف على التحلل والاستباحة فاتق الله في حقوق الخلق في دمائهم واموالهم واعراضهم ايها المؤمنون ان نعم الله تعالى تدوم بالشكر وقد قال الله جل وعلا واذ تأذن ربكم لئن شكرتم لازيدنكم ولئن كفرتم ان عذابي لشديد وان من شكر النعم ان يتقي الله تعالى العبد في الاموال الخاصة والعامة فيقيموا حق الله تعالى في ماله فينظر من اين اكتسبه وفيما انفقه ويتقي الله تعالى في المال العام بصيانته وحفظه وان لا يدخل عليه قليلا من المال او كثيرا من المال الا وهو على بصيرة فيما حل في يده في الصحيحين من حديث انس بن مالك رضي الله عنه مر النبي صلى الله عليه وسلم بتمرة في الطريق فقال صلى الله عليه وسلم لولا ان تكون من الصدقة لاكلتها لولا ان تكون من الصدقة والصدقة محرمة على محمد وعلى ال محمد صلى الله عليه وعلى اله فاحتاط صلى الله عليه وسلم من هذه التمرة ان تكون من الصدقة. فلم يأكل منها شيئا وتجنبها وقال لولا ان تكون من الصدقة لاكلتها فما بالكم بالذي يأكل اموال الطائلة من حقوق الناس سواء كانت حقوقا خاصة او حقوقا عامة سواء كانت من الاموال خاصة بالناس او الاموال العامة التي يشترك الناس في ملكها كالمال العام الذي في بيت المال الذي تشرفه الدولة على توزيعه وايصاله لمستحقيه ايها المؤمنون ان الامر خطير. فاتقوا الله ادوا الامانة الى اهلها فان الله قد امركم بذلك ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها وان الله تعالى قد افاض على بلادكم بخير كثير فميزانيتكم ميزانية مميزة فيها خير كثير. تنمية ونمو ولا سبيل للاستكثار من ذلك الخير وانزال البركة في هذه الاموال الا بان نعرف ان هذا المال نحن محاسبون على دقيقه وجليله لا يحل لنا منه فلس او قرش الا بحق اذا تعاملنا مع المال العام بهذه الروح وانطلقنا من هذا المنطلق افاض الله علينا من البركات وفر لنا من الخيرات ما يكون سببا كثرة الخير وصلاح الدنيا والاخرة وان من الناس من يقول ان هذه الاموال العامة تنتهك كثيرا وانا من جملة الناس انا معهم اكل كما يأكلون ويحتج بما ذكرت هي لك او لاخيك او للذئب وهذا كذب لا يعذرك امام الله تعالى يوم القيامة. فلن تحاسب يوم القيامة الا على عملك كل نفس بما كسبت رهينة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول لا تزولوا قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل هو انا وانت عن اربعة ومنه عن ماله من اين اكتسبه وفيما انفقه؟ لن يعذرك عند الله ان تقول والله السراق كثر يا ربي المال العام ينتهكه كثير من الناس لن يعذرك ذلك عند الله تعالى. بل الواجب على كل واحد منا ان يكون ناصحا لله ولرسوله لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم. ومن النصيحة ان نصون هذا المال العام بما استطعنا الى ذلك سبيلا وقد جاء عند الترمذي من حديث حذيفة باسناد فيه ضعف لكن معناه صحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تكونوا امعة تقولون ان احسن الناس احسنا وان ظلموا ظلمنا وطنوا انفسكم ان احسن الناس ان تحسنوا وان اساءوا فلا تظلموا وطنوا انفسكم على صيانة انفسكم من المال الحرام فكل نفس بما كسبت رهينة واعلموا ان خيانة المال العام تكون على اوجه عديدة ليست فقط بالاختلاسات انما تكون بعدم اداء الامانة باخذ الاموال من غير حق بسبب الولاية فان من الناس من يضطر المراجعين الى ان يبذلوا له مالا بطرق ملتوية هدية بقشيش عمولة اعانة لاجل ان يسير اعمالهم وينهي معاملاتهم وهذا قد جمع سوأتين اكل المال الحرام وخيانة الامانة واضافة الى هذا اذية الخلق بتعطيل معاملاتهم فليتق الله كل واحد منا ايها الاخوة ولا يقولن الواحد منا انا ما لي دخل هذا غيري هذا فلان هذا الجهة الفلانية كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. من رأى منكم منكرا فليغيره. الذي يدفع العمولة البخشيش العامل والموظف هو مشترك في الخيانة الواجب ان يبذل كل طريق لقطع الخيانة وايقافها وان يحتسب الاجر عند الله تعالى في ذلك. اما ان اسكت انا وتسكت انت وادفع انا وتدفع انت فكيف تعالج مظاهر الفساد وكيف تختفي مثل هذه المظاهر السيئة التي اذا فشت في المجتمع هلك المجتمع وتعطلت مصالحه اللهم الهمنا رشدنا وقنا شر انفسنا ارزقنا حلالا طيبا تغنينا به عن من سواك يا رب العالمين اللهم بارك لنا فيما رزقتنا انك على كل شيء قدير. افتح لنا بركات السماء والارض. اللهم وفق ولاة امورنا الى ما تحب وترظى اللهم باركهم وبارك لهم واعنهم وسددهم واجعلهم رحمة للعباد والبلاد يا رب العالمين. اللهم من ارادنا واراد المسلمين بسوء او فاشغله بنفسه واكف المسلمين شره اعنا بعون منك يا ذا الجلال والاكرام. اهدنا سواء السبيل واعنا على سلوك الصراط المستقيم وعذنا من مظلات الفتن يا رب العالمين. اللهم امنا في اوطاننا واصلح ائمتنا وولاة امورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك اللهم اجعل هذا البلد امنا مطمئنا وسائر بلاد المؤمنين. اللهم اجعله سخاء رخاء يا رب العالمين. اللهم بارك لنا ففي اقواتنا وارزاقنا واموالنا واهلينا واكفنا شر انفسنا وشر كل ذي شر انت اخذ بناصيته. ربنا لا تؤاخذنا بما فعلنا على السفهاء منا اعنا على طاعتك وانصرنا على اعدائك ووفقنا الى ما تحب وترظى ظاهرا وباطنا. اللهم اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا انك رؤوف رحيم. اللهم صلي على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد