المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله خطبة في النهي عن الاسراف في النفقات. الحمد لله الذي دبر عباده في كل امورهم احسن تدبير. ويسر لهم احوال المعيشة وامرهم بالاقتصاد ونهاهم عن الاسراف والتقدير. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. واشهد ان ان محمدا عبده ورسوله البشير النذير. اللهم صل وسلم وبارك على محمد وعلى اله واصحابه. الذين سلكوا طرق الاعتدال والتيسير اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى ودعوا مجاوزة الحد في كل الامور. واسلكوا طريق الاقتصاد في الميسور والمعسور. فقد قال الله تعالى والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا. وكان بين ذلك قواما. فيدخل في هذا الارشاد النفقات الواجبة والمستحبات كما يدخل فيه النوائب التي تنوبكم عند عوارض الحاجات. وقد حدث التوسع الزائد في هذه الاوقات في الولائم ومحافل النساء وغيرها من الدعوات وهذا ضرر عظيم مخالف للشرع والعرف وحسن التدبير. ومضاره شاملة للغني والفقير. فالاسراف مخالف لما امر به الشارع فقد جعل الله الاموال قياما للناس. تقوم به المصالح والمنافع. فمن صرفها في غير وجهها او تجاوز بها حدها وقد ضيع ما جعله الله قواما. حيث صرفها عن المصلحة وصدها. وهذا النوع من النفقة لم يضمن الله للمنفق خلفها ورفضها. الاوان في النفقات لا تستجيزه اهل العقول الوافية. ولا يبني مكرمة لذوي الهمم العالية. ولا يصير له موقع يذكر ولا معروف واحساس يشكر بل نشاهد المدعوين القادح منهم اكثر من المادحين. وذلك ضار لصاحبه ولمن اراد مقابلته من الفاعلين لترون العاجزين ومن ليس لهم مقدرة يلتزمون ذلك مجاراة للاغنياء القادرين. فلو ان رؤساء الناس التزموا واتفقوا على الاقتصاد لشكروا على ذلك وكان خيرا لهم ولاهل البلاد. اما تشاهدون افرادا من الرجال الذين لا يشك في كرمهم وعقلهم اذا سلكوا طريق الاقتصاد اتفق الناس على الثناء عليهم ويرونه من محاسنهم واحسانهم الى الذين ينتمون اليهم وخصوصا في هذه الاوقات التي اشتدت بها المؤنة وارتفعت الاسعار. وصار الواحد اذا جار الناس في توسعهم حمل ذمته ما لا يطيق وتحمل المضار. فلو بذل ذلك في ضروراته وحاجاته لكان خيرا له من بذله في امور ليست من كمالاته. وقد تشاهدون من يسرف في هذه النفقات فهو مقصر غاية التقصير في قيامه بما عليه من الواجبات. فانظروا رحمكم الله ماذا يجب عليكم في اموالكم وما يحسن شرعا وعقلا هذا السبيل ولا تصغوا لمن يريد غير ذلك اصلا. ولا تضطروا عباد الله باسرافكم في امور لا يحبها. ولا تدخلوهم في احوال ونفقات لا يرتدونها. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم