بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد باب اداب قضاء الحاجة عن انس ابن مالك رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا دخل الخلاء قال اللهم اني اعوذ بك من الخبث والخبائث. باب اداب قضاء الحاجة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام لا تمان الاكملان على اشرف الانبياء والمرسلين وعلى اله وصحبه ومن سار على سبيله ونهجه توسلنا بسنته الى يوم الدين. اما بعد فهذا الباب متعلق بالطهارة من الحدث اعتنى العلماء رحمهم الله من المحدثين والفقهاء ببيانه وبيان هدي النبي صلى الله عليه وسلم فيه تقدم معنا في البابين الماضيين ما يتعلق بالركن الاول من اركان الطهارة وهو الماء الذي يتطهر به وقلنا ان الطهارة تقوم على شخص يتطهر وشيء يتطهر به وصفة تحصل بها الطهارة فهذه الثلاثة الامور اذا اجتمعت حصلت الطهارة الشرعية التي امر الله بها والباب الاول وهو باب المياه وباب الانية وهو الباب الثاني متعلقان بالشيء الذي يتطهر به اما هذا الباب فانه متعلق بالصفة التي تحصل بها الطهارة والمراد بالصفة التي تحصر بها الطهارة من الخبث وهي النوع الثاني من انواع الطهارة لان الطهارة اما ان تكون من الحدث واما ان تكون من الخبث هذا الباب ثبتت به الاحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من هديه وسنته القولية والفعلية التي اشتملت على الاداب التي ينبغي للمسلم ان يراعيها قبل قضاء الحاجة او عند قضائه لها او بعد فراغه من قضائها وهذا ان دل على شيء فانما يدل على عظيم فضل الله على هذه الامة حيث ان المسلم يتقرب الى الله عز وجل حتى وهو يقضي حاجته وهذا يدل على عظيم فضل الله لان الله ادب خلقه فاحسن تأديبه فاحسن تأديبهم وعلمهم فاحسن تعليمهم سبحانه وتعالى ولذلك لما قال قيل لسلمان الفارسي رضي الله عنه وارضاه علمكم رسولكم كل شيء حتى الخراءة قال نعم علمنا كل شيء حتى القراءة نهانا ان نستنجي باقل من ثلاثة احجار وان نستنجي بالعظم والروث وهذا من اعتزازه بدين ربه واعتزازه بسنة نبيه صلوات الله وسلامه عليه فهذا الدين دين كامل وهو يدل على عظيم فضل الله لانك اذا جئت تقضي حاجتك وانت تتبع سنة النبي صلى الله عليه وسلم يكتب اجرك ويعظم ثوابك. لان اتباع السنة كله خير للعبد في دينه ودنياه واخرته والعلماء رحمهم الله اختلفت عباراتهم فمنهم من يقول باب الاستطابة ومنهم من يقول باب الخلاء ومنهم من يقول باب قضاء الحاجة ومنهم من يقول باب الاستنجاء وكل هذه العبارات لها اصل في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن قال باب الاستطابة فان له وجها من قوله عليه الصلاة والسلام فليستطب بثلاثة احجار ومن قال باب الخلاء وهو يرمي الى حديث انس ابن مالك رضي الله عنه الذي معنا واشباهه من الاحاديث وفيه قوله رضي الله عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا دخل الخلاء ومن قال باب الاستنجاء له اصل من قوله عليه الصلاة والسلام فلا يستنجدي باقل من ثلاثة احجار اذا اردنا ومن قال باب قظاء الحاجة فله اصل من قوله عليه الصلاة والسلام اذا قعد احدكم لحاجته واذا اردنا ان نجمع هذه الابواب فمن قال باب الاستطابة فهو ينظر الى الفعل الذي يكون بعد الفراغ فراغ الانسان من قضاء حاجته وهو ان يتطهر ويطيب المكان سيقال استطابة اي انه يحصل منه تطييب ذلك المكان فيستطيب بخروج الخارج منه وكذلك تطهره من ذلك النجس الخارج ومن قال باب الخلاء الخلا سيأتي تعريفه وبيان ان الاصل في الخلاء المكان الفاضل واسع فلما كانت العرب في القديم تقضي الحاجة وتطلب مثل هذه الامكنة عبر عن قضاء كني عنه بما يخرج من الانسان وهذا من باب اطلاق المحل وارادة الحال فيه ومثله الغائط وقد سمى الله عز وجل موضع قضاء الحاجة بهذا الاسم وهو من باب الكناية من قال باب اداب قضاء الحاجة فانه التعبير الذي عبرنا به باب اداب قضاء الحاجة يجمع هذه الامور كلها وتوضيحه ان اداب قضاء الحاجة متنوعة مختلفة منها ما يكون قبل قضاء الحاجة ومنها ما يكون اثناء قضاء الحاجة ومنها ما يكون بعد الفراغ من الحاجة وقضائها والانتهاء منها فاما الاداب الشرعية التي اشتملت على هذا كله فمنها ما هو قول باللسان وما هو ومنها ما هو فعل بالجوارح والاركان ولذلك يجمعها العلماء بقولهم باب اداب الاداب التي تكون قبل قضاء الحاجة منها ما هو قول ومنها ما هو فعل فاما الاداب القولية السنة لمن اراد ان يقضي حاجته انه اذا اراد دخول الموضع الذي يقضي فيه حاجته ان يقول اللهم اني اعوذ بك من الخبث والخبائث هذا الدعاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الاصل وجاء في بعض الروايات زيادة بسم الله وفي بعضها اعوذ بالله من النجس الشيطان الرجيم فهذا ادب قولي يقوله المسلم قبل دخوله لمحل قضاء الحاجة سيأتي شرحه وبيانه في شرح حديث الباب باذن الله تعالى ومن الاداب الفعلية ان الانسان اذا اراد ان يقضي حاجته عليه ان يطلب الموضع المناسب لقضاء الحاجة وهذا الموضع يشتمل على امور دلت اصول الشريعة والبعضها جاء فيه جاءت فيه به السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهي عنه والامتناع من قضاء الحاجة فيه وجاءت الاحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تبين ان المسلم اذا اراد ان يقضي حاجته فعليه ان يبتعد عن المواضع التي يؤذي بها المسلمين ومن ذلك قضاء الحاجة في طريق الناس او قضاء الحاجة في الظل النافع الذي ينتفع به الناس وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال اتقوا اللعانين قالوا وما اللعانان يا رسول الله قال الذي يبول في طريق الناس وفي ظلهم فبين النبي صلى الله عليه وسلم حرمة الحاجة في طرقات المسلمين وكذلك حرمة قضاء الحاجة الظل الذي ينتفع به المسلمون لانه اذا قضى حاجته في الطريق فانه يؤذي الناس بامرين الامر الاول نتن الرائحة التي تكون من النجاسة والامر الثاني انه ربما وطأ الناس تلك النجاسة اثناء مرورهم وحينئذ يتسبب هذا الفعل في لعن الناس له ولذلك قال صلى الله عليه وسلم اتقوا اللعانين حرم على المسلم ان يتعاطى هذا السبب في اذية اخوانه المسلمين ان يتسبب في اذية اخوانه المسلمين بتعاطي هذا الفعل بقضاء الحاجة في هذين الموضعين طريق الناس سمي الطريق طريقا لانه يسمع فيه طرق النعال اي صوت النعال وقيل سمي الطريق طريقا لان الناس تطرقه باحذيتهم وهذا يشمل الطريق العام والطريق الخاص لا يجوز ان يؤذي المسلمين في عمومهم ولا يجوز له ان يؤذي المسلمين في خصوصهم كذلك ايضا قضاء الحاجة في الظل النافع والظل النافع هو الذي ينزل الناس تحت فيه ويستظلون به كظلال الاشجار كما في البراري وكذلك الكهوف لانهم يحتاجونها ولربما يضطرون الى دخولها خاصة عند هبوب الرياح والعواصف الايواء اليها للمبيت فيها ونحو ذلك من البيوت المهجورة الطرقات السابلة فهذا كله من ظل المسلمين ولا يجوز للمسلم ان يقضي حاجته فيه فيؤذي اخوانه المسلمين بقضاء الحاجة فيه ويضيق عليهم كذلك ثبتت السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن بول في الماء الراكد وقد تقدم معنا حديث ذلك في الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام وبينا دلالة السنة الصحيحة على حرمة هذا الفعل وما يشتمل عليه من اذية الناس في موارد مياههم وما ينتفعون به من الماء سواء كان لانفسهم او لغيرهم كالدواب واذا طلب المسلم مكانا يقضي فيه حاجته ينبغي ان يبتعد عن الاماكن المكشوفة لان الاماكن المكشوفة تبدو فيها العورات ومقصود الشرع حفظ العورة وعدم كشفها للناس العور النقص وسميت العورة عورة لان كشفها منقصة للانسان ويؤذيه ويعيبه يتسبب في ذمه وثلبه يتقي المواضع التي تنكشف فيها عورته مثل ان يأتي في مجامع الناس او المكان القريب من مجامع الناس ليقضي حاجته ولذلك من من مما يستحب لمن يريد قضاء الحاجة خاصة في الفضاء والبراز ان يبتعد وان يستتر ولذلك قال العلماء والائمة في هذا الادب اذا طلب مكانا قالوا ابعد واستتر ابعد يعني ابتعد عن اعين الناس عندها لا يميز الناس شخصه واستتر كأن ينزل في حفرة سباطة قوم فبال قائم وقوله اتى سباطة قوم السباطة هي المزبلة واخذ العلماء من ان المكان القذر لا يجلس الانسان فيه لانه اذا جلس تأذى بالنجاسة والقذر بشمها سيبول قائما حتى او ولذلك سمي الغائط غائط لان الاغواط من الارض هي المطمئنة المنخفضة سيطلب هذه الاماكن او مثلا يأتي الى الى حجرة او صخرة ويجعلها بينه وبين الناس او تل من الرمل فيجعله بينه وبين الناس هذا كله من مما يحقق مقصود الشرع من حفظ العورة استجابة لامره عليه الصلاة والسلام كما في الحديث الصحيح حديث معاوية ابن جرهد رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له احفظ عورتك وقال بعض العلماء في حديث عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما والذي سيأتينا ان شاء الله في عذاب المقبورين ففي بعض الروايات اما هذا فكان لا يستتر من بوله قال بعض العلماء لا يستتر اي انه يكشف عورته عند بوله وان كان الاقوى لا يستنزه تفسر رواية لا يستتر اي انه يتقي البول ويتحفظ منه لكن في هذا تخويف من التساهل في كشف العورة والتساهل في قضاء الحاجة امام اعين الناس انه لا يأمن صاحبه ان يعذب عذاب القبر والعياذ بالله كذلك ايضا اذا اراد ان يقضي حاجته فانه يطلب موضعا لا يتضرر فيه بمعنى ان يكون الموضع مهيئا لقضاء الحاجة الاماكن المخصصة لقضاء الحاجة او تكون اماكن رخوة طاهرة حيث اذا بال فيها امن من طشاش البول ان يصيب ثوبه او يصيب اسافل بدنه يتنجس ليحصل له العذاب اعني عذاب القبر كما تقدم معنا في حديث عبد الله ابن عباس رضي الله عنهم المتفق عليه وكذلك ايضا عليه ان يطلب الموضع الذي لا يتسبب في ضرره اذا بال فيه فلا يبول في شق ولا في جحر اما الشق وقيل انه مساكن الجن وانه اذا بال في الشق لم يأمن من ضررهم العادة والتجربة ذكر بعض العلماء انها دالة على ذلك ولذلك نبه الائمة رحمهم الله على هذا وانه يتقي البول في الشق ولا يبول في الثقب لان الثقب قد يكون فيه ثعبان او يكون فيه حية او يكون فيه شيء من الهوائش واقل ما فينا لو كان فيه شيء من الهوائش الصغيرة انها تخرج فتنجسه اما لو كان مسكنا لثعبان او حية فانه قد يخرج ويظره وقد يتسبب في هلاكه وقد نص الائمة رحمهم الله على ذلك في اداب قضاء الحاجة من باب تعاطي الاسباب وهذا من المسائل التي تندرج تحت حفظ النفس المسلم مطالب بان يتعاطى الاسباب التي تحفظ نفسه من الضرر ولا يتسبب في هلاكها ولا يتسبب الضرر بها سواء من جهة الدين او من جهة الدنيا هناك اداب تكون اثناء قضاء الحاجة اذا اراد ان يقضي حاجته عليه ان يتقي استقبال القبلة واستدبارها كما في الصحيحين من حديث ابي ايوب الانصاري رضي الله عنه وارضاه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تستقبلوا القبلة ببول ولا غائط ولا تستدبروها ولكن شرقوا او غربوا تبين النبي صلى الله عليه وسلم هذا الادب من اداب قضاء الحاجة وهو الادب اثناء قضاء الحاجة انه لا يجوز للمسلم ان يستقبل الكعبة وهي القبلة او يستدبرها سواء كان ذلك بالبول او بالغائط وسواء كان ذلك في البنيان لو كان في الصحراء سيأتي ان شاء الله بيانه في شرح حديث ابي ايوب الانصاري رضي الله عنه وارضاه فهذا من الادب اثناء قضاء الحاجة كذلك من الادب اثناء قضاء الحاجة الا يتكلم الكلام اثناء قضاء الحاجة من خوارم المروءة وفي حديث تكلم في اسناده لا يذهب الرجلان يقضيان الحاجة يكلم احدهما الاخر فان الله يمقت ذلك وهو من خوارم المروءة ينبغي للمسلم العاقل ان يتقي ذلك لانه لا يفعله اهل العقول السليمة اثناء قضاء الحاجة يلتزم الصمت الا اذا وجد الضرورة او وجدت حاجة للكلام فانه حينئذ يجوز له ان يتكلم بقدر الحاجة كأن يخاف ضياع ولده يناديه ولده وهو خارج ويخاف عليه الضرر يتكلم بما يكون سببا في حفظه باذن الله ونحو ذلك واما بعد الفراغ من قضاء الحاجة فانه اه كذلك ايضا من الاداب اثناء قضاء الحاجة التي دلت عليها السنة انه اذا كان المكان نجسا او متنجسا مثل دورات المياه التي تكون طافحة بالنجاسة فانه لا يجلس والافضل ان يبول قائما لما ثبت في الصحيح من حديث حذيفة ابن اليمان رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم ليكون ذلك ارفق وابعد من التأذي برائحة النجاسة فيبول قائما كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك واما الاداب التي تكون بعد الفراغ قضاء الحاجة فمنها ما ثبت في الصحيحين عن ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا خرج من الخلاء قال غفرانك السنة ان يقول هذا الدعاء وهو مصدر منصوب بفعل محذوف تقديره اغفر غفرانك والسؤال المغفرة من الله سبحانه وتعالى قال بعض العلماء لان الانسان هذا تشريع للامة استغفر النبي صلى الله عليه وسلم لان الانسان اذا كان في هذه المواضع فانه لا يأمن من بعض الخلل والخطأ اشر على صلوات الله وسلامه عليه فشرع الله عز وجل على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم الاستغفار ومنها ان يقدم رجله اليمنى عند الخروج لان النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله فاذا دخل الى موضع الخلاء قدم اليسرى واخر اليمنى واذا خرج من موضع الخلاء فانه يقدم اليمنى ويؤخر اليسرى هذه جملة من الاداب التي تكون في قضاء الحاجة وحديثنا حديث انس ابن مالك رضي الله عنه وارضاه اعتنى العلماء والائمة من المحدثين والفقهاء اولا بذكره ذكره الامامان الشيخان في الصحيحين وكذلك اصحاب السنن اعتنوا بذكره وبيان ما فيه من السنة وترجموا لما تضمنه من اه ادب اه كذلك ايضا اعتنى الفقهاء ببيان ما اشتمل عليه من السنة من هذا الدعاء نصوا على استحبابه قبل دخول الخلاء نعم عن انس بن مالك رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا دخل الخلاء قال اللهم اني اعوذ بك من الخبث والخبائث هذا الحديث اخرجه الشيخان الامام البخاري ومسلم وفي اعلى مراتب الصحة اه رواه هذا الصحابي الجليل انس بن مالك ابن النظر ابن ضمضم ابن زيد ابن حرام ابن جندب ابن عامر ابن غن ابن عدي ابن النجار الانصاري النجاري رضي الله عنه وارضاه وجعل اعالي الفردوس مسكنه ومثواه ابو حمزة وقيل ابو ابو النضر فاما كنيته بابي حمزة فهي المشهورة عند الائمة والعلماء رحمهم الله قيل كناه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لبقلة كان يحملها واصل حزم حمز الشديد الحموظة فكناه النبي صلى الله عليه وسلم بها وهو خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم امه ام سليم وخالته امه ام سليم وهي الغميصاء ويقال الرميساء بالسين وخالته ام حرام بنت ملحان التي كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا اتى قباء يزورها احيانا وتفلي له شعرة هي صاحبة القصة المشهورة وراوية حديث غزو البحر رضي الله عنها وارضاها وقد بشرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بحسن الخاتمة وجدته مليكة في اصح قولي العلماء وقواه الحافظ ابن حجر رحمه الله اسمها سهلة وقيل انيفة وهي التي كانت تصنع الطعام لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيأتي عندها وحديثها في الصحيحين في باب صلاة الجماعة في النافلة مشهور وسيأتي ان شاء الله بيانه وبيان ما فيه من المسائل والاحكام وفضل هذه المرأة الصحابية الجليلة رضي الله عنها وارضاها جاءت ام سليم وهي ام انس ابن ما لك رضي الله عنهما وارضاهما جاءت بانس وكان عمره حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة عشر سنين كما جاء في الرواية عنه رضي الله عنه وارضاه فاخذته امه يوما من الايام صار معها الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صغير السن سارت به في ذلك اليوم وهو لا يدري انها تسير به الى سعادة الدنيا والاخرة خرجت به الى رسول الامة صلوات الله وسلامه عليه لتسأله ان يدعو له دعوات طيبات مباركات ينال بها سعادة الدين والدنيا والاخرة فنادت رسول الله وقالت يا رسول الله انيس يخدمك ادع الله له وقال اللهم اكثر ما له وولده وادخله الجنة فهنيئا ثم هنيئا لانس رضي الله عنه بهذه الام الغالية العزيزة الكريمة التي كانت سببا في سعادته في الدين والدنيا والاخرة وكم من ام صالحة تسببت في سعادة اولادها بما يكون من صالح دعائها وبما يكون من توفيق ربها لها بالاعمال او سؤال من هو فيه خير ان يدعو للولد فينال بذلك الدعاء سعادة دينه ودنياه واخرته عاش انس رضي الله عنه وارضاه مع النبي صلى الله عليه وسلم يخدمه يحمل اداوة الماء ويحمل العنزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان رضي الله عنه وارضاه من اقرب الصبيان الى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انه في حجة الوداع لما اجتمع الخلق على رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن بعيدا عن ناقته حتى انهم لما اختلفوا اختلف الصحابة بما اهل رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدث كل صحابي بما سمع قال انس رضي الله عنه وارضاه لقد كنت تحت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسني لعابها اسمعه يقول لبيك حجة وعمرة وكان عمره يقارب العشرين انظر كيف سمت هذه النفوس وسمت هذه الارواح لحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحب العلم والقرب من الوحي كان رضي الله عنه امام خير وهدى تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكثير الطيب وكان ممن شهد بيعة العقبة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لن يلج النار احد بايع تحت الشجرة ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم نثر العلم تحدث وعلم وبين هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان التابعون يفزعون اليه بعد الله في كبح جماح اهل الاهواء واهل البدع خاصة حينما كان في البصرة كان نورق العجلي رحمه الله يقول حينما مات انس دفن اليوم نصف العلم ولما سألوه عن ذلك قال انه كان الرجل من اهل الاهواء يأتينا فنقول له هلم فاسمع الى من سمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأخذونه الى انس فيلجمه انس رضي الله عنه بالسنة وكان رضي الله عنه قوام الليل حتى قيل انه قام الليل حتى تورمت قدماه وسال منها الدم رضي الله عنه وارضاه وبارك الله له في ماله. وبارك له في ولده وكان ماله يثمر في السنة مرتين ومن المعلوم ان النخل لا يثمر الا مرة واحدة ولكن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له هذه الدعوة وجعل الله له البركة في ماله انه يطلع في السنة مرتين واما بركة الولد وقد قال عن نفسه انه دفن مئتين من اولاده من ولده وولد ولده وقال لا اقول سقطا وانما اقول ولدا وولد الولد وهذا من كثرة ما جعل الله في نسله من البركة والخير واخبرت اميمة بنته اخبرته انه دفن من مقدم الحجاج الى ساعة حديثه اكثر من مائة نفس كما نقله الحافظ ابن كثير رحمه الله في ترجمته فلما كانت سنة ثلاث تسعين من الهجرة في اصح اقوال العلماء توفي انس رضي الله عنه وارضاه بالبصرة وكان اخر الصحابة موتا بها رضي الله عنه وارضاه. وجعل اعالي الفردوس مسكنه ومثواه. وجزاه عنا وعن نبينا وعن امتنا محمد صلى الله عليه وسلم خير ما جزى صحابيا عن صحبته يقول رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا دخل الخلاء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الصيغة تدل على المداومة والاستمرار وهذا يدل على ان هذا الدعاء لم يقله النبي صلى الله عليه وسلم مرة او مرتين وانما كان مداوما عليه صلوات الله وسلامه عليه وقوله رضي الله عنه اذا دخل الخلاء اي اذا اراد ان يدخل الخلاء لان العرب تعبر بهذه الصيغة وتقصد ما قبل الفعل وقوله تعالى يا ايها الذين امنوا اذا قمتم الى الصلاة اي اذا اردتم القيام الى الصلاة كقوله سبحانه وتعالى فاذا قرأت القرآن فاستعذ بالله اي اذا اردت ان تقرأ القرآن فهذه الصيغة يقصد بها ما قبل الفعل. ما قبل التلبس بالفعل ومن هنا الموضع الذي يريد الانسان ان يقضي حاجته فيه ينقسم الى قسمين اما ان يكون موضعا مبنيا او مهيأ لقضاء الحاجة فحينئذ يقول هذا الدعاء قبل الدخول فيه واذا لم يكن بنيان فانه قبل مقاربته او وصوله عنده يقول هذا الدعاء واما اذا كان الموضع غير مهيأ لقضاء الحاجة مثل ان يكون في صحراء فيأتي الى مكان طاهر ويريد ان يقضي حاجته فيه وقال بعض العلماء انه يقول هذا الدعاء اذا رفع ثوبه من اجل ان يقضي حاجته وقال بعضهم بمجرد ان ان يريد ان يقف يقول هذا الدعاء والفرق بين القولين ان القول الذي يقول عند رفع الثوب يقول الموضع لا يكون موضعا مهيئا لقضاء الحاجة الا بعد ان يتهيأ الحاجة فيه فيقول الدعاء عند ابتداء الفعل والذين يقولون انه يقوله عند المقاربة اعتمدوا الاصل قالوا انه بقصده له صار منزلا منزلة الموضع الذي تقضى فيه الحاجة والامر في هذا واسع سواء قال عند رفعه لثوبه او قال عند مقاربته للموظع الذي تقضى فيه الحاجة فكله ان شاء الله حسن قوله رضي الله عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا دخل الخلاء الخلاء هو الفضاء الواسع وسمي الموضع الذي تقضى فيه الحاجة بهذا الاسم لانهم في القديم لم يكونوا يتخذون مواضع في البيوت لقضاء الحاجة كما ذكرت ام المؤمنين رضي الله عنها ذلك وكانوا يخرجون خارج البيوت لانهم لا يريدون الرائحة النتنة والنجاسة ان تكون في البيت ولذلك اذا قظى احد منهم حاجته في البيت يقظيها في ماعون او في اناء ونحو ذلك وهي التي تسمى بالمبولة التي يقضي فيها الانسان حاجته فيبول فيها لم يكونوا يقضون لم يكونوا لم يتخذوا في البيوت آآ مواضع لقضاء الحاجة خاصة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فيخرجون الى خارج البنيان وخارج البنيان هو الصحراء وهو الفضاء وهو البراز وهو الخلاء فيقال خرج الى الخلاء وخرج الى البراز لانه برز اذا ظهر وبرز البرز والمكان الفسيح الافيح ويقال بيراز للفظلة نفسها فهي فضلة الانسان بالكسر واما بالفتح البراز فهو المكان واذا اطلق على الخارج فهو من اطلاق المحل على الحال فيه كما قدمنا في الغائط ويقال له ايضا الغائط كما قدمنا فقوله رضي الله عنه وارضاه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا دخل الخلاء يقول اللهم اللهم اصلها يا الله حذف حرف النداء وعوضت الميم عنه فقيل اللهم ولذلك لا يقال في النثر يالله هم لانه جمع بين البدل والمبدل الا في ضرورة الشعر كما قال الامام ابن مالك رحمه الله والاكثر اللهم بالتعويظ وشذ يا اللهم في قريظي ومنه قول الشاعر اني اذا ما حدث الم ناديت يا اللهم يا اللهم الاصل اصل اللهم يا الله وهذا كثير في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم انه ينادي ربه ويناجيه بقوله اللهم ايا الله طالبا راغبا او راهبا صلوات الله وسلامه عليه وادعيته كثيرة مشهورة سواء في طلب الخير او دفع الشر اللهم اني بصيغة التوكيد ان هذا من التوحيد الذي هو خاص لله حق الله عز وجل الخاص الذي الخالص الخاص الذي لا يجوز صرفه لغيره وهو من توحيد الالوهية توحيد العبد ربه بافعاله الاستعاذة لا تكون الا بالله فيما لا يقدر عليه الا الله ولذلك يستعاذ بالله وحده وشرع الله لعباده ان يستعيذوا به وحده الذي يجير ولا يجار عليه وقولك اللهم اني اعوذ اعوذ اي التجئ واحتمي واعتصم اللهم اني اعوذ بك العود هو من الله جل جلاله واذا اعاذك ربك فلن يستطيع احد ان يصل اليك بسوء ولذلك وصف نفسه سبحانه بانه يجير ولا يجار عليه ولو اراد سبحانه احدا بالسوء فلن يستطيع احد ان يحول بين الله وبين ما اراده في عبده فهو يجير ولا يجار عليه سبحانه وتعالى قال تعالى امر النبي قل اني لن يجيرني من الله احد ولن اجد من دونه ملتحدا فقوله اللهم اني اعوذ اي الوذ والتجئ واحتمي واعتصم خاصا بالله سبحانه وخص التجاءه بالله سبحانه وتعالى من الخبث بالضم وهي الرواية للاكثرين والخبث بالاسكان وهي رواية البعض واما الرواية المشهورة الخبث فقيل بالضم ذكران الشياطين والخبائث اناث الشياطين وهو يستعيذ من ذكران الشياطين واناثهم وقيل الخبث بالاسكان هو الكفر وقيل الشر وقيل الشيطان هذه كلها اقوال وكلها محتملة ويحتمل انه استعاذ بجنس الخبث يشمل هذا كله سواء كان خبثا حسيا لو كان خبثا معنويا وقوله عليه الصلاة والسلام اعوذ بك من الخبث والخبائث هذا من علم الغيب الذي لا يعلمه الا الله ان هذه الاماكن وهي اماكن قضاء الحاجة تألفها الشياطين وتأوي اليها الشياطين ولذلك شرع للمسلم ان يلتجأ الى ربه وان يعتصم بربه وان يعود بربه سبحانه فيخلصه من شرورهم وهذا من الرحمة التي بعث الله بها نبيه عليه الصلاة والسلام لاننا لا نعلم الغيب وامور الروح امور غيبية. ولذلك قال تعالى ويسألونك عن الروح قل الروح من امر ربي والشيطان عدو الانسان والانسان لا يراه انه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ولكن الله جعله مدحورا وجعله ضعيفا ولا يستطيع ان يقوم امام ذكر الله ولا يستطيع ان يقف امام حول الله وقوته جل جلاله. فاذا اعتصم العبد بربه عصمه. واذا التجأ اليه حماه ووقاه وفي هذا الحديث دليل على انه من السنة ان يدعو المسلم بهذا الدعاء عند ارادة دخول الخلاء واذا ولذلك جاء صريحا في بعض الروايات اذا اردتم دخول الخلاء وفي رواية بسم الله زيادة بسم الله. لان اسم الله مبارك وتندفع به الشرور ويحصل به الخير. ولذلك قال تعالى تبارك اسم ربك. وبين سبحانه وتعالى ان اسمه مبارك هذا الذكر بالتسمية والاستعاذة يجعل الانسان في حصن حصين وحرز مكين من الشيطان الرجيم وفي هذا دليل على ان امور الشياطين ينبغي للمسلم ان يكتسي بالسنة بالالتجاء الى الله والاعتصام بالله منها واذا فعل ذلك فان الله يعصمه ولذلك قال تعالى في الحديث القدسي يا عبادي كلكم ضال الا من هديته فاستهدوني اهدكم فمن استهدى الله في الوقاية من اعدائه ومن شرور الشيطان الذي هو اشد الاعداء بلاء فان الله يهديه الى استعاذة والالتجاء الخالص الذي يكون منه كمال الحفظ والحرز والصيانة من الله سبحانه وتعالى نسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يجعلنا في حصنه الحصين وحجزه المكين من شياطين الانس والجن وما كورون اللهم انا نعوذ بعوذك فلا تكلنا الى حولنا وقوتنا اللهم انا نعوذ بك فلا تكلنا الى غيرك ولا تكلنا الى حولنا وقوتنا اجعلنا في عصمتك وعافيتك وحفظك اناء الليل والنهار واحفظ ابنائنا وازواجنا وذنبنا انا وبناتنا وازواجنا وذرياتنا بحفظك واشملنا بكنبك ورعايتك انك ولي ذلك والقادر عليه والله تعالى اعلم