الخير والواقع انه لا خير في مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا خير في تنفير الناس ولا خير في امر وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بكونه فتنة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين واله وصحبه اجمعين. اما بعد قال امام المصنف رحمه الله تعالى باب الامامة بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين الصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين وخيرة الله من الخلق اجمعين وعلى اله وصحبه ومن سار على سبيله ونهجه توسلنا بسنته الى يوم الدين ما بعد قد تقدم معنا بعض ما يتعلق بهذه الترجمة وقدمنا ان الامامة منصب شريف ومقام عظيم منيف يتقلده الاخيار والصفوة الابرار لكي يكون معينا لهم على تذكير الناس بالخير ودلالتهم على هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته في اعظم الامور واجلها بعد الشهادتين وهو امر الصلاة وذكر المصنف رحمه الله في هذا الباب جملة من الاحاديث الشريفة التي تبين هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الامامة وتنبيهه عليه الصلاة والسلام لمن يقتدي بالامام ان يكون تابعا له والا يتقدمه ولا يسابق وقد ذكرنا بعض الامور التي ينبغي التنبيه عليها في الامامة واليوم ان شاء الله نتم ببيان جملة من الهدي الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الامامة في الصلوات وكان من هديه عليه الصلاة والسلام انه اذا قام لا يخرج انه لا يقيم المؤذن الا بعد خروجه للمسجد صلوات الله وسلامه عليه وكان بلال رضي الله عنه ينتظر حركة الستر لان حجرة النبي صلى الله عليه وسلم كانت مطلة على المسجد وكان بابها يفضي الى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وروضته بالخصوص كان اذا تحرك الستر علم بلال رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم سيخرج يقيموا الصلاة فيخرج النبي صلى الله عليه وسلم ويؤم الناس وتحرك الستر ذات يوم فعجل بلال رضي الله عنه واقام الصلاة وقال عليه الصلاة والسلام لما طال وقوف الصحابة ينتظرون خروجه بابي وامي صلوات الله وسلامه عليه قال عليه الصلاة والسلام لا تقوموا حتى تروني كانت سنة من سننه عليه الصلاة والسلام في امامته في الصلاة المقيم فالمؤذن لا يقيم الصلاة الا باذن الامام ولا ينبغي للناس ان يشوشوا على المؤذنين ولا ان يؤذوهم واذا حصل تأخر من الامام فالمنصوص عليه عند الائمة انه يشرع نرسل للامام فقد يكون عنده عذر نوم او نحو ذلك. فاذا كان متأخرا تأخرا فاحشا فانه يرسل اليهم ان يقدموا رجلا منهم ليصلي بهم هذا هو هديه عليه الصلاة والسلام ولذلك لما مرض بابي وامي صلوات الله وسلامه عليه قال مروا ابا بكر فليصلي بالناس هذا هو الاصل واما ما يفعله بعض الناس من الصياح واللغط وخاصة اذا كان تأخر الامام تأخرا يسيرا فهذا من يفعله يصيب عدة يصيب اثاما من وجوه الوجه الاول الافتيات على الائمة والتشويش على والوجه الثاني التشويش على المؤذنين وازعاجهم والوجه الثالث اللغط الذي يكون في بيت الله عز وجل وفي المساجد الامر الرابع انتهاك حرمة الامام والمساس في مكانته امام قومه وجماعته ومن يصلي بهم والمساس بحرمة الامام مساس مساس بحرمة امامة نفسها فينبغي الكف عن مثل هذه التصرفات. وانك والله لتعجب ترى الناس تقف صفوفا طويلة والى ساعات عديدة ينتظرون اليسير من حطام الدنيا لا يتكلم احد منهم بكلمة ولكن اذا جلس ينتظر الصلاة والملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه وهو في خير وبر وطاعة طاعة لربه عز وجل اذا به يتمعر ويتململ وتجد السفهاء والرعاء الذين لا يتقون الله ولا يحترمون اهل العلم ولا يحفظون حرمة حملة كتاب الله من الائمة. تجدهم يستطيلون ويصيحون ويلقطون فهذا كله لا يخلو الانسان فيه من تبعة في الدنيا والاخرة المنبغي التزام الاداب النبوية. ومراعاة الاداب الشرعية انتظار الصلاة خير وبركة وفيه خير كثير واذا كان الانسان عنده ظرورة او عنده امر الم به مثل ان يحتاج لاسعاف مريض او يكون عجلا من اجل مريض يخاف عليه فانه يجوز له ان ان يخرج من المسجد اذا خاف على المريض يجوز له ان يبادر ويصلي لوحده. لان النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه في الصحيح ان معاذا رضي الله عنه اتى قومه بقباء فجاء رجل ومعه ناضح وكان قد اتى متعبا من عمله فلما استفتح معاذ بسورة البقرة صلي بهم صلاة العشاء انفتن الرجل وفي بعض الروايات ما يدل على انه اتم لنفسه الصلاة لوحده ثم انصرف فذكر لمعاذ فذكره معاذ بسوء يظن انه من المنافقين انطلق الرجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتكى له امره وانه يأتي مجهدا من عناء عمله وشغله وان بلالا يطيل بهم الصلاة بالبقرة فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم الا ان ارشد معاذا الى ما ينبغي من مراعاة حال المصلين ولم يأمر الرجل باعادة صلاته ولم ينكر عليه انه لما كان في حاجة وظرف وشغل لم ينكر عليه الضيق فمن كانت عنده ظرورة فدين الله يسر والشرع سمح ولا يستطيل على الائمة بل يأخذ برخصة الله التي رخص له. فهذا هو شأن المسلم الموفق فعلى الائمة الا يحرجوا الناس وان يحاولوا قدر المستطاع تحبيب عباد الله في طاعة الله وان يحاولوا قدر استطاعتهم تحبيب عباد الله في مساجد الله. واداء الصلاة مع الجماعة ولذلك قال صلى الله عليه وسلم من معاذ افتان انت يا معاذ افتان انت يا معاذ كان من هديه عليه الصلاة والسلام انه اذا وقف ليصلي وكان من هديه عليه الصلاة والسلام انه كان اذا وقف ليصلي باصحابه اعتمد على العامود فيضع يده اليمنى عليه ويقول استووا ثم يضع يده اليسرى اي يلتفت الى الجهة المقابلة من المصلين ويقول استووا فيأمر باستواء الصفوف واعتدالها ولذلك قال انس رضي الله عنه في بعض التابعين اتدري لما هذا العامود قال لا فذكر له فعل النبي صلى الله عليه وسلم واعتماده عليه. فالسنة ان الامام اذا اراد ان يكبر ان يحرص على الامر بتسوية الصفوف فاذا رأى الناس قد عقلت وفهمت فانه لا يلزمه ان يكرر ذلك دائما ولذلك ثبت في الصحيحين عن الصحابي رضي الله عنه انه ان النبي صنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم نسوي الصفوف في الصلاة كما يسوى القداء تسوى القداح حتى اذا رأى انا قد عقلنا قام ذات يوم فرأى رجلا باديا صدره فقال عباد الله لتسون صفوفكم او ليخالفن الله بين وجوهكم فهذا يدل على هديه عليه الصلاة والسلام. في صلاة الجماعة انه في امامته كان يحرص على تسوية الصفوف وكان يأمر بذلك ويأمر بسد الفرج. وكان امير المؤمنين وثاني الخلفاء الراشدين الائمة رضي الله عنهم وارضاهم وصحابة نبينا اجمعين كان لا لا يكبر تكبيرة الاحرام الا اذا جاءه رجال وكلهم بتسوية الصفوف سيخبرونه ان الصفوف قد استوت. وهذا من حرصه رضي الله عنه وارضاه في امامته على اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته في ذلك وكان صلى الله عليه وسلم اذا استووت الصفوف كبر تكبيرة الاحرام ودخل في صلاته عليه الصلاة سلام ورفع صوته بالتكبير فاسمع ولذلك نبه الائمة على انه ينبغي للامام اذا صلى بالناس ان يسمعهم صوته خاصة في التكبيرات تكبيرة الاحرام وفي السلام من الصلاة. لانهما مهمان في صلاة الناس فمن سبقهم في تكبيرة الاحرام بطلت صلاته. ومن سبقه في التسليم بطلت صلاته فينبغي ان يكبر ويسلم بطريقة يعلمها الجميع او يسمعها للناس او لاغلب الناس وكان من هديه عليه الصلاة والسلام لما ضعف صوته قام ابو بكر رضي الله عنه وارضاه بجواره. وصار يكبر بتكبير النبي صلى الله عليه وسلم يسمع الناس تكبيره بابي وامي صلوات الله وسلامه عليه وكان عليه الصلاة والسلام اذا صلى بالناس قرأ قراءة مفصلة مبينة. فلم يكن عجلا في قراءته عليه الصلاة والسلام. وكانت قراءته بينة يعطي الحروف حقها. من صفة لها ومستحقها بابي وامي صلوات الله وسلامه عليه وكان اذا صلى بالناس راعى احوالهم فلم يطل بهم اطالة تخل وتمل تمل ولم يقصر في صلاته ويعجل اه على وجه يخل باركانها وشرائطها وواجباتها صلوات الله وسلامه عليه فهذا من الهدي الكامل. منه عليه الصلاة والسلام في صلاته. وربما في الصلاة السرية رفع صوته لكي يعلم يعلم ما يقرأ به في صلاته عليه الصلاة والسلام. وهي من سننه بابي وامي الله وسلامه عليه وكان عليه الصلاة والسلام يراعي حال الاضعف من المصلين ولذلك لما سمع بكاء صبي في صلاته خفف الصلاة وقال اني لادخل في الصلاة اريد ان اطيلها فاخففها فاسمع بكاءها الصبي فاشفق على امه صلوات الله وسلامه عليه. حتى انه قرأ انا اعطيناك الكوثر مراعاة تخفيفا لام صبي حينما سمع بكاءه عليه الصلاة والسلام. وهكذا كان هدي الائمة من بعده التطويل في الامامة في القراءة والتطويل في الخطب يمن الناس ويدعوهم الى التأخر عن شهود الصلوات. ولذلك كانت خطبته عليه الصلاة والسلام اقصر من صلاته فانك لتعجب حينما تعلم انه عليه الصلاة والسلام كان يقرأ في صلاة الجمعة بالجمعة والمنافقين وكان يقرأ بسبح اسم ربك الاعلى؟ وهل اتاك حديث الغاشي فلو نظرت الى عدد صفحات هذه السور ونظرت الى الخطب المطولة اليوم بالصفحات الكثيرة والتأخر في القاء الخطبة والتقعر فيها والتشدد والتنطع. وكيف ان الناس لا تحسن فهم هذا الكلام الكثير لعلمت ان هديه بابي وامي صلوات الله وسلامه عليه اكمل الهدي. وكان مع ذلك عليه الصلاة والسلام يخطب فما تمل خطبته. وكان اذا ذكر الكلام اعاده مرتين. صلوات الله وسلامه عليه. وهذا دل على قصر الخطبة ولكنها خطبة مليئة بالحكم والاحكام التي يحتاجها اهل الاسلام. فكان هديه بابي وامي صلوات الله وسلامه عليه اكمل الهدي ولا يزال الموفقون الائمة الصالحون الراشدون الهداة المهتدون يهتدون بهذا الهدي يحببون الناس في صلاتهم. ويحببون الناس في خطبهم. ويحببون الناس في مواعظهم ويجعلونهم على الف من طاعة ربهم وانس. فلا يجوز لاحد ان ينفر عباد الله من فرائض الله ومن شهود الصلاة مع الجماعة. واذا كان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اشتكوا ذلك الى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءه الصحابي وقال اني اتأخر عن الصلاة مما يطيل بنا فلان قال ابو مسعود رضي الله عنه وارضاه فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وعظ موعظة اشد من تلك الموعظة وقال ايها الناس ان منكم منفرين. ايها الناس ان منكم منفرين فاذا كان هذا يخاطب به علماء الصحابة الذين كانوا يصلون ويخطبون فغيرهم من باب اولى ان يترسم هدي النبي صلى الله عليه وسلم الكامل للتخفيف عن الناس وتحبيبهم في الصلاة. وتحبيبهم في شهود الجماعة. فتأخر الناس عن الصلاة خاصة يوم الجمعة وتأخرهم عن الخطبة هذا فيه ظرر عظيم اذا كان بالاطالة. ولذلك كم ينال المسلم من موفق من الاجور اذا كانت خطبته قصيرة مليئة بما فيه الفائدة. فخير الكلام ما قل ودل والناس لن تستطيع ان تستمر في فهمها ووعيها وتركيزها مع الخطيب المدد الطويلة ولربما خطب بعض الناس بالساعة والساعتين وكأنه يملك المنبر فاذا ذكر بالله ووعظ يقول قوله من شاء ان يصلي فليصلي ومن شاء الا يصلي فليذهب. فهذا منكر عظيم. ان يتعالى الانسان على هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته. وانما ننبه على هذا الامر ونشدد فيه لشدة الحاجة اليه وادعاء البعض انه على سنة وهو مخالف لسنة النبي صلى الله عليه وسلم. وادعاء البعض انه والواجب التناصح في ذلك والائتمار بامر الله وعلى الامام ان يتقبل من المأمومين ما كان من التوجيه وما كان من الحاجة وما كان من الشكوى فيتقبل ذلك بصدر رحب. ما دام انه لا يخالف الكتاب والسنة. ولا مع شرع الله فلهم حق حق في شهود آآ الصلاة خاصة بالجمعة ولذلك جعل الله موعظة الجمعة في الاسبوع تغسل عن القلوب ادرانها وتهدي العباد الى ربهم وترشدهم الى ما فيه صلاح امر دينهم واخرتي فالموفق من حرص على هذا الهدي وهذه السنة واخلص بوجه الله عز وجل في جميع لذلك وكان من هديه عليه الصلاة والسلام في الامامة تقديم الاقرأ لكتاب الله. فقال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث ابي مسعود عقبة بن عامر البدري رضي الله عنه وارضاه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يؤم القوم اقرأهم لكتاب بالله فان كانوا في القراءة سواء فاعلمهم بالسنة. فان كانوا في السنة سواء فاقدمهم هجرة فان كانوا في الهجرة سواء اقدمهم سلما ولا يؤمن الرجل الرجل في داره ولا يجلس على تكرمته الا باذنه. فهذه اخلاق النبوة بين فيها عليه الصلاة والسلام امورا ينبغي مراعاتها في تقديم الامام وتقدمه على الناس يتقدم على الناس بالامامة حفاظ كتاب الله واهل القرآن الذين اشتغلوا به وبضبطه وكانوا على علم به. وقوله عليه الصلاة والسلام يؤم القوم اقرأهم لكتاب الله يدل على ان ان اهل القرآن مقدمون واختلف العلماء رحمهم الله هل المراد هل مراد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله اقرأهم لكتاب الله اكثرهم حفظا للقرآن ام ان المراد به من كان مجودا متقنا للقرآن ولو كان قليل الحفظ وجهان لاهل العلم مشهوران. قال بعض اهل العلم رحمهم الله اقرؤهم لكتاب الله هو الاكثر حفظا فمن حفظ جزءا يقدم على من حفظ دونه ومن حفظ الجزء مقدم على من حفظ دونه ولو كان اكثر اتقانا في القراءة وهكذا من حفظ القرآن كله. فانه يقدم على من حفظ بعده. وهذا القول هو وجه عند الشافعية والحنابلة رحمة الله على الجميع واختاره بعض اصحاب الامام ما لك رحمة الله على الجميع القول الثاني ان المراد بقوله اقرأهم لكتاب الله المراد به من كان متقنا للقراءة ولو كان قليل الحفظ وهذا القول هو الوجه الثاني والرواية الثانية في مذهب الحنابلة. الوجه الثاني عند الشافعية والرواية الثانية الحنابلة رحمة الله على الجميع استدل الذين قالوا انه الاكثر بقوله عليه الصلاة والسلام وليؤمكم اكثركم قرآنا تبينت هذه الرواية الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري عنه عليه الصلاة والسلام ان المراد بالاقرأ الاكثر حفظا وكذلك ايضا اكده اكدته الرواية الاخرى التي صرحت بكثرة حفظ القرآن كما ان سالما مولى ابي حذيفة رضي الله عنه عنهما كان يؤم الصحابة رضوان الله عليهم بقباء. وكان اكثرهم قرآنا. فكان الصحابة رضوان الله عليهم مقدمون بكثرة الحفظ بما معه من كتاب الله عز وجل. وهذا هو ارجح القولين. واما القول الثاني فانه يستدل بقوله عليه الصلاة والسلام اقرأهم. قالوا الاقرأ هو الذي يضبط القراءة. ورد بان الرواية الصحيحة التي ذكرناها مفسرة لهذه الرواية المحتملة فدل على القول الذي يقول ان العبرة بكثرة الحفظ فمن كان اكثر حفظا للقرآن يقدم. لكن بشرط ان لا يكون مخلا بالفاتحة فان كان مخلا بالفاتحة يلحن فيها او كان في حكم الام وهو الذي لا يحسن قراءة الفاتحة ويلحن فيها لحنا محيلا للمعنى او كان يبدل حرفا مكان حرف او يضيع التشديدات كما تقدم معنا في مسائل الفاتحة فانه حينئذ يقدم غيره ولو كان اقل حفظا لان الفاتحة ركن من اركان الصلاة. وتظييع حرف منها كتظييعها كلها وهكذا اذا كان يبدل حرفا بحرف الرحمن ان يبدل الحاء هاء او كان يغضب يبدل الضاد زادا المغزوب ونحو ذلك فان هذا كله مخل بالفاتحة مخل بقرائتها ولذلك اذا كان خلله على هذا الوجه فانه يقدم عليه غيره ممن يتقن الفاتحة ولو كان اقل حفظا وكان من هديه عليه الصلاة والسلام ان يقدم في الامامة العالم بالسنة لقوله عليه الصلاة والسلام فان كانوا في القراءة سواء فاعلمهم بالسنة والمراد بالعلم بالسنة العلم باحكام الشريعة. ومعرفة حلال الله وحرامه ولا شك ان تقديم الاقرأ محله ان يكون عالما باحكام الصلاة من اركانها وواجباتها الشرائط صحتها ملما بما يطرأ في الصلاة ولو باصول السهو. واحكامه التي تطرأ على على الامام في امام فهذا كله يقدم صاحبه من كان ملما بهذه الاحكام فيقدم على من يجهلها وبين النبي صلى الله عليه وسلم في هديه انه اذا زار الرجل الرجل في داره فانه لا يتقدم عليه ولذلك قال عليه الصلاة والسلام ولا يؤم الرجل الرجل في داره وذكر العلماء والائمة رحمهم الله اسبابا مختلفة منها ما ذكروا ان صاحب الدار له حق في داره فلا يتقدم عليه ومنها ان انه اذا كان في ضيافته فانه اعرف بوقته فلو قدم غيره لربما اطال الصلاة ولربما احرجه واضر به وايا ما كان فهذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم واذا كان الموضع ليس فيه اذا كان الموضع فيه امام راتب يصلي بالناس الائمة الذين هم مرتبون او رضيهم اصحاب الحي او جماعة المسجد لهم حق وهم مقدمون على غيرهم ولا يجوز لاحد ان يتطاول عليهم وان يتقدم عليهم الا بوجه شرعي الاصل انه اذا رضي القوم اماما وقدموه انه هو المقدم. ما دام انه يؤدي الصلاة على وجهها ولا يضيع شيئا من حقوقها ولا يجوز المنافسة منافسته او الاضرار به من اجل اسقاطه والتقدم عليه فهذا كله مخالف قل للشرع وصاحبه اثم شرعا. اما لو ان انسانا دخل المسجد المساجد التي تكون في الطرقات وفي السفر ووجد جماعة فان علم حالهم قدم الاقرأ لكتاب الله منهم فان كانوا كان يجهل حالهم وكان قارئا او حافظا لكتاب الله فانه يتقدم عليهم اذا كانوا مسافرين ما اذا كانوا من اهل الموضع فانهم يقدمون واحدا منهم لما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال من زار قوما فلا يؤمهم وليؤمهم رجل منهم. فاذا كان في السفر ودخل المسجد وغلب على ظنه انه لو تقدم احد من الناس انه لا يحسن قراءة الفاتحة وكان يتقن قراءة الفاتحة فحينئذ يتقدم وقد يجب عليه ان يتقدم اذا غلب على ظنه انه سيتقدم امي لا يحسن قراءة فاتحة وهنا ننبه على ان بعض الناس فيه جرأة على الامامة فتجده اذا دخل في المسجد اقام الصلاة ثم تقدم وصلى بالناس مع انه لا يحسن قراءة الفاتحة ويخل فيها وقد يخل بها اخلالا يوجب بطلان الصلاة. فعلى هؤلاء ان يتقوا الله. واذا اراد الانسان ان يصيبه فضل الامامة وان يتقدم على الناس في الامامة فليجلس بين يدي من يتقن كتاب الله ليقرأ عليه الفاتحة ويعلم صحة قراءته واهليته لامامة الناس والتقدم عليهم. ولا يجوز له ان يتساهل في ذلك يتقدم ويقرأ قراءة العامي الامي. الذي يقرأ كما شاء ومنهم من يقرأ بسرعة وعجلة خاصة في مساجد الاسفار فلا تتبينوا الحروف من كتاب الله. بل انك في بعض الاحيان لا تدري ما الذي يقول. فهذا كله يأثم اصحابه بجرأتهم مع وجود من هو احق بالامامة. فاذا وجدت الجماعة واجتمع القوم خاصة في مساجد الاسفار اه المساجد التي تكون على الطرقات يسأل الانسان اذا اشتبه في وجود من هو اقرأ سأله اتحفظ كتاب الله او نحوه ذلك مما يتبين به اهليته فيقدمه. اما ما يفعله الناس من تقدم كل من هب ودب ليصلي وليؤم فمثل هؤلاء اذا صليت وراء احدهم ووجدته يخطئ في الفاتحة صححت له قراءته. ولا يجوز لك ان تسكت على هذا خطأ وانت اثم شرعا. اذا ابدل حرفا بحرف لو اخل بالفاتحة فلحن لحنا محيلا للمعنى. كأن يقول صراط الذين انعمت عليهم فتصحح عليه قراءته فان تمادى في الخطأ واصر فانك تنوي مفارقته. فاذا انتهت الصلاة نبهت كل من صلى وراءه ان يعيدوا صلاة اذا كانوا يحسنون الفاتحة فمثل هؤلاء لا تصح امامتهم الا بمن كان مثلهم او كان دونهم في ضبط الفاتحة وكان من هديه عليه الصلاة والسلام من امر باتباع الائمة ولو كان عندهم الخلل يجوز الائتمام بالامام ولو كان فاسقا. مقصرا في حق الله عز وجل ما دام انه يقيم اركان الصلاة وشرائطها وواجباتها على السنن. وفسقه خارج الصلاة. فاذا تقدم للصلاة رجل وعنده اخلال كأن يكون مرتكبا للكبيرة او مصرا على صغيرة يوصل اصراره الى كونها كبيرة فانه يجوز الائتمام به والصلاة وراء الفاسق صحيحة لما ثبت في الصحيح البخاري من حديث ابي هريرة رضي الله عنه وارضاه انه قال يصلون لكم فان اصابوا فلكم ولهم وان اخطأوا فلكم وعليهم فبين عليه الصلاة والسلام ان الامام الفاسق فسقه عليه ما دام انه قد ادى الصلاة على وجهها فهذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم. وسنته بابي وامي. خاصة اذا كان ذلك الفاسق اماما راتبا لو كان في تقديم من هو اصلح منه مفسدة انه حينئذ يصلى وراءه والصلاة وراءه صحيحة لثبوت هذه السنة عن رسول الله صلى الله الله عليه وسلم وكان من هديه عليه الصلاة والسلام اذا صلى بالناس فركع استتم ركوعه واذا رفع استتم اعتداله بعد الرفع من الركوع وكان عليه الصلاة والسلام اذا سجد استتم السجود واعطى اعضاء السجود حقها مجافى عليه الصلاة والسلام حتى لو ان بهمة مرت لمرت من تحت ابطه بابي وامه صلوات الله وسلامه عليه وكان يعتدل في سجوده ولم يكن يفترش افتراش الكلب كما سيأتي في صفة صلاته بابي وامي صلوات الله وسلامه عليه فهذه السنن الثابتة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حقوق يجب على الائمة ان يحييوها وان يصلوا بالناس صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يتعلم الناس السنة الامام يؤجر اجرا عظيما. اذا كان حريصا على السنة في كل قول وفعل وهدي يأتسي برسول الله صلى الله الله عليه وسلم. وينوي في قرارة قلبه ان يأتم به الناس. وان يهتدي به الناس. فاذا رآه احد صنع مثل ما صنع كان له مثل اجره. ولو رآه احد وتعلم السنة من فعله الذي فعله ثم بلغ هذه السنة لغيره وعلمه اياها كان شريكا له في اجره. فهذا خير عظيم يعود به الامام. فالامامة تعليم للسنة بالقول في الخطابة والتوجيه وبالفعل وكان من هديه عليه الصلاة والسلام اذا صلى باصحابه فرأى احدا اخطأ نبه وارشده الى ما ينبغي ان يكون عليه. ففي الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام انه صلى بالناس فعطس رجل وقال الحمد لله فرمقه القوم بابصارهم وكان يظن ان الكلام لا زال مشروعا في الصلاة قال معاوية رضي الله عنه وهو صاحب القصة معاوية ابن ابي الحكم رضي الله عنه قال فلما رمقني الصحابة بابصارهم فصحت وقلت وافق لاماه فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال رضي الله عنه فبابي وامي ما رأيت معلما كرسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما قهرني ولا نهرني ولا شتمني ولكن قال ايكم صنع كذا وكذا فقلت انا يا رسول الله. فقال ان هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس. انما هو تسبيح والتكبير وقراءة القرآن هكذا كان بابي وامي صلوات الله وسلامه عليه ما كان فظا ولا غليظة ولا عنيفا وكان عليه الصلاة والسلام يحسن التوجيه وافعاله واقواله في توجيه مخطئ ونصحه على اكمل الهدي بابي وامي صلوات الله وسلامه عليه اللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبيا عن نبوته. وصاحب رسالة عن رسالته. هكذا يكون الامام مثل الوالد للصغير ومثل وهو المعلم للناس معلم الخير يكون على اجمل واكمل ما تكون عليه الاخلاق من اللين وتوطئة الكنف وتحبيب الناس في شرع رب الجنة والناس انه ان فعل ذلك كان اولى الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم. واعظم الناس اجرا في امامته وكان عليه الصلاة والسلام اذا رأى المخطئ نبه وكان عليه الصلاة والسلام آآ في في تنبيهه وارشاده يدل على ما اعد الله من الخير والاجر والمثوبة لمن اصاب خيرا واجرا في صلاته فهذه مسؤولية الامام. فينبغي على الامام ان ينبه الناس ويرشدهم ومن هنا اذا وجد الخطأ في الصلاة او حصل خطأ من بعض المصلين فانه ينبغي على الحاضر الا يبادر مع وجود الامام. خاصة اذا كان الامام من العلماء ومن اهل الفضل فانه لا يفتى عليه وانما ينتظر قوله وتوجيهه لمن اخطأ في بنصحه وارشاده. يقول المصنف رحمه الله باب الامامة اي في هذا الموضع ساذكر لك جملة من احاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الامامة قال رحمه الله تعالى عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال انما جعل الامام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه فاذا كبر فكبروا واذا ركع فاركعوا. واذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد. واذا سجد فاسجدوا واذا صلى جالسا فصلوا جلوسا اجمعون هذا الحديث حديث ابي هريرة رضي الله عنه وارضاه ومثله حديث انس ابن مالك وحديث ام المؤمنين عائشة رضي الله عن الجميع وارضاهم بين فيه النبي صلى الله عليه وسلم حال الامام مع المأمومين وانه ينبغي على المأمومين ان يتابعوا الامام الا يتقدموا عليه ولا يتأخر عنه تأخرا متفاحشا تنقطع به الامامة وقد اعتنى المصنف رحمه الله بذكر هذا الحديث في باب الامامة لان هذا الحديث عند العلماء والائمة رحمهم الله يعتبرونه اصلا في باب الامامة وعند العلماء عبارة هذه الاية اصل في هذا الباب وهذا الحديث اصل في هذا الباب. فاذا قالوا هذه الاية اصل في هذا الباب او قالوا هذا الحديث اصل في هذا الباب فمعناه ان اكثر الاحكام قد بنيت على هذه الاية او هذا الحديث وقد يكون مرادهم ان مشهورات المسائل الخلافية انبنت على هذا الحديث او على هذه الاية فهذا يدل على اهمية هذا الحديث واهمية هذه الاية واهمية هذا الحديث ولذلك عند العلماء الايات التي هي اصول في ابوابها واذا قيل في بابها مثلا اذا جاءت اية وما انتم من الجوارح مقلبين تعلمونهن مما علمكم الله. يقولون هذه الاية اصل في باب الصيد بمعنى ان الصيد بالجوارح وبالحيوان المعلم هذه الاية اصل فيه. لانها ذكرته وبينت نوع الذي يصاب به من الجوارح سواء كانت من الجوارح العادية من السباع او كانت من جوارح الطير وبينت شرط شرط حل ما صيد بها فيقال هذه الاية اصل. وكذلك اية الوضوء يقولون هذه الاية اصل في باب الوضوء لانها بينت اركان الوضوء الاربعة الفرائض التي ذكرتها اية الوضوء من غسل الوجه واليدين الى المرفقين. ومسح الرأس والرجلين الى الكعبين. هذه مجمع على انها من فرائض الوضوء وبينت صفة الوضوء الاصلية التي لا يجزئ وضوء بدونها فهذا يسمى بايات بالاصل. تسمى بالاصل وهكذا الاحاديث فحديثنا هنا بين النبي صلى الله عليه وسلم ما ينبغي ان تقوم عليه المتابعة. متابعة المأموم لامامه سواء كان ذلك في الاقوال او كان في الافعال. فقال اذا كبر فكبروا. وقال وهذا قول. قال اذا ركع فاركعوا هذا فعل وبين عليه الصلاة والسلام المتابعة في الاقوال والافعال. فاصبحت اصبح هذا الحديث اصل. اصلا في هذا الباب اضافة الى ان كثيرا من المسائل اذا الزم فيها المأموم بمتابعة امامه فان المذهب الذي يقول بالالزام يستدل بهذا الحديث وهو اصل عند العلماء في احكام هذا الباب. ولذلك اعتنى المصنف رحمه الله بايراده وذكره في باب الامامة وهذا الحديث حديث عظيم مشتمل على مسائل كثيرة وكثير منها خلافية وستبينها ان شاء الله تعالى في المجلس باذن الله عز وجل