الحمد لله رب العالمين نحمده جل وعلا ونثني عليه ونشكره على نعمه ونسأله المزيد من فضله واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله وفق ولاة اهل الاسلام للخير والهدى هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين صلى الله عليه وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين اما بعد فاسألوا الله جل وعلا لكم سعادة الدنيا والاخرة كما اسأله سبحانه ان يفهمنا كتابه. وان يجعلنا من اوليائه. وان يرفع درجاتنا لديه وان يعلي مكاننا في جنانه وبعد فنواصل الحديث في مجلس ثان من مجالس تفسير سورة لعل الله عز وجل ان يفهمنا معاني هذه السورة. وان يعرفنا ما اشتملت عليه من احكام وفوائد فلعلنا نقرأ عددا من ايات هذه السورة. اسأل الله ان يرزقني واياكم فهما لها اعوذ بالله من الشيطان الرجيم الم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعادل وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم الا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردو ايديهم في بافواههم وقالوا انا كفرنا بما ارسلتم به وقالوا انا كفرنا بما ارسلتم به وانا لفي شك وانا لفي شك مما تدعوننا اليهم قالت رسلهم افي الله شك فاطر السماوات والارض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم الى اجل مسمى قالوا ان انتم الا بشر مثلنا تريدون ان تصدوا عما كان تريدون ان تصدونا عما كان يعبد ابائنا. فأتونا بسلطان مبين. قالت لهم رسلهم ان نحن الا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من ادي وما كان لنا ان نأتيكم بسلطان الا باذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون وما لنا الا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما اذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من ارضنا لنخرجنكم من ارضنا او لتعودن في ملتنا فاوحى اليه ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الارض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيه واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد. من وراء طائيه جهنم ويسقى ماء يتجرع ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ. كما تقدم ان هذه العظيمة فيها ذكر مبادئ اهل الايمان التي يظن انها مبادئ دنيوية ظعيفة ولكن تكون العواقب العظيمة والنصر الكبير لهم ولذا ذكر الله جل وعلا من الشواهد على هذا الامر ما يجعل الانسان يتعجب من هذا الامر ومن ذلك ما ذكره سبحانه من قصص الانبياء السابقين فيقول تعالى الم يأتكم نبأ الذين من قبلكم اي الم تصل اليكم قصص انبياء الله السابقين. الذين كانت مبادئهم ضعيفة في نظر الخلق وظنوا ان اعداءهم بما لديهم من قوى سيتغلبون عليهم. وسيكون النصر لهم الا ان الامر لم يكن كذلك انظروا الى حالهم واعتبروا من امورهم كيف كانت عواقب تلك الاحوال مما يدعو العبد الى ان يخاف من الله جل وعلا حينما يعتبر ويقيس نفسه بحال تلك الامم المكذبة فان تلك الامم بعث الله عز وجل اليها رسلا. وكانوا على قوة عظيمة من هؤلاء قوم نوح وقوم عاد وقوم ثمود وامم كثيرة بعد هؤلاء لا يعلمهم الا الله. ما شأنهم؟ وما وما هي قصتهم قوله والذين من بعدهم يفيد ان هناك امثلة كثيرة لهذه القضية التي ذكرها الله عز وجل ما شأنهم ارسل الله اليهم انبياء ورسلا يدعونهم الى الحق والهدى. وجعل معهم الادلة الواضحة والبراهين التي يؤمن على مثلها البشر كان من شأنهم حينما اتتهم رسلهم بالبينات ان كذبوا هؤلاء الرسل واستكبروا ولم ينقادوا اليهم. قال فردوا ايديهم الى افواههم لانهم لما لم يكن معهم حجة وكانوا انما يستندون الى ما اتاهم الله من قوى بشرية ويعتمدون على ما ورثوه من ابائهم ما لم يكن منهم الا الكفر بانبياء الله مع انهم لم يستطيعوا ردا عليهم ولذا لم يتكلموا بافواههم في نقض ما جاءت به الانبياء من البينات حجج وانما حاولوا ان يستعملوا قوتهم وقدرتهم وايديهم في صد للناس عن سبيل الحق والهدى ماذا كان شأنهم؟ كان شأنهم التكفير والكفر والتصريح بذلك فقالوا انا كفرنا بما ارسلتم به اي نحن لا نصدق بما اتيتم به من الرسالة. وانما شأننا ان نجحدها والا نعترف لها ولا نقر لها بحق بل ان في شك مما تدعونا مما ما تدعوننا اليه مريب اي اظهروا بالسنتهم انهم يشكون في رسالة الانبياء وفيما اتاهم الله من بينات والحجج الواضحات. وهذا انما هو ادعاء باللسان. والا ففي بقلوبهم وظمائرهم من معرفة الحق وجهده ما الله به عليم اه ولذا كان من الانبياء ان يردوا عليهم فيقولون لهم افي الله شك؟ الله جل وعلا الذي يدبر الكون ويتصرف فيه. والذي تعود اليه في حال الاضطرار. وتسألونه كيف تشكون في انه يجب افراده عبادة ويجب ان نؤمن به ايمانا يجعلنا نفرده سبحانه وتعالى بالعبادة. ولذا استنكر الانبياء على اقوامهم دعواهم ان انهم في شك مما يدعونهم اليه. لان الانبياء انما دعوهم الى الله ودعوهم الى الله جل وعلا. ولذا قالوا لهم افي الله شك ثم اتوا بحجة واضحة الا وهي ان الله عز وجل الذي ندعوكم اليه ايه هو الذي خلق السماوات التي فوقكم وخلق الارض التي تحتكم من غير مثال سابقة ومن ثم كيف تشكون فيه جل وعلا ثم انه سبحانه قد دعاكم الى توحيده والى دينه لمصلحتكم انتم الا فإن الله جل وعلا غني عنكم وغني عن عبادتكم. ولذا قال يدعوكم اي الى ما فيه مصلحتكم التي تنتفعون بها ليغفر لكم من ذنوبكم. ان عن سيئاتكم وتقصيركم في حق الله تعالى. وكذلك من فضله جل وعلا ان يؤخر من استجاب بحيث لا تنزل به العقوبات التي قدرها الله على المخالفين لشرعه. ولذا بينوا لهم بان من استجاب لله ناويا اجر الاخرة فان الله بفضله واحسانه منافع الدنيا. فالله غني عنكم وغني عن عباداتكم. ودعوته ولكم انما هي لتحقيق مصلحتكم. والا فلا والا فان الله مغتن عن عبادات عباده ماذا كان من شأن الاقوام قوله هنا ويؤخركم ان يؤجلكم بان يحييكم وان يزيد في اعماركم الى اجل مسمى اي الى وقت محدد له اسم بين عند الله جل وعلا فما كان من اقوامهم الا ان ردوا على انبياء الله برد من لا ينظر لعواقب الامور ولا يتأمل فيما الات الافعال ولا يستبصر حقائق ما يتلى عليه من الادلة والبراهين والبينات. فقالوا لهم قال لا اقوام لي انبيائهم ان انتم الا بشر مثلنا فاستدلوا بالمساواة الظاهرة في الابدان على وجوب ان يكون هناك مساواة في المنزلة. وهذا استدلال فاسد فان الاشكال والاجسام ليست هي المقتضية او السبب في في كرام الانسان او اهانته. وانتم تنظرون الى الرجلين. يتساويان في ابدانهما احدهما صاحب خير ومعروف واحسان. والساني يكون صاحبا اجرام وفعل من سيء شنيع فكيف تجعلون المساواة والمماثلة في الاشكال موجبة للمساواة في المهام والواجبات. ولذا كان من شأن ان ان يطلبوا من الله ان يرسل اليهم رسلا يخالفونهم في الهيئة والصفة. فهذا من التحكم على الله عز وجل وايجابي ما ليس بواجب. وفي هذا دليل على انقص عقولهم فان الله يهب ما يشاء لمن يشاء. وهو المتصرف في الكون سبحانه وتعالى وقد يكون من افعالكم ايها القوم ما منعكم من الوصول الى الحق والايمان به في هذا ايضا ان اهل الكفر والنفاق. يصفون اهل الايمان بالاوصاف المنفرة. ولذا ذكروا اباءهم واجدادهم وقالوا بانها مقدمة على اي عبادة جديدة. فكيف نترك ابائنا واجدادنا ونترك سيرتهم من اجل هذه الدعوة التي وجهتموها الينا وكيف نطيعكم ونقدم امركم على ما ترغبه نفوسنا مع انه هم بشر يماثلونهم. ثم طالبوا سلطان مبين جاء في اول الايات انه قال جاءتهم رسلهم بالبينات فعندهم ادلة واضحة وبراهين يذعن لها من تأمل فيها. الا انهم طلبوا ان يكون هناك معجزات تتوافق مع طلباتهم ولذا قالوا فاتونا بسلطان مبين. اي بحجة ظاهرة. وهم انما قصدوا بهذا ما طلبوه من الانبياء. وما حاولوا ان يعجزوا به انبياء الله. فقالوا لهم ليس لكم حق في ان تتحكموا في نوع الدليل الدال على صدق الرسول. وانما اذا جاءت الادلة الدالة على صدقه كان ذلك مما يقتضي ويوجب عليكم ان تصدقوه قالت لهم رسلهم لما طلبوا منهم ايات معينة وعلامات خاصة فاجابتهم رسلهم قالوا انتم قد عرفتم اننا بشر والذي بيأتي بهذه الايات هو الله جل وعلا. فنحن صحيح اننا في الظاهرة نماثلكم في البشرية. ولكن بيننا وبينكم فرق الا وهي نزول الوحي. والله لو على يبعث لرسالته من يشاء من عباده. ولا يحق لاحد من الناس ان يوجب عليه ان يختار بشرا عينه ثم قال ولكن الله يمن على من يشاء هبة الرسالة منة من الله عز وجل. كما ان هبة الهداية منة من الله جل وعلى يهبها لمن يشاء من عباده. فاذا يتفضل الله على بعض العباد بان بان يرسل اليهم الوحي فيكونوا انبياء. ويتفظل على بعظ العباد فيجعلهم من اهل الطاعة والعبادة وفي هذه الايات ان الهداية والرسالة منح ربانية يجعلها الله لمن يشاء من عباده فان الله هو المتفضل والمحسن بهذه النعم وليس لاحد من الناس ان يتحكم في امر الله عز وجل بحيث يختار من يرى صلاحيته. بل الله عز وجل يرى ما لا يراه غيره ثم قال جل وعلا ولكن الله يمن على من يشاء من عباده. وما كان لنا اي ليس في قدرتنا. ولا في مهمتنا ان نستجيب لما طلبتموه من العلامات الواضحة. بل هذا الى الله جل وعلا فليس هناك من يعجزه سبحانه على امر من الامور ولذا فان شاء الله جاءكم بهذه المعجزات التي تطلبونها. وان لم يفعل وهو سبحانه يهدي من يشاء ويظل من يشاء قال فقالوا وما كان لنا اي ليس من شأننا ولا من وظيفتنا ان نأتيكم بعلامة او بمعجزة من عند وانما الامر الى الله جل وعلا. ولذلك فعل شافع على المؤمنين ان يكونوا من اهل التوكل على الله تعالى. والمراد بالتوكل ان يكون القلب معتمدا على الله جل وعلا في نجاح افعاله وسلامة فهو الذي سبحانه وتعالى يتصرف في الكون وفي وقوله فليتوكل المؤمنون قدم الجار والمجرور في قوله فعل الله لبيان ان التوكل لا يجوز الا ان على الله تعالى. ومن توكل على الله كفى ومن يتوكل على الله فهو حسبه اي كافيه سبحانه وتعالى الا وقوله هنا وما كان لنا ان نأتيكم بسلطان الا باذن الله. وعلى الله فليتوكل المؤمنون وفي هذا استحباب التوكل بل وجوب التوكل على الله جل وعلا. فان من الايمان ان يكون العبد متوكلا عليه سبحانه وتعالى. ولذا قال هنا فليتوكل المؤمنون ببيان ان التوكل من اركان او من خصال الايمان. وفي هذا دلالة على وجوب التوكل. وقوله وما لنا الا نتوكل على الله. اي ما هو السبب الذي الذي يجعلنا نمتنع من التوكل على الله جل وعلا وما لنا الا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا. فالله قد انعم علينا بصنوف النعم ومن ان ثم فاننا نتوكل عليه سبحانه ونرجوه نصرا وتأييدا. قال وقد هدانا سبلا فيه الامتنان بهداية الله جل وعلا. وان الله يهدي من يشاء. قال ولنصبرن اي سيكون من شأننا ان نصبر على اذية الخلق ومنه اذية هؤلاء الكفار الذين سعوا لابعاد المسلمين من الانبياء. فاتباعهم عن مكان هؤلاء الكفار والمشركين. ولذا قال الذين كفروا لرسلهم ان الرسل واتباع الرسل لنهلكن الظالمين. اي سيكون من شأننا ان نهلك الظالمين. وان ننزل بهم العقوبة شديدة التي تستأصلهم وقال هؤلاء الكافرون ولنسكننكم الارض من بعدهم. اي وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من ارضنا. هذا تهديد الكافرين. انهم يخيرون المؤمنين بين ان يخرجوهم من ديارهم وبين ان يعودوا الى دين قومهم وقال الذين كفروا لرسلهم يعني واتباع الرسل لنخرجنكم من ارضنا اي اذا بقيتم على هذا الدين فسنطردكم من البلد التي نسكنها. او لتعودن في ملتنا. فمتى اذا عدتم الى ملتنا من عبادة الاصنام قبلناكم وكان من شأننا ان نكون معكم فاوحى اليهم ربهم يعني ان الله انزل وحيا. اما بوحي على انبيائه واما بمعنى نزل على نفوس اوليائه. فاوحى اليهم ربهم لنهلكن الظالمين اصحاب الظلم تنزل بهم العقوبة. ولذا قال صلى الله عليه وسلم واتق دعوة المظلوم فانه ليس بينها وبين الله حجاب وقال فاوحى اليهم ربهم اوحى الى المؤمنين لنهلكن الظالمين. اي اولئك الذين ظلموا عباد الله في دينهم فصدوهم عن الاستجابة لدعوة الهدى والخير ووعد الله المؤمنين فقال ولنسكننكم الارض من بعدهم هددوا باخراجهم من الارض فاعطاهم الله عز وجل ارث الارظ فانظر لحكمة حكمة الله الغالبة ثم قال ذلك اي هذا الثواب وهذا التثبيت وهذه المكانة انما كانت لمن خاف مقامي وخاف وعيد. اي هي لذلك الانسان الذي يخاف الله ويرجوه سبحانه وتعالى قال ولنسكننكم الارض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد واستفتحوا تلاحظون هنا ان الكافرين توعدوا المؤمنين بي شيء عظيم. الا وهو انهم يتكالبون عليهم فيهلكونهم ويخرجونهم من ديارهم. وهكذا انبياء الله تعرضوا لمثل هذا تهديد فكانوا يتعرضون لانواع من التهديد فيقال لهم اما ان تعودوا الى دينكم واما ان نخرجكم وبالتالي وقع من المصادمة بين اهل الايمان وغيرهم وتلاحظون هنا ان الغالب في الاقوام ان يكونوا ممن الغالب في اقوام ممن يكونوا قد اوتوا مالا وخيرات ومكنوا في الارض. فحين ان نعلم ان الله عز وجل قادر على انزال العقوبة باي واحد من الخلق مهما كانت وان الله قادر على اعزاز من اذله الناس واستنقصوا من انا تي هي وهكذا شأن الاقوام مع انبيائهم. يكذبونهم ويتوعدونهم بما لديهم من قوة ويحذرونهم فتكون العاقبة عليهم. انظر الى قوم نوح حينما قال يا قومي ان كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بايات الله فعل الله توكلت فاجمعوا امركم وشركاءكم ثم لا يكون امركم عليكم امة ثم اقضوا الي ولا تنذرون. وهكذا في بقية انبياء الله عليهم السلام. ثم وقال تعالى ولنسكننكم الارض من بعدهم. اي ان الله سيتفظل على اهله الايمان بان يجعلهم يسكنون في المساكن التي كان يسكنها هؤلاء المعذبون ذلك جعله الله جزاء لمن خاف مقامه بين يدي الله وخاف واعيدي ان يخاف من وعد الله. قال جل وعلا واستفتحوا وخاب كل جبان عنيد اي كل واحد من الفريقين. اهل الاسلام واهل الكفر والشقاق. استفتوا تحو بمعنى انهم طلبوا ان يفتح لهم بحيث يقولون اللهم من كان كاذبا في دعواه تاركا للحق اللهم افعل به في كذا وكذا. فطلب الفتح بانزال العقوبة فكان هذا من اسباب الهلاك الذي لحق الظالمين. قال ولنسكننكم الارض من بعدي تكون لكم الغلبة بعد انزال العقوبة باولئك الاقوام. ذلك لمن خاف مقامي ثم قال تعالى واستفتحوا فان الكفار هم الذين طلبوا العقوبة. فقالوا ان كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجارة من السماء. فبالتالي هم الذين ابو تعجيل العذاب بطلبهم ما عند الله جل وعلا. ثم قال وخاب كل جبار عنيد. اي ان من تجبر على الله وعلى دينه. وتكبر وتجبر على عباد الله وكان من شأنه العناد فلا يقبل دعوة الحق ولا يستجيب لها واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد. وذلك انهم قالوا اينا على الباطل؟ اللهم اجل بالعذاب الذي ينزل عليه. وحينئذ يستجيب الله دعوتهم بنزول العذاب. فيكون هذا من اسباب خيبتهم بحيث لا ينتفعون بما اتاهم الله من قوة او ما اتاهم الله من رأي فالجبار وصف صاحب القوة والعنيد صاحب وصف صاحبي وصف صاحب صاحب وصف صاحب الرأي. وبالتالي اذا اجتمعتا دلتا صاحبهما على ما يحصل فيه النجاة ولكن لما كانوا معرضين عن الله وعن رسوله وغير مستجيبين لهما نزلت بهم العقوبة الشديدة لم يستفيدوا من مقامهم شيئا قال تعالى من ورائه جهنم اي هذا المكذب سيعذب في الدنيا. ولكن عنده عذاب اعظم الا وهو عذاب الاخرة. ولذا قال من ورائه جهنم ويسقى من ماء سديد. ماء الصديد ما يخرج من البدن من امور تحصل بسبب ما يحصل للبدن من جرح ونوع ونحوه. يسقى من ماء صديد الماء الصديد الماء الذي وضع في الحديد فاصبح متصديا فيه شيء من اثار هذا الحديد. قال تعالى يتجرعه اي انه في عطش شديد فاذا شرب لا يشربه بهين ولين وانما يشرب منه كشيء كثير من اجل ان يتمكن من شربه لحرارته. ولذا قال يتجرعه اي يأخذ منه شيئا كثيرا في الوقت اليسير. ثم قال ولا يكاد يصيغه. اي ليس له وطعم يشتاق الانسان اليه وانما يقرب ذلك الطعام من وجهه حتى يشوي ذلك الوجه قال ويأتيه الموت من كل مكان. فان هذا الرجل يأتيه عذاب شديد من كل مكان وكل نوع من انواع العذاب الذي يصل اليه يكون على درجة عالية بحيث يخشى ان يصيبه الموت من ذلك المكان. ويأتيه الموت من من كل مكان وما هو بميت. بل الله عز وجل سيبكيه حيا. وسيجدد له كصادر خلايا بدنه ليحس بالعذاب. وآآ ها هم باقون في هذه النار. ابد الاباد. لا يخرجون منها ابدا قال ومن ورائه عذاب غليظ. اي سيأتيه من تلقاء وجهه عذاب غليظ اي شديد. وصل درجة الشدة كأنه نوع من الثياب اما شقه ولم يعد صاحبه ينتفع به. فهذا تفسير هذه الايات اسأل الله جل وعلا ان يوفقكم للخير وان يجعلني واياكم من الهداة المهتدين كما نسأله سبحانه ان يصلح احوال امة محمد صلى الله عليه وسلم. وان يبارك فيهم. ونسأله جل وعلا ان