احد ان ينقذهم من عذاب الله او ان ينتصر لهم او ان يحميهم من جزء من هذا العذاب بل تأتيهم اي ان عقوبة الله جل وعلا ستأتيهم بغتة اي فجأة الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد فاسأل الله جل وعلا لي ولكم توفيقا لي ما يسعدنا وما يرضي ربنا عنا كما اسأله جل وعلا ان يتقبل منا الاعمال الصالحة وان يجعلها خالصة لوجهه الكريم وبعد فهذا هو اللقاء الثالث من لقاءاتنا في تفسير سورة الانبياء حيث اتناول الايات من الاية الرابعة والثلاثين الى الاية السابعة والاربعين يقول تعالى وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد وذلك ان الكافرين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم بانك ستموت وسينقطع ذكرك وبالتالي تنتهي دعوتك فرد الله جل وعلا عليهم هذه المقالة بان بين لهم ان الانبياء السابقين قد ماتوا ولم يكن لهم الخلد جميع الانبياء المتقدمين قد ماتوا قبل ذلك وحينئذ رد الله عليهم هذا الاعتراض الذي اعترظوه ثم في الايات السابقة ذكر ان الله جل وعلا سيبقي لهذه الامة ذكرها وبالتالي ليبقى هذا الدين الى قيام الساعة كما ورد في النصوص التبشير به والاخبار به ثم رد عليهم جل وعلا برد اخر الا وهو انكم يا ايها المعترضون ستموتون. فكيف تعترضون على محمد صلى الله عليه وسلم بان امر تشاركونه فيه ولذا قال افإن مت فهم الخالدون اي يخاطب الله جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم بانه اذا اعترظوا عليه بكونه يموت فهم كذلك سيموتون. ولذا قال تعالى كل نفس ذائقة الموت. فمقادير الموت ستأتي على الجميع الكبار والصغار الانبياء والصالحين والاولياء وغيرهم من عموم الناس ثم قال تعالى ونبلوكم بالشر والخير فتنة وقوله نبلوكم اي نختبركم وننظر الى افعالكم ولئن كان الله جل وعلا يعلم ما سيفعله العباد قبل ان يفعلوا ما هم فاعلون الا ان انه يريد اقامة الحجة على العباد. ولذا استعمل هنا الفعل المضارع الدال على الاستمرار فقال ونبلوكم بالشر والخير فتنة وقدم ذكر الشر هنا لانه هو المتبادر لنفوس الناس. ولان هذا الكلام في استهزاء المشركين بالنبي صلى الله عليه وسلم. ولوصفهم له بالاوصاف غير اللائقة به ولذا قال ونبلوكم بالشر والخير فتنة. اي ان ذلك على جهة الاختبار والابتلاء لكم بحيث ينظر. هل تؤدون واجب الله عليكم او انكم تقصرون في ذلك. ومن ثم لا يكون من شأنكم ان تؤدوا واجب الله عليكم. ولقد كان من شأني المؤمنين ان يعرفوا ان كل قدر يقدره الله عليهم فهو خير لهم. وفي مصلحتهم ولذا ينبغي بهم ان يشكروا الله جل وعلا على نعمه وان يصبروا على ما يقدره عليهم من المقادير وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عجبا لامر المؤمن ان امره كله له خير وليس ذلك الا للمؤمن. ان اصابته ظراء صبر فكان خيرا له. وان اصابته سرا شكر فكان خيرا له وفي هذه الاية يراد بالشر ما لا يريده الناس ولا يرغبون فيه من الامراض والخسارة المالية القطيعة والحروب ونحو ذلك. وسميت شرا باعتبار حكمها الجزئي. او باعتبار نظرة الناس لها والا فان كل قضاء يقدره الله على العبد المؤمن فهو خير له وتشتمل كلمة الشر على الذنوب والمعاصي واما الخير فيراد به سلامة الابدان واجتماع الكلمة وتالف القلوب ورغد العيش ووفرة المال هنات الانسان وسعادته وتوفر سبل معيشته وفي هذا دلالة على ان الزهد الذي امر به في الشرع ليس بترك الدنيا وانما باستعمال الدنيا فيما ينفع في الاخرة. ومن ثم ففهم بعض قاصري العقول ان الشريعة ترغب في الدنيا هذا فهم خاطئ وليس من شرع الله في شيء. وانما الشريعة ترغب مؤمنين بان يكون عندهم ما يتمكنون به من عبودية الله جل وعلا ومن ذلك ما صالحوا الدنيا. ولذا سمى الله جل وعلا ذلك خيرا وقوله والينا ترجعون. اي ان الله جل وعلا لما ذكر ما اعترض به المشركون من كون صلى الله عليه وسلم يموت فكيف يكون نبيا وهو يموت؟ بين الله جل وعلا انهم جميعا سيرجعون الى الله جل وعلا. ومن ثم سيحاسبهم على اعمالهم. كونهم يرجع الى الله والانبياء يرجعون الى الله. دليل على انه لا يصح لهم الاعتراض بهذا الاعتراف على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم وفي هذه الاية اشارة الى شيء مما قد يلاقيه الانبياء عليهم السلام ودعاة الحق من الاستهزاء بهم من قبل اعدائهم المكذبين لهم. ولذا قال تعالى واذا رأى اي ان المشركين اذا شاهدوك وابصروك بعيونهم لم يكن من شأنهم الا الاستهزاء بك محاولة الهمز واللمز وتنقص ونحو ذلك وكان من مقالتهم ان قالوا اهذا الذي يذكر الهتكم؟ لان الالهة من الاصنام ونحوها كانت عظيمة في نفوسهم. وكانوا دون ان يتكلم احد بذكر حقيقة هذه الاصنام ويبين انها لا تستحق شيئا من العبادة فلما عظمت الاصنام في نفوسهم استنقصوا كل من دعا الى ترك عبوديتها ولذا قالوا اهذا الذي يذكر الهتكم؟ اي يذكرها ويبين انها لا تحق العبادة ولا يجوز صرف شيء من العبادات لها. وذلك انها لا تتصرف في شيء من الكون. فكيف البدو من دون الله سبحانه وتعالى ثم بين جل وعلا ان حالهم هذا في استهزائهم بالنبي صلى الله عليه وسلم عند استعظامهم لدعوته الى ترك كعبودية الاصنام انهم في نفس الوقت ليكفرون بذكر الرحمن. والذكر هنا قد يراد به ما يتذكره الانسان من من صفات الله جل وعلا فان هؤلاء المشركين عبدوا هذه الاصنام من دون الله جل وعلا ولذا تركوا عبودية الله سبحانه وتعالى. وحينئذ يقارن رب العزة والجلال بين حالهم حينما كانوا كافرين بالله جل وعلا وبين حال النبي صلى الله عليه وسلم يعتصم بالله يلجأ اليه والذي ينصره ربه ولكنه يدعو الناس الى ترك عبودية من سوى الله جل وعلا. وبهذا يتضح انهم على خسارة وانهم ليسوا على حق في طريقتهم ثم بين جل وعلا سببا من الاسباب التي جعلتهم يسيرون على هذه الطريقة من تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم والاعتراظ عليه. فبين ان ذلك بسبب استعجال وعدم تفكرهم وترويهم في الامر ولذا قال تعالى خلق الانسان من عجل اي ان الداعي الذي دعاهم الى هذه الطريق من الاستهزاء بالنبي صلى الله عليه وسلم. ومن الاعتراض عليه بالاعتراضات السابقة هو استعجالهم وعدم تأملهم وتفكرهم في حقائق الامور وكان من استعجالهم ان قالوا ان كنت صادقا فانزل علينا عقوبة الله وحينئذ نعلم ان العجلة مذمومة غير مرغوب فيها. ولكن هناك فرق بين المسارعة في الخيرات كما في قوله تعالى فاستبقوا الخيرات وكما في قوله وسارعوا الى مغفرة من ربكم بكم وجنة عرضها السماوات والارض. بيان ان المسارعة هي المبادرة الى الشيء في في اول وقته المبادرة الى الخير في اول وقته. بينما العجلة هي هي الاتيان للشيء قبل حلول وقته. فلما تعجلوا الحكم على النبي صلى الله عليه وسلم قبل التفكر فيما معه من الادلة والبراهين وصفوا بوصف اجلة وانظر لهذه الايات في قوله وهم بذكر الرحمن حيث ان فيها عددا من المعاني اولا ان الذكر قد ورد ذكره في هذه الايات والتنبيه عليه مرارا كما في قوله ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث. وكما في قوله جل وعلا فاسألوا اهل الذكر وكما في قوله لقد انزلنا اليكم كتابا فيه ذكركم ومن ثم فقد يراد بذكر الرحمن انهم يكفرون بالله جل وعلا لانهم يشركون في العبادة معه غيره وقد يراد بذلك ان ما اعده الله لاولياءه من المؤمنين من الذكر الحسن ومن الصيت والسمعة الباقية يكفر به هؤلاء لانهم ظنوا انه بمجرد موت النبي صلى الله عليه وسلم تنقطع دعوته فكانت تلك المقالة مقالة فاسدة كاذبة غير صحيحة وقد كفروا بها وفرد الله جل وعلا على عجلتهم هذه حينما حكموا على الامور قبل ان يتأنوا ويستبصر ويتفكر فيها. ولذا قال لهم جل وعلا ساريكم اياتي فلا تستعجلون اي ان الله جل وعلا ذكر لهم بانه سيجعلهم يتمكنون من النظر في ايات الله ومن ثم فلا يناسب منهم ان يستعجلوا وذكر الرحمن هنا من اجل بيان او التذكير بنعم الله على العباد حيث رحمهم فقال تعالى ساريكم اياتي ما هي ايات الله؟ قد تكون الادلة والبراهين الدالة على صدق هذا النبي الله عليه وسلم ومن ثم فليس من المناسب بهم ان يتعجلوا ويحكم على هذا النبي قبل ان يتأملوا في هذه الايات. وقد يراد بالايات العقوبات التي تنزل بالامم المكذبة كما نزل بالمكذبين الذين كذبوا بانبياء الله السابقين كذا هذه الامة هكذا هؤلاء القوم يخشى عليهم من ان ينزل بهم العذاب بسبب استهزائهم برسول الله وتكذيبهم له وعدم ايمانهم به وقد كان من وعد النبي صلى الله عليه وسلم لهم ان ذكر لهم ان العقوبات قد تنزل بهم وذكر جل وعلا ان هؤلاء المكذبين الكافرين يقولون ان يستمرون في الكلام بهذه المقالة متى هذا الوعد؟ اي متى تنزل عقوبة الله بنا؟ ومتى تكون الساعة التي نحاسب ما ينزل بهم في الدنيا لاعراضهم عن الله. كما في قوله وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة الى ان قال فلما حسوا باسنا اذا هم منها يركضون الى ان قال قالوا يا ويلنا انا كنا فيها على اعمالنا يقولون للنبي ومن معه ان كنتم صادقين فانزلوا علينا عذاب الله. فاستعجلوا نزول العذاب عليهم ولم يكن من شأنهم ان يتفكروا ويتأملوا في الادلة والبراهين التي مع هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ثم ذكر الله جل وعلا حالهم في الاخرة حينما يأتيهم العذاب الشديد. فقال جل وعلا لو يعلمون هم الذين كفروا اي ان الله جل وعلا ذكرهم بحال سيكونون عليه في ايام في ايامهم المستقبلة لا يكفون عن وجوههم النار اي يدخلون نار جهنم فتصيب جميع ابدانهم بما فيها الوجوه وذكر الوجوه هنا لان الوجه اعظم ما يهتم الانسان بوقايته انواع ما قد يؤذيه من النار وغيرها. فقدم ذكر الوجوه لذلك. حين لا ايكفون اي لا يبعدون عن وجوههم النار. ولا عن ظهورهم. فهذه الظهور تأتيهن نار مما يدل على ان النار تحيط بهم من كل جانب. ثم قال ولا هم ينصرون. اي لا في ساعة لا ينتظرون العذاب فيها. فتبهتهم اي تهلكهم وتعجزهم وتجعلهم لا يتمكنون من الخلاص من هذا عذاب الشديد وحينئذ لا يستطيعون ردها. اي رد العقوبة ولا يتمكنون من ابعاد بعذاب الله عنهم ولا هم ينظرون. اي لا يؤخر عنهم عذاب الله ولا يؤجل بل ليأتيهم مباشرة بغتة ولما اشار الله جل وعلا الى استهزاء الكافرين بهذا النبي الكريم مرة بنسبة التهم الكاذبة اليه التي يبرأ منها. ومرة تمني زوال هذه الدعوة ارجاف بدعوى انها لن تستمر وان اصحابها سيموتون وتموت دعوتهم. ومرة استهزائهم بهذا النبي الكريم. حيث ذكروا انه تجرأ على الالهة التي يرونها عظيمة وهي في نفسها حقيرة فاذا كانت هذه الامور وهذه الانواع من الاستهزاءات قد جاءت بالنبي صلى الله عليه وسلم قد دجاج للنبي صلى الله عليه وسلم فالقول ليس بدعة والاستهزاء ليس اولا بل لقد جاء مثل ذلك الى انبياء الله السابقين. ولذا قال ولقد استهزأ برسل من قبل اي ان الانبياء السابقين تعرضوا لانواع من انواع الاستهزاء الذي يماثل الذي لديك فحاق اي ان العذاب وصل الى هؤلاء المستهزئين وجاءهم من كل جهة فحاق بالذي نسخروا منهم اي من انبياء الله ما كانوا به يستهزئون اي العذاب الذي وعدهم به انبياء الله فكانوا يستهزؤون بخبر انبياء الله عندما يخبرون بان العذاب سيقع به وهكذا تستمر الحكاية مع اتباع هذا النبي. يستهزئ بهم اعدائهم ان هؤلاء الاولياء لن ينتصروا ولن يكون لهم القوة والغلبة ويظنون ان ويظنون ان هؤلاء سينقطع ذكرهم لكن الله جل وعلا يجعل العاقبة الحميدة لاولياءه ويجعل ضدها لاعدائه سنة كونية ماضية وذكرهم الله جل وعلا بقدرته. فقال قل اي اخبرهم واسألهم من يكلأكم. اي من الذي يحفظكم ويبعد عنكم انواع الشرور بالليل والنهار. فان الانسان في الليل ينام وبالتالي لا يأمن على نفسه ان يصيبه شيء من اقدار الله او ان يتسلط عليه عدو من اعدائه. اذ ان قواه قد ذهبت. وهكذا من يكلأكم بالنهار. فان عند انتشار الناس تعددي السبل التي يسلكونها فحينئذ قد يأتيهم من ينغص عليهم عيشتهم قل من يكلأكم بالليل والنهار من الرحمن. اي من يحفظكم من عقوبة الله فان عقوبة الله اذا نزلت بكم فلا يستطيع احد ردها وهكذا في معنى هذه الاية ان الرحمن الذي يرحمكم سيتولى هو الذي وحده يتولى حفظكم وابعاد انواع الظرر والشر عنكم الهم اي ان طريقة هؤلاء انهم عن ذكر ربهم معرضون. وانظر كيف كرر ذكرى الذكر مرة اخرى فهم معرضون عن تذكر قدرة رب العزة والجلال بهم وهم معرضون عن الذكر الذي يأتيهم من الله جل وعلا من القرآن والسنة وهم معرضون عن ان يذكروا الله جل وعلا في امورهم ثم اتى رب العزة والجلال بابطال مقالتهم بطريقة التقسيم فقال هذه الالهة التي يعبدونها هل تستطيع ان تمنعهم من اعدائهم فهي لا تستطيع ان تصد عن نفسها اي اذى او ضرر قد يراد ان يلحق بها فاذا كانت لا تنفع نفسها ولا تدفع عن نفسها الاذى والضرر فمن باب اولى ان تكون عاجزة عن دفع الظرر والاذى عن غيرها. ولذا قال ام لهم الة هاه اي هل لهم معبودات عندها قوة وقدرة بحيث تمنعهم عنهم عذاب الله جل وعلا. وجل وعلا اذا نزل بهم. فهذه الالهة من الاصنام والمعبودات لا تستطيع ان ترد عذاب الله. اذا نزل بهم. ومن هنا فان هذه الالهة لا تستطيع نصرنا نفسها فمن اراد ان يكسر الصنم تمكن من ذلك ولن يتمكن الصنم من ان يمنعه من هذا فاذا كان الصنم والمعبود من دون الله لا يستطيع نصرا لنفسه كيف ينصركم ولا هم منا يصحبون. اي لا يوجد لهم اصحاب يكونون معهم وينصرونهم وبالتالي فانهم لن يتمكنوا من رد عذاب الله جل وعلا ثم قال تعالى بل متعنا هؤلاء واباؤهم. اي ان الشأن الذي جعلهم يسلكون هذا المسلك ويغترون بما هم فيه ويعرضون عن ذكر الله جل وعلا هو ما لديهم من انواع النعيم الدنيوي ان هذا النعيم الدنيوي متى استعمل في غير مرظاة الله كان ملهيا لصاحبه ومشغلا له عن التفكر في حقيقة الامر امر ومن ثم تجري عليه السنون والايام والدهور بدون ان يتفكر في حقيقة الحال ولذا قال تعالى بل متعنا اي انا جعلنا هؤلاء القوم ينعمون بانواع النعم التي يتمتعون بها في الدنيا فتكون متاعا ملهيا لهم عن تذكر الاخرة والاعداد لها. فقال بل متعنا هؤلاء اي هؤلاء المخاطبون من المشركين اباءهم فيه تذكير بان الاباء قبلهم قد ماتوا فانتم كذلك ستسيرون على طريقتهم فسيأتيكم الموت. قال حتى طال عليهم العمر اي ان انهم بي ما هم فيه من النعيم سارت الايام عليهم سراعا. ومضت السنون تباعا. ومن ثم غفلوا عن الاخرة ولم يستعدوا لها. فظنوا انهم باقون ابد الاباد في الحياة. ونسوا ان يستعدوا ليوم الاخرة ثم قال تعالى افلا يرون اي افلا يشاهدنا الى حقيقة الدنيا؟ وذلك ان الله جل وعلا يقدر الموت في كل لحظة من اللحظات على طائفة من الناس. فالتفت يمينا تجد ان من قد مات والتفت شمالا تجد من قد مات من قرابتك من جيرانك من زملائك فاذا وصل الموت اليهم وهم يماثلونك فان الموت ايظا سيصل اليك. ولذا قال لا يرون انا نأتي الارض ننقصها من اطرافها. اي اننا نميت منهم طائفة بعد طائفة وكلما مضى زمن مات طائفة من الناس. فاذا كانوا سيموتون واذا كانوا لا يستطيعون انفسهم واذا كانوا لا يجدون اصحابا يناصرونهم واذا كانت الهتهم عاجزة عن نصرتهم فحينئذ هم مغلوبون وليسوا بغالبين. فالموت سيأتيهم لا محالة ومن ثم ياء ومن ثم يأتيهم قدر الله الذي ينقلهم من هذه الحياة فاذا كانت الغلبة عليهم فعليهم ان يعيدوا التفكير وان يتأملوا فيما جاء به هذا النبي الكريم من وحي الله عز وجل. ولذا خاطبهم الله على لسان نبيه و يسير اتباعه من الدعاة لدينه على مسيرته. فيقولون انما ننذركم بالوحي. يعني ان لا نأتي باوامر من عند انفسنا. ولا نأتي باحكام وشريعة من تخيلاتنا وانما ذلك كله من عند الله جل وعلا بوحي ينزله سبحانه الينا ومن هنا فان التذكر يكون بالوحي و قال تعالى بعده ولا يسمع الصم. الصم من غابت عنهم حاسة السمع. فمن ثم لو جاء احد فتكلم عليهم خاطبهم فانهم لن يتمكنوا من سماعه. وهكذا ايضا دعاة الحق اذا خاطبوا احدا خطابا وكان ذلك الاحد معرضا عنهم فانه بمثابة من به صمم لن يستطيع ان يسمع ما ايكلم به؟ ولذا قال ولا يسمع الصم الدعاء والدعاء الصوت الرفيع العالي فان من به صمم لن يتمكن من سماعه وهكذا من طمس على قلبه فانه لن يتمكن من الاستفادة من دعوة الحق ولا يسمع الصم الدعاء اذا ما ينذرون. يعني لو كان هناك امر خطير امام من به صمم فرفعت صوتك باعلى درجات الصوت لتحذره منه فانك حينئذ لن تؤثر فيه شيئا ولن يستجيب لك. لان عنده مانعا يمنعه من الاستماع لنذارته ومقالتك فهذا شأن اولئك المعرضين الذين يعرضون عن دعوات الانبياء السلام ثم خوفهم الله من العذاب الدنيوي فقال ولئن مستهم المس اللمس الخفيف والنفحة النفخة اليسيرة من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا انا كنا ظالمين. اي لو قدر ان العباد في الدنيا جاءهم او احسوا ساسا خفيفا عذاب يسير من عذاب ربك فانهم حينئذ ساء ييأسون ويظنون ان السوء قد نزل بهم. ومن هنا يقولون يا ويلنا انا كنا ظالمين. وفي هذا تذكير بما وعد الله به الامم من العذاب حين ظالمين فهكذا هذه المقالة ستتردد عند هؤلاء الاقوام عندما ينزل بهم عذاب رب العزة والجلال ليقولن اين ليستمرن على هذه المقالة يا ويلنا اي الثبور والخسارة بسبب انا كنا ظالمين قد ظلمنا انفسنا باعراظنا عن طاعة الله اه اشراك غير الله معه في العبادة. وبتكذيب انبياء الله والاستهزاء به وذكر الله جل وعلا بشأن العباد يوم المعاد. فقال ونضع الموازين الميزان الة تعرف بها مقادير ثقل الاشياء. وهذه الموازين في الدنيا تكون مقاييسا للسلع وفي الاخرة تكون طرائق لحساب العباد والموازين مرة يوزن فيها العمل. ومرة يوزن فيها العامل. ومرة يوزن فيها صحائف الاعمال التي تسجل فيها الاعمال. وموازين الله موازين عادلة لا ظلم فيها فلا تبخسوا احدا حسنة ولا تضيفوا له سيئة. ولذا قال ونضع زين القسط اي العادلة ليوم القيامة. اي ليوزن بها ما يوزن من اعمال للعباد ومن ابدانهم ومن ثوابهم ومن سجلات اعمالهم فلا تظلم نفس شيئا. اي ان العباد يكون انما يحاسبون بالعدل. فلا يؤخذ منهم حسنة ولا يضاف اليهم سيئة وان كان مثقال حبة خردل وان كان مثقال حبة من خردل اتينا بها. يعني ان الله جل وعلى سيدقق الحساب على العباد ولن يترك لهم الشيء اليسير. كما في قوله فمن يعمل مثقال ذرة مرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره قال تعالى وكفى بنا حاسبين. اي ان الله جل وعلا قادر وحده على احصاء اعمال العباد وتسجيل حسناتهم وسيئاتهم وكفى بالله حسيبا وهكذا قد سجل هكذا قد كلف الملائكة بتسجيل اعمال بني ادم كما موجعة وليجازيهم عليها ففي هذه الايات من الفوائد والاحكام ان الموت مقدر على جميع العباد وانه لا بد ان يصل الى الجميع فيصل الي واليكم والى جميع من في الارض وجميع من سيأتي بقدرته جل وعلا. وفي هذه الايات انه لا يوجد احد من البشر مخلد في الدنيا وبذا نعلم ان من قال بان هناك من بقوا من اتباع الامم السابقة فان مقالته مقالة كاذبة وبهذا نعلم ايضا مقالة بطلان مقالة من قال بان الخضر لا زال حيا فانه لو كان حيا لما وسعه الا اتباع محمد صلى الله عليه وسلم ولذا قال هنا ما جعلنا لبشر من قبلك الخلد وفي هذه الايات الرد على الدعوة الباطلة بالقياس المماثل الدال على بطلان تلك الدعوة. كما في قوله وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد افإن مت فهم بدون وفي هذه الايات اثبات المعاد وان العباد سيعودون الى الله فيحاسبهم على اعمالهم وفي هذه الايات تحريم الاستهزاء بانبياء الله او بشيء من شرائعهم. وان الاستهزاء قد يوصل صاحبه الى درجة الكفر وفي هذه الايات ان من ذكره الله نصره ان من ذكر الله ذكره الله ومن ذكره الله نصره وعزة صد اعدائه صد اعدائه عنه وفي هذه الايات ان العبد ينبغي به ان يكون ذاكرا لله عز وجل في كل اوقاته. فيذكره بقلبه ويذكره بجوارحه وفي هذه الايات ذم العجلة. والترغيب في تركها وكما تقدم هناك فرق بين العجلة وبين المسارعة والمسابقة في الخيرات وقوله خلق الانسان من عجل اي انه سيستمر على طريقته. فهذا دأبه وهذا شأنه وفي هذه الايات ان الله جل وعلا يقيم الادلة والبراهين الدالة على صدق انبيائه ودعاة في دينه وفي هذه الايات ان العبد ينبغي به التأني والتفكر واستحضار المعاني لما يعرض له ثم قال وفي هذه الايات ان المشركين يطالبون النبي واتباعه مسارعة العذاب والعقوبة. ويقولون على جهة التندر والتكذيب متى هذا الوعد؟ يعني وعد انزال العقوبة ان كنتم صادقين في دعواكم ان العقوبة ستنزل بنا وفي هذه الايات ان الكافرين سيدخلون في نار جهنم خالدين فيها. وان الله سيسلط عليهم النار في تلك الدار فتحرق وجوههم وظهورهم وفي هذه الايات انهم انهم يحاولون صد العذاب عن وجوههم ولكنهم لا يستطيعون ذلك وفي هذه الايات ان من قدر الله جل وعلا عليه ان يكون من اهل النار فلن يستطيع احد ثانيا صوره وفي هذه الايات ان يوم المعاد قد اخفي وقته. وان العباد لا يطلعون عليه. بل سيأتيهم موعد فحينئذ اذا عاقبه الله جل وعلا فانه لا يظلمه بذلك العذاب وتلك عقوبة وفي هذه الايات ان العمل اليسير ان خيرا وان شرا محسوب عند الله جل وعلا وسيحاسب العباد به. ولذا قال وان كان مثقال ذرة وهم غافلون لاهون فتأتيهم بغتة اي فجأة فتبهتهم اي تحيرهم وتعجزهم ولا تمكنهم من هرب ونحوه. وحينئذ لا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون. اي لا يؤجلون ولا يؤخرون. اقامة عبودية الله عز وجل. وفي هذه الاية دلالة على ان التوبة تنقطع وصول الانسان الى درجة الموت. فمتى وصل الى درجة الغرغرة؟ فحينئذ باب التوبة وفي هذه الايات تسلية نبي الله عليه السلام بانه اذا كان يتعرض للاستهزاء فقد تعرظ قبله له وهكذا تسلية هذا النبي بان المستهزئين بالكافرين نزلت بهم العقوبات الدنيوية مع ما ينتظرهم من العقوبات الاخروية وفي هذه الايات ان السخرية والاستهزاء من الامور المحرمة ومن الامور التي سارعوا تسارع عقوبة الله اليهم والى اصحابها وفي هذه الايات ان حفظ النفوس من انواع الشرور انما هو بتقدير رب العزة والجلال امره وخلقه وفعله جل وعلا. وفي هذه الايات ان الله برحمته يمسك كثيرا من انواع الاذى عن العباد وفي هذه الايات ان العباد ينبغي بهم ان يتذكروا الله في كل احوالهم فيذكره باقوالهم بقلوبهم وبفعل جوارحهم وفي هذه الايات التذكير بالامساك بالوحي الذي يأتي عن الله عز وجل وعدم الاعراض عنه وفي هذه الايات بطلان عبودية الهة المشركين. وان حق العبودية خالص لله سبحانه وتعالى. وفي هذه الايات عجزوا هذه المعبودات من ان ترد شيئا من من عذاب الله جل وعلا. وفي هذه الايات عجز هذه المعبودات عن دفع الاذى عن فضلا عن غيرها وفي هذه الايات ان اصحاب الكفر والشرك سيتبرأ منهم اصحابهم. وفي هذه الايات ان ما في الدنيا من المتاع امر يسير زائل ولكن الخشية من ان يكون سببا من اسباب غفلة الناس عن الاستعداد للقاء ربهم جل وعلا وفي هذه الايات ان النعم قد تكون اسبابا من اسباب الغفلة حتى يطول على الانسان عمره وفي هذه الايات ان طول العمر في الشر ليس محمودا للانسان بل هو ظرر عليه. ويقابل هذا ان طول عمر الانسان في الخير والطاعة من اسباب رفعة درجته عند الله جل وعلا وفي هذه الايات ان سنة الله في الكون ماضية بان يموت الناس جيلا بعد جيل وفي هذه الايات ان العبد مغلوب بالنسبة لقدر الله لا ينفذ على نفسه شيئا من الاقدار بل قدر الله طالب عليه سائر به وفي هذه الايات ان النذارة والدعوة والبلاغ يحسن ان تكون بالوحي بايات من كتاب الله عز وجل وذلك ان هذا الكتاب فيه من الادلة العقلية المقنعة والبراهين العاطفية وانواع والعلوم ما يجعل العبد يذعن له. ولذا قال قل انما انذركم بالوحي. وفي هذا ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يدعو لنفسه او يسعى لان يحظى رفعة في الدنيا بهذا الوحي وانما اراد ارشاد الخلق ونصيحتهم وفي هذه الايات ان المعرض عن الحق لن يتمكن من هدايته مهما بذل معه من الاسباب وفي هذه الايات التخويف من يسير عذاب الله جل وعلا. والتحذير من العقوبة اليسيرة في الدنيا والاخرة وفي هذه الايات ان طريق الظالمين ان يعلن خسارة انفسهم ويعلنوا الويل والثبور لانفسهم. بان يقولوا يا ويلنا انا كنا ظالمين. وفي هذه الايات عموم عدل الله عز وجل. فهو عادل في احكامه على العباد وفي محاسبته لهم يوم المعاد. ولذا يضع الموازين القسط اي العادلة ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا. والميزان قد يكون بوزن الاجسام كما قال النبي صلى الله عليه وسلم تعجبون من دقة ساقي ابن ام والله انه في الميزان لا اثقل من جبل احد وهكذا ايضا توزن الاقوال والاعمال. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان الى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم وهكذا ايضا قد تكون الموازين للصحف كما جاء في الحديث ان رجلا جاء معه بتسعة وتسعين سجدا من سجلات ذنوبه فوضعت في الميزان الحديثة وقوله ليوم القيامة اي انها توضع من اجل الوزن في ذلك اليوم. وسمي بهذا لان العباد يقومون فيه من مماتهم وفي هذه الايات تنزه الله جل وعلا عن الظلم فلا يظلم فلا يظلم احدا من العباد. وانما يجازيهم على اعمالهم فلما كان العبد عنده ارادة وعنده قدرة وقد اقدم على المعصية بقدرته وارادته من خردل اتينا بها. اي سجلناها على صاحبها. واريناه اياها ليكون ذلك من اسباب ظهور عدل الله جل وعلا. ثم قال وكفى بنا حاسبين. اي الله جل وعلا سيحاسب العباد على اعمالهم. وقد سجل اعمالهم في الدنيا. فهذه ايات عظيمة من سورة الانبياء. بارك الله فيكم جميعا. ووفقكم الله لكل خير. وجعلني الله واياكم من هداة المهتدين هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين