ربنا اجعلنا للمتقين اماما. ونسأله جل وعلا امنا في بلاد المسلمين واستقرارا لها ابتعادا لها عن كل ما يسوؤها ويضر بها او يفرق كلمتها. كما نسأله جل وعلا ان يوفق ولاة امورنا لكل خير وان يجزيهم الخير والهدى. هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى ال واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد فاسأل الله جل وعلا ان يستعمل الجميع في طاعته وان يوفقنا واياكم لخيري الدنيا والاخرة وبعد باذن الله عز وجل نتدارس ايات من سورة الانبياء من الاية الثامنة والاربعين من قوله ولقد اتينا موسى وهارون الفرقان وظياء وذكرا للمتقين الى الاية الثالثة والسبعين من السورة. يقول جل وعلا بعد ان ذكر فيما سبق بارساله الانبياء كما في قوله وما ارسلنا قبلك الا رجالا اليهم وكما في قوله وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبدون بدأ جل وعلا بسياق قصص انبياء الله عليهم السلام. وابتداهم بموسى هارون وذلك لان موسى عليه السلام قد صاول قومه ودعاهم الى التوحيد وقد انزل الله جل وعلا له كتابا عظيما. فقال سبحانه ولقد اتينا موسى وهارون الفرقان الفرقان يراد به الكتاب الذي يفرق فيه بين الحق والباطل. فكتاب موسى فرق الله فيه بين الحق والباطل. وذلكم الكتاب ضياء. بمعنى انه نور يستضاء به في طريق الحق وهو ذكر للمتقين. يذكرون الله به ويتذكرون ما يستقبل من ايامهم. ويكون سببا من اسباب بقاء ذكرهم. وانظر كيف كرر الذكر مرارا في هذه الايات. ثم قال في وصف المتقين الذين يكون الكتاب ذكرا لهم. الذين يخشون ربهم بالغيب. يخشون اي انهم يخافون من الله بسبب ما يعلمونه عنه من صفاته وما يعلمونه عنه من قيامه وسننه في الكون وهم يخافونه بالغيب اي عند غيبتهم وعند عدم حضور احد من الناس عندهم. فاذا كانوا يخشون الله في الغيب فخشيتهم لله في حال حضور الناس ومشاهدتهم اعظم وهم من الساعة مشفقون ان يجعلون ذكرى قيام الناس يوم القيامة بين اعينهم يقدمون اعمالا صالحة ينجون بها من ذلك اليوم. فهم وجلون خائفون من يوم الحساب من الساعة ومن ثم يقدمون اعمالا صالحة تنفعهم في ذلك الوقت ولما ذكر الله كتاب موسى ذكر هذا القرآن العظيم. فقال سبحانه وهذا ذكر مبارك. اي هذا القرآن ذكر مبارك اي انه يذكر الناس بالله وهو سبب من اسباب اتعاظ الناس كرههم وهو ايضا من اسباب علو ذكر الانسان وارتفاع درجته. وهو مبارك بمعنى انه وعظيم الخير والبركة يكون سببا من اسباب زيادة الخير لمن كان من اهله ثم قال انزلناه اي ان الله اخبر ان هذا الكتاب منزل من عنده جل وعلا. ثم جاء السؤال والاستفهام افأنتم له منكرون؟ اي كيف توقنون بان موسى قد جاءه كتاب من الله فيه الهدى والفرقان والظياء والنور والذكر ثم تنكرون ان يكون الله قد انزل كتابا بعد موسى عليه السلام ثم ذكر الله جل وعلا قصة اخرى من قصص انبياء الله الا وهي قصة ابراهيم عليه السلام. وتلاحظون هنا ان الانبياء الذين ذكرهم الله في هذه السورة انبياء قد جعل الله لهم ذكرا عظيما. فبقي ذكرهم في الخلق الى قيام الساعة. ومن هؤلاء ابراهيم حيث ان ابراهيم يبقى ذكره الى قيام الساعة كما دعا ربه فقال واجعل لي لسان صدق في الاخرين قال تعالى ولقد اتينا ابراهيم رشده من قبل اي اننا اعطيناه ما يكون به راشدا ورشده يعني ما يتم به تمام نظره وتمام عبوديته لله عز وجل. واضافه اليه لان ابراهيم انا عالي المقام فناسب ان يكون رشده متوافقا مع مكانته عليه السلام. وقوله من قبل اي ان الله جل وعلا قد اتى ابراهيم قبل موسى وهارون وقبل محمد صلى الله عليه وسلم. وكنا به عالمين. اي ان الله جل الا يعلم من هو المتأهل لان ينزل عليه الوحي الوحي. ومن هو المتأهل لان يكون من اصحاب المقام العالي الرفيع ومن هو المتأهل لان يكون له الذكر الباقي الى يوم الدين. وهكذا كذا الله مطلع باعلى احوال العباد. ولذا ينصر اولياءه ويهزم اعداءه ثم ذكر الله جل وعلا قصة ابراهيم عليه السلام بعد ان ذكر الثناء عليه وصفته فقال اذ قال يعني اذكر اذ قال ابراهيم لابيه وظاهرها انه والده وقومه يعني قوم الاب او قوم ابراهيم ما هذه التماثيل التي انتم لها عاكفون؟ التماثيل ما كان مصنوعا على شكل يماثل شيئا من المخلوقات التي خلقها الله فالتماثيل مأخوذة من قولك مثلت ومثالا وذلك ان هذه المنحوتات قد نحتت على شكل يماثل شيئا من المخلوقات اما من الناس واما من الحيوانات واما من الطيور او نحوها فابراهيم يسألهم ما هذه التماثيل التي انتم لها عاكفون؟ هو يعلم انها تماثيل ويعلم وانها منحوتة ويشاهد اشكالها وصورها. ولكنه يريد ان ينكر عليهم. كانه يقول له هذه التماثيل انتم صنعتموها. فكيف تعبدونها؟ ولذا قال ما هذه التماثيل التي انتم لها عاكفون. قال انتم لبيان مكانتهم ومنزلتهم لها اي آآ تظمين ذلك معنى الخظوع لهذه التماثيل التي هم عاكفون لها. والا لو لم يرى الخضوع لقال عندها عاكفون. وانما كان عكوفهم من اجلها عبودية وخضوعا وذلا كانه اشار الى صنمهم الكبير يقول عودوا اليه واسألوه يمكن ان يكون قد غار من عبوديتكم لهذه الاصنام واراد ان تكون العبودية له وحده قال بل فعله كبيرهم هذا. اي الذي جعلهم جذاذا هو كبيرهم. يعني الصنم الكبير لهذه التماثيل والعاكف اللابس الباقي الذي لا يزاول مكانه. فهم يبقون عند تقربا لها وعبودية لها. فانكر عليهم كأنه قال هذه المنحوتات انتم صنعتموها ها فكيف تخظعون وتذلون لها فردوا عليه برد غريب عجيب. الا وهو الاستدلال بان ابائهم كانوا يفعلون ذلك. وهذا ليس من الحجة في شيء فانكم تماثلون اباءكم. وبالتالي لا وجه للاستدلال بفعل الاباء ولذا قالوا وجدنا اباءنا لها عابدين. اي يعبدونها من دون الله جل وعلا فرد عليهم ابراهيم عليه السلام فقال لقد كنتم لقد اي لتحقيق مقالته كنتم انتم واباؤكم في ضلال مبين. اي هذه الطريقة التي تسيرون عليها ان انما هي طريقة ظلال وغي ومخالفة للحق. فردوا عليه فقالوا استغرابا من ابراهيم حينما قال هذه المقالة واستهجانا لها اجئتنا بالحق اي هل انت ادق فيما تذكره من استنكار عبوديتنا وعبودية ابائنا لهذه التماثيل. اما من اللاعبين من الهازلين. هل انت جاد في هذه المقالة؟ ام انت لاعب هازل؟ فرد عليهم فقال بل اي ان مقالتكم هذه لا تستحق ان يلتفت اليها ومن ثم من يضرب عليها ونعرض عنها ونذكركم بان العبادة حق لله جل وعلا. ذلكم الاله الذي لا زالت نعمه تصل اليكم فهو يربيكم بانواع النعم وهو رب السماوات والارض خلقها فاوجدها من عدم ولا زال يرعاها ويقوم عليها. ولذا قال قال بل ربكم ام رب السماوات والارض الذي فطرهن اي اوجدهن من غير مثال سابق وانا على ذلكم من الشاهدين. اي انا على مقالة التوحيد بافراد الله بالعبادة وعدم صرف شيء من العبادات لله وتذكر ان الله هو الخالق الرازق المدبر من الشاهدين. اي ممن يقرون بذلك اقرارا يقينيا صادقا كأنني شاهدت ذلك بعيني. ثم قال وتالله يقسم إبراهيم عليه السلام بقسم بالله جل وعلا لاكيدن اصنامكم. اي على ان فعلا مع اصنامكم بتدبير خفي. والكيد هو تدبير الخفي فان كان تدبيرا خفيا في خير كان محمودا. وان كان في شر كان مذموما ما كاده ابراهيم هو من الكيد في الخير. قال لاكيدن اصنامكم اي معبوداتكم وتماثيلكم دينكم التي نحتموها بعد ان تولوا مدبرين اي بعد ان تذهبوا عن المدينة وتغادروها من اجل لمشاهدة احتفالات عيدكم. حيث كانوا يخرجون خارج البلد في يوم عيدهم فجاء ابراهيم عليه السلام الى تلك الاصنام وكانت اعدادا وفيرة. وآآ فقال فجعلهم جزاذا. اي قطعهم قطعا صغيرة. بفأس كان معه الا كبيرا لهم اي ترك واحدا من هذه الاصنام هو اكبرهم في حجمه لعلهم اي لعل قومه ولعل والده ومن معه اليه يرجعون اما يرجعون الى ابراهيم فيسألونه فتذيع مقالته وتنتشر دعوته في الناس او انهم يرجعون الى الكبير فيجدون انه لا يتمكن من قتل او من تقطيع بقية الاصنام ولا يتمكن من حينئذ لما رجعوا الى مدينتهم وجدوا ان اصنامهم قد كسرت فهالهم ذلك واستفظعوه اذ كيف تكون هذه المعبودات التي يرونها عظيمة ويخضعون ويذلون لها يجدونها مقطعة قطعا عديدة. قالوا من فعل هذا بالهتنا؟ اي من هو الذي اقامة بتكسير الالهة وتقطيع هذه التماثيل. انه اي فاعل ذلك لم من الظالمين الذين تجاوزوا حد العدل الى مقابله اذ كيف يعتدي على هذه الالهة هذه هي الاصنام من الذي فعل ذلك وكان ابراهيم قد قال قبل ذلك تالله لاكيدن اصنامكم بعد ان تولوا مدبرين. وقد سمعه بعضهم يقول هذه المقالة فبلغوا عنه وعرفوا بانه ابراهيم وكان ابراهيم يريد ذلك. فقال هؤلاء سمعنا فتى يذكرهم اي كان هناك شخص غير كبير السن يذكر هذه الالهة بسوء ويتوعدها بان يكيد لها يقال له اي اسمه ابراهيم فما كان منهم الا ان طلبوا احضار ابراهيم. وقال رؤوسهم وكبارهم فاتوا به اي احضروه على اعين الناس اي اجمعوا الناس له ليشاهدوه ويشاهدوا فعلته شنيعة ويشاهدوا ما سنفعل به من العقوبة الشديدة لعلهم يشهدون محاورتنا معه وعقوبته عندنا فاتوا بابراهيم سريعا وقالوا له اانت فعلت هذا بالهتنا يا ابراهيم؟ اي هل انت الذي كسرت هذه الالهة وهي معبودة لنا عظيمة الشأن في نفوسنا نخضع ونذل لها ثم تأتي بعد ذلك فتقطعها وتجعلها جذاذا فما كان من ابراهيم الا ان قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم يعني اسألوا الاصنام المكسرة ان كانوا ينطقون. وقال بعضهم بلا الى كبير اصابعه كانه يريد ان ذلك الكبير من الاصابع هو الذي فعل ذلك. وقيل ان قوله ان كانوا ينطقون انها شرطية. وهي تعود الى الجميع. فكأنه قال فعله كبيرهم ان كانوا ينطقون واسألوهم ان كانوا ينطقون وعند الوصوليين ان الشرط المتعقب لجمل يعود اليها جميعا وهو يعلم ان هذه الاصنام والتماثيل لا تجيب ولا تتكلم ولا تفعل شيئا وانما بذلك ان يقوم هؤلاء بالتذكر والتأمل والتبصر في احوالهم ليعرفوا ان طريقتهم التي يسيرون عليها طريقة كاذبة اكرمك الله بس خلاص فطلبوا حضور ابراهيم عليه السلام بمجمع الناس. من اجل ان يكون ذلك رادعا لغيره ان يقوم بالاعتداء في ظنهم على اصنامهم. وارادوا ان يحفظوا هيبة هذه التماثيل ومكانتها لان لا يأتي احد بعد ابراهيم فيفعل مثل فعلته فلما خاطبهم ابراهيم بهذا الخطاب اعادوا النظر وبدأوا بالتفكير. كيف فيفعله كبيرهم هذا وهو ليس من القادرين على الحركة. ومن لا يقدر على الحركة كيف يعبد ويظن انه ينصر وانه يساعد غيره. ومن كان يقبل ان يكسر ويأتيه من يقوم بتكسيره كيف يكون الها يعبد ويخضع له ويذل له ولذا قال فرجعوا الى انفسهم اي رجعوا الى عقولهم والى تفكيرهم فقالوا انكم يا من عبدتم هذه التماثيل انتم الظالمون حيث صرفتم حق الله بالعبادة الى غيره ممن لا ينفع ولا يضر ولا يدفع عن نفسه شيئا او انهم رجع بعضهم الى بعض يتحاورون ويتناقشون وقد تعرفوا على حقيقة هذه الاصنام الا انهم لم يستمروا على هذا المنوال ولم يبقوا على تعرف الحقيقة تي فنكسوا على رؤوسهم كانهم انقلبوا رأسا على عقب. فبعد ان بدأت بشائر الهدى تشع على نفوسهم استكبروا واستأنفوا وتعاظموا من ان يتبعوا ابراهيم عليه السلام فخاطبوه وقالوا له لقد علمت ما هؤلاء ينطقون. اي هذه الاصنام التي تريد منا ان نسألها لا تنطق فكيف فنسألها وكيف توجه لنا هذا الكلام؟ حينئذ قال لهم هذه التماثيل لا تنطق وهذه التماثيل لا تستطيع نصر انفسها. فضلا عن نصر غيرها وبالتالي كيف تعبدونها افتعبدون من دون الله؟ ما لا ينفعكم شيئا هذه الاصنام لا تنفعكم ولا تقدموا لكم اي مصلحة في دنياكم ولا في اخراكم ولا يضركم وهذه الالهة ايضا لا تضركم لو تركتم عبادتها ولم تقوم بالخضوع والذل لها. ولذا قال اف لكم. وهذه الكلمة كلمة تعني التنقيص والاحتقار وتعني التأفف وعدم الرضا والقبول بما هم عليه من حال. اف لكم ولما تعبدون من دون الله اي هذا التأفيف لكم ولاصنامكم التي تعبدونها من دون الله او لعبادتكم التي تعبدونها من دون الله. افلا تعقلون؟ اي اليس عندكم عقول تدركون بها تلك الاشياء وتعرفون بها عواقب الامور. وبالتالي تردعكم تلك العقول عن ان تكونوا عابدين لهذه التماثيل فاخذتهم العزة بالاثم حيث لم يكن لديهم حجة ولا برهان ولم يستطيعوا ان يقابلوا ما اقاله ابراهيم بما يماثله من انواع الحجج فلم يكن منهم الا ان جعلوا العقوبة محل الاقناع فقالوا حركوه اي اجعلوه في النار حتى يحترق. وانصروا اي كونوا مع هذه الالهة ولم يلتفتوا الى ان هذه المقالة ترد عليهم فانهم قالوا وانصروا معنى ان هذه الالهة تحتاج الى من ينصرها. والاله المعبود حق ينصر غيره ولا ينصر ولذا كان في هذه المقالة من ابطال مذهبهم والتعريف بحقيقة ديانتكم ديانتهم. قال وانصروا الهتكم اي ذاتكم التي تعبدونها من دون الله ان كنتم فاعلين اي سائرين على طريقتكم في نصرة الهاتكم واصنامكم فاعدوا النار العظيمة وجمعوا لها الا الحطب الكثير وظعوا ابراهيم في المنجنيق والقوه من بعيد في النار. وفي ذلك الموطن جاءه جبريل فقال هل لك من يا ابراهيم فقال حسبي الله ونعم الوكيل. اما اليك فلا فحينئذ قال الله جل وعلا يا نار كوني بردا وسلاما على ابراهيم. اي انقلبوا بخاصتك من الحرارة والاحراق الى ان تكوني باردة ليست برودتها برودة شديدة. وهذا التحويل لطبيعة النار هو خاص بابراهيم عليه السلام. ولذا قال على ابراهيم وارادوا به كيدا اي انهم قصدوا بذلك ان ينفذوا مخططاتهم وتآمراتهم سرية في ابقاء الوثنية وجعل الناس يذلون ويخضعون لهذه الاصنام لكن كيدهم لم ينفعهم وتخطيطهم اصبح تدميرا عليهم. ولذا قال فجعلناهم اخسرين اي اكثر الناس خسارة في الدنيا والاخرة. ثم قال تعالى ونجيناه اي انجى الله جل وعلا ابراهيم من النار وانجاه من الكافرين في العراق ومكنه من الهجرة الى بلاد الشام وهاجر معه نبي الله لوط عليه السلام فذهبوا الى الشام وهي ارض مباركة بورك فيها للعالمين وقد تفظل الله جل وعلا على ابراهيم بان اعطاه ذرية فرزق له اسحاق وولد لاسحاق يعقوب نافلة اي زيادة. لان يعقوب ابن ابن وليس ابنا كلا جعلنا صالحين. اي ان هؤلاء الابناء قد جعلهم الله صالحين انبياء عليهم السلام وقد خصهم الله جل وعلا بخصائص عظيمة. فقوله وكلا جعلنا صالحين يحتمل ان يراد بها اسحاق ويعقوب ويحتمل ان يراد بها معهم ابراهيم. ويحتمل ان يراد بها ايضا محمد وموسى وهارون ويحتمل ان المراد بها الانبياء الذين بعثهم الله جل وعلا. ثم قال وجعل اي رفعنا درجتهم وجعلناهم ممن يقتدى بهم في الخير فالامام هو الذي يقتدى به. وكان من شأنهم انهم يهدون بامرنا. اي يرشدون ويرشدون العباد الى ما فيه هدايتهم بوحي من عند الله جل وعلا. لا بارائهم ولا بالاجتهاداتهم ولا بتصوراتهم وانما يهدون الناس الى شرع الله جل وعلا واوحى الله اليهم فعل الخيرات اي ارشدهم الى ان يكونوا دعاة يدعون الى ان يفعلوا الافعال الخيرة التي تعود على الناس بالصلاح في امورهم الدينية وامورهم الدنيوية وكذلك اوحى اليهم اقام الصلاة اي ان يؤدوا الصلوات على وجهها كاملة تامة. واوحى اليه ايتاء الزكاة بان يأخذوا جزءا من اموالهم فيدفعوه الى الفقراء ونحوهم. وكانوا لنا عابدين اي هؤلاء الانبياء استمروا على عبودية الله جل وعلا. ولم يصرفوا شيئا من عبادة لغير الله سبحانه وتعالى فهذه ايات عظيمة فيها فوائد كثيرة. فمن فوائدها فضل موسى وهارون عليهما السلام ورفعة مكانتهما ودرجتهما عند الله جل وعلا. وفي هذه الايات ان الله قد فانزل الى موسى كتاب التوراة وجعله فرقانا يفرق بين الحق والباطل. فمن انزل التقاة على لا يستغرب ان ينزل كتابا اخر على محمد صلى الله عليه وسلم. ومن فوائد هذه الايات ان من تمسك باتباع هدي الانبياء وسار على طريقتهم جعل الله له الذكر الحسن في والاخرة وفي هذه الايات ان اهل التقوى يبصر الله والله وينير بصائرهم ويعرفهم بالحق. ومن صفة المتقين انهم يخشون ربهم والخشية خوف ممتزج بعلم فهم يخشون ربهم بالغيب اي في حال خلوتهم وعدم وجود احد من عندهم. وفي هذا دلالة على ان آآ صفة الخوف من الله قاسية ينبغي ان تكون عند حضور الناس من باب اولى. وفي هذه الايات استحباب ان يستحضر الانسان الاخرة بين عينيه في كل ما يؤديه من الاعمال. وفي هذه الايات فظل القرآن الكريم. ففيه الذكر الذي يتعظ به الناس وفيه ذكر الله جل وعلا. وفيه بقاء ذكر من سار على آآ ذلك الكتاب واهتدى بهديه. وفي هذه الايات ان القرآن مبارك. اي عظيم الخير والنفع فمن عمل به فانه ستتوالى عليه الخيرات دنيا واخرة. وفي هذه الايات ان القرآن منزل من عند الله جل وعلا مما يثبت صفة العلو له سبحانه. وفي هذه الايات فظل ابراهيم عليه السلام واعظم مكانته عند ربه. وفي هذه الايات ان الله جل وعلا يعلم خصائص الناس وما لديهم من صفات فيكون ذلك من اسباب ان يعطون من العلم ما يتناسب مع احوالهم. وفي هذه الايات قداموا طريق السؤال في التفهيم والتبيين ليثير الاذهان كما في قول ابراهيم ما هذه التماثيل قيل التي انتم لها عاكفون. وفي هذه الايات ان ان الاعتكاف عبادة. لا يجوز الا ان على وفق شرع الله وان يكون لله جل وعلا. وفي هذه الايات بدأت الانسان بقرابة في دعوته الى الله جل وعلا. وفي هذه الايات ان اتباع طريقة الاباء ايها الاجداد لا تنجي الانسان دائما. بل قد يكون ذلك من اسباب ظلاله وبعده عن الحق وقوله في ضلال مبين اي انهم في تيه عن طريق الحق واضح بين وفي هذه الايات ان الداعي الى الله ينبغي به ان يكون جادا في دعوته. وان لا يكون هازلا عنه الهزل في الحديث ومن ثم لا يقبل منه ما يصدر من دعوة. وفي هذه الايات التذكير قدرة الله جل وعلا على الكون في في ابتداء خلقه وفي تصريفه وفي سوق النعم اليه وفيما اله ومعاده ومرجعه. وفي هذه الايات ان العبد ينبغي به ان يقر بما يذكره الله جل وعلا اقرارا تاما كانه يشاهده بعينيه. وفي هذه الاية انكار المنكر وازالته. خصوصا اذا كان سيترتب عليه ان يهتدي اصحابه او ان يتذكروا ويستفيقوا مما هم فيه وفي هذه الايات تكسير ابراهيم عليه السلام لاصنام قومه من اجل ان يكون ذلك طريقا من طرق خطابهم واقناعهم بعبودية الله عز وجل وحده وفي هذه الايات وهم المشركين في اعتقاد ان الالهة عظيمة. وان لها مكانتها ومنزلتها. وفي هذه الايات ان ذكر الانسان بالهة المشركين ببيان عدم صحة ديتها وببيان انها مخالفة للحق. وانها لا تعبد من دون الله جل وعلا وفي هذه الايات ان استحباب ان يظهر الانسان الخير امام جمع الناس من اجل ان يكون سببا من اسباب الهداية. وفي وسائل الاعلام الجديدة التي تنتشر شاهدوا الاعداد الوفيرة ما يماثل ما كان من انبياء الله حينما دعوا اقوامهم الى السنة والى التوحيد وفي هذه الايات من المعاني انه ينبغي بالانسان ان يتفكر في حاله وفي طريقته و ان يعرض شأنه على الادلة والبراهين سواء كانت الادلة العقلية او الادلة النقلية. وفي هذه الايات ان حجج الحق واضحة بينة. ولكن انما يعرض عنها من يعرض بسبب غفلته وبسبب تكبره وتجبره وفي هذه الايات اثبات ان الله جل وعلا يتكلم فان ابراهيم لما انكر على اي المشركين ان اصنامهم لا تنطق ولا تتكلم. دل ذلك على ان المعبود الحق سبحانه يتكلم وقد ورد بذلك نصوص كثيرة تثبت صفة الكلام لله جل وعلا وفي هذه الايات ان المعبودات من دون الله لا تنفع شيئا ولا تضر. وان النافع الضار هو رب العزة والجلال وفي هذه الايات وجوب افراد الله بالعبادة. وعدم صرف شيء منها لغيره سبحانه وفي هذه الايات تحقير امر عبوديتي الناس ولغير الله جل وعلا وبيان ان ذلك مخالف للحق والهدى. وفي هذه الايات ان المبطلين اذا عجزوا عن والمجادلة انتقلوا الى التهديد والعقوبة وذلك حجة ناقص الحجة وفي هذه الايات ان الالهة التي تعبد من دون الله لا تستطيع نصرا لانفسها فظلا عن ان غيرها. وفي هذه الايات ذكر فضل الله جل وعلا على واولياءه بتغيير سنن الكون وطريقته. بحيث يكون ذلك من اسباب نجاة اولياء الله من الانبياء والصالحين وفي هذه الايات ان كيد الاعداء يعود عليهم بالوبال ويجعلهم هم الخاسرين. وفي ولايات فضيلة بلاد الشام. وان فيها بركة للعالمين. وفي هذه الايات فضل لوط حيث امن مع ابراهيم عليه السلام. وفي هذه الايات فضل الله على العباد هبة الذرية وتعاقب هؤلاء الذرية جيلا بعد جيل وفيها ان التذكير بان الله قادر لا يعجزه على شيء. ومن قدرته ان يجعل ابراهيم عليه السلام تأتيه الذرية مع كونه كبير سن وكون زوجه عقيما. وفي هذه الايات ان الهداية والصلاح بيد الله جل وعلا يهبه لمن يشاء تفضلا منه سبحانه وقد يكون ذلك باسباب حادثة من العبد كدعاء العبد لربه او استمرار في الطاعة او بغير ذلك. فالمقصود ان الهداية بامر الله جل وعلا وفي هذه الايات استحباب ان يسعى الانسان لان يكون من اهل الامامة الذين يقتدى بهم في الخير من اجل ان يعظم اجره ويكثرا ثوابه وفي هذه الايات فضيلة الدعوة الى الله وهداية الخلق لامر الله جل وعلا وفي هذه الايات فضيلة فعل الخيرات بالاحسان الى الاخرين. وفيها فضيلة اقامة في الصلاة وايقاء وايتاء الزكاة. وفي هذه الايات مشروعية استمرار الانسان على عبودية جل وعلا في كل جزء من اجزاء حياته. بارك الله فيكم ووفقكم الله لكل خير. وجعلني الله واياكم من الهداة المهتدين كما نسأله سبحانه ان يجعلنا ممن سار على طريقة ابراهيم في التوحيد وان جعلنا ممن سار على سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم. كما نسأله جل وعلا ان يقينا شرور اين كما وقع ابراهيم حرارة النار وشدة احراقها. كما نسأله جل على ان يكون معي ومعكم نصيرا ومؤيدا على الحق. اللهم اجعلنا ائمة يقتدى بنا في الخير. اللهم