اساءة ان كان منكم اساءة. وفي هذا دلالة على ان ما ينزل بالعباد من العقوبات في الدنيا انما هو عائد لانفسهم فهو باسبابهم. ولذا قال الله جل وعلا ما اصابكم من مصيبة الحمد لله رب العالمين نحمده جل وعلا اما من علينا بان جعلنا من اهل الاسلام وجعلنا من اهل القرآن وجعلنا من اتباع النبي الكريم صلى الله عليه وسلم نحمده ونشكره ونثني عليه. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه واتباعه. وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فمن فضل الله عز وجل علينا ان جعلنا ممن يجتمع على تلاوة ايات من كتاب الله يتعلم ما فيها من المعاني والاسرار والحكم ليكون ذلك من اسباب رضا رب العزة والجلال عنه. وليكون من اسباب نيل الانسان للعلم ومن فظل الله جل وعلا علينا ان جعلنا في سنوات ماضية. ابتدأوا بتفسير كتاب الله جل وعلا حتى وصلنا الى سورة الاسراء وسورة الاسراء سورة عظيمة وهي من السور المكية التي تحدثت عن شيء من احوال اهل الاسلام حال ضعفهم لما كانوا لما كانوا في مكة قبل الهجرة. وهذه السورة تتحدث عنها ثلاثة اشياء رئيسة كلها تتعلق بعلاقة اهل الاسلام بغيرهم. فاول هذه الامور ما يكون من الكفار من تكذيب بايات الله. وبما جاء به انبياؤه عليهم سلام ومن امثلة ذلك ما يتعلق بموقفهم من الاسراء والمعراج. حيث بذلك تكذيبا لا مثنوية فيه وثانيها ما يتعرض له اهل الاسلام من محاولات لصدهم عن دين الله بالترغيب والترهيب ليتركوا استجابتهم لما جاء عن الله عز وجل واما الامر الثالث فهو ما يطرح ما يلقيه هؤلاء المشركون على اهل الاسلام من اقتراحات وسؤالات يزعمون انهم لن يستجيبوا لدعوة الحق الا اذا حقق لهم مطلوبهم فاول هذه الامور ما يتعلق بتكذيب ما جاء في دين الاسلام يتمثل هذا في حادثة الاسراء ويتمثل فيما ذكره الله جل وعلا من الوعود لما يحصل ما من الاخبار فيما مضى او فيما يأتي. ولعلنا نبتدئ بقراءة ايات من هذه السورة العظيمة اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله لنريه من اياتنا انه هو السميع البصير واتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني اسراء الا تتخذوا من دوني وكيلا ذرية من حملنا مع نوح انه كان عبدا شكورا وقضينا الى بني اسرائيل اسرائيل في الكتاب لتفسدن ان في الارض لتفسدن في الارض مرتين ولتعلنن علوا كبيرا فاذاهما بعثنا عليكم عبادا لنا شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا ثم رددنا لكم الكرة عليهم وامددناكم باموال وبنين وامددناكم باموال وبنين وجعلناكم اكثر نفيرا ان احسنتم احسنتم لانفسكم وان اسأتم فلها فاذا جاء وعد الاخرة ليسوء وجوهكم ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد وليدخلوا المسجد كما دخلوه اول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا ابتدأ الله جل وعلا هذه السورة العظيمة بتنزيه نفسه فقال سبحان بمعنى انه تنزه جل وعلا عما لا يليق به ومما لا يليق بالله ان يظن انه يترك البشر هملا لا يرسل اليهم رسلا يرشدونهم الى دين الله والى ما يصلح احوالهم في الدنيا والاخرة. ومن تنزيه الله ان ننزهه في اخباره فهو الصادق في خبره وفي وعده. ولهذا فانما يخبر الله عز وجل به واقع لا محالة وصدق لا ريب فيه فيه اشارة الى قدرة الله عز وجل على صنع الاشياء العجيبة ووظعها فحادثة حادثة عظيمة في اذهان في اذهان اهل الزمان الاول. فانهم كانوا من ان يتمكن الانسان من قطع المسافات الكثيرة في الاوقات القليلة اليسيرة ولذا ظنوا بان الله جل وعلا لا يقدر على ذلك. فنزه الله نفسه من الظنون الكاذبة التي تظن به. فقال سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من الحرام الى المسجد الاقصى والاسراء والمشي في الليل والسفر في ذلك. وقال سبحان الذي اسرى لان حادثة الاسراء وهي الحادثة العظيمة وقعت بليل فكان ذلك من العجائب ولئن كان اهل الزمان الاول يتعجبون من مثل ذلك لعدم الامكانات التي تكون عندهم فان اهل هذا الزمان قرب على اذهانهم ان يتصوروا مثل هذه الواقعة فيكون من اسباب اقتناع الناس بهذا الدين وطوع طاعتهم له واستجابتهم له ثم قال اسرى بعبده فوصف النبي صلى الله عليه وسلم بمقام العبودية وهو مقام عظيم لانه صلة بين العبد وبين ربه جل وعلا. ولذا كان آآ كان من اوصاف الله لنبيه الكريم ان يصفه بالعبودية في المقامات العظيمة ومن ذلك قاموا الاسراء كما في هذه الاية ومن ذلك مقام تنزيل الوحي عليه فان نزول الوحي عليه من تشريف مقامه صلى الله عليه وسلم. ومن ذلك ايضا في قام نصرته وتأييد الله له. كما قال تعالى اليس الله بكاف عبده ثم قال اسرى بعبده ليلا وذلك ان الاسراء وقع في الليل وقد تضمن الليل حادثة الاسراء فقال من المسجد الحرام فهذا المسجد الذي انتم فيه واجل المساجد واعظمها اكثرها لحصول اجر من صلى فيه. ولذا ذكر في هذا المقام وقد ورد في بعض احاديث ان النبي صلى الله عليه وسلم اسري به من بيت ام هانئ. فقال طائفة بان كلمة المسجد الحرام تطلق على جميع حدود الحرم. فكلها يصدق عليها هذا اسم ويستدلون عليه بقوله تعالى يا ايها الذين امنوا انما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وهم منهيون عن دخول حدود الحرم قاطبة. كما ذكر الله جل وعلا في قوله لتدخلن المسجد الحرام ان شاء الله امنين محلقين رؤوسكم لا تخافون وذلك انه قد دخل مكة ومن ذلك ايضا قوله هم الذين صدوكم عن المسجد الحرام وهم قد صدوا النبي صلى الله عليه وسلم عن دخول الحرمين ويترتب على هذا القول ان اجر المضاعفة للصلاة بمئة الف صلاة المذكور في قول النبي صلى الله عليه وسلم صلاة في المسجد الحرام بمئة الف صلاة فيما فداه من المساجد يشمل جميع حدود الحرم. ولئن كان هذا المسجد مسجد الكعبة فيه مزية لكثرة المصلين فيه ولقدمه ولقرب المصلين فيه من الكعبة وجود صلاة الجنازة فيه غالبا. فانه يفضل بذلك الا ان مضاعفة الاجر الى مائة الف صلاة تشمل جميع حدود الحرم وهناك من قال بان ابتداء اسرائه كان من بيت ام هانئ لكنه ذهب به الى مسجد الكعبة فكان الابتداء الاسراء الى المسجد الاقصى من المسجد الحرام وقوله الى المسجد الاقصى سمي مسجد بيت المقدس بهذا الاسم. لانه بعيد عن المسجدين العظيمين مسجد النبي صلى الله عليه وسلم والمسجد الحرام وها المسجد الاقصى من المسجد مساجدي الفاضلة وهو من مواطن انبياء الله عليه السلام. فكان العجب في ان برسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة واحدة من مكة المشرفة الى بيت في المقدس من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى مع بعد هذه المسافة ومع كون الامكانات التي عندهم ضعيفة فانهم انما كانوا يسافرون على الابل وهي تأخذ في هذه المسافة قرابة الشهرين حتى يصل الانسان الى ذلك الموطن. فكان هذا من الايات العظيمة والبراهين الدالة على على قدرة الله جل وعلا. واسري بالنبي صلى الله عليه وسلم في ليلة واحدة بامر سال يسير وكان هذا الاسراء في اول الليل و فلما وصل الى المسجد الاقصى صلى هناك ثم عرج به الى السماء. ففرضت على النبي صلى الله عليه وسلم فرأى فريضة الصلاة وبعض الناس ظن ان الاسراء بالروح فقط وهذا فهم سقيم خاطئ فان الاسراء بالروح فقط لا يحتاج الى ان ينوه به ولا يتعرض للتكذيب وعدم القبول اسراء كان بروح النبي صلى الله عليه وسلم وبجسده ايضا والا لما كان اية عظيمة ومنقبة كبيرة للمصطفى صلى الله عليه وسلم وعرج به الى السماء فقابل انبياء الله عليهم السلام وسلم عليهم وخاطبه الله جل وعلا وفرض عليه الصلوات اول ما فرضت خمسين صلاة لما مر بموسى عليه السلام ذكر له ان الله قد افترض عليه خمسين صلاة وطلب منه ان يعود فيستأذن ربه في ان يخفف عن امته. وقال بانه قد عالج يا بني اسرائيل فوجد فيهم ما وجد راجع النبي صلى الله عليه وسلم ربه في ذلك حتى خففت في مرات متعددة اصبحت خمسة صلوات في الفعل لكنها في الاجر باجر خمسين صلاة وهذا من فظل الله عز وجل على هذه الامة ومقام العبودية قام عظيم ينبغي بالانسان ان يسعى في تحقيقه لينال الشرف العظيم وليكون من اتباع هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم. ووصف الله جل وعلا بيت المقدس. فقال الذي باركنا حوله اي جعلنا البركة في الاراضي المجاورة لهذا البيت بكثرة الاشجار جود الانهار وما يوجد فيها من الخصب الدائم. وهذا فظل من الله جل وعلا على تلك المواطن وقد جعل الله جل وعلا هذا البيت المسجد الاقصى قد مضاعف الاجر في الصلاة الى خمسمائة صلاة فيما عداه من المساجد سوى مسجد الكعبة سوى المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم. ومن الخصائص التي كانت لهذا المسجد المسجد الاقصى جواز شد الرحل اليه بخلاف غيره من المساجد. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تشد الرحال الا الى ثلاثة مساجد المسجد الحرام والمسجد الاقصى ومسجدي هذا قال لنريه من اياتنا اي ان رب العزة والجلال جعل هذا الاسراء على امة لصدق هذا النبي بحيث يعلم ان الوحي من عند الله جل وعلا. ويرى من الايات والبراهين والادلة ما يكون ساندا له في ذلك. انه هو السميع البصير. فهو اه سبحانه يسمع الاصوات لا يخفى عليه شيء منها ويرى الافعال ويرى الذوات وهو ذلك يجيب الدعوات ويكون مع اوليائه المؤمنين. كما قال انني معكما اسمع وارى ثم قال تعالى واتينا موسى الكتاب لما ذكر الله جل وعلا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم قرنه بالانبياء السابقين بينة لاهل مكة ان نبوة هذا النبي ليست بامر بدع جديد. وانما سبقه انبياء قبله كموسى وابراهيم. لما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم الناس بواقعة الاسراء اه تردد بعض الناس بل ان بعض من كان قد استجاب له وامن به ترك هذا الدين وارتد وما ذاك الا لوجود البلاء وهكذا سنة الله في الكون ان يبتلي عباده لينظر من يستمر على ايمانه واخلاصه مما ممن لا يكون كذلك. ولذلك على الانسان اي ان يدرب نفسه على تحمل انواع الاذى فانه لو سلم من الاذى احد كلمة منه انبياء الله. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم اشد الناس بلاء الانبياء ثم امثل فالامثل لكن ابا بكر الصديق رضي الله عنه كان مصدقا بما اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ولذا قيل له من ذلك اليوم الصديق وذلك ان بعض اهل مكة ذهب الى ابي بكر ان يشككه في النبي صلى الله عليه وسلم. فقال ان صاحبك يخبر بانه اسري به في ليلة واحدة الى المسجد الاقصى وعاد في ليلته. فقال ابو بكر ان كان قد قال ذلك فقد صدق. فاني اصدق بخبر الوحي وبنزوله ومن ذلك اليوم سمي بالصديق رضي الله وعنه وقد ذكر الله جل وعلا في هذه الايات موسى عليه السلام وذكر انه انزل عليه كتابا ليكون هذا ممهدا لايمان اهل مكة فانه اذا اذا كان محمد صلى الله عليه وسلم يدعوكم الى الايمان به على انه رسول من عند الله فان قوله ببدع من القول فقد جاء انبياء قبله ومن ذلك موسى عليه السلام. فقد اتاه الله الكتاب الذي هو التوراة وكان الكتاب الذي معه هدى لبني اسرائيل يهتدون به الى الحق ويسيرون به الى ما فيه صلاحهم ونجاتهم في الدنيا والاخرة. ثم قال الا تتخذ من دوني وكيلا. اي ان بعثة الانبياء من اجل ان يعتمد الناس على الله جل وعلا فبما كسبت ايديكم. وقال جل وعلا اولما اصابتكم مصيبة قد اصابتم مثليها؟ قلتم ان هذا قل هو من عند انفسكم. وقد قال تعالى ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا على ولا يكون ممن استند في طلب حوائجه الى احد سوى الله جل وعلا فاهل الايمان يتوكلون على الله ويفوضون امرهم الى الله ويعلمون ان الله هو الذي يتصرف في الكون وهو الذي يدبر الامر سبحانه وتعالى. ولذا قال الا تتخذوا من دوني وكيلا ثم ذكر الله جل وعلا بنوح عليه السلام وكيف انه كان وحيدا ولم يؤمن معه الا القليل. وقد كاد هو اهل زمانه فكانوا يسخرون منه وكانوا يهددونه بالقتل وبالاخراج من ديارهم فكانت العاقبة الحميدة له فانجاه الله عز وجل حتى لم يبق في الارض الا كما قال تعالى وجعلنا ذريته هم الباقين. ولذا قال ذرية من حملنا مع وقوله ذرية هنا على جهة النداء. فان الله تعالى ينادي ذرية نوح عليه السلامة ليستجيبوا لدعوة الحق. ويذكرهم بان ذلك العبد نوح كان عبدا ان شكورا يشكر الله على نعمه مع ما تعرض له من انواع الاذى عليه الامان ومن الامور التي ومن الامور التي تدل على هذا الموطن تذكير الناس بانهم ان لم استجيبوا لانبياء الله فانه يخشى عليهم من العقوبات الشديدة. ومن تلك العقوبات عقوبة الغرق كما اغرق مكذب موسى واغرق مكذب نوح عليهم السلام. ومن الامور التي في هذه الايات التنبيه بفضل كل من موسى عليه السلام ونوح فان الله جل وعلا قد اثنى عليهما فاثنى على نوح بالعب مقام العبودية مما يدلك على ان درجة العبد ومنزلته تعلو وترتفع كلما زادت عبادته لله جل وعلا. والعبد ويتمكن من ان يجعل حياته كلها عبادة لله عز وجل ليرظى الله عنه ولينال بذلك الاجر والثواب. وهكذا اثنى الله جل وعلا على نوح بانه شكور اي يشكر الله على نعمه والشكر مقام عظيم تضمنوا الاعتراف القلبي بفظل الله وبنعمته واعتراف القلب بان الله هو الذي ساق النعم الى عباده. وانه لا يوجد نعمة من النعم عند احد من العباد. الا وهي من الله سبحانه وتعالى. كما قال جل وعلا ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما بكم من نعمة فمن الله. ولذا على الانسان ان يعترف بقلبه ان جميع النعم التي وصلت اليه هي من عند رب العزة والجلال. ولا ينسب هذه النعم الى نفسه. وهكذا من الشكر ان يتحدث الانسان بنعم الله وان ينسبها الى الله جل وعلا. كما قال سبحانه واما بنعمة ربك فحدث. سواء كانت نعما دنيوية او نعما دينية. فيحدث جانوا بنعم الله على وجه الاعتراف بها لله. وعلى وجه التذلل لله بها. ليكون هذا مما يعينه على ان يشكر الله بها. لا ان يكون مسرفا فيها. ولا ان يكون من اهل قطري في نعم الله جل وعلا. ولا ان يكون من اهل التكبر والتجبر على العبادة وانما يستشعر ان الله كما اهدى لك هذه النعم قادر على سلبها وان من اهدى لك هذه قادر على جعلها لغيرك من الخلق. ثم قال جل وعلا وقضينا الى بني اسرائيل اي انه قد تقدم خطاب من الله ووعد منه سبحانه واخبار بانه قد قدر وقضى الى بني اسرائيل واسرائيل هو يعقوب ابن اسحاق ابن ابراهيم. وقد وقد جعل الله له ذرية كثيرة واسباط متعددين فكثرت ذريته عليه السلام. وفي هذا اخبار من الله لبني اسرائيل بانه سيقع منهم افساد في الارض وانه لا بد ان يقع منهم اخلال بدين الله الذي انزله اليهم وبانه سيكون عندهم من التكبر على عباد الله غمط حقوق الناس الاستيلاء على اموال الاخرين. قال جل وعلا وقضينا الى بني اسرائيل في الكتاب تفسدن في الارض مرتين ولتعلنن علوا كبيرا. اي سيكون منهم ذنبان عظيمان. اولهما تاد والثاني التكبر واستنقاص الاخرين قال فاذا جاء وعد اولاهما اي اذا جاء الوقت الذي تفسدون فيه لاول مرة وتكون لكم الولاية التي تعلون بها على الخلق وتتكبرون عليها. نقدر عليكم من الناس يأتونكم فيسلبون منكم نعمة الله التي انعمها عليكم. ولذا بعثنا عليكم اي ارسلنا اليكم وسلطنا عليكم تسليطا كونيا عباد لنا اي بعض عباد الله اولي بأس شديد. اي اصحاب قوة وشجاعة وقدرة عندهم من العدد والعدة ما يتمكنون به من الانتصار عليكم. فينصرهم الله عليكم فبعث الله ذلك وقد وقع من بني اسرائيل هذا الافساد فارسل الله جل وعلا عليهم نشر الظلم بين العبادة قال ولتعلن علوا كبيرا. اي في هذه الاية النهي عن التكبر على عباد الله. ولو كان لانسان من اصحاب الولاية. وفيها نهي عن التفاخر فيما اتاه الله للعباد من الناس فكان منهم ان قتلوهم وسلبوه وسلبوا ما لديهم من المال وسبوا وجاسوا خلال الديار. فافسدوا دورهم وازالوا مملكتهم مسجدهم وافسدوا. قال تعالى وكان وعدا مفعولا. اي انما آآ ما وعد الله به ما ذكر انه سيحدث في مستقبل الايام لا بد ان يقع ولا يمكن ان يتخلف. فان الله جل على صادق في وعده قد اختلف اهل التفسير في من هؤلاء الذين بعثوا الى بني اسرائيل هل هم نبوخذ نصر من معه او اهل بابل او غيرهم من قبائل قبائل الارض اما اهل العراق واما اهل الجزيرة فالمقصود ان الله جل وعلا سلط هؤلاء القوم على بني اسرائيل لما افسدوا في الارض وتكبروا على عباد الله وهكذا سنة الله في الكون ان من اقدم على المعاصي جاهربها ولم يتب منها ان الله جل وعلا يسلب عنه نعمه. قال تعالى وضرب الله مثلا قرية كانت امنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بانعم الله فاذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون وسنة الله في الكون ان يمكن العباد مرة بعد مرة ليقيم عليهم الحجة وليكون من اسباب فتح الطريق الى الله والى طاعته. قال ثم رددنا لكم الكرة عليهم اي ان الله عز وجل نصر بني اسرائيل على هؤلاء الذين سلطوا عليهم كانوا منهم فغلبوهم وانتصروا عليهم. فاجلوهم من تلك الديار العظيمة ديار بيت المقدس. وفي هذا اشارة الى تحذير اهل مكة انكم اذا اذا منكم الاستمرار على الشرك وعدم الاستجابة لانبياء الله والتكبر على الحق وعدم قبوله فان يخشى ان يسلط عليكم كما سلط على بني اسرائيل ولا تعجبنكم ما لديكم من كثرة مال او كثرة ولد فان الله جل وعلا قادر عليكم. ولذا قال جل وعلا ثم رددنا لكم الكرة عليهم. يخاطب الله بني اسرائيل بانه مكن بني اسرائيل من ان يتغلبوا على اولئك الذين انتصروا على ابائهم فقتلوهم وسبوا اموالهم واخذوا ما عندهم وجالوا في ديارهم وافسدوا في الارض. قال ثم رددنا لكم الكرة عليهم وامددناكم لم يقل بمال وانما قال باموال. والاموال لا تقتصر على النقود فقط. بل كل سلعة تن لها قيمة فانها مال. ومن هنا فالاطعمة التي يمكن بيعها مال. والى دواة التي يمكن بيعها مال والاراضي والعقارات التي يمكن يمكن بيعها تعد من المال. قال وامددناكم باموال وبنين البنون جمع ابن وهو الولد الذكر. وذلك ان الله جل وعلا امتن على بني اسرائيل من اعطاهم الارزاق الوفيرة وقواهم وكثر عددهم وجعلهم اكثر نفيرا. قال وجعلناكم اكثر نفيرا. اي كان لكم قدرة على ان تنفروا الجيوش الكثيرة وكان لكم من السمعة ما يكون سببا من اسباب رهبة الاعداء منكم وعدم قدومهم عليكم. وذلك لانكم تركتم ما كان عندكم كن سابقا من الافساد والعلو في الارظ. ثم عرظ الله جل وعلا لهم عاقبتهم على امرهم فانه لا يخلو حالهم المستقبلي من احد امرين الاول الاحسان. فانهم متى احسنوا؟ احسن الله اليهم. لان الجزاء من جنس العمل. والاحسان يتضمن امرين اولهما القيام بشرع الله ودينه وتنفيذ امره. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير الاحسان ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراكم. واما النوع الثاني من الاحسان فالاحسان الى عباد الله بدعوتهم الى الحق وارشادهم الى ما يكون فيه صلاح احوالهم وبالقيام مع الخلق في منافعهم ومصالحهم الدنيوية. ثم قال انكم متى انتم فانتم في الحقيقة المستفيدون من ذلك الاحسان. فان النفع عائد اليكم ومن احسن احسن الله اليه. كما قال تعالى هل جزاء الاحسان الا الاحسان؟ وكما قال تعالى للذين احسنوا الحسنى وزيادة والاحسان الذي وعد الله به المحسنين يشمل الدنيا والاخرة. ومن الاحسان الذي وعد الله محسنين به ان يكون معهم مؤيدا ناصرا كما قال تعالى ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ومن الاحسان الا يضيع الله اجرهم. كما قال ان الله لا يضيع اجر المحسنين ومن الاحسان ومن اجل الاحسان ان يجعل الله العاقبة الحميدة لهم. قال لو ان اسأتم فلها. اي اذا كان منكم عمل يسيء فهو عائد اليكم انتم الذين تنتفعون بهذا الاحسان ان حصل منكم احسان وانتم الذين تتضررون من غيروا ما بانفسهم، فمن تغير الى الاحسان احسن الله اليه. ومن تغير الى الاساءة فلا يلومن الا نفسه. ثم قال تعالى فاذا جاء وعد الاخرة قال وان اسأتم فلها اي تسيئنا الى انفسكم بنزول العقوبات وتسليط الاعداء وحصول الفقر والشدة قال فاذا جاء وعد الاخرة اي اذا حصل الوقت الاخير فانكم ستفسدون الارض مرة اخرى وحينئذ يسلط عليكم اعداء يقومون بمسكم بانواع العذاب ليسوءوا وجوهكم. اي ليلحقوا الاساءة بكم. فتكونون ممن حصل لهم المصائب الدنيوية بانتصار اعدائكم عليكم وباخذ اموالكم وبالاستيلاء على وبسبي نسائكم وذراريكم وقال هنا ليسوء وجوهكم لان العادة ان الاساءة لا تصل الى الوجه الا بعد ان تبلغ غايتها ومنتهاها. قال وليدخل المسجد كما دخلوه واول مرة والمراد بالمسجد هنا مسجد بيت المقدس وليتبروا اي ليدمروا ما قمتم ببنيانه وليخربوا ما قمتم به انشائه ما علوا ما علوا تتبيرا. فيقوم هؤلاء الاعداء بتخريب بيوتكم وتخريب مساجدكم وبإهلاك زروعكم تسليطا من الله جل وعلا لاعدائكم عليكم. فهذه الايات الكريمة اشتملت على احكام عديدة. فمن تلك الاحكام فضيلة النبي صلى الله عليه وسلم ورفعة مكانته حيث اسرى الله جل وعلا به من مسجد الحرام الى المسجد الاقصى. ووصفه بمقام العبودية. وجعل ذلك من الايات يطلع على هذا النبي الكريم. وفي هذه الايات اثبات اسراء النبي صلى الله عليه بجسده وبروحه. واما المعراج فقد ذكر في ايات اخرى من مثل ايات سورة النجم. وفي هذه الايات جواز السفر ليلا. فان النبي صلى الله او عليه وسلم قد اسري به في ليلة. ويا ذلك انما يكون لمن امن على نفسه وفي هذه الايات فضيلة هذين المسجدين المسجد الحرام والمسجد الاقصى. وفي هذه الاية ان زيادة زيادة الخير وكثرة النماء نعم من الله جل وعلا ينعم بها على بعض عباده. ولذا قال باركنا حوله. وفي هذه الايات فظل بلادي الشام اه ذكر ما نزل بها من البركة. وفي هذه هي الايات التذكير بالعلامات العظيمة الدالة على عظم على عظم الله جل وعلا. ونزاهته وتنزهه من اوصاف مشركين وفي هذه الايات اثبات اسمي السميع والبصير. لله جل وعلا. وليس اثباتهما اثباتا مجردا، بل اثبات يتضمن صفة السمع والبصر. فهو يدرك المسموعات والمرئيات. وهو سبحانه يجيب الدعوات. وهو سبحانه يحفظ اولياءه المؤمن وفي هذه الايات فضيلة موسى عليه السلام وما اتاه الله من الكتاب الذي اشتمل على الهداية وفي هذه الايات ان موسى عليه السلام انما بعث لبني وفي هذه الايات وجوب اعتماد القلوب على علام الغيوب. بحيث يكون الانسان متوكلا على الله جل وعلا الا لا يبتغي من دونه وكيلا. فانه يعلم ان الله هو المتصرف في الكون وهو الواهب نعم وهو سبحانه الذي اذا اراد شيئا فانما يقول له كن فيكون. وفي هذه الايات فضل نوح عليه السلام ثناء الله جل وعلا عليه ووصوه بانه عبد قد شكر الله على نعمه. وقوله ذرية من حملنا مع نوح خطاب من الله جل وعلا للبشرية جمعاء مما يدل على ان هذه الشريعة عامة للناس قاطبة وليست خاصة بالعربي او بقوم دون قوم وفي هذه الايات فضيلة الشكر وعظم اجر صاحبه ورفعة درجته عند الله سبحانه وتعالى. وفي هذه الايات بيان انه لم يبقى على الارض الا ذريته نوح عليه السلام. فان قال قائل بان الله جل وعلا قد بين ان نوحا قد حمل معه في السفينة بعض الاشخاص ممن امن. قال ومن امن وما امن معه الا قليل فيقال بان الله جل وعلا قد علم ان هؤلاء الذين اتوا مع نوح لم يبق لهم ذرية وانما بقي وانما بقيت ذرية نوح عليه السلام. وفي هذه الاية ان القضاء قد يكون قضاء شرعيا بحيث يكون امرا من الله جل وعلا. وقد يكون قضاء كونية فيكون من القضاء والقدر الذي لابد من وقوعه. وفي هذه الايات اثبات علم الله جل وعلا بما سيحصل من الوقائع والحوادث في الازمنة الاتية وفي هذه الايات التذكير بفظل الله عز وجل على بني اسرائيل بانزال الكتاب. وفي هذه ايات النهي عن الافساد في الارض. ومن اعظم الافساد نشر الشرك والبدع والمعاصي ومن الافساد في هذه الايات ان الله جل وعلا قد يسلط الكافرين على المؤمنين متى كثر الخبث عند تمانين فيسلط اعداء الله على المؤمنين ومن فظل الله جل وعلا على هذه الامة ان بقي دينها وسيبقى الى قيام الساعة. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تزال طائفة من امتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم الى قيام الساعة وفي هذه الايات التذكير بان القوة المعنوية لا تتنافى مع التوكل فان العبد يتخذ الاسباب التي تكون موصلة الى ما يعود عليه بالنفع وما يدفع انهوا الشر والضر ولا يتنافى هذا مع التوكل مع علمه ان هذه الاسباب لن تنجح وحدها وانما تنجح متى كان معها توفيق من الله جل وعلا وفي هذه الايات ان وعد الله واقع لا محالة. ولا يمكن ان يتخلف. ومن وعد الله ما وعد الله به المؤمنين من نصرهم على اعدائهم متى حققوا ايمانهم؟ كما قال تعالى يا ايها الذين امنوا وان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم. وكما قال تعالى انا لننصر رسلنا والذين امنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد. ومن وعد الله جل وعلا ما وعد به اهل التقوى من القدرة على التفريق بين الحق والباطل. ومن استجلاب الخيرات والنعم. ومن ادرار الارزاق عليهم. وقد قال تعالى يا ايها الذين امنوا ان تتقوا الله يجعل لكم فرقانا. وقال تعالى ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب. ومن يتوكل على الله فهو حسبه. اي اي كافيه بحيث لا يحتاج الى احد سواه وفي هذه الايات ان الصراع بين اهل الايمان ومن يقابلهم سيستمر على الارض وانه سيكون مجاولا ومصاولات بين اهل الايمان وغيرهم. وفي هذه الايات ان كثرة ما للانسان ليست قال دليلا على نقصان درجته ومنزلته عند الله جل وعلا متى كان يستعمل تلك الاموال في عبودية الله جل وعلا. ولذا قال وامددناكم باموال وبنين وفي هذه الايات ان ما يؤتاه الانسان من المال ومن الابناء نعمة من الله جل وعلا فكثرة الولد خير ينعم الله به على بعض عباده. وفي هذه الايات اثبات ان الجزاء من جنس العمل. فمن احسن في عبادة الله واحسن لعباد الله. فان الله الا سيحسن اليه؟ وفي هذه الايات ان من اقدم على الاساءة في عبودية الله او ادلاء فان الله جل وعلا يجازيه بمثل عمله وفي هذه الايات التحذير من عاقبة المعاصي والتحذير من تسليط الله للاعداء على اهل الحق متى تركوا جانبا من الحق. اسأل الله جل وعلا ان يبارك فيكم وان يوفقكم للخير. واسأل الله ان يتقبل منكم العبادة في شهر رمضان. وان يهيئكم لان قوموا بعبادة الله سبحانه وتعالى. رزقكم الله التوكل عليه. والانابة اليه والخوف منه يا اله كما اسأله جل وعلا ان يرضى عنكم رضا لا يسخط بعده ابدا. واسألوا الله جل وعلا ان يصلح اعمالنا جميعا وان يجعلها على وفق سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم. كما اسأله جل وعلا ان يوفق ولاة امرنا لكل خير. وان يجعلهم من اسباب الهدى والتقى والصلاح والسعادة. هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا