لو ان لهم ما في الارض جميعا ومثله معه لافتدوا به اولئك لهم سوء الحساب ومأواهم جهنم وبئس المهاد افمن يعلم ان ماء انزل اليك من ربك الحق كمن هو اعمى الحمد لله رب العالمين تفظل علينا بنعام كثيرة ودافع عنا نيقما عديدة واشهد ان لا اله الا هو امرنا بعبادته وجعل توحيده في ذلك طريق النجاة دنيا واخرة واشهد ان محمدا عبده ورسوله دل الأمة على ما فيه خيرها وصلاح احوالها صلى الله عليه وعلى اله واصحابه واتباعه اما بعد فلا زال سياق سورة الرعد بالاستدلال بالايات الكونية وتوحيد الربوبية على وجوب افراد الله بالعبادة وعدم صرف شيء من العبادات لغيره سبحانه وتعالى فلعلنا نقرأ ايات فيها استدلال بتوحيد الربوبية على توحيد الالوهية وفيها بيان حال الموحدين والطريقة التي يسيرون عليها في الدنيا والعاقبة التي تكون لهم في الاخرة ولذا نقرأ ايات كريمات من هذه السورة تدل على هذه المعاني اعوذ بالله من الشيطان الرجيم قل من رب السماوات والارض قل الله قل افتخذتم من دونه اولياء لا يملكون لا يملكون لانفسهم نفعا ولا ضراء قل هل يستوي الاعمى والبصير ام هل تستوي الظلمات والنور ام جعلوا لله شركاء خلقوه كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار انزل من السماء ماء فسالت اودية بقدرها فسألت اودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية او متاع زبد او متاع زبد مثله. كذلك يضرب الله الحق والباطل فاما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض كذلك يضرب الله الامثال للذين استجابوا لربهم الحسنى والذين لم يستجيبوا له لو ان لهم ما في الارض جميعا ومثله انما يتذكر اولوا الالباب الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق والذين يصلون ما امر الله به ان يوصل ويخشون ربهم ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم واقاموا الصلاة وانفقوا وانفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية صنوا وعلانيته ويدرؤون بالحسنة السيئة اولئك لهم عقبى الدار جنات عديم يدخلونها ومن صلح من ابائهم ومن صلح من ابائهم وازواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما امر الله ويقطعون ما امر الله به ان يوصل ويفسدون ويفسدون في الارض اولئك لهم اللعنة ولهم سوء لهم اللعنة ولهم سوء الدار. يتوجه السؤال الى اولئك المشركين الذين صرفوا شيئا من عباداتهم لغير الله سواء صرفوها للاصنام كما هو حال اهل مكة او صرفوها للاحجار او للحيوانات او للسماوات او للاراضين او للاولياء او للانبياء او للملائكة ما هو السؤال من الخالق من الذي خلق السماوات والارض ومن الذي يدبر شأن السماوات والارض يربها ويتولاها بتصريفه ونعمه من رب السماوات والارض فالجواب الذي لا مرية فيه والذي يقر به هؤلاء المشركون ان يقولوا الله هو رب السماوات والارض وهو خالقهما وحينئذ يتوجه السؤال اذا كان الله هو الخالق فلماذا تسوون غيره به ولما لا تفردونه بالعبادة كمن فرد بالخلق سبحانه وتعالى. فهذا سؤال عظيم يتوجه لهؤلاء المشركين. فانتم تقرون بان الله جل وعلا هو المتولي لكل شيء وهو سبحانه الذي لا اه لا يدخل معه احد في تصريف هذا الكون. ومن ثم فكيف تتخذون من دونه الهة تصرفون لها حق الله في العبادة. ولذا كان هذا من ومن الحجج العقلية التي تدلك على بطلان حال هؤلاء المشركين. ولذا قال قل افتخذتم من دونه اولياء؟ اي كيف تجعلون من دون الله لكم من تتولونهم وتصرفون لهم عباداتكم ويدلك على بطلان حالهم ان من اتخذوه وليا لا يستطيع ان يجلب لنفسه نفعا ولا ضرا. فاذا كان ذلك مع نفسه فكيف يتصور ان ينفع غير او يضر. ولذا قال لا يملكون لانفسهم نفعا ولا ضرا واذا نظرت الى هؤلاء الذين يتوجهون بالعبادة لغير الله تجدهم يخضعون لهذه المعبودات. ويذلون لها ويتوجهون لها بالدعاء والسؤال يطلبونها حوائجهم ويطلبون منها ان تمدهم بانواع القوى. فاذا قيل لهم تأملوا هذه المعبودات لا تملك لنفسها نفعا ولا ضرا. فكيف ادفعوا غيرها. فاذا عندنا ما يتعلق بالاستدلال بالخلق فالخالق هو المستحق للعبادة. وما يتعلق بالربوبية والتصرف. فالمتصرف في الكون هو المستحق للعبادة. ثم هذا النافع الضار هو المستحق للعبادة والدعاء دون من سواه. فحينئذ يتوجه السؤال اذا كان الامر كذلك فانظروا للفرق بين هذه المعبودات وبين الله جل وعلا. فان ارقى بينهما شاسع وكما ترون في اموري دنياكم اشياء يوجد بها يوجد بينها فرق عظيم كالاعمى والبصير. بينهما فرق كبير فهل يصح ان يسوى بينهما فالله جل وعلا اعلى واجل من ان يسوى باحد من خلقه ومن اهتدى للصراط المستقيم وافرد الله بالعبادة فهو بمثابة البصير ان يشاهدوا ويرى ما حوله ويهتدي للسبيل بخلاف من تولى غير الله وصرف عبادته لغير الله ودعا غير الله فانه بمثابة الاعمى لا يبصر طريقه وكما تدركون الفرق بين الظلمات والنور. فالمكان المظلم موحش مقفر. يخشى اخشى الانسان من الدخول فيه بخلاف المكان المنير الذي يتمكن الانسان فيه من رؤية اطرافه وادراك اجزاءه فانه يدخل فيه بقلب قوي شجاع فهكذا مثل فهكذا مثل الفرق بين هذه المعبودات والرب جل وعلا. ومن الى الله فهو بمثابة النور ومن يسير في النور بخلاف من تولى هذه المعبودات فكأنه يسير في الظلمات. لا يهتدي سبيلا ولذا توجه لهم السؤال هل معبوداتكم هذه تخلق كما ان الله يخلق هذه الاصنام التي عبدتها قريش من اللاتي والعزى ومنات وهبل وغيرها. هل هل تتمكن من خلق ادنى مخلوق في هذه الحياة وهكذا اولئك الذين يتوجه لهم بالعبادة سواء كانوا من الاحجار او الاشجار او الابقار او الاولياء او غيرهم من المقبورين او الاحياء. هل يخلقون شيئا حتى تتوجهون لهم بالدعاء وبالعبادة وبالخضوع والذل انما الله الخالق وحده. وحينئذ لا يقبل عقلا ان يجعل لله شركاء وهؤلاء الذين جعلوا شركاء لم يخلقوا اي كائن في الارض. ولذلك فانتم يا ايها الذين اذا ساويتم بالله غيره تماثلون الاعمى الذي لا يبصر. وطريقتكم بمثابة الظلمات التي لا يشاهد ما فيها. ولذا قال لو انهم قد خلقوا شيئا فاشتبه خلق الله بخلق هؤلاء المعبودات لامكن ان يعتذر لكم ولكن هذه المعبودات لم تخلق شيئا بل الله خالق كل شيء وحينئذ نقر بانه الواحد فهو الواحد الذي لا شبيه له. وهو الواحد في خلق المخلوقات. وهو الواحد في تصريف الامور وهو الواحد في اعطائي النعم وصرف النقم فهو الواحد النافع الضار وبالتالي يجب ان يكون هو الواحد في العبادة والدعاء. ثم هو سبحانه القهار فانه يقهر غيره. فكل من رام شيئا من حق الله فان الله جل وعلا قادر على ان ينزل به انواع العقوبات. فهو يقهر اعداءه ويذلهم ويجعلهم يخضعون لسلطانه ومن تكبر وتجبر على عباد الله. فان الله يرسل له من يهينه ومن يعرفه قيمته. فهل منع هؤلاء المتكبرون المتعاظمون عن انفسهم الامراض وهل تمكنوا من منع ملك الموت من قبض ارواحهم وهل تمكنوا من ان يصرفوا اقدار الله العظيمة التي يقدرها على الكون لم يستطيعوا من ذلك شيئا قد ينزل بهم الامطار التي تغرقهم كما كان من شأن قوم نوح. وقد ينزل بهم التي تهلكهم في لحظة وقد يجعل الارض ترجف زلزالا من تحت اقدامهم في قلب الله احوالهم في لحظات ضرب الله جل وعلا مثلا عظيما فيما يتعلق بهذا الوحي الذي نزل. وبهذا القرآن العظيم الذي انزله الله على الناس هداية لهم. الامطار التي ينزلها على الارض من السماء فتسيل بها الاودية فينتفع الناس بها. مرة تكون سببا من اسباب توفر المياه عندهم ليشربوها ويسقوا بها بهائمهم ولتكون من اسباب امتلاء الابار بالمياه وجوف الارض بها وبالتالي يتمكنون من استخراج المياه الالات التي تخرج الماء فيزرعون وينتفعون. ومرة ينبت لهم هذا المطر الارض لتكتسي الارظ خضرة فيكون هذا من اسباب تنعم هادي فهذا مثل عظيم يضربه الله جل وعلا للناس ليبين لهم قيمة الكتاب. وكما ان الامطار ينتفع بها اكثر الناس الا انه قد يتضرر بها بعضهم نتيجة خطأ منه. فذاك الذي سبح في الوادي حال جريانه لا يأمنن على نفسه من الغرق وذاك الذي بنى بيته في وسط الوادي لا يأمنن من السيل ان يأتي اليه فيفسد بيته ويهدمه عليه. وذاك الذي جعل انعامه في وسط الوادي ليتحمل نتيجة فعله حينما يأتي الماء فيسوق تلك الانعام يذهبها من اصحابها قال تعالى واصفا نفسه انزل من السماء يعني انه جعل الماء يتحدر من السحاب الى الارض. واراد بالسماء هنا العلو فانزل من السماء اي من السحاب ماء اي ماء الامطار. فسألت اودية الوادي منفرج بين جبلين سهلين يسير فيه الماء واستعمل لفظة الوادي هنا واراد ان الماء يسيل في الوادي. فاستعمل محل الماء واراد به ذات الماء. فقال سالت اودية بقدرها. يعني ان الاودية منها الصغير ومنها الكبير فكل واد يسير بقدره فيكون فيه من المياه فيكون فيه من المياه ما كونوا على قدر حجمه فكما ان الخير النازل بالوحي تأخذه القلوب فمنهم من يعلم العلم الكثير من هذا الوحي ومنهم من يقل ومنهم من لا يصل اليه من هذا الوحي شيء قال فاحتمل السيل زبدا رابيا اي ان السيل والمياه التي تسيل في الوادي تسيل بكمية كبيرة لدرجة انها تجرف ما يكون في طريقها تأخذه معها فيكون بمثابة الزبد وهو الرغوة التي تكون في اعلى الالباني ونحوها. فيكون على مجرى الوادي زبد ورغوة رغوة اللبن ويكون رابيا اي عاليا. زائدا عن مستوى السيل ومما يوقدون عليه في النار. اي ان هذا السيل يأخذ معه انواع الاخشاب التي يمكن ان يوقدون عليها في النار. لماذا استعمل النار هنا ليبين ان هذه المواد التي جرفها السيل لو كانت في النار لاحترقت نار بها فانظر كيف جعل الله عز وجل مادة النار التي الماء مضاد لها. يجري بها الماء ويسير بها. ولذا قال ومما يوقدون عليه في النار اي ان ما يتم احراق النار به يجري به سيله ويأخذه والنار يحرقونها ويستعملونها لعدد من المنافع لدرجة بان هذه النار قد تكون على درجة عالية من الحرارة حتى انه يصهر بها الحديد والحلي من ذهب وفضة فهذه الاخشاب والاشجار التي يوقدون عليها في النار ابتغاء الحلية وما يلبس من ذهب وفضة او متاع كله يكون زبدا على اعلى مياه الوادي يجرفها الوادي يكون كله زبدا يماثل بقية الزبد الذي يكون على المياه فهذا مثل عظيم ضربه الله جل وعلا ليبين ان الناس يتفاوتون في دفاعهم بالوحي النازل من عند الله جل وعلا. كما انهم يتفاوتون في كما ان الاودية تتفاوت في مقدار الماء الذي يجري فيها. قال تعالى كذلك يضرب الله الحق والباطل. فالماء الذي ينتفع الناس به بمثابة الحق يكون سببا من اسباب الخير كما هو شأن هذا الوحي النازل. واما الزبد الذي يذهب جفاء ولا يكون له اثر فهو بمثابة الباطل الذي لا يعود على صاحبه بنفع والذي لا يكون له بقاء ولا نجاح ولا عاقبة حميدة ولذا قال فاما الزبد وهو ما يكون على الماء من رغوة عظيمة كبيرة فانه يذهب جفاء يأتي الهوى يقضي على هذا الزبد ويقوم بازالة الفقاعات التي تكون على كأن لم تكن. واما ما ينفع الناس وما يستفيدون منه من مثل مياه هذه الاودية فانه يمكث في الارض. وهكذا المواد التي ينتفعون بها في احراق ما يريدون احراقه فانها تبقى ويتمكنون من الانتفاع بها كما ان حقا يبقى وتكون العاقبة الحميدة لاصحابه ولذا بين الله جل وعلا انه يضرب الامثال التي تقرب المعاني البعيدة تسهل للناس فهم ما هم عليه كما ضرب الله جل وعلا في هذه الايات عددا من الامثلة مما يقرب فهم هذه المسائل وفهم مسؤولية وفهم مسألة وجوب افراد الله بالعبادة ثم بين العاقبة الناتجة عن الاستجابة لهذا الوحي النازل والعاقبة لمن لم يستجب. فقال فقال جل وعلا للذين استجابوا لربهم الحسنى. فمن امتثل امر الله واطاع اوامره وسار على شرعه كانت له عاقبة الحسنى. فينعم في دنياه برضاه عن الله وبطمأنينته في الدنيا وكذلك ينعم في الاخرة بالنعيم بجنان الخلد ويقابل هؤلاء اولئك الذين لم يستجيبوا لله فانهم لا لا يفوزون دنيا ولا ينجون من عذاب الله في الاخرة بل انهم لو قدر لهم ملك الدنيا من اول ما فيها من خير ونعيم ومال وملكوا مثلها فانهم لن يستطيعوا ان يقدموه فداء لانفسهم ليسلموا من نار جهنم. بل لو ان لهم ما في الارض جميعا. ومثله معه ان يقدموه فدية عن انفسهم لينجوا من عذاب الله. جل وعلا فيكون لهم سوء الحساب. حيث يناقشون المناقشة الشديدة عن كل اعمالهم في دنيا وعن كل ما اقدموا عليه نقاشا نقاش حساب وتشديد ليكون هذا اول ما يشعرون به من انواع العذاب والمهانة. ثم قال ومأواهم اي ان اخر امرهم الذي اليه ويصيرون اليه نار جهنم النار المحرقة التي لا يجدون فيها نعيما وانما يجدون فيها انواع العذاب وبئس المهاد. اي بئس الذي مهدوه لانفسهم بعدم استجابتهم لامر الله جل وعلا ثم قال تعالى هذا الوحي الذي ذكرناه وذكرنا مثاله الناس فيه على صنفين منهم من يعلم ان هذا الوحي حق من عند الله عز وجل. وان هذا الكتاب كتاب فيه نجاة الخلق من ثم يكون بمثابة البصير وهناك صنف اخر لا يوقنون بما في هذا الكتاب ولا يعلم ما فيه ويتشككون في نسبته الى الله فيكون بمثابة الاعمى الذي لا يبصر شيئا. وحينئذ بين الله عز وجل ان الحجج تكون امام فمنهم من يعمل ذهنه فيها فيهتدي ومنهم من لا يلقي لها بالا فيكون بمثابة الاعمى لا يبصر الطريق امامه. او بمثابة في من في الظلمات فان الطريق امامه. والهدف والهدف بين يديه ولكن انه اغلق على نفسه النور الذي يستضيء به او اغلق عينيه ليكون بمثابة الاعمى ومن ثم لم تنفعه هذه الايات البينات. ولذا بين ان اه الاهتداء بهذه الحجج انما يكون لاصحاب العقول الذين يميزون انواع الادلة ويفرقون بين الحق والباطل. انما يتذكر اولو الالباب. اي العقول ثم ذكر من صفات اصحاب العقول انهم يوفون بعهد الله. والوفاء بعهد الله الاتيان بمقتضى العهود والمواثيق التي اوجب الله عز وجل على تاني الوفاء بها سواء كان ذلك العقد الذي عقده الله على بني ادم حينما اخرجهم من ظهور من ظهر ابيهما ادم فاخذ عليهم العهد والميثاق او ما جعله الله جل وعلا على الناس في عقولهم من وجوب ان يلتزموا بالحق وان يسيروا على طريقه وهكذا من صفتهم انهم لا ينقضون المواثيق. فما يعقدونه من العقود والعهود سواء كانت عقودا تجارية او عقودا زواج او عقودا بينهم وبين الله كما في جهودهم ونذورهم ووصاياهم واوقافهم فانهم يفون بها ولا ينقضون الميثاق. ومن صفتهم انهم يخافون. ومن صفتهم انهم يصلون ما امر الله به ان يوصل. فيصلون الارحام ويبرون الوالدين ويوصلون الصدقات قتل الفقراء ويوصلون النفع بمن يحتاج الى نفع ولا يقطعون ارحام هم وكذلك هم يخشون ربهم والخشية تتضمن معنيين. الاول العلم والثاني الخوف. فهم يعرفون من صفات الله جل وعلا. ما يجعلهم يخافون منه سبحانه وتعالى. ومن ثم يبتعدون عن معصيته ويقدمون على طاعته ومن شأنهم انهم يجعلون الاخرة بين اعينهم قبل ان يقدموا على قول او فعل يفكرون في عواقبه ويتأملون في اثاره ينظرون هل ذلك الفعل او تلك المقالة تنفعهم يوم القيامة او انهم يتضررون بها ولذلك فهم يعملون استعدادا للدار الاخرة. ومن هنا فهم يخافون سوء الحساب. فان الله قد ذكر عن الذين لم يستجيبوا ان لهم سوء الحساب كما في الايات قبلها ولهذا فهؤلاء يخافون ان يكون لهم من المصير مثل ما كان لاولئك وكان من شأنهم انهم يصبرون. فيصبرون على فعل ما امر الله ويصبرون على ترك ما نهى الله عنه ويصبرون على ما يقدره الله من من المصائب الدنيوية ويصبرون ايضا على اذى الخلق وصبرهم هذا ليس لمجاملة احد من الناس ولا عجزا منهم وانما صبرهم هذا طلبا للثواب من عند الله جل وعلا. فهم يبتغون وجه الله سبحانه وتعالى ومن شأنهم انهم اقاموا الصلاة. اي اتوا باركانها. وشروطها وواجباتها فادوها في اوقاتها ليكون ذلك موافقا لما امرهم الله به. وكذلك كان من شأنهم انهم بذلوا النفقات في سبيل الله جل وعلا مما رزقهم الله اه فاعطوا مما اعطاهم الله سرا لا يطلع عليه احد وعلانية في بعض نفقاته يشاهدها الاخرون. وهذه النفقات منها الزكاة الواجبة. ومنها ما ما انفقوا به على انفسهم وعلى قراباتهم ومنها ما قاموا به في سد للحاجات العامة ذلك من مثل بناء المساجد والمستشفيات ودور المنافع العامة والطرقات ونحو ذلك مما ينتفع منه الاخرون فانفقوا مما رزقهم الله. وبينهم هنا ان هذه النفقة التي اخرجوها انما هي بمثابة انما هي جزء من ما اعطاهم الله جل وعلا والنفقة قيل لها هذا الاسم لان النفق في الاصل ما يكون له مدخل مخرج ويكون وسطه خفيا. ولذا قيل عن جحر الجربوع نافقا بان له فتحتين يدخل من احداهما ويجعل الاخرى ملجأ يلجأ اليه عندما يأتيه ما يخافه. فهكذا هذه النفقة لها مصدر جاءت منه ثم قام صاحبها باخراجها في وجهي الثاني لمن يكون اهلا لها. ولذا سميت النفقة بهذا الاسم ثم قال في وصفهم يدرؤون بالحسنة السيئة السيئة اي ما يسوء الانسان ويتكدر له وجهه ويسوء من الافعال غير المرظية وهذه السيئة قد تكون من الانسان نفسه. بحيث انه كلما فعل سيئات اتباعه بحسنات فمحى الله السيئات بالحسنات. كما قال تعالى ان الحسنات يذهبن السيئات وكذلك من شأنهم ان من اساء اليهم يحسنون اليه قوله يدرؤون اي يقابلون ويجتنبون اساءة غيرهم اليهم بان يحسنوا اليهم فهم يقابلون اساءة الاخرين باحسانهم فمن قطعهم من القرابة وصلوه. ومن حرمهم من حقوقهم سعوا في اعطائه حقوقه. ومن خانهم لم يخونوه. ومن قدر بهم وفوا معه لله جل وعلا. قال تعالى في بيان مصير بهم اولئك لهم عقبى الدار. اي ستكون لهم النهاية السعيدة. والعاقبة حميدة في الدار الدائمة دار النعيم المقيمة. الا وهي جنات عدن وجنات فيها انواع الاشجار العظيمة التي يلتف بعضها ببعض فيستر ما اها وما تحتها. وهي جنات عدن اي مقر اقامة. دائمة لا انقطاع لثوابها ونعيمها. قال لا يدخلونها وحدهم وانما يدخلونها ويدخل معهم الصالحون من قراباتهم ليسعدوا بلقياهم وليتذكروا حوادثهم الدنيوية وما وقع بينهم في الدنيا. فقال يدخلونها ومن صلح من ابائهم ويدخل في هذا الاباء والاجداد ومن على منهم. وهكذا يدخل معهم الصالحون من ازواجهم فتدخل الزوجات وترتفع درجة الزوجات بارتفاع درجة زوجها. وهكذا يدخل الذرية مع ابائهم لينعموا بالاجتماع في جنات عدن. والملائكة الذين هم عباد لله لا يعصون الله ما امرهم يدخلون عليهم في كل وقت يبشرونهم بالخير ذكرونهم بما اعد لهم من النعيم ويلقون عليهم التحية والسلام ويتلقون منهم ما يطلبونه وما يرغبون فيه فيكون ذلك من انواع النعيم التي يتنعمون به في تلك الدار. فهم يسلمون عليهم ويثنون عليهم. ويقولون انتم انتم اصحاب العمل الصالح. انتم الذين صبرتم في الدنيا فاقدمتم على طاعة وامسكتم انفسكم عن ان تعصوا ربكم لم تجزعوا ولم تتسخطوا مما انزله الله عليكم من الاقدار. وكان شأنكم ان تصبروا على اذية الخلق حينما بلغتموهم دعوة الحق فما كان منهم الا ان استهزأوا بكم وحاولوا ان يصدوكم وحاولوا ان يبعدوا الخلق عن الاستجابة لكم. وكان من شأنهم ان يحاولوا ايصال انواع الاذى بكم فصبرتم على ذلك كله. وحينئذ عليكم في ذلك اليوم العظيم. تثني الملائكة على هؤلاء تلقي لهم التحية والسلام فدار السلام الجنان خالية من كل ما يكدر الخاطر. فلا مصائب فيها ولا امراض ولا اعداء ولا اي نوع من انواع الاذى فكانت تلك البشارة بسلام اهل الجنة من الملائكة مما يدخل في النفوس هناءة وسلامة وسعادة بتلك دار فنعم عقبى الدار. نعم والله هي الدار العظيمة المنعم اهلها الذي لا يتطرق اليهم الشقاء ابدا. يسلمون من الموت. يسلمون من اه المرض يسلمون من النوم نعيم دائم متجدد. لا يسخطونه ولا يملون منه وفي مقابل هؤلاء فريق اخر ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه لما ذكر الله مصيرا اهل الجنة وصفاتهم التي عملوها في الدنيا ذكر من يقابلهم من اهل النار الذين لم يقوموا بعبودية الله فلم يستجيبوا لدعوة الانبياء يمتثل لامر الله ولم يوحدوا الله في العبادة ولم يصرفوا عبادة الدعاء لله وحده فهؤلاء نقضوا عهد الله فان الله قد اخذ الميثاق على بني ادم بان وحدوا وان يقوموا بعبادته جل وعلا. فكان من شأنهم ان لم يستجيبوا هذا الميثاق الذي اخذه الله جل وعلا على بني ادم حينما قال لهم ما لست بربكم وكان من شأنهم ان نقضوا ذلك العهد والميثاق الذي اخذه الله على بني ادم وهكذا نقضوا العهد والميثاق الذي جعله الله عندهم من وجوب الاستجابة للحق والانقياد له وعدم التكبر عليه. ونقضوا الميثاق الذي اخذه الله على بني ادم بالا يستجيبوا لعدوهم الشيطان الذي يريد ان يصدهم عن الهدى وان يدخلهم في طرق الضلالة والردى. وهكذا كان من شأنهم انهم يقطعون ما امر الله به ان قال فلم يصلوا الرحم ولم يوصلوا الصدقات لاهلها وليس من شأنهم ايصال معروف لمن يكون من اهله وهكذا قطعوا ما امر الله به من وصل العبادة لله والاستمرار فيها. وكان من شأنهم ان يقطعوا الصلة مع الخلق بقطيعة الخلق السيء الفاسد وعدم التخلق بالاخلاق الفاضلة وقطعوا صلة التواصل مع الناس باختيار المنطق السيء والكلام الفاحش فكان ذلك من اسباب دخولهم لنار جهنم. ومن شأنهم انهم يفسدون في الارض والافساد في الارض على انواع الافساد في الارض الظلم الظلم على هذه الارض. فمن ذلك الافساد بالشرك. بصرف العبادة لغير الله فهذا اعظم انواع الفساد. وهو الموجب لانواع العقوبات الدنيوية والاخروية. قال قال ان الله لا يغفر ان يشرك به وقال انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من انصار ومن انواع الفساد في الارض اخذ حقوق العباد واكل اموالهم بالباطل. ومن من انواع الفساد في ومن انواع الفساد في الارض ايضا. الذهاب الى اصيل اظهارا لها وابرازا الذنوب التي يترتب عليها نزول العقوبات الدنيوية فكان ذلك افسادا في الارض قال تعالى الذين اتصفوا بهذه الصفات لهم اللعنة. واللعنة هي الطرد والابعاد من الخير والهدى والرحمة الالهية دنيا واخرة ولهم سوء الدار اي سيكون لهم وحدهم الدار السيئة العظيمة السوء. وهي نار جهنم اعاذني الله وعز وجل واياكم منها. فهذا بعض معاني هذه الايات ولعلنا ان الكلام عن احكامها وما يستفاد من فوائدها ليوم اخر باذن الله جل وفقكم الله لكل خير. وجعلكم الله من اهل هذه الصفات العظيمة التي يكون اهلها من اهل الجنان. كما اسأله جل وعلا ان يلهمكم التمسك بوحيه والسير على مقتضى كتابه وان يجعلكم ممن يبصر الطريق ويكون هذا من اسباب نجاته في دنياه واخراه. جعلكم الله من الموفين بعهودهم قائمين بمواثيقهم الذين يصلون ما امر الله به ان يوصل. زرع الله تقواه وخشية ومخافته في قلوبكم. وجعلكم الله ممن ينوي الاخرة باقواله وافعاله نسأله جل وعلا ان يعيننا جميعا على اقامة الصلاة والانفاق مما رزقنا ربنا شرا وعلى ومكننا الله من مقابلة سيئات الاخرين بالاحسان اليهم وجعلنا الله اخطاءنا وسيئاتنا الاعمال الحسنة الجليلة ليكون ذلك من اسباب ازالة ومحوها كما اسأل الله جل وعلا بعموم المسلمين التوفيق لكل خير وسعادة الدنيا والاخرة والبركة في المال والولد والبدن والوقت. وسائر وسائر احوالهم امورهم كما اسأله جل وعلا ان يوفق ولاة امرنا لكل خير وان يجعلهم من اسباب الهدى والتقى والصلاح والسعادة هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين