ثم قال كذلك ارسلناك في امة قد خلت من قبلها امم. يعني ان هذا الخطاب يثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويثبت دعاة الحق على ما هم فيه. فان سنة الله ماضية. فاذا وجد مكذبون لكم فقد وجد كذلك في الامم السابقة. واذا وجد من يستهزئ بالحق واهل الحق فهذه سنة جارية قد امضاها الله جل وعلا في كون بان تستمر الحمد لله رب العالمين. نحمده جل وعلا انعم علينا بالنعم الكثيرة. هدانا لدين الاسلام وجعلنا من المقيمين للصلاة ويسر لنا وصول الوصول لهذا البيت العتيق وفقنا لصيام شهر رمضان وبلغنا اياه. اسأل الله ان يتقبل منكم اعمالكم الصالحة واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله عليه وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين. اما بعد فلعلنا ان نأخذ شيئا من ايات سورة الرعد لتذكر شيئا من المحاجة والمجادلة التي تكون من المشركين ليصدوا عن سبيل الله. وكيف كان اسلوبه كتاب الله جل وعلا في مناقشة حججهم لننظر كيف رد الله عز وجل نعم اعوذ بالله من الشيطان الرجيم الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الاخرة الا متاع ويقول الذين كفروا لولا انزل عليه اية لولا انزل عليه اية من ربه قل ان الله يضل من يشاء ويهدي اليه من اناب الذين امنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله الا بذكر الله تطمئن القلوب الذين امنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب كذلك ارسلناك فيه امة قد خلت من قبلها امم من قبلها امم لتتلو عليهم الذي اوحينا اليك لتتلو عليهم الذي اوحينا اليك وهم يكفرون. وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربي لا اله الا هو عليه توكلت واليه متاب ولو ان قرآنا سيرت به الجبال او قطعت به الارض او كلم به الموتى بل لله الامر جميعا افلم ييأس الذين امنوا ان لو يشاء الله ان لو يشاء الله لهدى الناس جميعا. ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة او تحل او تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله ان الله لا يخلف الميعاد ولقد استهزأ برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا فامليت للذين كفروا ثم اخذتهم فكيف كان عقاب افمن هو قائم على كل نفس بما كسبت وجعلوا لله شركاء قل سموهم. ام تنبؤونه بما لا يعلم في الارض ام بظاهر ام بظاهر من القول بل زين للذين كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل ومن يضلل الله فما له من هاد لهم عذاب في الحياة الدنيا والعذاب الاخرة اشق وما لهم من الله من واق. يستمر الجدال القرآني المخاطب لهؤلاء المشركين الذين يسوون بين الله رب السماوات والاراضين. مدبر الكون الذي لا يخفى عليه شيء الذي يسوق المياه العظيمة في اللحظات اليسيرة والذي يغير احوال الكون في لحظات فيسوونه بغير الله سبحانه. فيسوونه بغيره من معبوداتهم التي لا تنفع شيئا ولا تضر ولما ذكر الله صفات المؤمنين القانتين المتقين ومن يقابلهم من العاصين من الناقدين لعهود الله الناكثين المفسدين كان من شأن اولئك ان يحتجوا بانه قد يسر الله لهم بعضا متع الدنيا فقال قائلهم عندنا اموال واخرون قالوا لدينا امر ونهي وحينئذ كيف تفضل دوننا في ذلك فذكر الله جل وعلا ان بسط الرزق في الدنيا تدبير من الله يعطيه من يشاء ويمنعه من يشاء. ولا علاقة لذلك بامر الهداية فكم من انسان يؤتى من الدنيا ولكنه لا يسير على طريق الهدى وانما يكون شأنه الغواية. ولذا قال الله يبسط الرزق لمن يشاء اي يوسعه له ويسوق له انواع الارزاق من طرق شتى ويكون ذلك بمثابة الطريق المتسع. ولا وهو سبحانه يقدر وان يضيق امر الرزق على من يشاء من عباده. فهذا عائد الى مشيئة الله سبحانه وتعالى وليس عائدا الى امر الاهتداء بامره. ولذا قال وفرحوا بالحياة الدنيا اي انهم ظنوا ان بسط الرزق لهم في الدنيا يعني لانهم على طريق الهداية وانهم احسنوا حالا منه غيرهم. وحين اذ بين الله تعالى ان الفوز بادراك نعيم الاخرة. واما البسط في الدنيا انما هو من ابتلاء الله بالعباد. ولذا ينبغي بكم ان تقارنوا بين نعيم الدنيا ونعيم الاخرة. ولذا قال وما الحياة الدنيا في الاخرة الا متاع فهذه الحياة الدنيا يعني القريبة. التي تعيشونها. هي للاخرة بمثابة متاع. يعني شيء تتمتعون به ولكنه ليس النعمة الحقيقية بمثابة ذلك الجائع الذي يجد طعاما يسيرا يأكله يتبلغ به ويتمتع حتى يجد الوجبة الرئيسية التي يأكلها. فهكذا مثل الدنيا انما هي متاع بل اقل من هذه البلغة يأكلها في طعامه. وما كان من شأن هؤلاء الكافرين الا بدأوا يخترعون طلبات تتحقق بها رغباتهم. فيقول قائلهم نحن في مكة بين جبلين عظيمين منعنا من ان يكون عندنا مزارع وان يكون عندنا مراعي فنطلب منك ان توسع ما بين الجبلين من اجل ان نتمكن من الزراعة والرعي. واخرون يقولون اول هذه المناطق لتكون مزارع فيها انواع الاشجار حتى لا نحتاج الى غيرنا انه ينبغي بك ان تلتفت الى المسبب لا عاصم من امر الله اليوم الا من رحم. فهذه ايات عظيمة فيها وايد واحكام وحكم ينبغي للانسان ان يتأملها. فاول تلك الاحكام الى غير ذلك من الطلبات التي يطلبونها. فقيل لهم لا يلزم من دعاكم الى الحق ان يستجيب لطلباتكم. اي انما المعول عليه ان يأتي بدليل على الدعوة التي معه وقد قامت الادلة عليكم. سواء الادلة العقلية ما ذكر في الايات السابقات من بيان ان هذه المعبودات التي يعبدونها لا تنفع شيئا ولا تظر وان الواحد منهم يتمكن من كسر اصنامهم هذه او تذكيرهم بربوبية الله جل وعلا وما يصنعه على الارض وفي السحاب والرعد والصواعق والايات العظيمة الدالة على قدرة الله جل وعلا. من جعل الماء الواحد يسقي الاشجار فتأتي بثمرات مختلفة مع انها انما نباتات من ارض واحدة الى غير ذلك من الايات العظيمة. وبالتالي فهذه الطلبات طلبوها لا تجدي شيئا فانه قد اعطاهم من الايات ما هو اعظم من طلباتهم ومع ذلك لم يؤمنوا. ومن حكمة الله ورأفته بالعباد ان لم يستجب لهم في طلباتهم. فانه لو استجيب لهم في طلباتهم ثم لم يؤمنوا لا كان ذلك من سبأ من اسباب تعجيل جيل العذاب عليهم وحينئذ يذكرهم الله بان الهداية والظلال بيده سبحانه. فهو يهدي من يشاء ويظلوا من يشاء. لكن هناك اسباب من عند الناس تكون طريقا الى الهداية وضدها. فالظلم من اسباب البقاء على الضلالة والخيانة كذلك اذ ان الله لا يهدي كيد الخائنين. بخلاف صفات الانابة يا الله والتفكر الصحيح في خلقه وذكر الله جل وعلا. فهذه من اسباب هداية ولذا قال ويهدي اليه من اناب. اي يرشد الى الطريق تقييم ويوصل الى الحق فالهداية هنا بمعنى التوفيق للحق لان الهداية قد يراد بها الارشاد والدلالة. وهذه تكون لي الدعاة بينما هداية التوفيق يختص بها رب العزة والجلال. فقوله ويهدي اليه من اناب اي يوفق بعض عباده لان يكونوا من اهل الهداية والصلاح باسباب تعود اليهم الا وهي عودتهم الى الله وانابتهم له سبحانه. ولذا قال ويهدي اليه من اناب اي رجع الى الله فتأمل في خطابه وتفكر في ادلته فكان هذا من اسباب هدايته. ومن صفات هؤلاء المهتدين انهم امنوا فصدقوا بوعد الله واستجابوا لامره فكانت اعتقاداتهم اقوالهم واعمالهم على وفق امر الله جل وعلا. ولذا كان من شأنهم ان قلوبهم مطمئنة لما عندهم من العلم اليقيني الجازم الذي لا مرية فيه ومن ثم وهم مطمئنون لذكر الله وذكر الله يراد به معنيان الاول الذكر الصادر من الله الى العباد فهم مطمئنون بهذا القرآن ومصدقون لما فيه لانه ذكر نازل من عند الله جل وعلا ومن معانيها انهم يكثرون من ذكر الله تعالى. فيكون سببا من اسباب طمأنينة في قلوبهم ولاحظوا هنا ان الذكر لا يقتصر على ذكر اللسان فقط. بل ذكر القلب مشاهدة بديع صنع الله في الكون وعظيم فيه يجعل الانسان يطمئن الى الله تعالى. و ايمان العبد بقضاء الله وقدره. وايمانه بوجود يوم اخر. يحاسب العباد فيه على اعمالهم ويثاب المؤمنون اعظم الثواب على ما يصيبهم في الدنيا من اسباب طمأنينة قلوبهم ثم قال الا بذكر الله تطمئن القلوب فشأن المؤمن الذي عنده ذكر الله سواء ذكر منه سبحانه كما في هذه الايات القرآنية او تذكر من العبد لربه واكثار لذكر اللسان فانه يجعل مطمئن القلب لا تهزه الفواجع ولا المزعجات بل يبقى بعيدا عن الاضطراب وعن التزعزع لما يأتيه في امور دنيا وهذه الاية فيها تثبيت لاهل الايمان بان يكونوا مطمئنين. فهم مطمئنون لوعد الله في الاخرة بان الجنان لهم وهم مطمئنون لوعد الله بان يكون معهم في الدنيا يثبتهم على الحق ولا يمكن اعدائهم من ان يزيلوا عنهم ما هم فيه من الايمان و ما هم عليه من حال طيبة يرضى عنها رب العزة والجلال ثم قال الذين امنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب. المآب ارجع فانهم اذا رجعوا الى الله كانت لهم العاقبة الحميدة الحسنة بحيث ينعمون في تلك الدار وتستقر نفوسهم. فطوبى طمأنينة نفوسهم لما يجدون دونه عند الله من الثواب الجزيل في جنان الخلد. وهناك من قال بان طوبى شجرة في الجنة ولكن مقتضى لغة العرب لكلمة طوبى انها طمأنينة القلب وراحة وفرحه بالعاقبة الحميدة التي كانت لاصحابه اخطاء الكافرين بالاستهزاء بالاسلام وبنبي الاسلام وبشعائر الحق وبتعاليم رب العزة والجلال. ولذا قال كذلك اي الامر مستمر على هذه الحال ارسلناك في امة اي بعثناك وجعلناك نبيا في امة قد خلت من من قبلها امم جاءهم رسل من عند الله عز وجل وذلك لحكمة عظيمة الا وهي ارشاد العباد الى كتاب الله عز وجل عليهم الذي اوحينا اليك. فهذا القرآن الذي فيه نجاة العباد وفيه اضطرارهم في حياتهم واخرتهم. ومن ثم يحتاجون الى ان يسيروا عليه ومع قيام الادلة العظيمة على صحة هذا الكتاب وصدق هذا الرسول وسلامة المنهج الذي جاء في كتابه بالله وفي سنة رسوله ومع كثرة نعم الله على هؤلاء على هؤلاء المكذبين. فان الذي اعطاهم الرزق الذي يفتخرون به هو الله تعالى. ومن تم وجب عليهم ان يشكروه وان يقوموا بعبادته الا انهم يكفرون بالرحمن. اما انهم ينكرون اسم الرحمن او انهم يجحدون نعمه التي انعم بها عليهم. وبالتالي هم يكفرون بالرحمن. فرد عليهم بقوله قل هو ربي. فهو الذي انعم بالنعم الكثيرة ووالى بالخيرات. ولذا اقر له بانه ربي الذي رباني بصنوف النعم وكذلك اقر له بانه من تجب العبادة له وحده. ولذا قال لا اله الا هو فلا معبود حق الا هو سبحانه. ولذلك عليه توكلت اي اعتمد قلبي على الله جل وعلا في طريقي وفي تمسكي بما انا عليه من الحق وفي صد ما تقومون به من ايذاء واعمال شنيعة عليه وحده توكلت لان تقديم المعمول يفيد الحصر. واليه واليه متى اي ان التوبة لله عز وجل او رجوع اليه جل وعلا ثم ذكرهم الله جل وعلا بان ما يطالبون به من الايات. هذا في قدرة لله عز وجل والله جل وعلا قد اخبركم ان من سار على هذا الكتاب فان الله جل وعلا يعطي نعيم الدنيا والاخرة. ولذلك ان كنتم تريدون هذه المطالب التي ذكرتموها من الارض ومن وجود المزارع والاشجار والخيرات. فعليكم بالتمسك بهذا القرآن فان من تمسك بهذا القرآن اورثه الله جل وعلا نعيم الدنيا والاخرة كما قال من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون. فهم قالوا باعد بين جبل ابي قبيس وجبل قيقعان وهما الاخشبان اللذان يحدان مكة حتى نتمكن من الزراعة ومن من الرعي فقال الله لهم متى تمسكتم بهذا الكتاب؟ جاءكم خير من طلباتكم هذه هذا واقع لمن شاهد الحال جاء الله بالتمسك بهذا الكتاب لهذه البلاد. فتوالت عليها الخيرات وكثرت عليها النعم وانظر انظروا كيف باعد الله بين هذه الجبال ويسر الله جل وعلا للناس القياما الله جل وعلا يفد الناس الى هذه المواطن من مشارق الارض ومغاربها باعداد الملايين ييسر لهم من الخير الشيء الكثير. يفد الناس الى هذا بيت باعداد عظيمة تيسر لهم امور دخولهم وخروجهم وامور الاداء لعبادتهم وقارن بين اجتماع الناس في هذه المواطن على انتظام احوالهم واستقرار امورهم جعلهم يؤدون عباداتهم بطريقة واحدة منتظمة مع اي اجتماع للعالم في اي بقعة من بقاع الارض تجد الفرق شاسعا. وانظر الى مئات لالاف من البشر يجتمعون قبيل افطارهم في هذا البيت. وعندهم من انواع اكل بين ايديهم التي لها مخلفات كثيرة. ومع ذلك ما هي الا دقائق يسيرة فاذا بالبيت على انظف ما يكون وعلى احسن حال والناس ينتظمون يؤدون على احسن حال فهذا مما يدلك على فضل الله جل وعلا بما للناس في هذه المواطن. ولو ان قرآنا سيرت به الجبال لانهم طلبوا ابعاد بين اخشبي مكة. فقيل لهم هذا الكتاب. لو ان هناك كتابا يؤتى به ليكون سببا من اسباب التفريك بين الجبال لكان هذا القرآن العظيم كما قال لو انزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله هكذا لو وجد كتاب تقطع به الارض فتصبح مزارع وبساتين لكان هذا الكتاب وهكذا لو كان قرآن يكلم به الموتى. سواء من كان في سياق الموت فليحييه الله جل وعلا او كان بعد ان يقضي الله له الموت لكان هذا لكن يا ايها الناس اعلموا ان المتصرف في الكون هو الله جل وعلا. فهو يهدي من يشاء ويظل من يشاء ويعطي من يشاء ويمنع من يشاء لله الامر جميعا. وحينئذ ايها المؤمنون لا لا تجزعوا ولا تتسخطوا ولا تحزنوا لكون بعض الناس لم يؤمن فانهم لن جاوزوا قدر الله بشعرة واحدة. ولذا قال افلم ييأس اي الم يعلم المؤمن ان لو يشاء الله لهدى الناس جميعا. فان قلوب العباد بين اصبعين من اصابعه كيف يشاء. وساعطيكم اية عظيمة تحدث في هذا الكون تباعا. الا وهو ما يقدره الله جل وعلا من المصائب العظيمة على هؤلاء المشركين الكافرين سواء كان بايدي المؤمنين كما في نصر الله لعباده المؤمنين عندما يتمسكون بدينهم او فيما يقدره الله جل وعلا من العواقب والاقدار التي يقدرها على بعض عباده ولا يزال الذين كفروا. اي ستستمر حالتهم تصيبهم اي بهم المصائب بما صنعوا. اي بسبب ما فعلوه من اشراك وكفر وصد عن لله قارعة اي مصيبة عظيمة من قوارع الدهر او تحل قريبا اي تنزل قريبا من دارهم. حتى يأتي وعد الله يا اهل الايمان وتغلبهم على على عدوهم فالله لا يخلف الميعاد. فاذا وعد بشيء فلا بد ان يقع ما وعد به والله قد وعد بالعاقبة الحميدة في الاخرة لاهل الايمان تكون لهم الجنان ووعدهم ايضا وبانتصارهم على اعدائهم الذين سعوا لان يصدوهم عن سبيل الله تخيب امالهم ببقاء المؤمنين على ايمانهم وحينئذ لا تحزنوا لما يأتيكم من الاستهزاء من اعدائكم. فلقد استهزأ برسل من قبل رسولنا صلى الله عليه وسلم. سخروا من انبياء الله وصفوهم بالجنون. ووصفوا اتباع ببادي الرأي الذين لا يفكرون في الامور ولا يعرفون حقائقها. حينئذ امهلهم الله قليلا واملى لهم يعني جعل بعض النعم تأتيهم في الدنيا ثم كانت ان انزل الله بهم العذاب الشديد. فاخذهم الله فانظروا كيف كان عاقبة هؤلاء كيف كان مآل امرهم ان جاءتهم العقوبة التي استأصلتهم جميعا وحينئذ يذكر الله جل وعلا مقارنة بين رب العزة والجلال. وبين معبودات هؤلاء. فيقول الله جل وعلا قائم على كل نفس بما كسبت. فهو الذي يعطي وهو الذي يمدنا بانواعه القوى وهو الذي ييسر لنا انواع المآكل والمشارب ويدفع عنا انواع والامراض فهو قائم على كل نفس بما كسبت. قائم على المؤمنين والكافرين وفي المقابل انظروا الى الهتكم هذه؟ هل قامت على شيء من اموركم هل ترزقكم؟ هل تعينكم؟ هل تكونوا جالبة للخير وانما جعلوا لله شركاء صرفوا لها شيئا من العبادة مع انها لا تمدهم باي نوع من انواع الامداد ولا القوى. قال تعالى قل سموهم اي اذكروا الصفات التي تكون فيهم تجعلكم تعبدونها ما الذي يجعلكم تعبدون هذه الاصنام؟ وهي لا تنفع ولا تضر بل لا تدفع عن فيها ضررا ولا تجلب لنفسها نفعا فضلا عن غيرها. وحينئذ هل تنبأ دون الناس بما لا حقيقة له ولا يعلم له اي اثر في الكون ام تنبئونه اي بما لا يعلم اي ليس له اثر معلوم في الارض. انما هو اقوال ليس لها حقيقة ام بظاهر من القول اي كلام مجرد اسم بدون ان يكون له حقيقة. وحينئذ نعلم ان هؤلاء قد زين لهم في باطل موه لهم في غير الحق. وحينئذ نعلم ان ما يقومون به من مكر وتدابيره قفية لنصر الهتهم يظنون انهم بذلك ينفعون انفسهم وانهم ينتصرون بهذا وهم في الحقيقة اكثر الناس خسارة قيامهم مع هذه المعبود التي من دون الله تعالى زين للذين كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل لم يرد الله لهم هداية فان من يضلل الله فما له من هاد. لا يتمكن احد من هدايته. ما هي عاقبتهم؟ عاقبتهم شنيعة في الدنيا وفي الاخرة. ولذا قال لهم عذاب في الحياة الدنيا فانهم في الدنيا لا ينعمون. مهما اوتوا من اموال وخيرات دنيوية. قلوبهم مضطرة قلقون غير مطمئنين. وهم كذلك في تنازع فيما بينهم وشقاق قا وهم كذلك ايضا يشقون بكون الخسارة والهزيمة تكون عليهم في الدنيا وهذا العذاب الدنيوي سهل يسير متى تم قياسه بعذاب الاخرة ولذا قال ولعذاب الاخرة اشق اي اعظم ايلاما واكثر سوءا وحينئذ لا يكون هنا من يقيهم ويحفظهم من عذاب الله الدنيوي والاخروي اذا نزل بهم والمتأمل في حال الامم السابقة المكذبة لانبياء الله كيف نزلت بهم العقوبات الدنيوية حينئذ ايقن بصدق وعد الله جل وعلا. فقوم نوح لم يكونوا يظنون ان الغرق سيعمهم ولذا قال قائلهم ساوي الى جبل يعصمني من الماء. فالتفت الى السبب فكان الجواب له ان ان زيادة النعم الدنيوية عند عبد لا تعني صحة طريقته وسلامة المنهج الذي يسير عليه وثانيا ان امور الرزق ليست ان امور الرزق هبات من الله جل وعلا وبالتالي فقد يعطيها لمن يصرفها في مرض الله ويعطيها لغيره وفي هذه الايات المقارنة بين الدنيا والاخرة. فنعيم الدنيا لا يوازي شعرة من نعيم الاخرة. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لموضع صوت احدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها وفي هذه الايات النهي عن الفرح الحامل على البطر والاشر بالنعم الدنيا وفي هذه الايات ان مطالبة المشركين والكافرين بنزول المعجزات التي لا يلزم ان يجابوا عليها. وان يحقق لهم مطلوبهم. لانه قد جاء من الايات ما يكون سببا من اسباب الهداية. اولم يكفهم انا انزلنا عليك الكتاب يتلى عليك وفي هذه الايات ان هداية التوفيق والظلال بيد رب العزة والجلال يعطيها من يشاء من عباده. ولكن للهداية اسباب الى الناس منها رجوع العبد الى الله. فمن كان رجوعه الى الله اكثر كانت هدايته اكبر واكثر وفي هذه الايات ان الله ان الله يتفضل على عباده المؤمنين بنعم دنيوية متى كانوا متمسكين بشرع الله وراغبين في الاخرة. فان من اراد الاخرة اورثه الله نعيم الدنيا مع ما يكون له في الاخرة من النعيم العظيم. وفي هذه ان من اعظم نعم الله على العباد ان تطمئن قلوبهم بحيث لا يكون عندهم جزع من اقدار الله ولا فزع مما يخافونه ولا يكون عندهم اضطراب في قلوبهم وهم وحزن وغم بل اهل الايمان لما كانوا مؤمنين بان الله هو المتصرف في الكون وانه لن يحدث شيء في هذا الكون الا بامر الله وان الله لا يقدر عليهم الا ما هو خير لهم متى كانوا على الايمان؟ حينئذ تطمئن قلوبهم ولا تضطرب هذه يا القلوب وفي الايات وجوبوا العود الى الذكر الذي صدر من الله جل وعلا وهو كتاب المشتمل على شريعة الحق الذي تطمئن به قلوبهم. ومن ثم يجب على الانسان ان ان يكون جازما موقنا بما في هذا الكتاب وفي الايات الترغيب في الاكثار من ذكر الله سواء بالذكر القلبي بتذكر كوري رب العزة والجلال والاعتماد عليه. او بالذكر اللساني تسبيحا وتحميدا تهليلا مع استحضار معاني هذه الاذكار. وفي هذه الايات ان العبد المؤمن كلما ازداد ذكره لله عز وجل ازدادت الخيرات عليه بدءا من طمأنينة قلبه الى ما يسوقه الله من عبادات واعمال صالحة. لان الشيطان يبتعد عن الذاكرين لله جل وعلا. فيكون هذا من اسباب توالي الخيرات والنعم الدنيوية عليهم وفي هذه الايات التذكير بان النعيم العظيم هو نعيم الجنان وانهما فات الانسان في الدنيا من خير مقابل ان يحصل على نعيم الاخرة يجعله مطمئن البال لانه يعلم ان الدار الباقية ابد الاباد التي فيها نعيم لا يكدر وخير لا ينقطع هو نعيم الجنة. وبالتالي لا يحزن ولا يأسف على ما فاته من امور دنيوية. وفي هذه الايات التأسي باحوال الماظين من انبياء الله ومن دعاة الحق بحيث يستفيد الانسان من الاطلاع على سيرهم على طريقتهم في الدعوة الى الله جل وعلا. وفي هذه الايات ان الدعوة الى الله تكون بهذا الكتاب ومن ثم كلما كثرت استدلالات الانسان بايات في القرآن كان هذا اعظم في الحجة واكثر تابعا من الناس ولذا قال لتتلو عليهم الذي اوحينا اليك. وفي هذه الايات اثبات اسم الرحمن لله جل وعلا واثبات صفة الرحمة له سبحانه وتعالى. فهو رحمن رحيم يرحم فهو رحمن يرحم المؤمن والكافر في هذه الدنيا وفي هذا ترغيب في رحمة الخلق. قال صلى الله عليه وسلم ارحموا من في الارض يرحم يرحمكم من في السماء الراحمون يرحمهم الرحمن وفي هذه الايات اقرار العبد بربوبية الله. فهو المتصرف في الكون وهو المنعم بصنوف نعم فقد ربنا جل وعلا بما انزل علينا من انواع الخيرات وكذلك في الايات الاقرار بتوحيد الالوهية. فان العبادة حق خالص له سبحانه الاء ومن ثم لا يجوز ان تصرف شيء من العبادات لغيره سبحانه وتعالى اه وفي هذه الايات بيان معنى شهادة الحق. لا اله الا الله. وفي هذه الايات ان توكل باعتماد القلب واستناده الى من يقوم بشؤونه ومن ينصره على اعدائه انما فيكون على الله وحده بحيث لا يجوز ان يظن الانسان ان الاسباب المادية هي التي كانت معه وانما هو رب العزة والجلال. ومن ثم لا تعجب ولا بمهارتك ولا بما اتاك الله من امكانات من مال او انصار او او معجبين او غير ذلك. وانما هو النصر الاعانة من رب العزة والجلال. كم من انسان اعجب بما اعطي في الدنيا فوكل اليها فخذلته بل عادت عليه. ولذا فلا تعجب بما اتاك الله من امور دنيوية. ولا تعتمد ولا تظن ان النصر بسبب ما لديك من قوة او سلاح او رجال او عتاد ما هي معونة الله جل وعلا. وفي هذه الايات الترغيب في التوبة في كل حين. بحيث يكثر الانسان من التوبة الى الله جل وعلا. رجوعا اليه وندما على ما حصل من تقصير او سهو او عدم قيام بعبودية الله جل وعلا. وفي هذه الايات فظل القرآن العظيم. وعظيم اثر التمسك به في دنيا والاخرة، وان من كان على هذا الكتاب اورثه الله العاقبة الحميدة دنيا واخرة. ولينظر الناظر في تاريخ هذه الامة من عهد النبوة الى عصرنا الحاضر. متى اعاد الناس الى كتاب الله. وتمسكوا بهذا القرآن العظيم. كان هذا من اسباب علو درجتهم وكثرة الخيرات عندهم وزيادة النعم التي لديهم. وشواهد هذا في تاريخ عديدة كثيرة. وفي هذه الايات ان السير على مقتضى شرع الله يغير احوال الخلق بما لم يكونوا يتصورونه او يعقلونه ويرجونه فتتغير احوالهم التغير العظيم كما قال تعالى ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم وفي الايات اثبات ان التصرف في الكون هو الى الله جل وعلا. ولذا يعطي من يشاء ويمنع من من يشاء. وفي هذه الايات ان ظلال من ظل من البشر انما هو بقدر من الله عز وجل لم يمدهم لم يمدهم بالهداية فبقوا على الضلالة. وحينئذ لا يحزن المؤمنون على مصيرهم ولا تتغير احوالهم القلبية بسبب استمرار هؤلاء في عنادهم وفي مصادمتهم للحق وفي وقوفهم للصد عن لله فانهم لن يخرجوا عن قدر رب العزة والجلال. فوالله لو اراد ان يهديهم لكانت لهم الهداية. وفي هذه الايات التذكير بان هؤلاء الكافرين لا زالت المصائب العظيمة تأتيهم ما بين وقت واخر. لتكون سببا لايقاظ غفلتهم لو تنبهوا للامر ولتكون سببا من اسباب رجوعهم الى الله لو تبصروا حقائق الامور. وفي هذه الايات ان ما يرسله الله جل وعلا من المصائب العظيمة انما هي ارشاد الخلق ليعودوا الى الله. وليستشعروا قدرة رب العزة والجلال عليهم وفي هذه الايات صدق وعد الله للمؤمنين بان خيري الدنيا والاخرة سيكون هم وفي هذه الايات ان طريقة السخرية والاستهزاء لا تدل على صحة منهج اولئك المستهزئين ولا الساخرين. وان هذه حيلة العاجز عجزوا عن مقابلة الحجة بالحجة وحينئذ صاروا الى السخرية والاستهزاء. فهذه طريقة المهزومين الناقصين في عقولهم وليست من طريقة اصحاب العقول وفي هذه الايات ان بقاء هؤلاء المستهزئين في شيء من النعم لمدة من الزمان لا يعني انهم سيسلمون من الله جل وعلا. فان الله عز وجل يملي للظالمين. ويؤخرهم قليلا بهم فان استمروا على طريقتهم انزل بهم العقوبة واخذتهم سنة الله الكون بعقوبة الظالمين. وفي هذه الايات ان تنعم الانسان من النعم يرجئه الله عز وجل ويملي له لا يعني صحة طريقته ولا يعني ان العقوبة لن تنزل به. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله ليملي للظالم اي يؤخره قليلا حتى اذا اخذه لم يفلته ثم تلا قوله تعالى وكذلك اخذ رب ربك اذا اخذ القرى وهي ظالمة ان اخذه اليم شديد وفي هذه الايات ان العقلاء ينبغي بهم ان يقارنوا بين ما يكون امامهم. بحيث يعرفون الفوارق التي تكون بين الطريقين الذين يعرضان عليهم. حتى يميزوا ما لكل واحد من الطريقين وبظدها تتميز الاشياء ومن ذلك المقارنة بين رب العزة والجلال. ومعبودات هؤلاء الاقوام. فان الله هو المتصرف في الكون ونعمه لا زالت تترى على العباد. وهو قائم على نفوس يحفظها وينعمها ويربيها. بخلاف الهة هؤلاء فانها لا تفعل شيئا من ذلك وفي هذا استدلال بتوحيد الربوبية على توحيد الالوهية. وفي هذه هي الايات مقارعة حال المشركين بالحجة القاطعة بان يذكروا صفات معبوداتهم. ما هي صفاتها حتى يميز الحق من الباطل. وما ذكروه من الصفات عليهم ان يقيموا الادلة عليه ولذا من توجه الى مقبور او الى احد من البشر او الى من الملائكة او نبي من الانبياء. قيل له قارن بين من توجهت له بالعبادة والدعاء وبين رب العزة والجلال الحي الذي لا يموت والذي يأمر ولا يؤمر. والذي يتصرف في الكون بما يشاء فقارنه بينه فقارنه بمعبوداتك التي تعبدها من دون الله. وفي الاية ان الاحكام لا ينبغي ان تكون على الاسماء المجردة. وانما ينبغي ان تكون على الاوصاف المؤثرة. التي كونوا عللا للاحكام. واما مجرد الاسماء التي لا حقيقة لها فلا يصح بناء الاحكام عليها وفي هذه الايات ان خطط الكافرين ومكرهم الذي يفعلونه. وما يدبرونه من تدبيرات. لا تجدي لهم شيئا يملى لهم قليلا ثم تكون العواقب عليهم. فالخطط العظيمة والمنظمات السرية انواع ما يكون عند الناس من تدابير خفية لا تجدي عنهم من امر الله شيئا وفي وفي الايات ان الصد عن سبيل الله لا ينفع صاحبه في الدنيا ولا في الاخرة وان الصد عن الله وعن التزام شرعه من اسباب نزول العقوبات الدنيوية وانظروا شاهد هذا في زمانكم الحاضر منعت عدد من الدول الالتزام بشرع الله جل وعلا. فكان هذا من اسباب نزول العقوبات الدنيوية بهم. وفي هذه الايات ان العبد ينبغي به ان يلتفت الى اخرته. وان ان ما اصابه في الدنيا انما هو بقدر من الله جل وعلا. وانما ساقه الله اليه مصلحته ليكون ممن قام بعبودية الصبر فيكون هذا زيادة في اجره وكثرة في ثوابه. وفي الايات ان عقوبة الله اذا نزلت باحد من العباد فانه لا يستطيع رد والدهاء ولا يستطيع احد من الخلق كائنا من كان ان يزيل تلك العقوبة وان يقي من قدر الله عليه العقوبة الدنيوية. بارك الله فيكم ووفقكم لكل خير وجعلني الله واياكم من الهداة المهتدين. اصلح الله احوالكم وجعلكم من بشرع السائرين على سنة نبيه المحكمين لكتابه. كما اسأله جل وعلا ان يرزقنا اهمل لكتابه وعملا بما فيه. اللهم ارزقنا اليقين به والتصديق لوعدك. يا ارحم الراحمين اللهم اصلح احوال المسلمين وردهم الى دينك الرد الحميد واجعلهم من المتمسكين بكتابك العظيم القرآن كريم كما نسأله جل وعلا ان يوفق ولاة امرنا لكل خير وان يبارك فيهم وان يجزيهم خير الجزاء هذا لا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم كثيرا الى يوم الدين