ربك هو اعلم بمن ظل عن سبيله. اي ان من يكون مستحقا ان ان يكونوا اهلا للهداية. فان الله تعالى يهديه. ومن لم يكن كذلك فان الله جل وعلا ها اه دي ان لكتاب الله او سامع له. فقوله ادعوا اي يا ايها القارئ لكتاب الله اه ويا ايها المستمع له ولم يبين المدعو من يدعو ليفيد العموم فيدعى الصغير والكبير الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد لعلنا ان شاء الله في هذا اليوم نكمل ما ابتدأنا به من تفسير سورة النحل بارك الله فيكم ووفقكم لخيري الدنيا والاخرة. اعوذ من الشيطان الرجيم ان ابراهيم كان امة قانتا لله نيفا حنيفا ولم يك من المشركين شاكرا لانعمه اجتباه وهداه الى صراط مستقيم واتيناه في الدنيا حسنة وانه في الاخرة لمن الصالحين. ثم ما اوحينا اليك ان اتبع ملة ابراهيم حنيفا وما كان من المشركين انما جعل السبت على الذين اختلفوا وان ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن ان ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين وان عاقبتم عاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين واصبر وما صبرك الا ولا تحزن عليهم ولا تكفي ضيق مما يمكرون ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنين ينوه الله جل وعلا بعبده ابراهيم عليه السلام لانه ابو العرب. فكانوا يعرفونه وكانوا يجعلونه قدوة لهم ويذكرون مآثره ويذكرون عباداته ويسيرون في بعض العبادات بحسب ظنهم على طريقته ولذا خاطبهم الله جل وعلا بهذا النبي الذي يعرفونه ويعتقدون امامته فقال ان ابراهيم كان امة يعني انه يقتدى به في الخير وقد كان وحيدا في التزامه بدين الله ومع ذلك لم يثنه وقوف المشركين في وجهه. بل كادوه باعظم المكائد واشنعها الا وهو انهم حاولوا او انهم القوه في النار فجعلها الله بردا وسلاما على ابراهيم كان قوم ابراهيم يعبدون الاصنام فكانت العرب تماثل قوم ابراهيم في عبادة الاصنام ولذا ذكرهم الله جل وعلا بمآثر ابيهم وانه كان على التوحيد لم يكن يعبد الاصنام بل كان يدعو الله جل وعلا ان يجنبه وان يجنب ذريته عبادة الاوثان والاصنام. ويذكر انهن اظللن كثيرا من الناس ثم ذكر انه كان مستسلما لامر الله وحده فهو لا يسير على مقتضى الهوى والرغبات النفسية ولا يأخذ دينه من غير شرعه. ولذا قال قانتا لله اي خاضعة لعله مستسلما لامره مستجيبا لشرعه وكان حنيفا معنى حنيفة اي مائلا. فهو قد ترك الشرك الى التوحيد. وقد ترك المعصية الى الطاعة وقد ترك بلاد الكفر والشرك الى الى بلاد التوحيد ثم قال ولم يك من المشركين. اي لم يكن من شأن ابراهيم ان يوجه العبادة لغير الله. من هذه الاصنام التي تعبدها العرب. وتخضع ذلوا لها فكأنه يذكرهم بابيهم ابراهيم وانهم وان ادعوا انتمائهم اليه الا انهم لم يسيروا على طريقته في التوحيد وعدم ام الشرك ثم ذكرهم ان ابراهيم كان شاكرا لنعم الله وهذا فيها بيان انهم اخطأوا طريقة ابراهيم. حيث كانوا يأخذون نعم الله فيجعلونها مبذولة على جهة العبادة لغير الله. فكانوا يذبحون لاصنامهم ويتصدقون تقربا لاصنامهم يقدمون القرابين لهذه الاصنام. ولذا بين انهم ليسوا على طريقة ابراهيم الذي كان يقدم نعم الله وخيراته وفضائله طاعة لله تعالى شكرا لنعمه فان هذه السورة لا زالت تذكر بنعم الله وتذكر الناس بوجوب شكرها وفي هذا طرح قدوة امام الناس ليقتدوا به في شكر نعم الله تعالى وحينئذ اجتباه لما شكر نعم الله اختاره الله واصطفاه بان يكون من اهل التوحيد يكون من اهل شرع الله جل وعلا. وحينئذ فنعمة الله على العبد حينما يشكر نعمه بان يصرفها في مراضيه بان يختاره للخير. فيجعله على احسن الطرائق وافضل الشرائع وافضل العبادات سنة جاري في الكون ولذا قال وهداه الى صراط مستقيم. فجعله من اهل الطريق الموصل الى الله اه وبين له هذا الطريق وجعله يسلكه والصراط المستقيم اي الطريق الواسع الذي لا اعوجاج لا اعوجاج فيه الى المقصود من الحصول على رضا الله ورفعة الدرجة في الاخرة فمن كان كذلك جمع الله له بين خيرات الدنيا مع ما ينتظره من النعيم العظيم في الاخرة ولذا قال واتيناه في الدنيا حسنة اي ان الله جل وعلا يعطيه الخيرات في هذه الدنيا. فقال واتيناه اي سخرنا له ويسرنا له في الدنيا وهي هذه الدار التي يعيشها الانسان قبل الممات سميت بذلك لقربها وقلتها حسنة. اي ان الله اعطاه من الخير العظيم في هذه الدنيا فجعل له الولد وجعل له الزوجة الحسنة وجعل له المال الذي يقضي به حوائجه وجعل له الاتباع بل استمرت هذه الحسنة ان استمرت ذريته بعده وبارك الله في ذريته فبعث فيهم الانبياء وكذلك جعل الله له الذكر الحسن الى يوم القيامة فما من ملة من الملل الا وهم يعتقدون ان ابراهيم امام لهم ثم قال وانه في الاخرة لمن الصالحين. اما انه قد صلح في بعمله فورث العاقبة الحسنة. واما ان يكون صالحا في الاخرة بمعنى انه يكون على احسن حال في نعيم مقيم وحياة هنيئة ثم قال تعالى ثم اوحينا اي ان الله تعالى امتن على البشرية بان انزل الوحي الذي فيه النجاة وفيه صلاح احوال العباد واستقامة امورهم على هذا النبي الكريم الذي من صالح الخلق ان تكون الشريعة والوحي قد نزلت عليه ثم امره الله بان يتبع ملة ابراهيم. فشريعة ابراهيم وديانته بنية على التوحيد قد امر نبينا صلى الله عليه وسلم بان يسير عليها. وقد قال النبي وصلى الله عليه وسلم انكم على ارث من ارث ابراهيم ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتبع اثار ابراهيم ان اتبع ملة ابراهيم حنيفا ونسبت الملة لابراهيم لانه هو المبلغ لها. فان الاظافة تكون ليدنا مناسبة ثم ذكر عنه بانه كان حنيفا وكلمة حنيفا قيل بانها صفة او حال للملة فهي على التوحيد ليست على الشرك وقيل بانها لابراهيم وما كان من المشركين فيه اكيد على ان طريقة اهل الجاهلية ليست طريقة ابيهم ابراهيم عليه السلام وفي هذا ابطال حجة بعضهم بانه قد سار على طريقة الاباء والاجداد فان اباه ابراهيم كان على التوحيد ولم يكن على الشرك ثم قال تعالى انما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه لان اليهود كانوا موجودين بجوار قبائل العرب ولذا قد قال بعضهم بانك لو كنت على طريقة صحيحة لسرت على طريقة اهل هذه الديانة اليهودية التي عندهم حيث ان عندهم كتاب من عند الله. وقد ساروا على طريقة نبي من انبياء الله. فبين الله جل وعلا لهم ان اهل الكتاب مختلفون وقد وجد عندهم تحريف لشرع الله ولدينه. مما اقتضى ان يبعث للخلق تكون رسالته دائمة وباقية الى قيام الساعة. فقال تعالى انما جعل السبت السبت هو اليوم المعروف وذلك ان يوم وذلك ان يوم الله هو يوم الجمعة ولكن اهل الكتاب اختلفوا فيه ولذا لم يهتدوا له فجعل لليهود السبت وللنصارى يوم الاحد فقال انما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه. وسمي سبتا لانهم يعطلون اعمالهم فيه قال وان ربك اي ان الله تعالى الذي ربانا بصنوف النعم ليحكم بينهم ان يفصل في الخصومات والاختلافات التي كانت بينهم. فان بين اليهود والنصارى من اختلافات الشيء الكثير فاذا كان اليهود يتشددون في دينهم فان النصارى يتساهلون فيه اهل الاسلام وسط بينهما. واذا كان اليهود يتجهون جهة بيت المقدس في صلاتهم والنصارى يتجهون جهة المشرق فان اهل الاسلام يتجهون الى بيت الله الحرام الكعبة التي بناها ابراهيم عليه السلام. وهكذا في اختلافات كثيرة وهدي اهل الاسلام للحق والصواب فيها. فاذا جاء يوم قيامة حكم الله بين العباد وفصل فيما كان بينهم من اختلاف وتنام ثم جاء الامر الالهي لاهل الايمان بان يكونوا دعاة الى الحق والهدى فقال ادع الى سبيل ربك والخطاب هنا قيل بانه قد وجه لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فتدخل الامة فيه اتبع لاننا مأمورون بالاقتداء به. وقيل بل الخطاب موجه لكل رجل والمرأة والوثني وصاحب الكتاب ويدعى الناس كلهم وقد بين الله جل وعلا الى ما يدعونا. فقال الى سبيل ربك اي الطريق التي توصل الى رضا الله جل وعلا. كما قال عن ابراهيم وهداه الى صراط مستقيم ونسب السبيل الى الله لانه هو الذي شرعه ولانه موصل لرضاه ثم بين اساليب الدعوة فقال بالحكمة بحيث يخاطب كل انسان بما يتناسب مع قدراته ومع معقولاته ومع ما يعرفه من معارف لتكون هذه الحكمة سببا من اسباب دخول الناس في دين الله تعالى وهكذا يدعون الوسائل التي يعرفونها وتكون مقربة لهم ثم ذكر طريقا اخر الا وهو الموعظة الحسنة. بحيث يخاطب الناس بالوعظ الذي فيه ترغيب وترهيب. يرغبون بخيري والاخرة عند تمسكهم بشرع الله. ويخوفون من عقوبة الدنيا والاخرة عند تركهم لشرع الله تعالى واما الوسيلة الثالثة فبالمناقشة والحوار ولذا قال وجادلهم بالتي هي احسن اي ناقشهم افظل كلام واحسن طريقة واولى ادب ليتناسب من عظم ما تدعوهم اليه وللحكمة في الدعوة طرائقها. فمن ذلك مثلا ان يختار الاسلوب الجميل. ومن ذلك كان يذكر الناس بالعواقب الحميدة لاهل الخير. ومن ذلك ان يبدأ بالاهم فالاهم في الدعوة الى الله. ومن ذلك ان يذكر الناس بوقوفهم بين يديه الا ومن ذلك ان يختار من الطرائق العقلية والاساليب المقنعة ما يكون سبيلا من سبل هداية الخلق الى الله تعالى. ولما ذكر ان مهمة الدعوة تكون على اهل الايمان قاطبة ذكر انه ليس من مهمتهم هداية الخلق فان الهداية بيد الله يهبها لمن يشاء من عباده. ولذا قال ان يجعله يستمر في ظلاله. والله تعالى اعلم بمن اهتدى حقيقة وبمن على ظلالة حتى وان اظهروا خلاف ذلك. والله تعالى هو الموفق للهداية ومن الامور التي يواجهها الدعاة لدين الله ان يجابه بشيء من العذاب. وصد الخلق عن طريقة الحق التي يأتي بها دعاة دين الله. فهذه سنة ماضية. ولكن من سنة الله في الكون ان يمكن الدعاة من اعدائهم. وان يجعل العاقبة الحميدة الايمان كما قال تعالى انا لننصر رسلنا والذين امنوا في الحياة الدنيا ويوم فيقوم الاشهاد وحينئذ يذكر الله تعالى لاهل الايمان طريقين. اما ان يعاقبوا فاذا قبوا عاقبوا بالعدل بحيث لا يزيدون عن مقدار ما وصل اليهم من العذاب اذا قال وان يعني لو قدر انكم عاقبتم اي جازيتم من عذبكم بمثل فعله فحينئذ لا يجوز لكم ان تتجاوزوا مقدار ما لحقكم من الاذى عاقبوا بمثل ما عوقبتم به وعاقبوا هنا فعل امر يراد به الاباحة لانه امر بعد نهي. فقد نهي عن الحاق الاذى بالاخرين. فيكون امر اباحة وليس امرا ايجاب. وفي مقابل هؤلاء طريق اخر الا وهو والعفو والتجاوز والصبر على ما كان من اولئك المضادين لشرع الله ولهذا قال ولئن صبرتم اي تحملتم الاذى الذي جاءكم في طريق الدعوة الى الله فان هذا الطريق خير الطريقين. ولذا قال لهو خير للصابر وخير هنا على الصحيح على صيغة افعل التفضيل يعني ان هذا هو افضل الخيارين الذي تختارونه مم ومن هنا اذا نظر الانسان في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وجد ان صبرا والتحمل هي الصفة الغالبة في رسول الله صلى الله عليه وسلم فمع ما كاده اعداءه. وما حاولوا من قتله وما كان منهم من الاذى لاصحابه وما كان منهم من صد عن سبيله. الا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم عاملهم بالعفو والتجاوز وحينئذ من كان من اهل الصبر فلا يظنن انه مخذول بل ان الله كونوا معه ولذا قال واصبر اي تحمل ما جاءك من الاذى وما صبرك الا بالليل لن توفق للصبر الا بفظل من الله جل وعلا. وتثبيت ان منه سبحانه ولا تحزن عليهم اي لا تتأسف ولا تتألم بسبب فعلهم معك من صدهم عنك ومن تعريضهم للاذى عليك ولا تكفي ظيق مما يمكرون. اي لا يضيقن صدرك من مكرهم وما فعلوا من الحيل الشنيعة والتدابير الخفية. فانهم مهما فعلوا لن يخرجوا وعن قدر الله فالله جل وعلا مطلع عليهم عالم بهم لا يخفى عليه شيء من امورهم بل لم يفعلوا ذلك الا بقدر من الله وخلق منه سبحانه وتعالى ولذا ذكر الله نبيه وذكر اولياءه واتباعه بان وفي هذه هي الايات بيان ان الهداية والضلال بيد الله جل وعلا. وانه اعلم بحال المهتدين وحال الظالين وفي هذه الايات ان المظلوم يجوز له ان يعاقب الظالم مثل ما عاق الله تعالى معهم والله هو القوي القادر. ومن كان الله معه فلن يخيب. والمعية هنا معية النصر والتأييد. فقال ان الله مع الذين اتقوا اي كان من ذاتهم ان يتقوا غضب الله بالاقدام على طاعته وترك معصيته. اقدموا على التقوى اه بتحقيق امر الله ولو كان مخالفا لاهوائهم ولو كان مخالفا لرغب بات غيرهم من بني من الشياطين ومن بني جلدتهم. والله تعالى مع المحسنين الذين يحسنون في عبادة الله فيستشعرون مراقبة الله لهم وهم محسنون الى عباد الله فيقدمون لهم ما يعود عليهم بالنفع سواء في امورهم الدينية بدعوتهم الى الله او في امورهم دنيوية بما يقيم حياتهم. فهذه ايات عظيمة فيها حكم وفوائد كثيرة منها فضيلة ابينا ابراهيم عليه السلام. وما كان عليه من التوحيد مضاد لطريقة المشركين. وفي هذه الايات ان من الامور التي ينبغي بالعبد ان يجعلها بين عينيه. ان يجعل له قدوة يقتدي به في الخير سواء كان من انبياء الله او من علماء الشرع. قال وفي هذه الاية فضيلة الخضوع لله والاستسلام لامره والانقياد لطاعته. وفي هذه الايات التذكير بان ابراهيم لم يكن من المشركين. فان ابا العرب واباء اليهود لم يكن مشركا وانما كان من الموحدين المسلمين وفي هذه الايات الترغيب في شكر الله تعالى على نعمه. وانها طريقة الصالحين. وان الشكر من اسباب يا لله للعبد واصطفائه له ليقوم بدين الله وبالدعوة لدينه وفي هذه الايات ان الهداية من عند الله جل وعلا وفيها بيان ان الحق في احد الاقوال وليست كل الاقوال حقا. فانه قال وهديناه الى صراط مستقيم. والصراط واحد. وقال ادعو الى سبيل ربك. والسبيل واحد ولم يقل سبل بالجمع وفي هذه الايات ان ما يعطاه العبد في الدنيا لا يدل على نقصان درجته عند عند الله ما دام يستعمله في مرض الله. فهذا ابراهيم عليه السلام قد اتاه الله اجره في الدنيا وجعل له الحسنة فيها. ومع ذلك هو خليل الرحمن وله وهو من اولي العزم من رسل وفي هذه ولذا قال وانه في الاخرة لمن الصالحين. فايتاء العبد من الدنيا ايعني نقصان حظه من الاخرة وفي هذه الايات الامر باتباع طريقة ابراهيم في التوحيد وترك الشرك وفي هذه الايات ان الله جل وعلا قد جعل ابراهيم اماما للحنفاء واماما بل للمتقين وفي هذه الايات بيان ان اليوم الذي هو يوم الله هو يوم الجمعة. وان من اختار يوما غيره فقد اظله الله عن اليوم الذي اختاره الله. وفي هذه الايات التحذير من الاختلاف بيان ان الاختلاف ليس محمودا في الشريعة بل هو من الامور المذمومة. ولذا فان العبد يحاول ان يتجاوز الخلاف ما استطاع الى ذلك سبيلا. سواء كان اختلاف في امر شرعي او كان في امر دنيوي. فالاختلاف في الامر الشرعي لان من ان الحق في احد الاقوال وان ما عدا ذلك القول فليس بحق. ولذا الناس ان يبحثوا عن هذا الحق ولئن كان العبد يعذر غيره ممن يخالفه في الاجتهاد. اذا تحرى وبذل الاسباب للوصول للحق ولو لم يصل اليه. فيقدر من يخالفه ولا تستنقص من مكانته وفي هذه الايات ان الله تعالى يحكم بين العباد فيوم القيامة فيقيمهم في ذلك اليوم ويعرض ما كان بينهم من الخلاف في الدنيا. فيحكم بينهم جل وعلى وفي هذه الايات وجوب الدعوة الى الله تعالى. وان هذا الواجب واجب على كل لاحد من الناس. والدعوة قد تكون باللفظ وقد تكون الفعل الجميل صالح وقد تكون بعرض دين الاسلام او عرض التوحيد والسنة بما يكون موظحا لذلك وفي هذه الايات ان الشرع يتطلع الى انتقاء الالفاظ خصوصا عند الدعوة الى الله تعالى الشرع يتطلع لان تكون الدعوة بالحكمة بحيث ينتقى من الاساليب ما انسبوا مع حال المدعو وينتقى من القضايا ما يكون اهم واولى بالمعالجة وفي هذه الايات جواز الجدال بالتي هي احسن. وان الجدال ليس مذموما كله متى كان المقصود ان يصل الانسان للحق وكان بالتي هي احسن فلا يجوز للانسان ان يجادل بقصد علو مكانته او رفع منزلته. وانما ادلوا لتحقيق امر الله وتحصيل رضاه. وهكذا لا يجوز للانسان ان يكون خصيصا لمن عن اهل الباطل مجادلا لهم. لان هذا ليس من الجدال بالتي هي احسن به وهذا على سبيل الجواز والحل والافضل ان يعفو الانسان وان يتجاوز عن من اخطأ عليه ومن عفا لله فان الله جل وعلا يجعل له العز والرفعة والمكانة وفي هذا دلالة على ان كثيرا مما تظنه العقول لا يكون كذلك ان الناس يظنون ان انتصارا للانسان لنفسه. وان انتقامه ممن ظلمه يدل على قوته. ويجعل الناس هابونا منه بينما الحقيقة ان من تواء ان من وعفا عمن ظلمه فان الله يرفع درجته ويعلي منزلته وفي هذه الايات الترغيب في الصبر والحث عليه سواء كان صبرا في المصائب او كان صبرا عند اذى الاخرين. سواء كان الاذى من اجل امر دنيوي او كان من اجل امر اخروي. وفي هذه الايات بيان ان الموفق للصبر هو الله تعالى مما يجعل الانسان يطلب من الله جل وعلى ان يثبته وان يرزقه الصبر وفي هذه الايات ان الحزن ليس من العبادات التي يعبد الله بها وانما الحزن من الامور التي لا يرغب الشرع فيها. وقد يرد الحزن الى القلوب والى النفوس. بحيث لا تستطيع رده ولكن الشرع يتطلع الى ان يكون المؤمن على قوة قلب بحيث لا يحزن ولا يأسف. وكيف يحزن وهو يعلم ان ربه الخالق المنعم هو الذي قدر الامور على هذا الوصف الذي لم يكن راغبا فيه وكيف يحزن المؤمن وهو يعلم ان ما يقدر عليه من انواع الاذى قد يكون لي صالحه ولفائدته. وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم عسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون وفي هذه الاية من الفوائد ايضا تحريم معاقبة من ظلمك بشيء يزيد على مقدار ما وصل اليك من ظلمه وفي هذه الايات الترغيب في الا يدعو المظلوم على ظالمه لان هذا من الصبر. فصبرك على من ظلمك من انواعه الا تدعو على الظالمي وانما تدعو له بالهداية وصلاح الحال. وتدعو لنفسك بان ليخلصك الله من ظلمه وتنوي بذلك مصلحتك ومصلحة ظالمك بان لا يزداد هذا اسمه والا يتمادى في ظلمه وفي هذه الايات بيان ان اهل الضلال سيستمرون في خططهم السرية ضد هل الايمان وحينئذ لا يحزن الانسان من طرائقهم وتخطيطاتهم. وانما طريقه ان يستمر في الدعوة الى الله وترغيب ناسف الالتزام بشرع الله. والله تعالى يتولى بقية الامور وفي هذه الايات بيان ان مكر الماكرين المخادعين في ايذاء اهل كلامي وصد الناس عنهم لا ليكونوا سببا من اسباب منع المسلمين من العاقبة الحسنة. فان الله تعالى قد وعد بان يكون مع المتقين ومن ذلك ان يجنبهم مكائد الكائدين وطرائق المفسدين وفي هذه الايات ان من كان مع الله كان الله معه بالنصر والتأييد وفي هذه الايات انه لا ينبغي بالمؤمن ان يتأفف او ان يضيق صدره بسبب فعل اعداء الله. وانما ان يعلم انهم لم يفعلوا ما فعلوا الا بقدر من الله. وان الله هو الذي مكن من ذلك لحكم يراها جل وعلا. ولذا قال والذين قتلوا في سبيل لله فلن يضل اعمالهم. وقال ولو شاء لانتصر منهم. ومن هنا نعلم ان الا هي حكما في ما يقدره على العباد. سواء كان موافقا لرغباتهم او او مضادا لها. وفي هذه الايات الترغيب في التقوى والاحسان. وبيان انها من اسباب معية الله تعالى للعبد ونصره وتأييده له. فهذا شيء من وايدي والاحكام المأخوذة من هذه الايات وبهذا يتم تفسير سورة النحل. ولعل الله جل وعلا ان يهيأ لنا ان نواصل دروس تفسير في شهر رمضان من العام القادم. اسأل الله ان ييسر لنا ذلك وان يتيح لنا بفضله واحسانه. واسأله جل وعلا ان يجعلنا نلتقي ها هنا. وان نجتمع في الخلد بفضله واحسانه. هذا واسأله جل وعلا ان يصلح احوال الامة وان ان يعيدهم الى دينه عودا حميدا. وان يجعلهم من المحافظين على صلواتهم في المساجد مع جماعات وان يجعلهم من المؤدين لاركان الاسلام. كما اسأله جل وعلا ان يحمينا من مكايد عدونا الشيطان الرجيم ومن مكايد الفاسدين المفسدين بفظله واحسانه واسأله جل وعلا ان يوفق ولاة امور المسلمين في كل مكان للخير والهدى وان يجعلهم من بالصلاح للناس اجمعين. كما اسأله جل وعلا ان يوفق ولاة هذه البلاد لكل خير وان يبارك فيهم وان يجزيهم خير الجزاء على ما هيأوا لنا من امور عظيمة تمكنا بها منه عبودية الله تعالى في هذه المواطن الشريفة. هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين انه