بينما في الجائر قال ومنها يعني من هذه الطرق ما هو جائر اي يميل بصاحبه عن الحق وفي هذه الايات امتنان الله تعالى بانزال الامطار من السماء. مما يدل على الحمد لله رب العالمين نحمده جل وعلا ونشكره ونثني عليه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له اما بعد واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين اما بعد سورة النحل سورة عظيمة. ذكر الله جل وعلا فيها النعم التي انعم بها على العباد ولذا سمى طائفة من اهل العلم هذه السورة بسورة النعم وفي اوائلها ذكر الله جل وعلا اصول النعم واساسياتها وفي اثنائها ذكر متمماتها وقد ابتدأ الله جل وعلا هذه السورة باستهلال بديع فقال اتى امر الله فلا تستعجلوه وبينا فيما سبق ان الاظهر ان المراد بامر الله الذي اتى شرعه ودينه فالامر هنا هو الامر الشرعي وقوله فلا تستعجلوا اي لا تستعجلوا النتائج المترتبة على هذا الامر سواء بانزال العقوبة لمن لم يستجب له او جعل النصر والتأييد لمن تجبا له وهذه السورة عندما اوردت نعم الله ارادت ان يستدل بذلك على الله جل وعلا لتصرف العبادة له وحده ولا يصرف شيء من العبادات لغير الله سبحانه وتعالى. ولذا تكررت الايات الحاثة على التوحيد والمانعة والمانعة من الشرك كما في قوله في الاية الاولى سبحانه وتعالى عم ما يشركون وكما في قوله في بيان اساسي بعثة الانبياء ان انذر انه لا اله الا انا. فاتقونا ذكر الله جل وعلا شيئا من الايات العظيمة والمخلوقات الكبيرة التي وجدت في هذا الكون فمن تلك المخلوقات السماوات التي شملت هذا الكون بكواكبه وبمجراته وبما فيه من عوالم ظاهرة وخفية ثم ذكر الله جل وعلا خلق الانسان وابتداء هذا الخلق من النطفة اليسيرة قليلة ثم بعد ذلك اصبح خصيما اما انه يخاصم الله فيما يقرره او انه اصبح لديه قدرة يخاصم العباد. والثاني اظهر في هذا الموطن من سورة بالنحل. هذه الايات التي في اوائل هذه السورة وقرأناها في ما مضى فيها فوائد واحكام وحكم كثيرة. فمن ذلك تنزيه الله جل وعلا عن ان تظن به الظنون الفاسدة. او تصرف العبادة غيره جل وعلا. وفي هذه الايات ان حياة الناس الحقيقية هي بالارتباط بالوحي وبما ينزله الله جل وعلا بمثابة الروح للبدن. فبدن بلا روح لا حياة فيه. وهكذا حياة انسانية بلا وحي من عند الله جل وعلا بمثابة حياة لا روح فيها. وفي هذه الايات ان الله يمتن على من يشاء من عباده بعلوم الوحي وعلوم الشرع فهذه منة من الله تعالى لا يصح لاحد من العباد ان يعترض على الله بانه قد جعلها لاحد من العباد وانما امر ذلك الى الله تعالى. فهو الذي يصطفي من الملائكة ومن الناس وهو الذي يجعل هذه الرسالة لبعض عباده دون بعضا وفي هذه الايات ان مهمة الانبياء والدعاة ومن يسير على طريقتهم الدعوة وان المقدم في ذلك هو دعوة التوحيد. فدعوة التوحيد بافراد الله بالعبادة هي الدعوة المقدمة التي تقدم على ما سواها. ولا يمكن ان يصلح خلق ولا حكم ولا عبادة الا اذا تقدم التوحيد عليها بان يفرد الله سبحانه وتعالى خلقه وبالعبادة له. بحيث لا تصرف العبادات لاحد سواها. وفي الايات وجوب تقوى الله جل وعلا. بحيث يكون في القلب مخافة من الله رجاء له ومن ثم يحذر الانسان من العقوبات التي تنزل من الله تعالى متى ترك التوحيد؟ وفي هذه الايات بشارة لاهل التوحيد ان الله يكون معه هم فانه لما قال فاتقون معناه ان من تمسك بكلمة التوحيد في قوله ان انه لا اله الا الله كان عنده من التقوى ما يحصنه من ان يكون من ان يكون ممن تستأصلهم العقوبات. وفي هذه الايات عظم خلق الله جل وعلا وان الكون انما خلق لحكم وانما خلق بالحق ولم يخبث ولم يخلق عبثا ولن يكون امره سدى وفي هذه الايات تذكير الانسان باصل خلقته. من اجل الا يتكبر ولا يتجبر. ومن اجل الا يعتدي على حقوق الخلق فيتذكر بتقلب احواله قدرة الله جل وعلا عليه الذي قلبه هذه الاحوال. فقد كان نطفة يسيرة تمتهن ثم ثم تحول من حال الى حال حتى وصل الى ما وصل اليه يستطيع المغالبة اه المخاصمة وهذه منة من الله على العبد حيث امكنه من ذلك وفي هذه الايات امتنان الله على العباد بخلق بهيمة الانعام. مما يدل على ان الاصل جواز انتفاعي بها باي نوع من انواع الانتفاع وفي هذه الايات طهارة ان الاصل طهارة جلد بهيمة الانعام وذلك متى كانت قد ذبحت وزكيت وفي لانه قال لكم فيها دفء اي تستعملون جلودها في صنع بسلة تقيكم من البرد وصنع المساكن التي تقيكم من البرد الشعر ونحوها. فلما امتن الله بها دل ذلك على اباحتها. ودل ذلك على طهارتها وفي هذه الايات ان جواز اكل لحوم بهيمة الانعام وقد كان هناك بحث بين اهل العلم في الاصل في اللحوم هل هو الحل او المنع والحظر. فرأى طائفة ان الاصل المنع وقالوا بانه يدل على ذلك انه اذا تردد شيء بين الحل والحرمة واجتمع فيه الجانبان غلب جانب الحرمة وهذا القول قول مرجوح. والصواب ان الاصل في اللحوم والحيوانات هو الحل ويدل على ذلك ان الله تعالى قال حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما اهل لغير الله به الاية. فدل هذا على ان المحرم هو المحصور المذكور وان ما عداه هو المباح الحلال. ويدل عليه قوله تعالى وقد فصل لكم ما حرم عليكم الا ما اضطررتم اليه. فالمحرم هو المبين المفصل. وما عداه يكون على الحل والجواز. وذلك ان الاشياء بالنسبة للتحليل والتحريم على اربعة انواع. نوع ورد فيه دليل اباحة تن فقط فنقول باباحته ونوع ورد فيه دليل تحريم. فنقول بتحريمه ونوع ورد فيه الدليلان واجتمع فيه السببان سبب التحريم وسبب الاباحة فهذا نغلب فيه جانب التحريم والرابع ما لم يرد فيه دليل اباحة ولا دليل تحريم. فهذا نعمل فيه بقواعد الاصل ومن الاصل في اللحوم ان يقال الاصل فيها الحل والجواز ويدل على ذلك ما ورد في الصحيح من حديث عائشة رضي الله عنها انها قالت يا رسول الله ان الاعراب يأتوننا باللحمان لا ندري هل ذكروا اسم الله عليه ام فقال النبي صلى الله عليه وسلم اذكروا الله اذكروا اسم الله انتم وكلوا. فلو كان انا الاصل هو الحظر لمنعهم من الاكل. فدل هذا على ان الاصل في اللحوم هو الحل والجواز. ويدل عليها هذه الاية. فانه لما قال والانعام خلقها قال ومنها تأكلون. مما يدل على ان الاصل فيها هو الحل وعزاب وفي هذه الاية جواز التجمل ببهيمة الانعام و فيها ايضا جواز جواز الركوب عليها والتنقل ويراد بذلك التنقل على الابل والجمال. ولذا قال وتحمل اثقالكم الى بلد لم تكونوا بالغيه الا بشق الانفس وفي هذه الاية جواز الاسفار. وان الاصل في السفر هو الحل والجواز. لان الله تعالى قد امتن على العباد بان سخر لهم المركوبات التي تنقلهم في اسفارهم فدل هذا على ان الاصل في السفر هو الحل والجواز وهنا نعلم ان الاسفار ثلاثة انواع. سفر او اربعة انواع سفر طاعة فلا اشكال في مشروعيته جواز الاقدام عليه بل يثاب العبد عليه كالسفر باداء النسك والنوع الثاني من انواع الاسفار السفر المباح الذي يسافر فيه الانسان من اجل امر مباح من امثلة سفر النزهة فهذا الاصل في الحل والجواز. والثالث سفر يعصى الله فيه. فهذا السفر مباح ان المعصية محرمة وهذه الانواع الثلاثة يجوز الترخص فيها برخص الاسفار الاتفاق. والنوع الرابع السفر من اجل المعصية. سافر ليعصي الله. الثالث سافر فعصى الله في سفره. والرابع انما سافر من اجل ان يعصي الله. فجمهور واهل العلم قالوا بان من كان كذلك لم يجز له ان يترخص برخص السفر هذا مذهب مالك والشافعي واحمد. وذهب الامام ابو حنيفة الى انه يحق له ان خاصة برخص السفر لعموم ادلة رخصة السفر وفي هذا وفي هذه الاية جواز عمل ما يشق على النفس ويتعبها مما لا تخرج عن طاقتها. اذا لم يكن فيه معصية. لقوله لم تكونوا بالديه لا بشق الانفس وفي هذا هذا وفي هذه الاية تقسيم البلدان وان البلاد قد تتقسم وفي هذه الايات رأفة الله بالعباد ورحمته بهم حيث يسر لهم ما يحتاجون اليه من طعام ومن مراكب وخلق الكون لينتفعوا بما فيهم ايه من انواع النعم. وفي هذه الايات جواز ركوب الخيل والبغال والحمير بحيث يتنقل الانسان عليها. ولا حرج فيها اذا لم يكن ذلك مشقا بها وفي هذه الايات ايضا جواز التزين بهذه بهذه البهائم وقد استدل الحنفية بهذه الاية على تحريم اكل لحوم الخيل ووجه الاستدلال من جهتين. الجهة الاولى قالوا بانه قد عطف الخيل على البغال والحميد والبغال والحمير لا يجوز اكلها. فتكون الخيل كذلك وهذا الاستدلال يقال له دلالة الاقتران بان يقرن بين شيئين فاكثر في حكم. فنستدل ذلك على تساويهما في بقية الاحكام. ودلالة الاقتران دلالة ضعيفة وبالتالي لا يصح التعويل عليها. ومن ثم لم يجز الاستدلال بذلك النوع من انواع الدلالات. والوجه الثاني انه قال لتركبوها وزينة مما يعني انحصار الانتفاع بها في هذين الامرين. وهذا الاستدلال ايضا في في نظر لانه لما كان افضل انواع الاستمتاع بها ذلك اقتصر على ذكره ولا يعني نفي ما سواه. فليس في الاية اداة من ادوات الحصر بحيث نحصر هذه الحيوانات في الركوب ولذا قال جمهور اهل العلم بجواز اكل لحوم الخيل. فهذا هو مذهب مالك الشافعي واحمد واستدلوا على ذلك بما ورد في حديث اسماء بنت ابي بكر رضي الله عنها قالت نحرنا فرسا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فدل هذا على جواز اكل لحوم الخيل. قالوا ولم تذكر الخيل مع الانعام لان لان المنفعة العظمى في الخيل هي بركوبها وليس باكلها ولان العادة الغالبة في الناس ان يكتفوا ببهيمة الانعام في الاكل عن الخير الي ونحوها ثم قال تعالى وعلى الله قصد السبيل. السبيل الطريق الذي يسلك يعني ان الله تعالى قد تكفل للعباد بان يوجد لهم طرق الهداية التي اذا سلكوها سلكوا اقصر الطرق مما يوصل الى الخير والنعيم ويوصل الى جنان الخلد. فانه لما ذكر الطرق الحسية تية في قوله وتحملوا اثقالكم الى بلد لم تكونوا بالغيه الا بشق الانفس. وقوله تركبوها ذكر بعد ذلك الطرق المعنوية التي يحصل بها الهداية كأنه اشار بالطرق الحسية على الطرق المعنوية. واشار بالهداية في الاسفار الى الهداية في طرق الحق والوصول الى جنان الخلدي فهذا معنى بديع قد اشتملت عليه هذه الايات. حيث نبه على حاجة العباد لاهتداء في الطرق الحسية على حاجتهم الشديدة الى الاهتداء في في امر العبودية. ولذا قال ومنها جائر. اي هناك طرق اخرى تميل انساني عن طرق الحق والهدى وتكون سببا من اسباب ابتعاده عن الهدى. ولذا قال ولو شاء اي لو قدر الله واراد سبحانه لهداكم. اي وفقكم الى ان تسلكوا الصراط المستقيم اجمعين ولكن لله جل وعلا حكم فانه قد اراد ان يتمايز الناس واراد سبحانه وتعالى ان يزداد احسان المحسنين بوجود المسيئين كيف عندما يكون من المحسنين نصيحة ودعوة وارشاد للخلق تزداد درجاتهم واحسانهم. وعندما يكون هناك شيء من الاذى لاهل الحق من غيرهم يزداد اجرهم وثوابهم بصبرهم واحتسابهم. وعندما يكون هناك مجاهدة في الحق قاف يكون هناك رفعة لدرجة اهل الايمان. بل عندما تحصل الشهادة يصل الانسان الى درجة ومرتبة عالية. فكم لله من حكمة في وجود من يخالف طريق حقي بل ان في مخالفة طريق الحق اشهار لذلك الحق فانه عندما يوجد من يضاد الحق ويقف في وجهه تتحرك النفوس لمعرفة ما الذي عند اهل الحق ولم وقف اهل الباطل في وجهه؟ فيكون هذا من اسباب انتشار الحق فكم لله من حكمة في كل ما يقدره في هذا الكون وفي هذا دلالة على ان الحق في احد الاقوال. وان ما عداه فليس بشرع لله فانه قال قصد السبيل وقصد السبيل واحد لا طهارتها وجواز شربها والانتفاع بها. فمياه الامطار طاهرة مباحة لذا امتن الله عز وجل بها فقال لكم منه شراب. اي يجوز لكم ان تشربوا من مياه الامطار فيه امتنان من الله للعباد بذلك. وفيه اشارة الى ان مياه الامطار حلوة يتمكن الانسان من شربها. وليست من امثال مياه البحار وفيها ان الاصل فيما يخرج من الاشجار والزروع هو الحل والجواز وقوله ومنه يعني ينبت من مياه الامطار شجر نبه بالشجر على الزرع. فانه اذا خرج منها الشجر الكبار فمن باب اولى ان يخرج منها الزرع الذي هو دون الاشجار. وفي هذه الايات جواز الرعي وان الاصل فيه الحل بقوله فيه تسيمون اي ترعون انعاما في هذا ويستثنى من هذا ما كان في املاك الغير وقوله ينبت لكم به الزرع. اي ان الله يمتن على العباد ان هذا المطر يكون سببا من اسباب نبات عدد من النباتات. منها الزروع من امثال البر والشعير والذرة. فهذه نقول بان الاصل فيها هو الحل والجواز لان الله قد امتن بها. وهكذا مما ينبت الله لنا من الامطار بقية الاشجار كالزيتونة والنخيل التي يخرج منها التمر والاعناب ومن كل الثمرات اي من باقي الثمار التي يكون لها اشجار وقد ذكر الله جل وعلا هنا اشهر ما تعرفه العرب من انواع الاشجار من ما يجنون منه الثمار ويستفيدون منه في مآكلهم وفي تجاراتهم وفي هذه الايات ان الاصل في النباتات هو الحل والجواز. ولذا امتن الله ينبت من كل الثمرات وقوله ان في ذلك اي في خروج هذه النباتات والاشجار من الارض بعد نزول الامطار علامات ظاهرة ودلائل قوية لقوم يستمرون في التفكير والتأمل والتبصر في حقائق الاشياء وقوله وسخر لكم الليل والنهار. اي هياها مسخرة لكم من اجل ان تنتفعوا وبها فالليل ينتفع الناس فيه بي السكون والنوم لترتاح ابدانهم سخره لهم ليذكروا الله في ليلهم فيقوموا مناجاة الله جل وعلا على والتضرع بين يديه سبحانه وتعالى. وسخر الله تعالى لنا النهار لتكون معايشنا فيه ففي هذا دلالة على ان الاصل في المهن هو الحل والجواز. لانه لما سخر النهار للناس لمعايشهم دل ذلك على ان الاصل في هذه المهن هو حل الدخول فيها واخذ الاجرة عليها وفي هذه الايات ايضا جواز الانتفاع بالشمس بظوئها. وقد هيأ الله في وقتنا الحاضر انواعا من الانتفاعات بعضها عرفه من سبق وبعضها لم يعرف فمن ذلك تغذية البدن فان عددا من حوائج البدن من انواع المكونات البدنية لا يحركها الا الشمس. ولذا فان بعض الفيتامينات انما يستفيد البدن منها متى عرض هذا البدن للشمس ثم هذه الشمس يتمكن الناس من الاستدفاء بها. ويتمكن الناس من الاستفادة من وايهاء وبحيث تنير لهم طريقهم. وهكذا في زمننا الحاضر تمكنوا من جعل اشعة الشمس طاقة يستفيدون منها في شيء من حوائجهم القائمة على الطاقة وهكذا قدر الله جل وعلا القمر وسخره للناس لينتفعوا به. فمن اوجه الانتفاع معرفة الايام والشهور الاصل فيما يتعلق الاشهر ان يكون مبنيا على معرفة سير القمر وبالتالي فان هذا القمر له فوائد منها معرفة الحساب والسنين. ومنها ان ينير الطريق الناس في ليلهم خصوصا في لواء ليالي البدري ومنها ان يعرفوا الطرقات والجهات فان الشمس والقمر يخرجان من من جهة المشرق ويغربان في جهة المغرب فبواسطتهما يعرف الناس الجهات فيستدلوا بذلك على طرقاتهم وقوله والنجوم مسخرات يعني ان النجوم قد جعلها الله جل وعلا مسخرة تسير بامر الله لا تعصي لله امرا وقال هناك وسخر لكم لانها تتمحض التسخير فيها للعباد بحيث يفهمون ذلك وقال في النجوم والنجوم مسخرات بامره اي بامر اله الكوني وفي هذا دلالة على جواز الانتفاع بالنجوم فيما يصلح ان يكون الانتفاع بها فيه ومن ذلك الاستدلال بها على الطرقات والجهات ومن ذلك ايضا الاستدلال بها على معرفة مواسم السنة شتاء وصيفا وبالتالي يعرف الناس زمن النباتات والثمار ونحو ذلك ولذا انحصر انحصرت الاستفادة من النجوم في ذلك اما ما يفعله اهل الجاهلية من اعتقاد ان النجوم وسيرها يؤثران على الحوادث الارظية فهذا اعتقاد فاسد اذ لا يجوز لنا ان نثبت ان شيئا يؤثر في غيره الا بدليل شرعي او بدليل حسي اما ما لم يرد دليل على اثبات التأثير فيه فانه لا يصح لنا ان بانه مؤثر في ذلك وقال ان في ذلك اي في تسخير هذه المكونات العظيمة لايات اي لقوم يعقلون ان يكون منهم تبصر في حقائق الاشياء وادراك عواقبها فالذي يفكر في الامور كيف تؤول فانه يقال عنه بانه قد قال الامر وانظروا كيف جعل هذه الاشياء ايات لقوم يعني لاناس الصين وجد فيهم التفكر او وجد فيهم العقل او وجد فيهم التذكر. اما من لم يكن من شأنه ان يتصف بهذه الصفات الثلاث فانه لن يستفيد من هذه ايات ولم يقل لايات لمن له عقل وانما قال لقوم يعقلون اي يستخدمون عقولهم واستعمل الفعل المضارع للدلالة على الاستمرار في التعقل تفكر فمن كان يستمر فيهما فهو الذي سيستفيد من هذه الآيات ثم امتن الله جل وعلا ما خلقه في الارض وذراه وابقاه فيها مما يدل على ان الاصل جواز الانتفاع بما في الارض سواء كان من صخورها او من جبالها او من سهولها او من اوديتها او غير ذلك وقد استدل به بعض اهل العلم على مسألة احياء الموات الواردة في قول النبي صلى الله الله عليه وسلم من احيا ارضا مواتا فهي له وقوله مختلفا الوانه. اي ان ما في هذه الارض على الوان متعددة. سواء كان من جنس في الارض كما في الجبال. فهذه جبال الحمر وتلك جبال سود. وهذه جبال بير او من غيرها فانتم تشاهدون ما في الكون من انواع المخلوقات التي لها الوان نون متعددة متغيرة فهذه الالوان تدل على قدرة رب العزة والجلال قال وانه سبحانه قادر على خلق هذه الاشياء وجعلها على الوان مختلفة. وقد قال الله تعالى المتر ان الله انزل من السماء ماء فاخرجنا به ثمرات مختلفة الوانها ومن الجبال جدد بير وحمر مختلف الوانها وغرابيب سود ومن الناس والدواب والانعام مختلف الوانه كذلك. فهذه عظيمة تدل على قدرة الله جل وعلا. ولذا عقب الله هذا بقوله انما يخشى الله من عباده العلماء ان الله عزيز غفورا قوله وهو الذي سخر البحر اي ان الله جل وعلا خلق هذه البحار العظيمة وهيأها وجعلها قابلة لان تنفع الناس مع ان البحار محل الغرق والهلاك. والبحار قد يكون منها هيجان واوقات الرياح ولكن الاصل انها مذللة مسخرة للانسان بفظل الله. ولذا قال وهو الذي وقدم ضمير الفصل وهو للدلالة على الحصر والاختصاص. فالله وحده هو الذي سخر هذا البحر ولا يوجد احد يمكن ان يقول بانها تسخير البحار من عندي وهو الذي سخر البحر اي جعله قائما بمنافع الناس بدون اختيار منه بل بامر لازم من عند الله عز وجل والبحر المياه التي الواسعة التي تكون على وجه الارض اسم البحر في لغة العرب يشمل البحار المالحة والبحار الحلوة التي يسميها الناس البحيرات فكلها في لغة العرب تسمى بحرا. وكلا منها قد سخره الله جل وعلا للناس وتسخير البحر فيه عدد من المعاني. فاول ذلك لتأكلوا منه بتاكلوا منه لحما طريا. يعني ليكن من مآكلكم ما يستخرج من هذا البحر ومن ما يخرج من البحر الاسماك والحوت وسائر الحيوانات التي في البحر مما فيه لحم. ولذا استدل بالاية على ان الاصل في ما يكون من البحر الحل والجواز ولكن في هذا شرط الا وهو ان يكون مما لا يعيش الا في الماء واما ما يعيش في الماء ويعيش في غيره فهذا لا يكون من الحيوانات التي بحل ميتتها. ومن امثلة هذا الظفادع والتماسيح فهذه وان عاشت في الماء الا انها تعيش في البر ومن ثم لم تحل ميتتها وقوله هنا لحما طريا. اي طازجا آآ ليس فيه فساد او تأثير بي الى امراض على الابدان وفي هذه الايات جواز استخراج الحلية من البحار كاللؤلؤ والمرجان. وانه لا حرج في ذلك فيه دلالة على جواز لبسها والانتفاع بها وان الاصل طهارتها وفيه ايضا جواز لبس الحلي وقد جاء في الحديث ان النهي عن لبس الرجال بعض انواع الحلي فيبقى ما عداه على الاصل وفي هذا وفي هذه الايات جواز صنع السفن والركوب عليها. فان الله قد امتن على العباد بان سخر لهم البحر من اجل ان ان تركبه السفن ولا شك ان هذه اية عظيمة وبرهان كبير فالبحر يغرق فيه من؟ وقع عليه. ومع ذلك هذه السفن لا فيه والسفن تعليم من الله للعباد فاول من صنع السفن هو نوح عليه السلام ان اصنع الفلك باعيننا ووحينا ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه. لانهم يقولون لا حاجة لهذه السفن تكفينا الارض التي نحن فيها ولا حاجة بنا الى مغادرة هذه الارض. ولم يكن في خلدهم ان السفينة ستتمكن من الجريان على المياه مياه البحار ونحوها. اذ لم يكن هذا معهودا عندهم فعلم الله البشر صنع السفن بعد نوح عليه السلام وهكذا كل ما يكون في الكون من الايات والعلامات والمخترعات والمكتشفات فات انما هو تعليم من الله للناس عرفوا شيئا من خصائص الكون فاستفادوا منه في تطويعه لينتفع الناس به ولذا قيل في قوله ويخلق ما لا يعمى لا تعلمون انه يشمل المركوبات التي استجدت بعد ذلك كالطائرات القطارات والسيارات وغيرها فان قال قائل لم لم تذكر في القرآن؟ حتى تكون علامة واضحة. قيل لثلاثة امور اولها ان هذه الالفاظ لم تكن معهودة عندهم. لتستعمل في هذه المركوبات الجديدة وبالتالي فلو وردت عليهم لم يفهموها ولن ينزلوها على محلها الذي اريد منها ثم ثانيا هذه الكلمات انما اصطلح بها على هذه المخترعات وبالتالي فمن الاولى ان نوجد وصفا يعمها ليكون هذا من اسباب كوني الالفاظ الجديدة مستغرقة لهذه المخترعات يعني لو ورد اسم السيارة والطائرة لا قيل بان الناس انما اخذوا هذه الكلمات مطابقة ومصادفة ولم يأخذوها او لم يدل القرآن عليها والمعنى الثالث ان هناك مخترعات جديدة لم يصل اليها الناس بعد فاراد لو خصها بما يحدث في زماننا لكان ذلك تركا لما سيحدث فيه الازمان الاتية فما ابلغ هذا اللفظ وقوله وترى الفلك مواخر فيه اي انها تخرق هذه البحار تسير على سطح هذا البحر مواخر فيه اي تزمجر فوق هذه البحار بحيث لا تغرق تبقى وتتأخر على سطح البحر ثم قال ولتبتغوا من فضله. اي ان هذا البحر فيه امور تتمكنون من ان تكسبوا منها خيرات دنيوية ولذا اتى بهذا اللفظ العام ليشمل ما لا يتناهى من الصور ولتبتغوا من فضله. اي تطلب احسان الله وفضله فانما اعطاه للعباد فظل محظ منه سبحانه وتعالى فان العباد مهما بلغ عملهم وعبادتهم فانهم لن يصلوا الى شكر نعم الله جل وعلا. ولذا قال ولعل لكم تشكرون. اي لعل تسخير هذه الكائنات والمخلوقات من اسباب شكركم لله جل وعلا بحيث تعترف قلوبكم بانها من عند الله. وتتحدث السنتكم بذلك. وتقومون باستعمالها في في مرض الله جل وعلا. ولذا قال ولعلكم تشكرون والشكر هنا قد جاء بصيغة الفعل المظارع مما يدل على استمراره الحث على ان يكون العبد شاكرا في جميع الاحوال وقد استدل بذلك على ان على الترغيب عند على الترغيب بالشكر عند حلول النعم كما استدل طائفة بهذه الاية على ان شأن العقلاء ان يشكروا الله حتى في حال المصائب فان المصائب التي تقدر للعباد لها منافع ومصالح تعود اليهم. ومن ثم احمدوا الله على كل ما قدره. ويشكر جل وعلا على ذلك كله بارك الله فيكم وفقكم الله لكل خير وجعلني الله واياكم من الهداة المهتدين كما نسأله سبحانه ان يعيننا على شكره وذكره. اللهم اجعلنا ممن استعمل نعمك في مراضيك اللهم اجعلنا ممن اعترف بقلبه ان جميع النعم منك. اللهم يا حي يا قيوم نسألك ان تغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في امرنا. اللهم وفقنا لما تحب وترضى واجعل اعمالنا على البر والتقوى. اللهم وفق ولاة لكل خير واجعله من اسباب الهدى والتقى والصلاة برحمتك يا ارحم الراحمين هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين