الحمد لله رب العالمين الحمد لله رب العالمين نحمده ونشكره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم ما تسريما كثيرا. اما بعد ففي لقاء جديد من لقاءاتنا في تفسير سورة ان نحل نستعرض فيه موقف اهل الايمان والتقوى. في ذلك اليوم العظيم بعد ان كرنا موقف المكذبين وماذا يكون منهم وماذا يأتيهم من عقوبات الله جل وعلا في ذلك اليوم العظيم. ولعلنا والخطاب في هذه الايات موجه اصالتني الى اهل مكة من المشركين. اولئك الذين اعرضوا ولم يستجيبوا بهذه الدعوة الكريمة ليبين لهم ثواب من اجاب وعقاب من اعرض وفي هذه الايات بيان مكانة اهل التقوى وعاقبتهم وما يكون لهم من العواقب الحميدة في الدنيا والاخرة. فلعلنا نستمع لشيء من هذه بارك الله فيكم اعوذ بالله من الشيطان الرجيم وقيل للذين اتقوا ما انزل ربكم قالوا خيرا للذين احسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الاخرة خير ولنعمة دار المتقين جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الانهار لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزي الله المتقين الذين تتوفاهم الملائكة طيبين. طيبين يقولون سلام عليكم سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم بما كنتم تعملون هل ينظرون الا ان تأتيهم الملائكة تأتيهم الملائكة او يأتي امر ربك كذلك فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا انفسهم كانوا انفسهم يظلمون فاصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون وقال الذين اشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء من شيء نحن ولا اباؤنا ولا حرمنا ولا حرمنا من دونه من شيء. كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل الا البلاغ المبين ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة كيف كان عاقبة المكذبين ان تحرص على هداهم فان الله لا يهدي فان الله لا يهدي من يضل وما لهم من ناصرين بارك الله فيك. لما عرض الله جل وعلا موقف المكذبين وانهم كانوا اذا قيل لهم ماذا انزل ربكم قالوا اساطير الاولين عرض عرض مقالة من يقابلونهم فقيل للذين اتقوا اي خافوا من سوء العاقبة وحذروا من ان تنزل بهم عقوبة الله فاتقوا الله واتقوا عقابه لما سئلوا ماذا انزل ربكم؟ اي ما هذا قرآن الذي جاء به هذا النبي وما هذه الايات التي تليت عليكم؟ قالوا هذا فانه سيعود بالخير على اصحابه. فيسعدون به في الدنيا والاخرة. ولذا فقال خيرا للذين احسنوا في هذه الدنيا حسنة. اي ان الله يوالي على المحسنين من هم الذين احسنوا؟ من جمعوا بين شيئين اولهما احسان في عبادة الله. فعبدوا الله مستشعرين ان الله يراقبهم كما فسر النبي صلى الله عليه وسلم الاحسان بقوله ان تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك واما النوع الثاني من انواع الاحسان فالاحسان الى عباد الله فاحسنوا لهم بما يعود عليهم بالنفع سواء في دينهم بان دعوهم الى الله ورغبوهم بما فيه نجاتهم وفوزهم هم دنيا واخرة وهكذا احسنوا الى عباد الله في امورهم الدنيوية. فمن احسن احسن الله له في الدنيا وفي الاخرة. ولذا قال خيرا اي هذا الذي نزل انما هو خير للخلق فهو يحثهم على ما يعود عليهم بالنفع دنيا واخرة. فقد في كتاب الله وفي شرع الله بان للذين احسنوا الحسنى اي العاقبة الحميدة في الدنيا والاخرة. للذين احسنوا في هذه الدنيا حسنة في هذه الدنيا هل تعود الى احسن او تعود الى حسنة الجواب انها تعود الى الامرين معا. فهم احسن في الدنيا للذين احسنوا في هذه الدنيا سيعطيهم الله حسنة وهي كذلك للجملة الاخرى. للذين احسنوا سيكون لهم في هذه الدنيا حسنة واتى بها منكرة لانها شيء قليل يسير بالنسبة لي النعيم والثواب الذي يكون لهم في الاخرة. ولذا قال ولدار الاخرة خير خير هنا هل هي اسم تفضيل بمعنى افظل احسن خيرا وافضل فيه او انها على وجهها انها خير يعني شيء مستحسن طيب جمهور اهل العلم قالوا بانها صيغة تفضيل. دار الاخرة افضل واحسن من الدنيا. والجزاء فيها الذي يناله المحسنون اعظم بكثير من الثواب الذي حصلوا عليه في في الدنيا ولنعم دار المتقين. تلك الدار الاخرة ينعم فيها اهل التقوى بانواع النعم من الحسنة من ما يكون من حسنة في الدنيا ما يكون في النفوس. من صفائها وطيبتها وابتعاد الهموم والغموم عنها ورضاها بقضاء الله وقدره. ومن ثم لا تعرف اظن نفوسي اليها سبيلا. فالاكتئاب ولا هم ولا قلق لانه قد سلم امره ولله ومن الحسنى التي ينالها اهل التقوى في الدنيا ما يتعلق باسرهم ومجتمعاتهم تهم فيتالفون ويجتمعون ويكون ذلك من اسباب تعاونهم على ما فيه صلاحهم وسعادتهم واستقامة امورهم وهكذا يحسن الله اليهم فيما يتعلق بامورهم الدنيوية. فيوالي عليهم الخيرات ويكفيهم امر دنياهم كما قال تعالى من يتق الله ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه هذا الوعد الذي وعد به اهل الاحسان بالحسنة في الدنيا وعد من الله الصادق القادر المحسن الكريم الذي لا يتخلف وعده ابدا ثم قال ولنعم دار المتقين لماذا كانت دارا لهم؟ لانهم يستقرون فيها ابدا. بخلاف الدنيا فانهم فيها على وجل يخرجون منها سريعا. ولذلك كانت الدار هي الاخرة واما الدنيا فهي زائلة وبالتالي فكأنها عارية ومحل ايجار ليست محل سكنى واستقرارا ولذا قال في دار المتقين جنات عدن جنات اي فيها من والثمار ما يغطي بعضها بعضا. ويدخلونها اي انهم يبقون فيها ولا يخرجون منها ثم وصف حالهم فقال تجري من تحتهم الانهار. ليس بجوارهم وانما من تحتهم ومقاييس الاخرة لا تماثل مقاييس الدنيا لهم فيها اي سيكون المتقين فيها اي في تلك الجنان ما يشاؤون اي ما يختارون من انواع النعم ولا تظنن ان قوله ما يشاؤون تقتصر على المآكل والمشارب. بل هي عامة في كل ما يريدونه بلا استثناء ثم قال كذلك اي هذه طريقتنا. وهذه عادتنا مع المتقين نجزيهم الجزاء الاوفى فاننا نقابل اعمالهم الحسنة بمضاعفته عشرات المرات الى ما لا يتناهى ومقابلة اساءتهم بالتجاوز والعفو والصبر. فضلا من الله تعالى ثم قال تعالى الذين تتوفاهم اي هؤلاء المتقون الذين تكون لهم ام الحسنة في الدنيا تتوفاهم الملائكة اي تقبض الملائكة ارواحهم طيبين اما ان يراد بها انهم طاهرون فطهرت قلوبهم من امراضها وطهرت ابدانهم من نجاستها وطهرت اعمالهم من الشرك واما ان يكون المراد انهم حال الوفاة لا يعذبون كما يعذب ولونا فتسل ارواحهم من اجسادهم بسهولة ولين. ولذا قال يقولون اي ان الملائكة يقابلون هؤلاء المتقين بالكلام الطيب المستمر لانه استعمل الفعل المضارع يقولون سلام عليكم. اي ستسلمون من كل سوء ولن يأتيكم بعد اليوم شيء يكدركم او يزعجكم او قولي كوكو سلام عليكم اي لكم السلامة الدائمة من نار جهنم ومن انواع المكدرات ادخلوا الجنة اي يؤذن لهم بدخول الجنة بما كنتم تعملون. اي بسبب اعمالكم التي عملتموها في الدنيا وهذه الاعمال منها اعمال القلوب كاليك ومنها اعمال القلوب كاليقين والتوكل والخوف ومنها اعمال الجوارح من مثل الصلاة والحج وغيرها من الاعمال الصالحة والباء هنا للسبب. والا فان ما يفعله الناس من العبادات لا يوازي نعمة واحدة مما ينعم الله بها على العباد في الدنيا ولذا فان دخولهم للجنة فظل من الله واحسان منه سبحانه كل فضل الله اسباب تعود الى العباد ثم وجه الله تعالى الخطاب للناس بالحذر من عقوبة الله في الدنيا فقال جل وعلا هل ينظرون اي ان هؤلاء المكذبين الا يتفكرون ويتأملون ويكون من شأنهم النظر في احوالهم. وبالتالي يحذرون من ان تنزل بهم العقوبة من عند الله جل وعلا فهل ينظرون الا ان يرسل الله الملائكة عليهم بالعقوبة الشديدة او يأتيهم امر من الله بالعقوبة حتى ولو لم تأتي به الملائكة الم تعذب امة من الامم بالصيحة وامة اخرى بالرجفة جاءتهم فقضت عليهم ونحن نشاهد عقوبات الله ترد على بني ادم ما بين وقت واخر. يجعل الله بأس بعضهم يهلك بعضهم الاخر. ويجعل الله جل وعلا في الخلق ضعيف اليسير هلاك الامم الكثيرة وحينئذ اين العقول المتأملة؟ الا ينظرنا الى هذه المقادير العظيمة التي يكدرها الله تعالى هل ينظرون الا ان تأتيهم الملائكة او يأتي امر ربك ولاحظ هنا يأتي امر ربك يراد به العقوبة الناتجة عن ترك امتثال الامر الشرعي ولذلك قال طائفة بان قوله في اول السورة اتى امر الله ان المراد به العقوبة التي سيرسلها الله اليهم وان كان الاظهر كما تقدم ان المراد هناك اتى امر الله الشرعي فكأنه يقول بان امر الله الشرعي يرتبط بامره الكوني ولذلك ليكن من شأنكم ان تحذروا من مخالفة الامر الشرعي لان لا يأتيكم الامر الكوني فيكون هلاككم في ذلك ثم ذكرهم باحوال من سبقهم. فقال كذلك فعل اي بمثل طريقتكم في عدم استجابة لامر الله سار من قبلكم من الامم الذين تشاهدون ديارهم وقد وصلت اليكم اخبار عقوباتهم كذلك فعل الذين من قبلهم اعرضوا عن امر الله الكوني امر الله الشرعي اي فجاءهم امر الله الكوني بالعقوبة وهذا في الدنيا ليكون عظة وعبرة وليذكرهم بان العقوبة الشديدة الاعظم هي عقوبة الاخرة قال تعالى وما ظلمهم الله اي لم ينزل بهم عقوبة ولا مصيبة وليس عندهم سبب لها. بل الله عادل. لا ينزل باحد شيئا من المصائب الا وعند العبد ما يكون سببا لذلك. ولذلك قال الله جل وعلا وما اصابكم من فبما كسبت ايديكم ولذا قال وكانوا ولكن للاستدراك تصحيح كانوا انفسهم يظلمون وانظر كيف قدم انفسهم لتفيد الاختصاص بمعنى ان هذه العقوبة التي نزلت بهم كانت بسبب ظلمهم لي انفسهم ولم يقع عليهم ظلم من الله ولا من الملائكة ولا من احد من العباد وانما ظلمهم على انفسهم ماذا كانت العاقبة فاصابهم اي نزلت بهم العقوبات التي تسوءهم فاصابهم سيئات ما عملوا. فلما عملوا الاساءة جازاهم الله عقوبات التي تسوءهم ولا يرضون بها نتيجة ما عملوا وحاق بهم اي احاط بهم من كل جهة العقاب الذي نزل بهم بسبب سخريتهم بانبياء الله ودعواتهم بسبب استهزائهم بشرع الله وبما انزل الله من كتابه وكان من الحجج التي استند اليها المشركون الاحتجاج بالقدر فكان قائلهم يقول لما اشركت اليس هذا مما قدره الله علي؟ فيقال له نعم فيقول ما دام ان الله قدره علي فهو راض به. اذ لو لم يكن راضيا به لم يقدره علي ومنشأ الشبهة الباطلة انه قاسى الله على نفسه فهو لا يرضى الا بما او لا يفعل الا ما يرضاه. ولم يعلم ان الله على كل شيء قدير ثم لم يعلم بان الله قد يقدر شرا في جانب لينتج عنه خيرات متتابعة في جانب اخر فيقدر على العبد معصية من اجل ان يتوب. ويقدر على العبد معصية من اجل ان تكون طاعة لغيره بنصحه وارشاده ومنعه من هذا المنكر وانزال العقوبة به فيكون ذلك سبب خير لغيره وان كان ضد ذلك بالنسبة لذلك الشخص فالاحتجاج بالقدر حجة ابليسية فقد قال ابليس بما اغويتني فاحتج بالقدر فكل من سار على هذه الطريقة بالاحتجاج بالقدر فقد اخذ حجة ابليسات. ولذا قال وقال الذين اشركوا اي صرفوا العبادات لغير الله تعالى لو شاء الله اي لو كان الله يريد ان نعبده وحده والا نصرف شيئا من العبادات لقدره الله جل وعلا علينا. وعلى ابائنا من قبلنا ولو كان الله يريد ويشاء الا نمتنع من المحرمات او لا نمنع شيئا من المخلوقات والطيبات لوقع ذلك وكان اهل الجاهلية يحرمون اشياء منها الوسيلة والحام ونحو ذلك من انواع المحرمات وحرموا ما في بطون بعض بهيمة الانعام فقالوا لو شاء الله ان لا نحرم هذه الاشياء لما استطعنا ان نحرمها فهذه الشبهة الشيطانية تجدها عند اهل الضلال في كل زمان حتى في زماننا الحاضر ولو كان الامر يتعلق بدنياهم لما رضوا بالاحتجاج بالقدر احتج بالقدر فضربه ظارب على وجهه ظربة المته الا يقول لما ضربتني ويطالب بالقصاص ولا يرضى بان يقال له هذا قدر من الله قد قدره. فكيف يرضى بالقدر في الذنوب معائب ولا يرضى بالاحتجاج بالقدر في المصائب ومن هنا فهذه الحجة لا تقبل عند احد من الناس البتة قال تعالى كذلك فعل من قبلهم اي ان الامم السابقة احتجوا بالقدر على انبيائهم فماذا كانت النتيجة؟ نزلت بهم العقوبات فانتم يا ايها القوم ليكن من شأنكم ان تحذروا من ان يصلكم من العقوبات مثل ما وصل من من قبلكم حيث احتجوا بالقدر فلم ينفعهم ذلك شيئا واعلموا بان الرسل واتباع الرسل هؤلاء وظيفتهم البلاغ فلا تقولوا لهم ان كان ما تقولون حقا فالزمونا به. واجعلوا الله يقدر علينا الدخول ولا فيه فهؤلاء وظيفتهم البلاغ والارشاد والايظاح وهذه منتهى مهمتهم وقد جعل الله للعباد اختيارا وبالتالي لا يصح منك ان تحتج بالقدر وانت لديك الاختيار جعل الله لديك قدرة تختار سبيل الشر وتختاره سبيل الخير ارادتك بدون ان يكون عندك مكره على ذلك. ومن ثم فاذا كان لديك اختيار وارادة فلا يصح لك ان تستدل بقدر الله كانك ليس لديك ارادة ولا اختيار ثم قال تعالى ولقد بعثنا اي ارسلنا لماذا سمى الرسالات بعث لان البعث احياء للموتى فكأن الناس قبل الرسالة كانوا موتى. فيحييهم الله بهذه الرسالة فقال ولقد بعثنا ولقد للتحقيق. بعثنا في كل امة اي جماعة ممتنعين رسولا اي عبدا مرسلا من عند الله لقومه يدعوهم الى توحيد تركي ما يعبد من دون الله ولذا تركزت دعوات الانبياء في الدعوة الى افراد الله بالعبادة. ان اعبدوا الله اي قوموا بعبودية الله له وذلا له سبحانه فتستجيبون لامره وتتركون نهيه و ترجون ثوابه وتخافون عقابه وتستشعرون مراقبته واجتنبوا الطاغوت. اي اتركوا كل ما يتجاوز حده سواء من المعبودات التي تعبد وليس من حقها العبادة او تطاع او تتبع وهي ليس من حقها ان يفعل بها ذلك فكل من تجاوز حده يقال عنه طغى. ولذلك قال تعالى انا لما طغى الماء حملناكم على الجارية طغى الماء تجاوز حده ماء البحار والانهار في قصة نوح لما تجاوز حده انقذ الله اهل الايمان بان حملهم على السفينة مع نوح عليه السلام. فهكذا الطاغوت وكل ما تجاوز حده قال تعالى فمنهم يعني من تلك الامم ومن افرادها من هدى الله لان الهداية من عند الله ومنهم من حقت عليه الضلالة اي سارت عليه الضلالة بان لم يستجيبوا لدعوة في الحق ولم ينقادوا لانبياء الله ورسله الذين كان من مهمتهم البلاغة المبين الواضح ثم قال تعالى فسيروا في الارض اي ليكن من شأنكم ان تذهبوا الى ديار المعذبين لتشاهدوا فكان عندهم من الحضارات ومن انواع نعيم الدنيا ومع ذلك لم ينجهم من عذاب ابالله لما خالفوا امره. فسيروا في الارظ فانظروا اي تأملوا كيف كان عاقبة المكذبين فان المكذبين للرسل الذين لم يصدقوا بما جاء به انبياء الله كانت عاقبتهم ان نزلت بهم العقوبات الدنيوية وهي عقوبات يسيرة وانما العقوبة الشديدة ستنالهم يوم القيامة ثم قال تعالى ان تحرص على هداهم. اي مهما بذلت من الاسباب. من اجل ان يستجيبوا لدعوة فانهم لن يهتدوا الا بقدر من الله تعالى. ولذا فمهمتك البلاغ ولا تشفق عليهم ولا تتأسف لعدم استجابتهم لدعوة الحق. ولا تحزن بسبب ذلك ان تحرص على هداهم فان الله لا يهدي من يضل. فقدر الله جار وسنته في الكون ماضية وبالتالي اذا لم يهتدوا فستنزل بهم العقوبة وحينئذ لن يستطيع احد ان ينصرهم او ان يرد عنهم عقوبة الله تعالى ما لهم من ناصرين ثم كان من استدلالهم ان اقسموا على تكذيب دعوة الرسل. واقسموا بعدم وجود يوم القيامة يظنون ان قسمهم بمجرده دليل وحجة تكون مما يقنع ان انسى فهذه الايات العظيمة تشتمل على عدد من المعاني اولها ان الله جل وعلا يجعل العاقبة الحميدة لاهل التقوى والايمان. فيأتيهم احسان من الله لاحسانهم في عبادته بعده وفي هذه الايات ان الجزاء من جنس العمل. فانهم لما احسنوا احسن الله اليهم وفي هذه الايات المقارنة بين الشيئين المتفاوتين تفاوتا عظيما. فان الله قارن بين الدنيا مع ما فيها من المنغصات وما فيها من فوات كثير من النعم مع الاخرة. الباقية ابد الاباد المستكملة لنعم الله والتي لا يرد اليها شيء من المكدرات والمنغصات وفي هذه الايات ايضا ان الدار الباقية دار اهل الايمان هي الجنة. وان مقامهم في الدنيا مقام بمثابة عارية ينزلون فيها يسيرا ثم يغادرون الى اخرتهم وفي هذه الايات ايضا ذكر نعيم ذكر بعض نعيم الاخرة. وما فيه اهل الجنان من قراءة المتعاقبة وفي هذا ايضا الاشارة الى نعيم الى ان نعيم الدنيا لا يماثل نعيم اخرة وانما فيه جزء يسير جدا من نعيم الاخرة ولذا فانما ذكر من نعيم الاخرة باسماء نعيم الدنيا فان بينهما من تفاوت الشيء الكثير وفي هذه الايات ان اهل الجنة سيكون لهم ارادة ومشيئة في ذلك اليوم. وبالتالي يؤدون اعمالا بناء على ارادتهم ومشيتهم وفي هذه الايات عدل الله جل وعلا وعدم ظلمه لاحد من العباد وفي هذه الايات ان من طاب في الدنيا بالابتعاد عن النجاسات المعنوية والحس دية فان الله جل وعلا يجعل له عاقبة طيبة وفي هذه الايات اثبات او نسبة الوفاة الى الملائكة. وهم جمع بقوله تعالى الذين تتوفاهم الملائكة بينما في موطن اخر نسب الله جل وعلا الموت الى ملك واحد قال قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم الى ربكم ترجعون فقيل بان الملائكة التي تكون من مهمتها قبض الارواح جماعة بقيادة واحد منهم. فمرة ينسب الامر بالوفاة ينسب الامر بالوفاة الى جماعة لانهم ملائكة ومرة ينسب الى ملك الموت الذي هو قائدهم نسب الامر اليه وفي هذه الايات ان دخول اهل الجنة الجنة بسبب اعمالهم ردا على من قال يدخل الله من من يشاء بلا سبب ولذا قد على قولهم يقولون قد يدخل الله في الجنة اشد الناس كفرا وظلما وفسقا وقد يدخل الله النار افضل الناس عدلا وايمانا وهذه مقالة زائغة تخالف مقتضى هذه النصوص الواضحة باثبات ان دخول الناس الجنان بسبب اعمالهم وليس ذلك الدخول على جهة المقابلة والجزاء التام. بل ان اعمال بني يسيرة قليلة. ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لن يدخل احد الجنة بعمله قالوا ولا انت يا رسول الله؟ قال ولا انا الا ان يتغمدني الله برحمة منه. ومن هنا نفرق بين البائين. فقوله هنا ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون اي بسببه. يتفضل الله عليكم بينما المنفي في قوله لن يدخل الجنة احد بعمله اي باع المجازاة والمقابلة فيفرق بينهما وفي هذه الايات تحذير المعرضين من نزول من نزول العقوبات بهم في الدنيا وتذكيرهم باحوال من سبق وفي هذه الايات تقرير للقاعدة الوعظية العظيمة التي انتهجها العقلاء حينما قالوا السعيد من وعظ بغيره السعيد من وعظ بغيره. كما قال كذلك فعل الذين من قبلهم. ثم قال فاصابهم سيئات ما عملوا وفي هذه الايات ان الظالمين انما ظلموا انفسهم. والا فالله جل وعلا غني عنهم غني عن عباداتهم سبحانه وتعالى. ولذا لا يصح ان يقال بان الظالمين الكافرين يظلمون الله وانما يظلمون انفسهم وفي هذه الايات تحريم الاستهزاء بشيء من شعائر الدين وتعاليمه. لان لا تنزل العقوبة بهؤلاء ازين. ولذا قال وحاق بهم. اي رجع اليهم و نالهم من كل مكان ما كانوا اي عقوبة عادت اليهم بسبب انهم كانوا يستهزئون بشرع الله وبانبياء لا عليهم السلام ولذا فسنة الله في الكون التي تجري لا محالة. نزول العقوبات بالمستهزئين الذين يستهزئون بانبياء الله وبشرعه ولكن رب العزة والجلال يمهل ولا يهمل فانتظر نزول العقوبات باولئك المستهزئين وفي هذه الايات المنع من الاحتجاج بالقدر فان الله جل وعلا قد جعل للعباد اختيارا والله سبحانه وتعالى مكنهم من سلوك اي الطريقين شاءوا والله جل وعلا قد بين ان من سبق من الامم المكذبة احتجوا بالقدر فلم يغني عنهم ذلك شيئا ثمان هؤلاء المحتجين بالقدر انما يحتجون به فيما يكون لهم لا فيما يكون عليهم. ولذا لو اخطأ احد من الخلق في حق تهم لم يرظوا منه ان يحتج على ذلك بالقدر وفي هذه الايات انه لا يجوز لاحد ان يحرم شيئا من مخلوقات الله من عند نفسه بل لا يحرم شيئا الا اذا ورد دليل يدل على حرمته وعدم جوازه به وفي هذه الايات ان العبادة حق لله تعالى. لا يجوز صرفها لاحد من الناس وفي هذه الايات ان وظيفة الانبياء واتباع الانبياء هي البلاغ وارشاد الخلق وتوظيح الحق فهذه غاية رسالتهم واما الهداية فهي بامر الله جل وعلا وفي هذه الايات ان جميع الامم التي وجدت على الارض كان لهم انبياء من جنسهم ومن اقوامهم وفي هذه الايات ان اللب دعوات الرسل والانبياء هي الدعوة للتوحيد بعدم صرف شيء من العبادات لغير الله. لا لولي ولا لغيره وانما يعبد الله وحده جل وعلا وفي هذه الايات التحذير من الطواغيت التي تجاوز الناس بها حدها واعظم الطواغيت من رضي بان يعبد من دون الله فهذا من اعظم الطواغيت التي يجب اجتنابها وفي هذه الايات ان الهداية منحة ومنة من الله جل وعلا ولذا فمن شأن العقلاء ان يطلبوا من الله ان يهديهم وان يدلهم على ما في فيه صلاح احوالهم ومن هنا كان من شأن اهل الايمان تكرار هذه الدعوة في اليوم عشرات المرات او لقائلهم اهدنا الصراط المستقيم. وهذه دعوة عظيمة تحصل بها نجاة الانسان في الدنيا والاخرة وفي هذه هي الايات ان الضلالة قدر من اقدار الله يجعلها الله لمن شاء من عباده لكن ذلك يعود الى اسباب رادعة الى العبد او الى من حوله وفي هذه الايات دلالة على جواز الاسفار فانه قال فسيروا في الارض وفيها دلالة على جواز دخول مواطن العذاب على جهة الاعتبار والتأمل فيها بقوله فسيروا في الارض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين وفي هذا ان اعظم ان اكثر العقوبات التي تنزل على الناس تنزل بسبب تكذيبهم لانبياء الله عليهم السلام وفي هذه الايات ان وظيفة الرسل واتباعهم البلاغ. واما الهداية فليست من وظيفتهم وبالتالي فيؤدي الانسان يؤدي الانسان مهمته بالبلاغ واما الهداية فليس مطالبا بها. وبالتالي حرص الانسان على هداية الاخرين او لم يحرص فانه لن يحصل الا ما قدره الله ومن هنا فان العبد ينبغي به اذا دعا الله او نصح عباد الله ان يقصد بذلك نفع نفسه في اخرته حتى يكون مأجورا مثابا والناظر في توجيهات القرآن يجد ان اكثرها توجيهات موجهة الى الشخص مباشرة فيما يتعلق بعمله هو وفي هذه الايات ان من ظل عن سواء السبيل فانما ظل باختياره وبارادته ومن ثم تكون عاقبته العاقبة السيئة بنزول العقوبة الدنيوية به. وحينئذ لن يجد من يناصره او يقوموا معه او يدفع عنه عذاب الله تعالى. مهما بلغ الانسان من القوة ومهما اوتيره من انواع النعم. فالامر بيد الله جل وعلا وبالتالي من كان من اهل الضلالة وصد عن سبيل الله فلينتظر العقوبة الشديدة وليعلم بانه لن يستطيع احد من رد عذاب الله عنه بارك الله فيكم وفقكم الله لكل خير وجعلكم الله من الهداة المهتدين. كما نسأله سبحانه ان يمكنكم من انواع الطاعات في هذه العشر الفاضلة. وان يعينكم على حسن عبادته. كما نسأله جل وعلا ان يعرفنا بنعمه وان يجعلنا مثنين عليها معترفين عليه معترفين له بفضله علينا فيها. كما نسأله جل وعلا ان نكون من الصابرين. الذين يصبرون على دار الله المؤلمة. اللهم اغفر لوالدينا. اللهم اغفر لابائنا وامهاتنا. اللهم تجاوز عنهم. اللهم افسح لهم في قبورهم. اللهم اجعلها رياضا من رياض الجنة. اللهم اصلح ذراريهم وعقبهم. اللهم وفق ولاة امورهم لكل خير وجعلهم من اهل الهدى والصلاح هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا