التي لن تظمأ معها ابدا والظمأ حاجة الانسان الى الشرب وكذلك لا تضحى. اي لن تكون بارزا للشمس تحرقك اشعتها فهذا جمع انواع النعيم مع ما هو فيه من انواع الجنان عليكم حياك الله. كيف الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد فهذا لقاء اخر من لقاءاتنا في تفسير سورة طه اتناول فيه تفسير الايات من قوله تعالى ولقد عهدنا الى ادم من قبل فنسي ولم نجد له عزما الى اخر قصة ادم عليه السلام هذه السورة سورة طه ابتدأت ببيان ان التمسك بالوحي النازل من عند الله عز وجل سبب من اسباب سعادة الانسان في دنياه وفي اخرته وان ترك التمسك بذلك سبب من اسباب الشقاء كما قال تعالى ما انزلنا عليك القرآن لتشقى ثم اورد الله جل وعلا قصة موسى عليه السلام حينما تمسك بالوحي فزالت عنه اسباب الشقاء مع وجود العوارض الكثيرة والمحن العديدة ثم اورد الله سبحانه وتعالى قصة ادم عليه السلام للاستشهاد على هذا المعنى في ان من تمسك بالوحي سعد ولم يشقى وقد ذكر الله جل وعلا قصة ادم مع ابليس في مواطن من كتابه في سورة البقرة وفي سورة الاعراف وفي سورة الاسراء وفي سورة الكهف وفي هذه السورة سورة طه وفي سورة صاد لكن كل ايرادا لهذه القصة يكون لتحقيق الهدف والمعنى الذي من اجله اتي بتلك السورة وهكذا فيما يتعلق بقصة ادم في هذا الموطن اوردها الله جل وعلا من اجل بيان ان من تمسك بالوحي فلن يشقى قال تعالى ولقد عهدنا الى ادم من قبل اي قبل قصة موسى وقبل زمانكم كان هناك قصة عظيمة الا وهي قصة ادم حينما عهد الله اليه كان هناك التزام من ادم عليه السلام بان يطيع رب العزة والجلال ولا يعصاه وادم قد شاهد الاشياء العظيمة فقد خلقه الله بيده وشاهد نعيمه في جنانه وشاهد تكريمه عند الخلق من الملائكة وغيرهم وشاهد عدوه الشيطان الرجيم. وهو يأبى ان يسجد له ويتعهد بان يضل ادم وذريته قال تعالى ولقد عهدنا الى ادم اي اوصلنا اليه فالتزم بذلك العهد لكن ادم نسي ذلك العهد وغاب عن ذهنه وحينئذ كان ذلك من اسباب زوال النعيم الذي كان يعيش في وورود بعظ اسباب الشقاء له. ولذا قال تعالى ولم نجد له عزما. اي نية وقوة في طاعة الله عز وجل والاستمرار على ذلك قال تعالى واذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم اي ان الله تعالى لما خلق ادم بيده قال للملائكة اسجدوا لادم اخضعوا وذلوا له عبودية لله جل وعلا وكان بمحظر منهم الصحابة بمحظر منهم الملائكة ومعهم ابليس فسجد الملائكة كلهم كلهم اجمعون الا ان ابليس الذي كان معهم ابى ورفض تنفيذ ذلك الامر الالهي وحينئذ شاهد ادم ان ابليس يبعد عن الرحمة فقال رب العزة والجلال يا ادم ان هذا يعني ابليس عدو لك يريد لك الشر والسوء ويريد لك العاقبة السيئة ويريد لك الشقاء فهذا عدو لك وهو كذلك عدو لزوجك وستستمر عداوته مع ذريتك فلا يخرجنكما من الجنة انتبه لا تطع الشيطان فتكون طاعته سببا من اسباب ابعادك عن الجنة التي جعلها الله التي جعلك الله فيها تنعم بنعيمها فيها من انواع الثمار والظلال والخيرات الشيء الكثير فتشقى لانك اذا ابتعدت عن الجنة سيكون ذلك من اسباب ورود الشقاء عليك والشقاء قد يكون في الحياة وقد يكون بعد الممات ولاحظ هذه الكلمة فتشقى وقارنها بما ورد في اول السورة ما انزلنا عليك القرآن لتشقى ثم بين الله له شيئا من النعيم الذي يكون في هذه الجنان فمن ذلك ان لك الا تجوع فيها. فعندك من انواع المآكل ما يسد حاجتك من الاكل وكذلك عندك من انواع اللباس بحيث لا تعرى وتخرج عورتك وهكذا عندك من انواع المشروبات ما كان من هذا العدو الا ان وسوس الى ادم فقام الشيطان وهو ابليس سمي بهذا لانه قد ابعد من رحمة الله عز وجل جا له وانزل في خاطره ان النعيم الدائم يكون باكل الشجرة التي نهي ادم عن الاكل منها وهذا باب شنيع على الناس يوردهم المهالك الا وهو باب الطمع فقال الشيطان فقال الشيطان يا ادم هل ادلك اي هل ارشدك على شجرة الخلد؟ اي الشجرة التي ان اكلت منها بقيت ابد اباد لا يرد اليك الموت ويكون لك ملك لا يبلى. اي لا يفسد ولا يتخلق ولا ليضيعوا وينسف فكان ذلك من اسباب اغترار ادم بكلمة عدوه الشيطان الرجيم تأكل منها اي ان ادم وحواء اكلا من الشجرة التي نهى الله جل وعلا عنها وحينئذ بدت لهما سوءاتهما اللباس الذي كان عليهما تخلع منهما لانهما وهم في الجنة لا يليق بهما ان يعصي الله ومن ثم لما عصي الله لم يكن لهما حق في نعيم الجنة. ومن ذلك ما يتعلق باللباس وسميت العورة سوءة. لان اظهارها يسوء الانسان فبدت اي ظهرت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة. اي ان الجنة اصبحت تتساقط عليهما لعدم رضاها بان يبقى في الجنة من هو عاص لله جل وعلا ولذا قال وعصى ادم ربه واوتي بلفظ الرب هنا لبيان انه المنعم المتفضل. فكيف يعصى من كان كذلك والعصيان مخالفة الامر وعدم امتثاله فغوى اي كان سببا من اسباب ابتعاده عن افضل الطرائق واحسن الاحوال لعلاقة الانسان مع ربه جل وعلا ولكن الله سبحانه وتعالى امتن عليه فجعل له طريق التوبة. فقال ثم اجتباه ربه اي اصطفاه بالتوبة اليه وحينئذ هيأ الله له التوبة. ولذا قال فتاب عليه. والفاء ان ما تعقيبية واما سببية وهدى اي ان الله جل وعلا هداه واعاده الى الصراط مستقيم مستغفرا ربه نادما على فعله. ومعه زوجه حواء فقال الله تعالى اهبطا منها جميعا الظمير فيه بطا يعود الى ادم والى ابليس منها يعني من الجنة جميعا. بعضكم لبعض عدو. اي ستكون هناك عداوة بين الشيطان وبين ابن ادم وذريته وستستمر هذه العداوة الى قيام الساعة قال اهبطا منها اي اخرجا من الجنة لان الجنة في المقام العالي فامرا بالهبوط منها. بعضكم لبعض عدو اي ستكون العداوة بين ادم وذريته من جهة وبين ابليس وذريته من جهة اخرى وبعضهم قال بان المراد بالعداوة هنا ما يكون بين بني ادم بعضهم مع بعض ثم قال تعالى فاما يأتينكم اي اذا كان من الحال التي تصل اليكم ان ان يصل اليكم هدى اي ان ارسل لكم نبيا يدعوكم الى الله او انزل عليكم كتابا يبين لكم الطريق الى الله فمن اتبع هداي وسار على مقتضى ما في الكتاب وما جاء به الرسول فانه لا يضل اي لا يترك الطريق المستقيم. طريق الهداية. ولا يشقى. اي لا تعثر عليه حياته ولا يكون ولا يكون شقيا فيها واما الصنف الثاني فهم من اعرظ ولم يلتفت الى ما انزله الله من الذكر فاعرض عن ذكري اما ان يكون قد اعرض عن ما فيه ذكري من دعوات الانبياء والكتب المنزلة او اعرض عن تذكر الله جل وعلا. والاستعداد للقائه فان له معيشة ضنكا. اي سيعيش في الدنيا عيشة ضيقة حتى ولو كان عنده شيء من مآثر الدنيا الا انه لا يستمتع بها وبعض اهل العلم قال المعيشة الضنكا تكون في القبر فان الله يضيق على الكافرين في قبورهم ونحشره يوم القيامة اعمى. يعني ذلكم الشخص الذي اعرض عن ذكر الله فستكون له معيشة تنفي الدنيا ضيقة وسيكون يوم القيامة ممن يحشر اعمى فلا يبصر طريقا وفي ذلك اليوم يقول هذا الرجل ربي لم حشرتني اعمى اي ما السبب الذي جعلك تحولني لان اكون اعمى وقد كنت في الدنيا بصيرا. اتمكن من الابصار بما في الدنيا فقال الله تعالى كذلك اتتك اياتنا فنسيتها. اي ان الله ارسل اليك الرسل وانزل عليكم الكتب وانزل عليهم الكتب وكان لهؤلاء الرسل اصحاب واتباع. فدعوكم الى الله رغبوكم فيها لكنكم اعرضتم عنها ولم تلقوا لها بالا فنسيتموها. فاتتكم اياتنا اي الدلائل الباهرة والعلامات الواضحة الدالة على صدق هذه الرسالة فنسيتها اي لم تتذكرها ولم تولي لها العناية اللائقة بها ولذا انظر كيف قال عن ادم فنسي ولم نجد له عزما قال وكذلك اليوم تنسى لا يلتفت اليك ولا تثاب الثواب الذي يتناسب مع اهل الطاعات وهذه طريقتنا نجازي اي ننزل من العقوبة على الناس بقدر ما لديهم من الذنوب نجازي من اسرف اي تجاوز الحد المشروع واصبح يزيد في الاعمال على غير وفق ما جاء به الشرع وكذلك نجزي من اشرف ولم يؤمن بايات ربه. اياتته الايات والعلامات والادلة والبراهين لكنه لم يؤمن بها ولم يضع لها قيمة ولا وزنا. ولذلك الله بعذاب الاخرة. فقال ولا عذاب الاخرة اي العذاب الذي يجده هؤلاء في نار جهنم اشد اي اعظم من عذاب الدنيا وآآ ابقى يعني انه لا يتوقف نعيمه ابدا الاباد فهذه ايات عظيمة فيها حكم وفوائد واحكام كثيرة منها ان ادم عليه السلام نبي من انبياء الله ولذا عهد الله اليه وفي هذه الاية جواز عقد العهود والمواثيق مما لا يخالف تفاصيله احكام الشرع وفي هذه الاية ان النسيان غالب على بني ادم وفي هذه الايات كرامة ادم عليه السلام حيث خلقها الله بيده واسجد له الملائكة عليهم السلام وفي هذه الايات تذكير الناس بعداوة ابليس وانه عدو لنا لا يريد لنا الخير ان قليلا وان كثيرا و في هذه الايات ان الله حذر ادم من طاعة الشيطان لئلا يكون ذلك سببا من اسباب خروجه من ما هم فيه من الجنان ثم قال في هذه الايات ايضا من الفوائد ان الرجل وزوجه في حزب واحد يتعاونون فيما بينهما وفي هذه الايات ان الشقاء سببه طاعة الشيطان. فمن كان مطيعا للشيطان فان الله جل وعلا ينزل به الشقاء والخسارة وفي هذه الايات امر الله جل وعلا واجب التنفيذ ولا يجوز للانسان ان يتركه ولذا عوتب ادم لما جاءه الامر ولم يمتثل ذلك الامر وفي هذه الايات الامتنان بالنعم الدنيوية من الشبع المضاد للجوع ومن اللباس المضاد للعري ومن انواع المشروبات المضادة للظمأ ومن ان يضحي الانسان للشمس لا يجد ما يؤويه وما يسر بدنه وفي هذه الايات من الفوائد ان الجوع عقوبة شديدة يسلطها الله على من يشاء من عباده وفي هذه الايات امتنان الله على ادم باللباس في الجنان وفي هذه الايات ان مما يمن به ما يتعلق بانواع المشروبات بالماء ونحوه وفي هذه الايات فضل الله على ادم بوجود ما يغطي عليه من الشمس وفي هذه الايات الحذر من الشيطان الرجيم وبحيث لا يأمن الانسان من هذا العدو فانه قد يأتي الانسان على حين غرة وفي هذه الايات ان الطمع سبب من اسباب الهلاك ولذا لما طمع ادم في الخلد وفي الملك الذي لا ينقطع انخدع له وسار في طريقة كلامه وفي هذه الايات حذر الانسان من ان تنزل به العقوبة الدنيوية بسبب ما يكون عنده من المعاصي وفي هذه الايات ان المعصية حتى ولو كانت قليلة على الانسان ان يحذر منها. فلها اثارها ولها عواقبها وفي هذه الايات ان هذه الامور الاربعة هي معيار غنى الشخص بحيث لا تدفع له نفقة ولا زكاة عدم الجوع في الجوع والعري والظمأ والبروز للشمس وفي هذه الايات ان ادم وحواء قد اكلا جميعا من الشجرة ولذا قال فاكلا منها وفي هذه الايات ان السوأة تجب تغطيتها وعدم كشفها وابرازها وفي هذه الايات اثبات المعصية لادم قيل بانها من الصغائر. وقيل لعدم ما لعدم تعلقها بما هو قراءة لكتاب الله جل وعلا وفي هذه الايات ان موسى عليه ان ادم عليه السلام قد تاب بالتالي لا يصح لنا ان نستنقصه او نقلل من مكانته وفي هذه الايات فضل الله على ادم حيث تاب عليه وهداه وفي هذه الايات ان الهداية منة من الله جل وعلا يهبها لمن يشاء من عباده وفي هذه الايات الحذر من العدو الكامل الشيطان الرجيم والاستعداد له وفي هذه الايات ان من اتبع الهدى فانه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. وسيتفضل الله عليهم بان لا يضلوا ولا لا يشقى وانظر كيف كيف كرر ذكر الشقاء هنا في هذه الايات وجوب اتباع ما جاء به الرسل. وفيها ان كل ما جاء به الرسل فهو وحي من عند الله وهداية من هداية الله سبحانه وتعالى وفي هذه الايات بيان احوال الناس يوم المعاد وكيف يغير الله شيئا من اشكالهم لما لحقها من المخالفة فيما مضى وفي هذه الايات ان من ترك التذكر لله ولاوامره ونواهيه فانه حينئذ يخشى عليه من العقوبة الشديدة في الدنيا والاخرة وفي هذه الايات ان الله جل وعلا قد يعذب بعض الناس بالعذاب الدنيوي في الشقاء ليكون هذا عظة لهم يعودون في اواخر اعمارهم ليكونوا من اهل الطاعات وفي هذه الايات ان من اعرض عن ذكر الله كان له المعيشة الظنك الظيقة الشديدة ونحشره يوم القيامة اعمى اي يأتي لا يبصر شيئا مما في الدنيا فسأل ادم ربه فقال ربي لم حشرتني اعمى؟ اي ما السبب الذي جعلك تحشرني وانا اعمى وقد كنت بصيرا تعلم احوالنا وتعلم اقوالنا فقال كذلك اتتك اياتنا اي الشأن العظيم ان تتذكر ان اياتنا قد اتتك فنسيتها ولم تلتفت لها وكذلك اليوم تنسى كما نسيت ذلك تلكم الاشياء فان الله جل وعلا قد يقدر عليكم نسيانكم والمراد بالنسيان هنا عدم ادخالهم الجنة وفي هذه الايات ان الاسراف مذموم حتى ولو كان في سبل الخير واعمال الطاعة وفي هذه الايات ان عذاب الله جل وعلا اشد وابقى اشد من السعة وابقى لان نعيم الاخرة لا مكدرات فيه وهو نعيم الاخرة يكون طريقا من منطلقا لنا ندخل به الى الجنان فهذه بعض حكم هذه الايات وما فيها من الاحكام. اسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم لكل خير. وان يجعلنا واياكم من الهداة المهتدين هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا