فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن انه هو السميع العليم ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجنه حتى ليسجننه حتى حين. يذكر الله جل وعلا موقف اهل المدينة في هذه القصة الحمد لله رب العالمين نحمده ونشكره ونثني عليه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. اما بعد في فصل اخر من فصول قصة يوسف عليه السلام التي قصها علينا رب العزة والجلال في هذه السورة العظيمة نأخذ الموقف الذي كان من نسوة اهل المدينة تجاه امرأة وتجاه يوسف عليه السلام. فلعلنا نستمع لعدد من الايات من هذه السورة فليتفضل اعوذ بالله من الشيطان الرجيم وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسي قد شغفها حبا انا لنراها في ضلال مبين فلما سمعت بمكرهن ارسلت اليهن واعتدت لهن واعتدت لهن متكئا واتت كل واحدة منهن سكينا وقالت اخرج عليه فلما رأيناه اكبرنه وقطعن ايديهن وقلن وقلنا حاش لله ما هذا بشرا ان هذا الا ملك كريم قالت فذلكن الذين فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما امره ليسجن وليكونن من الصاغرين قال ربي السجن احب الي مما يدعونني اليه والا تصرف عني كيدهن اصبو اليهن واكن من الجاهلين حينما راودت امرأة العزيز فتاها وعرضت عليه نفسها اتاحت له ان يأتيها فامتنع خوفا من الله ومراعاة لحق سيده الذي احسن اليه وحينئذ شاع الخبر في اهل المدينة وعلموا بالقصة وبدأ الناس يتناقلونها وحينئذ قال نسوة في المدينة امرأة العزيز يعني زوجة الرجل الكبير والوزير العظيم وهي امرأة هي التي تراود فتاها عن نفسه وهنا ثلاثة امور او اربعة تجعلنا نلومها نوجه اليها القدح الشديد اولها انها تتعلق بالعزيز الذي له مكانته ومنزلته وسانيا انها تتعلق بالمرأة بحيث لو ثبت عليها شيء من هذا لنفر منها زوجها الذي له المكانة. وثالثا هي امرأة تشرب الاعناق لرؤية لمكانتها. فكيف يقع منها هذا الامر؟ ثم هي المرأة وهي التي تراود وليس الرجل ثم هذا الذي تراوده فتاها اي مملوكها الذي ينبغي ان يعامل معاملة مماليك وهي سيدة فكيف تقوم بانزال نفسها الى درجته قالوا لم يكن منها ذلك الا انه وصلت محبته الى اصول قلبها. حتى وصل الى شغاف القلب الذي هو ادنى مواطنه. وحينئذ قالوا ان لنراها في ضلال مبين الظلال هو ضياع الطريق. يقال ظل الطريق بمعنى انه ضله ولم يهتدي. الى الطريق صحيح وظلالها ظلال بين. كل يشاهده وكل يعلمه. وحينئذ كانوا يتوجهون لها باللوم هذا اللوم كان على جهة المكر من هؤلاء النسوة تجاه امرأة العزيز. اما لانهم يريدون ان يشاهدوا يوسف الذي تعلق قلب المرأة به وذلك ان من طبيعة ان يتطلعوا لرؤية الشيء الغريب العجيب الذي يسمعنا به ولم يروا او لان من شأنهم ان يحاولوا ان يرفعوا من امكنة انفسهن بضعة بظعة مكانة العزيز ولذا سمى فعلهن وحديثهن بالمكر. والمكر التدبير والخطط السرية. فكان ما يتداولنه من احاديث نجوى تعتبر من انواع المكر والكيد نقل حديثهن لامرأة العزيز وهي امرأة نافذة لها امرها ونهيها. وحينئذ ارسلت اليهن اي بعثت اليهن مندوبا يطلب منهن الحضور اليها. وجهزت له ان متكئي مكانا جميلا فيه انواع ما يحتاجون اليه مما يريحهن واعتدت لهن متكئا اي جهزته واتت اي اعطت كل واحدة من هؤلاء النسوة سكينا ليقمن بتقطيع الفاكهة التي وضعتها بين ايديهن. اما انها من بترج او للبرتقال او غيرها من انواع الفواكه حينئذ قالت ليوسف قالت امرأة العزيز ليوسف اخرج عليهن كأن المكان الذي جهزته لهن خارج بيتها مما يعد للضيافة والاستقبال. فطلبت منه ان يخرج من البيت عليهن وليكون عندهن فيشاهدنه. مما يدل على ان مكانتها بقيت على ما هي عليه. وان امرها ونهيها لا زال نافذا. فخرج يوسف على النسوة. فلما رأيناه غفلنا عما بايديهن من الفاكهة ومن السكين وتعلقت ابصارهن هذا الرجل الداخل عليهن. وحينئذ قطعن ايديهن اي جرحنها او قطعن بعض اصابعها اصابعهن بسبب انبهارهن بهذا الرجل الذي دخل عليهن وحينئذ هالهن جماله وما عليه من منظر حسن فقلنا حاشا لله اي نستبعد ان يكون هذا الرجل من البشر. وانما هو من الملائكة. فهذه الصفة من الجمال والحسن لا يوجد عليها احد من الناس. ولذا قالوا ما هذا؟ بشرا ان هذا الا ملك كريم اكرمه الله بحسن منظره وهيئته فلما رأينا جماله الظاهر ارادت امرأة العزيز ان تظهر لهن عفته وجماله الباطن بحيث تنتفي عنها بعض الدعايات الكاذبة. ليتبين لهن ان هذا الذي تكلمنا فيه رجل عفيف فقالت لهن فذلك الذي لم تنني فيه. اي هذا هو شخص الذي قمتن بتوجيه اللوم والعتاب علي بسبب محاولتي معه. ونعم لقد كان مني المراودة. وحاولت فيه. ولذا قالت ولقد راودته عن نفسه اي اعمل تلحيلة من اجل ان يقدم الي راغبا وان لم كن وان لم يكن ذلك من صفاته وخلقه. الا انه استعصم اي طلب العصمة تماتى بالبعد عن هذه الفاحشة التي طلبته اليها. ولكنها بالعقوبة في ذلك الموقف تحول الحال من مكر امرأة واحدة الى يا مكر نسوة عديدات معه. ولذا قالت لهن لئن لم يفعل ما امره ويكون معنا حينئذ لا لا ندخلنه سيدنا ونحبس حريته حتى يستجيب الينا. وبالتالي يكون صاغرا ذليلا مهانا لكونه لم يستجب لنا فاذا كان صغيرا مهانا فقد يطلب من ان بعد ذلك ان نعفو عنه بان نمكنه من انفسنا ليخرج من سجنه حينئذ كان الموقف عظيما بالنسبة ليوسف فهو يريد ان يبتعد عن الفواحش. وبدلا ان يسلم من كيد امرأة فاذا نسوة عديدات حوله. فما كان منه الا ان فزع الى الله ان يطلب منه اعص منهن ولكنه لم يختر افضل الحلول. وانما اختار ما قدروه له وما حكموا به عليه الا وهو السجن. ولو قدر الله جل وعلا ان دعا بالسلامة منهن بدون ان يدعو بالسجن لكان ذلك اولى في شأنه. فقال رب السجن احب الي وكانت دعوته بالسجن لامور يريدها الله عز وجل. ولحكمة ارادها ليظهر علمه وقدرته على تأويل الرؤيا وبالتالي يحتاج اليه ملك زمانه فيوليه خزائن الارض لحكمة لحكمة قدرها رب العزة والجلال. فتوجه يوسف الى ربه بالدعاء فقال ربي السجن احب الي مما يدعونني اليه كان يوسف موحدا يصرف عبادته لله وبالتالي توجه بدعائه الى ربه جل وعلا وبين ان هذا الذي يدعونه اليه امر شديد عظيم. ولذا حاول ان يتخلص منه ولو كان ذلك بدخوله في السجن. ولذا قال السجن احب الي مما يدعونني اليه ثم بين ان هؤلاء النسوة وما عندهن من كيد لا يمكن ان يصرف عنه الا برحمة من رب العزة والجلال. ولذا اكد على اكد في طلبه ودعائه من ربه ان يصرف عنه كيدهن. وقال و الا يعني اذا لم تصرف يا ربي عني كيدهن اي تدبيرهن السيئ الخفي ومكرهن فاني اخشى على نفسي من ان اصبو اليهن اختاروا ما يطلبنه لي من فعل الفواحش. وحينئذ اكون من الجاهلين ايبتعد عن طاعة الله عز وجل واكون في حياتي المعصية والرذيلة فاستجاب له ربه اي ان الله جل وعلا بفضله واحسانه حقق له مراده كيدهن عنه. فصرف عنه ما يخططن له من انواع الخطط اطل ماكر وذلك ان الله جل وعلا سميع يجيب دعوة الداعي متى دعاه وعليم بمن اراد الطهارة والعفاف في قدر له ذلك لكنهم بعد مدة رأوا ان سجنه يقضي على هذه السمعة التي جاءت لهذه المرأة امرأة العزيز وهؤلاء النسوة فان هؤلاء النسوة كن من دار القوم ولهن مكانتهن ومنزلتهن. فخشينا على انفسهن من ان فتأثر مكانتهن في مجتمعهن او عند ازواجهن. ولذا ظاطوا اقترحوا الاقتراحات المتعددة بان يدخل في السجن. مع انهم قد رأوا ايات وعلامات عظيمة ينبغي بهم ان يتأملوا فيها فانها دليل على نزاهة هذا الرجل وانهم لن يستطيعوا ان يصلوا اليه. فبدا لهم اي تغير رأيهم وظهر لهم من جديد ان الاحسن بحسب رأيهم ان يدخلوه السجن وثم بدا لهم من بعد ما رأوا الايات اي العلامات والدلائل الدالة على صدق يوسف وسلامته ونقاوته وانه ليس من اهل هذا الشأن حينئذ بدا لهم ليسكننه حتى حين. قالوا وادخلوه السجن حتى تذهب حتى تذهب هذه الشائعات ولا يبقى لها ذكر فكان في هذه الايات عدد من الاحكام والحكم والفوائد. فمن تلك الفوائد التذكير بان من شأن النساء ان يتحدثنا فيما بينهن بمعايير بالاخرين وما ينقل عنهم من اشاعات. وبالتالي ينبغي بالمرأة ان تحذر من ان تستعمل لسانها في القدح واللمز والهمز تجاه الاخرين وفي وفي الاية ان من كان له مكانة عالية فان فعل قبيح منه اشد اثرا ووقعا وجرما ممن هو اقل منه وفي هذه الايات ان شدة المحبة عند الانسان تعميه وتجعله بالتصرفات غير المستحسنة وغير اللائقة به وفي هذه الايات ان الانسان متى تصرف بالعاطفة فانه يقع في اخطاء ان وضلالات والواجب ان تحكم العواطف بشرع الله عز وجل بحيث لا خر في الانسان باي تصرف حتى يعرف حكم الله فيه وكم من انسان اراد ان ينصر دين الله بما ظنه في عاطفته من نصر دين الله فيكون هذا من تحقيق عكس مراده. في هذا الامر بسبب ان فاته لم تحكم بشرع رب العزة والجلال. وفي هذا وفي هذه الايات ان من شأن الانسان عندما يقع في شيء من المنكرات ويهم وبه ان يرغب ان يكون الاخرون ممن يفعلون مثل ذلك المنكر ليبتعد عنه لوم ولا يتوجه اليه وفي الايات ان من طبيعة الناس رغبتهم في الاطلاع على ما لم يشاهدوه مما يتعجب يا ابونا منه وفي الايات ايضا من الفوائد ان الناس في الزمان الاول كانوا يقيمون مواطن الضيافة خارج قال لي ازكى سكنهم وفي هذه الايات مكروا امرأة العزيز لهؤلاء النسوة بحيث يكون منهن اعجاب بيوسف يكن تحت قيادها وتحت تصرفها ويمتثلن لما يصدر منها وفي هذه الايات ايضا ان اجتماع النسوة الذي لا يبنى على اساس صحيح من اتباع الشرع قد يكون سببا من اسباب وقوعهن او وقوع غيرهن في شيء من المعاصي وفي هذه الايات ان عقوبة السجن كانت موجودة في الازمنة الاولى. ولذا كان السجن موجودا في عهد يوسف عليه السلام وفي هذه الايات ان العبد متى تعرض الى شيء من الفتن ينبغي به ان يتأمل وان ان يطلب احسن الطرق التي تجعله يسلم سلامة تامة من هذه الفتن وفي هذا هذه الايات الابتعاد عن كل ما يدعو الى فعل الفواحش. فكل امر يقرب من فعلها فانه يجب على العبد ان يبذل الاسباب للابتعاد عنه. ويشهد لهذا قوله تعالى لا تقربوا الزنا فانه لم ينه عن الزنا مجردا بل نهى عن قربانه مما تضمنوا النهي عن كل فعل قد يؤدي الى تلك الفعلة المشينة سواء كان ذلك بالاختلاط او كان بالتبرج والسفور او كان الخلوة بالمرأة الاجنبية او السفر بها او نحو ذلك من الاسباب بالمؤدية الى تقريب هذه الفعلة الفاحشة وفي هذه الايات ان ابتعاد الانسان عن النساء الاجنبيات اسلم لدينه لعرضه فانه قد يتكلم في عرضه بمجرد مقابلته و محادثته معهن وفي وفي الايات فظل الله على يوسف عليه السلام حيث صرف عنه كيد هؤلاء النسوة وفي الايات ان الله تعالى يجيب دعوات الداعين. ويستجيب بما يطلبونه منه جل وعلا كما استجاب لدعوة يوسف عليه السلام وفي الايات ان المكر السيء والكيد الخبيث يعود الى اصحابه ويكون ظرر عليهم وان من يكاد فانه لا لا يحيط مكر هؤلاء به. ويجعل الله له ما خرج متى اعتصم بالله وتمسك بدينه وفي الايات ان الله جل وعلا قد يقدر على العبد اقدارا لا يرغبها فتكون عاقبة الحميدة له في تلك الاقدار. فيوسف عليه السلام كان يريد سلامة نفسه وآآ حينئذ قدر الله له السجن والسجن قد يكون غير مرغوب فيه لكنه كان من اسباب رفع الله جل وعلا له واعلاء شأنه في زمانه فهذا شيء مما في هذه الايات من الفوائد والاحكام والحكم. اسأل الله جل وعلا ان يبارك فيكم وان يوفقكم للخير وان يعينكم وان يسعدكم في دنياكم واخراكم كما نسأله لو على ان يصلح احوال المسلمين قاطبة وان يجعلهم متمسكين بشرعه سائرين على عاملين بكتابه مهتدين بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ونسأله جل وعلا ان يوفق ولاة امورنا لكل خير وان يجعلهم من اهل الهدى والتقى والصلاح والسعادة. هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين