سلم تسليما كثيرا الى يوم الدين وفي هذا الحديث ان الجهاد لا يكون مقبولا الا اذا كان بنية خالصة بحيث يكون مقصود المجاهد ان يجاهد في سبيل الله تعالى وفي هذا الحديث تفضيل عمل الصيام والقيام حيث مثل الجهاد بهما الحمد لله رب العالمين احمده جل وعلا على نعمه واشكره على فضله واسأله المزيد من بره واحسانه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين اما بعد فهذا لقاء اخر من لقاءاتنا في قراءة كتاب الايمان المختصر صحيح الامام البخاري رحمه الله تعالى. الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين. قال الامام البخاري رحمه الله تعالى عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثل المجاهر في سبيل الله والله اعلم بمن يجاهد في سبيله كمثل الصائم القائم وانتدب الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه الا لا ايمان بي وجهاد في سبيلي وتصديق بكلماتي ان ارجعه سالما الى مسكنه الذي خرج منه بما نال من اجر او غنيمة او ادخله الجنة والذي نفسي بيده لولا ان رجالا من المؤمنين لا تطيب انفسهم ان يتخلفوا عني ولا اجد حمولة ولا اجد ما احملهم عليه ويشق علي ان يتخلفوا عني ولولا ان اشق على امتي ما قعدت خلف سرية تغدو في سبيل الله والذي نفسي بيده لوددت اني اقتل في سبيل الله ثم احيا ثم اقتل ثم احيا ثم اقتل فكان ابو هريرة رضي الله عنه يقولهن ثلاثا اشهد بالله. قوله في هذا الحديث مثل المجاهد هذا تمثيل على جهة التقريب وتوضيح الامر والمقارنة بين المجاهد وغير المجاهد وقوله كمثل الصائم اي في النهار القائم يعني في الليل. وقوله انتدب اي تكفل الله عز وجل لمن خرج في سبيله اي للجهاد قوله لا يخرجه يعني السبب الذي جعله يخرج الايمان بالله تعالى وجهاد في سبيلي اي طلبا لمرضاة الله عز وجل واعلاء لكلمة لله سبحانه وتعالى وتصديق بكلماتي اي يقين بصحة ما اخبر الله جل وعلا به من اجل اخروي للمجاهدين ان يرجعه اي اعيده واجعله يعود سالما الى مسكنه الذي خرج منه بما نال اي ما حصل عليه من اجل او غنيمة او يكون له خيار اخر ان يدخله الله جل وعلا الجنة وقولنا لولا ان رجالا من المؤمنين لا تطيب انفسهم اي لا تسمحوا نفوسهم وتهنأ نفوسهم ان يتخلفوا عني يعني لو جاهد النبي صلى الله عليه وسلم لكان الجميع تطيب نفوسهم بالخروج معه. ولا تهنأ هذه النفوس بالبقاء مع كونه قد خرج صلى الله عليه وسلم وهم لا يجدون مراكب من الابل يركبون عليها. ولذا كان صلى الله عليه وسلم لا يشارك في كل غزوة او سرية تذهب لقتال العدو. لانه لا يجد ما يحملهم عليه من قال ويشك على النبي صلى الله عليه وسلم ويثقل عليه ان يتخلف هؤلاء عنه مع رغبتهم الجهاد معه وحينئذ كان من الامور التي يتمناها رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاركة مع جميع السرايا لكنه ترك ذلك خشية من ان يشق على امته. وكان يتمنى ان يجاهد فيقتل في سبيله لله مجاهدا شهيدا فهذا الحديث فيه عدد من الفوائد اولها بيان ان الايمان يصدق على الاعمال وان الجهاد خصلة من خصال الايمان. ولهذا اورد المؤلف هذا الحديث في كتاب الايمان. وفي هذا الحديث ظرب الامثلة التي توظح المقال وتبينه وفي هذا في هذا الحديث فضل الجهاد في سبيل الله وفضل المجاهدين وفي هذا الحديث وعد الله جل وعلا لمن خرج يريد الجهاد في سبيل الله بان ينال احدهم اما النصر على الاعداء واما دخول الجنان وفي هذا الحديث ان وعد الله بالنصر وعد كائن. وقد تواترت النصوص بايراد وعد الله للمؤمنين بنصرهم. كما قال تعالى وكان حقا علينا نصر المؤمنين. وكما قال تعالى ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين لهم المنصورون. وان جندنا لهم الغالبون. وكما قال تعالى انا لننصر رسلنا والذين امنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد. وفي الحديث اثبات الصفة الكلام لله تعالى. ولذا قال وتصديق بكلماتي وفي هذا الحديث ان مما اباحه الله جل وعلا لهذه الامة اخذ الغنائم وفي هذا الحديث مراعاة الانسان لشعور من حوله. بحيث لا يؤذيهم باي في تصرف ولو كان عملا صالحا. ولذا امتنع النبي صلى الله عليه وسلم من المشاركة في عدد من السرايا لان نفوس المؤمنين لا تطيب ان يتخلفوا عنه هو وهو لا يجد ما يحملهم عليه وفي هذا الحديث فضيلة حمل الاخرين على ما يكون وسيلة لتيسير القتال والجهاد عليهم وفي هذا الحديث تمني الموت شهادة في سبيل الله. كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتمنى وفي هذا الحديث الترغيب في ابعاد كل ما يكون شاقا على الاخرين ان وفي هذا الحديث استحباب استعداد الانسان للجهاد في سبيل الله وفي هذا الحديث ان من نوى الجهاد في سبيل الله ورغب فيه وكان مأجورا ولو ترك الجهاد لامر متعلق بحكم شرعي اخر قال رحمه الله عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لن يدخل احدا عمله الجنة. قالوا ولا انت يا رسول الله؟ قال لا ولا انا الا ان يتغمدني الله او بفضل ورحمة ان الدين يسر. ولن يشاد الدين احد الا غلبه. فسددوا وقاربوا وابشروا تعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة. والقصد القصد تبلغ ولا يتمنى احدكم الموت. اما محسن من فلعله ان يزداد خيرا واما مسيئا فلعله ان يستعتب قوله هنا لن يدخل احدا عمله الجنة اي لن يكون عمل الانسان هو الذي يقتضي دخوله الجنة على جهة المجازاة والمقابلة ولكن العمل يكون سببا من اسباب دخول الجنة ولذا قال تعالى تلك الجنة التي اورثتموها بما كنتم تعملون. فالباء هنا السببية وليست باء المقابلة والمماثلة والمجازات. وبالتالي نعرف الجمع بين هذا الحديث وما ورد من الايات في ذلك فالمثبت هو ما كان على جهة السببية والمنفي ما كان على جهة المقابلة و المجازاة المماثلة وقوله هنا لن يدخل احدا عمله الجنة به شارة الى ان العمل مما يدخل في مسمى الدين والايمان قوله قالوا ولا انت يا رسول الله؟ قال لا يعني لن يدخلني الجنة عملي. ولا انا الا ان يتغمدني الله بفظل ورحمة. اي يشملني. رب العزة والجلال بفظله فادخل بفظل الله وبرحمته ثم قال صلى الله عليه وسلم ان الدين اي دين الاسلام يسر اي دين سهولة لا عنت فيه ولا مشقة ولا تكليف بما لا فيه وانما كانت الاوامر والنواهي الواردة في دين الله لجلب مصلحة العباد في الدنيا والاخرة قال ولن يشاد الدين احد الا غلبه. اي لن يأتي انسان ويحاول ان يصل الى بعمل قاس يقاسي به على نفسه الا كان ذلك سببا من اسباب عدم قدرته على الوصول الى اعلى درجات هذا الدين ولذا قال فسددوا. اي حاولوا ان تصلوا باقرب الطرق وبما الى الخير والهدى فاطلبوا الصواب وقاربوا اي كونوا قريبا من اعلى الامور واكملها وابشروا ويعني املوا الخير بفعلكم هذه الطاعات. واستعينوا اي اطلبوا العون وبالغدوة يعني مشي اول النهار. والروحة يعني سير اخر نهار وشيء من الدلجة يعني استعينوا بشيء من الدلجة الذي هو السير في اول الليل قال والقصد القص. اي سيروا على طريق معتدل. فلا تشقوا على انفسكم ولا تتجاوزوا حد قدراتكم فانكم حينئذ تبلغوا. اما اذا شدد الانسان على نفسه فان انه عما قريب ينقطع ولن يتمكن من الوصول كما ورد في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال كالمنبت لا ظهرا ابقى ولا ارضا قطع قال ولا يتمنين اي لا يرغبن ولا يريدن احدكم الموت. فلا يكن من شأن الانسان ان يتمنى الموت من اجل ما يكون عليه من امور الدنيا وحوادثها. فان انه لا يخلو حاله بين احد امرين ما ان يكون محسنا في العمل فلعله ان يزداد من الاعمال الصالحة الخيرة التي تعود عليه برفعة الدرجة ما ان يكون قد اساء فيما مضى وارتكب المعاصي فلعله ان يستعتب اي ان يعود الى الله وان يرجع اليه وان يطلب من الله العتبى فيكون ذلك من اسباب مغفرة ذنبه ففي هذا الحديث بيان ان اعمال الانسان لا توافي شكر الله على نعمه. فضلا عن ان تكون نتيجة دخول الجنة على جهة المقابلة لعمل الانسان. وانما العمل يكون سببا من اسباب فبتفضل الله على العبد في ادخاله الجنة وفي هذا الحديث معرفة او عدم الغلو في رسول الله صلى الله عليه وفي هذا الحديث ذكر فضل الله على العباد بما شملهم به من فضل ورحمة وفي هذا في هذا الحديث بيان ان الدين مبني على السهولة والسماحة واليسر وفي هذا الحديث نهي الانسان عن الغلو في الاعمال لان ذلك سيؤدي به الى حال يعجز معها عن الاستمرار. ويكون سببا من اسباب انقطاعه عن العمل الصالح وفي هذا الحديث التشديد والمقاربة والمحاولة للوصول الى القصد وفي هذا الحديث ترغيب لانسان باداء العبادات في جميع اوقاته على جهة المداومة فان ان العمل بالمداومة عليه ينتج منه شيء كثير وفي هذا الحديث الترغيب في ان تكون وجهة الانسان وجهة مباشرة يصل بها الى مقصوده بدون بان يدخل في اعماله ما لم ياتي في الشرع الترغيب فيه وفي هذا الحديث النهي عن تمني الموت ونجمع بين هذا الحديث والحديث السابق ان الاصل عدم جواز تمني الموت. لوجود شيء من المصائب ولكن الموت الذي يكون سببا من اسباب رفعة الدرجة كالموت على الشهادة لا بأس من الموت فيه. وهكذا اذا خشي الانسان على دينه فانه لا بأس ان يتمنى الموت. ولذا قال في الحديث فان اردت فتنة فاقبضني اليك غير مفتون ومنه ما ورد عن مريم عليها السلام حينما قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت كان منسيا وفي هذا الحديث ان الانسان ينبغي به ان يراعي ما صدر منه من احسان ليزداد منه ليكثر منه وليقوم بتحسينه وكذلك في هذا الحديث ترغيب لانسان في ان يتوب الى الله وان يستغفر مما كان منه من من الخطايا والسيئات الله اليكم قال عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اول ما قدم المدينة نزل على من الانصار وانه صلى قبل بيت المقدس ستة عشر شهرا او سبعة عشر شهرا. وكان يعجبه ان تكون قبلته قبل البيت فانزل الله قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها. فتوجه نحو الكعبة وانه صلى اول صلاة صلاها صلاة العصر. وصلى معه قوم فخرج رجل ممن كان صلى معه فمر على قوم من الانصار اهل المسجد وهم راكعون في صلاة العصر. فقال اشهد بالله لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مكة فداروا كما هم قبل البيت. وقال السفهاء من الناس وهم اليهود ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل للماء المشرق والمغرب يهدي من يشاء الى صراط مستقيم. وكانت اليهود قد اعجبهم اذ كان يصلي قبل بيت المقدس واهل الكتاب فلما ولى وجهه قبل البيت انكر ذلك. وانه مات على القبلة قبل ان تحول رجال وقتلوا فلم ندري ما نقول فيهم فانزل الله تعالى وما كان الله ليضيع ايمانكم. ان الله بالناس لرؤوف رحيم قوله كان اول ما قدم المدينة يعني ان النبي صلى الله عليه وسلم بعد حادثة الهجرة مباشرة قدم على هيأ اجداده الذين من الانصار وذلك ان اخوال امه او ابيه من الانصار ولذا قيل بانه نزل عليهم. وهم جماعة ابي ايوب الانصاري رضي الله عنه هو وقوله صلى قبل البئس صلى قبل بيت المقدس اي انه كان في اول قدومه المدينة يتجه في صلاته الى جهة الشمال وهي جهة بيت المقدس. وكان قبل الهجرة في البيت يصلي في مكة فيجعل البيت بين يديه والشام بين يديه في الجهة التي يصلي فيها الامام في وقتنا الحاضر فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متجه جهة الشمال بعد وروده المدينة بالهجرة مدة ستة عشر شهرا او سبعة عشر شهرا وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب ان تكون قبلته جهة الكعبة المشرفة فنسخ الحكم الاول بالتوجه في الصلاة الى بيت المقدس الى ان يكون الى ان تكون القبلة جهة الكعبة المشرفة وقد نزل في ذلك ايات في سورة البقرة. وقد مهد الله جل وعلا لذلك الحكم لعظم في النفوس فمهد لذلك بعدد من الممهدات منها بيان ان النسخ وارد في قوله ما ننسخ من ناية او ننسها وببيان ان الجهات كلها لله كما في قوله ولله المشرق والمغرب. فاينما تولوا فثم وجه الله. وآآ التذكير بفظل ابراهيم وببنائه للكعبة المشرفة وببيان ان اولى الناس بابراهيم هذا النبي ومن يتبعه نزل بعد ذلك هذه الاية قد نرى تقلب وجهك في السماء يعني انه كان يطلب ان يتجه في صلاته نحو الكعبة المشرفة. قال الله فلن لانك اي فلنجعلنك تتجه في صلاتك قبلة ترضاها وهي جهة الكعبة المشرفة فتوجه صلى الله عليه وسلم نحو الكعبة في صلاته. وكانت اول صلاة صلاها صلاة العصر وصلى معه جماعة فخرج رجل ممن كان صلى معه الى جهة الكعبة المشرفة فمر على قوم من الانصار اهل مسجد قيل هم اهل مسجد القبلتين في بني سلمة وقيل هم اهل مسجد قباء جماعة بني عمر وكانوا يصلون الصلاة ما صلاة العصر كما في هذا الخبر. واما غيرها وهم يقعون في الصلاة فقال لهم اشهد بالله اي اقروا واعترفوا واذكر لكم اني شاهدت مشاهدة او اسألوا عنها امام الله ان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى قبل مكة فحول قبلته فما كان من هؤلاء الا ان قاموا بالانحراف والدوران من من استقبال جهة جمال جهة بيت المقدس الى ان يستقبلوا الكعبة جهة الجنوب كما هم اي على الصفة التي هم في صلاتهم. فتوجهوا قبل البيت. وحينئذ اعترض بعض الناس وظنوا ان من العقل الاعتراظ. فقالوا ان كانت القبلة الاولى صحيحة فلما تركها؟ وان كانت القبلة الثانية هي الصحيحة لم لم تكن صلاته في اول امره تجاهها فظنوا ان هذا هو العقل. فسماهم الله سفهاء. وبين لهم ان القبلة ليست ان الجهة ليست مقصودة لذاتها وانما هي علامة على استجابة الانسان لامر الله ايا كان شمالا او جنوبا ولذا قال سيقول السفهاء من الناس وعرفهم بانهم هم اليهود بان اليهود يتجهون في صلاتهم الى بيت المقدس ولذا كانوا يحبون ان يقاربهم المسلمون ويماثلوهم في دينهم بينما النصارى يتجهون في صلواتهم الى جهة المشرق قال قال السفهاء ما ولاهم اي ما الذي جعلهم يتركون قبلتهم الاولى التي كانوا عليها. فبدل ان كانوا يصلون الى بيت المقدس اصبحوا يصلون الى الكعبة اباه فرد الله جل وعلا عليهم فقال قل لله المشرق والمغرب فالجهة ليست مرادة لذاتها ومع ان جهة القبلتين الشمال والجنوب الا انه اتى بالمشرق والمغرب ليكون ذلك اقرب في اذهانهم ولينبه على شيء من الايات الكونية العظيمة وبين ان الهداية الى الله تعالى فهو يهدي من يشاء الى صراط مستقيم كانه يقول ليست الاهم الجهة وانما الاهم ان يكون الانسان على طريقة صحيحة مستقيمة توصله الى رضا الله جل وعلا وقوله وانه اي ان الشأن انه مات على القبلة الاولى جهة بيت المقدس قبل ان تحول الى جهة الكعبة المشرفة رجال وقتلوا قبل تحويل القبلة. ومن ثم كانت صلواتهم كلها التي ادوها جهة بيت المقدس وحينئذ كانهم ترددوا في صلاة اولئك هل تكون مقبولة او لا تكونوا كذلك وهل يبقى لهم اجرهم في صلاتهم الى بيت المقدس او لا؟ ولذا قال فلم نادر اي لم نعلم ولم يكن لدينا معرفة بصحة وما الذي نقول في هذه الصلوات التي صلوها تجاه بيت المقدس؟ وهل تحسب لهم وانهم يردون يوم القيامة خالي الوفاظ من اجل الصلوات فانزل الله تعالى هذه الاية وما كان الله ليضيع ايمانكم ايمانكم يعني صلواتكم التي صليتموها اتجاه بيت المقدس ان الله بالناس لرؤوف رحيم ففي هذا الحديث من الفوائد ان الاعمال ومنها الصلاة تدخل في مسمى الايمان وانه قد يطلق الكل ويراد به البعض. كما اطلق اسم الايمان واراد صلاة وفي هذا الحديث صلة الانسان لاقاربه من اخواله واجداده. ولذا لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل على اخواله من الانصار وفي هذا الحديث اثبات وجود النسخ وان من انواع النسخ النسخ المماثل بهذا الحديث ايضا ان فظل الكعبة المشرفة ووجوب التوجه اليها في الصلوات وفي هذا الحديث اداء الصلوات جماعة كما كان الناس في ذلك الزمان وفيه مشروعية تعدد الجماعات في البلد الواحد وفي هذا الحديث قبول خبر الواحد حيث ان ذلك الرجل الواحد اخبرهم بتحول القبلة قبلوا منه وقد استدل جماعة بهذا الحديث على ان الاخبار المتواترة قد تنسخ باخبار الاحاد فان اهل هذا المسجد كان من الخبر المتواتر عندهم التوجه لبيت المقدس في الصلاة فلما اخبرهم ذلك المخبر الذي يعلمون صدقه بتحول القبلة ونسخها قبلوا منه ذلك ولم ينازعوه فيه وفي هذا الحديث ان من ما يظن انه عقل سفاهة فبعض السفاهة يظنها بعض الناس من العقل والحكمة وبالتالي لا ينخدع الانسان بالشبهات التي تلقى عليه وفي هذا الحديث ان الاعتراظ على احكام الله ليس من شأن اهل الايمان وفي هذا الحديث ان الهداية بيد الله جل وعلا يجعلها لمن يشاء من عباده بهذا الحديث ايضا التأكيد على ان الجهة في الصلاة ليست هي المقصودة لذاتها. وانما المقصود ان يرضي العبد ربه جل وعلا فكانت الجهة على جهة التبع. ولا يجوز لاحد ان يخالف في صلاته جهة الكعبة وفي هذا الحديث ان شرائع الاسلام باول الامر كان فيها مقاربة مع شرائع اهل الكتاب وان الحال انه في اخر الامر نزل نسخ كثير من الاحكام التي فيها مشابهة لاهل الكتاب وفي هذا الحديث فضل الصحابة الذين ماتوا اول الاسلام. ولذا نوه بذكرهم وباعمالهم الصالحة ومنها ما ادوه من الصلاة. قال رحمه الله عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله الله عليه وسلم اذا احسن احدكم اسلامه فكل حسنة يعملها تكتب له بعشر امثالها الى سبعمائة ضعف. وكل يعملها تكتب له بمثلها. قوله هنا اذا احسن احدكم اسلامه اي كان مستجيبا لاوامر الله بعيدا عن مناهيه. بعد دخوله في الاسلام فكل حسنة اي فكل عمل صالح يؤديه يكسب به حسنة فان الله جل وعلا يضاعف له الاجر حتى انه يكتب له بالحسنة الواحدة عشر امثالها الى سبعمائة ضعف ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء بينما في السيئة اذا عمل الانسان سيئة فانه لا يكتب له الا وزر واحد. بمثل تلك السيئة وسميت سيئة لانها تسوء صاحبها يوم القيامة وفي هذا الحديث من الفوائد ان اسلام الانسان اسلام الناس يختلف فمنهم من يحسن اسلامه ومنهم من لا يكون كذلك وفي هذا الحديث ان فظل الله على العباد عظيم. ومن فظله مظاعفة اجر الحسنة الى اضعاف كثيرة دون السيئة وفي هذا الحديث ان ما يناله الانسان من الاجر يكون بقدر ما لديه من اسند الاسلام ولذا قد يعمل الاثنان عملا واحدا ويكون اجرهما متفاوتا. احسن الله اليكم. قال عن عروة عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها امرأة من بني اسد قال من هذه؟ قالت فلانة لا تنام الليل تذكر من صلاتها؟ قال مه عليكم بما تطيقون من الاعمال فوالله لا يمل الله حتى تملوا. وكان احب الدين اليه ما دام عليه صاحبه. ان قوله هنا ان النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يعني على عائشة وعندها يعني عند عائشة في بيتها امرأة من بني اسد فقال من هذه؟ يعني انه سأل عن هذه المرأة فقالت عائشة فلانة يعني انها تذكرها باسمها ثم ذكرت صفة من صفاتها فقالت بانها لا تنام الليل اي انها طول ليلها تقوم باداء صلاة النافلة فقال صلى الله عليه وسلم مه وهذه الكلمة تشتمل على شيئين الاستفهام كأنه قال ما هذا وعدم الاقرار والتوبيخ في هذا الفعل ثم قال عليكم اي ليكن من شأنكم ان تفعلوا من الاعمال ما تطيقون اي ما تستطيعونه بدون اي مشقة عليكم من الاعمال فوالله يقسم النبي صلى الله عليه وسلم بالله تعالى لا يمل الله حتى تملوا اي لا يستثقل ما تؤدونه من العمل وكان احب العمل اليه يعني كان اشد الاعمال محبة لله عز وجل وقوله الدين يعني الطاعة التي تتقربون بها الى الله ما دام عليه صاحبه اي ما استمر عليه صاحبه واداه على جهة الدوام وكرره في كل يوم من ايامه ففي هذا الحديث جواز ادخال المرأة بيتها بعض النساء قبل استئذان الزوج كما ادخلت عائشة المرأة الاسدية وفي هذا الحديث دخول الرجل على اهل بيته وفي هذا الحديث جواز السؤال عن اسماء الاخرين وعن التعريف بهم وفي هذا سواء كان سؤالا للشخص في نفسه فيقال من انت او كان لغيره فيقال من هذا وفي هذا الحديث ان التعريف للانسان يكون بذكر اسمه فلذا قالت فلانة بذكر اسمها وفي هذا الحديث جواز ثناء الانسان على غيره في وجهه كما فعلت عائشة في ظنها وفي هذا الحديث مشروعية قيام الليل بما لا يكلف على الانسان. وفي هذا الحديث تحذير الانسان من ان يقدم على عمل يكون مشقا به فيكون من اسباب تركه لذلك العمل وفي هذا الحديث استحباب المداومة على الاعمال الصالحة. وان ذلك من احب ما يكون لله تعالى لا فان العمل بالمداومة عليه يصبح عملا كثيرا. ويكون اجره عديدا وقوله وكان احب الدين قد يكون المقصود بهذا النبي صلى الله عليه سلم ويكون هذا اللفظ من كلام عائشة رضي الله عنها وهو الاظهر وقد قيل بان هذا اللفظ مرفوع للنبي صلى الله عليه وسلم. وبالتالي يكون الظمير في قوله اليه يعود الى الله جل وعلا وفي هذا الحديث مشروعية الاستمرار على الطاعات وان المداومة عليها تجعل الانسان يكسب اجرا كثيرا وثوابا جزيلا بارك الله فيكم ووفقكم الله لكل خير وجعلني الله واياكم من الهداة المهتدين كما نسأله سبحانه ان يزيد في ايماننا وان يرفع درجاتنا وان يجعلنا من اهل المنازل للعلا في جنان الخلد. كما نسأله سبحانه ان يصلح احوال المسلمين وان يجعلنا واياكم ممن صام هذا الشهر وقامه ايمانا واحتسابا. كما نسأله جل وعلا صلاحا احوال امة محمد صلى الله عليه وسلم واستقامة امورهم. ونسأله جل وعلا ان ثقة ولاة امرنا لكل خير وان يجعله من اسباب الهدى والتقى والصلاح والسعادة للناس اجمعين هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه