اما اذا دعا بنزول المطر فانه يستحب ان يرفع يديك كما في حديث انس هذا فقوله فرفع يديه ورفع الناس ايديهم. فيه متابعة المأمومين للامام في رفع الايدي عند الدعاء تثار السحاب امثال الجبال ثم امطرت وارسلت السماء عزاليها حتى سالت متاعب المدينة ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحاضر على لحيته صلى الله عليه وسلم. فما كدنا ان نصل الى منازلنا. خرجنا نخوض في الماء حتى الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين. اما بعد فاسأل الله لكم اعادت الدنيا والاخرة. بارك الله لكم في جميع اموركم واتاكم من كل ما سألتموه. وغفر الله ذنوبكم وبعد نواصل ما كنا ابتدأنا به من قراءة كتاب الجمعة المختصر صحيح الامام البخاري. رحمه الله تعالى وغفر له وجزاه عنا وعن الاسلام خير الجزاء فليتفضل القارئ مشكورا بارك الله فيه. الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم وفقنا لما تحب وترضى وخذ بنواصينا للبر والتقوى اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه وللمسلمين قال الامام البخاري رحمه الله تعالى عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال جاء رجل والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يخطب الناس يوم الجمعة فقال اصليت يا فلان؟ قال لا. قال قم فصلي فاركع ركعتين قال اذا جاء احدكم والامام قد خرج يخطب فليصلي ركعتين. قوله هنا جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة فقال له اصليت يا فلان فيه مخاطبة الامام لبعض المأمومين ليسألهم عما يتعلق باعمالهم المتصلة بصلاة الجمعة ولذا عنون البخاري عليه بقوله اذا رأى الامام رجلا جاء وهو يخطب امره ان يصلي ركعتين في الحديث دلالة على ان الاصل في صلوات التطوع ان تكون بركعتين ركعتين كما في قوله قم فصلي فاركع ركعتين وفي هذا دلالة على مشروعية تحية المسجد لمن دخل المسجد. وفيه ايضا ان من قال المسجد والامام يخطب خطبة الجمعة فانه يستحب له ان يصلي تحية المسجد مسجد وبهذا قال الامامان الشافعي واحمد رحمهما الله تعالى وقال الامامان ابو حنيفة ومالك بان من دخل المسجد والامام يخطب جلس لما ورد في الشرع من الامر باستماع خطبة الجمعة وقالوا عن الاحاديث التي وردت في هذا الباب بانها اخبار احاد تخالف القياس او انها في مسائل عموم البلوى. ولذلك لم يقبلوا بها. والصواب ان احاديث النبي صلى الله عليه وسلم واجبة القبول انه لا يصح ان نعارض الاحاديث النبوية بالاقيسة التي لا يصح ان تقدم على الاحاديث والاخبار وقد استدل بعض الظاهرية بالحديث على وجوب تحية المسجد فانه قال فصلي قم فصل ولكن الصواب انه لا يجب على الانسان الا الصلوات الخمس بما ورد في الحديث ان رجلا قال يا رسول الله الله ما الواجب علي من الصلاة؟ قال خمس صلوات في اليوم والليلة. ولما ارسل النبي صلى الله عليه معاذا الى اليمن قال له ليكن اول ما تدعوهم الى شهادة ان لا اله الا الله فانهم اطاعون لذلك فاعلمهم ان الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة. فدل ذلك على عدم وجوب غيرها ومن ذلك تحية المسجد. ومن ثم فان الصواب ان تحية المسجد من المستحبات المتأكدة. وفي هذا دلالة على ان تحية المسجد من ذوات الاسباب. فتفعل في اوقات تنهي الموسع. وقوله قم فصلي فيه دلالة على ان القيام جزء من ان الصلاة نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله عن انس بن مالك رضي الله عنه قال اصابت الناس سنة على عهد النبي صلى الله عليه عليه وسلم فبين النبي صلى الله عليه وسلم قائم يخطب في يوم الجمعة دخل اعرابي فقال يا رسول الله قحط المطر واحمرت الشجر وهلكت المواشي. وهلك المال والناس العيال وانقطعت السبل فادعوا الله لنا يغيثنا فرفع يديه ورفع الناس ايديهم معه يدعون. وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شيء من دعائه الا في الاستسقاء. فدعا فقال اللهم اسقنا اللهم اسقنا اللهم اسقنا فلم يذكر انه حول رداءه ولا استقبل القبلة. قال انس ولو الله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة ولا شيء وان السماء كمثل الزجاجة وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار. قال فطلعت من ورائه سحابة كن مثل الترس فهاجت ريح انشأت سحابا. فلما توسطت السماء انتشرت فوالذي نفسي بيده ما وضعها اتينا منازلنا فمطرنا يومنا ذلك ومن الغد وبعد الغد والذي يليه حتى الجمعة الاخرى. والله ما رأينا الشمس ستا ودخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب. ذلك الاعرابي او قال غيره فاستقبله قائما فقال يا رسول الله غرقنا تهدم البناء وغرقت المواشي وهلكت الاموال وانقطعت السبل وبشق المسافر ومنع الطريق فادعوا الله لنا ان يصرفه ويمسكها عنا. قال فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم فضحك فرفع يديه فقال اللهم حوالين ولا علينا. اللهم على الاكام ورؤوس الجبال والاجام والظراب وبطون الاودية ومنابت الشجر. فاقلعت فما يشير بيده الى ناحية من السحاب الا انفرجت فانقطعت ولقد رأيت السحاب يتقطع يمينا وشمالا. فانجابت عن المدينة انجياب الثوب وصارت المدينة مثل الجوبة يمطرون ولا يمطر اهل المدينة قطرة وسالا الوادي وادي قناة شهرا ولم يجيء احد من ناحية الا حدث بالجود يريهم الله كرامة نبيه صلى الله عليه وسلم. واجابة دعوته قوله اصابت الناس سنة اي عام جاءهم فيه القحط. فتوقف المطر وجاع الناس في هذا دلالة على ان نقصان الامطار في سنة من السنوات لا يدل على فساد اهل الزمان او هوانهم عند الله او قلة منزلتهم عنده جل وعلا بل الله يقدر من الاوقات المناسبة لنزول الامطار ما يكون سببا لصلاح الاحوال في الحديث من الفوائد ان خطيب الجمعة يخطب وهو قائم وان النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤدي خطبة الجمعة وهو كذلك وقوله هنا دخل اعرابي يعني المسجد. فقال يا رسول الله قحط المطر اي توقف ولم يعد ينزل واحمرت الشجر اي انقلبت الوانها الى اللون الاحمر بعدم وجود الماء الذي يرويها وهلكت المواشي اي ماتت وهلك المال والناس وجاع العيال بمعنى انهم لم يجدوا مأكلا يأكلونه وقوله هنا وانقطعت السبل اي ان الطرق التجارية التي يسافرون عليها توقع لان الماء قد انقطع فيخشى الانسان ان يسافر فيموت من العطش قال هذا الاعرابي فادعوا الله لنا يغيثنا اي طلب من النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء بانزال امطار وفي هذا حكم استشفاع الناس عند الامام لعلهم يسقون في نزول بالامطار وفي الحديث ذكر صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الحديث ان الاصل ان الادعية ترفع فيها الايدي. وانه يرفع وان الداعي يرفع يديه الى الله جل وعلا الا انه يستثنى من ذلك ما لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه فيه مثال ذلك الجلسة بين السجدتين يدعى الله فيها ولكنه لم يؤثر عن النبي صلى الله عليه عليه وسلم انه رفع يديه فقيل بانه لا يستحب رفع الايدي حينئذ. ومثله في الدعاء الذي يكون بعد التشهد لا يستحب فيه رفع اليدين وهكذا الدعاء الذي ثبت الدعاء في خطبة الجمعة في غير الاستسقاء. لان النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بدون ان يرفع قال وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شيء من دعائه الا في الاستسقاء يعني ان بقية الادعية التي تكون في خطبة الجمعة لا يرفع يديه فيها. الا اذا دعا بنزول الامطار وفي هذا الحديث دلالة على استحباب الدعاء بنزول الامطار في خطبة الجمعة كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفيه ان الايمان في خطبة الجمعة اذا رفع يديه استحب لمن خلف ان يرفعوا ايديهم وان يؤمنوا. وفي هذا الحديث ايظا من الفوائد باب قال الاستسقاء او مشروعية الاستسقاء في خطبة الجمعة وانها لا تنحصر دعاء الاستسقاء في صلاة الاستسقاء وكان الامام ابو حنيفة يقول بعدم مشروعية صلاة الاستسقاء ويقول يكفي ان يدعو في خطبة الجمعة ولكن ظواهر الاحاديث ان النبي صلى الله عليه وسلم وعد اصحابه يوما فخرج فصلى بهم صلاة الاستسقاء وقوله هنا اللهم اسقنا فيه الدعاء مباشرة بمطلوب الانسان وفيه تكرار الانسان لي الفاظ الدعاء ولذا قال اللهم اسقنا اللهم اسقنا اللهم اسقنا وفي الحديث من الفوائد جواز ان يدعى بنزول الامطار في خطبة الجمعة وفي ان تحويل الرداء واستقبال القبلة في الدعاء انما يكون فيه صلاة الاستسقاء. ما اذا في صلاة الجمعة فانه لا يفعل ذلك وفي الحديث تكرار لفظ الدعا كما كرر النبي صلى الله عليه وسلم قوله اللهم اسقنا وفي الحديث انه اذا استسقى الناس في خطبة الجمعة فانهم لا يحولون ارديتهم ولا يستقبلون القبلة وفي الحديث كرامة النبي صلى الله عليه وسلم على ربه جل وعلا فان السماء كانت مصحية ولا سحاب فيها. فلما دعا بنزول المطر كون الله جل وعلا السحاب وفي الحديث ايضا من الفوائد ان الله جل وعلا قد يجعل الحوادث العظيمة من اسباب يسيرة كما جعل هذه السحابة العظيمة تنشأ من سحاب صغير. وفي الحديث استحباب ان كون خطبة الجمعة بعد انتصاف النهار وفي الحديث فظل الله على الناس بانزال الامطار عليهم. وقوله وارسلت السماء عزاليها يعني ان افواه القرب فتحت فاصبحت تلقي ما فيها على قال حتى سالت متاعب المدينة المثعاب وهو الة توضع في سطح البناء لتصريف مياه الامطار التي تقع على ذلك البناء وفي الحديث ايضا جواز سير الانسان في المكان الذي فيه مياه مرتفعة اذا لم يجد غيره. وقوله هنا مطرنا ستا في بعض الالفاظ سبعا يعني اسبوعا كاملا. يعني اسبوعا كاملا وقوله هنا ودخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة فيه استمرار الانسان في خطب الجمعة في مسجده في الحديث ايضا من الفوائد انه اذا تتابع نزول الامطار وخشي من الهلاك بسببها فلا بأس كان يدعو الانسان بتوقف المطر سواء كان في صلاته كما في هذا الحديث او في غيره قال وفي هذا الحديث من الفوائد ان نعم الله لها مقادير. لو زادت عن لعادت باسوء منها. ولو انقص الانسان من هذه المقادير لم يحصل تمام المقصود الشرعي. وفي الحديث ايضا من الفوائد الثناء على الله عز وجل جلب انزال الامطار. وفيه انه اذا كثرت الامطار وحشي الهلاك استحب للناس ان يخرجوا من اه مكان الامطار لان لا تؤذيهم. وفي الحديث مشروعية ان يدعو الانسان بايقاف الامطار. وقوله اللهم حوالينا اي بجوارنا في الجهات التي نحن فيها ولا علينا يعني لا يجعل هذا منطلقا نحونا فيكون سببا من اسباب لحوق الظر بنا. وقوله في هذا الحديث تهدم البناء اي تساقط وغرقت المواشي اي كثر الماء عليها حتى ماتت وهلكت الاموال يعني مثل اموال الرجل السابق من البهيمة الانعام وغيرها قوله وانقطعت السبل السبل الطرق وانقطاعها توقف المسافرين عن السير فيها وبشق المسافر يعني انه يضعف عنه اكمال سفره ويعجز عنه ومنع الطريق اي لا نتمكن لانتقال اما بسبب الامطار او بغير ذلك ولذا دعوا الله عز وجل فقالوا له ادعوا الله لنا ان يصرفه يعني هذا السحاب ان يمسكها عنا ان يتوقف المطر وفيه تقرير للقاعدة ان ما زاد عن حده انقلب الى ضده في هذا الحديث عجب الانسان من الامور التي تخرج عن المألوف و في هذا الحديث ايضا استجابة الله لنبيه صلى الله عليه وسلم بتوقف الامطار. قوله اللهم يعني يا الله. حوالين يعني في الجهات التي نحن فيها يكون ما يرعى من بهيمة الانعام ولا علينا اي لا تجتمع هذه الحيوانات تريد بنا شرا وسوءا وقوله اللهم على الاكام ورؤوس الجبال الى كان مثل التلال والجبال المراد بها المرتفع من الارض الذي يبلغ شهوا بعيدا وقال ورؤوس الجبال والاجام والضراب وبطون الاودية فهذه مواطن تستفيد بنزول المياه عليها قال فاقلعت اي توقفت عن المطر ثم ابتعدت السفينة عن اهل البلد فما يشير بيده الى ناحية من السحاب الا انفرجت. يعني اذا اشار الى جهة تفرق سحاب وخرجت السماء فانقطعت يقول ولقد رأيت السحاب يتقطع يمينا وشمالا. يعني انه يتفرق في الجهاد فان جابت عن المدينة انسحبت عنها الحيات وقال فانجابت عن انجياب الثوب يعني ان السحابة ابتعدت عن سقف المدينة انجياب يعني انفتاح الثوب فانه اذا فتح الثوب كان لتتفرق اجزاؤه قال وصارت المدينة مثل الجوبة يعني للشيء الدائري ففوقهم لا سحاب فيه وما حولهم من المناطق فيها سحاب يمطرون ولا يمطر اهل المدينة قطرة اي يمطر من كان في خارج المدينة. قال وسال وادي وادي قناة شهرا اي انه استمر سيله يجري لمدة شهد كامل. قال يمطرون يعني ان الناس تنزل عليهم الامطار ولا يمطرون اي لا يطلب لهم نزول المطر عليهم قال وصارت المدينة مثل الجوبة او يمطرون ولا يمطر اهل المدينة قطرة وسال الوادي المدينة في اطرافها اودية منها هذا الوادي الذي يقال له قناة والميقات في هذا الوادي قال ولم يجي اي لم يأتنا احد من اهل ناحية اي من اي جهة ومن اي اسباط يتبعهم الا حدث بالجود يعني انه يخبر بتتابع نزول الامطار وسيلان الاودية يريهم الله كرامة نبيه صلى الله عليه وسلم حيث استجاب دعاءه واعانة دعوته ان يعين على ما يدعو الله عز وجل به. بارك الله فيكم وفقكم قم لكل خير جعلني الله واياكم للهداة المهتدين. كما نسأله سبحانه ان يصلح احوال الامة وان يردهم فدينه ردا حميدا هذا والله اعلم. صلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين