الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين. اما بعد فاسأل الله جل وعلى ان يبارك فيكم وان يسبغ نعمه عليكم وان يجعلكم موفقين في كل اموركم ما سله ان ييسر لكم امور حجكم وان يتقبل منكم صالح اعمالكم وان يجعلكم ممن غفرت ذنوبهم ورفعت درجاتهم. كما اسأله جل وعلا ان يصلح احوال في مشارق الارض ومغاربها بان يجمع كلمتهم وبان يجعلهم متمسكين بدينهم وان يؤمنهم في بلدانهم وان يرغد عليهم معايشهم. كما اسأله جل وعلا ان يوفق ولاة امرنا في هذه البلاد لكل خير. وان يبارك فيهم وان يجزيهم خير الجزاء انا بالامس حديث مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه من صحيح الامام البخاري وشرحت شيئا من مقدمات هذا الحديث فلعلي اواصل ما يتعلق بهذا الخبر فحينما اصيب قالوا يا امير المؤمنين اوصي يعني اذكر لنا من هو الخليفة من بعدك من اجل ان تنتظم احوالنا وتعيين الخلفاء والولاة له طرائق من ذلك ان ينص عليه من قبل بصاحب الولاية في ان يبين من يخلفه كما فعل ابو بكر رضي الله عنه واما ان يكون بمشورة اهل الرأي واجتماع اهل الكلمة كما في اختيار ابي بكر رضي الله عنه وقد يكون بتسمية مجموعة ليختاروا من بينهم من يرونه كما فعل عمر فانه ولما قيل له يستخلف قال لا اجد احدا احق بهذا الامر من هؤلاء النفر الذين رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض وفي هذا فضيلة هؤلاء الستة من الصحابة عثمان وعلي وعبدالرحمن بن عوف الزبير وطلحة وسعد بن ابي وقاص ومكانتهم فهم من اه العشرة المبشرين بالجنة وجاءت النصوص متتابعة بالثناء عليهم وذكر محاسن رضي الله عنهم وفي هذا السعي لاستجلاب مرظاة الله جل وعلا. وفي هذا ذكر قصة بيعة في عثمان بعد مقتل عمر وفيه ما حصل من الاتفاق على خلافة عثمان رضي الله عنه ثم قال فمن استخلف بعدي فهو الخليفة. يعني من اختاره هؤلاء الستة ليكون خليفة فهو من يتولى امر اهل الايمان فاسمعوا له واطيعوا. وفي هذا تقرير مبدأ السمع والطاعة لاصحاب الولاية. وقد جاءت النصوص بتقرير هذا في الكتاب والسنة. قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم. وقال النبي صلى الله عليه وسلم على المرء المسلم السمع والطاعة فيما احب وكره وعلى اثرة عليه فسمى علي ابن ابي طالب وعثمان ابن عفان والزبير ابن العوام وطلحة وسعد بن ابي وقاص عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنهم وقال يشهدكم عبد الله ابن عمر ليرتب امورهم وينظمهم يكون معهم معينا. وليس له من الامر في شيء كهيئة التعزية له. وفي هذا فظل عبد الله ابن عمر ومكانته عند ابيه وهو من علماء ثم وممن نقلوا كثيرا من احاديث النبي صلى الله عليه وسلم. ثم قال فان اصابت سعدا يعني سعد بن ابي وقاص فهو ذاك. والا فليستعن به ايكم ما امر وذلك ان سعد بن ابي وقاص كان واليا على الكوفة وبعض بلاد العراق فيه بعض اهل العراق بكلام لا يصح عنه رأى عمر ان يعزله وحينئذ ان كان عمر يقر سعدا ويبجله ويراه. ولما طلب منه شيئا من الولاية بعد ذلك امتنع رضي الله عنه ثم بعد ذلك وجه وصية لمن بعده وفي هذا استحباب ان يكتب الانسان وصيته بان ليذكر من خلفه ومن يأتي بعده بطاعة الله جل وعلا. ولذا قال عمر اوصي الخليفة من بالمهاجرين الاولين خيرا. وقد قسم عمر الناس اقساما فاولهم المهاجرون تانيهم الانصار وثالثهم اهل الاعصار والمدن الاخرى. ورابعهم الاعراب. وخامسهم اهل الذمة وفي هذا تقسيم الناس بحسب اعمالهم ومن اجل ان يعطى كل قسم من ما يكون له من طريقة التعامل معه. فاول ذلك ما يتعلق بالمهاجرين قد اوصاه بهم خيرا ان يعرف لهم حقهم يعني مكانتهم ومنزلتهم وان يعطيهم مالهم وان يحفظ لهم حرمتهم اي مكانتهم ومنزلتهم واما القسم الثاني فهم الانصار من اهل المدينة الذين ناصروا النبي صلى الله عليه وسلم بانهم تبوأوا اي نزلوا في الدار والايمان من قبل ان يهاجر النبي صلى الله عليه وسلم واوصاه ان يقبل من محسنيهم ويقبل احسانه وعمله الصالح وان يعفو المسيهم. واما القسم الثالث فهم اهل البلدان الاخرى والانصار. وذكر انهم ريدوا اي معاونوه وحافظوه والقائمون معه وهم جباة المال وغيظ العدو. وفي هذا الاستعانة باهل الاسلام على المصالح والمنافع العامة. واوصاه بان لا يؤخذ منهم الا فظلهم يعني الزائد عن حاجتهم عن رظاهم. واما القسم الرابع فهم الاعراب اي اهل البادية الذين يتنقلون في البوادي يطلبون مواطن الزرع والربيع من اجل بهاء قال فانهم اصل العرب ومادة الاسلام. واوصى بان يؤخذ من حواشي اموال يهم يعني في الزكاة وان يرد هذه الزكاة على فقرائهم. واما القسم الخامس فهم اهل اما من مثل اليهود والنصارى والمجوس الذين يسكنون في ديار اهل الاسلام وصفهم بانهم اهل ذمة الله وذمة رسوله ووصفهم بانهم رزق عيالكم لانهم يدفعون الجزية قال ان يوفى لهم بعهدهم وبحيث لا يغدر بهم ولا يؤخذ منهم شيء من حقوقهم واموالهم وان يقاتل من ورائهم. فاهل الذمة لا يكلفون بان يكون منهم احد من ويجب على صاحب الولاية ان يحميهم. والا يكلف من العمل الا طاقتهم حيث لا يشاق بهم وفي هذا بيان ان اهل الذمة يقاتل عنهم وانهم يقرون في ديار اهل الاسلام ولا يؤخذ منهم المماليك هكذا كانت وصية عمر رضي الله عنه. فما هو الا حين يسير حتى مات رضي الله عنه وقبضت وبالتالي خرج الناس من عنده يقول انطلقنا نمشي فذهب عبدالله بن عمر بجنازة ابيه بعد ان غسل وكفن وقبل ان يدخل في بيت عائشة ليدفن استأذن منه ها وكان قد اوصاه ان يقول يستأذن عمر والا يقول امير المؤمنين قال فاني لست بامير وذلك لانه قد مات. فالامرة وظيفة من الوظائف تكون حال حياة الانسان فقالت عائشة رضي الله عنها ادخلوه فادخلا فقبر في بيت عائشة مع رسول الله اي صلى الله عليه وسلم وابي بكر مما يدلك على فضل هذين الرجلين وعظم مكانتهما حيث اختار الله لهما في منازل الاخرة قرب النبي صلى الله عليه وسلم كما اختاره لهم في حياتهم حيث كانوا صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونى سيريه ومن ثم عرف اهل الايمان مكانة هذين الرجلين. وقدروهما وعرفوا ما لهم من البلاء في دين الاسلام وما ترتب على فعلهم وولايتهم من الخير العظيم فلما فرغ من دفن عمر وفي هذا دلالة على مشروعية دفن الموتى اجتمع الرهط الستة وبالتالي بدأوا يتشاورون في من يولون فقال عبدالرحمن بن عوف اجعلوا امركم الى ثلاثة نحن ستة فكل واحد يجعل امره عند شخص اخر لتنحصر مادة الاختيار في ثلاثة رجال فقال الزبير بن العوام جعلت امري الى علي رضي الله عنه وفي هذا تنازل الانسان لمن يرى انه احق منه واولى. وقال طلحة بن عبيد الله تنازلت وجعلت امري الى عثمان. وقال سعد بن ابي وقاص قد جعلت امري الى عبدالرحمن بن عوف. مما يدلك على ان هؤلاء القوم لم يكن مرادهم الدنيا وانما ارادوا الاخرة. لكن لما كانت الامة تحتاج الى لا ولاية تنظم امورهم وتخطط لهم وتقف في وجوه اعدائهم. احتاجوا الى الولاية والامرة وبالتالي وجدوها ظرورة لابد منها فقال عبدالرحمن بن عوف ايكما يعني ان عبدالرحمن تنازل بها ايضا. وقال الامر بينكم يا علي ويا عثمان، رضوان الله على الجميع. فقال عبدالرحمن ايكما يا علي ويا تبرأ من هذا الامر فنجعله اليه. والله عليه والاسلام لينظرن افضلهم في نفسه قال نحن ثلاثة ليكن شخص حكم منا نحن الثلاثة. وبالتالي هذا الحكم يختار واحدا من الاثنين الباقيين فسكت الشيخان عثمان وعلي رضي الله عنهما فقال عبد الرحمن اجعلوا امر الي وليس لي فيه شيء. اتجعلونه الي والله علي يعني اتوكل واتعهد لكم الا الوا يعني لا اقصر في بذل الجهد في اختيار افظلكم. فقال الشيخان نعم عم وحينئذ بدأ بهما جميعا فاخذ العهد على كل منهما فاخذ بيدي علي رضي الله عنه فقال لك قرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولك القدم في الاسلام يعني ساهمت وبذلت من العمل الشيء العظيم ما قد علمت فحين اذ اقسم لي واجعل الله عليك لان امرتك لتعدلن ولئن امرت عثمان عليك لتسمعن ولتطيعن فتعهد بذلك ثم خلا بالاخر بعثمان رضي الله عنه فقال له مثل ذلك لك القدم في الاسلام وقد بذلت لدين الله فالله عليك لئن امرتك لتعدلن ولئن امرت علي لتسمعن ولا تطيعن تعهد بذلك واخذ الميثاق عليهما. وفي هذا مشروعية اخذ المواثيق على من يراد ان وكل اليه شيء من الاعمال ثم بعد ذلك اختار عبدالرحمن بن عوف عثمان رضي الله عنه لما اكانته ولسبكة هو لكبر سنه فقال ارفع يدك يا عثمان فبايعه عبدالرحمن بن عوف وحينئذ بايع له علي ثم بايع له بقية الستة ثم بايع له اهل من المهاجرين والانصار. وكان من خاصية بيعة عثمان ان الناس قد اتفقوا عليها ولم يحصل بينهم خلاف لا من صغير ولا من كبير على مبايعة عثمان رضي الله عنه لعلنا نستمع لحديث اخر مما رواه الامام البخاري فليتفضل القارئ مشكورا الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه وللمسلمين. قال الامام البخاري رحمه الله تعالى عن عائشة رضي الله عنها قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الاموات فانهم قد افضوا الى ما قدموا في هذا الحديث النهي عن سب الاموات ولو كان عملهم سيئا في الدنيا وظاهر هذا الحديث يشمل ميتهم ومن المسلمين ومن غيرهم. فانه قال لا تسبوا الاموات. والاموات جمع معرف بالالف واللام فيفيد العموم وفي الحديث بيان ان الانسان انما يجازى بسبب عمله وان ما قدمه في الدنيا مؤثر في وسبب في ما يجازى به وفي الحديث اثبات عذاب القبر ونعيمه. وفي الحديث من الفوائد الاشارة الى شيء من سكرات الموت. نعم. اثابكم الله قال عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لما نزلت وانذر كيرتك الاقربين صعد النبي صلى الله عليه وسلم الصفا وجعل يدعوهم قبائل قبائل ينادي فهتف يا صباحاه يا بني فهر يا بني عدي لبون قريش حتى اجتمعوا. فجعل الرجل اذا لم يستطع ان يخرج ارسل رسولا لينظر ما هو فجاء ابو لهب وقريش فقال ارأيتكم لو اخبرتكم ان خيلا بالوادي تريد ان تغير عليكم؟ اكنتم مصدقين قالوا نعم ما جربنا عليك الا صدقا. قال ارأيتم لو اخبرتكم ان العدو يصبحكم او يمسيكم اما كنتم مصدقين؟ قالوا بلى. قال فاني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. قال ابو لهب عليه لعنة الله اهل النبي صلى الله عليه وسلم تبا لك سائر اليوم الهذا جمعتنا؟ ثم قال فنزلت تبت يدا ابي لهب وتب ما اغنى عنه ماله وما كسب في هذا الحديث مشروعية تقديم الانسان قرابته في الدعوة الى الله في قوله وانذر عشيرتك الاقربين. وفي الحديث الاعلان بالدعوة لدين الاسلام. وان من شأن اهل الايمان ان يعرفوا الاخرين بطريق الحق وسبيل الهدى وفي الحديث بذل الاسباب الموصلة الى وصول الدعوة الى الخلق ولذا صعد النبي صلى الله عليه وسلم جبلا الصفا والصفا وهو الجبل الصغير الذي في ادنى ابي قبيس ويصل اليه من يسعى بين الصفا والمروة سمي بهذا لان الحجارة على شكل الصفا حجارة سوداء صافية وآآ في هذا الحديث ايضا تخصيص القرابة بقبائلهم. في الحديث تقسيم الى قبائل ولذا جعل يدعوهم قبائل قبائل وقد عرف بعد ذلك بان هذه البطون قريش وفي هذا الحديث جواز انتساب الانسان الى قبيلته فاستجابته للنداء الذي يتعلق بهذه القبيلة وفي الحديث من الفوائد مشروعية جمع الناس في الدعوة الى الله عز وجل والتذكير باحكامه وفي الحديث ما كان عليه اهل الجاهلية من الاهتمام بالدعوات التي ترسل اليهم. وفي الحديث من الفوائد ايضا ان وظيفة الانبياء واتباع الانبياء النذارة كما قال ان هو الا نذير لكم بين يدي عذاب وفي الحديث ايضا تقريب المعلومة بالمثال الذي يقرب الامر الى الاذهان وفي الحديث الاستدلال بمقدمات صحيحة على النتائج المراد التوصل اليها فقد استدل بالتزامه الصدق وعدم جريانه على الكذب فيما مضى على صدقه في دعوته التي يدعوهم اليها وفي الحديث من الفوائد ظرب الامثلة فانه مثل لهم الهلاك الناتج عن عدم استجابتهم له بالعدو الذي يستأصلهم. مما ينبغي معه استعدادهم لذلك العدو. وفي الحديث مشروعية الاستعداد للاعداء وبذل اسباب التي تقي الناس شرور اولئك الاعداء. وفي هذا الحديث من عدم جزع الانسان من رد قرابته للخير والهدى الذي يكون معه. فان لهب لما رد كلمة النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته كان ذلك من بوقوع العذاب بهذا الراد ولذا لم يلتفت النبي صلى الله عليه سلم له وفي الحديث ان الامر العظيم والمهمة الكبيرة والنتائج المبهرة قد لا يلتفت اليها بعض الناس ويظنونها امورا لا قيمة لها فانه لما دعاهم الى كلمة الحق التي تكون من اسباب نجاة الناس يوم القيامة. وهي ايضا من اسباب الخير والرفعة والعلو والنصر على الاعداء في الدنيا احتقر ابو لهب هذه الكلمة وظن انها لا قيمة لها ولا منزلة وانها لا تستحق ان يخرج لها من المنازل او ان يسمع لها. ولذلك قال تبا لك سائر اليوم اذا جمعتنا على سبيل احتقار هذه الدعوة والتنقص منها وفي هذا الحديث معجزة عظيمة معجزة عظيمة تدل على صدق النبي صلى الله عليه وسلم فانه قد نزلت الايات تخبر ان ابا لهب يصلى نارا ذات لهب وبالتالي لو امن ابو لهب لكان ذلك دليلا على كذب هذا النبي. فلما استمر على تكذيبه وكفره وعناده ومات على ذلك دل على ان ما جاء به هذا النبي صدق وانه هم قد ايدته هذه المعجزة العظيمة. ومن هنا يظهر لنا هذا الدليل للعظيم على صدق النبي صلى الله عليه وسلم مع ان علامات النبوة كثيرة عديدة لكن هذا احدها. نعم. احسن الله اليكم. قال رحمه الله تعالى كتاب الزكاة. عن ابن عباس رضي الله عنه عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا رضي الله عنه الى اليمن فقال انك تقدم على قوم اهل كتاب اذا جئتهم فليكن اول ما تدعوهم الى شهادة ان لا اله الا الله واني رسول الله فانهم اطاعوك لذلك فاعلموا المهم ان الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة. فإن هم اطاعوك لذلك فاعلمهم ان الله افترض عليهم صدقة في اموالهم تؤخذ من اغنيائهم وترد على فقرائهم. فاذا اطاعوا بها فخذ منهم وتوق كرائم اموال الناس واتق دعوة المظلوم فانه ليس بينها وبين الله حجاب. اوجب الله عز وجل الزكاة. فقال واقيموا الصلاة واتوا الزكاة. وقد جعل الله عز وجل الزكاة سببا من اسباب مرضاته ومن اسباب وفرة الاموال ونموها وجعل الله الزكاة سبب بركة. كما في الحديث ما نقص مال من صدقة وقد قال تعالى وما اتيتم من ربا ليربوا في اموال الناس فلا يربو عند الله وما اتيتم من زكاة تريدون بها وجه الله فاولئك هم المظعفون. وقال تعالى وما انفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين. وقال تعالى يمحق الله الربا ويربي الصدقات ان اعفها ويزيدها وقال سبحانه يا ايها الذين امنوا انفقوا مما رزقناكم من قبل ان يأتي يوم لا بيع فيه ولا حلة ولا شفاعة وقال يا ايها الذين امنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم ومما اخرجنا لكم من الارض وقال تعالى خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصلي عليهم ان صلاتك سكن لهم وعلى كل هذه النصوص تدل على عظم مكانة الزكاة. وهي الركن الثالث من اركان دين الاسلام بعد شهادتين والصلاة. كما في حديث ابن عمر المتفق عليه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال بني الاسلام على خمس شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام من استطاع اليه سبيلا والزكاة تكون في اموال مخصوصة هي النقود والخارج من الارض من الحبوب والثمار وبهيمة الانعام وعروض التجارة والواجب فيها ام مقدار يسير فالواجب في النقود وعروض التجارة ربع العشر بمعنى انه بمقدار اثنين ونصف في المئة والواجب في الخارج من الارض يختلف باختلاف مقدار التعب الذي بذل فيه وهذا المقدار يؤخذ ويعطى لاصناف محددة مذكورون في قوله تعالى انما للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم وقد ذكر المؤلف عددا من الاحاديث التي تدل على ان الزكاة واجبة وجوبا عينيا على اصحاب الاموال قال ابن عباس بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذا وفيه ان ولاة الاقاليم والدعاة يرسلهم الامام الى الاقاليم. وفي الحديث فضل معاذ رضي الله عنه ومكانته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث بعث ابا موسى ومعاذا رضي الله عنهما الى من قبل حجة الوداع وفي الحديث ان الدعاة يعرفون بالبيئة والمجتمع الذي يريدون ان يقدموا عليه ليعرفوا ما يناسبهم ويتعاملوا معهم بما يكون سببا لصلاح احوالهم. ولذا قال انك تقدم على قوم اهل كتاب. وفي الحديث ذكر ما كان عليه اهل اليمن قبل الاسلام وفي الحديث ان اول واجب على المكلف والاقرار بشهادتي التوحيد لا اله الا الله محمد رسول الله خلافا لمن قال بان اول واجب هو النظر او قصد النظر او والشك فهذه الاقوال لا دليل عليها. بل الادلة تدل على ان الواجب هو الاقرار بالشهادتين فهذا هو اول واجب على المكلفين. ولذا قال فليكن اول ما تدعوهم اليه الى ان لا اله الا الله واني رسول الله. وفي بعض روايات الامام البخاري قال تدعوهم الى اعبادة الله وفي رواية الى ان يوحد الله مما يدلك على ان معنى لا اله الا الله لا معبود بحق الا الله وحده. فهذا هو معنى هذه الشهادة. لان بعض الفاظ هذا الحديث يفسر بعضها الاخر. وفي هذا بيان ان من الواجب اثبات الرسالة لمحمد صلى الله عليه وسلم وفي الحديث انه يبتدأ في الدعوة الى الله بالاهم في الاهم. فابتدأ بالتوحيد ثم بالصلاة ثم ثلث بالزكاة مما يدل على انه لا يدعى الناس الى جميع الشرائع مرة واحدة وانما يعرفون بالواجب عليهم شيئا فشيئا. وفي الحديث اثبات ان الواجب من الصلوات في اليوم والليلة خمس صلوات. كما قال الجمهور خلافا لبعض الحنفية يا الذين يجعلون من الواجب صلاة سادسة هي صلاة الوتر. وفي هذا دليل ايضا على ام منع وجوب غير الصلوات الخمس من مثل تحية المسجد ومن مثل صلاة الطواف فان بعض الفقهاء اوجبها وظاهر حديث الباب يدل على عدم وجوبها. ومثل هذا ايضا ما يتعلق بصلاة العيد التي اوجبها بعض الفقهاء طه وجمهوره على عدم تعينها على الافراد. وكان من حجة الجمهور ودليلهم هذا حديث وفي الحديث التأكيد على وجوب الزكاة وانظر الى ان هنا قال فليكن اول ما تدعوهم اليه الى شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله فاذا هم اقروا بذلك حينئذ يلزمهم ان يقروا ببقية الشرائع وان يلتزموا بها وفي الحديث ايجاب الزكاة وانها من فروظ هذا الدين وانها تؤخذ من الاغنياء رد على الفقراء. وفي الحديث اشارة الى ان الاولى في الزكاة ان توزع في البلد الذي يوجد فيه المال فانه قال تؤخذ من اغنيائهم فترد على فقرائهم. وفي هذا اشارة الى ان من مصارف الزكاة الفقراء. وقد استدل الحنابل بهذا الحديث على ان الفقراء اشد حالا من المساكين والجمهور قالوا بان المساكين اشد حالا وقول والحنابل في هذا اقوى. لان الله ابتدأ بالفقراء فقال انما الصدقات للفقراء والمساكين. وما بدأ بهم الا شدة حاجتهم. ولان الفقير مأخوذ اسمه من فقرات الظهر كانه بفقره قد فقد بعض فقرات الظهر التي يقوم عماد الانسان عليها وفي الحديث التعريف بان الزكاة تؤخذ من اواسط المال فلا تؤخذ من افظله ولا من ان ادناه خصوصا فيما يتعلق بزكاة بهيمة الانعام. وفي الحديث ان اخذ افضل الاموال في الزكاة يعد من انواع الظلم الذي ينتج عنه تجابة الدعوات وفي الحديث ايظا ان صاحب الولاية لا يظلم القى وتحذير صاحب الولاية من ان يكون من اهل الظلم وبيان ان دعوة المظلوم مستجابة ولذا قال واتق دعوة المظلوم فانه ليس بينها وبين الله حجاب. وفي الحديث الترغيب في اتقاء دعوة المظلوم. ولا يعني هذا تحريض المظلوم ان يدعو وعلى ظالمه ولكنه خطاب للظالم من اجل ان يجتنب الظلم ولولا بالمظلوم ان يستغل الموقف بالدعوة لنفسه. بان يصلح الله حاله وان يرفع عنه ظلمة واما الدعاء على الظالم بما لا يستفيد منه المظلوم فليس من العقل في شيء اذا دعوت على الظالم بان يصمه الله او ينزل به الصواعق فانت لا تستفيد من هذا شيئا ايها المظلوم وانما استفادتك في ان يكف ظلمه عنك وفي ان تصلح احوال الظالم فيكون من اهل العدل وفي ان يعوضك الله خيرا مما ظلمت فيه وفي الحديث اشارة الى ان بعض الظلم يزاول على الخلق باسم العدل فهذا الذي اخذ الزكاة واخذ من كرائم الاموال عد النبي صلى الله عليه وسلم اخذه فيه الزكاة ظلما. نعم. احسن الله اليكم. قال عن ابي ايوب رضي الله عنه ان رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله اخبرني بعملي يدخلني الجنة فقال القوم ما له؟ ما له؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم رب ما له. تعبد الله ولا تشرك به شيئا اقيموا الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم ذرها. قال كانه كان على راحلته. في هذا الحديث سؤال الانسان عما يعرض له من المسائل لاهل العلم كما سأل هذا الرجل النبي صلى الله عليه وسلم. وفي الحديث اشارة الى ان دخول الجنة يكون باسباب من افعال الناس. والناس في هذا على ثلاثة اضرب. الاشاعرة يقولون لا دخل لعمل الانسان بدخول الجنة. فالله يدخل من يشاء ويمنع من يشاء. فالامر له سبحانه ويقولون بانه قد يدخل الكافر الجنة ويعذب المؤمن لان الجميع خلق الله ملكه والمالك يتصرف في ملكه بما يشاء. بينما قابلهم طائفة المعتزلة قالوا بان الانسان يدخل الجنة على جهة المقابلة والمجازاة لي امله وكلا القولين خطأ. والصواب ان الانسان يدخل الجنة بفظل الله ورحمته. وهذا الفضل والرحمة له اسباب من افعال بني ادم. ولذا قال تعالى تلك الجنة التي اورثتموها بما كنتم تعملون. بما يعني بسبب فالله يتفضل على اصحاب الاعمال صالحة بان يرحمهم. وفي الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم لن يدخل احدا امله الجنة وهنا بيان ان دخولهم للجنة ليس على جهة المقابلة والمماثلة لاعمالهم الدنيا وذلك ان ما يؤديه الانسان من عمل لا يوازي مقدار نعم الله التي انعم بها عليه في الدنيا وفي الحديث ان بعض الناس قد يستنكر شيئا من المقالات التي هي من مقالات الحق قوى الخير. فلما قال هذا الرجل اخبرني بعمل يدخلني الجنة. قال بعض الناس ماله ماله اي لماذا سأل هذا السؤال ولماذا اعترظ في وجه النبي صلى الله عليه وسلم ليسأل هذا السؤال وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم على راحلته وابتدى بسيره فعارظه وساله هذا السؤال فانكر بعظ عليه هذا السؤال فقال النبي صلى الله عليه وسلم ارب ماله اي حاجة شديدة يحتاج للسؤال عنها هي التي جعلته يقف في هذا الموقف فيسأل هذا السؤال العرب ما له ثم اجاب عليه ببيان الاسباب التي تجعله يدخل في برحمة الله وفضله فيدخله الله الجنة. فاول ذلك قال تعبد الله ولا تشركوا به والعبادة كل عمل فيه تذلل وخضوع وخوف ورجاء ومحبة اه كل عمل اشتمل على هذه الاركان الخمسة فانه يعد عبادة. وهذه العبادات فيها انواع كثيرة منها الصلاة ومنها السجود ومنها الدعاء. وكذلك ايضا العبادات القلبية مثل عبادة الخوف وعبادة الرجا وعبادة التوكل. فكل هذه العبادات يجب افراد الله بها. ولا يجوز ان نصرفها لاحد غير الله جل وعلا فلا يحب احد كمحبة الله ولا يخاف من احد كمخافتك من الله وانما تخاف من الله وحده وتخاف من ان يسلط الله عليك بعض خلقه. ومن هنا فان الانسان يجب عليه ان يمحص هذا الاصل العظيم. فهو الاصل الذي دعا اليه انبياء الله. قال تعالى لقد بعثنا في كل امة رسولنا ان اعبدوا الله. وما من نبي الا وهو يقول لقومه الا تعبدوا الا الله وبالتالي فتجب عبادة التوحيد وافراد العبادة الله جل وعلا ثم قال وتقيموا الصلاة واقامتها بالاتيان بها على وجهها ها المشروع فلم يقل وتصلي فقط. قال تقيم الصلاة بان تأتي بشروطها واركان وواجباتها وان تترك مبطلاتها. ثم قال وتؤتي الزكاة. اي قوموا بايصالها لمستحقيها. وفي هذا دليل على ان ايصال الزكاة الى يد من الواجب على الغني. فليس شأن الفقير ان يذهب الى اهل ليطلبهما اموالهم. وانما الواجب على الاغنياء ان يصلوا باموالهم اي الفقراء وقوله وتصل الرحم اي تتواصل معهم بزيارة منفعة وبالوقوف معهم والتعاون معهم على الخير والبر والهدى ومن الصلة ان تدعوهم الى الخير وان تحذرهم من الشر والرحم كل من بينك وبينه قرابة قرابة تتعلق برحم ولو ابتعدت هذه الرحم وقال ذرها يعني اترك ناقتي من اجلي ان تتمكن من مواصلة السيد قال كانه كان على راحلته. وفي هذا تعليم العلم في كل وقت وفي كل زمان واجابة السائلين على اختلاف الاحوال. وفيه ايضا ان ركوب الدابة لا يمنع من نشر الانسان للعلم بين الخلق. وفي الحديث ايضا اشارة لا استعمال ما يستجد للناس من مركوبات تعينهم في الوصول الى مقاصدهم واهدافهم. اسأل الله جل وعلا ان يبارك فيكم. وان يجعلكم موفقين في كل اموركم تماسله سبحانه ان يصلح احوال الامة وان يردهم الى دينه ردا حميدا. هذا والله واعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين