الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد فهذا لقاء جديد من لقاءاتنا في قراءة كتاب الحج. بمختصر صحيح الامام البخاري رحمه الله تعالى واسكنه فسيح جناته ونفعنا الله بعلومه وجعلنا واياكم من المتبعين لما ورد في كتابه من سنة المصطفى صلى صلى الله عليه وسلم. فلعلنا نستمع لعدد من الاحاديث التي ذكرها هذا الامام ونعلق عليها بما تيسر فليتفضل القارئ بارك الله فيه بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله. نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قال الامام البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال استأذن العباس ابن عبد المطلب رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يبيت بمكة ليالي منى من اجل سقايته فاذن له. في هذا الحديث من الفوائد ايجاب المبيت في منى فانه لم يستأذن في ترك المبيت بمنى الا لكون المبيت ليالي في ايام التشريق من الواجبات. وفي الحديث ان اهل الاعذار يؤذن لهم في لترك المبيت بمنى. ومن هؤلاء من يتولى السقاية. وفي الحديث فضل عباس بن عبدالمطلب وما كان يتولاه من سقاية الحجيج وليال منى هي ليالي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر وعن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء الى السقاية فاستسقى. فقال العباس رضي الله عنه يا فضل اذهب الى امك فاتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بشراب من عندها فقال قال يا رسول الله انهم يجعلون ايديهم فيه. قال اسقني فشرب منه ثم اتى زمزم وهم يسقون ويعملون فيها فقال اعملوا فانكم على عمل صالح ثم قال لولا ان تغلبوا لنزلت حتى اضع الحبل على هذه يعني عاتقه واشار الى عاتقه. قال الشعبي عن ابن عباس سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمزم فشرب وهو قائم وقال عاصم فحلف عكرمة ما كان يومئذ الا على بعير في هذا الحديث من الفوائد فضل العباس رضي الله عنه وتوليه سقاية الحجيج وسقاية زمزم. وفي الحديث جواز ان يطلب انسان من اهل الاعمال ما يتعلق باعمالهم. ولذا طلب النبي صلى الله عليه وسلم السقيا من من العباس وفي الحديث اكرام العباس للنبي صلى الله عليه وسلم حيث رغب ان يسقيه من ماء نظيف لم تمسه ايدي الناس. وفي الحديث تكرار طلب الانسان لما يطلبه اذا توقف ام عنده الطلب ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم للعباس مرارا اسقني. وفي الحديث ان من امتنع عن شيء ولم يقم بي الاستجابة لطلب فينبغي به ان يبين العذر الذي جعله لا ولذا قال العباس لما توقف في الاستجابة انهم يجعلون ايديهم فيه. وفي الحديث تواضع النبي صلى الله عليه وسلم. وفي الحديث من الفوائد فظل سقاية الماء وعظم الاجر المترتب على السقاية. وفي الحديث ان الانسان قد يترك العمل الصالح الذي فيه فظل واجر مراعاة لمآلات الافعال وما يؤول اليه اداؤه لذلك العمل. ولذا كان النبي الله عليه وسلم من بني عبد المطلب وهم الذين يتولون السقاية وهو واحد منهم ومع ذلك تركه لاعمامه وبقية ابناء عمومته. من اجل الا يزحمهم الناس في ذلك العمل وفي الحديث توازع الناس الاعمال الصالحة وتقسيمها فيما بينهم. ولذا كانت قريش توزع الاعمال الصالحة فيما بينها فيتولى كل قسم منها عملا صالحا وفي الحديث شرب النبي صلى الله عليه وسلم من زمزم وهو قائم. فقال طائفة انما فعل ذلك لبيان الجواز ولتوضيح ان النهي عن الشرب قائما للكراهة وليس قيمة وقال اخرون بانه انما شرب قائما لان الارض كانت من طين وكانت قد ابتلت فخشي على نفسه من ان يتأثر بالطين الموجود في الارض. وقال اخرون بل هذا امر علق بزمزم فانه يشرب ماؤها قائما بخلاف غيرها من المياه. وهذا القول فيه نظر لان الاصل في الشريعة ان الاشياء المتماثلة تعطى حكما واحدة. وقول عكرمة ما كان يومئذ الا على بعير. يعني فيه بيان الخلاف الذي من اجله شرب النبي صلى الله عليه وسلم زمزم قائما فانه كان قائما على بعيره ولم يريد ان ينزل منه. نعم. وعن نافع ان ابن عمر رضي الله عنهما ارادا الحج عام نزل جيش الحجاج بابن الزبير رضي الله عنهما او عام حجة الحرورية فدخل ابنه عبد الله ابن عبد الله وظهره في الدار فقال لا يضرك ان تحج العام واني لا امن ان يكون العام بين الناس قتال واخاف ان يصدوك عن البيت فلو اقمت فقال قد خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم معتمرين. فحال كفار قريش بينه وبين البيت نحر النبي صلى الله عليه وسلم بدنة وحلق رأسه وطائفة من اصحابه وقصر بعضهم فان حيل بيني وبين افعل كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا معه اليس حسبكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة. فان خلي بيني وبين البيت طفت وان حبس احدكم عن الحج طاف بالبيت وبالصفا والمروة ثم حل له كل شيء حتى يحج عاما قابلا فيهدي او يصوم ان لم يجد هديا ثم قال اني اشهدكم اني قد اوجبت عمرة فاهل بالعمرة من الحليفة من اجل ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اهل بعمرة عام الحديبية. ثم خرج وسار ساعة حتى اذا كان بظاهر البيداء نظر عبد الله في امره فقال ما امرهما الا واحد فاهل بالحج والعمرة قال ما شأن الحج والعمرة الا واحد؟ اشهدكم اني قد اوجبت مع عمرتي حجا. واهدى هديا مقلدا اشتراه ثم قال قدم فطاف بالبيت وبالصفا لهما طوافا واحدا ولم يزد على ذلك فلم ينحر ولم يحل من شيء حرم منه ولم يحلق ولم يقصر حتى كان يوم النحر. واهدى فنحر وحلق ورأى ان قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الاول. وان ذلك مجزئ عنه. وقال ابن عمر رضي الله عنهما كذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان يقول لا يحل حتى يطوف طوافا واحدا يوم دخول مكة لما توفي معاوية ابن يزيد ابن معاوية دعا عبد الله بن الزبير رضي الله عنه الى مبايعته. طلب الخلافة. وكان من قرابة معاوية مروان بن الحكم وقد بايعه بنو امية ثم بايعه اهل الشام فكان اهل العراق واهل الحجاز قد بايعوا ابن الزبير واهل الشام بايعوا مروان ابن الحكم وحينئذ حصل بينهم نزاع واختلاف. فارسل مروان بن الحكم جيشا الى ابن الزبير بقيادة الحجاج ابن يوسف الثقفي. وحينئذ كانت هناك اركوا ومناوشات في مكة في تلك السنة كان ابن عمر صحابي جليل العالم المعروف في المدينة واراد ان يحج ذلك العام فخشي عليه ابناؤه من ان يصيبه شيء من الجند وخشوا عليه من ان يكون هناك قتال فيناله شيء من الاذى فلما اراد ابن عمر الحج عام نزل جيش الحجاج بابن الزبير او عام حجة الحرورية والحرورية فئة من الخوارج كانوا يقتلون المؤمنين ويكفرون وقد قتلوا جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم. في ذلك الزمان دخل عبد الله ابن عبد الله ابن عمر على به عبدالله ابن عمر. وكان ابن عمر في الدار وظهره قداسة ناداه فاقترح عليه الا يحج في تلك السنة. وقال قد حججت كثيرا ولا تعلم من الذي يحصل في الحج في هذا العام ولا يضرك ان تحج هذه السنة واني لا امن ان يكون هذا العام بين الناس قتال واخاف ان يصدوك عن البيت. ولا تتمكن من اكمال المناسك. فلو اقمت بالمدينة ولم تذهب الى الحج وفي هذا بيان ان من المناسب للانسان ان يجتنب مواطن القتال والفتن قال ابن عمر قد خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم معتمرين. يشير الى عمرة الحديبية التي وقعت في سنة ست وقد جاء النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه فحال كفار قريش بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين البيت. ومنعوه وجاء صلح الحديبية وكان من من بنود صلح الحديبية ان يرجع النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعتمر في ذلك العام فنحر النبي صلى الله عليه وسلم هديه وما معه من البدن وحلق رأسه وتحلل وفي هذا بيان احكام الاحصار في الحج. وان من منع من اكمال الحج ولم يكن فانه يتحلل بذبح هديه ثم يقصر او يحلق وبذلك يجوز له التحلل. وفي هذا جواز النحر قبل الحلق في حال حصر الحاج عن الوصول الى البيت. لم يرد في هذا ان النبي صلى الله عليه وسلم اوجب على اصحابه ان يعتمروا عمرة اخرى مكان عمرتهم تلك مما يدل على ان المحصر ليس بدل فقال ابن عمر ان حيل بيني اي اذا كان هناك من يمنعني من الوصول الى فانني افعل كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا معه بمعنى انني اذبح هدي واتحلل واعود الى المدينة. ثم قال اليس حسبكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقتدي به واسير على منواله حينما عن البيت والله تعالى قال لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة. وفي هذا ان افعال النبي صلى الله عليه وسلم العبادية حجة وفيه ايضا من الفوائد مشروعية الاقتداء به صلى الله عليه وسلم قال ابن عمر فان خلي بيني وبين البيت طفت وبالتالي اكملت عمرتي وان حبس احدكم عن الحج فانه يطوف بالبيت ويطوف بالصفا والمروة ويقلب ليكون عمرة وبالتالي يتحلل. وفي هذا ان من منع من عرفة فانه يذهب الى البيت فيطوف ويسعى ويتحلل. وحلله كل شيء وفيه ان من احصر عن الحج فانه يحج عاما قابلا فيهدي واذا لم يجد الهدي صام. وفي هذا دلالة على ان كل من وجب عليه شاة فلم يجدها فانه يصوم عشرة ايام سواء كان هدي تمتع وقران او كان فدية اذى او كان جزاء ترك واجب من الواجبات او كان دم الاحصار. فحينئذ عزم ابن عمر على ان يأتي بعمرة فقال اني اشهدكم اني قد اوجبت عمرة. فهلا بالعمرة من ذي كيف وذو الحليفة ميقات اهلي المدينة سمي بهذا لوجود نبات الحلفاء فيه ومن اجل ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اهل بالعمرة عام الحديبية ثمان ابن عمر خرج منذ الحليفة وسار ساعة حتى اذا كان بظاهر البيدة وهو المكان مرتفع ففكر في امره ونظر فقال ما امر الحج والعمرة الا واحد؟ وحينئذ طلب نسكه ليجعله نسك القران. فلبى بحجة وعمرة. وفي هذا على جواز قلب الانسان نسك العمرة الى نسك القران وعلل ذلك بقوله ما شأن الحج والعمرة الا واحد؟ فانهم ان صدوني عن الحج تحللت بذبح دم الاحصار. كما لو صدوني عن العمرة ثم حينئذ انقلب نسكه الى القران فقال اشهدكم اني قد اوجبت مع عمرتي حجا. وفي الطريق اشترى هديا من مكان يقال له قديد. وفي هذا دلالة على جواز شراء الهدي من وفي هذا اشارة الى طريقة النبي صلى الله عليه وسلم في حج الوداع قال ثم قدم ابن عمر فطاف بالبيت وهذا الطواف طواف القدوم المستحب وطاف بالصفا لهما يعني جعل سعيه بين الصفا والمروة لحجه وعمرته. ولذلك ان القارن لا يجب عليه الا سعي واحد. كما قال الجمهور خلافا لفقهاء الحنفية ولم يزد على ذلك فلم ينحر. يعني طاف وسعى وبقي على احرامه لم يحلق ولم يقصر ولم يذبح هديه وبقي على الاحرام ولم يحل من شيء حرم منه. وفي هذا دلالة على ان قارن يبقى على احرامه بعد الطواف والسعي حتى يكمل مناسك حجه ولم يحلق ابن عمر ولم يقصر حتى كان يوم النحر. وفي ذلك اليوم اهدى فنحر وحلق ورمى جمرة العقبة وحينئذ تحللت تحلل الاول والذي يظهر انه لم يطف طوافا اخر وجعل طوافه مع طواف وداعه. ولذا عبر عنه راوي بقوله بانه قد رأى انه قد قضى ما عليه من الطواف بطواف فيه الاول وان ذلك مجزئ عنه. ومن الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه كان قارنا وانه لما قدم من مكة طاف طواف القدوم ثم سعى سعي الحج الواجب ثم ذهب الى منى فعرفتا فمزدلفة وبقي على احرامه وفي يوم العيد رمى جمرة العقبة ثم ذبح ثم حلق ثم ذهب الى مكة فطاف طواف الافاضة الذي هو ركن ولم يسعى اكتفى بسعيه الاول. وكان يقول لا يحل حتى يطوف طوافا واحدا يوم يدخل مكة فهذا ما في هذا الحديث من الفوائد. نعم. وعن الزهري قال عروة سألت عائشة رضي الله عنها وانا يومئذ حديث السن فقلت لها ارأيت قول الله تعالى ان الصفا والمروة من شعائر الله. فمن حج البيت او اعتمر فلا جناح عليه ان يطوف بهما فوالله ما على احد جناح الا يطوف بالصفا والمروة. قالت كلا بئس ما قلت يا ابن اختي ان هذه لو كانت ما اولتها عليه كانت فلا جناح عليه الا يتقوف بهما. ولكن هذه الاية انزلت في الانصار كانوا قبل ان يسلموا يهلون لمنات الطاغية التي كانوا يعبدونها وكانت منات حذو قديد عند فكان من اهل يتحرج ان يطوف بالصفا والمروة. فلما اسلموا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك قالوا يا رسول الله انا كنا نتحرج اي نطوف بين الصفا والمروة فانزل الله تعالى ان الصفا والمروة انت من شعائر الله الاية قالت عائشة رضي الله عنها وقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما فليس لاحد ان يترك الطواف بينهما ثم اخبرت ابا بكر بن عبدالرحمن فقال ان هذا لعلم ما كنت سمعته. ولقد سمعت رجالا من اهل العلم يذكرون ان الناس الا من ذكرت عائشة ممن كان يهل بمناه. كانوا يطوفون كلهم بالصفا والمروة. فلما ذكر الله او تعالى الطواف بالبيت ولم يذكر الصفا والمروة في القرآن قالوا يا رسول الله كنا نطوف بالصفا والمروة وان الله انزل الطواف بالبيت فلم يذكر الصفا فهل علينا من حرج ان نطوف بالصفا والمروة؟ فانزل الله تعالى ان والمروة من شعائر الله الاية. قال ابو بكر فاسمع هذه الاية نزلت في الفريقين كليهما. في الذين كانوا يتحرجون ان يطوفوا في الجاهلية بالصفا والمروة والذين يطوفون ثم تحرجوا اي يطوفوا بهما في الاسلام. من اجل ان الله امر بالطواف بالبيت ولم يذكر الصفا حتى ذكر ذلك بعدما ذكر الطواف بالبيت. عروة ابن الزبير امه اسماء بنت ابي بكر وعائشة رضي الله عنها خالته. ولذا كان يدخل عليها لان المرأة الله لا يدخل عليها الا محارمها ومن هؤلاء ابناء اختها. قال عروة سألت عائشة وانا يومئذ حديث السن ذلك انه استشكل معنى اية فظن ان قوله تعالى فمن حج البيت او اعتمر فلا جناح عليه ان يطوف بهما انه يعني عدم وجوب السعي بين الصفا والمروة. لانه قال فلا جناح عليه. فافهمته عائشة ان هذا الفهم فهم خاطئ وانه لو كان كما تقول لكانت الاية فلا جناح عليه الا يطوف بهما وبينت له معنى الاية. وفي هذا دلالة على وجوب السعي بين الصفا والمروة في الحج والعمرة والعلماء لهم في حكم السعي ثلاثة اقوال مشهورة فعند الشافعي واحمد ان الطواف بين الصفا والمروة ركن من اركان الحج لا يتم الا به وقال بعض الحنفية بان هذا السعي مستحب. واستدلوا عليه بفهمهم للاية وان كان فهما خاطئا وذهب طائفة من اهل العلم الى ان السعي بين الصفا والمروة واجب من واجبات الحج وليس ركنا فيه. فمن تركه فانه يجب عليه دم. فهذا القول الاخير هو اظهروا الاقوال لان القول بجعله ركنا يحتاج الى دليل. والادلة التي وردت في السعي انما تدل على وجوبه لا على ركنيته. فالمقصود ان عروة فهم ان هذه الاية انه لا يوجد جناح على من ترك الطواف بالصفا والمروة. فردت عليه عائشة هذا الفهم وحينئذ نعلم ان بعض الناس قد يخطئ في فهم الايات القرآنية وينزلها على غير مراد الله جل وعلا مما يقتضي ان ترد الافهام في كتاب الله الى علماء الشرع الذين طرائق الدلائل ويتمكنون من قواعد الاستنباط ويفهمون النصوص وعندهم من المعرفة باحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم. ففي هذا الحديث ايضا من فوائد ان من فهم فهما خاطئا للنصوص ينبغي رده عن فهمه وتعليمه ما صوابا في فهم الايات القرآنية وفيها ايضا ان من رد فهمه الخاطئ يبين له اسباب خطأه لان لا تمسك بقوله ولان لا يعود الى مثله. ولذا قالت له عائشة لو كان كما تقول لكانت لا فلا جناح عليه ان يتطوف بهما. وفي هذه الاية بيان سبب نزولها فانها نزلت في امرين الامر الاول ان الانصار كانوا يعبدون منات صنم من اصنامهم وكانوا يظنون ان ان هذا الصنم وبين الصفا والمروة عداوة. ولذلك كانوا في عمرتهم في الجاهلية لا يطوفون بالصف والمروة. وحينئذ نزلت هذه هي الاية لازالة ما لديهم من اعتقاد فاسد ولما كانوا يتحرجون منه. فقالت عائشة كان الانصار قبل ان يسلموا يهلون فيقولون لبيك اللهم لبيك لبيك يا منات لبيك وهكذا وكانوا يعبدون في الجاهلية وكانت بنات صنما موجودا في مكان قديد عند مكان اخر يسمى ما المشلل فكان من اهل من الانصار بحج او عمرة يتحرجان يطوف بالصفا مروة فلما اسلموا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم هل عليهم حرج او جناه اذا طافوا بين الصف الصفا والمروة وكانوا لا يطوفون بينهما في الجاهلية فنزلت هذه الاية فمن حج البيت او امر فلا جناح عليه ان يطوف بهما. وبالتالي يعلم بان الطواف بين الصفا المروة مشروع لمن حج او اعتمر وقول عائشة قد سن رسول الله اي جعله طريقة في عبادة الله في النسك وليس المراد به ان ان السعي بين الصفا والمروة مستحب وانما المراد انه قد جعله سنة يجب عملوا بها ولذلك قالت فليس لاحد ان يترك الطواف بينهما. مما يدل على على وجوب السعي بين الصفا والمروة ثم اخبرت ابا بكر بن عبدالرحمن بقول عائشة وفي هذا تناقل العلم التحديث به في المجالس فقال ابو بكر بن عبدالرحمن وهو من علماء التابعين. ان هذا اي هذه رواية التي نقلتها عن ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها ما كنت سمعته ولقد سمعت رجالا من اهل العلم يذكرون ان الناس الا من ذكرت عائشة يعني من غير الانصار ممن كان يهل بمناه كان الناس كلهم يطوفون بالصفا والمروة فلما نزل قوله تعالى وليطوفوا بالبيت العتيق قالوا اذا الطواف لا يكون مشروعا الا بالكعبة. ومن ثم تحرجوا من ان يطوفوا بين الصفا والمروة ولم يأتي فيه دليل يدل على مشروعية الطواف بين الصفا والمروة فنزلت هذه الاية الصفا والمروة من شعائر الله. فمن حج البيت او اعتمر فلا جناح عليه ان يطوف بهما وفي الحديث بيان ان الاصل في العبادات هو التوقيف. وان ما لم يذكر من العبادات في الكتاب والسنة فان الناس يفهمون من ذلك عدم مشروعيته وعدم جواز التعبد لله عز وجل به فانهم قالوا لما لم يذكر الله السعي بين الصفا والمروة دل ذلك على ان انه غير مشروع وانه حرج علينا ان نطوف بهما. وحينئذ قالوا بان هذه الاية نزلت سببين مختلفين ولا يمتنع ان تنزل اية ويكون سبب نزولها واقعتين مختلفتين. وكلاهما سبب لي النزول. نعم. وعن عاصم قال قلت لانس بن مالك رضي الله عنه اكنتم تكرهون السعي بين الصفا والمروة قال نعم كنا نرى انها كانت من شعائر الجاهلية. فلما كان الاسلام امسكنا عنها حتى انزل الله اه ان الصفا والمروة من شعائر الله. فمن حج البيت او اعتمر فلا جناح عليه ان يطوف بهما. في الحديث من الفوائد رجوع التابعين الى الصحابة وسؤالهم عما يشكل عليهم من احوال الناس ومسائل العلم وفي الحديث ما كان عليه الناس في اول الاسلام من كراهة طرائق الجاهلية في انساكهم وفي الحديث ان ما ظن انه من شعائر الجاهلية وهو من شعائر الله ينبغي ان يصرح به. ولذا نزلت الاية ان والمروة من شعائر الله. وفي الحديث ان الاصل في العبادات هو التوقيف وانه لا يشرع لنا ان نعبد الله بعبادة الا وقد جاء الدليل ببيان مشروعيتها. وفي الحديث ان طرائق اهل الاسلام تخالف طرائق اهل الجاهلية وافعالهم وفي الحديث اذ وجوب السعي بين الصفا والمروة. وفيه تفسير الاية الواردة في ذلك. بارك الله فيكم ووفقكم الله لكل خير وجعلني الله واياكم من الهداة المهتدين. كما نسأله جل وعلا ان يرزقنا واياكم انابة اليه وتوبة نصوحا وعملا صالحا ونية خالصة ونسأله جل وعلا ان يصلح احوال المسلمين في مشارق الارض ومغاربها وان يجمع كلمتهم وان يؤلف ذات بينهم وان يدر عليهم في ارزاقهم وان يتولى شؤونهم الدينية والدنيوية اسأله ان يوفق ولاة امرنا لكل خير. وان يبارك فيهم وان يجزيهم خير الجزاء. هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى ام الدين