الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين. اما بعد فاسأل الله جل وعلا ان يسعدكم في الدنيا والاخرة وان يبارك فيكم وان يكون معكم في كل اموركم كما نسأله جل وعلا ان يرزق الجميع العلم النافع والعمل الصالح والنية الخالصة وبعد عندنا في هذا اليوم حديث صلح الحديبية وحديث طويل ان رأينا الوقت معنا والا قسمناه قسمين لعل الله عز وجل ان ينفعنا بما فيه من علم فوائد فليتفضل القارئ بارك الله فيه ليقرأ علينا هذا الحديث. الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قال الامام البخاري وعن الزهري عن عروة ابن الزبير عن المسورة ابن مخرمة رضي الله عنهما ومروان ابن الحكم يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبيات في بضع عشرة مائة من اصحابه. فلما كانوا بذي فتقلد النبي صلى الله عليه وسلم الهدي واشعر واحرم منها بالعمرة وبعث عينا له من خزاعة. وصار النبي صلى الله عليه وسلم حتى كان الاشطاط اتاه عينه قال ان قريشا جمعوا لك جموعا وقد جمعوا لك الاحابيش وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت ومانعوك. فقال اشيروا ايها الناس علي اترون ان اميل الى عيالهم وذراري هؤلاء الذين يريدون ان يصدون عن البيت فان يأتونا كان الله عز وجل قد قطع عينا من المشركين والا تركناهم محرومين. قال ابو بكر رضي الله عنه يا رسول الله خرجت عامدا لهذا البيت لا تريد قتل احد ولا حرب احد فتوجه له. فمن صدنا عنه قاتلناه قال امضوا على اسم الله حتى اذا كان ببعض الطريق قال النبي صلى الله عليه وسلم ان خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة فخذوا ذات اليمين. فوالله ما شعر بهم خالد رضي الله عنه. حتى اذا هم بقترة الجيش فانطلق يركض نذيرا لقريش وسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى اذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بركت به راحلته. فقال الناس حل حل فالحت. فقالوا خلأت خلأت القصواء. فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما خلأت القصوات وما ذاك لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل ثم قال والذي نفسي بيده لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله الا اعطيتهم اياها. ثم ثم زجرها فوثبت قال فعدل عنهم حتى نزل باقصى الحديبية على ثمد قليل الماء يتبرظه الناس تبرظا فلم يلبثه والناس حتى نزحوه وشفي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش. فانتزع سهما من كنانته. ثم امرهم يجعلوه فيه. فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه فبينما هم كذلك اذ جاء بديل ابن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة وكانوا عيبة نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم من اهل تهامة فقال اني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا اعداد مياه الحديبية ومعهم العود المطافيل وهم مقاتلوه وصادوك عن البيت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انا لم نجيء لقتال احد ولكنا جئنا معتمرين. وان قريشا قد نهكتهم الحرب واضرت فان شاءوا ماددتهم مدة ويخلوا بيني وبين الناس فان اظهر فان شاءوا ان يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا والا فقد جموا وان هم ابوا فوالذي نفسي بيده لاقاتلنهم على امري هذا حتى تنفرد سالفتي ولينفذن الله امره فقال بديل سابلغهم ما تقول. قال فانطلق حتى اتى قريشا قال انا جئناكم من هذا الرجل. وسمعناه يقول فان شئتم ان نعرضه عليكم فعلنا. فقال سفهاؤهم لا حاجة لنا ان تخبرونا عنه بشيء. وقال رأي منهم هات ما سمعته يقول قال سمعته يقول كذا وكذا فحدثهم بما قال النبي صلى الله عليه وسلم فقام عروة ابن مسعود فقال اي قوم الستم بالوالد؟ قالوا بلى. قال اولست بالولد؟ قالوا بلى. قال فهل تتهمون قالوا لا. قال الستم تعلمون اني استنفرت اهل عكاظ؟ فلما بلحوا علي جئتكم باهلي وولدي من اطاعني قالوا بلى قال فان هذا قد عرض عليكم خطة رشد اقبلوها ودعوني اته. قالوا ائته فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم نحوا من قوله لبدين. فقال عروة عند ذلك اي محمد ارأيت ان استأصلت امر قومك هل سمعت باحد من العرب اجتاح اهله قبلك؟ وان تكن الاخرى اني والله لا ارى وجوها واني لارى اشوابا من الناس خليقا ان يفروا ويدعوه. فقال له ابو بكر رضي الله عنه امصص بذر اللات انحن نفر عنه وندعه؟ فقال من ذا؟ قالوا ابو بكر. قال اما والذي نفسي بيده لولا يد ان كانت لك عندي لم اجزك بها لاجبتك. قال وجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم. فكلما تكلم كلمة اخذ بلحيته والمغيرة بن شعبة رضي الله عنه قائم على رأس النبي صلى الله عليه وسلم ومعه السيف وعليه المغفرة فكلما اهوى عروة بيده الى لحية النبي صلى الله عليه وسلم ضرب يده بنعل السيف وقال له اخر يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع عروة رأسه فقال من هذا؟ قالوا المغيرة بن شعبة قال اي غدر الست اسعى في غدرتك؟ وكان المغيرة صحب قوما في الجاهلية فقتلهم. واخذ اموالهم ثم جاء واسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم اما الاسلام فاقبل واما المال فلست منه في شيء ثمان عروة جعل يرمق اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعينيه. قال فوالله ما تنخم رسول الله صلى الله عليه وسلم نخامة الا وقعت في كف رجل منهم. فدلك به وجهه وجلده. واذا امرهم ابتدروا امره. واذا توضأ يقتتلون على وضوءه. واذا تكلموا خفضوا اصواتهم عنده. وما يحدون اليه النظر تعظيما له ورجع عروة الى اصحابه فقال اي قوم والله لقد وفدت على الملوك ووفدت على قيصرى وكسرى والنجاشي. والله ان رأيت مليكا قط يعظمه اصحابه ما يعظم اصحاب محمد محمدا. والله ان يتنخم نخامة الا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده. واذا امرهم ابتدروا امره. واذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئي واذا تكلموا خفضوا اصواتهم عنده. وما يحدون اليه النظر تعظيما له. وانه قد عرض عليكم خطة فاقبلوها. فقال رجل من بني كنانة دعوني اتيه. فقالوا ائته. فلما اشرف على النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا فلان وهو من قوم يعظمون البدن فابعثوها له بعثت له واستقبله الناس يلبون فلما رأى ذلك قال سبحان الله ما ينبغي لهؤلاء ان يصدون عن البيت فلما رجع الى اصحابه قال رأيت البدن قد قلدت واشعرت. فما ارى ان يصدوا عن البيت. فقام رجل منهم يقال له مكرز ابن فقال دعوني اته. فقالوا ائته. فلما اشرف عليهم قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا مكرز وهو رجل فاجر فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فبينما هو يكلمه اذ جاء سهيل بن عمرو قال معمر فاخبرني ايوب عن عكرمة انه لما جاء سهيل بن عمرو قال النبي صلى الله عليه وسلم قد سهل لكم من امركم. قال معمر قال الزهري في حديثه فجاء سهيل بن عمرو فقال هات يكتب بيننا وبينكم كتابا. فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الكاتب فقال النبي صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل اما الرحمن فوالله ما ادري ما هي. ولكن اكتب باسمك اللهم كما كنت تكتب. فقال المسلمون والله لا نكتبها الا بسم الله الرحمن الرحيم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم اكتب باسمك اللهم ثم قال هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله. فقال سهيل والله لو كنا نعلم انك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ولكن اكتب محمد ابن عبد الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم والله اني لرسول الله وان كذبتموني اكتب محمد بن عبدالله. قال الزهري وذلك لقوله لا يسألوني يعظمون فيها حرمات الله الا اعطيتهم اياها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم على ان تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به. فقال سهيل والله لا العرب انا اخذنا ظغطة ولكن ذلك من العام المقبل فكتب. فقال سهيل وعلى انه لا يأتيك منا رجل وان كان على دينك الا رددته الينا وخليت بيننا وبينه وابا سهيل ان يقاضي رسول الله صلى الله عليه وسلم الا على ذلك فكره المسلمون ذلك وامتعضوا منه. قال المسلمون سبحان الله كيف يرد الى المشركين وقد جاء مسلما فلما ابى سهيل ان يقاضي رسول الله صلى الله عليه وسلم الا على ذلك كاتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم صلي عليه فبينما هم كذلك اذ دخل ابو جندل ابن سهيل بن عمرو رضي الله عنه يرسف في قيوده وقد خرج من اسفل مكة حتى رمى بنفسه بين اظهر المسلمين. فقال سهيل هذا يا محمد اول من اقاضيك عليه. انت ترده الي فقال النبي صلى الله عليه وسلم انا لم نقضي الكتاب بعد. قال فوالله اذا لم اصالحك على شيء ابدا قال النبي صلى الله عليه وسلم فاجزه لي. قال ما انا بمجيزه لك. قال بلى فافعل قال ما انا بفاعل. قال مكرز بل قد اجزناه لك. قال ابو جندل اي معشر المسلمين. او ردوا الى المشركين وقد جئت مسلما الا ترون ما قد لقيت؟ وكان قد عذب عذابا شديدا في الله. فرد يومئذ ابا جندل الى ابيه سهيل بن عمرو قال فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت الست نبي الله حقا؟ قال بلى قلت السنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال بلى. قلت فلما نعطى الدنية في ديننا اذا؟ قال اني رسول الله ولست اعصيه وهو ناصري. قلت اوليس كنت تحدثنا انا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال بلى فاخبرتك انا نأتيه العام قال قلت لا. قال فانك اتيه ومطوف به. قال فاتيت ابا بكر رضي الله عنه فقلت يا ابا بكر اليس هذا نبي الله حقا؟ قال بلى. قلت السنا على الحق وعدونا على الباطل قال بلى قلت فلم نعطي الدنية في ديننا اذا؟ قال ايها الرجل انه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وليس عصي ربه وهو ناصره. فاستمسك بغرزه. فوالله انه على الحق قلت اليس كان يحدثنا انا سنأتي البيت ونطوف قال بلى افأخبرك انك تأتيه العام؟ قلت لا. قال فانك اتيه ومطوف به. قال الزهري قال عمر فعملت لذلك اعمالا. قال فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاصحابه قوموا فانحروا ثم احلقوا قال فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات. فلما لم يقم منهم احد دخل على ام سلمة رضي الله عنها فذكر لها ما لقي من الناس فقالت ام سلمة يا نبي الله اتحب ذلك؟ اخرج ثم لا يكلم احدا منهم حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحرقك فخرج فلم يكلم احدا منهم حتى فعل ذلك ارى بدنه ودعا حالقه فحلقه فنحر قبل ان يحلق. فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا. ولم يأت احد من الرجال الا رده في تلك المدة وان كان مسلما ثم جاءه نسوة مؤمنات مهاجرات وكانت ام كلثوم بنت عقبة بن ابي معيط رضي الله عنها ممن خرج الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ وهي عاتق فجاء اهلها يسألون النبي صلى الله عليه وسلم ان يرجعها اليهم فلم يرجعها اليهم لما انزل الله تعالى فيهن يا ايها الذين امنوا اذا جاءكم المؤمنات مهاجرات مهاجرات فامتحنوهن. الله اعلم بايمانهم. فان علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن فلا ترجعوهن الى الكفار. لهن حل لهم ولا هم يحلون لهن واتوهم نساء فقوا ولا جناح عليكم ان تنكحوهن اذا اتيتموهن اذا اتيتموهن اجورهن ولا تمسكوا بعظم الكواف. فطلق عمر رضي الله عنه يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك. فتزوج احداهما معاوية بن ابي سفيان. والاخرى صفوان بن امية ثم ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة فجاءه ابو بصير رضي الله عنه رجل من قريش وهو مسلم فارسلوا في طلب رجلين فقالوا العهد الذي جعلت لنا فدفعه الى الرجلين فخرجا به حتى بلغ ذا الحليفة. فنزلوا يأكلون من من تمر لهم فقال ابو بصير لاحد الرجلين والله اني لارى سيفك هذا يا فلان جيدا فاستله الاخر فقال والله انه لجيد لقد جربت به ثم جربت به ثم جربته. فقال ابو بصير ارني انظر اليه منه فضربه حتى برد. وفر الاخر حتى اتى المدينة. فدخل المسجد يعدو. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه لقد رأى هذا ذعرا. فلما انتهى الى النبي صلى الله عليه وسلم قال قتل والله صاحبي واني لم فجاء ابو بصير فقال يا نبي الله قد والله اوفى الله ذمتك قد رددتني اليهم ثم انجاني الله منهم. قال النبي صلى الله عليه وسلم ويل امه مسعرة حرب لو كان له احد فلما سمع ذلك عرف انه سيرده اليهم فخرج حتى اتى سيف البحر قال وينفلت منهم ابو جندل ابن سهيل فلحق بابي بصير فجعل لا يخرج من قريش رجل قد اسلم الا لحق بابي بصير حتى اجتمعت منهم عصابة فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش الى الشام الا اعترضوا لها فقتلوهم واخذوا فارسلت قريش الى النبي صلى الله عليه وسلم وتناشده الله والرحم لما ارسل فمن اتاه فهو امن فارسل ارسل النبي صلى الله عليه وسلم اليهم فانزل الله تعالى وهو الذي كف ايديهم عنكم وايديكم عنهم من مكة ببطن مكة من بعد ان اظفركم عليهم. حتى بلغ الحمية حمية الجاهلية وكانت حميتهم انهم لم يقروا انه نبي الله ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم. وحالوا بينهم وبين البيت. قال عروة فاخبرتني عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمتحنهن بهذه الاية يا ايها الذين امنوا اذا جاءكم المؤمنات اذا جاءكم المؤمنات فامتحنوهن. الى غفور رحيم قالت عائشة فمن اقر بهذا الشرط من المؤمنات؟ قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلقن فقد بايعتكن من يكلمها به ولا والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة الا امرأة يملكها. وما بايعهن الا قوله قد بايعتك على ذلك. والله ما اخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النساء الا بما امر الله. هذا حديث حديث عظيم فيه ذكر قصة الحديبية وهي قصة عظيمة قد رواها الزهري عن عروة ابن الزبير وعروة رواها عن جماعة من الصحابة دخل حديث بعضهم في بعضهم الاخر. وفي هذا دلالة على جواز التنسيق بين الحديث الواحد وضم بعض اخباره الى بعضها الاخر قوله خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية يعني سنة الحديبية وهي السنة السادسة من الهجرة. والحديبية مكان في اطراف مكة بعد حدود الحرم سميت تلك السنة بعام الحديبية لكون النبي صلى الله عليه وسلم قد اقام بها قبل لا الصلح. قال في بضع عشرة مئة من اصحابه. قرابة الف واربع مئة رجل الذين خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم. وفي هذا ذكر ما يتعلق بعمرة الحديبية. قال فلما كانوا ذي الحليفة وهو الميقات لاهل المدينة. سمي بهذا الاسم لنبات الحلفاء فيه. قلد النبي صلى الله عليه وسلم الهدي اي اخذ حبلا ووضع نعالا في طرفي الحبل ووضع على نياقها التي يريد ان يهديها الى البيت هذه القلائد واشعر بمعنى انه اخذ السيف فجرح جانب السنام حتى خرج منه دم قليل. وفي هذا مشروعية تقليد الهدي. وهذا محل اتفاق وفيه ايضا مشروعية الاشعار بجرح سنام البعير المهدى وجمهور للعلم يرون استحباب ذلك وخالفهم الامام ابو حنيفة ورأى انه من تعذيب الحيوان ولكن الذي يظهر ان الحيوان لا يتعذب بذلك وان هدي النبي صلى الله عليه وسلم ثابت فيه وكأن ابا حنيفة لم يبلغه هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. واحرم بالعمرة في هذا مشروعية لاحرام للعمرة من المواقيت. وبعث النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يتحسس اخبار ويكون عينا له فمن قبيلة خزاعة وسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى بلغ غدير الاشطاط. فجاءه هذا الرجل الذي ارسله عينا فقال ان قبيلة قريش قد استعدوا لقدومك وهم قد تحالفوا على ان يردوك عن البيت وقد جمعوا لك الجموع الكثيرة والجنود العديدة ومن ذلك الاحابيش. وهم مقاتلون وصادوك عن البيت ومانعوك حينئذ خطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال ايها الناس اشيروا علي وفي هذا مشروعية طلب المشورة حتى ولو كان الانسان عنده من العلم والرأي ما يفوق به غيره وخيرهم النبي صلى الله عليه وسلم بين ان يختار طريقا يذهب به الى عيال المشركين واموالهم ويكون هذا فيه مجاز زاد لهؤلاء او انهم يقومون بالسير في طريقهم ويستمرون في في ادائهم للعمرة فان يأتون كان الله قد قطع عينا من المشركين والا تركناهم محروبين فشرع عليه ابو بكر بان يمضي في عمرته فان مكنوه من العمرة اداها وان منعوا قاتلهم حتى يصل الى البيت لانهم حينئذ بغاة صدوا من اراد ان يأتي بالعمرة وقال له تعليلا لهذا انت لا تريد قتل احد ولا تريد حرب احد فتوجه لما اردت من العمرة فوافق النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الشوط فقال امضوا على اسم الله الاستعانة بالله عز وجل على ما يؤديه الانسان من الاعمال حتى اذا كان ببعض الطريق اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان خالد بن الوليد قد وصل الى مكان يقال له الغميم معه طائفة من قريش على بعض الخيل لهم طليعة. ولذا امرهم ان يجتنبوا طريقه ولذا قال فخذوا ذات اليمين. قال فوالله ما شعر بهم خالد حتى اذا هم بي بقترتي الجيش بمعنى انهم وصلوا الى هذا المكان الذي ضحى غبار جيش النبي صلى الله عليه وسلم يغطي السماء فوق خالد ومن معه. وحين اسرع خالد راجعا الى قريش يخبرهم بالنبي صلى الله عليه وسلم ومن معه استمر النبي صلى الله عليه وسلم في المسير حتى اذا كان بالثنية يعني المرتفع الذي يهبط وعليهم منها بركة اي اه نزلت وجلست ناقة النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ لم يكن الناس يريدون هذا من الناقة ارادوا ان تواصل المسير لاداء العمرة. فقالوا لها حل حل انهم يقيمونها لتكمل مسيرها. لكنها رفضت طلبهم ولزمت مكانها الو خلأت القسوة يعني اصبحت تمتنع من الطاعة ولا تطيع امر اصحابها. فقال النبي صلى الله الله عليه وسلم ما خلأت القسوة اي لم تمتنع من الامر وانما هو تقدير من رب العزة والجلال وليس العصيان بخلق لهذه الناقة. ولكن حبسها حابس الفيل. ثم ثم قال صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لا يسألني صلحا الا اعطيتهم اياه ولا يسألونني خطة اي خصلة من خصال الصلح يعظمون فيها حرمات الله الا اياها ثم زجر وامر النبي صلى الله عليه وسلم الناقة فوثبت فقال فعدل عنهم اي مال عن قريش حتى نزل باقصى منطقة الحديبية على بئر فيه ماء قليل ويتبرظه الناس بمعنى انهم يأخذون منه الشيء القليل فلم يلبسه الناس حتى نزحوه اي بادروا هذا الماء فاخذوا وما في هذا البئر وشكي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم عدم وجود الماء وخشوا على انفسهم من العطش حينئذ اخذ النبي صلى الله عليه وسلم سهما من كنانته ثم امرهم ان يجعلوه في البئر وحينئذ فاض الماء من هذا السمد فما زال الماء يأتيهم منه حتى ارتووا جميعا وسقوا بهائمهم وملأوا ما معهم من الاواني من من ذلك الماء وفي هذا بيان ما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من البركة وفيه نصرة الله جل وعلا لنبيه صلى الله عليه وسلم. فبينما هم كذلك اذ جاءهم بديل بن ورق الخزاعي خزاعة بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم اه صداقة وصحبة. ولذا قال وكانوا عيبتا نصح يعني انهم موضع نصح النبي صلى الله عليه وسلم فهم يأتمنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من اهل تهامة. ولذا كان من بنود الصلح ان خزاعة يدخلون في صلح رسول الله صلى الله عليه وسلم وبكر يدخلون في صلح قريش فقال اه بديل ابن ورقى اني تركت كعب ابن لؤي وعامر ابن لؤي نزلوا اعداد مياه الحديبية. وهم اعداد كثيرة ولن يمكنوك من الذهاب الى البيت ومعهم العود المطافيل يعني الابل التي قد امتلأت اجوافها من الالبان. وبالتالي حتى ولو طاولت مدة طويلة فلن تتمكن من ان تجاوزهم او تظن انهم سيسأمون او يجوعون اه بصدهم لك عن البيت. وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لبدين انا لم نأت لقتال احد وانما اتينا الى العمرة وبالتالي ليدعون نؤدي النسك في هذا البيت ثم ان قريشا قد اتعبتهم الحروب وقتلت منهم رجالا كثر لان كانوا عقلاء فليجعلوا بيني وبينهم صلحا نترك القتال فيه لمدة من الزمان وهذه المدة يتركوني وباقي قبائل العرب فان كانت القبائل قد انتصرت علي فقد كفاهم الله امر وان هدى الله الناس ودخلوا في هذا الدين فان شاءوا دخلوا فيما دخل فيه الناس والا فانهم قد جموا بمعنى انهم استراحوا من هذه الحروف في هذا وقت واما اذا رفضوا الصلح فوالذي نفسي بيده لاقاتلنهم على امري هذا حتى تنفرد سالفتي يعني حتى ولو قدر ان جميع من معي اما ماتوا او تركوني حتى تنفرد سالفة يعني عنقي في قتالهم. بمعنى انني ساستمر في قتالهم ولن انسحب ينفذن الله امره. فقال بديل انا سابلغهم يعني برغبتك في الصلح ولعل الله عز وجل ان يقضي ذلك. فذهب بديل ابن ابن ورقاء حتى اتى قريشا. فقال انا جئتكم من هذا الرجل يعني النبي صلى الله عليه وسلم وسمعته يقول قولا اريد ان ابلغكم اياه. حينئذ قال السفهاء لا نريد ان نسمعه وسنصده ولن نمكنه من البيت فقال العقلاء وذوو الرأي لنستمع ما يقول ونتخذ من الرأي ما يتناسب معه فقال بديل سمعته يعرض عليكم الصلح وترك القتال وحدثهم بما قال النبي صلى الله الله عليه وسلم حينئذ قام عروة بن مسعود الثقفي من قبيلة ثقيف الاول من قبيلة خزاعة وهذا من قبيلة الثقيف كانهم لما كانوا من قبائل اخرى يسمع منهم في مفاوضات الصلح ما لا يسمع من قبيلة قريش. فقال عروة بن مسعود انا معكم واصبحت كأني واحد منكم يا قريش وبالتالي ارسلوني وسآتي لكم بالصلح الذي يكون لصالحكم. فقال اي قوم الستم بالوالد انتم بمثابة اباء لي. وانا بمثابة الولد لكم. وبالتالي هل تتهموني؟ قالوا لا لا نتهمك. وقال لهم الستم تعلمون في يوم من الايام انني نصرتكم حتى انني ذهبت الى اهل عكاظ وطلبت منهم ان يناصروكم فلما امتنعوا لم يوافقوني جئتكم باهلي وولدي ومن اطاعني. وهذا دليل على انه يناصرهم ومعهم. قالوا بلى قال فان هذا يعني النبي صلى الله عليه وسلم قد عرض عليكم خطة رشد صلح جيد فحين ان اقبلوا هذه الخطة واجعلوني اته حتى افاوض عنكم. فقالوا اذهب اليه. فذهب عروة ابن مسعود سعود الثقفي فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اعرض على هؤلاء القوم خطة رشد يماددون اني مدة عهد بيني وبينهم نترك القتال فان قريشا انهكتهم الحروب فقال عروة عند ذلك يا محمد ارأيت ان استأصلت امر قومك قتلت قومك جميعا فحينئذ مسبة عليك ان يتحدث الناس بانك قد قتلت قومك. وهل سمعت باحد من العرب اجتاح اهله قبلك وقام بافناء قبيلته قبلك وان تكن الاخرى يعني لو قدر ان قريشا انتصرت عليك فهذا هو الذي اتوقعه ثم قال هؤلاء الذين معك لن يناصروك ولا ارى وجوها ورجالا لهم مكانة ومنزلة اله واني لارى اشوابا يعني اخلاط من الناس خليقا بهم ان يهربوا ولا ويتركوك ويدعوك حينئذ كان ابو بكر حاظرا فقال ابو بكر حمية لله انصص بظرا اللات بذرا لا تعنيه فرجها. والبظر قطعة من فرض مرأة فكأنه يقول له هذا الكلام غير مقبول وبالتالي انحن نفر عنه وندع فحينئذ قال عروة ابن مسعود من ذا اي من هذا الرجل المتكلم بهذه الكلمة فقالوا هذا ابو بكر وكر وكان ابو بكر له فظل على عروة ابن مسعود في الجاهلية. ولذا قال عروة ابن مسعود اما والذي نفسي بيده ايه؟ لولا يد يعني فضيلة واحسان كانت لك عندي لم اجزك بها لاجبتك وتكلمت بكلام مثل كلامك. حينئذ بدأ عروة بن مسعود يكلم النبي صلى الله عليه وسلم. وفي هذا جواز اجراء المحادثات في الصلح وفيه ايضا الرد على المقالة التي اه تستهين باهل الاسلام وتستقل من مكانتهم. فكلما تكلم عروة كلمة اخذ بلحية النبي صلى الله عليه وسلم. وكان المغيرة بن شعبة الثقفي وهو من قبيلة عروة ابن مسعود واقفا على رأس النبي صلى الله عليه وسلم يحميه. فكلما مد عروة يده قام المغيرة شعبة بظرب يد عروة من اجل الا يمد يده على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان عروة معه السيف وعليه المغفر غطاء الرأس. فكلما هو عروة بيده الى لحية النبي صلى الله عليه وسلم ظرب المغيرة يد عروة بنعل السيف يعني اسفل به وقال له اخر يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع عروة رأسه فقال من هذا؟ فقالوا هذا ابن اخيك المغيرة ابن شعبة. فانظروا كيف حام عن رسول الله ضد رجل من قبيلته فقال المغيرة اي غدر اي انت الرجل الغادر الذي لا زلت اسعى في اثار غدرتك. وذلك ان المغيرة ابن شعبة خرج مع جماعة الى سفر اما الشام او مصر وبينما هم عائدون ومعهم تجارة قام المغيرة فقتلهم. وقتل اصحابه في هذه التجارة اخذ اموالهم وذلك قبل اسلامه. فبينما هو كذلك خشي من ان يقوم اصحاب وقرابة هؤلاء الرجال المقتولين عليه. ولذا اسلم وذهب للنبي صلى الله عليه وسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم اما الاسلام فاقبل. واما المال آآ لست منه في شيء والواجب رده لاهله. ثمان عروة جعل يلتفت ويتفقد اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعينيه فقال فرأى امرا عجيبا رأى احترام الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يأمرهم بامر الا ابتدروا اليه. بل لم يتنخم بنخامة الا ابتدروا الى تلك النخامة يتبركون بها. وفي هذا بركة ما يخرج من النبي صلى الله عليه وسلم من الطاهرات وفكانوا آآ يدلكون بها وجوههم وجلودهم. واذا توظأ اخذوا وضوءه يغتسل به وكانوا اذا تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم استمعوا له واذا ارادوا ان يتكلموا عنده خفضوا اصواتهم وكانوا لا يحدون النظر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع عروة ابن مسعود الى قريش فقال اي قوم لقد رأيت امرا عجبا لقد وفدت على الملوك وفتوا على قيصر وكسرى والنجاشي. والله ما رأيت مليكا قط يعظمه اصحابه ما يعظم اصحاب محمد محمدا. وفي هذا تعظيم مقام النبوة ووجوب احترام ذلك المقام ثم ذكر لهم ما شاهده من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم قال وانه قد عرض عليكم خطة رشد اي صلح فاقبلوها حينئذ قال رجل من بني كنانة دعوني اته. فقالوا ائته ذهب هذا الرجل الكناني الى النبي صلى الله عليه وسلم فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم بقدومه قال هذا الرجل من قبيلة يعظمون الحرم. ويعظمون اه الهدي والبدن التي تهدى الى البيت. ولذلك ابعثوها قائمة من اجل ان يعلم اننا انما اتينا لاداء النسك. وبالتالي يكون هذا من اسباب معرفته بالهدف الذي قدمنا من اجله فبعثت البدن له واستقبله الناس يلبون لبيك اللهم لبيك فلما رأى ذلك قال سبحان الله ما ينبغي لهؤلاء ان يصدوا عن البيت وفي هذا جواز اظهار الطاعات متى ترتب على ذلك مصلحة شرعية. قال فلما رجع الرجل الكناني الى اصحابه قال رأيت البدن قد قلدت واشعرت فما ارى ان يصدوا عن البيت حينئذ بعثوا رجلا اخر لعلنا نكمل ما يتعلق بهذا الحديث وشرحه وبيان احكامه في الغد باذن الله جل وعلا. وفقكم الله لكل خير وجعلني الله واياكم من الهداة المهتدين هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما من كثيرا