الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين. اما بعد فاسأل الله جل وعلا ان يعظم لكم الاجر وان يكثر لكم الثواب وان يرظى عنكم رظا لا يسخط بعده ابدا. وان يجعلكم موفقين في كل اموركم وان يغفر ايديكم وبعد فهذا هو الدرس الثاني من دروسنا في كتاب الصلاة من مختصر صحيح الامام البخاري رحمه الله تعالى نتدارس فيه عددا من احاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم. نرجو بها ان يرضى الله وان ينزل علينا السكينة والرحمة وان يجعلنا ممن يذكرهم جل وعلا. فلعلنا نقرأ عدد من الاحاديث التي اوردها الامام رحمه الله تعالى. تفضل بارك الله فيك. الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. قال الامام البخاري رحمه الله وعن عائشة رضي الله عنها قالت فرض الله الصلاة حين فرضها ركعتين ركعتين في الحضر والسفر ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم فاقرت صلاة السفر على الاولى وزيد في صلاة الحضر. قال الزهري فقلت لعروة ما بال عائشة تتم؟ قالت تأولت مات اول عثمان رضي الله عنه قوله فرض اي اوجب الله الصلاة حين فرضها يعني اول ما اوجبها وكتبها على الامة ركعتين ركعتين. يعني ان الصلوات الرباعية وهي صلاة الظهر والعصر والعشاء كانت في اول الاسلام على ركعتين ركعتين قبل الهجرة. فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم وانتقل من مكة الى المدينة زاد الله جل وعلا في صلاة الحظر فجعلها اربع ركعات في الظهر والعصر العصر والعشاء وابقى صلاة السفر على ما كانت عليه ركعتين ركعتين. الزهري وهو الامام المعروف سأل عروة ابن الزبير وهو راوي الحديث عن عائشة لانها كانت خالته. فقال الزهري اذا كان الامر كذلك فلماذا عائشة تتم الصلاة في الاسفار فقال عروة تأولت اي انها اجتهدت وظنت انها اذا كان لها بيت في مكان انها تتم الصلاة. فان عائشة لما رأت لها بيتا في مكة لبعض قرابتها تأولت وظنت انها تعد بذلك مقيمة. ولذلك كانت تتم الصلاة. كما ان عثمان رضي الله عنه انا في اول خلافته يقصر الصلاة اذا ورد الى مكة لكنه بعد ان تزوج وجعل فيها امرأة اصبح يتم الصلاة حتى ولو اقام الاقامة الخفيفة. فهذا ما تأوله عثمان رظي الله عنه. ففي هذا الحديث بيان كيف فرضت الصلاة اول ما فرضت وفيه بيان ان الصلاة مفروضة وانها ركن من اركان الاسلام. وفي هذا الحديث بيان ان الصلاة اول ما فرضت كانت على ركعتين وانها اتمت بعد ذلك وقد اخذ الظاهرية من هذا الحديث وجوب قصر الصلاة على المسافر والجمهور يرون ان ذلك ليس على سبيل الوجوب. بل الجمهور يرون ان قصر الصلاة في الاسفار مستحب يؤجر الانسان عليه ولكنهم لا يرون وجوب ذلك ويرون صحة صلاة من اتى بالصلاة تامة في سفره فان الله تعالى قال واذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة. قالوا فدل هذا على ان من لم يقصر الصلاة في حال ضربه في الارض لا يعد ممن ترتب عليه الجناح. وفي هذا الحديث ايظا من ما ذكر هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وبيان انها فاصلة بين حال اول الاسلام وحال اخره ولذا ارخت الامة تاريخها من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ام قال محمد بن المنكدر رأيت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما صلى في ثوب واحد في ازار ملتحفة به قد عقده من قبل قفاه وثيابه موضوعة على المشجب. قال له قائل تصلي في ازار واحد؟ فقال قال انما صنعت ذلك ليراني احمق مثلك. رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب. واينا كان له ثوب على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض اسفاره. فجئت ليلة امري فوجدته يصلي وعلي ثوب واحد فاشتملت به وصليت الى جانبه. فلما انصرف قال ما السر يا جابر فاخبرته بحاجتي فلما فرغت قال ما هذا الاشتمال الذي رأيت؟ قلت كان ثوب كن يعني ضاق قال فان كان واسعا فالتحف به. وان كان ضيقا فاتزر به. قوله هنا قال محمد بن المنكدر هو من علماء التابعين رحمه الله رأيت جابر بن عبدالله الانصاري وهو من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في ثوب واحد اي في قطعة واحدة. وليس عليه قطعة اخرى غير هذه القطعة. في زار يعني ملتحفا به والازار ما يغطى به اسفل البدن. والالتحاف تغطية جميع البدن. قال قد عقده اي ربطه من قبل قفاه اي من جهة مؤخرة رأسه. وثياب يعني عنده ثياب اخرى فهو اكتفى بالصلاة في هذا الثوب الواحد مع وجود ثياب اخرى له موجودة موضوعة على المشجب وهو المكان الذي تعلق عليه الثياب من اجل يبسها بعد تغسيلها. فقال له قائل سأله تصلي في ازار واحد كانه يستنكر عليه انه اكتفى بثوب واحد في صلاته. فقال جابر رضي الله عنه انما صنعت ذلك اي الصلاة في ثوب واحد فقط ليراني احمق مثلك يعني من لا يقدر الامور يكون جاهلا لا يعرف الاحكام فيتعلم مني حيث يراني افعل ذلك. ثم قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب يعني واحد. فهذا فيه قال واينا كان له ثوبان يعني كنا على حالة فقيرة وحالة ظعيفة بحيث ان من عنده اكثر من ثوب طائفة قليلة جدا والاغلب انهم لم يكونوا يملكون الا ثوبا واحدا. ولذا كانوا يكتفون بالثوب الواحد في صلاتهم. قال جابر خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض اسفاره. فجئت ليلة يعني في الليل لبعض امري اي انتقلت من مكان نزولي الى لابحث عن بعض الحاجة التي احتاج اليها قال فوجدت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وليس وعليه ثوب واحد فقط. وعليه ثوب واحد ليستدل بذلك على جواز الصلاة بالثوب الواحد. قال وعلي ثوب واحد به اي علقته على اعناي وصليت الى جانبه. فلما انصرف ايقظ النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته قال ما السرى اي ما الذي جعلك يا جابر تسير بالليل فاخبر بحاجتي يعني ان جابرا اخبر النبي صلى الله عليه وسلم بالسبب الذي جعله يسير في الليل. قال فلما فرغت يعني من اخباره بحاجتي وانتهيت من حديثي. قال النبي صلى الله عليه وسلم ما هذا الاشتمال اي لماذا اخذت هذا الثوب الواحد وادرته على بدنك وبالتالي تكون يداك كنت داخل هذا الثوب ولماذا لم تخرج يديك من هذا الثوب فما هذا الاشتمال الذي رأيت؟ فقال ابر كان ثوب يعني لا يوجد عندي الا ثوب واحد فضاق. فقال فلذلك اشتملت ولففته على جميع بدني فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان كان واسعا اي ان كان القماش طويلا فالتحف به اي اجعله بمثابة اللحاف تلتحف به. وان كان ظيقا اي آآ قصيرا فاتزر به اي غط به اسفل بدنك واكتفي بذلك. فبهذا الحديث جواز الصلاة في الثوب الواحد وصحتها وعدم وجوب اكثر من ثوب في الصلاة. وفي الحديث ان من وجد ثوبا ظيقا فانه به ويغطي به اسفل بدنه وفي هذا الحديث ايضا حرص الصحابة على تعليم الاحكام الشرعية وبيان الرخص التي جاء بها ديننا الحنيف. ولذلك كانوا يحرصون على اظهار الاحكام الشرعية امام الناس. وفي الحديث الاقتداء بافعال النبي صلى الله عليه وسلم وان الاصل ان افعاله يقتدى بها. وان ما فعله صلى الله عليه وسلم يعد من الامور المباحة وفي هذا الحديث ايضا خروج الناس في اسفارهم جماعة ليتفقد بعضهم بعضهم اخر وفي هذا الحديث اداء صلاة الليل جماعة في غير رمظان اذا لم يكن على جهة هات الترتيب والتهيئة فاذا توافق اثنان بدون موعد سابق فصل يا جماعة صلاة الليل فلا حرجا عليهم في ذلك. وفي هذا الحديث انه اذا صلى رجل واحد مع الامام فانه يصلي الى جنبه ولا يصلي خلفه. وفي الحديث تفقد الرجل الكبير والمسؤول احوال رعيته بسؤالهم والاستفصال عن احوالهم. وفي هذا الحديث ايضا تزهيد في لبسة الاشتمال التي آآ تجعل اليدين داخل الثوب لا يتمكن الانسان من اخراجه ولعل المعنى في هذا انه اذا اشتمل الانسان ولبس لبسة الاشتمال فحينئذ اذا اراد ان يسجد فاما ان يسجد من وراء الثياب والثياب عليه وحينئذ سيؤثر ذلك عناء ثوبه واما ان يخرجهما من الاسفل وبالتالي يؤدي الى انكشاف شيء من العورة وفي هذا الحديث انه اذا كان الثوب الواحد وطويلا فانه يلتحف الانسان به كما يلتحف النائم وانه اذا كان صغيرا فانه يلبسه كلبسة الازار به اسفل بدنه. وعن عمر ابن ابي سلمة رضي الله عنهما قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم صلى في ثوب واحد مشتملا به في بيت ام سلمة رضي الله عنها القى طرفيه على عاتقه قد خالف فبين طرفيه عمر بن ابي سلمة ربيب النبي صلى الله عليه وسلم فهو ولد ام سلمة ام المؤمنين رضي الله عنها قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم صلى في ثوب واحد مشتملا به اي لفه على بدنه في بيت ام سلمة قد القى طرفيه على عاتقه اي جعل طرفي الثوب على عاتقه بين على كتفه فقد خالف بين طرفيه. وفي هذا تسهيل حال الانسان اذا اراد ان يسجد وهو كذلك. ففيها ذا بيان صفة جائزة من صفات الاشتمال. وفيه ايضا جواز في الثوب الواحد. وفي هذا الحديث بيان كيفية لبسة الاشتمال التي يؤذن بها بها في الصلاة. نعم. وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قام رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فسأل عن في الثوب الواحد فقال او كلكم يجد ثوبين ثم سأل رجل عمر رضي الله عنه فقال اذا وسع الله فاوسع جمع رجل عليه ثيابه صلى في ازار ورداء في ازار وقميص في ازار وقباء في في سراويل ورداء في سراويل وقميص في سراويل وقباء في تبان وقباء في تبان قال واحسبه قال في تبان ورداء. قوله قام رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فسأل عن الصلاة في الثوب الواحد. اي هل تصح؟ وهل تجزئ؟ او انها يمنع منها؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم او اي هل جميعكم يملك ثوبين حتى يسأل مثل هذا السؤال فهذا الجواب قضي جواز الصلاة الثوب الواحد. ثم قال سأل رجل عمر رضي الله عنه فقال اذا وسع الله اي فتح الله لكم ابواب الخير والسعة فاوسعوا يعني ادوا العبادة على جهة السعة ثم قال جمع رجل عليه ثيابه يعني اذا اراد ان يصلي فيحسن بك ان تلبس احسن ثياب في صلاتك ثم استدل بهذا على الترغيب في ان تكون صلاة الانسان باكثر من ثوب ثم ظرب الامثلة فقال صلى في ازاد ورداء يوجد رجل قد صلى في ازار وهو ما كان مخيطا على قدر اسفل البدن. وردا وهو ما يوضع لاعلى البدن ثم قال او صلى في ازار وقميص. الازار لاسفل البدن والقميص يكون مفصلا ومخيطا على البدن اما ان يكون على اعلاه او على جميعه. فالازار مثل ازار المحرم الذي يكون على اعلى ما يلبسه المحرم. والقميص مثل هذه الثياب التي نلبسها. وايضا يصدق على ما كان لاعلى البدن مفصلا عليه. وقال في ازار وقباء الازار ما كان لاسفل البدن والقباء ما يكون مغطيا لجميع البدن واقرب ما يكون له ما يعرف بالعباءة او البشت التي تلبس فهي توضع في الكتفين وتغطي جميع البدن ولليدين فيها مدخل الا في سراويل ورداء. والسراويل ثياب مخيطة لاسفل البدن. وقال في سراويل وقميص في سراويل وقباء في تبان وقباء والتبان ايضا من اللباس الذي تغطى به اجزاء آآ السفلية وفي الغالب لا يكون له رجلان مثل السراويل وقال في تبان وقضى في تبان وقميص. قال واحسبه قال في تبان ورداء. وقد تردد اكثير من اهل العلم في قبول هذه الزيادة وعلى كل هذا الحديث دال على استحباب تغطية آآ البدن باكثر من ثوب اذا كان الانسان يملك ذلك مع جواز الصلاة بالثوب الواحد صحتها بارك الله فيكم وفقكم الله لكل خير وجعلني الله واياكم من الهداة المهتدين كما نسأله جل وعلا ان يصلح احوال الامة وان يردهم الى دينه ردا حميدا وان يكفيهم شر من اراد بهم انشر كما نسأله جل وعلا ان يوفق ولاة امور المسلمين لكل خير وان يجعلهم من اهل الهدى والتقى والسداد والصلاح هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه. وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين