الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين. اما بعد فاسأل الله جل وعلا ان يعظم ما لكم الاجر ان يكثر لكم الثواب وان يجعلكم من الموفقين في كل اموركم وبعد هذا درس جديد. نتدارس فيه عددا من الاحاديث التي اوردها الامام البخاري في كتابه الصلاة كذلك قراءتي مختصر صحيح الامام البخاري. رحمه الله تعالى الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه وللحاضرين قال الامام البخاري رحمه الله تعالى عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال ان عفريت من الجن تفلت علي البارحة عرض لي فشد علي ليقطع علي الصلاة فأمكنني الله منه فذعته فأردت ان اربطه الى سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا وتنظروا اليه كلكم. فذكرت قول اخي سليمان عليه السلام رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي فرده الله خاسئا. عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان عفريت وهو من تجاوز في فعله الفعل المقبول. المراد به بقوله من الجن تفلت علي اي انه عرض للنبي صلى الله عليه وسلم فجأة كأنه قد ترك وثاقا قد وثق به علي البارحة يعني ليلة امس. قال عرظ لي فشد علي اي جاني وتشدد في الهجوم علي ليقطع علي الصلاة. اما بين يديه واما بشغله لذهنه. قال فامكنني الله منه. اي انه صلى الله عليه وسلم تمكن منه وتمكن من امساكه. قال فذعته وامسكته فاردت ان اربطه اي ان اقوم بامساكه بحبل اوثقه به الى سارية من سواري المسجد عمود من عمد المسجد. حتى تصبحوا وتنظروا اليه كلكم قم قال فذكرت قول اخي سليمان رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي اذا تركه النبي صلى الله عليه وسلم فرده الله خاسئا اي لم يتمكن من تحقيق المراد الذي يريده وفي هذا بيان شيء من صفة الشياطين وصفة ابليس وجنوده وبهذا الحديث ايضا امساك من اراد شرا او اضرارا بالاخرين ليكفى واذاه وفي هذا الحديث جواز ربط الغريم والاسير في المسجد اذا لم يكن هناك محل يوضع فيه من سجون ونحوها وفي الحديث ايضا جواز العمل في الصلاة بما يكون محققا لمصلحتها. فان النبي صلى الله عليه وسلم قد تحرك هذه الحركة بشد هذا الشيطان وبمحاولة ايثاقه وربطه وهذا كله عمل في الصلاة وفي الحديث ايضا من الفوائد ان الله جل وعلا يكفي اولياءه ما اراد بهم الاخرون من الشر وفي الحديث وضع السواري في المسجد وفي الحديث ايضا جواز تمكين الاخرين من رؤية ما يتعجب منه ويكون خارجا عن تصوراتهم في الحديث ايضا تمكين الله لنبيه سليمان عليه السلام. حيث مكن من تسخير الشيطان له. وفي الحديث ايظا فضل الله على نبيه الا يتمكن هؤلاء الشياطين منه صلى الله عليه وسلم. الصلاة والسلام. احسن الله اليكم. قال عن ابي هريرة رضي الله عنه قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد. فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة ابن غثال سيد اهل اليمامة. فربطوه سارية من سواري المسجد فخرج اليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال ماذا عندك يا ثمامة؟ فقال عندي يا محمد خير يا محمد ان تقتلني تقتل ذا دم وان تنعم تنعم على شاكر وان كنت تريد المال فسل منه ما شئت فترك حتى كان الغد ثم قال له ما عندك يا ثمامة؟ فقال ما قلت لك ان تنعم تنعم على شاكر فتركه حتى كان بعد الغد. فقال ما عندك يا قال عندي ما قلت لك فقال اطلقوا ثمامة. فانطلق الى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله. يا محمد والله ما كان على الارض وجه ابغض الي من وجهك فقد اصبح وجهك احب الوجوه الي. والله ما كان من دين ابغض الي من دينك. فاصبح دينك احب الدين الي. والله ما كان من بلد ابغض الي من بلدك فاصبح بلدك احبت بلادي الي. وان خيلك اخذتني وانا اريد العمرة. فماذا ترى بشره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وامره ان يعتمر. فلما قدم مكة قال له قائل صبوت؟ قال لا والله ولكني اسلمت مع محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه واله وسلم. قوله رضي الله عنه بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلا من قبل نجد فيه ان الامام يبعث البعوث من اجل ان يأتوه بالاخبار ومن اجل ان مروا جوانب بلاد اهل الاسلام وفي هذا الحديث ايضا ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يرسل اصحابه من اجل ان يتفقدوا البلدان والمواطن التي جوار المدينة قال فجاءت برجل يعني ان هذه السرية جاءت برجل من بني حنيفة وبنو قبيلة من قبائل العرب. تعود الى ربيعة وهم من بني اسماعيل وفي هذا اشارة الى وفود بني حنيفة وقال يقال له ثمامة ابن اثال وكان سيد اهل اليمامة. قال فربطوه بسارية من سواري المسجد. في هذا وضع السواري في المسجد وفيه ايضا ربط الاسارى في في المساجد اذا لم يكن لهم مكان يناسب حبسهم فيه وفيه ايضا وضع الاسرى في المسجد وذلك ان ثمامة كان قد اخذ بعض اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقتلهم. ولذا آآ كان منه فعل يستوجب ذلك. وكان بينه وبين اهل الاسلام حرب بسبب ذلك فخرج النبي صلى الله عليه وسلم اليه فقال ماذا عندك يا ثمامة؟ اي ما الذي تظمره في نفسك؟ فقال ثمامة عندي يا محمد خير يعني انني لا اريد الا الخير. ان تقتلني تقتل ذا دم. اي اذا قتلتني فهو من حقك فقد قتلت بعض اصحابك وانما تقتلني على جهة المجازات والمقابلة. وقال وان اي بان تطلقني ومجانا بدون مقابل تنعم على شاكر فستجد مني الشكر ترى على هذا الفعل بان يجازيك باحسن من فعلك وان كنت تريد المال اي اذا كنت قاصدا الفدية المالية فسل منه ما شئت فتركه النبي صلى الله عليه وسلم. وفي هذا دلالة على جواز دخول المشرك بالمسجد وفيه ايضا الربط للمجرمين ونحوهم في المسجد وحبسهم فيه. وفي هذا ايضا ان المدينة قد يدخلها غير اهل الاسلام وقال فتركه النبي صلى الله عليه وسلم حتى كان من اليوم الاخر من الغد. فقال له ما عندك يا ثمامة اي ما الذي تضمره في نفسك فقال ما قلت لك ان تنعم تنعم على شاكر فتركه حتى كان بعد الغد اراد النبي صلى الله عليه وسلم ان يطلع ثمامة على حال اهل الاسلام واجتماعهم الصلاة وكيف يكون بينهم من الود والمحبة ومن اجل ان يستمع لبعض ما قاف المسجد من دروس ومواعظ. وفي هذا اظهار حال اهل الاسلام ليكون من اسباب ابدعوة الخلق الى الله جل وعلا في هذا ان من الدعوة الى الله ان نظهر ما دل عليه ديننا من اخلاق فاضلة وفي هي رظاء اظهار ما بين اهل الاسلام من الود والمحبة والتناصر والتعاظد ليكون هذا من اسباب معرفة الناس بدين الله واقتناعهم به. في اليوم الثالث قال له ما عندك يا اثمامة فقال عندي ما قلت لك يعني من الخيارات الثلاث اما القتل له واما الاطلاق كان واما طلب فدية منه فقال النبي صلى الله عليه وسلم اطلقوا ثمامة. وفي مشروعية العفو والتجاوز والصفح. وان ذلك كان من اخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وشأنه فان قال قائل لم لم يرجع لاهل الدم فيقال بانهم انما قتلوا هنا في حرب ولم يقتلوا في غيره بحيث يكون هناك قصاصا. فيكون الامر متعلقا برأي امام المسلمين. قال فانطلق ثمامة الى نخل قريب من المسجد فيه قرب النخيل والمسارع من بيوت الناس ومساجدهم. قال فاغتسل وبهذا استدل من يرى وجوب الاغتسال على من اسلم. قد اختلف اهل العلم في هذه المسألة فذهب الامامان مالك واحمد الى ان من اسلم وجب عليه الاغتسال رأى الامام ابو حنيفة عدم وجوب الاغتسال لمن اسلم قال والاحاديث الواردة في الباب احاديث احاد وكان من اصول مذهب الامام ابي نيفة ان احاديث الاحاد فيما تعم به البلوى لا تقبل. وقد قال بعضهم بان رسالة ثمامة هنا من عند نفسه. وذهب بعض الشافعية الى ان الكافر ان كان منهما آآ يوجب الاغتسال حال كفره وجب عليه ان يغتسل اذا اسلم وآآ الاحاديث التي فيها الاغتسال متعددة. وقد جاء في الحديث الاخر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن اسلم اغتسل والق عنك شعار الكفر وهذا امر والاصل في الاوامر بان تكون للوجوب. قال ثم دخل ثمامة المسجد. فقال اشهد ان لا اله الا الله اي اقر واعترف بانه لا معبود بحق الا الله. واشهد ان محمدا رسول الله في هذا دلالة على ان الاقرار بالشهادتين والتلفظ بهما يدخل بهما الانسان في ديني الاسلام. قال يا محمد والله ما كان على الارض وجه ابغض الي من وجهك فقد اصبح وجهك احب الوجوه الي. ووالله ما كان من دين ابغض الي من دينه فاصبح دينك احب الدين الي. وفي هذا ان التعامل الحسن ومقابلة الاساءة بالاحسان من صفات اهل الاسلام وانه لها تأثير عظيم في النفوس فهو يزيل ما كان فيها من غل لين وحقد على الاسلام واهله. وفي هذا ايضا محبة دين الله عز وجل ومحبة بلاد اهل الاسلام ومحبة اهل الخير والصلاة. كما نوه بذلك ثمامة رضي الله عنه قال والله ما كان من بلد ابغض الي من بلدك فاصبح بلدك بل بلادي الي وفي هذا اظهار الانسان ما في قلبه من المحبة وتلفظه بذلك واخباره من يحبه وقوله وان خيلك اخذتني فيه جواز اخذ لاهل الحرب الذين ليس لهم عهد ولا امان وانه لا حرج في امساكهم واسرهم وفي هذا الحديث ان من اراد العمرة وهو في جاهلية فاسلم انه يستحب له ان يأتي بالعمرة وقد استدل طائفة بلزوم العمل الصالح الذي نذره الانسان حال كفره او شركه وفي هذا الحديث البشارة لاهل الاسلام واستحباب تبشير الاخرين بالخير. وآآ جعل يتفائلون بفظل الله عز وجل عليهم. وفي هذا الحديث السفر الى اه مكة والى البلدان التي يعمل الانسان فيها الطاعة ولو لم تكن بلا داء باحكام الله عز وجل قال فرد هؤلاء الحكم الى سعد. فاتي بسعد رضي الله عنه فقال اني احكم وفيهم ان تقتل المقاتلة وان تسبى النساء والذرية وان تقسم اموالهم. وقد الاسلام فانه قدم مكة ولم تكن يوم ذاك ببلد اسلام وانما كان فيها الشرك وفي هذا الحديث اظهار الانسان اسلامه وايمانه وعدم الخشية من اسفي ذلك. وفي هذا الحديث قوله لا يأتيكم من اليمامة وهي اقليم في وسط نجد وقوله حبة حنطة اي من القمح. وفي هذا مشروعية المقاطعة الاقتصادية التي تكون من صاحب الولاية. فان ثمامة كان سيد اهل اليمامة وحينئذ قاطع اهل مكة في اغذيتهم التي يتناولونها. وقد ورد في بعض احاديث ان اهل مكة ارسلوا الى النبي صلى الله عليه وسلم وطلبوا منه ان يكتب الى ثمامة ان يرسل اليهم بالحنطة من اجل ان يتمكنوا به من صنع طعامهم فاستجاب النبي صلى الله عليه وسلم لطلبهم مع انهم كانوا يؤذونه وكانت الحرب قائمة بينهم احسن الله اليكم. قال عن عائشة رضي الله عنها قالت اصيب سعد رضي الله عنه يوم الخندق. رماه رجل من قريشي يقال حبان ابن العريقة رماه في الاكحل فضرب النبي صلى الله عليه وآله وسلم خيمة في المسجد ليعوده من قريب يعني الى اي جهة اخرج فاشار الى بني قريظة. وفي هذا اخذ البيان من الاشارة وفي هذا ذكر مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الاحزاب وخروجه الى بني قريظة فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الخندق وضع السلاح واغتسل فاتاه جبريل عليه السلام وهو ينفض رأسه انتهوا من الغبار وقد عصب رأسه الغبار فقال قد وضعت السلاح والله ما وضعته اخرج اليهم. فقال النبي صلى الله عليه واله وسلم فالى اين؟ فاشار الى بني قريظة. قالت فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اليهم اتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلوا على حكمه. فرد الحكم الى سعد. قال فاني احكم فيهم ان تقتل المقاتل قيل وان تسبى النساء ذرية وان تقسم اموالهم وان سعدا قال اللهم انك تعلم انه ليس احد احب اليك ان اجاهدهم فيك من قوم كذبوا رسولك صلى الله عليه وسلم واخرجوه. اللهم فاني اظن انك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم فان كان بقي من حرب قريش شيء فأبقني له حتى اجاهدهم فيك. وان كنت وضعت الحرب فافجرها واجعل فيها فانفجرت من لبته فلم يرعهم. وفي المسجد خيمة من بني غفار الا الدم يسيل اليهم. فقالوا يا اهل الخيمة ما هذا الذي ياتينا قبلكم؟ فان سعدا يغزو جرحه دما. فمات منها رضي الله عنه. قوله وعن عائشة رضي الله عنها قالت اصيب سعد وسعد ابن معاذ الانصاري من فضلاء الصحابة وقد اسلم قبل آآ الهجرة وتوفي في السنة الخامسة. وكان عمره قرابة السادسة والثلاثين. وكان من فضلاء الصحابة قد قال النبي صلى الله عليه وسلم لما مات سعد لقد اهتز عرش الرحمن لموت تعد ولما اوتي له بمناديل رقيقة لينة. قال لمناديل سعد في الجنة اطيب من هذه او انعم من هذه وقالت اصيب سعد يوم الخندق وذلك انه عند لبسه ما يقيه ويقي بدنه كان هناك موطن في بدنه لم يقم بتغطيته اصابه سهم عائر فاثر فيه. قال رماه رجل من قريش قالوا له حبان ابن العريقة ورماه في الاكحل وهو عرق في يده. فاثر في فيه وفي هذا استحباب اخذ اسباب الوقاية التي تقي البدن من ان يصاب بما يعرض له وفي هذا ايضا استحباب ان يتخذ الانسان الاسباب التي تحصن بدنه وتحصنه من كل من اراد به سوءا او شراء. قال فضرب النبي صلى الله عليه وسلم خيمة في المسجد ففي هذا جواز وضع الخيام في المسجد للمرضى وجواز وظع الخيام للمعتكفين ونحوهم. والمعنى في هذا ان النبي صلى الله عليه وسلم اراد ان يزور سعدا ما بين وقت واخر في هذا استحباب زيارة المرظى وفيه تكرار الزيارة للمريظ. قال لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق كانت غزوة الخندق ان قريشا حادثت قبائل العرب من اجل ان تغزو النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة وكاتبوا اليهود وكان في المدينة بنو قريظة فاستجابت يهود لقريش ونقضت العهد بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم وقاموا تقطيع كتاب العهد الذي في بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم. فحاصر ابو سفيان ومن معه من قبائل العرب النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة. وذلك ان المدينة يحدها من احد جوانبها جبل احد وجبل عظيم لا يتمكن الناس من رقيه ولها من جهات ثلاث حرار شديدة فيها حجارة منصوبة ولا تتمكن الخيل والابل من قطعها وكان الناس انما يدخلون المدينة من جهة صغيرة محصورة فأشير على النبي صلى الله عليه وسلم في ان يحفر خندقا فيعجز اهل مكة ومن معهم من ان يقدموا ويدخلوا عليهم في المدينة فحاصروا المدينة خمسا وعشرين يوما. فارسل الله جل وعلا عليهم الريح التي هدمت خيامهم القت بقدورهم وفرقت ما لديهم ولذا منهزمين منكسرين فكان من شأنهم ان ينهزموا ففاز وانتصر اهل الاسلام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فعاد النبي صلى الله عليه وسلم الى مدينة ووظع سلاحه واغتسل وعنون المؤلف على هذا فقال باب الغسل بعد والغبار. قال فاتاه جبريل وهو ينفذ رأسه من الغبار. وقد عصب رأسه فقال آآ جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم قد وضعت السلاح يعني هذا على جهة السؤال والاستفسار والله ما وضعته يعني ان الملائكة لم يضعوا اسلحتهم وذلك من اجل ترغيب النبي صلى الله عليه وسلم في العود الى حمل السلاح من اجل ان يخرج الى اولئك الذين نقضوا والعهد من بني قريظة فقال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم اخرج اليهم. فقال صلى الله عليه وسلم فالى اين ومحاصرته اياهم. قالت فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الى بني قريظة فاتاهم فحاصرهم والنبي صلى الله عليه وسلم بضعا وعشرين ليلة فحينئذ طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم ان يحكم فيهم سعد بن معاذ. وذلك ان قبائل اليهود التي كانت بجوار المدينة ثلاث قبائل. القبيلة الاولى بنو اي نقاع والثانية بنو النظير والثالثة بنو قريظة النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة عاهدهم على ان يتناصروا وان يتشاركوا فيما يلم بهم من مطالب وحقوق وان يشارك بعضهم بعضا فيما ينوبهم من الديات فاما بنو قينقاع فكان عندهم سوق يأتي اليه اهل المدينة فيشترون منه في يوم من من الايام جاءت امرأة من المسلمين الى احد تجار اليهود في هذا السوق فجلست عنده تشتري منه بعض ما لديه من الذهب فرغبها في ان تكشف عن وجهها فيها فابت وامتنعت من ذلك. فاشار الى بعض من حوله بان يقوم بربط لثوبها برأسها. فلما قامت فاذا بعورتها قد انكشفت ورآها فصاحت لما جاءها مما تظنه من العار. فجاء احد المسلمين فقتل ذلك الرجل ودية فاجتمع يهود بني قينقاع فقتلوا ذلك الرجل المسلم. فكان هذا بمثابة نقضي العهد وحينئذ اجلاهم النبي صلى الله عليه وسلم. واما بنو النظير فان النبي صلى الله عليه وسلم ارسل بعض اصحابه فقتلوا بعض العرب فوجب عليهم دية فذهب النبي صلى الله عليه وسلم مع عدد من اصحابه الى بني النظير ليستمدونهم ويطلبون من هم المعونة في هذه الدية التي وجبت عليهم. فقال يهود بني النظير هذا محمد قد جاء اليكم وامكنكم الله منه فليصعد احدكم وليلقي عليه ما يقتله ليرتاح منه فخرج احدهم واخذ معه الرحى وهي صخرتان توضع احداهما على الاخرى والظاهر انه اخذ الحصاة او الصخرة العليا التي يطحن بها القمح. فاتى بها وصعدا حصنهم فجاء الوحي من عند الله عز وجل يخبر نبيه صلى الله عليه وسلم بما اراده والقوم فخرج من عندهم واصحابه لم يعلموا بالذي حصل فعاد الى المدينة واخذ معه اصحابه فحاصروا بني النظير وبعد ذلك سأل بنو النظير ان يحكم فيهم النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله ابن ابي. وكان بينه وبينهم اخوة في الجاهلية وبينه وبينهم نوع من انواع التصالح وحكم فيهما عبد الله ابن ابي بان يجلوا من الديار. وقد انزل الله في قصتهم سورة الحشر وقد فصل الله جل وعلا في اوائل هذه السورة قصة هؤلاء القوم لما جاءت ونقظت بنو قريظة العهد حاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم فارادوا ان ينزلوا على امن كان بينه وبينهم تصالح في الجاهلية فنزلوا على حكم سعد بن معاذ. وكان سعي ابن معاذ دعا الله عز وجل ان لم يكن هناك حرب اتية بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وقريش ان يميته الله. وطلب من الله ان يقر عينه في بني قريظة فطلبت بنو قريظة حكم سعد ابن معاذ رضي الله عنه. وسيأتي ان شاء يا الله شيء من وقائع اتيان سعد الى بني قريظة فيما يأتي. قال فنزلوا على حكم سعد ابني معاذ. وفي هذا مشروعية التحكيم والرد الى من يكون عارفا في الحديث الاخر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع ارقام فبهذا دلالة على ان الحق في احد الاقوال. وان حكم الله واحد وان المجتهد قد يصيب حكم الله وقد يخطئه وفي هذا ايضا دلالة على ان المصيب احد قائلين وانه ليس كل قائل او مجتهد يعد مصيبا لحكم الله تعالى قوله ان تسبى النساء اي ان تستعبد وان يجعل مماليك لاهل الاسلام فقتلت مقاتلتهم وتركت نساؤهم وذراريهم. وفتشوا من قارب البلوغ فمن وجدوه قد انبت قتلوه ومن وجدوه لم ينبت تركوه. قالت وان سعدا قال اللهم انك تعلم انه ليس احد احب الي ان اجاهدهم فيك من قوم كذبوا رسولك واخرجوه. يريد بذلك اهل مكة في هذا مشروعية جهاد اولئك المكذبين المقاتلين لاهل الاسلام. وقال اللهم اني اظن انك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم. فان كان بقي من حرب قريش شيء فابقني حتى او جاهدهم فيك وفي هذا تمني الجهاد والقتال في سبيل الله. قال وان كنت وضعت الحرب اي انتهت فافجرها اي سأل ربه جل وعلا ان يجعل جرحه ينفجر اخرج منه الدم فيكون سببا من اسباب وفاته وموته فيها ولذا قال واجعل موتتي فيه بها وكأنه اراد بذلك ان يكون شهيدا. فينال اجر الشهادة. والا فان الاصل انه لا يحسن ان يدعو الانسان على نفسه بالموت. وقد قال صلى الله عليه وسلم لا يتمنين احدكم الموت لضر اصابه. اما اذا كان تمنيه للموت ليبلغ رتبة عالية فهذا يدخل في الحديث السابق قال فانفجرت اي انفجر جرحه وسال دمه من لبته اي من اعلى صدره. فلم يرعهم اي تفاجأوا وفزعوا من وصول بالدم اليهم يسيل. وقد كان في المسجد خيمة اخرى مجاورة لخيمة سعد يقيم فيها بعض بني غفار جماعة ابي ذر رضي الله عنه. فقال بنو غفار يا اهل اي ما يريدون خيمة سعد ما الذي يأتينا من قبلكم؟ اي تفاجأوا بهذا الدم. فاذا سعد يغزو جرحه دم اي انه يسيل حتى وصل اليهم. فمات منها رضي الله عنه. بارك الله فيكم وفقكم الله لكل خير جعلكم الله من الهداة المهتدين رزقنا الله واياكم فهما لكتابه ولي ومعرفة بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. كما نسأله جل وعلا ان يهبنا فهما صحيحا للكتاب والسنة ونسأله جل وعلا رفعة درجة في الدنيا والاخرة. اللهم يا حي يا قيوم اصلح احوال امة محمد صلى الله عليه وسلم ما كلمتهم على الحق واجعلهم هداة مهتدين. كما نسأله جل وعلا ان يوفق ولاة امرنا لكل خير وان يجعله من اسباب الهدى والتقى والصلاح. هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين