الحمد لله رب العالمين جل وعلا جعلنا من اهل الاسلام علينا بان جعلنا من اهل القرآن نحمده على نعمه ونشكره على فظله نسأله المزيد من خيره وبره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له اشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه واتباعه. وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين اما بعد فاسأل الله جل وعلا ان يجعل فيما انزل بركة ان يجعلها سقيا رحمة وبعد هذا لقاء جديد من لقاءاتنا في قراءة كتاب الصيام. من مختصر صحيح الامام البخاري. رحمه الله تعالى واسكنه فسيح جناته يتدارس فيه الدرس الخامس في تباحث فوائد عدد من احاديث هذا الكتاب ولعلنا ان نقرأ شيئا من هذه الاحاديث فليتفضل القارئ بارك الله فيه بقراءة شيء من هذه الاحاديث. نعم. الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم الهمنا رشدنا وقنا شر انفسنا. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه وللمسلمين. قال الامام البخاري رحمه الله تعالى عن انس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال لا تواصلوا قالوا انك تواصل قال لست كاحد منكم اني اطعم واسقى او اني ابيت اطعم واسقى. وقال واصل النبي صلى الله عليه وسلم اخر الشهر وواصل اناس من الناس فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال لو مد بي الشهر لوصلت وصالا يدع المتعمقون تعمقهم لست مثلكم اني اظل يطعمني ربي ويسقيني في الحديث النهي عن الوصال والوصال له معنيان الاول وصل يوم بيوم في الصيام بحيث لا يتناول الانسان شيئا من الطعام طول ليله ليكون قد جمع في الصيام بين ايام متعددة بدون ان يفطر فيما بينها وهذا منهي عنه باتفاق اهل العلم قد قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تواصلوا النوع الثاني من الوصال الوصال الى اخر الليل بحيث يتسحر الانسان فهذا خلاف الاولى لكنه ليس من المحرمات فان النبي صلى الله عليه وسلم قال ايكم اراد ان يواصل فليواصل الى السحر فدل هذا على جواز المواصلة الى السحر بعدم تناول شيء الى وقت اخر الليل ولكنه ليس الافضل. كما ورد في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال قال الله عز وجل احب عبادي الي اعجلهم فطرا وقولهم هنا انك تواصل فيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قد يختص به الفعل قد يختص الفعل بالنبي صلى الله الله عليه وسلم. وبالتالي لا يشرع الاقتداء به فافعال النبي صلى الله عليه وسلم تقع على انحاء اربعة النحو الاول ما كان خاصا به صلى الله عليه وسلم كما في قوله تعالى وامرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي ان اراد النبي ان يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين والنوع الثاني من افعال النبي صلى الله عليه وسلم ما فعله بيانا لحكم شرعي. فان ذلك الفعل يكون حكمه حكم ما هو بيان له والثالث افعاله العادية التي فعلها عادة بحيث لم يقصد بها القربة فهذه افعال مباحة. يجوز للناس ان يفعلوها. وليس من القربى ولا من العبادة ان يقتدى بالنبي صلى الله عليه وسلم فيها النوع الرابع ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم على جهة العبادة والقربى. فهذا النوع اختلف الفقهاء فيه فقال المالكية والحنفية بانه على الوجوب بان الله تعالى قال واتبعوه قالوا والاصل في الاوامر ان تكون للوجوب وقال الشافعية والحنابلة بان هذه الافعال على الاستحباب قالوا لي ان كثيرا من افعال النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعلها اصحابه في زمانه باقرار منه صلى الله عليه وسلم. قالوا فدل ذلك على ان هذا النوع ليس على سبيل الوجوب وفي الحديث انه اذا تعارض الفعل النبوي مع القول فاننا نحاول اولا ان نجمع بينهما ولذلك لما قال لهم لا تواصلوا قالوا انك تواصل كانهم ارادوا الجمع بين ذلك ولو كان الفعل يؤخر دائما عن القول لقال لهم صلى الله عليه وسلم لا تعارضوا قولي بفعلي فان القول مقدم على الفعل. فلما قبل منهم هذه المعارضة او قبل منهم هذا السؤال دل ذلك على انه عند تعارض الفعل مع القول فاننا نحاول اولا جمع بينهما ولا نصير الى الترجيح للاقوال على الافعال الا عند عدم امكانية قوله هنا لست كاحد منكم فيه بيان اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بالمواصلة مع الحكمة والمعنى في ذا. لقوله اني اطعم واسقى. وفي لفظ يطعمني ربي ويسقيني وفي هذا الحديث من الفوائد جواز التنكيل بالمخالف لاحكام الشرع فان النبي صلى الله عليه وسلم لما رآهم يقتدون به واصل بهم اياما من كالمنكل بهم وفي هذا الحديث من الفوائد جواز قولي لو اذا لم يكن على جهة التأسف والتحسر على ما مضى ولذا قال لو مد بي الشهر لوصلت وفي الحديث اختصاص فرضية الصيام بشهر رمضان. وفي الحديث النهي عن تجاوز الحد الشرعي في العبادات. وتسمية من كان كذلك متعمقا. وفي الحديث نهي الانسان عن التعمق ان يزيد في تمسكه بالمشروع زيادة على المقدار المقرر شرعا وفي الحديث بيان ان النبي صلى الله عليه وسلم قد يختص عن الامة ببعض الاحكام الله اليكم. قال عن ابي سعيد رضي الله عنه انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا تواصلوا فايكم اراد ان يواصل فليواصل حتى السحر. قالوا فانك تواصل يا رسول الله. قال اني لست كهيئة اني ابيت لي مطعم يطعمني وساق يسقين في الحديث النهي عن وصال يوم بيوم في الصيام وظاهر هذا انه من المحرمات من الامور المخالفة للشرع وفي الحديث اباحة الوصال الى السحر. وهو السدس الاخير من الليل. ولكن هذا على سبيل اباحة وليس على سبيل الاستحباب. بل المستحب ان يبادر الانسان بالفطر وفي الحديث انه اذا تعارض القول النبوي مع الفعل النبوي فاننا نحاول الجمع بينهما ولا نصير ايلاء الترجيح للاقوال على الافعال الا عند عدم القدرة على الجمع بينها وفي الحديث ان بعض افعال النبي صلى الله عليه وسلم تكون خاصة به لا يشرك للناس الاقتداء به فيها. وفي هذا الحديث فضل الله جل وعلا على نبيه صلى الله عليه وسلم بان يجعله لا يحتاج الى طعام. وقد اختلف اهل العلم في قوله يطعمني ويسقين. هل هذا على سبيل المجاز؟ او انه على سبيل الحقيقة الحكم الشرعي لا يختلف على كل من القولين احسن الله اليكم. قال رحمه الله عن عائشة رضي الله عنها قالت نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قال رحمة لهم. فقالوا انك تواصل. قال اني لست كهيئتكم اني يطعمني ربي ويسقين في هذا الحديث النهي عن الوصال والاصل في النهي ان يكون للتحريم ولم يقل بان هذا النهي يدل على الفساد للصوم لان الوصال فعل مخالف مغاير للصوم. ومن ثم لم يدل النهي طبعا الوصال على فساد صوم من واصل. وفي الحديث شفقة النبي صلى الله عليه وسلم بامته وفيه ان من الاخلاق الفاضلة خلق الرحمة. وفي هذا ايضا انه لا يسار الى ترجيح الاقوال على الافعال الا عند عدم القدرة على الجمع بينها. وفيه ان بعض افعال النبي صلى الله عليه وسلم من خصائصه. نعم. احسن الله اليكم قال عن ابي هريرة رضي الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال في الصوم. وقال اياكم والوصال مرتين. فقال له رجل من انك تواصل يا رسول الله. قال وايكم مثلي؟ اني ابيت يطعمني ربي ويسقين. فاكلفوا من العمل ما لا تطيقون. فلما ابوا ان ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوما ثم يوما. يومين او ليلتين. ثم رأوا الهلال قال لو تأخر لزدتكم كالتنكير لهم حين ابوا ان ينتهوا. في هذا الحديث النهي عن الوصال والمراد به اصالة وصال يوم بيوم وظاهر هذا تحريم الوصال وقد ورد عن بعض الصحابة انه كان يواصل فلعله لم يبلغه النهي الوارد في ذلك وفي الحديث من الفوائد ان اسم فعل النهي يحمل على النهي. ولذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم اياكم والوصال فسره ابو هريرة بنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال. وفي الحديث محاولة الجمع بين الفعل والقول قبل المصير الى الاقوال على الافعال. وفي الحديث ان بعض افعال النبي صلى الله عليه وسلم من خصائصه وفي الحديث انه لا ينبغي بالعبد ان يفعل ما يكون شاقا عليه من الطاعات بل عليه ان يقتصر على ما في طاقته وقدرته. وفي الحديث من الفوائد قائد ايضا تعليق حكم دخول الشهر وخروجه برؤية الهلال. وانه اذا رؤي الهلال ليلة الثلاثين من رمضان فان الشهر قد انقضى وتكون تلك الليلة ليلة اول شوال ليلة عيد الفطر وفي الحديث من الفوائد استعمال لو على غير جهة التأسف والتحسر على ما مضى اه وفي الحديث من الفوائد التنكيل بالمخالف للشرع وظع شيء من العقوبات عليه. وهذا كأنه اما من صاحب الولاية واما من يقرر الحكم الشرعي الله اليكم قال عن ابي جحيفة رضي الله عنه قال اخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وابي الدرداء رضي الله عنه فزار سلمان ابا الدرداء فرأى ام الدرداء رضي الله عنها متبذلة. فقال لها ما شأنك؟ قالت اخوك ابو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا. فجاء ابو الدرداء فصنع له طعاما فقال له كل. قال فاني صائم. قال ما انا باكل حتى تأكل. قال فاكل. فلما كان الليل ذهب ابو الدرداء يقوم. قال نم فنام. ثم ذهب يقوم فقال نم. فلما كان اخر الليل قال سلمان قم الان. فصليا فقالا له سلمان ان لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولاهلك عليك حقا. فاعط كل ذي حق حقه. فاتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك له فقال له النبي صلى الله عليه وسلم صدق سلمان. في هذا الحديث من الفوائد مشروعية استشعار الاخوة الايمانية. بين اهل الايمان. وقد كانوا في اول الاسلام اذا اخى النبي صلى الله عليه وسلم بين مهاجري وانصاري كانوا اخوة يتوارثون فنسخ هذا الحكم بعد ذلك وفي الحديث مشروعية زيارة الانسان لاخوانه تقربا لله جل وعلا وقوله متبذلة اي عليها لباس البذلة يعني لباس الخدمة. بحيث كانت تلبس لباسا ليس فيه شيء من الزينة. وانما هو لباس بال غير مأبوه له ولعل هذا كان في اول الاسلام قبل نزول احكام الحجاب وقال سلمان لام الدرداء ما شأنك وام الدرداء امرأتان. فان ابا الدرداء رضي الله عنه تزوج الصحابية ام الدرداء فماتت معه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فتزوج امرأة اخرى يقال لها ام الدرداء الصغرى وهي تابعية وليست بصحابية فقالت ام الدرداء الكبرى اخوك ابو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا. يعني انه قد زهد في فيها وترك مباهجها وزينتها. ولذلك فانه لا يأبه ان تزينت له تجملت فانتظر سلمان ابا الدرداء. فلما جاء ابو الدرداء صنع ابو الدرداء لسلمان طعاما قال ابو الدرداء لسلمان كل وقال سلمان له قل فقال ابو الدرداء اني صائم وقال سلمان رضي الله عنه مان باكل حتى تأكل. في هذا استحباب صيام التطوع وفيه جواز ان يفطر الصائم المتطوع في اثناء النهار وانه لا يلزمه اكماله وهذا مذهب الشافعي واحمد حيث قالوا بان التطوع لا يلزم بالشروع فيه. وذهب الامامان ابو حنيفة وما الى ان من ابتدى بالتطوع لزمه اكماله واتمامه. والقول الاول اظهر بموافقته لعدد من الادلة منها حديث الباب. وفي هذا جواز ان يؤكد الانسان على اخيه ان يفطر في صيام التطوع. وانه لا حرج في ذلك وفيه دلالة على ان من افطر في صيام التطوع لم يلزمه قضاء ذلك اليوم كما قال الشافعي احمد خلافا لابي حنيفة ومالك. وفي الحديث مشروعية صنع الطعام من اجل الضيف وتهيئة الطعام له وقوله قال فاكل يعني ان ابا الدرداء افطر فلما كان الليل ذهب ابو الدرداء يقوم يعني يصلي صلاة الليل وظاهر هذا انها الدرداء كان يقوم جميع الليل بعد ان يفرغ من اعماله. قال فقال سلمان لابي الدرداء نم. يعني ليكن من شأنك ان تريح بدنك بالنوم. واترك الصلاة اتى صلاة الليل الى اخر الليل. فنمى ابو الدرداء وفيه تطاوع الصحابة بعض لبعض واخذهم ايدي بعضهم وفيه نصح لانسان لاصحابه ودلالة على الاحكام الشرعية المتعلقة بفعله. وفيه الزام الاخ لاخيه في في الالتزام بالسنة والعمل بانواع التطوعات. قال ثم ذهب ابو الدرداء يقوم يعني مرة اخرى بعد زمن من الليل فقال له سلمان نم فلما كان اخر الليل يحتمل ان يكون الثلث الاخير ويحتمل ان يكون السدس حينئذ قال سلمان لابي الدرداء قم الان فصليا فيه دلالة على جواز الجماعة في صلاة الليل اذا لم يكن ذلك على مرتب منظم فقال سلمان لابي الدرداء ان لربك عليك حقا. اي يوجد واجبات يجب عليك ان تقوم بها لله جل وعلا كالصلوات المفروضة. قال ولنفسك عليك حقا. اي يجب عليك ان ريحة بدنك والا تكلفها من الاعمال والطاعات فوق طاقتها قال ولاهلك عليك حقا. اراد بالاهل هنا زوجه ام الدرداء الزوجة على زوجها حقوق يجب عليه ان يقوم بها. قال فاعط كل ذي حق حقه اعط فعل امر يدل على الايجاب قال فاتى النبي صلى الله عليه وسلم يعني ان ابا الدرداء ذهب للنبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك اي اخبره بما وقع ومما قال له سلمان فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدق سلمان اي فيما اخبرك به من الاحكام الشرعية. وفي هذا توثق الانسان مما يصل اليه من المعلومات بالرجوع الى من يثق فيهم من اهل العلم. كما رجع ابو الدرداء للنبي صلى الله عليه وسلم. وفي هذا الحديث من الفوائد تصديق من كان خبره موافق للصدق والصحة. كقوله صدق سلمان. نعم. احسن الله اليكم. قال عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر. ويفطر حتى نقول لا يصوم. وما رأيت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم استكمل صيام شهر الا رمضان. وما رأيته اكثر صياما منه في شعبان وكان يصوم مرحبا كله. وسئل النبي صلى الله عليه وسلم اي الاعمال احب الى الله؟ قال ادومها وان قل. وكان يقول خذوا من العمل ما تطيقون. فان الله لا يمل حتى تملوا. سددوا وقاربوا وابشروا. واعلموا ان ان يدخل احدا عمله الجنة. قالوا ولا انت يا رسول الله؟ قال ولا انا الا ان يتغمدني الله بمغفرة ورحمة واحب الصلاة الى النبي صلى الله عليه وسلم دوم عليه. وان قلت وكان اذا صلى صلاة داوم عليها قول عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني هذا شأنه ودأبه يصوم يعني يستمر في الصيام اياما متعددة. حتى اقول لا يفطر من كثرة صيامه ثم يفطر اياما متعددة. حتى نقول لا يصوم. وفي هذا جواز سرد الصيام وجواز شرد ايام الافطار. قالت وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام يا مشاعر الا رمضان. فيه ان المشروع اكمال شهر رمضان بالصيام وفيه النهي عن الوصال لشهر كامل. بحيث يصوم الانسان صوم الابد وفي هذا الحديث تفضيل صيام شهر شعبان والترغيب في الاكثار من صيام شهر شعبان. وقولها هنا وكان يصوم شعبان كله. قال طائفة بظاهر هذا اللفظ واثبتوا له صيام جميع الشهر. بينما اخرون قالوا بانها ارادت اكثر الشهر لا جميع الشهر. بدليل قولها ما رأيته استكمل صيام شهر الا رمضان وفي هذا الحديث اثبات صفة المحبة لله جل وعلا. وهو يحب العمل الصالح ويحب العاملين بناء للاعمال الصالحة. وقد جاءت النصوص باثبات ذلك في مثل قوله تعالى والله يحب المتقين وهنا بان مما يحبه الله الاعمال الصالحة وفي الحديث دلالة على تفاوت الاعمال في اجرها وثوابها. وانها ليست على رتبة واحدة وفي هذا استحباب مداومة الانسان على الطاعات. بحيث يجعل له برنامج غدا يوميا يفعله كل يوم يدخل فيه انواع الطاعات. فان هذا محبوب عند الله اه ولو كان شيئا يسيرا. وفي هذا دلالة على ان العمل القليل قد يكون وحب وافضل عند الله من العمل الكثير. وفي الحديث من الفوائد نهي في انسان عن تحمل ما لا يطيقه من الاعمال. وان ذلك مخالف للطريقة الشرعية. وفي الحديث النهي عن اكثار الانسان من العبادات. بحيث يكلف نفسه امرا شاقا. وفي الحديث النهي عن الملل من الطاعات امر بان تكون النفس منشرحة عند فعلها للطاعة. وقوله لا يمل حتى تمل فيه ان الجزاء من جنس العمل وقوله سددوا وقاربوا. التسديد ما نراد به السعي للوصول الى الهدف باقرب طريق بحيث لا يميل لانسان عنه او ان المراد به سد الثغرات والخلل الذي يكون بين الاعمال باداء اعمال صالحة في هذا الوقت. وسددوا اقاربوا يعني لا تكلفوا على انفسكم ولا تشقوا بها كونكم تتقربون لله بجميع الافعال المشروعة. وانما قاربوا في ذلك. وقوله وابشروا اي ظنوا بالله ظنا حسنا فان الله يعدكم بالوعد الحسن. ولذلك يستبشر الانسان لقائه لربه جل وعلا وقوله واعلموا اي اجزموا واقطعوا بانه لن يدخل احدا عمله الجنة. يعني ان الانسان متى استشعر العمل الذي اداه فانه قليل. بالنسبة لنعم الله وخيراته وفضائله فكم لله من نعمة عليك حينئذ نعلم بان دخول الانسان للجنان انما هو بفظل الله واحسانه ورحمته بعبده مهما بلغت مرتبته ولهذا قالوا له ولا انت يا رسول الله يعني لن تدخلوا الجنة بعملك فقال ولا انا الا ان الله بمغفرة ورحمة والفرق الاسلامية لها ثلاثة اقوال فيما يتعلق بهذا الباب فالطائفة الاولى تقول بان دخول المؤمنين للجنة مستحق لهم واجب على الله جل وعلا. ويجعلون العمل في مقابلة دخول الجنان. ويستدلون مثل قوله تعالى وتلك الجنة ورثتموها بما كنتم تعملون. وهذا قول والقول الاخر يقول العمل لا مدخل له في دخول الجنة. وقد يدخل الانسان الجنة وليس معه شيء من العمل. وقد يبعد من الجنة مع انه ادى الاعمال الكثيرة. وهذا قول الاشاعرة قالوا لان الخلق ملك لله يتصرف فيهم كيف يشاء. وذهب اهل السنة الى ان العمل الصالح سبب من اسباب دخول الجنة. ولكنه ليس ذلك على سبيل المجازات والمقابلة. ومن ثم انتظمت معهم النصوص. فقالوا قوله تلك الجنة اورثتموها بما كنتم تعملون. قالوا الباء هنا نبية اي رحمهم الله بسبب عملهم الصالح فادخلهم الجنة. بينما الذي في الحديث لن يدخل احد الجنة بعمله قالوا الباء هنا باء المقابلة والمجاملة مجرد العمل لا يؤهل الانسان لدخول الجنة. فان ان نعم الله على العبد اعظم وفي هذا دلالة على فظيلة المغفرة والرحمة وعظم نفعهما للعبد. ولذا كان يا الله عليهم السلام يؤكدون على استشعار هذا المعنى ويطلبون من الله مغفرته ورحمته كما قال قائلهم لان لم تغفر لي وترحمني لاكونن من الخاسرين وفي هذا الحديث فظيلة صلاة التطوع وعظم الاجر المرتب عليها. وفي الحديث استحباب ان جعل الانسان لنفسه وردا يوميا من الصلاة. يداوم عليه. ولو كان قليلا وفي الحديث من الفوائد ان النبي صلى الله عليه وسلم اذا صلى صلاة فانه يداوم عليها ولا ينقطع عنها. ومن هنا فسروا ما ورد ان النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه وفد عبد القيس وشغلوه عن سنة الظهر البعدية صلاها بعد العصر لان قضاء السنن الرواتب يعتبر من فعل ذوات الاسباب. وذوات الاسباب تفعل في اوقات النهي الموسع. ثم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يداوم على هاتين الركعتين لان من خاصيته انه اذا فعل شيئا او صلى صلاة فانه يداوم عليها. نعم احسن الله اليكم. قال عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ما صام النبي صلى الله عليه واله وسلم شهرا كاملا قط غير ويصوم حتى يقول القائل لا والله لا يفطر ويفطر حتى يقول القائل لا والله لا يصوم. في الحديث اختصاص شهر رمظان بان يصام كاملا صيام شهر رمضان على سبيل الوجوب والتحتم وقد قال طائفة باستحباب صوم شعبان لحديث عائشة المتقدم وقال اخرون باستحباب استكمال صوم محرم بما ورد فيه الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال افضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم وظاهر فعل النبي صلى الله عليه وسلم انه لم يستكمل شهرا في الصيام على سبيل التطوع لقول ابن عباس هذان وفي هذا دلالة على النهي عن صيام الدهر والمداومة على هذا الصيام. وفي هذا الحديث جواز سرد الصوم يا من متتابعة وجواز سرد الفطر وعدم الصوم بايام متتابعة وانه لا حرج في ذلك وفي الحديث جواز القسم بالله اخبار الانسان باخبار يريد توكيده ولو لم يطلب منه لفظ اليمين. بارك الله فيكم. وفقكم الله لكل خير. واعانكم الله وعلى طاعته ورفع الله درجاتكم وعلى منازلكم واصلح ذراريكم. كما نسأله جل وعلا ان يصلح احوال الامة وان يردهم الى دينه ردا حميدا. وان يوفقهم لكل خير. كما نسأله جل وعلا ان يرفع الظلم عن مظلومين والا يمكن اعداء المسلمين منهم. اللهم يا حي يا قيوم من اراد الاسلام والمسلمين بسوء فاشغله بنفسه واجعل كيده في نحره كما نسأله جل وعلا ان يوفق ولاة امرنا للخير وان يجعلهم من اسباب الهدى وان يبارك فيهم وان يجزيهم خير الجزاء. هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى على اله وصحبه اجمعين