جل وعلا ان يوفق ولاة امرنا لكل خير وان يبارك فيهم. وان يجزيهم خير الجزاء هذا والله اعلم. صلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين ان يكبر ذكر انه جنب فقال لنا مكانكم فانصرف فمكثنا على هيئتنا ثم رجع فاغتسل ثم خرج الينا ورأسه يقطر ماء فكبر فصلينا معه. قوله هنا اقيمت الصلاة اي ان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين. اما بعد فاسأل الله جل وعلا ان يسبغ على الجميع اي نعمه واسأله ان يبارك فيكم وان يعقبكم الخيرات وان يرفع درجاتكم في الجنات فما اسأله جل وعلا ان يغفر لوالدينا وان يسكنهم فسيح جناته وان يصلح ذرارينا نكمل ما ابتدانا به من قراءة كتاب الغسل من مختصر صحيح الامام البخاري ورحمه الله تعالى واسكنه فسيح جناته الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. قال الامام البخاري وعن انس رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يدور على نسائه في الليلة الواحدة في الساعة الواحدة من الليل او النهار وله حينئذ تسع نسوة وهن احدى عشرة فقال قتادة او وكان يطيقه قال كنا نتحدث انه اعطي قوة ثلاثين قول المؤلف عن انس كان النبي صلى الله عليه وسلم اي مما ورد عنه ومما نقل عنه صلى الله عليه وسلم انه كان يدور على نسائه كان ازواج النبي صلى الله عليه وسلم في حواشي المسجد النبوي. فكان صلى الله عليه وسلم وقد خصص لكل واحدة منهن ليلة وكان ربما اتى بعض نسائه في ليالي غيرهن ثم اتى لصاحبة الليلة الاولى في ليلة الزوجة الثانية قوله في الساعة الواحدة من الليل او النهار يعني في الوقت المتقارب وله حينئذ تسع نسوة وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم تزوج باحدى عشرة امرأة توفيت خديجة رضي الله عنها قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم. ويظهر ان احدى نساء لم يتزوج بها الا بعد ذلك وهذا من خصائص ما اوتي صلى الله عليه وسلم من الاحكام فقد ابيح له ان يتزوج باكثر من اربع نسوة. واما بالنسبة لافراد الامة فانهم لا يجوز لهم ان يتزوجوا باكثر من اربع قد ورد في ذلك قوله تعالى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع وورد في الحديث ان رجلا اسلم ومعه عشر نسوة فقال النبي صلى الله عليه وسلم امسك منهن اربعة وفارق سائرهن. قوله قال قتادة يعني لانس قتادة بن دعامة السدوس من التابعين وهو من تلاميذ الصحابي الجليل انس ابن مالك او كان يطيقه يعني هل تمكنوا من المرور على نسائه في ليلة واحدة فقال انس كنا نتحدث انه اعطي قوة ثلاثين. وفي هذا الحديث جواز مجامعة اكثر من امرأة من زوجات الرجل في غسل واحد وانه لا يلزمه لكل اجماع غسل وفي هذا الحديث ايضا من الفوائد جواز المرور على صاحبتي على غير صاحبة الليلة بشرط ان يقضي لصاحبة الليلة من ليلة الاخرى وفي هذا الحديث جواز ان يخرج الجنب من بيته وانه لا يلزمه ان ان يغتسل قبل خروجه وفي هذا الحديث بيان ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من كثرة النساء وفي هذا الحديث مجامعة الرجل لاهله في اثناء النهار فانه قال في الساعة الواحدة من الليل او النهار نعم. وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال اقيمت الصلاة وعدلت الصفوف قياما فخرج الينا رسول الله صلى الله الله عليه وسلم فتقدم فلما قام في مصلاه وانتظرنا الصلاة قد نادى المنادي لها بالنداء الذي يكون قبل التكبير مباشرة نداء الاقامة قال وعدلت الصفوف اي سويت جعل الناس في صفوف متساوية وقوله قياما اي انهم انتظروا تكبيرة الامام تكبيرة النبي صلى الله عليه وسلم الاحرام وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج الا بعد ان ينادى او يقال ان تقام الصلاة فخرج اليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدم ليصلي بهم فلما قام في محرابه في الا انتظرنا اي انتظر الصحابة ان يكبر النبي صلى الله عليه وسلم تكبيرة الاحرام. وحينئذ ذكر انه جنب وبالتالي لا يصح له ان ان يصلي حتى يغتسل. فقال للصحابة مكانكم اي الزموا مكانكم. اراد ان يذهب ليغتسل من اجل ان يصلي بهم اماما. قال فانصرف اي ذهب من مكان المسجد الى حجره قال فمكثنا اي وقفنا ولم نغير من هيئتنا وقوف انتظارا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رجع الى بيته اي عاد اليه فاغتسل غسل الجنابة بافاظة في الماء على جميع بدنه ثم خرج من حجره الى الناس ورأسه يقطر ماء ان انزل تنزل قطرات الماء من الرأس بعد اغتساله فكبر تكبيرة الاحرام للصلاة فصلى الناس معه ففي هذا الحديث مشروعية الاقامة للصلاة وفي الحديث ايضا مشروعية تسوية الصفوف وتعديلها وان الاصل ان المأمومين هم من يفعل ذلك وفي الحديث ان الامام يصلي امام الناس ويتقدمهم وفي الحديث ايضا جواز اداء من صلاة بوضوء واحد لان النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج كان يظن انه على وضوء سابق وفي هذا الحديث عدم صحة صلاة الجنب وانه اذا صلى كذلك لزمه ان يعيد الصلاة وفي الحديث ان الاصل ان المسجد ينتظر امامه فلا تقام الصلاة حتى يحضر الامام او يكون من عادته تفويض غيره بالصلاة فيه. وفي الحديث انتظار الناس للامام في الصلاة ولو كانت قد اقيمت الصلاة. وفي الحديث جواز تأخير الا تعني الاقامة بوقت لحاجة مشروعة. وفي الحديث من الفوائد ايضا عدم ما للنبي صلى الله عليه وسلم للمناديل بعد استعماله للماء في طهارته وفي الحديث ان المأمومين ينتظرون امامهم. وفي الحديث الخروج من المسجد بعد اقامة الصلاة لسبب مشروع كما خرج النبي صلى الله عليه وسلم. وقد عنون المؤلف الامام البخاري لهذا الحديث بقوله باب اذا ذكر في المسجد انه جنب خرج كما هو ولا تيمم. نعم. وعن عائشة رضي الله عنها قالت كنا اذا اصابت احدانا جنابة اخذت بيديها ثلاث فوق رأسها ثم تأخذ بيدها على شقها الايمن وبيدها الاخرى على شقها الايسر. قولها في هذا الحديث كنا اذا اصابت احدانا جنابة يعني اذا اجنبت سواء كان بجماع او احتلام اخذت بيديها يعني اخذت الماء بيديها ثلاثا اي ثلاث مرات فوق رأسها فتصب الماء على رأسها ثم تأخذ بيدها على شقها اي على جانبها ونصفها الايمن وبيدها الاخرى اليسرى على جانبها الايسر. وفي هذا بيان كيفية من الكيفيات التي كان يستعملها الناس في زمان النبي صلى الله عليه وسلم للاغتسال وفي هذا الحديث ايظا من الفوائد بيان ان الرأس يستحب افاضة الماء عليه ثلاثا في الاغتسال. نعم. وعن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان موسى كان رجلا حيا ستيرا لا يرى من جلده في شيء استحياء منه وكان بنو اسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم الى بعض وكان موسى يغتسل وحده فاذاه من اذاه من بني اسرائيل فقالوا ما يستتر هذا التستر الا من عيب جلده والله ما يمنع موسى ان يغتسل معنا الا انه اذر او به برص او افة. وان الله اراد اراد ان يبرئه مما قالوا لموسى فذهب مرة يغتسل وخلا وحده فوضع ثوبه على حجر ثم اغتسل ففر الحجر بثوبه فلما فرغ اقبل على ثيابه ليأخذها فاخذ موسى عصاه فخرج في اثره عريانا احسن ما خلق الله وابرأه مما يقولون. يقول ثوبي يا حجر وقام الحجر حتى نظرت بنو اسرائيل الى موسى فقالوا والله ما بموسى من بأس واخذ ثوبه فلبسه فطفق بالحجر ضربا بعصاه فقال ابو هريرة والله انه لندب بالحجر ستة او سبعة ضربا بالحجر فذلك قوله يا يا ايها الذين امنوا لا تكونوا كالذين اذوا موسى فبرأه. فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها. قوله في هذا الحديث ان موسى هو النبي. نبي بني اسرائيل كان رجلا حييا ان يتخلق بصفة الحياء وبالتالي لا يرغب ان يطلع الاخرون منه على ما يستحيا من اخراجه وذكره ستيرة ستيرة يعني انه يحب التستر ولا يحب ان يوضح يرى شيئا من بدنه. ولذا موسى عند الاغتسال يستتر ولا يمكن الاخرين من رؤية شيء من بدنه من الحياء ولم يكونوا يتمكنون من ذلك لانه يستتر حال الاغتسال. وكانت بنو اسرائيل يغتسلون جماعات سويا عراة ينظر بعضهم الى عورة بعض وكان موسى يغتسل وحده. وحينئذ قال بعض بني اسرائيل ان السبب الذي جعل موسى لا يغتسل معكم ان به مرظا وعلة. فقال بعظهم انه ادر يعني ان خصيتيه فيهما انتفاح اخ وورم بمرض كان يعرف عندهم. فاذاه يعني تكلم بعض بني اسرائيل في باوصاف ليست فيه بسبب كونه لا يغتسل عريانا امامهم. فقالوا بان فلا يستتر هذا التستر الا لعيب فيه فان جلده فيه عيب. وقال قائلهم والله ما ما يمنع موسى ان يغتسل معنا الا انه ادر يعني في خصيتيه مرض سبب ورمه هما وكبرهما او به برص يعني بياض في بعض جلده فلم يكن يريد منكم ان تطلعوا على اهذا البياظ او في بدنه مرظ وافة اه تجعله يمتنع من ان يغتسل معكم كما تغتسلون عراة. فاراد الله جل وعلا ان يبرأ موسى مما قالوا وان يظهر انه ليس كذلك. بل هو سليم بريء مما قالوا. فذهب موسى مرة وخلى وحده فاغتسل عريانا على هيأته لكنه كان مستترا. ووضع ثوبه على حجر يعني على صخرة كانت حوله. ثم اغتسل موسى عليه السلام. ففر الحجر بثوبه به ومشى ذلك الحجر. فلما كان كذلك وفرغ موسى من اغتساله ذهب ليأخذ ثيابه من اجل ان يلبسها. فلما وصل الى مكان الحجر الذي عليه الثياب لم يجد الحجر فوجد ان الحجر قد تحرك بثيابه فاخذ موسى عصاه واصبح يجري خلف هذه الصخرة عريانا حينئذ شاهده قومه بصفة حسنة على احسن ما خلق الله تعالى مبرءا مما يقولونه ويصفونه به من كونه ادر وابرص او به افة. وكان موسى حينئذ يتبع الحجر ويصيح ثوبي حجر اطلبوا ولما شاهد ان الحجر يجري علم ان عنده سبب وانه يسمع مقالته وحينئذ مشى الحجر حتى جاء امام بني اسرائيل فوقف فنظرت بنو اسرائيل الى موسى وهو عريان وعلموا ان ما قالوه ليس بصحيح وانه ليس بادر وليس به برص ولا افة؟ فقالوا والله ما بموسى من بأس وحينئذ اخذ موسى ثوبه فلبسه ثم لما لبسه طفق بالحجر ضربا بعصاه. لكونه ابعد ثيابه عنه ولكونه قد ناقض مقصوده من الاستتار. يقول ابو هريرة رضي الله عنه والله انه لندب بالحجر يعني اثر ظرب موسى في ذلك الحجر حتى اصبح فيه مكان واظح لظرب موسى ستة او سبعة مواطن ندب ونقصان بسبب ظرب موسى مما يدلك على مقدار تأثر موسى بذلك. فقال ابو هريرة فذلك قوله تعالى يا ايها الذين امنوا لا تكونوا كالذين اذوا موسى. نهى الله هذه الامة عن ايذاء نبيها وايذاء صالحيها وايذاء بعضها بالكلام الذي لا تصح او بالاوصاف غير المرغوب في ذكرها. فقال لا تكونوا كالذين اذوا موسى فبرا الله مما قالوا. مما يدل على ان من وصف من اه ان من وصف شخصا بغير ما فيه فان الله تعالى ينتصر له ويبرئه منه ولو بعد وقت. وان رب العزة والجلال قد يريد ببعض عباده خيرا فيجعل بعض الناس يتكلمون فيه. وفي هذا موسى في قوله وكان عند الله وجيها. اي انه صاحب مكانة ومنزلة عند الله تعالى وفي وفي هذا الحديث من الفوائد فظل الحياء والتستر وفيه ايظا استحباب التستر عند الاغتسال بحيث لا يشاهده احد شيئا من بدنه. وفي الحديث جواز الاغتسال عريانا وفي الحديث ايضا بيان فضل موسى عليه السلام وذكر طريقة بني اسرائيل في الاغتسال. وفي هذا الحديث المنع من اتهام الاخرين او وصفهم باوصاف لا يرغبون فيها نتيجة الاستنتاجات والتقديرات وفي هذا الحديث معجزة من المعجزات التي اتاها الله لموسى عليه السلام وفي الحديث استحباب جعل ثياب الانسان عند اغتساله قريبا منه. وفي الحديث اعمال العصا كما استعمل موسى عليه السلام العصا. وفي الحديث النهي عن ايذاء الاخرين بالكلام وخصوصا من كان من اهل الصلاح والتقوى بارك الله فيكم وفقكم الله لكل خير. وجعلني الله واياكم من الهداة المهتدين. كما نسأله جل وعلا ان علينا وعليكم نعمه وان يجعلنا واياكم من عباده الصالحين وحزبه المتقين واوليائه المفلحين. واسأل الله