الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد فاسأل الله جل وعلا ان يكون معكم مؤيدا وهاديا ونصيرا واسأله جل وعلا ان يسبغ عليكم النعم والخيرات وان يدفع عنكم السوء والمظرات ليكفر عنكم الخطايا والسيئات وبعد هذا درس جديد من دروسنا في قراءة مختصة للامام البخاري رحمه الله واسكنه فسيح جناته. نبتدأ فيه كتاب المحصر المراد بالمحصر المقيد الممنوع من التحرك والانتقال ويقصد به هنا من منع من اتمام نسك الحج سواء منع من الوقوف بعرفة بالنسبة للحج فقط او منع من الوصول الى البيت في الحج او العمرة وقد قال الله تعالى واتموا الحج والعمرة لله فان احصرتم فما استيسر من الهدي من اشترط في الاحرام ان له الحق في التحلل ان حبس فحينئذ هل يحق له التحلل عند احصاره بدون ان يذبح الهدي. قال احمد والشافعي يحق له ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم فان لك ما اشترطت على ربك وقال الامامان ابو حنيفة ومالك رحمهما الله لا حق للمحصر في ان يتحلل بدون ان يذبح الهدي قالوا لان الاية اوجبت على المحصر ذبح الهدي بقوله فان احصرتم فما استيسر من الهدي وحينئذ قالوا ان الحديث خبر واحد وخبر واحد عند الحنفية لا يزاد به على النص. لانهم يعتبرون الزيادة على النص نسخة وعندهم لا يصح نسخ القرآن بخبر واحد. وعند المالكية يقولون الواحد المخالف للقياس لا يعمل به ولذا لم يعملوا بهذا الخبر والصواب ان اخبار الاحاد الصحيحة حجة يجب العمل بها لان الادلة الدالة على حجية خبر الواحد عامة. تشمل اخبار الاحاد بي الزيادة على النص واخبار الاحاد في مخالفة القياس. ولعلنا نقرأ شيئا من الاحاديث الواردة التي ذكرها الامام البخاري رحمه الله في هذا الباب فليتفضل القارئ بارك الله فيه. نعم. الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله. نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قال الامام البخاري في كتاب المحصر وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قد احصر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلق رأسه وجامع نساءه ونحر هديه حتى اعتمر قابلا قوله هنا قد احصر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقصد ما كان في الحديبية في عام الحديبية سنة ست حيث منع اهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم من اكمال نسك العمرة وحينئذ تحلل رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي هذا ان من احصر عن البيت وقد احرم بالعمرة فانه يتحلل بعد حلق رأسه ونحر هديه. وفي هذا دلالة على ان التحلل بعد الاحصار وبعد ذبح الهدي تحلل كامل. بحيث قلوا له ما يتعلق بامور النساء. وقوله حتى اعتمر قابلا اي ان النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في السنة السابعة للهجرة بناء على اتفاقية الصلح بينه وبين من اهل مكة وقد اختلف اهل العلم فيمن احصر وتحلل بعد ذبح الهدي هل يلزمه الاتيان بعمرة على جهة القضاء اولى فقال جماعة نعم لان النبي صلى الله عليه وسلم قد اتى بالعمرة وسميت عمرة القضاء والصواب انها عمرة القضية. والقضية يعني الصلح فهو اعتمر بناء على الصلح. والقضية التي بينه وبين اهل مكة كما مر معنا في الصلح حيث هذا ما قاضى عليه محمد بن عبدالله. وليس المراد بقوله القضية من القضاء ومن ثم فالصواب ان من كان قد اعتمر وقضى عمرة الاسلام ثم اعتمر اخرى فاحصر عن البيت فتحلل بعد ذبح هديه وحلق رأسه انه لا يلزمه الاتيان بعمرة اخرى قضاء عن العمرة التي احصر فيها. وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية. ونحن محرمون وقد حصرنا المشركون قال وكانت لي وفرة فجعلت الهوام كالساقط على وجهي. فحملت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم. والقول تناثروا على وجهه او وقف علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا اوقد تحت برمة ورأسيته هافة قملا فقال لي لعلك اذاك هوامك. قلت نعم يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه عليه وسلم ما كنت ارى الجهد بلغ بك ما ارى. احلق رأسك فامره ان يحلق وهم بالحديبية ولم بين لهم انهم يحلون بها وهم على طمع ان يدخلوا مكة. فدعا الحلاق فحلق فانزل الله تعالى الفدية فامره رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يطعم فرقا بين ستة او يهدي شاة او يصوم ثلاثة ايام فقال صم ثلاثة ايام او تصدق بفرق اطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع او انسك شاة. قال كعب في نزلت هذه الاية. فمن كان منكم مريضا او به اذى من رأسه الى اخرها نزلت في خاصة وهي لكم عامة قوله هنا قال كعب بن مالك رضي الله عنه كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية والحديبية طرف مكة من جهة طريق المدينة. وهو اكثره في الحل وهو المكان الذي اقام فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما منعه المشركون من دخول الحرم وفي هذا انهم احرموا من الميقات. قال وقد حصرنا المشركون اي منعونا من الوصول الى البيت قال وكانت لي وفرة يعني شعر كثير فجعلت الهوام يعني القمل تتساقط على وجهي من كثرة الهوام عليه وفي هذا بيان احوال الصحابة في ذلك الزمان. قال فحملت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم قمل يتناثر على وجهي او وقف علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا اوقد تحت برمة. والبرمة اناء قد يكون من نحاس او حجر يطبخون فيه طعامهم. قال ورأسيتهافت يعني يتساقط قملا ففي هذا ذكر وصف الانسان لنفسه بالاوصاف غير المرضية متى ترتب على ذلك حكم شرعي فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلك اذاك هوامك وفي هذا سؤال المصاب والمريض عما اصابه فقال خصوصا اذا ترتب على ذلك حكم شرعي فقال كعب نعم يا رسول الله. وفي هذا بيان انه قد رخص للمصاب والمريض ان ترى ما فيه من المصيبة والمرض وانه لا حرج عليه في ذلك خصوصا اذا اذا كان ذلك على جهة الاخبار او من اجل ان يبحث له ما يصلح حاله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كنت ارى الجهد بلغ بك ما ارى. وفي هذا بيان ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب وان الغيب مما استأثر الله به. ثم قال احلق رأسك وفي هذا ان المصاب في رأسه وهو محرم فانه لا حرج في ان يحلق رأسه فان كان السبب ناشئا من ذات الشعر كما لو تحرق الشعر لم يجب عليه فدية وان كان السبب من غير الشعر ولكنه لا يزول الا بزوال الشعر فحلق الشعر وجد حينئذ عليه فدية الاذى. وفي هذا دلالة على ان المحظورات التي فيها اتلاف. اذا فعلها الانسان متعمدا او ناسيا عليه فدية الاذى. وذلك لان هذا الرجل معذور في حلق رأسه لوجود هذه الهواء ومع ذلك لم تسقط الفدية عنه وما ذاك الا ان الحلق مما فيه اتلاف يلحق بالحلق تقليم الاظافر قال فامره ان يحلق وهم بالحديبية. يعني في السنة السادسة قبل ان يتبين لهم انهم وانهم سيتحللون. ولم يتبين لهم انهم يحلون بها. وهم على طمع يعني ان انهم لا زالوا يأملون ان يكملوا عمرتهم. فدعا الحلاق فحلقه. والظاهر ان الحلاق ما كان محرما مما يدل على ان المحرم يجوز له ان يحلق رأس غيره متى جاز له وذلك سواء كان حلالا او كان حراما. وانزل الله تعالى الفدية يعني فدية الاذى لان ما قد يجب على المحرم اما لترك واجب فهذا فيه ذبح شاة اما ان يكون لفعلي محظورا فحينئذ فيه فدية اذا يخير الانسان فيها بين ثلاثة اشياء يا اما اطعام ستة مساكين او صيام ثلاثة ايام او ذبح شات. لقوله تعالى فمن كان منكم مريضا او به يدا من رأسه ففدية من صيام او صدقة او وفي هذا الحديث بيان ان الصيام لثلاثة ايام في اي مكان. ولا يشترط ان يكون في مكة ولا في ايام الحج او العمرة. وهل يشترط التتابع في هذه الايام الثلاث اسى ظاهر النصوص يدل على عدم اشتراط التتابع. ويجوز له ان يكتفي بالاطعام بان يطعم ستة مساكين. ولابد ان يكون طعاما فلا يكفي اخراج القيمة خلافا لبعض الحنفية لان النص قد دل على الاطعام. قوله تعالى فمن كان منكم مريضا او به يدا من رأسه ففدية من صيام او صدقة او نسك. وفي الحديث قال اطعم. في الحديث ايضا تقييد عدد المطعمين بستة مساكين. فلا يجزء ان نطعم مسكينا واحدا ست مرات. وقد قد جاء في الحديث بيان ان لكل مسكين نصف صاع. فقد امره ان يطعم فرقا بين ستة. والفرق قد يمنع منه ويأثم بقتله ولكنه لا تجب فيه فدية. مثل من قتل قطا اما اه ما كان مؤذيا منها بحيث يخشى الانسان على نفسه منه فانه يجوز ان يقتل مكيال يسع ثلاثة اصع معناه لكل مسكين نصف صاع. قال او انسك شاة يعني اذبح شاة في مكة لمساكينها. قيدناه بالاحاديث الاخرى وفي الحديث ان العبرة بعموم اللفظ القرآني لا بخصوص السبب. فالاية نزلت في قصة كعب ولكن لفظها عام فان قوله فمن كان هذا من الفاظ العموم لانه من الاسماء الموصولة فيفيد عموم الحكم. نعم. وقال الامام البخاري في كتاب جزاء الصيد عن ابي قتادة رضي الله عنه قال انطلقنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حجاجا عام الحديبية فاحرم اصحاب ولم احرم فانا رجل حل على فرسي وكنت رخاء على الجبال وحدث النبي صلى الله عليه وسلم ان عدوا يغزوه بغيقه. فانطلق النبي صلى الله عليه وسلم نحوهم. وصرف طائفة منهم فيهم. ابو قتادة فقال خذوا ساحل البحر حتى نلتقي فاخذوا ساحل البحر فلما انصرفوا احرموا كلهم الا ابا قتادة لم يحرم قال فبينما انا جالس مع اصحابه في منزل في طريق مكة فبصروا بحمار وحش. فجعل بعضهم يضحك الى بعض. وانا مشغول اخصف نعلي فلم يؤذنونني واحبوا لو اني ابصرته فنظرت فرأيت اصحابي يتراءون شيئا فاذا انا بحمار وحش فقلت لهم ما هذا؟ قالوا لا ندري. قلت هو حمار وحش. فقالوا ما رأيت وقمت الى الفرس ويقال لها الجرادة فاسرجته ثم ركبت ونسيت الصوت والرمح. فاستعنت بهم وقلت ناولوني الصوت والرمح فابوا ان يعينوني. فقالوا والله لا نعينك عليه بشيء. انا محرمون فنزلت فتناولته فاخذتهما ثم ركبت فشددت على الحمار فحملت عليه ثم اتيت الحمار من وراء فطعنت منها اتانا فاثبته فلم اكن الا ذاك حتى عقرته. فاتيت اليهم فقلت لهم قوموا احتملوا قالوا لا نمسه فحملته فاتيت به اصحابي وقد مات. فقال بعضهم كلوا وقال بعضهم لا تأكل انأكل لحم صيد ونحن محرمون؟ فنزلوا فاكلنا من لحمه فوقعوا فيه يأكلون. ثم شكوا في اكلهم اياه وهم حرم فحملنا ما بقي من لحم الاتان وخبأت العضد. وخشينا ان نقتطع فطلبت النبي صلى الله عليه وسلم ارفع الفرس شأوى واسيروا عليه شأوى. فلقيت رجلا من بني غفار في جوف الليل قلت اين تركت النبي صلى الله عليه وسلم قال تركته بتعه وهو قائل السقيا فلحقت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اتيته فقلت يا رسول الله ان اهلك ارسلوا يقرأون عليك السلام ورحمة الله وبركاته انهم قد خشوا ان يقتطعهم العدو دونك فانتظرهم ففعل. فلما اتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا يا رسول الله انا كنا احرمنا وقد كان ابو قتادة لم يحرم فرأينا حمر وحش فحمل ابو قتادة فعقر منها اتانا فنزلنا فاكلنا من لحمها. ثم قلنا انأكل لحم صيد ونحن فحملنا ما بقي من لحمها وقلت يا رسول الله اصبت حمار وحش وعندي منه فاضلة. قال منكم احد امره ان يحمل عليها او اشار اليها قالوا لا. فقال للقوم فكلوا وما بقي من لحمها حلال انما هي طعمة اطعمكموها الله. وقال معكم منه شيء فقلت نعم. فناولته العضد فاكلها حتى عرقها ونفذها وهو محرم وهم محرمون قول المؤلف كتاب جزاء الصيد وذلك ان الله جل وعلا حرم على المحرمين قتل الصيد وحرم على من كان في مكة ان يقتل الصيد قد قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا لا تقتلوا الصيد وانتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوى عدل منكم هديا بالغ الكعبة او كفارة طعام مساكين او عدل ذلك صياما ذوق وبال امره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام احل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة. وحرم عليكم صيد البر ما دمتم هما واتقوا الله واعلموا انكم اليه تحشرون ومن ثم من قتل صيدا وهو محرم وجب عليه جزاء الصيد. بان ينظر الى حيوان ان يشابه الحيوان الذي قتله. فيقوم باخراجه والصدقة به فما حكم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحيوانات المصيدة فان حكم الله صلى الله عليه وسلم يؤخذ به وهكذا ما حكم فيه الصحابة فان احكامهم مقدمة على احكام غيرهم ويلاحظ هنا ان الجزاء يشترط فيه ان يكون الحيوان المقتول صيدا. فان كان حيوانا لا يؤكل فبالتالي فانه لا يسمى صيدا. ومن ثم لا تجب فيه الفدية ولا حرج فيه. اما حيوانات الصيد التي لا يخشى منها فلا يجوز قتلها. ومن تلاها او اصطادها وجب عليه فدية جزاء مثل ما قتل من النعم والنعم يعني من بهيمة الانعام وهي البقر والغنم والابل. وآآ قال هنا ابو قتادة انطلقنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حجاجا عام الحديبية. يريد حجاجا اي معتمرين لان ذهابهم في السنة السادسة انما كان للعمرة. وفيها ذا اطلاق اسم الحج على العمرة وزاء قال فاحرم اصحابي يعني من ذي الحليفة ولم يحرم ابو قتادة كانه اخر احرامه الى وفي هذا دلالة على ان من مر بميقات غير ميقات بلده جاز له ان يحرم منه سواء من كان اقرب منه الى مكة او كان ابعد قال فانا رجل حل على فرسي. يعني لست بمحرم بل انا حلال. امشي على افرسي وكنت رقائا على الجبال. اي اصعد الجبال من اجل الصيد. وفي هذا جواز رقي جبال وجد كذلك جواز الصيد عليها وحدث ابو قتادة وحدث النبي يعني اخبر النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه ان دوا يغزوه بغيقة وهي مكان بئر بين مكة والمدينة فانطلق النبي صلى الله عليه وسلم نحو المكان الذي اخبر بان العدو فيه وصرف طائفة منهم اي من اصحابه فيهم ابو قتادة فقال خذوا ساحل البحر حتى نلتقي وفي هذا جواز تفرق الجيش متى كان محققا لمصلحة وفيه جواز السير بجوار البحر وانه لا حرج فيه. وفي الحديث وظع المواعيد للقيا بين من يظن افتراقه. قال فاخذوا ساحل البحر. فلما انصرفوا احرموا كلهم الا ابا قتادة اخر احرامه فلم يحرم. قال ابو قتادة فبينما انا جالس مع اصحابي في منزل في طريق مكة فبصروا بحمار وحش حمار الوحش صيد يجوز اكله. وهو الحيوان المخطط بخلاف الحمار الاهلي. فانه لا يجوز اكله وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم فجعل بعض هؤلاء القوم يضحك الى بعض. وفي هذا جواز ضحك المحرم اذا رأى صيدا لينبه الحلال الذي معه وقال وانا مشغول اي لدي عمل اعمل به فلم انتبه لحمار الوحش. اخسف نعلي اصلحه واقوم به ترتيب ما فيه من خروق وشق. قال فلم يؤذنوني اي لم يخبروني بوجود حماية الوحش وفي هذا ان المحرم لا يخبر غيره بوجود الصيد قال واحب لو اني ابصرته يعني بدون ان ينبهوني. قال فنظرت يعني رفعت رأسي عن علي فرأيت اصحابي يتراءون شيئا يلتفتون اليه وينظرون ويركزون في ابصارهم. فركزت الى جهة نظرهم، فاذا انا بحمار وحش. فقلت لهم ما هذا؟ يعني هذا الحيوان؟ قالوا لا ندري لا يريد دون ان يعينوه على الصيد ولا بكلمة فقلته هو حمار وحش قالوا هو ما رأيت قال ابو قتادة فقمت الى الفرس ويقال لها الجرادة. وفي هذا تسمية الحيوانات من الخيل والحمار وقد سموا الفرس هذا الجرادة. قال فاسرجته اي ركبت عليه السرج ثم ركبت عليه. ونسيت الصوت والرمح على الارض. قال فاستعنت بهم اي طلبت من اصحابي ان يعينونني في رفع الصوت والرمح الي. فقلت ناولوني طوطا والرمح فابوا ان يعينونني. وذلك لانهم محرمون. وهذا صيد والمحرم لا يجوز يجوز ان يعين على الصيد. فقالوا والله لا نعينك عليه يعني على الصيد بشيء. ان والمحرم لا يجوز له ان يعين على الصيد. قال فنزلت وفي هذا دلالة على ان المحرم لا يعين الحلال في فعل محظور من محظورات الاحرام ومنها قتل الصيد. فلا يجوز للحلال ان يقلم اظافر المحرم. ولا ان يحلق رأسه قبل قبل ان يبلغ محل حلقه قال ابو قتادة فنزلت فتناولته اي الرمح. فاخذتهما الرمح والسوط. ثم ركبت على الفرس قال فشددت اي اسرعت في اللحوق بالحمار الوحشي فحملت عليه اي اردت صيده فتهجمت عليه لاصيده ثم اتيت الحمار من وراء اكمه اي مرتفع صغير. فطعنت منها اتانا ولاتان الانثى فاثبته اي بقي في مكانه بعد ان طعنته بالرمح فلم يكن الا ذاك يعني طعني له حتى عقرته واصبح باقيا في مكانه فاتى بهذا الحمار لاصحابه قال فاتيت الى اصحابي فقلت لهم قوموا احتملوا. قالوا لا نمسه لماذا؟ لان المحرم لا يعين الحلال على الصيد قال فحملته فاتيت به اصحابي وقد مات حينئذ اختلفوا هل يجوز لهم ان يأكلوا منه؟ فقال طائفة كلوا فانتم لم تصيدوا ولم تعاونوا وقال اخرون لا تأكلوا نحن محرمون والمحرم لا يأكل الصيد. وفي هذا التأكيد على ان لا يقتل الصيد. لكنهم بعد ذلك قنعوا فنزلوا. قال فاكلنا من لحمه فوقعوا فيه يأكلون اي اكثر من اكل لحمه ثم بعد ذلك بعد ان شبعوا بدأت عندهم الوساوس هل يحل لهم او لا؟ فشكوا في اكلهم اياه. هل يجوز لهم ان يأكلوا من الوحش وهم حرم على احرامهم. فقال فحملنا اي انهم تركوا بقية من لحم هذا الحمار الوحشي الأتان واخذوه معهم قال وخبأت العضد. اراد ان يقدمه لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال ابو قتادة وخشينا ان نقتطع يعني ان يحجز بيننا وبين النجاة. قال فطلبت النبي يعني ان هذه الفرقة التي ذهبت الى ساحل البحر ابتعدوا عن النبي صلى الله عليه وسلم فخشوا ان يكونوا قد ضاعوا او ان لا يتمكنوا من العود مع النبي صلى الله عليه وسلم قال فطلبت النبي صلى الله عليه وسلم اي ذهبت حتى اصل اليه والحق به ارفع فرسي شأوى اي انه يسرع بفرسه. قال واسير عليه شهوة اي مرة اسرع ومرة اتمهل في المشيل الا اذهب قوة الفرس. قال فلقيت رجلا من بني غفار قبيلة عربية مشهورة في جوف الليل وكان بعضهم قد اسلم ومنهم ابو ذر الصحابي المعروف وقلت اين تركت النبي صلى الله عليه وسلم فيه السؤال عن احوال الناس ومنازلهم خصوصا اذا ترتب عليه وفائدة فقال تركته بتعه يعني مكان يقال له هذا الاسم. وهو قائل يعني نائم نومة السقيا اي من اجل ان يستقي هو واصحابه بجوار الماء. قال فلحقت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك المكان حتى اتيته وقلت يا رسول الله ان اهلك يعني من معك ومن تأهلتهم واصحابك ارسلوا يقرؤون عليك السلام اي يهدون عليك السلام ورحمة الله وبركاته ثم ذكر مسألته وفيه الرجوع الى اهل العلم وسؤالهم عما يشكل على الناس من المسائل وقال انهم قد خشوا ان يقتطعهم العدو دونك. اي يتمكن العدو من الذهاب الى هذه الفرقة التي ذهبت الى ساحل البحر فيتمكن العدو منهم. فانتظرهم من اجل ان يتكامل الجيش ويقوي بعضه بعضا. ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتظر هذه السرية قال فلما اتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم لحقوا به قالوا يا رسول الله انا قد احرمنا وهم احرموا بذي حليفة وقد كان ابو قتادة لم يحرم بقي حلالا فرأينا حمر وحش فحمل عليها ابو قتادة وفي هذا جواز اكل الحمار الوحشي واعتبار انه صيد قال فعقر منها اتانا اي ذبحه بطعنه في غير رقبته والصيد يجوز اكله متى رماه رمية تخرق جسدا. الحيوان مرمي. قال فنزلنا فاكلنا من لحمها يعني من لحم الاتان. ثم قلنا انأكل لحم صيد ونحن ومحرمون ولذا ترددوا في جواز ذلك فلذلك جاؤوا الى النبي صلى الله عليه وسلم يسألونه وقد حملوا ما بقي من لحمها حتى يرووا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحتى اذا جاءهم الاذن باكله فاذا هو قريب. وقلت يا رسول الله يقوله ابو قتادة اصبت حمار وحش وعندي منه فاضلة يعني عندي لحم زائد عن حاجتنا وقوله اصبت يعني صدت. فقال النبي صلى الله عليه وسلم منكم احد امره ان يحمل عليها اي حظه احد على ان يصيدها؟ قالوا لا. او اشار اليها؟ قال لا. وفي هذا ان المحرم لا ايلاء الصيد من اجل ان يصطاده الحلال فقال للقوم فكلوا ما دام انكم لم تتسببوا في قتل هذا الصيد فحينئذ يجوز لكم الاكل وفي هذا دلالة على ان ما اهداه المحرم للحلال. لا يجوز اكله. وما اهو الحلال من الصيد للمحرم يجوز اكله بشرط ان لا يكون قد صاده من اجله فان صاد الصيد من اجله منع المحرم من اكله. قال فكلوا وما بقي من لحمها حلال. انما هي طعمة ان اطعمكموها الله. وقال معكم منه شياهي هل بقي من لحمها شيء؟ فقال ابو قتادة نعم تناولته العضود وقد استبقاها ابو قتادة عنده فاكلها النبي صلى الله عليه وسلم حتى فقهاء اي لم يبق فيها الا عظامها. ونفدها وهو محرم. وفي هذا دلالة على انه اذا اهدي للمحرم من لحم الصيد جاز له ان يأكل منه بشرط ان لا يكون الصيد قد صيد من اجله. هذا ما يتعلق بشرح هذه الاحاديث بارك الله فيكم وفقكم الله لكل خير. وجعلني الله واياكم من الهداة المهتدين. كما نسأله سبحانه ان يصلح احوال الامة وان يردها الى دينه ردا حميدا. كما نسأله جل وعلا ان يجعلني واياكم على خير هدى على هدى المصطفى صلى الله عليه وسلم. ونسأله جل وعلا ان يجمع الامة وان يوحد كلمتهم وان يقويهم قوة من عنده. كما نسأله جل وعلا ان يوفق ولاة امورنا لكل خير وان يبارك فيهم وان يجزيهم خير الجزاء هذا والله اعلم صلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين