الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد فلا زال الحديث متواصلا في قراءة احاديث كتاب الوضوء بمختصر صحيح الامام البخاري رحمه الله تعالى فلعلنا ان نكمل ما ابتدأناه من قراءة احاديث هذا الكتاب الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه الحاضرين قال الامام البخاري رحمه الله تعالى عن انس رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم اغتسل بالصاع الى خمسة امداد ويتوضأ بالمد. قوله كان النبي صلى الله عليه وسلم كان تفيد الاستمرار والتكرار والمداومة قوله يغتسل بالصاع اي انه يستعمل عند اغتسال الجنابة من الماء ما يكون بمقدار الصاع ومقدار الصاع اربعة امداد فالصاع وحدة للحجم وهي وصاع اربعة امداد والمد ملأ اليدين المعتدلتين وقوله الى خمسة امداد يعني قد يزيد عن الصاع قليلا ويتوضأ في في الوضوء بما يكون بمقدار المد والمد يكون بملئ اليدين المعتدلتين ففي هذا الحديث ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الاقتصاد في استعمال ما وفيه عدم استحباب الاكثار من الماء المستعمل في الاغتسال والوضوء حتى ولو كان الماء متيسرا ومتوفرا نعم احسن الله اليكم قال عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما عن سعد ابن ابي وقاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله سلم انه ما اسم مسح على الخفين وسأل عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عمر عن ذلك فقال نعم اذا حدثك بان سعدوا عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا تسأل عنه غيره. ان قوله مسح على الخفين الخفين ما يصنع من الجلد ليكون مغطيا القدمين وكانوا يلبسونه من اجل الحماية من البرد قوله هنا اذا حدثك شيئا سعد يعني سعد ابن ابي وقاص ففي هذا الحديث من الفوائد جواز الاكتفاء بالمسح على الخفين في الوضوء وفي الحديث من الفوائد مشروعية المسح على الخفين وقد ورد تقييد ذلك بعدد من القيود في احاديث اخرى منها ان تلبس على طهارة كما في حديث المغيرة المتقدم فاني ادخلتهما طاهرتين ومنها ان يقتصر على المدة المسموح بها وهي للمقيم يوم وليلة. وللمسافر ثلاثة ايام بلياليهن وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم انه مسح على خفيه عن حوالي ثمانين صحابيا رووا ان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر المسح على الخفين ان او فعله وفي هذا الحديث من الفوائد جواز الاقتصار على خبر الواحد الثقة وعدم الاحتياج الى غيره. ولذا قال عمر لابنه عبد الله اذا حدثك اسعد شيئا عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا تسأل عنه غيره. نعم. عن عمر ابن امية ضمري رضي الله عنه قال رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يمسح على عمامته وخفيه. قوله هنا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على عمامته العمامة لباس للرأس يلف عليه في هذا الحديث جواز الاقتصار على المسح على العمامة اذا كانت مغطية لاغلب الرأس وقد اخذ بذلك الحنابلة فقالوا بجواز المسح على العمامة وانتم تعلمون ان العلماء اختلفوا في المقدار المجزئ عند مسح الرأس على ثلاثة اقوال مشهورة فذهب فقهاء المالكية والحنابلة الى وجوب تعميم الرأس بالمسح لان الله تعالى قال وامسحوا برؤوسكم قالوا رؤوس جمع مضاف الى معرفة يفيد العموم فوجب تعميم الرأس بالمسح وذهب فقهاء الحنفية الى ان الواجب في مسح الرأس هو مسح الربع قالوا هو مقدار اليد لان اليد ربع الرأس وذهب فقهاء الشافعية الى ان اقل ما يصدق عليه اسم الشعر او الرأس يجزئ في الوضوء وقد اختلف الشافعي فيما بينهم فقال طائفة يكفيه شعرة واحدة. وقال اخرون من لابد من مسح ثلاث شعرات فاكثر. ولعل القول الاول قول قنابلة والمالكية بوجوب تعميم الرأس بالمسح اولى واقوى لانه ظاهر اية في قوله وامسحوا برؤوسكم وليعلم بان اذا كان الانسان يلبس عمامة فحينئذ هل يجزئه المسح على العمامة او لا يجزئه. فقال الشافعي ان كان هناك مع المسح العمامة مسح لشيء من الشعر اجزأ وقال الحنفية ان كان مع العمامة مسح لربع الرأس اجزاء وقال الحنابلة بانه يجزئه ان يمسح على عمامته وما ظهر من رأسه ويكفيه ذلك لثبوت مسح النبي صلى الله عليه وسلم على العمامة كما في حديث الباب وفي هذا الحديث ايضا جواز المسح على الخفين والاكتفاء بذلك عن غسل للقدمين. احسن الله اليكم. قال عن عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اكل كتف شاه ثم صلى ولم يتوضأ. قوله اكل كتف شاة. الكتف هو ما يكون اسفل الرقبة واعلى الصدر. ولحم الكتف معروف بتفضيله عند العرب ومن امثالهم قولهم فلان يعرف من اين تؤكل الكتف وذلك ان الكتف ان اخذت من اسفلها سهل اخذها ولم يكن هناك صعوبة ان اخذ لحم الكتف من اعلاه لم يستطع الانسان اخذه الا بجهد جهيد وعمل صعيب بخلاف ما لو اخذه الانسان لاخذ لحم الكتف من اسفله قوله هنا اكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ. وذلك انه كان في اول الاسلام يجب الوضوء من اكل كل ما مست النار. اذا طبخ اللحم وجب الوضوء منه نسخ هذا الحكم واصبح هذا الحكم منسوخا. وبالتالي فليس من نواقض الوضوء اكل لحم الغنم. وقد جاء في الحديث الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن من اكل لحم الابل فقال توضأوا من لحم الابل. فسئل عن الوضوء من لحم الغنم فقال ان شئت فتوضأ فعلق حكم الوضوء من لحم الغنم بالمشيئة مما يدل على عدم وجوبه وقوله هنا اكل كتف شاة ورد في بعض روايات الحديث عند البخاري قال تعرق اكل تعرق كتف شاة وفي لفظ امتثل كتف شاة مما يدل على جواز انتشال الطعام والنهش منه وفي الحديث دلالة على عدم وجوب الوضوء من المطبوخ من غير لحم الابل وفي الحديث ايضا دليل على جواز الاقتصار على وضوء واحد في اكثر من صلاة احسن الله اليكم قال عن عمرو بن امية الضمري رضي الله عنه انه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتز من كتفي شاة في يده يأكلها فدعي الى الصلاة فالقاها والقى السكين التي يحتز بها. ثم قام فصلى ولم يتوضأ من قوله هنا عن عمرو بن امية انه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتز ان اقتطع يقوم فصلها من اصلها. من كتف شاة وفي لفظ من ذراع شاة في يده فيأكلها. فيه الاكل باليد. والافعال النبوية تحمل على اباحة ما لم تكن على العبادة. فان افعال النبي صلى الله عليه وسلم على انواع الاول ما كان من خصائصه. فهذا يختص به. كما في قوله تعالى وامرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي ان اراد النبي ان يستنكحها خالصة لك من دون مؤمنين والنوع الثاني من انواع الافعال النبوية ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل العادة والجبلة او موافقة لاهل زمانه فهذا يدل على الاباحة ولا يدل على الاستحباب. ومن ذلك لبسه لعمامة للعمامة فانه قد فعله لكون قال لزمانه يفعلونه والنوع الثالث من الافعال النبوية ما فعله صلى الله عليه وسلم بيانا لحكم شرعي فيأخذ ما هو بيان له كافعاله في النسك. والنوع الرابع ما صلى الله عليه وسلم على جهة العبادة. وتقرب به لله تعالى. فهذا النوع قال والمالكية هو على الوجوب. وقال الشافعية والحنابلة هو على الاستحباب. ولعلها هذا القول الثاني اظهر لكون النبي صلى الله عليه وسلم قد اقر عددا من اصحابه على عدم فعل ما كان من هذا النوع ولو كان واجبا لا انكر عليهم وقوله هنا فيأكلها فدعي الى الصلاة فالقاها اي طرحها ووظعها في صحنها الذي اخذها منه. والقى السكين التي يحتسب بها ان يقطع اللحم وفي هذا تقطيع اللحم بالسكين. وان ذلك على الاباحة. وفي الحديث ان اكل لحم الشياة لا ينقض الوضوء. نعم. احسن الله اليكم قال عن سويد بن النعمان رضي الله عنه وكان من اصحاب الشجرة انه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عام حتى اذا كانوا بالصهباء وهي ادنى خيبر. فصلى العصر ثم دعا بالازواج فلم يؤتى الا بالسويق فامر به فثري فلكنى. فاكل رسول الله صلى الله عليه واله وسلم واكلنا وشربنا. ثم قام النبي الله عليه وآله وسلم الى المغرب فمضمض ومضمضنا. ثم صلى لنا المغرب ولم يتوضأ قوله عن سويد بن النعمان وكان من اصحاب الشجرة يعني شجرة الرضوان الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية. والذين قال الله تعالى عنهم لقد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة الاية وقوله خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر عام خيبر هو السنة السابعة وقد كان صلح الحديبية في السنة السادسة في ذي القعدة وخرج النبي صلى الله عليه وسلم بعدها الى خيبر في السنة السابعة. فكان للمؤمنين وفتح خيبر هو ما ذكره الله تعالى بقوله فجعل من دون ذلك فتحا قريبا على احد الاقوال. فقد قيل بان المراد فتح خيبر وما حصل للمسلمين من الخير والمغانم وقيل بان المراد به صلح الحديبية فان الله قد صفت ان الله قد سماه فتحا لما ترتب عليه من كثرة الداخلين في دين الله بعد الصلح. وذلك ان الاسلام لا يتطلع الى ان يكون هناك ان يكون هناك قتال بين الناس. وانما يلجأ اهل الاسلام اليه. وذلك ان الناس متى تركوا القتال عادت اليهم اذهانهم وتفكروا في حقائق الامور وفيما اشتمل عليه الكتاب من الادلة والبراهين. فكان هذا من اسباب دخولهم في دين الله. وهذا ما حصل قال بعد صلح الحديبية فانه قد اسلم في هذه السنوات بعد الصلح اضعاف مضاعفة لمن اسلم قبل الصلح وقوله بالصهباء وهي مكان قبل خيبر وقال عنها وهي ادنى خيبر فصلى العصر وتلك صلاة مقصورة وفيها ذا دلالة دلالة على ان الجمع ليس بواجب على كافر فانه اقتصر على صلاة العصر في وقتها. مما يدل على انه لم يجمع بين الصلاتين وقوله ثم دعا بالازواج المراد بالازواج جمع زاد. وهو الطعام الذي يأكلونه. وسمي لذلك لانه يتزودون به في اه اثناء اسفارهم قال فلم يؤت الا بالسويق. وهو نوع من الطعام وهو نوع من الطعام. من الحبوب والتي تزرع وهو في الغالب اما من البر او من الشعير قال فامر به فسري اي صبوا عليه ماء من اجل ان يبله انه قد كان يابسا. قال فلكناه اي انهم مضغوه وآآ حركوه فاكل رسول الله صلى الله عليه وسلم واكلنا من ذلك السوير وشربنا مما خلط به او من الماء الذي اتي به معه ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم الى صلاة المغرب فمضمض ومضمضنا بمعنى انه لم يتوضأ انما توضأ من اجل الطعام الذي اكله. قال ثم صلى لنا المغرب ولم يتوضأ. ففي هذا الحديث من الفوائد خروج الناس مع الامام في المهام العامة وفيه من الفوائد ان الجمع بين الصلاتين ليس من الواجب على بل هو رخصة بل هو رخصة له الحق في ان يفعلها. وفي الحديث جواز الاشتراك في المباحات ليقتسمه الناس وقد استدل بعض المعاصرين بهذا الحديث على جواز التأمين التعاوني. بحيث يشترك مجموعة على ان يدفعوا اقساطا ليعوضوا من حصل عنده تلف او نقص او احتاج لشيء من ايدي الدنيا. وفي الحديث جواز اكل السويق والتزود في الاسفار منه في الحديث ان اكل السويق لا ينقض الوضوء ولو كان مطبوخا وذلك لان نواقض الوضوء التي تتعلق اكل ما طبخ بالنار قد نسخت واصبح الاكل مما طبخ بالنار لا ينقض الوضوء وفي هذا الحديث اكلوا في هذا الحديث اكلوا السويق وجواز استعماله وفي هذا الحديث الاجتماع من اجل اداء الصلاة جماعة ولو كان ذلك في الاسفار وفي هذا الحديث جواز وضع الماء على الطعام من اجل تليينه وتسهيل اكله. وفي هذا الحديث خلط الاطعمة بعضها مع بعض من اجل الاكل منها. وفي هذا حديث الاشتراك في تناول الطعام والشراب. وان هذا هو كان المعهود في عهد النبوة وفي الحديث ايظا دعوة الامام افراد رعيته ممن يكونون معه ليؤدوا جماعة الصلاة المفروضة وفي الحديث عدم وجوب الوضوء من اكل السويق ولو كان مطبوخا وفي الحديث المضمضة بعد اكل الطعام قد اختلف اهل العلم في حكم هذه المضمضة فرأى جماعة ان ذلك من المستحبات لموافقته لمقصده الشرع ولانه فعل النبي صلى الله عليه وسلم والاكثر على انه من المباحات لان هذا من الافعال العادية التي اعتادها الناس وبالتالي لا يكون هذا من المستحبات وانما ما يكون من المباحات. وفي الحديث اقتداء الصحابة بالنبي صلى الله عليه وسلم فيما يعود بالخيب والنفع وفي الحديث جواز اداء اكثر من صلاة مفروضة بالوضوء الواحد. وانه لا يلزم الوضوء لكل صلاة نعم احسن الله اليكم قال عن ميمونة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه واله وسلم اكل عندها كتفا ثم صلى ولم في الحديث جواز اكل الكتف وتخصيصها الاكل وفي الحديث ايضا عدم وجوب الوضوء من اكل ما مست النار من غير الابل وفي الحديث ايضا اكلوا الانسان عند زوجته. فان ميمونة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم وقد اكل عندها وفي الحديث ان اكل اللحم من غير الابل لا ينقض الوضوء احسن الله اليكم قال عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم شرب لبنا. فمضمض وقال ان له دسما قوله شرب لبنا. الاصل في كلمة اللبن ان تطلق على ما تعارف الناس عليه اليوم باسم الحليب قال فمضمض يعني انه بعد ان شرب اللبن مظمظة وادخل الماء في فمه فحركه ثم اخرجه. وقال ان له ان اداة تعليل. فهذه هي في كونه مضمض وله يعني للبن دسما اي اثرا في الفم. قد يبقى له رائحة الزفرة فاحتاج الى ان يمضمض منه. ففي الحديث جواز شرب اللبن. وفي الحديث استحباب الوضوء منه وان ذلك ليس من الواجبات وقوله وفي الحديث ان انه يستحب المضمضة عند اكل اي سلعة فيها دسم. فان الدسم يكون له زفرة وبالتالي فما كان فيه دسومة فانه يستحب للانسان ان يتوضأ بعده. بارك الله فيكم وفقكم الله لكل خير جعلني الله واياكم من الهداة المهتدين. نسأله سبحانه ان يسبغ علينا وعليكم نعمه. وان يدر عليكم ارزاق وان يبارك لكم في جميع احوالكم وان يجعلكم من الهداة المهتدين هذا والله واعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين