وان ابن عمر رضي الله عنهما كان يبعث بهديه من جمع من اخر الليل حتى يدخل به منحر النبي صلى الله عليه سلم مع حجاج فيهم الحر والمملوك. في هذا الحديث مشروعية الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين. اما بعد فاسأل الله جل وعلا لكم تيسيرا في اموركم ورفعة رفعة في درجاتكم ووفرة باموالكم وكثرة في حسناتكم ومغفرة لسيئاتكم. وبعد فهذا لقاء جديد نكمل به قراءة كتاب العيدين من مختصر صحيح الامام البخاري رحمه الله تعالى واسكنه فسيح جناته ليتفظل القارئ مشكورا بارك الله فيه. الحمدلله رب العالمين واصلي واسلم على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم الهمنا رشدنا وقنا شر انفسنا. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه وللحاضرين. قال الامام البخاري رحمه الله تعالى عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والاضحى الى المصلى. فاول شيء يبدأ به الصلاة ثم مصاريفه فيقوم مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم فان كان يريد ان يقطع بعثا قطعه او يأمر بشيء امر به ثم ينصرف. قال ابو سعيد فلم يزل الناس على ذلك حتى خرجت ومع مروان وهو امير المدينة في اضحى او فطر. فلما اتينا المصلى اذا منبر بناه كثير ابن الصلت. فاذا مروان يريد ان يرتقيه قبل ان يصلي. فجذبت بثوبه فجبذني. فارتفع فخطب قبل الصلاة فقلت غيرتم والله فقال ابا سعيد قد ذهب ما تعلم فقلت ما اعلم والله خير مما لا اعلم فقال ان الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة فجعلتها قبل الصلاة قوله في هذا الحديث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والاضحى الى المصلى به مشروعية صلاة العيدين عيد الفطر وعيد الاضحى وفيه ان المستحب ان تؤدى هذه الصلاة خارج المدينة في المصلى وظاهر قوله المصلى انه موطن مخصص لصلاة العيد. وبالتالي رأى جماعة من من الفقهاء انه مصلى العيد يعتبر وقفا عاما لاداء الصلاة فيه. وفي الحديث ان صلاة العيد يبدأ بها قبل خطبة العيد. والناس كانوا يفعلون ذلك. فلما كان بعض بني اياه كان الناس بعد الصلاة يغادرون مباشرة فقدم الخطبة على الصلاة من اجل ان يلزم الناس بسماع خطبته وفي الحديث ان صلاة العيد لا ينادى لها لا باذان ولا بغير ذلك من الفاظ النداء لقوله فاول شيء يبدأ به الصلاة وفي الحديث ان الخطيب يقابل المصلين ويواجههم ليخطب عليهم وهم تعهدونه و جماهير اهل العلم على ان خطبة العيد تقال بخطبتين وليست بخطبة واحدة يستدلون على ذلك بكون النبي صلى الله عليه وسلم قد خطب مرة للرجال ومرة للنساء بان لفظة الخطبة قوله خطب كما تشمل الخطبة الواحدة تشمل الخطبتين وفي الحديث ان مستمع خطبة العيد يكون جالسا لاستماع الخطبة وفي الحديث ان خطبة العيد يشرع ان تتضمن على المواعظ والتذكير التي يستفيد منها الحضور وفي الحديث تداول بعض الشأن العام في خطبة العيد. ولذا كان صلى الله عليه وسلم اذا اراد ان يقطع بعثا اي اذا اراد ان يرسل جيشا قطعه واخبر به الناس وهو في خطبة العيد ده وفي الحديث استمرار الناس على تقديم صلاة العيد على خطبة العيد وان هو شأن الخلفاء الراشدين بعد النبي صلى الله عليه وسلم وفي الحديث تذكير مخالف السنة بما تكون عليه السنة. وفي الحديث ان خطبة العيد لا يلزم الجلوس لها. بل الواجب الفرض الكفاية هو اداء صلاة العيد وفي الحديث ان الاولى بالناس ان يسيروا على وفق هدي ما هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم تم وفي الحديث ان اتباع السنة خير من العمل بالاراء وما يظن انه من كولات وفي الحديث محاولة نصح مخالف السنة ببيان طريقة السنة وتعليمه لذلك نعم احسن الله اليكم. قال عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وابو بكر وعمر رضي الله عنهما يصلون في العيدين الاضحى والفطر قبل الخطبة ثم يخطب بعد الصلاة. في هذا الحديث ان صلاة العيد تكون قبل خطبة العيد وان صلاة العيد يقتصر فيها على عيدي الفطر والاضحى وفي الحديث استمرار الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم على طريقته في طريقة اداء صلاتي العيد وفي الحديث ايضا من الفوائد المشي الى صلاة العيد وفي الحديث من الفوائد حديث ابي سعيد السابق انهم لم يكونوا يتخذون المنابر لصلاة العيد. فانما اتخذت بعد ذلك ولا يعني ذلك المنع من اتخاذ المنابر ولذا لم ينكر الناس على ولاة ذلك الزمان اتخاذ المنبر. وانما كان انكارهم على تقديم الخطبة على الصلاة احسن الله اليكم قال عن عطاء قال سمعت جابر بن عبدالله رضي الله عنهما يقول ان النبي صلى الله عليه وسلم فما قام يوم الفطر فبدأ بالصلاة فصلى ثم خطب الناس بعده. فلما فرغ نبي الله صلى الله عليه وسلم نزل كفاءة النساء فذكرهن وهو يتوكأ على يد بلال رضي الله عنه. وبلال باسط ثوبه يلقي فيه النساء دقة وعن عطاء عن ابن عباس وجابر رضي الله عنهم قال لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الاضحى. وان ابن عباس رضي الله عنهما ارسل الى ابن الزبير رضي الله عنهما في اول ما بويع له انه لم يكن يؤذن بالصلاة يوم الفطر وانما الخطبة بعد الصلاة. في الحديث من الفوائد مشروعية صلاة العيد. وان صلاة العيد تقام يوم الفطر ويوم الاضحى وانه لا يوجد عيد في اهله الاسلام الا هذان اليوم ان في الحديث من الفوائد البداءة باداء الصلاة قبل خطبة العيد وان هذا هو السنة وفيها ان صلاة العيد لا يؤذن لها ولا ينادى لها باي نداء وانما يتقدم الامام فيصلي بهم الصلاة وفي الحديث من الفوائد استدل الجمهور بهذا الحديث على ان يوم العيد يخطب فيه بخطبتين وفي الحديث تخصيص النساء المواعظ التي تذكرهن بالله تعالى وفي الحديث ايضا استناد الخطيب يوم العيد على بعض من معه. كما استند النبي صلى الله عليه وسلم على بلال. وفي الحديث فظيلة الصدقة في يوم العيد وفي الحديث من الفوائد ان خطبة العيد وصلاة العيد يتولاها الامام الذي له الولاية ليصليها بنفسه او يفوض من يرى صلاحيته لذلك نعم. احسن الله اليكم. قال عن سعيد بن جبير قال كنت مع ابن عمر رضي الله عنهما حين اصابه سنان الرمح في اخمص قدمه فلزقت قدمه بالركاب فنزلت فنزعتها وذلك بمنى. فبلغ الحجاج فجعل يعوده. دخل الحجاج على ابن عمر رضي الله عنهما فقال كيف هو؟ فقال صالح. فقال الحجاج لو نعلم من اصابك فقال ابن عمر رضي الله عنهما انت اصبتني قال وكيف؟ قال حملت السلاح في يوم لا يحل فيه حمله ولم يكن كن يحمل فيه وادخلت السلاح الحرام ولم يكن السلاح يدخل الحرم. في الحديث من ان ابن عمر رضي الله عنهما كان يجري جاء احد الاشخاص معه رمح فكان يضرب برمحه الارض فوقع الرمح في احدى المرات على رجل ابن عمر فاذاه وجرحه جرحا ايذاء جرحه في اخمص قدمه فلزقت قدمه بالركاب الذي يضع القدم فيه حال ركوبه على الدابة وقال فنزلت يقول سعيد بن جبير فنزعتها اي نزعت قدمه عن الركاب وذلك بمنى ويعني في موسم الحج مما في يوم العيد او في ايام التشريق قال فبلغ الحجاج الحجاج قد تولى ولاية الحج وسوق الحجيج لبني امية في تلك السنة فكان الحجاج يعود ابن عمر في مرضه فيه زيارة المريضة ودخل الحجاج على ابن عمر فقال كيف هو ان يسأل عن حاله وعن صحته؟ فقال صالح فقال الحجاج لو نعلم من يعني لا اوقعنا عليه العقوبة. فقال ابن عمر انت اصبتني وفيه اضافة الفعل الى من كان سببا في فعله ولو لم يكن الفاعل. فقال وكيف اصبتك قال حملت السلاح بيوم لا يحل فيه حمله. وكان من ايام ذي الحجة في الحرم. ولم كن يحمل السلاح في ذلك الوقت. وادخلت السلاح الحرم ولم يكن السلاح يدخل الحرم قبل ذلك. نعم. احسن الله اليكم. قال عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما العمل في ايام افضل من العمل في هذه. قالوا ولا الجهاد؟ قال ولا الجهاد الا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله به فلم يرجع بشيء. في هذا الحديث فظل عشر ذي الحجة وهي الايام الاول من شهر ذي الحجة من اليوم الاول الى اليوم العاشر وفيه ان العمل في العشر الاوائل من شهر ذي الحجة مضاعف الاجر والثواب. وهذا يشمل جميع الاعمال سواء كان صلاة او صدقة او صياما او قراءة للقرآن او ذكرا لله تعالى او دعاء وتضرعا او اعانة للاخرين ومساعدة لهم او تنظيف الطرقات العامة او اداء الخدمات العامة فكلها مما يدخل في قوله العمل في هذه العشر وقوله ولا الجهاد يعني في سبيل الله. فقال ولا الجهاد يعني انه لا يفظل على العمل في العشر الاول الا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله. اي ذهب بنفسه وجمع امواله فجاهد بها فلم يرجع بشيء. مما يدلك على عظم الثواب وكثرة للعمل الصالح في عشر ذي الحجة احسن الله اليكم قال عن محمد بن ابي بكر الثقفي قال سألت انس رضي الله عنه ونحن غاديان من منى الى عرفات عن التلبية كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع النبي صلى الله عليه وسلم قال كانا يلبي منا الملبي فلا ينكر عليه ويكبر منا المكبر فلا ينكر عليه. قوله عن محمد ابن ابي بكر الثقفي قال سألت انسا به بيان طريقة الاوائل في سؤال اهل العلم من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله ونحن غاديان من منى الى عرفات وذلك في صباح اليوم التاسع من شهر ذي الحجة. لان الحجيج يغادرون منها بعد طلوع الشمس يوم التاسع من شهر ذي الحجة. قوله عن التلبية. تلبية اجابة النداء. معنى التلبية النداء تقول لبيك بمعنى اجبت نداءك قال كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم فيه اطلاق لفظ العمل والصناعة على الاقوال والتلفظ فقال انس كان يلبي منا الملبي ان يكثر التلبية. فلا ينكر عليه. يكبر منا كبر فلا ينكر عليه. اما التلبية فلانهم محرمون. وفيه استحباب اكثار محرم من التلبية وخصوصا عند تغير الاحوال وفي الحديث ايضا مشروعية التكبير وذلك انه اذا دخلت عشر ذي الحجة بغروب شمس اخر يوم من شهر ذي القعدة استحب للناس ان يكبروا. فالتكبير في العشر اوائل من شهر ذي الحجة من الاعمال الصالحة. قد قال تعالى ولتكبروا الله على ما هداكم وفي الحديث انه يستحب رفع الصوت بالتلبية وبالتكبير التلبية بالنسبة للمحرم والتكبير لمن كان في عشر ذي الحجة وهذا خاص بالرجال دون النساء و سنة النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يلبي واستمر في التلبية الى ان بدأ رمي جمرة العقبة في يوم العيد. وحينئذ انتقل من التلبية الى التكبير احسن الله اليكم. قال عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم كان ينحر ويذبح بالمصلى ذبح الاضاحي والهدي في يوم العيد عيد الاضحى وقوله بالمصلى يعني في المكان الذي يصلون فيه صلاة العيد والنحر يكون للابل طعنها في اسفل رقبتها والذبح يكون للغنم والبقر تزكيتها في اعلى الرقبة وفيه تنوع طرائق الذبح ما بين ذبح ونحر. وفي هذا الحديث من الفوائد بعث الحجاج والمعتمرين بهديهم من جمع وهي مزدلفة من اخر الليل يعني ليلة العيد. وفي الحديث ان ابن عمر كان ينتقل المكان الذي يذبح فيه النبي صلى الله عليه وسلم هديه ليذبح فيه هديه. وكان ابن عمر يرى ان للمكان خاصية النبي صلى الله عليه وسلم قال نحرتها هنا وكل منى وفجاج مكة من حر ولذا رأى جمهور اهل العلم من الصحابة فالتابعين انه لا مزية لذلك المكان الذي ذبح فيه النبي صلى الله عليه وسلم لهديه. وفي الحديث من الفوائد حج المماليك وفيه توكيل الاحرار والمماليك بمتابعة الهدي ورعايته احسن الله اليكم قال عن جندب رضي الله عنه قال شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم عيد النحر. صلى ثم خطب وثم ذبح وظحينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اضحاه فاذا اناس قد ذبحوا ضحاياهم قبل الصلاة. فلما انصرف رآهم النبي صلى الله عليه وسلم انهم قد ذبحوا قبل الصلاة قال من ذبح قبل ان يصلي فليذبح اخرى مكانها. ومن كان لم يذبح حتى صلينا فليذبح على اسم الله هذا الحديث مشروعية صلاة العيد يوم عيد الاضحى وفيه تسمية عيد الاضحى بعيد النحر. وفي الحديث مشروعية صلاة العيد ومشروعية خطبة العيد وفيه ان الصلاة تقدم على الخطبة في يوم العيد. وفيه ان ذبح الاضاحي يكون بعد صلاة العيد وفيه ان من ذبح قبل صلاة العيد فانها لا تجزئ حية وفي الحديث من الفوائد ايضا مشروعية ذكر اسم الله تعالى الا عند ذبح الذبائح والاضاحي. ولقوله فليذبح على اسم الله وقد اختلف اهل العلم في حكم التسمية على ثلاثة اقوال مشهورة فرأى الشافعي بان التسمية سنة ورأى الحنفية بانها شرط في الذكاة. ورأى الحنابلة والمالكية انها واجب يسقط مع السهو وفي الحديث ان الانسان يجوز له ان يتوسل الى الله باسمائه وان يذبح على اسمائه بقوله فليذبح على اسم الله تعالى وفي الحديث مخاطبة الامام للناس في خطبة العيد. اثابكم الله. قال عن جابر رضي الله عنه انه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا كان يوم عيد خالف الطريق. المراد بمخالفة الطريق ان يذهب لصلاة العيد من طريق وان يعود من طريق اخر في هذا استحباب مخالفة الطريق عند الذهاب لصلاة العيد والحديث وان كان واردا في صلاة العيد سواء عيد فطر او عيد اضحى فانه ايظا يشمل كذلك الذهاب الى صلاة استسقاء والجمهور علاء الحاق صلاة الجمعة بذلك براء طائفة ان كل طاعة وعبادة يستحب وان يذهب لها من طريق وان يؤتى من طريق اخر. اما عن المعنى الذي من اجله شرع مخالفة الطريق عند ذهابه الانسان لصلاة العيد فقيل من اجل ان تشهد له اراض اخرى بادائه للصلاة وقال اخرون بل اراد ان يسلم على من في طريق الذهاب ويسلم على اخرين في طريق العودة. نعم. احسن الله اليكم قال عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم الفطر فصلى ركعتين لم يصلي قبلها ولا بعدها ومعه بلال رضي الله عنه. في الحديث مشروعية الخروج خارج المدينة لاداء صلاة العيد في الحديث ان صلاة العيد تكون من ركعتين ولكنها تمتاز بكثرة التكبيرات فيها وفي الحديث انه لا يوجد قبلها سنة راتبة ولا بعدها وفي الحديث ان من صلى صلاة العيد خارج المدينة فلا يصلي تحية المسجد. لان هذا مصلى وليس بمسجد وفيه ايضا مشروعية اختيار الرفقة عند الذهاب الى الطاعات وخصوصا فيما يكون خارج المدن بارك الله فيكم. وفقكم لكل خير. جعلني الله واياكم من الهداة المهتدين نسأله سبحانه ان يوفق اهل الاسلام لكل خير وان يجعلهم متحابين متوادين قائمين بطاعة الله سبحانه وتعالى. اللهم امنهم في ديارهم واجمع كلمتهم واحقن دماءهم وفقهم لخيري الدنيا والاخرة كما نسأل الله جل وعلا ان يوفق ولاة امورنا لكل خير وان يجعلهم من اسباب الهدى والتقى صلاحي والسداد كما نسأله جل وعلا ان يتم للحجيج حجهم وان ييسر لهم مناسكهم وان يتقبل منهم هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين