الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد فاسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم لكل خير. وان يجعلنا واياكم من دعاة دينه سبحانه ان يرزقكم علما نافعا وان تكونوا ممن حوى العلم وعرف اسسه قاعدة وانطلق من ذلك لتطبيق هذه القواعد على حوادث الناس. كما اسأله جل وعلا ان يصلح احوال الامة وان ينشر في الناس الحق وان يعرفهم صحة هذا الدين وبعد فهذا هو اللقاء الرابع من لقاءاتنا في مدارسة كتاب الدرة المختصرة في محاسن الدين الاسلام فضيلة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي غفر الله له واسكنه فسيح جناته وقد اوردنا امثلة كثيرة فيما مضى بيان محاسن الدين الاسلامي. والمؤلف لم يستوعب هذه الامثلة وانما اورد نماذج من ذلك ومن النماذج التي اوردها المؤلف ما يتعلق بالاحسان. فان الشريعة قد رغبت في الاحسان الاخرين وجعلت ذلك امرا طيبا كما قال تعالى ان الله يأمر بالعدل والاحسان ورتب الله جل وعلا على الاحسان مصالح الدنيا والاخرة. كما قال تعالى ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون وكما قال جل وعلا للذين احسنوا الحسنى وزيادة وكما قال سبحانه وهل جزاء احسان الا الاحسان والنصوص في هذا الباب كثيرة متتابعة حينئذ هذا الاحسان الذي جاءت الشريعة به ورغبت فيه رتب الله جل وعلا عليه مصالح كثيرة في والاخرة فان رب العزة والجلال يحب المحسنين ويجازيهم بالاحسان على وفق ما عملوا من الاحسان ويجعل ذلك من اسباب رضاه عنهم. ولذا قال جل وعلا في المتقين ان المتقين في جنات وعيون اخذين ما اتاهم ربهم انهم كانوا قبل ذلك محسنين انهم كانوا قبل ذلك محسنين. وهكذا قال جل وعلا ونجزي الذين احسنوا بالحسنى و الاحسان له اثره في قلوب الناس فان من احسن الى عباد الله فان ذلك يكون من اسباب بمحبتهم له وملئ قلوبهم منه كما قال الاول احسن الى الناس تستعبد قلوبهم قال ما استعبد الانسان احسان ويترتب على الاحسان من الخير والبركة والثواب الدنيوي والاخروي وانشراح الصدر الله به عليم. وقد جاءت النصوص بالترغيب في هذا الاحسان لما يحصل به من الترابط مجتمعي وقظاء حوائج الاخرين وهناك ابواب متعددة في هذا المجال كلها مما يعود على الانسان بالخير العظيم. ومن امثلة ذلك ما جاءت به الشريعة من مشروعية العارية بحيث آآ يعطي الانسان الاخرين بعض اموره ينتفعون بها ثم يعيدون ذلك اليه وقد عاب الله جل وعلا على اولئك الذين لا يفعلون هذا الامر اه آآ ذمهم في كتابه العزيز فقال سبحانه وويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم الذين هم يراؤون ويمنعون الماعون. اي لا يؤدونه على سبيل العاري وهكذا جاءت الشريعة بمشروعية القرظ بحيث يحسن الانسان الى الاخرين باعطاء مالا آآ في وقت حاجتهم يردونه اليه بعد استغنائهم. وقد ورد في الحديث ان من مرتين كان بمثابة من تصدق مرة وهكذا جاءت الشريعة بالترغيب في بان يكون هناك بذل للاخرين سواء في ابواب الصدقات التطوعية فقد وعد الله جل وعلا من فعل ذلك بالخلف الجميل. كما قال تعالى وما انفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير آآ وهو وما تقدمه وما تقدموا لانفسكم من خير يعلمه الله وتزودوا فان خير الزاد التقوى وقد جاء في الاحاديث الترغيب في اه ان يقوم الانسان باهداء الهدايا الاخرين وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم آآ عن الهدية تهادوا تحابوا ان صح الخبر في ذلك وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يهدي الهدايا وكان يقبل الهدية اما المثال الخامس عشر الذي ذكره المؤلف اه مما يدل على محاسن هذه الشريعة ما جاءت به الشريعة المباركة من اه مشروعية اه القضاء والفصل في الخصومات واذا نظر الانسان الى قضية الاحسان التي ذكرتها قبل قليل وجد انها ترتبط بايمان الانسان بالله جل وعلا وبالجزاء الاخروي. فان من كان مؤمنا بالله وانه المتصرف في الكون سبحانه وتعالى وانه يجازي العباد. وهكذا كان مؤمنا بالاخرة فان ذلك سيدفعه الى ان يحسن للاخرين. وشاهدوا هذا في كتاب الله في قوله تعالى ارأيت الذي يكذب بالدين يعني لا يصدق بوجود جزاء في يوم القيامة. فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين. فان من كان مؤمنا بالاخرة فانك ستجده آآ يقوم مع المحتاجين من اليتامى المساكين. ولهذا قال الله جل وعلا في كتابه العزيز آآ آآ ان سعيكم لشتى. فاما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى. واما من بخل لو استغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى وما يغني عنه ما له اذا تردى. ثم قال افانذرتكم نارا تلظى لا يصلاها الا الاشقى الذي كذب وتولى وسيجنبها الاتقى الذي يؤتي ما له تزكى وكما في قوله جل وعلا اه فلا اقتحم العقبة وما ادراك ما العقبة فك رقبة او اطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة او مسكينا ذا متربة فهذه الاية فيها ذكر العقبة العظيمة التي تفصل الانسان تفصل بين الانسان وبين دخوله الجنة فيحتاج الى سبب يجعله يتمكن من قطعها وتجاوزها. ثم بين له ان سبيل ذلك هو الاحسان على وفق ما ذكر هنا وقال جل وعلا في السورة التي آآ بعدها سورة الفجر كلا بل لا تكرمون اليتيم ولا تحاضون على طعام المسكين وتأكلون التراث اكلا لما وتحبون المال فحبا جما. فمعناه ان الله جل وعلا عاب عليهم انهم لا يتصورون ورونا التصور الصحيح بين انه لا يحث بعضهم بعضهم على اطعام الفقير ولا آآ ولا على ايتاء الحقوق خصوصا في شأن اولئك الضعفاء الذين يحتاجون الى من يناصرهم بالتالي عاب الله جل وعلى عليهم اه عدم وجود الاحسان اليهم وهذا فيه تمييز لاهل الاسلام عن غيرهم فان اهل الاسلام عندهم من الرغبة في الاحسان وفي القيام مع الاخرين وفي اعانتهم ما لا يوجد آآ نظيره او جزء منه عند غير المسلمين وهكذا فيما يتعلق بباب القضاء فان الشريعة المباركة قد جاءت وسطا بين انواع التشريعات فهناك من يقرر العقوبات ويحكم على الافعال بانها جرائم بناء على تصورات الناس او ما يسمونهم او ما يسمونهم باسم المحلفين بينما هناك من يتجه الى اتجاه اخر بانه لا تكون هناك جريمة ولا تكون هناك عقوبة الا بناء على نص من نظام ولكن الشريعة جاءت بوسط في هذا الباب فانه لا تكون جريمة الا بنص لكن العقوبات منها ما يكون محددا ومنها ما يوكل الى آآ آآ القضاة مما يسمى آآ العقوبات التعزيرية ومن هنا نعلم ان الشريعة قد جاءت بقواعد واصول لابواب القضاء اه تكون طريقا لايصال الحقوق لاصحابها ولايقاف طالما عن ما هم فيه من ظلم وتعد على حقوق الاخرين. وبذلك آآ تنحل المشاكل ويحصل العدل. وقد جاءت قواعد الشريعة في هذا الباب مبنية على الموازنة بين مواقف الخصوم بحيث يرجح من يكون جانبه اقوى. ومن هنا قال جاءت آآ القاعدة الشرعية ان البينة على المدعي اه البينة التي هي اقوى اه ما يدل على صحة الكلام مما يوضح الحق بينه تكون في جانب المدعي فاذا لم يكن عند المدعي بينة انتقلنا الى مطالبة اه المدعى عليه باليمين وقد بين المؤلف هنا ان البينات آآ هي كل ما يوضح الحق ويبينه. ومن ثم كان من طريقة الشريعة ان تعتبر القرائن وان تجعل لها آآ ميزانها ومكانتها. ومن ثم وازنت الشريعة بين البينات بحيث لم تجعل البينات على مستوى واحد وجعلتها على آآ درجات متفاوتة بحسب انواع القضايا. فهناك قضايا تقبل فيها شهادة المرأة الواحدة فيما لا يطلع عليه لا النساء وهناك قضايا تقبل فيها شهادة الشاهد الواحد كالقضايا الدينية. وهناك قضايا لا يقبل وفيها الا اه شاهد بيمين وهناك قضايا تقبل فيها شهادة الرجل الواحد مع المرأتين هناك قضايا لا تقبل الا لا يقبل فيها الا شهادة الرجلين. وهناك قضايا لا تقبل فيها الا شهادة الاربعة الى غير ذلك من آآ تنظيم الشريعة للابواب القظائية وكما جاءت الشريعة بمشروعية الفصل بين المتخاصمين من خلال القضاء جاءت الشريعة ايضا في الصلح كما قال تعالى والصلح خير. وكما قال لا خير في كثير من نجواهم الا من امر بصدقة او او اصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه اجرا عظيما وحينئذ كانت القاعدة الشرعية في هذا الباب ان يكون هناك عدل وايصال للحقوق لاصحابها. كما قال تعالى واذا حكمتم بين الناس ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها. واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل. وقد جعل القرآن اه منهجا ومرجعا في قضايا الناس وفي الفصل بينهم. كما قال تعالى ان انزلنا اليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما اراك الله ولا تكن للخائنين خصيما. وفي هذا تحذير الوكلاء والمحامين من ان يكون من شأنهم ان يقوموا بالخصومة عن اهل الباطل ومما جاءت به الشريعة واكدت عليه في هذا الباب انها ساوت بين القوي والظعيف. وحرمت ان يقوم الانسان باي عمل او وساطة آآ ابطال الحقوق او ايصالها لغير اهلها او تعطيل الحدود وهكذا الشريعة بين الرئيس والمرؤوس والصغير والكبير وسوت بين الناس مع مهنهم وحينئذ نعلم فضل الله جل وعلا علينا بهذا الدين ومن الامثلة التي اوردها المؤلف في هذا الباب ما جاءت به الشريعة من مشروعية استشارة الاخرين وآآ قد جاء الامر بالشورى في مواطن من كتاب الله جل وعلا في فقال سبحانه في الثناء على المؤمنين الذين استجابوا لربهم واقاموا الصلاة وامرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون. وامر الله جل وعلا نبيه ان يستشير اصحابه. فقال فبما تب من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر فاذا فتوكل على الله وبالتالي يستطيع الانسان السماع بالاراء المتفاوتة المختلفة وان يقارن بينها وان يعرف ازية كل واحد من هذه الاراء وما قد يترتب عليه من سلبيات ومن ثم يختار ما يكون بابا من اسباب صلاح الحال. وهذه الشورى قد جاءت في الشريعة اه مأمورا بها على كافة المستويات سواء في قضية الانسان وحده او في القضايا الاسرية او الاجتماعية او الاقتصادية او آآ السياسية ومن هنا ايضا جاءت الشريعة امر صاحب الولاية بان يشاور اهل الاختصاص فيما يعرض له من القضايا مما يجعله يختار احسن الاراء. ولذا فان الشريعة قد جاءت وسطا بين نظامين عالميين احدهما ما يسمى بالديكتاتوريات التي آآ لا يشاور اصحاب الولاية فيها احدا من وبين اهل الديمقراطيات التي آآ تكون الشورى ملزمة لصاحب الولاية ومما جاءت به الشريعة ان يستخير الانسان ربه جل وعلا فيما يعرض له من القضايا. وبهذه الامور من الاستشارات والاستخارات ينفى عن الناس ما قد يكون بينهم من التردد في القضايا التي تعرض عليهم. وبالتالي يكون عندهم من الجزم والعزم ما ينجز الاعمال التي تعرض عليهم كما قال الاول ان كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة فان افة الرأي ان تترددا ومن الامثلة التي تدل على حسن هذه الشريعة انها قد جمعت بين الامور اه المتقابلة بحيث يستفاد من كل واحد منها ما يكون مثمرا للخير موصلا لتحقيق المصالح. ومن ذلك مثلا ان الشريعة قد جاءت بالامر بين بالجمع بالامر بالجمع بين العقل والعاطفة وبالتالي اذا كان عند الانسان عاطفة فاننا نراعيها في تحصيل المحبة في تحصيل الرحمة والاحسان ونحو ذلك. وفي نفس الوقت امرت بان يكون هناك عقل عند الانسان بحيث لا تكون هذه العاطفة سببا من اسباب ميل الانسان عن الخير والهدى فانه اذا اعتمد الانسان على عاطفته المجردة فقد يغتر ببعض ببعض المظاهر التي تكون عنده. ومن هذا المنطلق جاءت الشريعة بان الانسان الذي قد يتأثر بعاطفة فانه اه قد يؤمر باشراك غيره في ان يكون معه فيما يعرض له وهكذا جمعت الشريعة بين مراعاة الاخرة مع مراعاة الدنيا بل جعلت امر مراعاة الدنيا مما يحصل به مراعاة الاخرة متى قصد الانسان ارضاء ربه والحصول على الاجر الاخروي ولذا جاءت النصوص بالتذكير بهذين الامرين مع في مواطن عديدة من كتاب الله اه جل وعلا. وانظر الى ما ورد في قصة قارون حينما قال له قومه لا تفرح ان الله لا يحب الفرحين. وابتغي فيما اتاك الله الدار الاخرة. ولا تنسى نصيبك من الدنيا واحسن كما احسن الله اليك ولا تبغي الفساد في الارض ان الله لا يحب المفسدين وهكذا جاء في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكر الدعاء المشهور اللهم اصلح لي ديني الذي هو عصمة امري واصلح لي دنياي التي فيها معاشي واصلح لي اخرتي التي اليها اه معادي واه بالتالي فان هذه هي الشريعة قد جاءت بالجمع بين الدارين لمصالح هذين الدارين. ومن ثم تصلح احوال الناس وتستقيم امورهم وينتفي عنهم ما قد يكون من اسباب التفرق آآ الفساد في احوال الناس ولايات القرآنية والاحاديث النبوية كثيرة التي تدل على هذا الباب. ولذا ذكر جل وعلا عن موسى عليه عن مؤمن ال فرعون انه امر قومه بمراعاة هذا الجانب بحيث يجعلون الدنيا مزرعة للاخرة ويبين لهم ان دعوة غير الله لا لا تنفع صاحبها لا في الدنيا ولا في الاخرة. فقال لا جرم ان ما تدعونني اليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الاخرة وان مردنا الى الله وان المسرفين هم اصحاب النار. وقال جل وعلا قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق. قل هي للذين امنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد وهكذا فيما يتعلق بمراعاة الروح والجسد. فلم تأتي الشريعة بمراعاة الروح واهمال الجسد وهكذا لم تأتي باهمال الجسد باهمال الروح للملاحظة وبالعناية بالجسد بل جاءت معهما فعالجت امر الروح بالمعالجات القلبية التي تكون سبب من اسباب صلاح باطن الانسان. كما انها قد جاءت بالترغيب في الاكل الطيب و في اصلاح البدن اه ما يقويه وما يكون سببا من اسباب ومن ذلك ان الشريعة قد امرت بالتداوي ورغبت فيه وهكذا فيما يتعلق بالرجل والمرأة. فان الشريعة لم تبني نظرتها على وجود منازعة بين الرجل والمرأة وانما بنت احكامها على وجود تآلف تعاون بين الرجال والنساء بحيث جعلتهم يؤدون حياة واحدة يتعاونون فيها ويكون ذلك من اسباب صلاح احوالهم. ولذا قال الله جل وعلا ومن اياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها. وجعل بينكم مودة ورحمة ان في ذلك لايات لقوم يتفكرون وهكذا جاءت الايات القرآنية بالتذكير بمكانة المرأة ومنزلتها و آآ ذلك في مواطن عديدة كما قال تعالى من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون. وكما قال جل وعلا في اخر في سورة ال عمران فاستجاب لهم ربهم اني لا اضيع عمل عامل منكم من ذكر او انثى بعضكم من بعض الى اخر الاية وهكذا فيما ذكره الله جل وعلا في مواطن عديدة حيث يذكر رب العزة الجلال ان المرأة آآ يكون لها من الاحكام ومن الصفات مثل ما يكون للرجل ومن اجمع ذلك ما ذكره الله جل وعلا في سورة الاحزاب حينما قال الله جل وعلا ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والصادق ان المؤمنين ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات اعد الله لهم مغفرة واجرا عظيما بالتالي نعلم ان الشريعة قد بنت احكامها على العدل في هذا آآ الباب قال تعالى يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ومن الامثلة التطبيقية في هذا ان الشريعة قد جاءت اه التعاضد بين افراد المجتمع على اختلاف مهنهم واعمالهم ومن هنا نعلم خطأ اولئك الذين يظنون وجود تنافر وتقابل بين العلم والولاية او بين العلماء والولاة بل الاصل انهم يتعاونون ولما يحقق الخير والمصلحة للناس وما يصلح احوالهم وبالتالي يكون ذلك مؤثرا ومثمرا للنتائج العظيمة آآ التي يجدني ناسوا صلاحها واثرها الجميل في الحياة العامة ومن هنا فالاصل ان يكون هناك تعاون بين كل من صاحب الولاية صاحبي العلم بما يكون له الاثر الجميل في في اصلاح احوال الناس ولذا قال الله تعالى اه في كتابه العزيز يا ايها الناس اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم. فان تنازعتم في شيء فرده الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر ذلك خير واحسنوا. تأويلا ومثله في قوله جل وعلا واذا جاءهم امر من الامن او الخوف اذاعوا به ولو ردوه الى الرسول والى اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم. فذكر صاحب الولاية وذكر العلماء الذين يستنبطون الاحكام من كتاب الله جل وعلا. ثم قال ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان الا قليلا. اي في ترك اقوال العلماء وفي ايجاد النفرة بين العلماء والولاة ومن هنا فان قاعدة الشريعة ان الدين والحكم متعاضدان متعاونان لا متعارظان اي متقابلان ومن الامثلة التي تدلك على حسن هذا الدين ان آآ التقدم الحضاري لا يتنافى مع التمسك الديني بل ان التمسك الديني من اكبر الحوافز التي تحفز الناس للتقدم الحضاري. فان من سبل ارضاء الله جل وعلا تقديم المخترعات للناس ومن سبل الحصول على الاجر جعل الناس ينتفعون بما يخترع الانسان من مخترعات تعود على الناس برفاهية في حياتهم وسعادة فيها وقدرة على عبودية الله جل وعلا. ومن هنا نقرر بانه لا يمكن ان يوجد بين العقل الصحيح العقل الصحيح وما يرد في شرع الله مما يكون في كتاب الله وفي سنة غسوله صلى الله عليه وسلم سواء في امور العقائد او في امور الاحكام او فيما يتعلق بالممارسة التي تكون بين الناس ان من اعظم الادلة على حسن هذه الشريعة كون هذا الدين قد بقي فان البقاء للاصلح وهذا الدين قد تعرض لمؤامرات كثيرة ووجد حوله العديد من آآ المحاولة لتقويضه ومع ذلك بقي صامدا آآ سواء كانت هذه آآ المؤامرات التي اكو ضده من قبيل تكالب الاعداء او من قبيل الحركات الباطنية التي وجدت في المجتمع نتيجة للانخداع ببعض الدعوات التي تظهر اه امرا جميلا وتبطن امرا مخالفا له ومع ذلك فان هذا الدين بقي صامدا قويا انظر الى تلك الحركات سواء آآ ما الى ديار الاسلام من امور التتار الذين قتلوا من قتلوا وافسدوا ما افسدوا واتلفوا ما ومع ذلك بقي الاسلام عزيزا. وبل ان هذا الدين اثر على ذرية اولئك الاقوام الذين قدموا من بلدان شاسعة وجاسوا في الديار وافسدوا فيها الا ان الله جل وعلا هدى ذراريهم فدخلوا في دين الله جل وعلا وهكذا انظر الى ما فعله الصليبيون في ديار الاسلام في الحملات الصليبية مع ذلك لم يكن لها ذلك التأثير. وانظر في عصورنا الحاضرة عندما جاء الاستعمار واراد ان ترى على هوية الامة وعلى انتمائها الاسلامي والعربي وسعوا في ذلك داعيا حثيثا الا ان الله جل وعلا ابطل مثل هذه الامور. وبالتالي اذا علم العبد انا لله سننا في الكون وان من سننه ان ينصر اولياءه وان ينصر من يقوم مع دينه يخذل من يضاد هذا الدين ويريد ان ينشر بين الناس ما يخالف احكامه فانه حينئذ يشاهد الكونية ولن تجد لسنة الله تبديلا. ولن تجد لسنة الله تحويلا. وبالتالي يستشعر ان الانتصار لهذا الدين وان بقائه مع وجود المؤامرات العظيمة الشنيعة التي تحاك ضده بل مع وجود الاعداء آآ الكثر الذين تكالبوا على هذا دين الا انه بقي صامدا. وانظري الى ما وقع في يوم آآ هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وانظري الى ما وقع على المسلمين في يوم آآ غزوة الاحزاب حيث كان المسلمون قلة لم يتجاوز آآ الالاف اليسيرة. وقد جاءتهم قبائل العرب متناصرة آآ هذا الدين بهدم صرح هذا الدين وللقضاء على اهله الا ان الله جل وعلا جعل اه تلك الحادثة تمر في وقت عصيب على المسلمين كما قال تعالى وبلغت وبلغت كما قال جل وعلا ذاكرا آآ قصة اهل الاحزاب وبلغت القلوب والحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا اه شديدا. ومع ذلك كانت العاقبة الحميدة يا اهل الاسلام وانتصر النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه في تلك مواقف العظيمة وانظر قوله جل وعلا في وصف حال المسلمين يا ايها الذين امنوا اذكروا نعمة الله عليكم اذ جاءتكم جنود فارسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا. اذ جاءوكم من فوقكم ومن اسفل منكم واذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي وزلزلوا زلزالا شديدا ومع وجود هؤلاء الاعداء الخارجيين كان هناك اعداء للمسلمين من داخلهم ممن يظهر نفسه انه معهم فقال واذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله الا غرورا. واذ قال منهم يا اهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذنوا فريق منهم النبي يقولون ان بيوتنا عورة وما هي بعورة يريدون الا فرارا. والى ان قال سبحانه قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لاخوانهم هلموا الينا ولا يأتون البأس الا قليلا. اشحة عليكم. فاذا الخوف رأيتهم ينظرون اليك تدور اعينهم كالذي يغشى عليه من الموت. فاذا ذهب الخوف سلقوكم بالسنة حداد اشحة على الخير اولئك لم يؤمنوا فاحبط الله اعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا الى ان جاء النصر من عند رب العزة والجلال كما في قوله ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا. وانزل الذين ظاهروهم من اهل الكتاب من سياصيهم لان بني قريظة قد تساعدوا مع اهل مكة ومع غطفان ونقظوا الصلح الذي بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم. قال تعالى وانزل الذين ظاهروهم من اهل الكتاب من سياصيهم قذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا واورثكم ارضهم وديارهم واموالهم ارضا لم تطأوها وكان الله على كل شيء آآ قديرا. وهكذا انظر لما وقع للمسلمين يوم اصيبوا وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وكان ذلك من المصائب العظام ثم تفرقت كلمة المسلمين في المدينة فالانصار في جانب والمهاجرون في جانب وقد كان بينهم ما كان من الاختلاف ثمان كثيرا من قبائل العرب ارتدت ومنهم من آآ جحدوا وجوب الزكاة ولم يؤدها. وهكذا همت الدول الكبرى في ذلك الزمان بالمسلمين. وبدأوا جهزونا اه جيوشهم لغزو اهل الاسلام اقام الله الصحابي الجليل ابا بكر الصديق رضي الله عنه فجمع الله به كلمتان المدينة وارسل جيشا الى الروم ليقاتلهم فردهم عما هموا به ولما سمعت عدد من قبائل العرب بذلك قالوا ان اه بابي بكر من القوة ما يجعله جيشا الى الروم ومن ثم عادوا الى دين الله سبحانه وتعالى. وقاتل بقية المرتدين صفا له الحال بعد عام واحد ثم بعد ذلك العام ارسل الجيوش الى المملكتين العظيمتين النساء والروم مع قوتهم ومع كثرة عددهم وما لديهم من العدد والاسلحة ومع ذلك اه اه نصر الله جل وعلا اهل الاسلام مما يدل على صحة هذا الدين انظر الى اثر هذا الدين في الناس. فمثلا انظر الى اثره في طهارتهم ابتعادهم عن انواع النجاسات. اصبح الواحد منهم يتوضأ وفي اليوم المرات العديدة ويغتسل ويتقرب الى الله جل وعلا بذلك بعد ان كانوا على احوال مضادة لذلك. وانظر الى ما حدث عندهم من اه تأثر قلوبهم عند سماع ايات القرآن واصبحت قلوبهم رقيقة بعد ان كانوا آآ غلاظا آآ قد آآ كان اه في قلوبهم من اه الغلظة الشيء الكثير. وانظر الى ما اثر به الدين في العرب فان العرب في جزيرتهم كان بينهم من الثأرات وبينهم من سفك الدماء وبينهم من النعرات وبينهم من اه الفخر فخر كل واحد بقبيلته واستنقاصه للقبيلة الاخرى انهم من الضغائن والهجاء الشيء الكثير الا ان الله جل وعلا جمع العرب بعد تعاديهم فاصبحوا اخوانا متآلفين متعاضدين متراحمين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. وكما قال صلى الله عليه وسلم المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا. وهكذا انظر لاثر هذا الدين في جعل العرب امة قوية ذات شأن على جميع الاصعدة. فبعد ان كانت الروم وفارس ضعيفهم وينظرون اليهم نظرة ازدراء ونظرة نقص الا انهم اصبحت آآ اصبح لهم اثر عظيم وفتح الله بهم بلدان فارس والروم وانظر لحالهم الاول حين كما كانوا فقراء عالة وكان من شأنهم ان بعضهم يموت من الجوع ومن شأنهم ان بعضهم بعضا من اجل سد ما في بطونهم من الجوع حتى اصبحوا الاغنياء الذين لهم الاموال العظيمة ولديهم التجارات الكثيرة بفضل رب العزة والجلال وهكذا انظر لاثر هذا الدين على بقية الامم التي اختلفت احوالها في جميع امورها انظر كيف دخلت الامم الاخرى في دين الله افواجا واصبحوا يدخلون في دين الله عز وجل على قناعة منهم ومعرفة بحقيقة هذا الدين. فتركوا اديانهم السابقة ليكونوا مؤمنين مسلمين بعد ان اقتنعوا بهذا الدين وشاهدوا اثره على النفوس وشاهدوا اثره على حياتي الناس ومن هنا نعلم ان دين الله جل وعلا انما انتشر بالقناعة لا بالاكراه. فان غير المسلمين ازالوا في مجتمعات اهل الاسلام فالنصارى واليهود والمجوس بقيوا في بلاد الاسلام ولم يتعرض لهم ومع ذلك لم يكن من مفكريهم وعقلائهم الا ان يقتنعوا بهذا الدين دين الاسلام فدخلوا فيه وامنوا به والتزموا به. ومن هنا نعلم فسادت كالمقالة التي قال قائلهم فيها بان الاسلام انتشر بالسيف. والله جل وعلا قد قال لا اكراه في ثم انظر كم هل انشأ فثم انظر هل انشأ اهل الاسلام محاكم للتفتيش كما فعله بعض الامم ليلزموا الناس قولي في دينهم او ان المسلمين كانوا آآ يظهرون للناس خلقا فاضلا وعقيدة صحيحة اه سلوكا عظيما وتمسكا بشعائر هذا الدين. فكان له الاثر العظيم في لدخول الناس في دين الله وانظر الى البلدان العظيمة في مشارق الارض ومغاربها التي لم يصل اليها غزو اسلامي. كيف انتشر فيها دين الاسلام؟ فانظري الى تلك البلدان التي في شر اسيا من مثل اندونيسيا وماليزيا وانظري الى عدد من الدول الافريقية التي دخل اهلها في دين الله جل وعلا بعد ان عرفوا حقيقته وعرفوا ما فيه من المحاسن العظيمة وفي زمننا اليوم زمننا الحاضر مع تفوق دول غير الاسلام وما لديهم من القدرات الا اننا نجد ان الداخلين في دين الله افواج كثيرة. وان الذين يدخلون في هذا الدين اعداد وفيرة ومن هنا نعلم ان هذا الدين دين مقنع وان من نظر فيه بعين انصاف وجد انه الحق قا وكيف لا وهذا الدين مبني على عقيدة صحيحة موافقة الواقع مقبولة في الفطر والعقول معتمدة على الادلة والبراهين. كما ان هذا الدين قد اشتمل على اخلاق كريمة فاضلة واشتمل على امور حسنة جميلة كما اشرنا الى شيء منها في هذه اللقاءات. وقد جاء هذا الدين بمبادئ تشتمل على نبذ الخرافات والاكاذيب والوثنيات وكذلك جاء بالصلاح المطلق بما يصلح واحوال الناس وكما جاء بدفع انواع الشرور فهذا من فضل الله عز وجل علينا ان جعل هذا الدين مشتملا على هذه المحاسن العظيمة وما انما هو نماذج والا فان آآ ما في هذا الدين من المحاسن اضعاف لما تمت الاشارة اليه في هذه اللقاءات. بارك الله فيكم. وجزاكم الله خيرا واسأل الله لكم ايها المستمعون الكرام توفيقا لكل خير كما اسأل الله جل وعلا للمسلمين في مشارق الارض ومغاربها بها اجتماعا في الكلمة وتآلفا بين القلوب ورغدا في المعايش ووفرة في الاموال و ايمانا ويقينا كما اسأله جل وعلا لولاة الامور المسلمين التوفيق لكل خير وان يجعله من اسباب الهدى والصلاح وان تستقر بلدانهم بامن ورغد عيش كما اسأل الله جل وعلا ان يجزي اخوتي في الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي وخير الجزاء على ما يقومون به من اعمال عظيمة في ترتيب امور الناس في اداء نسكهم وصلوات في بيت الله الحرام وفي مسجد نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم. واشكر لاخوتي في التوجيه والارشاد الرقمي اعمالهم وفعلهم الجميل في نشر اه العلم وبثه بين الناس كما اسأل الله جل وعلا لاخوتي في هذه الرئاسة توفيق لكل خير وان يجعلهم من اسباب الهدى والتقى بفظله سبحانه وتعالى وكذلك تقدم لمعالي آآ لمعالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بالشكر الجزيل على الاهتمام بنشر العلم خصوصا في هذه الايام التي فيها اه انتشار هذه الجائحة ومع ذلك لا زالت الدورات العلمية في المسجد الحرام مستمرة ونقلت الى ان تكون اه اه عبر المنصات الرقمية فجزاكم الله خير الجزاء. هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين هذا والله اعلم وصلى الله وعلى نبينا محمد