به وابتهاجا كان اكمل ايمانا واصح يقينا. فان فانه برهان على جميع اصول الايمان وقواعده ومنها ان من اكبر امور الدعوة الى دين الاسلام شرح ما احتوى عليه من المحاسن التي يقبلها الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين. اما بعد فاسأل الله جل وعلا ان تقبل منا ومنكم صالح الاعمال وان يجعلنا واياكم موفقين من عباده الصالحين. سعدنا بالتواصل معكم في هذه ايام الماضية في تدارس كتاب الدرة المختصرة في محاسن الدين الاسلامي من تأليف صاحب فضيلة الشيخ العلامة عبدالرحمن ابن ناصر ابن سعدي المتوفى سنة الف وثلاث مئة وستة وسبعين غفر الله له واسكنه فسيح جناته. ولعلي باذن الله عز وجل في هذا اليوم ان اقرأ هذه رسالة بعد ان وضحت ما فيها من المعاني في لقاءاتنا السابقة قال الشيخ رحمه الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فان دين الاسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم اكمل الاديان وافضلها واعلاها واجلها. وقد حوى من المحاسن والكمال والصلاح والرحمة والعدل والحكمة ما يشهد لله تعالى بالكمال المطلق وسعة العلم والحكمة. ويشهد لنبيه صلى الله عليه وسلم انه رسول الله حقا وانه الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى. فهذا الدين الاسلامي اعظم برهان واجل شاهد لله تعالى بالتفرد والكمال المطلق كله ولنبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة صدقا وغرضي من هذا التعليق ابدأوا ما وصل اليه علمي من بيان اصول محاسن هذا الدين العظيم. فاني وان انا علمي ومعرفتي تقصر كل القصور عن ابداء بعض ما احتوى عليه هذا الدين من الجلال والجمال والكمال عبارتي تضعف عن شرحه على وجه الاجمال فظلا عن التفصيل في المقال وكان ما لا يدركه جميعه ولا لا يوصل الى غايته ولا ومعظمه فلا ينبغي ان يترك منه ما يعرفه الانسان بعجزه عما لا يعرفه فلا لا يكلف الله نفسا الا وسعها. فاتقوا الله ما استطعتم وذلك ان في هذا وذلك ان في معرفة هذا العلم فوائد متعددة. منها ان الاشتغال في هذا الموضوع الذي هو اشرف موضوعات واجلها من افضل الاعمال الصالحة. فمعرفته والبحث عنه والتفكير فيه وسلوك كل طريق يحسه يحصل الى معرفة خير ما شغل العبد به نفسه. والوقت الذي ينفقه في ذلك هو الوقت الذي لك لا عليك ومنها ان معرفة النعم والتحدث بها قد امر الله به ورسوله وهو من اكبر الاعمال الصالحة. ولا شك ان البعث البحث في هذا اعتراف وتحدث وتفكر في اجل نعمه سبحانه على عباده وهو الدين الاسلامي الذي لا يقبل الله من احد دينا سواه فيكون هذا التحدث شكرا لله واستدعاء للمزيد من هذه النعمة ومنها ان الناس يتفاوتون في الايمان وكماله تفاوتا عظيما. وكلما كان العبد اعرف بهذا الدين واشد تعظيما له وسرورا يتقبلها كل صاحب عقل وفطرة سليمة. فلو تصدى للدعوة الى هذا الدين رجال يشرحون حقائقه. ويبينون خلق مصالحه لكان ذلك كافيا كفاية تامة في جذب الخلق اليه لما يرون من موافقته للمصالح الدينية والدنيوية ولصلاح الظاهر والباطن من غير حاجة الى التعرض لدفع شبه المعارضين والطعن في اديان مخالفين فانه في نفسه يدفع كل شبهة تعارضه لانه حق مقرون بالبيان الواضح والبراهين الموصلة الى اليقين فاذا كشف عن بعض حقائق هذا الدين صار اكبر داع الى قبوله ورجحانه على غيره. واعلم ان محاسن الدين الاسلامية عامة في جميع مسائله ودلائله. وفي اصوله وفروعه وفيما دل عليه من علوم الشرع والاحكام. وما دل عليه من علوم الكون والاجتماع وليس القصد هنا استيعاب ذلك وتتبعه فانه يستدعي بسطا كثيرا وانما الغرض ذكر امثلة نافعة يستدل بها على سواها وينفتح بها الباب لمن اراد الدخول وهي امثلة منتشرة في الاصول والفروع والعبادات والمعاملات. فنقول مستعينين بالله راجين منه ان يهدينا ويعلمنا ويفتح لنا من بين جوده وكرمه ما تصلح به احوالنا وتستقيم به وتستقيما ما تصلح به احوالنا وتستقيم به اقوالنا وافعالنا. المثال الاول دين الاسلام مبني على اصول الايمان في قوله تعالى قولوا امنا بالله وما انزل الينا وما انزل الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط وما اوتي موسى وعيسى وما اوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون فهذه الاصول العظيمة التي امر الله عباده بها هي الاصول التي اتفق عليها الانبياء والمرسلون. وهي محتوية على اجل المعارف والاعتقادات من الايمان بكل ما وصف الله به نفسه على السنة رسله وعلى بذل الجهد في سلوك مرضاته. فدين اصله الايمان بالله وثمرته السعي في كل ما يحبه ويرضاه واخلاص ذلك لله. هل يتصور ان يكون دين احسن من هو اجل وافضل ودين امر بالايمان بكل ما اوتيه الانبياء والتصديق برسالاتهم والاعتراف بالحق الذي به من عند ربهم وعدم التفريق بينهم وانهم كلهم رسل الله الصادقون وامناؤه المخلصون يستحيل ان توجه اليه اي اعتراض وقدحا. فهو يأمر بكل حق ويعترف بكل صدق. ويكرر الحقائق الدينية المستندة الى الله لرسله ويجري مع الحقائق العقلية الفطرية النافعة. ولا يرد حقا بوجه من الوجوه. ولا يصدق كذب ولا يروج عليه الباطل فهو مهيمن على سائر الاديان يأمر بمحاسن الاعمال ومكارم الاخلاق ومصالح العباد ويحث على العدل والفضل والرحمة والخير. ويزجر عن الظلم والبغي ومساوئ الاخلاق. ما من خصلة كمال ما من خصلة كمال قررها الانبياء والمرسلون الا قررها واثبتها. وما من مصلحة دينية ودنيوية دعت اليها الشرائع حث عليها وما من مفسدة الا نهى عنها وامر بمجانبتها. والمقصود ان عقائد هذا الدين هي التي تزكو بها القلوب وتصلح بها الارواح وتتأصل بها مكارم الاخلاق ومحاسن الاعمال المثال الثاني شرائع الاسلام الكبار بعد الايمان هي اقام الصلاة وايتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت الحرام تأمل هذه الشرائع العظيمة وجليل منافعها وما توجبه من السعيف مرضاة الله والفوز بثوابه العاجل والاجل وتأمل ما في الصلاة من الاخلاص لله والاقبال التام عليه والثناء والدعاء والخضوع. وانها من شجرة الايمان بمنزلة في الملاحظة والسقي للبستان فلولا تكرر الصلاة في اليوم والليلة لا يبست شجرة الايمان وذواعوده ولكنها تنمو وتتجدد بعبوديات الصلاة. وانظر الى ما تحتوي عليه هي الصلاة من الاشتغال بذكر الله الذي هو اكبر من كل شيء. وانها تنهى عن الفحشاء والمنكر. وانظر الى حكم الزكاة وما في بها من التخلق باخلاق الكرام من السخاء والجود والبعد عن اخلاق اللئام مع الشكر لله على ما اولاه من الانعام وحفظ المال من المنغصات الحسية والمعنوية وما فيها من الاحسان الى الخلق ومواساة المحتاجين وسداد المصالح المحتاج اليها فان في الزكاة دفع حاجة المضطرين المحتاجين. وفيها الاستعانة على الجهاد والمصالح الكلية التي لا يستغني عنها المسلمون وفيها دفع صولة الفقر والفقراء وفيها الثقة بخلف الله والرجاء لثوابه وتصديق موعوده وفي الصوم من تمرين النفوس على ترك محبوبها الذي الفته حبا لله وتقربا وتعويد النفوس وتمرينها على قوة العزيمة والصبر. وفيه تقوية داعي الاخلاص وتحقيق محبته على محبة النفس. ولذلك الصوم لله اختصه لنفسه من بين سائر الاعمال واما ما في الحج من بذل الاموال وتحمل المشقات والتعرض للاخطار والصعوبات طلبا لرضا الله والوفادة على الله والتملك له في بيته وفي عرصاته والتنوع في عبوديات الله في تلك المشاعر التي هي عوائد التي هي موائد مدها الله لعباده ووفود بيته وما فيها من التعظيم والخضوع التام لله والتذكر لاحوال الانبياء والمرسلين والاصفياء والمخلصين وتقوية الايمان بهم وشدة التعلق بمحبتهم. وما في من التعارف بين المسلمين والسعي في جمع كلمتهم واتفاقهم على مصالحهم الخاصة والعامة. مما لا يمكن تعداده فانه من اعظم محاسن الدين واجل الفوائد الحاصلة للمؤمنين. وهذا على وجه التنبيه والاختصار المثال الثالث ما امر به الشرع وحث عليه من وجوب الاجتماع والائتلاف ونهيه والتحذيره عن التفرق والاختلاف على هذا الاصل الكبير من نصوص الكتاب والسنة شيء كثير. وقد علم كل من له ادنى معقول منفعة هذا الامر ما يترتب عليه من المصالح الدينية والدنيوية وما يندفع به من المضار والمفاسد. ولا يخفى ايضا ان القوة المعنوية المبنية المبنية على الحق هذا اصلها الذي تدور عليه. كما انه قد علم ما كان عليه المسلمون ففي صدر الاسلام من استقامة الدين وصلاح الاحوال والعزة التي لم يصل اليها احد سواهم. اذ كانوا مستمسكين بهذا الاصل قائمين به حق القيام موقنين اشد اليقين لانه رح دينهم. يزيد هذا بيانا المثال الرابع وذلك ان دين الاسلام دين رحمة وبركة واحسان وحث على منفعة نوع الانسان فما كان عليه هذا الدين من الرحمة وحسن المعاملة والدعوة الى الاحسان. والنهي عن كل ما يضاد ذلك هو الذي صيره نور وانوضيا بين ظلمات الظلم والبغي وسوء المعاملة وانتهاك الحرمات. وهو الذي جذب قلوب من كانوا قبل معرفة على اعدائه حتى استظلوا بظله الظليل. وهو الذي عطف وحنى على اهله حتى صارت الرحمة والعفو والاحسان يتدفق من قلوبهم على اقوالهم واعمالهم وتخطاهم الى اعدائهم حتى صاروا من اعظم اولياءه فمنهم من دخل فيه بحسن بصيرة وقوة وجدان ومنهم من خظع له ورغب في احكامه وفضلها على احكام اهل دينه لما فيها من العدل والرحمة المثال الخامس دين الاسلام هو دين الحكمة ودين الفطرة ودين العقل والصلاح والفلاح. يوضح هذا الاصل ما هو محتوى هون عليه من الاحكام الاصولية والفروعية التي تقبلها الفطر والعقول وتنقاد لها بوازع الحق والصواب وما هي عليه من الاحكام وحسن الانتظام وانها صالحة لكل زمان ومكان. فاخباره كلها حق وصدق لم يأتي ويستحيل ان يأتي علم سابق او لاحق بما ينقضها او يكذبها. وانما العلوم الحقة كلها وازرها وتؤيدها وهي اعظم برهان على صدقها. وقد حقق المنصفون وقد حقق المحققون المنصفون ان كل علم نافع ديني او دنيوي او سياسي فقد دل عليه القرآن دلالة لا ريب فيها. فليس في شريعة الاسلام ما تحيله العقول وانما فيه ما تشهد العقول الزكية بصدقه ونفعه وصلاحه وكذلك اوامره ونواهيه كلها عدل لا ظلم فيها. فما امر بشيء الا وهو خير خالص او راجح وما نهى عنه من الشر الخالص او الذي مفسدته تزيد على مصلحته. وكلما تدبر اللبيب احكامه ازداد ايمانا بهذا الاصل وعلم انه تنزيل من حكيم حميد والمثال السادس ما جاء به هذا الدين من الجهاد والامر بكل معروف والنهي عن كل منكر. فان الجهاد الذي جاء به مقصود به دفع عدوان المعتدين على حقوق هذا الدين وعلى رد دعوته وهو افضل انواع الجهاد لم يقصد به جشع ولا طمع ولا اغراض نفسية. ومن نظر الى ادلة هذا الاصل وسيرة النبي صلى الله عليه واصحابه مع اعدائهم عرف بلا شك ان الجهاد يدخل في الظروريات ودفع عادية تدين وكذلك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لما كان لا يستقيم هذا الدين الا باستقامة اهله على عصوره وشرائعه وامتثال اوامره التي هي الغاية في الصلاة واجتناب نواهيه التي هي شر وفساد. وكان اهله ملتزمين بهذه الامور. ولكي لا ولكي لا تزينوا لبعضهم نفوسهم الظالمة التجرأ على بعض المحرمات والتقصير من اداء المقدور عليه من الواجبات. وكان ذلك لا يتم الا بامر ونهي بحسب لذلك كان ذلك من اجل محاسن الدين ومن اعظم الضروريات لقيامه. كما ان في ذلك تقويم المعوجين من اهل به وتهذيبهم وقمعهم عن وقمعهم عن رذائل الامور وحملهم على معاليها. واما اطلاق الحرية لهم وهم قد التزموه ودخلوا تحت حكمه وتقيدوا بشرائع فمن اعظم الظلم والضرر عليهم وعلى المجتمع خصوصا الحقوق الواجبة المطلوبة شرعا وعقلا وعرفا المثال السابع ما جاءت به الشريعة من اباحة البيوع والايجارات والشركات وانواع المعاملات التي تتبادل فيها المعارضة بين الناس في الاعيان والديون والمنافع وغيرها فقد جاءت الشريعة الكاملة بحل بهذا النوع واطلاقه بحل هذا النوع واطلاقه الى العباد لاشتماله على المصالح في الضروريات والحاجيات والكماليات. وفسحت للعباد فسحا صلحت به امورهم واحوالهم واستقامت معايشهم وشرطت الشريعة في حل هذه الاشياء الرضا من الطرفين واشتمال العقود على العلم ومعرفة المعقود عليه وموضوع العقد ومعرفة ومعرفة ما يترتب عليه من الشروط ومنعت من كل ما فيه ظرر وظلم من اقسام الميسر والربا والجهالة. فمن تأمل المعاملات الشرعية ارتباطها بصلاح الدين والدنيا. وشهد لله بسعة الرحمة وتمام الحكمة. حيث اباح سبحانه لعباده الطيبات من مكاسب ومطاعم ومشارب. وطرق المنافع المنظمة المحكمة المثال الثامن ما جاءت به الشريعة من اباحة الطيبات من المطاعم والمشارب والملابس والمناكح وغيرها فكل طيب نافع فقد اباحه الله من اصناف الحبوب والثمار ولحوم الحيوانات البحرية مطلقا والحيوان البرية ولم يمنع من هذا الا كل خبيث ظار على الدين او العقل او البدن او المال فما اباحه الله فما اباحه فانه من احسانه سبحانه ومحاسن دينه وما منعه فانه من احسانه حيث منعهم مما يضرهم ومن محاسن دينه حيث ان الحسنى تابع للحكمة والمصلحة ومراعاة المضارة وكذلك ما اباحه من الانكحة وان للعبد ان ينكح ما طاب له من النساء مثنى وثلاث ورباع بما في ذلك من مصلحة الطرفين ودفع ضرر الجانبين ولم يبح للعبد الجمع بين اكثر من اربع حرائر لما يترتب على ذلك من الظلم وترك العدل مع انه حثه عند خوف الظلم وعدم القدرة على اقامة حدود الله في الزوجية على الاقتصاد على واحدة حرصا على نيل هذا المقصود وكما ان الزواج من اكبر النعم ومن الضروريات. فإباحة الطلاق كذلك خشية عيشة الإنسان مع من لا ولا توافقه واضطراره للبقاء في ضنك الحال وشدة العسر وان يتفرقا يغني الله كلا من سعته المثال التاسع ما شرعه الله ورسوله بين الخلق من الحقوق التي هي صلاح وخير واحسان. وعدل وقسط وترك للظلم كالحقوق التي اوجبها وشرعها للوالدين والاولاد والاقارب والجيران والاصحاب والمعاملين ولكل واحد من الزوجين على الاخر وكلها حقوق ظروريات وكماليات تستحسنها الفطر والعقول الزاكية وتتم بها المخالطة وتتبادل بها المصالح والمنافع بحسب حال صاحب الحق ومرتبته وكلما تفكرت فيها رأيت كلما تفكرت فيها رأيت فيها من الخير وزوال الشر. ووجدت فيها من المنافع العامة والخاصة والالفة وتمام العشرة ما يشهدك ان هذه الشريعة كفيلة بسعادة دارين ترى فيها هذه الحقوق تجري مع الزمان والمكان والاحوال والعرف وتراها محصلة للمصالح حاصلا فيها التعاون التام على امور الدين والدنيا جالبة للخواطر مزيلة للبغضاء والشحناء هذه الجمل تعرف بالاستقراء والتتبع لها في مصادرها ومواردها. المثال العاشر ما جاءت به الشريعة من انتقال المال والتركات بعد الموت وكيفية توزيعها وكيفية توزيع المال على الورثة قد اشار تعالى الى حكمة ذلك بقوله لا تدرون ايهم اقرب لكم نفعا؟ فوضعها الله بنفسه بحسب ما يعلمه من قرب النفع وما يحب العبد عادة ان يصل اليه ماله. وما وما هو اولى ببره وفضله مرتبا ذلك ترتيبا تشهد العقول الصحيحة بحسنه. وانه لو وكل الامر الى اراء الناس واهوائهم وارادتهم لحصل بسبب ذلك من الخلل والاختلال وزوال الانتظام وسوء الاختيار ما يشبه الفوضى وجعل الشارع للعبد ان يوصي في جهات البر والتقوى بشيء من ماله فيما ينفعه لاخرته. وقيد وقيد بالثلث فاقل لغير وارث. لان لا تصير الامور التي جعلها الله قياما للناس ملعبة يتلاعب بها قاصر العقول والديانة عند انتقالهم من الدنيا. اما حالهم في حال صحة الاجسام والعقول فيما يخشونه من الفقر والافلاس فيما يخشونه من الفقر والاخلاص والافلاس مانع لهم من صرفه فيما يضرهم غالبا المثال الحادي عشر ما جاءت به الشريعة الاسلامية من الحدود وتنوعها بحسب الجرائم. وهذا لان الجرائم على حقوق الله وحقوق عباده من اعظم الظلم الذي يخل بالنظام. ويختل به الدين والدنيا. فوظع الشارع الجرائم والتجريات حدودا تردع من مواقعتها وتخفف من وطأتها من القتل والقطع والجلد انواع التعزيرات وكلها فيها من المنافع والمصالح الخاصة والعامة ما يعرف به العاقل حسن الشريعة وان الشروع وان الشرور لا يمكن ان تقاوم وتدفع وان الشرور لا يمكن ان تقاوم دفع دفعا كاملا الا بالحدود الشرعية التي رتبها الشارع بحسب الجرائم قلة وكثرة وشدة وضعفا المثال الثاني عشر ما جاءت به الشريعة من الامر بالحجر على الانسان عن التصرف في ما له اذا كان تصرفه مضرا به او بغيره وذلك كالحجر على المجنون والصغير والسفيه ونحوهم والحجر على الغريم لمصلحة غرمائه وكل هذا من محاسن الشريعة حيث منعت الانسان من التصرف في ما له الذي كان في الاصل مطلق التصرف فيه ولكن لما كان تصرفه ظرره اكثر من نفعه وشره اكبر من خيره حجر عليه الشارع حجرا للتصرف للتصرفات في ميدان المصالح وارشادا للعباد ان يسعوا في كل تصرف نافع غير ضار المثال الثالث عشر ما جاءت به الشريعة من مشروعية الوثائق التي يتوثق بها اهل الحقوق وذلك كالشهادة التي تستوفى بها الحقوق وتمنع التجاحد ويزول بها الارتياب وكالرهن والظمان التي اذا تعذر الاستيفاء ممن عليه حق رجع صاحب الحق الى الوثيقة التي يستوفى منها ولا يخفى ما في ذلك من المنافع المتنوعة وحفظ الحقوق وتوسيع المعاملات وردها الى القسط والعدل وصلاح احوال واستقامة المعاملات فلولا الوثائق لتعطل القسم الاكبر من المعاملات فانها نافعة للمتوثر ونافعة لمن عليه الحق من وجوه متعددة معروفة المثال الرابع عشر ما حث الشارع عليه من الاحسان الذي يكسب صاحبه الاجر عند الله والمعروف عند الناس ثم يرجع اليه ماله بعينه او بدله فيكون مكسب هذا النوع اجل المكاسب دون ان يلحق صاحبه ضرر وذلك كالقرض والعارية ونحوهما فان في ذلك من المصالح وقضاء الحاجات وتفريج الكربات وحصول الخير والمبرات ما لا يعد ولا يحصى. وصاحبه يرجع اليه ماله. وقد استفاد من ربه اجرا جزيلا ونذر عند اخيه احسانا وجميلا مع ما يتبع ذلك من الخير والبركة وانشراح الصدر وحصول الالفة والمودة. واما الاحسان المحض الذي يعطيه صاحبه مجانا. ولا يرجع اليه. فقد تقدمت الاشارة الى حكمته في الزكاة والصدقة المثال الخامس عشر الاصول والقواعد التي جعلها الشارع اسسا لفصل الخصومات وحل المشكلات وترجيح لاحد المتداعيين على الاخر فانها اصول مبنية على العدل والبرهان واضطراب العرف وموافقة الفطر فان جعل البينة على كل من ادعى شيئا او حقا من الحقوق. فاذا اتى بالبينة التي ترجح جانبه وتقويه ثبت له الحق الذي ادعى به. ومتى لم يأت الا بمجرد الدعوة حلف المدعى عليه على نفي الدعوى. ولم يتوجه للمدعي عليه حق وجعل الشارع البينات بحسب مراتب الاشياء وجعل القرائن المبينة والعرف المضطرد بين الناس من فالبينة اسم لكل ما يبين الحق ويدل عليه. وجعل عند الاشتباه وتساوي الخصمين طريق الصلح بعد للمناسب لكل قضية طريقا الى حل المشكلات والمنازعات. فكل طريق لا ظلم فيه ولا يدخل العباد في بمعصية الله وهو نافع لهم. فقد حث عليه اذا كان وسيلة الى فصل الخصومات وقطع المشاجرات. وساوى في هذا بين القوي والضعيف والرئيس والمرؤوس في جميع الحقوق فرض الخصوم بسلوك طرق العدل وعدم الحيف المثال السادس عشر ما جاءت به الشريعة من الامر بالشورى والثناء على المؤمنين بان جميع امورهم الدينية بان جميع امورهم الدينية والدنيوية الداخلية والخارجية شورى بينهم. وهذا الاصل الكبير قد اجمع العقلاء على استحسانه وعلى انه هو السبب الوحيد في سلوك اصلح الاحوال واحسن الوسائل لحصول قاصدي واصابة الصواب وسلوك طرق العدل وانه ارقى للامم العاملة عليه في تحصيل كل خير وصلاح. وكلما ازدادت معارف الناس واتسعت افكارهم عرفوا شدة الحاجة لهذا ومقداره. ولما كان المسلمون قد طبقوا هذا الاصل في صدر الاسلام على امورهم دينية والدنيوية كانت الامور مستقيمة والاحوال في رقي وازدياد فلما انحرفوا عن هذا الاصل ما زالوا في انحطاط في دينهم ودنياهم حتى وصلت بهم الحال الى ما ترى فلو راجعوا دينهم في هذا الاصل وغيره لافلحوا ونجحوا المثال السابع عشر ان هذه الشريعة جاءت باصلاح الدين واصلاح الدنيا والجمع بين مصلحة الروح والجسد. وهذا الاصل في الكتاب والسنة منه شيء كثير. يحث الله ورسوله على القيام بالامرين وان كل واحد منهما ممد للاخر ومعين عليه. والله تعالى خلق الخلق لعبادته والقيام بحقوقه وادر عليهم الارزاق ونوع لهم اسباب الرزق وطرق المعيشة ليستعينوا بذلك على عبادته وليكون ذلك قياما داخليتهم وخارجيتهم. ولم يأمر بتغذية الروح واهمال الجسد. كما انه نهى عن الاشتغال باللذات والشهوات. وتقوية مصالح القلب والروح. ويتضح هذا في اصل اخر وهو هذان. المثال الثامن عشر ان الشرع جعل العلم والدين والولاية متآزرات متعاضدات فالعلم والدين يقوم الولايات وتنبني عليه السلطة والاحكام والولايات كلها مقيدة بالعلم والدين الذي هو الحكمة وهو الصراط المستقيم وهو الصلاح والفلاح والنجاح فحيث كان الدين والسلطة مقترنين متساعدين فان الامور تصلح كما ان الاحوال تستقيم وحيث فصل حيث فصل احدهما عن الاخر اختل النظام فقد الصلاح والاصلاح ووقعت الفرقة وتباعدت القلوب واخذ امر الناس في الانحطاط. يؤيد هذا ان مهما اتسعت والمعارف مهما تنوعت والاختراعات مهما عظمت وكثرت فانه لم يرد منها شيء ينافي ما دل عليه القرآن ولا يناقض ما جاءت به الشريعة. فالشرع لا يأتي بما تحيله العقول. وانما بما تشهد العقول الصحيحة بحسنه او بما لا يهتدي العقل الى معرفة جملة او تفصيلا هذا ينبغي ان يكون مثالا اخر وهو المثال التاسع عشر ان الشرع لا يأتي بما تحيله العقول ولا بما ينقضه العلم الصحيح. وهذا من اكبر الادلة على ان ما الله محكم ثابت صالح لكل زمان ومكان. وهذه الجمل المختصرة تعرف على وجه التفصيل بالتتبع والاستقراء لجميع الحوادث الكونية وحوادث علوم الاجتماع ذلك اذا كان من الحقائق الصحيحة على ما جاء به الشرع. فبذلك يعرف انه تبيان لكل شيء. وانه لا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها لعله قصد انه اتى بالحكم فيها. المثال العشرون نظرة مجملة في فتوحات الاسلام المتسعة الخارقة للعوائد ثم لبقائه محترما مع تكالب الاعداء ومقاومتهم العنيفة ومواقفهم المعروفة معه وذلك ان من نظر الى منبع هذا الدين وكيف الف جزيرة العرب على افتراق قلوبها وكثرة ضغائنها وتعاديها. وكيف الفهم وجمع قاصيهم ثانيهم وازال تلك العداوات وحل الاخوة الايمانية محلها. ثم اندفعوا في اقطار الارض يفتحون انها قطرا قطرا وفي مقدمة هذه الاقطار امة فارس والروم اقوى الامم واعظمها ملكا اشدها قوة واكثرها عددا وعدة ففتحوهما وما وراءهما بفضل دينهم وقوة ايمانهم يعني فتحوها ففتحها الله لهم ففتحوهما وما وراءه بفضل دينهم وقوة ايمانهم. ونصر الله ومعونته لهم. حتى وصل الاسلام الى مشارق الارض ومغاربها. فصار هذا يعد من ايات الله وبراهين دينه ومعجزات نبيه وبهذا فدخل الخلق فيه افواجا ببصيرة وطمأنينة لا بقهر ولا انزعاج. فمن نظر نظرة اجمالية الى هذا الامر عرف ان هذا هو الحق الذي لا يقوم له الباطل مهما عظمت قوته وتعاظمت سطوته وهذا يعرف ببداهة العقول ولا يرتاب فيه منصف وهو من الضروريات بخلاف ما يقوله طائفة من كتاب بهذا العصر الذين دفعهم الرضوخ الفكري الى مشايعات اعداء الاسلام تزعموا ان انتشار الاسلام فزعموا ان انتشار الاسلام فزعموا ان انتشار الاسلام وفتوحه خارقة للعادة مبني على امور مادية محضة حللوها بمزاعمهم الخاطئة ويرجع تحليلها الى ضعف دولة الاكاسرة ودولة الرومان قوة المادة في العرب وهذا مجرد تصوره كاف في ابطاله فاي قوة في العرب تؤهلهم لمقاومة ادنى حكومة من الحكومات الصغيرة في ذلك الوقت. فضلا عن الكبيرة الظخمة فظلا عن مقاومة اظخم الامم في وقتها على الاطلاق. واقواها واعظمها عددا وعدة وعددا وعدة في وقت واحد حتى مزقوا الجميع كل ممزق وحلت محل احكام هؤلاء الملوك جبابرة احكام القرآن والدين العادلة التي قبلها وتلقاها بالقبول كل منصف مريد للحق. فهل يمكن تفسير هذا الفتح المنتشر المتسع الارجى بتفوق العرب في الامور المادية المحضة وانما يتكلم بهذا من يريد القدح في الدين الاسلامي او من راد عليهم كلام الاعداء من غير معرفة حقائقه ثم بقاؤ هذا الدين على توالي النكبات وتكالب الاعداء على محقه وابطاله بالاعداء على محقه وابطاله بالكلية من ايات هذا الدين وانه دين الله الحق فلو ساعدته قوة كافية ترد عنه عادية العادين وطوى يا نطاغيه لم يبقى على وجه الارض دين سواه. ولقبله الخلق من غير اكراه ولا الزام. لانه دين الحق ودين الفطرة ودين الصلاح والاصلاح. لكن تقصير اهله وظعفهم وتفرقهم وظغط اعدائهم هو الذي اوقف سيره فلا حول ولا قوة الا بالله المثال الحادي والعشرون الجامع لكل ما سبق دين الاسلام مبني على العقائد الصحيحة النافعة وعلى الاخلاق الكريمة المهذبة للارواح والعقول وعلى الاعمال ما للمصلحة للأحوال وعلى البراهين في اصوله وفروعه وعلى نبذ الوثنيات والتعلق بالمخلوقين المخلوقات وعلى اخلاص الدين لله رب العالمين وعلى نبذ الخرافات والخزعبلات المنافية بالحس والعقل المحيرة للفكر. وعلى الصلاح المطلق وعلى دفع كل شر وفساد. وعلى العدل ورفع الظلم بكل طريق وعلى الحث على الرقي على انواع وعلى الحث على الرقي لانواع الكمالات وهذه الجمل يطول تفصيلها وكل من له ادنى معرفة يهتدي الى تفصيلها على وجه الوضوح والبيان الذي لا اشكال فيه. ولنقتصر على هذا الكلام على اختصاره. فانه يحتوي على اصول وقواعد يعرف بها ما للاسلام من الكمال والعظمة. ولاصلاح الحقيقي لكل شيء التوفيق وقع الفراغ من تعليقها قرة جماد الاولى سنة اربع وستين وثلاثمائة للهجرة وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم بقلم معلقها عبدالرحمن ابن بن ناصر السعدي غفر الله له واسكنه فسيح جناته وهذه هي الرسالة عندي اه طبع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والافتاء الادارة العامة لمراجعة المطبوعات الدينية الرياض المملكة العربية السعودية الطبعة الخامسة سنة الف واربعمائة واثنين وثلاثين لهجرة النبي صلى الله عليه وسلم لم بارك الله فيكم ووفقكم الله لكل خير واتقدم بالثناء والشكر على كالذين يرتبون هذه الدورات العلمية النافعة ومنهم القائمون على ادارة التوجيه و على ادارة التوجيه وآآ الارشاد آآ التقني فجزاهم الله خير الجزاء وبارك فيهم ادارة التوجيه والارشاد الرقمي. بارك الله فيهم وجزاهم الله خير الجزاء واشكر اخي فضيلة الشيخ ماجد المسعودي على مشاركته معي وترتيبه وتهيئته في هذا الباب كما اشكر لاخوتي الذين يساعدونه في الانتاج والمونتاج وتصفية الصوت ونحوي ذلك من الاعمال وفي الاخراج كما اتقدم بالشكر الجزيل منسوبي الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي على اعمالهم الجليلة وخدماتهم الفاضلة التي يقدمونها للمعتمرين والحجاج والمصلين والمعتكفين فجزاهم الله خير الجزاء ولا كأن هذه الاعمال صادرة من توجيه اصحاب الولاية وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده فجزاهم الله خير الجزاء وبارك الله فيهم وفي جهودهم وجعلهم الله موفقين في كل امورهم. كما اسأل الله جل وعلا لكل من ساهم معنا انا بترتيب جوال او بتهيئة تسجيل او نحوها. واسأل الله جل وعلا للحاضرين معنا في هذه الدورات توفيقا لكل خير وصلاحا واستقامة هدوء ابال وزيادة ايمان ويقين ووفرة في المال وطمأنينة في القلب كما جل وعلا لجميع المسلمين جمعا لكلمتهم وتآلفا فيما بينهم ودحرا لاعدائهم عن هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين