بالخيرات الوفيرة نعمه علينا تترى ومن اعظمها ان هدانا للاسلام وجعلنا من اهل توحيد رب الانام فنحمده جل وعلا على هذه الخيرات ونسأله المزيد من الفضل والبر والهبات واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله عليه افضل سلام واطيب الصلاة صلى الله عليه وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين اما بعد فاسأل الله جل وعلا للجميع توفيقا لكل خير وبعد فهذا هو الدرس الثاني من دروسنا في قراءة كتاب شرح السنة للامام المزني رحمه الله تعالى المتوفى سنة مئتين واربعة وستين تلميذ الامام الشافعي رحمة الله على الجميع يقول المؤلف رحمه الله تعالى الحمد لله احق من ذكر واولى من شكر وعليه اثني الواحد الصمد ليس له صاحبة ولا ولد جل عن المثيل فلا شبيه له ولا عديل. السميع البصير العليم الخبير المنيع الرفيع عال على عرشه وهو دان بعلمه من خلقه قد جاءت النصوص في اثبات العلو لله جل وعلا على ادلة كثيرة متنوعة بالكتاب والسنة ومن ذلك قوله تعالى اامنتم من في السماء ان يخسف بكم الارض وقوله جل وعلا تبارك الذي نزل على عبده الفرقان والتنزيل لا يكون الا من اعلى لاسفل ولذا لما دعا موسى فرعون الى الايمان بالله قال فرعون لهامان ابن لي صرحا لعلي ابلغ اله موسى. واني لاظنه من الكاذبين ولما ولما كان من فطرة الناس ان يرفعوا ايديهم وقلوبهم الى جهة العلو يسألنا الله جل وعلا في دعائهم مما يدل على ان مما استقرت عليه الفطر اثبات صفة العلو لله تعالى فان قال قائل هل هذا يعني ان الجهة تحويه قيل جهة العلو ليس لها منتهى. وبالتالي ليس لها احتواء لما فيها حتى يقال بمثل ذلك الكلام وكذلك جاءت احاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تثبت صفة العلو لله تعالى بمثل قوله جل وعلا من مثل قوله صلى الله عليه وسلم ينزل ربنا تبارك وتعالى الا الى السماء الدنيا كل ليلة واما استواء الله على العرش فقد جاء في سبع ايات من كتاب الله استوى على العرش على العرش استوى فحينئذ يثبت الانسان علو الله تعالى على العرش ولا يقتضي ذلك مماسة ولا احتياجا للعرش. فالله تعالى هو الغني فان قال قائل بان المراد بقوله على العرش استوى اي استولى قيل هذا تحريف لللفظ عن معناه. فاستوى في اللغة يطلق على الارتفاع والعلو كما هو معروف من لغة العرب فان قال قائل بانه قد ورد الاستواء بمعنى اخر غير الارتفاع من مثل قوله جل وعلا ثم استوى الى السماء يعني عمد اليها ومن مثل قوله جل وعلا استوى على سوقة قيل بان استوى في لغة العرب تطلق على معان متعددة لكن سياقها يدل على المراد منها. فاذا جاء بعد استوى او تعلق بها حرف الجر الى حينئذ كان معناها القصد وكقوله ثم استوى الى السماء وهي دخان وان جاءت للتسوية بين شيئين فانها تعني المقارنة بينهما كما تقول استوى فلان وفلان واذا جاءت مطلقة استوى بمعنى اكمل نضجه. واما اذا تعلقت اما اذا تعلق بالفعل استوى متعلق بالحرف على فهذا يعني علوا والارتفاع والاستقرار. ومن ثم فالاصل ان نؤمن بما في القرآن على ظاهر ايه ده! كما هي طريقة العرب في فهم الكلام. فان الله تعالى قد انزل هذا الكتاب من اجل ان يكون مفهوما عند العرب كما قال تعالى انا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون. وقال انا انزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون. ومن هنا فان الاصل في الفاظ القرآن ان تحمل على ظواهرها بحسب لغة العرب فان قال قائل بانه يمكن ان تؤول الى معنى اخر الى هذا التأويل يخالف ظواهر النصوص واما اثبات علم الله جل وعلا. فان الله لا يخفى عليه شيء من الاحوال التي تكون في في العالم علويه وسفليه. كما قال تعالى وهو بكل شيء عليم فعلم الله محيط بجميع ما في الكون ظاهره وباطنه. وكما قال الا ان الله لا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء وقد اخبر سبحانه انه يعلم ما في الظمائر وما في القلوب. كما قال تعالى يعلم السر واخفى اه يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور علم الله جل وعلا محيط بجميع الوقائع. ولذا اثبت الله لنفسه المعية مع خلقه معية علم كما في قوله جل وعلا ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم ولا ادنى من ذلك ولا اكثر الا هو معهم. فالمعية هنا يراد بها انه معهم بالعلم ويدل على ذلك ان الاية قد افتتحت بالعلم يعلم ما في السماوات وما في الارض وختم بذكر احاطة علمه جل وعلا بالكائنات والناظر في النصوص يجد انها في باب المعية تثبت نوعين من انواع المعية الاول المعية العامة التي تكون مع جميع الخلق وهي المعية بالعلم والاحاطة وكما سبق وهناك نوع اخر الا وهو المعية النصر والتأييد كما في قوله تعالى ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون وقول ان الله مع الصابرين. فهذه معية خاصة قد جعلها الله جل وعلا لاولياءه وتكون بالحفظ والنصر والتأييد والاعانة فان قال قائل هل هذا يقتضي مماسة او يقتضي او يقتضي ان يكون شيء من احوال الخلق محيطا به جل وعلا. قيل بان ذلك لا يقتضي شيئا من هذه المعاني ولذلك لو وقعت لو وقع نزاع بين المسلمين وغيرهم في بلد من بلدان العالم البعيدة لقلت انت انا مع المسلمين مع انك لست قريبا منهم ولست مماسل لهم. فهذه هي المعية لا تقتضي مخالطة ولا تقتضي شيئا من الظنون التي قد يظنها بعظ الناس ولذا قال قال المؤلف احاط علمه بالامور وفي هذا بيان ان علم الله محيط بجميع الوقائع الكونية صغيرها وكبيرها لا يخفى عليه شيء من احوالهم وهذا يدل عليه عموم النصوص التي وردت باثبات احاطة علم الله كل الاشياء ثم قال وانفذ في خلقه سابق المقدور قدر الله غالب فلا يقع شيء في الكون الا وقد قدره الله سبحانه. كما قال تعالى ان كل شيء خلقناه بقدر يدل على هذا نصوص عديدة تثبت القدر وقدر الله يشتمل على اربع مراتب. المرتبة الاولى علم الله بالوقائع قبل وقوع والثاني اثبات ان الله قد كتب كل شيء في اللوح المحفوظ ما اصاب من مصيبة في الارض ولا في انفسكم الا في كتاب والرتبة الثالثة من مراتب القدر اثبات ان ذلك قد وقع بمشيئة الله جل وعلا فانه لا يقع شيء في الكون الا وقد اراده الله واشاءه ارادة كونية قدرية واما المرتبة الرابعة فهي رتبة خلق الله لهذه الوقائع. فان الله قد خلق وخلق اعمالهم وخلق الحوادث كما قال جل وعلا والله خلقكم وما تعملون ثم اورد المؤلف قوله تعالى يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور. فخائنة الاعين ما تخفيه العيون وتشير اليه بالتفات بالتفاتها. وما تخفيه الصدور من ظنون والوساوس والاحتمالات وما يكون فيها من تدابير وتقادير ومكائد ومكر وفكل ذلك يعلمه الله تعالى قال فالخلق ويشمل هذا الانس والجن والحيوانات والطير ويشمل الجمادات كلهم لا يعملون الا بامر قد علمه الله تعالى والله جل وعلا يعلم الوقائع قبل وقوعها فانه ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم. والله جل وعلا يعلم وقائع قبل وقوعها. وهذا علم سابق. وعلمه جل وعلا محيط كل شيء وفي هذا رد على اولئك الذين لا يقولون باطلاع الله وعلمه السابق على قائع الصغائر وانما يعلم بالكبائر. ورد على اولئك الذين ينفون علم الله اه بما سيكون من العباد من الذنوب والمعاصي من القدرية ونحوهم وقال ونافذون لما خلقهم له من خير وشر. يعني ان العباد سيقدمون على اما قدر الله العباد عليه من خير وشر وجاء في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر بانه يرسل الملك الى ابن ادم وهو في اعطني امه في كتب اجله ويكتب عمله ويكتب رزقه ويكتب شقي او سعيد وهذا من سبق علم الله بما يكون من العباد من خير شر ثم قال لا يملكون لانفسهم من الطاعة نفعا. اي ان الجميع بتوفيق الله يوفقون للطاعة وانه لا يكون تحرك الانسان الى الاعمال التي بها الله الا بمعونة منه سبحانه وتعالى. وبالتالي لا يتمكنون من صرف انفسهم عن معصية الله الا بتوفيق منه جل وعلا. ثم ذكر ان الله غني عن العباد لا يحتاج الى معونة منهم. ولذا قال خلق الخلق بمشيئته فاثبت رتبة الخلق واثبت رتبة المشيئة. فالله خالق كل شيء سبحانه وتعالى وخلقه يشمل الذوات كما يشمل الافعال والعوارض التي تكون عند الناس. مع عدم حاجة الله لا العباد. فهو انما خلقهم ليختبرهم. ولينظر من يهتدي منهم ممن لا يهتدي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا. قال على هلا تعال الانسان حين من الدار لم يكن شيئا مذكورا. انا خلقناه من نطفة امشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا. انا هديناه السبيل اما شاكرا واما كفورا فبين الله تعالى انه هو الذي خلق الخلق وخلق اعمالهم وانه يوفق من شاء لطاعته وانه قد قدر على بعظ العباد ان يعصوه جل وعلا ولا ينفي هذا ان يكون للعباد مشيئا. وارادة. فان الله تعالى قد اثبت للعباد مشيئة ولكن مشيئة العباد مرتبطة بمشيئة الله سبحانه وتعالى. كما قال جل وعلا وما تشاؤون الا ان يشاء الله. فاثبت للعبد مشيئة واثبت للرب مشيئة واثبت ان مشيئة العبد مرتبطة بمشيئة الله سبحانه وتعالى فان قال قائل الا يمكن ان تتعارض هذه المشيئات مشيئة العبد ومشيئة الرب. قيل هذا السؤال سؤال اعطى انما ينتج ممن لا يعرف قدرة الله جل وعلا. وتصريفه للامور سبحانه وتعالى فالمقصود ان العبد يثبت قدر الله وسابق علمه ويترتب على ذلك عدد من الفوائد التي يستنتجها الناس من ايمانهم بالقضاء والقدر فمن ذلك الا يكون من العباد تجزع او سخط لما يقدره الله عليهم من الاقدار التي لا ترغبها نفوسهم. فان العبد في هذه الدنيا لا يسلم من شيء من الاكدار والمصائب. سنة كونية قد جعلها الله في دنيا ان يقدر على العباد بعظ المصائب ليرى من الذي يصبر مما من لا يصبر والصبر عبادة عظيمة ينال الانسان بها الاجور الكثيرة. كما قال تعالى انما فالصابرون اجرهم بغير حساب. وكما قال تعالى ولنجزين الذين صبروا اجرهم باحسن ما كانوا يعملون والصبر يتضمن والصبر يتضمن عدم التسخط من قضاء الله وقدره. فمتى علم العبد ان هذه الحوادث والمصائب التي نالته انما هي تقدير من الله جل وعلا. حينئذ يكون منه الرضا بقضاء الله تعالى والعباد عند اصابتهم بالمصائب لا يخلون من احوال اول هذه الاحوال ان يكون العبد متجزعا متسخطا من قضاء الله وقدره. فهذا الحال حال من لا من ليس من اهل الصبر وهو من اهل الجزع. فهذه حالة ممقوتة يكون العبد بها مخالفا لما امر الله تعالى به واما الحال الثاني فحال العبد الصابر الذي لا تؤثر عليه هذه الوقائع لانه يعلم بانها من عند الله كما قال تعالى قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون وهناك مرتبة اعلى من هذه المرتبة الا وهي مرتبة الرضا بقضاء الله وقدره فان العبد متى علم ان ما يقدره الله عليه يكون خيرا له متى تعامل معه على وفق شرع الله سبحانه وتعالى كان هذا من اسباب كان هذا من اسباب رفعة درجته وعلو منزلته ومن ثم فهو راض عن الله فيما يقدره عليه من انواع المقادير. ولذا قال تعالى في وصف اهل الايمان رضي الله عنهم ورضوا عنه والرضا عن الله يشمل الرضا عن الله فيما يقدره وهو الرضا بالله ربا. وكذلك يشمل لو اقرار العبد بصرف عبادته لله وحده كما جاء في النصوص الامر بذلك. فنرظى بالله ربا وكذلك نرظى به الها معبود فنصرف عباداتنا له سبحانه وتعالى فالايمان بالقضاء والقدر ركن من اركان الايمان. وقد جاء في حديث عمر وابي هريرة وان النبي صلى الله عليه وسلم لما عد اركان الايمان قال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره وشره. ومن هنا فان العبد يؤمن بان على اقدار من عند الله سبحانه وتعالى. فهذا شيء مما يتعلق بكلام المؤلف في تقرير قاعدة الايمان بالقضاء والقدر ولعلنا ان شاء الله ان نواصل درسنا في الغد بعد صلاة الفجر في هذا الموطن باذن جل وعلا