معانيه ومن هنا فان ما ورد في الكتاب من الصفات فاننا نثبته ولا نتردد فيه ولا نحصر ذلك بسبع وعشر او بالصفات صفات النفي بل نجعل القاعدة العامة في ذلك اننا ان شاء الله بسم الله بسم الله الحمد لله رب العالمين. نحمده جل وعلا ونشكره. ونسأله المزيد من فضله اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله عليه وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين. اما بعد فهذا درس ثالث من دروسنا في قراءة كتاب شرح السنة. للامام المزني تلميذي الامام الشافعي رحمة الله عليهما. قال المؤلف رحمه الله والقرآن كلام الله عز وجل ومن لدنه وليس بمخلوق فيبيد القرآن مأخوذ من الفعل قرأ لانه يقرأ المراد به كتاب الله الذي انزله على محمد صلى الله عليه وسلم. وهذا القرآن هو الذي بين ايدينا كما قال تعالى ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم. وهذا القرآن هو كلام الله. سبحانه وتعالى لا كما قال جل وعلا وان احد من المشركين استجارك فاجره حتى يسمع كلام الله فهذا الذي نسمعه هو بعينه كلام الله تعالى وليس عبارة عنه ولا حكاية عنه ولا نقلا عنه. بل هو بعينه كلام رب العزة الجلال وكما قال في هذه الاية حتى يسمع كلام الله فدل هذا على ان هذا المسموع هو بعينه كلام الله تعالى وقراءة القارئ وكتابة الكاتب وحفظ الحافظ لا يخرج ذلك عن ان كون كلاما لله تعالى فان من نقل كلاما قيل هذا الكلام كلام منسوب الى قائله لا الى ناقله وحينئذ نعلم ان هذا الذي بين ايدينا هو كلام الله تعالى وفي هذا دلالة على ان كلام الله هو المسموع هو بعينه المسموع لقوله حتى يسمع كلام الله ومن هنا نعلم ان الكلام هو الاصوات والحروف وليس وليس معنى الكلام المعاني النفسية التي تكون في نفس الانسان. بل الكلام هو المسموع كما في هذه الاية يسمع حتى يسمع كلام الله قال تعالى يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعدي ما عقلوه. فدل هذا على ان المسموع هو بعينه الكلام. وهذا هو مفهوم العرب يسمون المسموع بعينه هو الكلام. ويجعلون الاصوات والحروف المسموعة هي الكلام وليست المعاني النفسية. ويدل على ذلك ما ذكره الله جل وعلا في قصة مريم حينما اشارت الى قومها قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا يا اخت هارون ما كان ابوك امرأ سوء وما كانت امك بغيا فاشارت اليه فاشارت اليه مع انها قبل ذلك قد قالت اني نذرت للرحمن صوما فلن اكلم اليوم انسيا هذه الاشارة فيها معاني نفسية ومع ذلك لم تعد كلاما ومثله في قصة زكريا عليه السلام حيث خرج حيث كان من ايته الا يكلم الناس ثلاث ليال سويا. فخرج على قومه من المحراب فاوحى اليهم ان سبحوا بكرة وعشيا. فهذا الايحاء بمعنى انه واشار اليهم والاشارة يقارنها معنى نفسي ومع ذلك لم يجعل هذه الاشارة ولا ذلك المعنى النفسي كلاما. ويدل على ذلك ايضا قول النبي صلى الله عليه وسلم ان الله تجاوز لي عن امتي ما حدثت به انفسها ما لم تعمل به او تتكلم ففرق بين الكلام وحديث النفس وهذا محل اجماع عند فقهاء الشريعة انصدق الله فيما اخبر به عن نفسه. ومن ذلك ما يتعلق بكلمات الله وباسماء الله وصفاته. قال الله تعالى ولله الاسماء الحسنى فادعوه وزر الذين يلحدون في اسمائه. ما معنى يلحدون؟ اي يميلون عن الحق فيها فان الفقهاء قد اجمعوا على اختلاف مذاهبهم ان من نذر الا يتكلم او حلف الا يتكلم انه لا يحنث بالمعاني النفسية انما يحنث بالاصوات والحروف. وهكذا اجمع اهل اللغة على انه لا تسمى المعاني النفسية كلاما. وان على جهة الاطلاق. وانما يسمى الكلام الاصوات والحروف ولذا قال ابن مالك كلامنا لفظ مفيد كاستقم. فان قال قائل قد وجدنا في بعض ما ينقل على عن العرب تسمية المعاني النفسية كلاما قيل هذا لم يرد عن العرب اطلاق لفظة الكلام بدون تقييد على المعاني النفسية. وقول عمر اني في نفسي كلاما هذا لفظ مقيد والبحث في لفظ الكلام مطلقا غير مقيد وهكذا ايظا لا يصح ان يستدل البيت الشعري ان الكلام لفي الفؤاد وانما جعل اللسان على الفؤاد دليلا. وذلك لان هذا من كلام الاخطل والاخطر شاعر النصراني قد ظلوا في تفسير كلمة الله ولم يفهموها على حقيقتها فيما يتعلق بخلق عيسى عليه السلام ثم ان كثيرا من رواة الشعر يقولون بان هذا البيت منحول او محرف وانه لا تصح نسبته للاخطل. ومن ثم فكيف تترك دلالة الكتاب في مواطن عديدة ودلالة السنة ودلالة اجماع الفقهاء واجماع اهل اللغة من اجل هذا البيت المنتحل واذا كان هذا الكتاب وهذا القرآن كلاما لله تعالى فهو ليس بمخلوق فليس مخلوق لان صفات الله لا يجوز ان نصفها بانها مخلوقة فان قال قائل اذا قلنا بان الصفات غير مخلوقة ادى ذلك الى القول بان الذات متعددة قيل هذا فهم خاطئ فان الذات بصفاتها شيء واحد وليست متعددة. ولذا يقال عن الشيء بما فيه وما يحويه وما يكون له من صفات شيء واحد ولا يصح ان يجعل امورا متعددة قوله ويدل على ذلك ما ورد ان هذا القرآن كلام الله وانه نزل من عند الله تعالى. كما قال جل وعلا تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ليكون هنا قيل انها تعود الى الفرقان. وقيل بانها تعود الى عبده وهكذا قال الحمدلله الذي انزل على عبدي الكتاب الايات التي وردت في بيان ان هذا الكتاب نازل من عند الله جل وعلا كثيرة وهذا الكتاب يبقى ولا يبيد كما قال تعالى انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون قال المؤلف ويدل على ما تقدم ما ورد في النصوص من الاستعاذة بكلام الله. اعوذ بكلمات الله التامات مما يدل على ان كلام الله ليس بمخلوق اذ المخلوق لا يجوز ان يستعاذ به في ما يتعلق قدرة الله وامره ثم قال المؤلف وكلمات الله وقدرة الله ونعته وصفاته كاملات غير مخلوقات دائماتنا زليات وليست بمحدثات فتبيت. ولا كان ربنا ناقصا فيزيد جلت صفاته عن شبه صفات المخلوقين. وقصرت عنه فتن الواصفين فهذه الجمل من المؤلف تتعلق باثبات الصفات لله سبحانه وتعالى من عقيدة اهل الايمان ان كل صفة وصف الله بها نفسه او وصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم فاننا نصف الله بها وكل صفة نفاها الله عن نفسه او نفاها عنه رسوله صلى الله عليه وسلم. فاننا ننفيها وكل صفة سكت الله عنها او سكت عنها رسوله وسكت عنها رسوله فاننا اسكتوا عنها نتبع في ذلك كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويدل على ذلك عدد من الامور اولها ان الله ورسوله اعلم بصفات رب العزة والجلال منا وبالتالي لا يصح لنا ان نجتهد في هذا الباب فنقول باجتهاداتنا بدون ان يكون لنا ها اصل من الكتاب والسنة والامر الساني ان القرآن والسنة قد بلغ الرتبة العالية في الفصاحة والبلاغة. ومن ثم فانما ثبت في هذين الاصلين لابد ان يفسر على ظاهره لانه لا يعجز سبحانه عن ان يظهر المعاني الكتابة في الحال تقول فلان كاتب وفلاني يكتب يعني انه الان يكتب وهو بين يديك تشاهده وهو ويكتب فهذه صفة بالفعل وهناك صفة بالقوة كما لو قلت فلان يكتب يعني عنده بي الالفاظ الدالة عليها واما ان تأتي الفاظ موهمة فيها اثبات صفات لله ليحتاج العباد الى تحريفها وتغيير معناها فهذا لا يأتي من قبل الفصيح في كلامه. وقد بين الله تعالى انه انزل هذا القرآن من اجل ان يفهم فقال تعالى انا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون. اي تفهمونه. وقال انا انزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون وقال كتابنا انزلناه اليك مبارك ليدبروا اياته وليتذكر اولوا الالباب. فكيف يكونون متدبرين له وهم لا يعرفون اه اما بجحدها واما بتأويلها وتفسيرها على غير ظاهرها واما بالدعاية انها تشابه ما عند المخلوقين من الاسماء والصفات ولذا فصفات الله ليست بمخلوقة صفات الله ليست بمخلوقة وصفات الله قديمة النوع في الصفات ولكن لها افراد حادثة من مثل صفة الكلام فان الله تعالى متكلم في الازل ومتى شاء تكلم جل وعلا ومن هنا فانه يكلم الناس يوم القيامة. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ما منكم من احد الا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان ولذا ذكر الله انه يوم القيامة يتكلم ويدل على هذا قوله تعالى قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي الى الله والله يسمع تحاوركما فهنا هذه الاية كلام لله تعالى جاء بعد ماذا؟ بعد كلام المرأة والمرأة ليس كلامها بقديم ولا ازلي بل هي تحدثت به عند النبي صلى الله عليه وسلم وفدل هذا على ان صفات الله جل وعلا وان كانت قديمة النوع لكن انها تتعلق بافراد الحوادث بعد ذلك ولذا فان الله يسمع ما استجد عند الناس من الاصوات كما في هذه الاية فانه لا يخفى عليه شيء من اصوات الخلق وهكذا يتكلم جل وعلا متى شاء وصفاته غير مخلوقة هي جزء من ذاته ومنسوبة لذاته فان قال قائل هل كل ما ينسب الى الله يكون صفة له؟ قلنا ما ينسب الى على نوعين الاول المعاني فهذه صفات لله جزء منه كالكلام والسمع والساني زواة خارجة عن ذاته مستقلة. فهذه ليست صفات لله تعالى بيت الله وعبد الله ونحو ذلك وحينئذ نعلم ان ما ينسب الى الله يقع على اربعة انواع النوع الاول الاسماء مثل العزيز والرحيم والله فهذه الاسماء يجوز ان يعبد لها ويجوز ان نسألها ويجوز لنا ان نحلف بها. والنوع الثاني مما ينسب الى الله الصفات من مثل كلام الله ومن مثل سمع الله فهذه الصفات يجوز لنا ان ان نقسم بها ويجوز لنا ان نتوسل الى الله بها. ولكن لا يجوز لنا ان ندعوها ولا ان نعبد لها فلا يصح ان تقول عبد كلام الله ولا يصح ان تقولي يا كلام الله والنوع الثاني مما ينسب الى الله جل وعلا بعد الاسماء الصفات ما يتعلق اخبار التي تنسب الافعال. النوع الثالث الافعال وهي ما ينسب الى الله من افعاله جل وعلا من مثل قوله تعالى الرحمن على العرش استوى. فاستوى هذا فعل وحينئذ نعلم ان الاسماء يؤخذ منها صفات وافعال واخبار بينما الصفات لا يؤخذ منها اسماء. ولكن يؤخذ منها افعال واخبار والاخبار والافعال والافعال لا يؤخذ منها اسماء ولا يؤخذ منها صفات. وانما يؤخذ منها اخبار والنوع الرابع الاخبار التي تنسب الى الله تعالى من مثل قوله تعالى واي شيء اكبر شهادة قل الله فلفظت شيء ليست من الاسماء ولا من الصفات ولا من الافعال. وانما هي من الاخبار. والاخبار لا يؤخذ منها اسماء ولا صفات ولا افعال قول المؤلف ولا كان ربنا ناقصا فيزيد يشير به الى معنى وهو ان بعض الناس ظن ان الله لا يعد خالقا الا بعد ان اوجد الخلق وهذا ظن خاطئ بل الله خالق قبل ان يوجد الخلق. وذلك ان وصافة بالصفة قد يكون اتصافا بالقوة بحيث يكون مهيئا الاتصاف بحيث يكون مهيئا لان تنسب له تلك الصفة وهناك صفات فعلية وساضرب مثلا يتبين به الحال فصفة كاتب هذه قد يراد بها الاهلية للكتابة فهو كاتب ويكتب وقوله جلت صفاته عن شبه صفات المخلوقين فان رب العزة والجلال لا يماثله شيء من المخلوقات. كما قال تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ولا يعني نفي مماثلة المخلوق له ان ننفي عنها الصفات التي يكون للمخلوق صفات من مثل الصفات التي وصف الله بها نفسه كالسمع والبصر وهكذا الصفات الخبرية كصفة اليد والعين ونحو ذلك فان وجود هذه الصفات عند المخلوق لا يعني تماثل هذه الصفات فاننا ندرك وجود التفاوت بين الصفات في المخلوقات. فاذا كان هناك تفاوت بين صفات المخلوقين مع ان الجميع مخلوقون فالتفاوت بين صفة الخالق والمخلوق اعظم. ولهذا مثلا عند النملة يد وعند الفيل يد. فهل يد النملة تماثل يد الفيل نقول لا لا تماثلها. ومن هنا نعلم ان ثبوت صفة لله عز وجل ويكون لتلك الصفة ثبوت للمخلوق لا يعني تماثل الخالق والمخلوق في تلك الصفة وهنا بحث فيما يتعلق نسبة الصفة بين الخالق والمخلوق فان النسب بين الاشياء المتماثلة في الاسماء على انواع النوع الاول الالفاظ المشتركة وهي التي تتماثل في الاسم مع اختلافها بالكلية في الدلالة والمعنى ومن امثلة ذلك لفظت المشتري فانها تطلق في مقابلة البائع وتطلق ايظا على الكوكب المعروف. فهما اطلاقان مختلفان مع التشابه في الاسماء الا انه لا يوجد اي تشابه في حقيقتهما. فهذا يقال له لفظ مشترك والنوع الثاني الالفاظ المتشابهة فمن امثلته سيف وسيف. فهما متماثلان في الصفة وهما ايضا يطلق عليهما اسم واحد والنوع الثالث الاسماء المتواطئة وهي اسماء تطلق على معان مشتركة في اصلها ولكنها متفاوتة في صفتها ومن امثلة ذلك ما مثلنا به من لفظ اليد وهناك الفاظ يكون بينها تفاوت كبير حتى قد يظن انها مشتركة يسميها بعضهم مشككة والجمهور على انها جزء من اجزاء الالفاظ المتواطئة فهذا تقسيم لما يتعلق بالاسماء الدالة على معان مختلفة ومسميات متعددة مع كون الاسم واحدا فهكذا نعرف العلاقة بين صفة المخلوق وصفة الخالق سبحانه وتعالى وقول المؤلف وقصرت عنه فطن الواصفين هنا نحن نثبت لله الصفات لكن نعجز ان نعرف كيفيتها وكونهها. فان الله تعالى اعظم من ان تتصوره قولنا ولذلك فاننا نقتصر على اثبات ما ورد اثباته في النص ونثبت اللغوي ما ينسب لله جل وعلا. ولكننا لا ندخل في تكييف في الصفة لان هذا من القول على الله بلا علم قد قال تعالى ولا تقف ما ليس لك به علم وقال سبحانه ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين. انما يأمركم بالسوء والفحشاء وان تقولوا على الله ما لا تعلمون وقال تعالى قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن. والاثم والبغي بغير الحق وان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وان تقولوا على الله ما لا تعلمون فهذا دليل على انه لا يصح لنا ان نكيف الصفات لكننا نسبت الصفات على مقتضى ما ورد في النصوص ثم قال قريب بالاجابة عند السؤال كما قال سبحانه واذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداعي اذا دعان وحينئذ نثبت هذا القرب ولا يقتضي القرب مماسة او مخالطة او ان يكون قد حواه شيء من المخلوقات سبحانه وتعالى ولا يلزم من القرب القرب الحسي حينئذ نثبت ان الله يجيب دعاء الداعين. كما قال سبحانه وقال ربكم ادعوني استجب لكم. ولكن هناك صفات يستجاب لمن اتصف بها حال الدعاء اذا عندنا الاصل في الادعية ان يستجاب لصاحبها ثم وردتنا نصوص ببيان ان هناك اوقاتا وازمانا خاصة كونوا اجابة الدعاء فيها احرى كقول النبي صلى الله عليه وسلم اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فاكثروا من الدعاء فقمن ان يستجاب لكم. وكما قالت قال صلى الله عليه وسلم ينزل ربنا تبارك وتعالى الى السماء الدنيا في كل ليلة. فيقول هل من سائل فاعطيه سؤله فحينئذ كيف نجمع فنقول الذي يظهر ان ما وعد الله به من اجابة السائلين ان يشمل ما كان صاحبه تصفا بصفات الاجابة من مثل قوله صلى الله عليه وسلم اطب مطعمك تكن مجاب الدعوة واما الدعاء الذي يتأكد استجابة الله له في اوضاع خاصة او اوقات خاصة فهذا الذي يظهر انه يستجاب لصاحبه ولو لم يستكمل اسباب اجابة الدعاء وهنا جواب اخر لبعض اهل العلم فقال بان اجابة الدعاء في الاوقات الفاضلة بتحقيق ما دعا به الداعي بنفسه. واما الدعاء في غير ذلك فانه قد تجاب بتحقيق ما طلب العبد. وقد يستجاب للانسان بان يجلب له خير يماثل ما طلبه وقد يستجاب بدفع شر عنه وقد يستجاب له بادخار ثواب ذلك في الاخرة وبمناسبة ذكر الدعاء ليعلم بان الدعاء لا يلزم ان يكون صاحبه مثابا مأجورا بل قد يدعو الانسان ولا يثاب على هذا الدعاء متى لم ينوي بدعائه الا الدنيا. اذا نوى الانسان بدعائه الدنيا فقط انه لا اجر له ولا ثواب كما لو قال اللهم ارزقني امرأة صالحة امرأة جميلة او ارزقني الاموال الوفيرة فحينئذ هل يؤجر من دعا بهذا الدعاء؟ نقول ان كان الداعي لا يقصد الا الدنيا فانه لا اجر له في الاخرة على هذا الدعاء لماذا؟ لانه لم يقصد الاجر والثواب واما اذا دعا بهذه الدعوة فقال اللهم زوجني بالزوجة الجميلة ونوى انه بذلك يطيع الله ويستجلب رضا الله الذي يرظى عن الداعين ونوى الاجر والثواب. يقول انا دعوت ليعطيني الله الاجر. فانه حينئذ يكون كونوا مأجورا. ولذا قال تعالى فمن الناس من يقول ربنا اتنا في الدنيا وليس له في الاخرة من خلاق ومنهم من يقول ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار لذا على الانسان ان يستحضر نية اجر الاخرة في اعماله ومن هنا قال النبي صلى الله عليه وسلم انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى لكل امرئ ما نوى. فمن نوى بدعائه الدنيا فقط فليس له في الاخرة اجر ولا ثواب وهكذا بقية الاعمال التي يؤديها الانسان من امثلة ذلك مثلا صلاة الاستسقاء. بعض الناس يؤدي هذه الصلاة لينزل الله المطر في الدنيا اه فهذا ليس له اجر ولا ثواب. لماذا؟ لانه لم ينوي اجر الاخرة ولم ينوي استجلاب رظا الله بهذه صلاة ومثله في اذكار الصباح والمساء فان بعض الناس يذكر هذه الاذكار من اجل ان يحمى من السحرة والحسدة لان لا يظروه في دنياه وبالتالي لا يكون له اجر ولا ثواب على هذا العمل لانه لم ينوي به الاخرة ولذا قال تعالى من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا ومن اراد الاخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فاولئك كان سعيهم مشكورا. وقال تعالى من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوفي اليهم اعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون. اولئك الذين ان ليس لهم في الاخرة الا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون وهذا امر لا بد ان يتنبه له بحيث نقصد باعمالنا اجر الاخرة ونقصد استجلاب رضا الله جل وعلا كما قال تعالى ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه اجرا عظيما وقوله بعيد بالتعزز لا ينال. اي انه لا يستطيع احد من العباد مهما كان منزلته ومهما كان عنده من القوة ان يضاد الله في خلقه. فامر الله لا يستطيع احد من العباد ان يرده وهو جل وعلا متصف بصفة العلو وهو مستو على عرشه كما في ايات كثيرة الرحمن على العرش استوى ثم استوى على العرش يوشي الليل النهار قال بائن من خلقه اي انه منفصل عنهم. ليس شيء من المخلوقات في في الله جل وعلا. وهو سبحانه موجود وليس بمعدوم ولا بمفقود. يشير الى ما يذكره بعضهم من صفات تقتضي ان الله جل وعلا لا يوجد داخل العالم ولا خارجه او تقتضي انه للمخلوقات حال فيها. فهذه كلها معتقدات فاسدة مخالفة ما دلت عليه النصوص من الكتاب والسنة. بارك الله فيكم الله لكل خير وجعلني الله واياكم من الهداة المهتدين. نسأله سبحانه ان يغفر ذنوبنا وان يتجاوز عنا وان يرفع درجاتنا وان يجعلنا ممن قصد الاخرة باعماله اللهم اجعل الاخرة بين اعيننا اللهم يا حي يا قيوم ارزقنا الاستعداد ليوم الميعاد بفضلك واحسانك. اللهم وفق ولاة امور لكل خير واجعله من اسباب الهدى والتقى والصلاح والسعادة برحمتك يا ارحم الراحمين هذا