في الحالة الاخرى حال دعوة العصاة. العاصي لا يضل مهما بلغت معصيته ولو كان يشرب الخمر ويزني ويسرق ويراضي لو كان على هذه الحال لا يظن ما دام انه مسلم ان قلبه خلا من الخير. بل لا تزال نفسه تؤنبه ما دام مسلما على فعل تلك المعاصي. لان المسلم بما معه من الاسلام لا يقر نفسه على المعصية بل تجد في نفسه بغظا للمعصية. فهذه الخصلة التي في قلبي ذاك العاصي هي التي ينبغي ان ينظر اليه. وان تعظم في نفسه وان يحبب اليه الخير للجراء ثلج. والعبد لا ينبغي له بل لا يجوز له ان ان يتعاظم على العصاة وان ينظر نفسه فوقهم وان اولئك من حالهم كذا وكذا وهو حاله حال اهل الطاعة فينظر الى نفسه ويجعل نفسه متعالية على اولئك الذين عصوا لا بل كما قال الله جل وعلا كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينت. قد قال ابن القيم رحمه الله في وصف حال الذي وصف حال المسلم حين ينظر الى العاصي قال واجعل لقلبك مقلتين كلاهما للخشية الرحمن باكيتان لو شاء ربك كنت ايضا مثلهم. فالقلب بين اصابع الرحمن. فتنظر الى العاصي نظرين. النظر الاول نظر رحمة نظر رحمة وشفقة ترحمه ان كان من العصاة ترحمه ان كان اسيرا لشهوته اسير للشيطان. لان من الذي استعبده؟ استعبده الشيطان لان ان طاعة الشيطان له من العبودية كما قال جل وعلا يا ايها الذين كما قال جل وعلا في سورة ياسين لما عهد اليكم يا بني ادم الا تعبدوا الشيطان علاج الشيطان لطاعته فهذا اثره الشيطان فاذا نظرت اليه نظر رحمة كنت ناظرا اليه النظر الصحيح. هذا النظر الاول نظر رحمة انظر اليه بنظر القدر بنظر ما حصل له فتكون رحيما به مشفقا وربما بكت عيناك من جراء ما عصى. ذلك الرجل او تلك المرأة ثم تنظر اليه نظرا اخر. بنظر الحكم الشرعي نظر الامر والنهي فتحمله على الاوامر وتحمله على البعد عنه عن النواحي. فالعاصي ينظر اليه بنظر الرحمة تارة وينظر اليه بنظر الامر والنهي تارة. فالذي ينظر بنظر الامر والنهي مستعظما على هذا العاصي ناظرا نفسه انه ما دام انه مطيع فهو افضل من هذا وخير منه وما يدريه ربما كان في العاقبة لهذا حميدة وكانت العاقبة لك غير حميدة والقلوب بين اصبعين من اصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء. فنظر الرحمة هذا ينتج عند العبد العمل الصالح ينتج عند العبد الدعوة ينتج عند العبد الخير. والامر والنهي ينتج عند العبد التوازن. فاذا نظر نظر رحمة دعا والامر والنهي يجعله متوازنا في دعوته لان من الناس من يدعو من جهة الرحمة حتى جعل حاله مع البصاة ابشع حال وحتى جعل اخي كأنه لم يعصي وساوى بين العاصي والمطيع وهذا من جراء مخالفة الامر والنهي. فاذا حالك في من جهة الدعوة ومن جهة النظر الى العاصي ان تنظر اليه بهذين النظرين وتتعامل معه على وقتهما ان تنظر اليه تارة رحيما به شقيقا خاصة اذا كان من الاقربين والد او والدة او اخ او اخت وانظر اليه بنظر اخر فتأمره وتنهاه على وفد الشرع بما يحبب اليه الخير وبما يبغض اليه في الشر