واما حديث جابر ما ذئبان ضاريان في زريبة غنم اسرع فيها فسادا من طلب المال والشرف في دين المسلم واه بقي بعد ذلك حديث عاصم حديث ابي سعيد عاصم ابن عدي ولفظه العقيدة والحياة والله يعلم متقلبك بسم الله الرحمن الرحيم. ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا. من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فان خير الكلام كلام الله عز وجل. وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم. وشر الامور وكل معجزة في دين الله بدعة. وكل بدعة ضلال. من يطع الله ورسوله فقد رشد. ومن يعصي الله ورسوله فلن يفر الله شيئا ولن يضر الا نفسه في هذه العشية المباركة عشية يوم الجمعة التي ترجى فيها ساعة الاجابة ينعقد هذا المجلس في التاسع عشر من شهر ربيع الاخر من عام اربع وثلاثين بعد الاربع مئة والالف من الهجرة النبوية الشريفة في روضة نبوية وحضرة قدسية. نتذاكر فيها حديثا من احاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تجلو القلوب تزيل الرشارة عن عن العينين والوقر من الاذنين اذ ان مواعظ النبي صلى الله عليه وسلم وتوجيهاته هي عين الحكمة. التي يحتاج اليها المؤمنون. وهذا الحديث الذي ضربه النبي صلى الله عليه وسلم مثالا بديعا لما يحذر الانسان في حياته اعظم الاجر التي يحتاج المؤمن الناصح لنفسه ان يتمثلها. وان يجعلها نصب عينه فان النبي صلى الله عليه وسلم قد ضرب مثالا بديعا ارسل في غنم افسد لهما من حرص المرء على الشرف والمال لدينه فهذا الحديث العظيم يناقش مسألة بشرية انسانية يحتاج اليها كل مؤمن حتى يعتصم بالله ولا تزل به قدم يحافظ على امر دينه من عواد الفتنة. ويتأكد هذا الامر ايها الكرام ويا ايتها الكريمات هو من في هذا الزمان بشكل اكثر من غيره وذلك اننا في زمان راج فيه سوق الشرف وسوق المال بشكل غير مسبوق فاما سوق المال فكما ترون كيف خاض الناس بانواع التجارات والمكاسب وتنافسوا في الدنيا بما لم يقع في زمن قبله واما سوق الشرف فانه لم يجري في زمن من الازمنة كما جرى في هذا الزمن من وجود الرتب والالقاب والمقامات التي يتنافس الناس في الصعود فيها تأمل اول وهو ما يتعلق بالمال فقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم مرة وقد بلغه مال اوتي به من البحرين للنبي صلى الله عليه وسلم فتسامع الانصار رضوان الله عليهم بان ابا عبيدة ابن الجراح قد قدم بمال من البحرين. فتوافوا في صلاة الفجر مع النبي صلى الله عليه وسلم قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته وهم ان يدخل بيته تعرضوا له تعرضوا له اي بلطف وادب فقال لعلكم سمعتم ان ابا عبيدة قدم بشيء من البحرين. قالوا نعم يا رسول الله فقال ابشروا واملوا ما يسركم. فوالله ما الفقر اخشى عليكم. ولكن اخشى ان تفتح الدنيا عليكم كما فتحت على الذين من قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتفسدكم كما افسدتهم هكذا قال من لا ينطق عن الهوى وقد وقع ما اخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم وانفتحت الدنيا على المسلمين وجرى فيها من التنافس ما كان سببا في حصول الاحن والاضطرابات والتنافس المذموم الا من عصم الله تعالى ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم مرة لاصحابه كيف انتم اذا غدا احدكم في حلة وراح في حلة ووضعت له صحفة ورفعت عنه صحفة. انتم يومئذ خير ام ام اليوم؟ فقالوا بل نحن يومئذ خير. يا رسول الله نكفى المؤونة وطلب العيش. قال بل انتم اليوم خير وصدق من لا ينطق عن الهوى قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وجدنا خير عيشنا في الصبر وجدنا خير عيشنا في الصبر واما الالقاب والرتب المتعلقة بالشرف والجاه فهذا امر قد رأينا في هذه الازمنة كيف ان كل مرتبة او كل مهنة وصنعة في هذا الزمان قد قسمت على مراتب اه متنوعة حتى بات الناس يتسلقون فيها ويحاولون القفز اليها فصارت الالقاب تقع في نفوس الناس موقعا وفي ازمنة مضت ربما كانت الالقاب تختص بالسلاطين او بفئة معينة فلما كان الامر كذلك كانت الحاجة ماسة الى هذه الموعظة النبوية الناطق بها بابي هو وامي صلى الله عليه وسلم هو الذي قال ما لي وللدنيا ما انا والدنيا الا كراكب قال في ظل شجرة ثم قام وتركها يا له من تصوير قال ما لي وللدنيا. ما انا والدنيا الا كراكب قال في ظل شجرة ثم قام وتركها واما الشارح لهذا الحديث وهو الناصح الامين والمربي الكبير زين الدين ابو الفرج عبدالرحمن بن احمد بن رجب الحنبلي رحمه الله وكنا قد عرفنا به في مناسبات سابقة اه اذ اذ كان مولده رحمه الله سنة سبعمائة وخمس وثلاثين للهجرة وكانت وفاته سنة سبعمائة وست وتسعين للهجرة رحمه الله رحمة واسعة وكانت حياته انموذجا في حياة العالم الرباني الزاهد في الدنيا المتقلل منها البعيد عن شية المناصب والالقاب والفخر والاحساب بل كان رحمه الله تعالى عالم ملة منكبا على تعلم العلم وتعليمه. كيف لا؟ وشيخه ابن القيم رحمه الله وتلامذته امتداد له ونحن في هذا المجلس نسأل الله سبحانه وتعالى ان يلهمنا ما الهم الصالحين من عباده. وان يملأ قلوبنا من الاعتزاز بدينه والرضا بقسمه وان تمتلئ قلوبنا غبطة ونعمة بما من علينا به من نعمة الاسلام. وبما انعم علينا من سائر النعم. وان يعصمنا ربنا سبحانه وبحمده من انت تزل بنا قدم او تهفو نفوسنا الى شيء من لعاعة الدنيا يكون بها هذا الفساد الذي حذر منه النبي صلى الله عليه سلم اشد التحذير وضرب له هذا المثال الواضح البين فلنستعن بالله تعالى ونستعرض كلام هذا الامام الحمد لله رب العالمين وحده لا شريك له وصلى الله وسلم على حبيبه ومصطفاه. محمد واله وصحبه ومن سار على دربه الى يوم الدين. اللهم وانا نسألك ان توفق شيخنا وان تسدده. وان تغفر له ولنا وللسامعين وللمسلمين قال الشيخ الامام العالم العلامة شيخ الاسلام بقية السلف الكرام زين الدين ابو الفرج عبدالرحمن ابن الشيخ الامام شهاب الدين احمد بن شيخ الامام ابن رجب البغدادي الحنبلي رحمه الله تعالى واحسن له العاقبة. اخرج الامام احمد والنسائي والترمذي وابن حبان في صحيحه من حديث كعب بن مالك الانصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى اله انه قال ما ليباني جائعان ارسلا في غنم بافسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه. قال الترمذي رحمه الله تعالى حسن صحيح. وروي من وجه اخر عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر وابن عباس وابي هريرة. واوتي اسامة ابن زيد وجابر وابي سعيد الخدري وعاصم ابن عدي الانصاري رضي الله عنهم اجمعين. نعم. هذا هو نص الحديث محل درسنا لهذا اليوم قول النبي صلى الله عليه وسلم ما ذئبان جائعان ارسلا في غنم بافسد لهما من حرص المرء على المال والشرف لدينه وهذا هو سياق الترمذي للحديث من حديث كعب بن مالك وقد رواه سوى كعب بن مالك رضي الله عنه نحو سبعة من الصحابة بالفاظ متقاربة فاما حديث ابن عمر رضي الله عنهما لفظه ما ذئبان ضاريان في حظيرة يأكلان ويفسدان اضر فيها من حب الشرف وحب المال في دين المرء المسلم واما حديث ابن عباس رضي الله عنهما فلفظه ما ذئبان ضاريان باتا في غنم افسد لهما من حب ابن ادم الشرف والمال واما حديث ابي هريرة فلفظه ما ذئبان ضاريان جائعان في غنم افترقت احدهما في اولها والاخر في اخرها. يعني احد الذئبين في اول الغنم والذئب الاخر في اخر الغنم باسرع فسادا من امرئ في دينه بحب شرف الدنيا ومالها واما حديث اسامة حديث اسامة رضي الله عنه فلفظه ما ذئبان ضاريان باتا في حظيرة فيها غنم يفترسان ويأكلان باسرع من طلب المال والشرف في دين المسلم ما ذئبان عاديان ظلا في غنم اضاعها ربها من طلب المسلم المال والشرف لدينه هذه روايات الاحاديث وهي بالفاظ متقاربة ومعان متفقة يصف فيها النبي صلى الله عليه وسلم سورة آآ تخيلية لذئبين باريين جائعين عاديين وهذا اشد ما يكون في وصف الذئب ومن المعلوم عند الناس ان الذئب يوصف بالفتك وبالافساد ثمان هذين الذئبين ارسلا في غنم هذه الاغنام من المعلوم ان حالها انها لا تدفع عن نفسها امام الذئاب فهذا فهذه الاغنام قد جعلت في زريبة ان لها ان تفر وكان احد الذئبين في اعلاها والذئب الاخر في ادناها فصار في ليلة واحدة قد بات في الغنم يفتكان بها في اول الليل واخره لا يتصور حال فساد للغنم في هذه الزريبة المغلقة تحت انياب هذين الذئبين بمثل هذا المثال النبوي. هذا الامر الذي هو غاية في الفساد تصورنا اشد منه فسادا حرص المرء على المال والشرف سيكون حرصه على المال والشرف افسد لدينه من فساد هذين الذئبين في هذا القطيع من الغنم. هكذا صور النبي صلى الله عليه وسلم القضية ثم ان ابن رجب رحمه الله قال ولفظ حديث جابر رضي الله عنهما ذئبان ضاريان باتا في غنم غاب رعاؤه غاب رعاؤها بافسد للناس من حب الشرف والمال لدين وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما حب المال والشرف بدل الحرص فهذا مثل عظيم جدا ضربه النبي صلى الله عليه وسلم لفساد دين المسلم بالحرص على المال والشرف في الدنيا وان فساد الدين ليس بدون فساد الغنم بذئبين جائعين ظاريين باتا بالغنم قد غاب عنها رعاؤها قد غاب عنها رعاؤها ليلا فهما يأكلان في الغنم ويفترسان فيها. ومعلوم انه لا ينجو من الغنم من افساد الذئبين والحالة هذه الا قليل. فاخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان حرص المرء على المال والشرف افساد لدينه ليس باقل من افساد ذئبين لهذه الغنم. بل ان بل اما ان يكون بل اما ان يكون مساويا واما اكثر يشير الى انه لا يسلم من دين المسلم مع حرصه على المال والشرف في الدنيا الا القليل. كما انه لا يسلم من الغنم مع افساد الذئبين المذكورين فيها الا القليل. فهذا المثل العظيم يتضمن غاية التحرير من شر الحرص على المال والشرف في الدنيا. فاما الحرص على المال فهو على نوعين. نعم. قبل ان يمضي رحمه الله في تفصيل آآ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وانطباقه على الواقع ننبه على مسألة مهمة في مقام التعليم والتربية وهي مسألة التعليم بضرب الامثال التعليم بضرب الامثال فان القرآن العظيم مليء بذكر الامثلة وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك فضرب الامثال مما يقرب الصورة الذهنية الى الحالة الواقعية فينبغي للمعلم ان يستعين بضرب الامثال وهو ما يسمى في علم التربية الحديث بوسائل الايضاح ووسائل الايضاح وسائل تقريبية وكلما امكنك يا طالب العلم من تقريب العلم الى السامعين فاتخذ فان الناس يتصورون الاشياء المحسوسة اكثر من تصورهم للقضايا الذهنية المتعقلة فهذا نجده كثيرا في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فينبغي للمعلم الاخذ به قال رحمه الله تم الحرص على المال فهو على نوعين احدها شدة محبة المال مع شدة طلبه من وجوه من وجوه من وجوهه المباحة. من وجوهه المباحة والمبالغة في طلبه والجد في تحصيله واكتسابه من وجوهه مع الجهد والمشقة. وقد ورد ان سبب الحديث كان وقوع بعض افراد هذا النوع كما اخرجه الطبراني من حديث عاصم ابن عدي رضي الله عنه قال اشتريت مائة سهم من سهام خيبر فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما ذئبان ضاريان ضلا في غنم اضاعها ربها قد افسد من طلب المسلم المال والشرف لدينه قلت ولم لم يكن من الحرص على المال الا تضييع العمر الشريف. الذي لا قيمة له. وقد كان يمكن صاحبه يمكنك وقد يمكن وقد كان نعم وقد كان يمكن صاحبه فيه اكتساب الدرجات العلى والنعيم المقيم. فضيعه بالحرص في طلب رزق مضمون مقسوم لا يأتي منه الا ما قدر وقسم ثم لا ينتفع به بل يتركه لغيره ويرتحل عنه فيبقى حسابه عليه ونفعه لغيره فيجمع لمن لا يحمده لمن لا يحمده يجمع لمن لا لمن لا يحمده ويقدم على من لا يعذره. الاقرب والله اعلم. ويقدم على من لا يعذره وسنبين توجيهها. نعم. ويقدم على من لا يعذره لكفاه بذلك ذما للحرص. فالحريص يضيع زمانه الشريف ويخاطر بنفسه التي لا قيمة لها في الامس في الاسفار وركوب الاخطار لجمع مال ينتفع به غيره. نعم. اه لما جعل النبي صلى الله عليه وسلم آآ الحرص نوعان نوعين وهما الحرص على المال والحرص على الشرف آآ استهل ابن رجب رحمه الله ذكرى النوعين بذكر الحرص على المال. لانه هو الاكثر في الناس. ذلك ان الله سبحانه وتعالى قد قال وانه لحب الخير لشديد النفس مفطورة على جمع المال واكتنازه ابتدأ بذكر آآ الحرص على المال وجعل الحرص على المال نوعين. اما النوع الاول فهو ان يحرص على جمع المال من وجوهه المباحة لكن مع شدة في الطلب ومبالغة فيه وجد في تحصيله واكتسابه يعني بمعنى ان هذا الامر يصبح هاجسا مقيما مقعدا لصاحبه وهو دوما نصب عينيه ان يسعى في اكتساب المال. وان كان ذلك يقع على وجه مباح فهذا احد النوعين استدل له برواية اه عاصم ابن عدي رضي الله عنه لما اشترى مئة سهم من سهام خيبر فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم الخبر. فذكر هذا الحديث وذكر النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الحديث اثر هذه الواقعة ان صح الحديث او ان صح السبب لا يعني تحريم ان يتجر الانسان ولكنها موعظة نبوية لمن خاض في سوق الاسهم ان يتقي الله سبحانه وتعالى ولا يتبعها هواه فتغلب عليه وتحجب عنه ما ينبغي له ان يراه من مصالحه الاخروية فكون النبي صلى الله عليه وسلم يذكر هذا المثال اثر هذه الواقعة فيه تنبيه وموعظة لمن اشتغل بالتجارة الا تكون التجارة في قلبه وان كان يباح له ان تكون في يده وذكر كلمات نيرات يقول فيها ان هذا الامر وان كان مباحا لو لم يكن فيه من الخسارة الا تضييع العمر الشريف الذي لا قيمة له. مراده بان العمر الشريف لا قيمة له يعني انه لا يتقوم العمر لا يتقوى. ما من احد يمكن ان يبيع دقيقة من عمره بمبلغ من المال هو اشح لحظة من عمره من الدنيا وما فيها فقوله لا قيمة له مراده انه لا يتقوم بالاموال بل هو آآ فوق ذلك كله فهو يقول انه قد ضيعه بالحرص في طلب رزق مضمون مقسوم. لقول الله تعالى وما من دابة في الارض الا على الله رزقه وكل دابة تدب على وجه الارض ومنها بنو ادم فرزقهم مضمون مقسوم الرزق مضمون مقسوم ولا يأتي منه الا ما قدر وقسم فمهما بلغ بالانسان الحرص فلا لن يأتيه الا ما قدر وقسم ثم ثم اه لا ينتفع به بل يتركه لغيره يريد بذلك الوارث ويرتحل عنه فيبقى حسابه عليه ونفعه لغيره فيجمع لمن لا يحمده كم من الوراث لا يحمدون مورثهم بل ربما ذموه وهذا امر واقع جار في الناس ويقدم على من لا يعذره كانه اراد بذلك قدومه على الله تعالى. لان الله تعالى قد قال في كتابه ليس بامانيكم ولا اماني اهل الكتاب اعمل سوءا يجزى به. ولهذا قال من قال من السلف ان هذه الاية اخوف اية في كتاب الله من يعمل سوءا يجزى به فحينئذ يبدو للعاقل اللبيب ان الشغف في جمع الحطام والاشتغال بجمع الدنيا انه مضيعة للعمر وليس من لازم ذلك ان يدع الانسان الطلب والاخذ بالاسباب لا. وانما المراد الا يكون همه دنياه وفي الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اه فاتقوا الله واجملوا في الطلب انه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها واجلها. فاتقوا الله واجملوا في الطلب اذا رزقك واجلك مقسوم. ولابد ان تأتيه كاملا تستوعبه لا يبقى منه شيء واحد فتأمل كيف قال فاتقوا الله واجملوا في الطلب ولم يقل دعوا الطلب قال اجملوا يعني اطلبوا رزقكم المقسوم دون عناء وتكلف فانه مقسوم ثم انه قال كما قيل ومن ينفق الايام في جمع ما له مخافة فقر فالذي فعل الفقر قيل لبعض الحكماء ان فلانا مالا فقال هل جمع اياما ينفقه فيها؟ الله. قيل لا. قال ما جمع شيئا وفي بعض الاثار الاسرائيلية الرزق مقسوم والحريص محروم. ابن ادم اذا افنيت عمرك في طلب الدنيا فمتى تطلب الاخرة؟ اذا كنت في الدنيا عن الخير عاجزا فما انت في يوم القيامة صانع. قال ابن قال ابن مسعود رضي الله عنه اليقين الا ترضي الناس الا ترضي الناس بسخط الله ولا تحسد احدا على رزق الله ولا تلوم احدا على ما لم يؤتك الله. فان الرزق لا يسوقه حريص ولا ترده كراهية كراهية كراهية كاره فان الله بقسطه جعل الروح والفرح في اليقين والرضا على الهم والحزن في الشك والسخط. هذا كلام ابن مسعود شبيه بكلام النبي صلى الله عليه وسلم. حتى انه يلتبس على القارئ اذا كان موقوفا على ابن مسعود اهو موقوف او مرفوع ابن مسعود رضي الله عنه آآ قد اوتي من الحكمة ما جعل كلامه شبيها بكلام النبي صلى الله عليه وسلم وتأمل قوله اليقين الا ترضي الناس بسخط الله. اي والله هذا شبيه قول النبي صلى الله عليه وسلم من طلب رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه واسخط عليه الناس ومن طلب آآ رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وارضاه عليه الناس. قال ولا تحسد احدا على رزق الله. ولا هلم احدا على ما ما لم يؤتك الله وما احوج الانسان لهاتين الجملتين اولاهما الا يحسد احدا على رزق الله فان الله سبحانه وتعالى هو المعطي هو القاسم فحسدك اياه لا ينفعك ولن يضره وكذلك التلوم على ما لم يؤتيك الله اذا شعر العبد بالحنق او اه اه السخط على شيء لم يقسمه الله فهذا نقص في العقل ويقع هذا كثيرا حينما يتلوم الانسان ويعتب على ذويه واهله ومن حوله لم لم تصنعوا كذا؟ لم لم انما يريد ان يسترجع القدر فهذا في الحقيقة من دواعي الحزن فان العتب يؤذي صاحبه اكثر مما يؤذي غيره اكثر مما يؤذي غيره فلهذا قيل ان احكم آآ بيت قالته العرب اذا كنت في كل الامور معاتبا صديقك لم تلقى الذي لا تعاتبه فلهذا قال ولا تلوم احدا على ما لم يؤتيك الله. لا تقل له لم فعلت كذا لم لم تفعل كذا؟ قال انس رضي الله عنه خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين. فما قال لي لشيء قط فعلته لما فعلت كذا ولا لشيء لم افعله؟ لم لم تفعل كذا؟ وكان اذا سمع اهله يلومونني في المسألة قال دعوه لو قدر لك وهذا من اعظم اسباب السعادة وتأمل قول ابن مسعود فان الرزق لا يسوقه حرص حريص ولا ترده كراهة كاره اي والله هذا هو الواقع لطالما حرص احد على بلوغ شيء ففاته. ولطالما جلس انسان يبتغي الرزق على هينته فسيق اله الرزق اكمل ما يكون وقد ذكر رحمه الله في كلامه قال وفي بعض الاثار الاسرائيلية وذكر جملة آآ هي في الحقيقة تطبيق لما فيما ينبغي ان يتخذ حيال الاسرائيليات وحينما يقال الاسرائيليات فالمراد بها المأثور عن اهل الكتاب فان اهل الاسلام قد وجدوا عند مسلمة اهل الكتاب من الاثار والمرويات التي يبلغون بها احيانا موسى وعيسى عليهما السلام واحيانا يبلغون بها بعضا انبياء بني اسرائيل كيوشع بالنون وغيرهم شيئا كثيرا فحينئذ استقر رأي اهل العلم على موقف ناضج تجاه هذه الاسرائيليات بتقسيمها الى ثلاثة اقسام فاذا كانت هذه المرويات مما شهد له كتابنا بالصحة اخذنا به وقبلناه واعتقدنا صدقا واذا كانت هذه الاسرائيليات مما شهد كتابنا برده وابطاله فاننا نردها ونعلم انها مما كتبت بايديهم وحرفوا به كتاب ربهم سيكون موقفنا منها الرد والرفض واما النوع الثالث فهو ما لا نجد في كتاب الله او سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم له ما يؤيده او يعارضه الموقف حينئذ عدم التصديق وعدم التكذيب ولكن يحل التحديث به فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم اذا حدثكم اهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم فعسى ان تصدقوهم في حديث كذبوكم فيه. او تكذبوهم في حديث صدقوكم فيه وقال وحدثوا عن بني اسرائيل ولا حرج. فيحمل قوله وحدثوا عن بني اسرائيل ولا حرج على سورتين. الصورة الاولى ما شهد كتابنا بصحته وصدقه. والصورة الثانية ما لم يكن في كتابنا ما يرده وينقضه فبقي بعد سوى ذلك هو ما شهد كتابنا ببطلانه فهذا نرده ونكذبه وهذا عندهم كثير قد يعني آآ ادخلوه على كتاب الله عز وجل كاعتقاد النصارى بالتثليث والبنوة التجسد ونحو ذلك من العقائد الباطلة وكمقالات اليهود الفاسدة في حق الله عز وجل وفي حق انبيائه الكرام. فهذا نرده اما الاثر الذي ساقه وهو قوله الرزق مقسوم. والحريص محروم. ابن ادم اذا افنيت عمرك في طلب الدنيا فمتى تطلب الاخرة؟ فهذا من المقبولة التي يحسن اه ذكرها ونقلها ثم انه قال وقال بعض السلف اذا كان القدر حقا فالحرص باطل. واذا كان الغدو في الناس طبعا فالثقة بكل احد عجز واذا كان الموت لكل احد راصد فالطمأنينة الى الدنيا حمق. كان عبدالواحد ابن زيد يحلف بالله. لحرص المرء على هي اخفف عليه عندي من اعدى اعداءه وكان يقول يا اخوة يا اخوة اهل اتغبطوا حريصا على ثروته وسعته في مكسب ولا مال. وانظروا له بعين المقت له في اشتغاله اليوم بما يرضيه غدا في عادي ثم يتكبر وكان يقول الحرص حرصان حرص فاجع وحرص نافع فاما النافع فحرص المرء على طاعة الله واما حرص الفاجع فحرص المرء على الدنيا. فالحرص على الدنيا معذب صاحبه مشغول لا يسر ولا يلذ بجمعه لشغله فلا يفرغ من محبة الدنيا لاخرته لالتفافه لما يفنى. وغفلته عما يدوم ويبقى. ولبعضهم في هذا المعنى لا تغبطن اخا حرص على سعة وانظر اليه بعين الماقط القال ان الحريص لمشغول بثروته عن السرور بما يحوي من المال ولاخر في هذا المعنى يا جامعا مانعا والدهر يرمقه مفكرا اي باب منه يغلقه جمعت مالا ففكر هل جمعت له يا المال اياما تفرقه. المال عندك مخزون لوارثه ما المال مالك الا يوم تنفقه ان القناعة من يحيي بساحتها ان القناعة من يحلو بساحتها يلقى في ظلها هما لم لم يلق في ظلها هما يؤرقه نعم ان من البيان لسحرا ايضا الشعر حسنه حسن وقبيحه قبيح فاذا انشد الشعر في المعاني الحسنة الحميدة وقع موقعا اه طيبا من النفس. اذا الاسماع تلتد بسماع الشعر اكثر من التذاذها بسماع النثر. فاذا صيغ الشعر بمعان حسنة فانه يؤدي اغراظا قد لا يؤديها وتأمل هذا المعنى اللطيف وهو قوله يا جامع المال نعم جمعت مالا ففكر هل جمعت له يا جامع المال اياما تفرقه قد يتمكن المرء من جمع المال لكن هل يستطيع ان يجمع اياما؟ لينفق فيها هذا المال؟ فاذا كنت لا تستطيع ان تجمع اياما فلعلك ان تجمع مالا ثم لا تجد ظرف لانفاقها فيه وينتقل ذلك الى غيرك فلهذا اه اتق الله واجمل في الطلب. ثم قال وكتب بعض الحكماء لاخ له كان حريصا على الدنيا اما بعد فانك اصبحت حريصا على الدنيا وهي تخرجك عن نفسها بالاعراض والامراض والافات والعلل كانك لم ترى حريصا محروما ولا زاهدا مرزوقا ولا ميتا عن كثير ولم ولا ميتا ولا ميتا عن كثير ولا متبلغا من الدنيا باليسير. ما شاء الله. هذا ايضا مما من حال السلف. وانهم كانوا يتكاتبون ينصحون فيما بينهم. وهذا قد انعدم او قل وندر في هذا الزمان ان ينتشق الانسان قلم ويحرر اسطرا يكتب فيها نصيحة لاخيه لامر بدر منه فصار كثير من الناس يربط بعضهم على كتف بعض ويسكن بعضهم بعضا على غفلته وانقطع هذا الصنف من الناس الناصحون الذين يذكرون بالله عز وجل وينهضون باخوانهم من وهدة السقوط في في الدنيا. فهذا الحكيم كتب هذه الكلمات النيرات لاخيه. وتأمل هذه الجملة. يقول فيها كأنك لم ترى حريصا محروما ولا زاهدا مرزوقا يعني ان الدنيا مليئة بالامثلة التي ترى فيها حريصا محروما. فلطالما حرص كثير من الناس على جمع الدنيا وحطامها ثم لم يأتهم منها الا ما قسم ولطالما اه تجمل بعض الزهاد في الدنيا ثم سيقت لهم الدنيا بحذافيرها. كل هذا واقع في كل زمان ومكان وما زال الناس يحفظون اه قصصا اه وامثلة لهذين النوعين ثم قال عاتب اعرابي اخاه على الحرص فقال له يا اخي انت طالب ومطلوب يطلبك من لا تفوته وتطلب ما قد كفيته انك يا اخي لم ترى حريصا محروما ولا زاهدا مرزوقا. وقال بعض الحكماء اطول الناس هما الحسود. واهناهم عيشا القنوع على الاذى الحريص ويخفضهم عيشا ارفضهم للدنيا واعظمهم واعظمهم ندامة العالم المفرط نعم وقوله واصبرهم على الاذى الحريص هذا في الواقع ليس مدحا له بل ذما له انه صبر على اذى هو في عافية منه فينبغي للانسان ان ان يتقيه وقال شعرا ولبعضهم في هذا المعنى الحرص داء قد اضر بمن ترى الا قليلا. كم من كم من حريص طامع والحرص سيره جليلة وغيره كم انت للحرص والامان عبد ليس يجديك الحرص والسعي اذا لم يكن جد ما لما قدرها ما لي ما لي ما قدره الله من من الامر بد وهي بالعتاهية يخاطب سلما الخاسر تعالى الله يا سلم بن عمرو بن عمرو يا سلم بن عمر اذل الحرص اعناق الرجال ومن كلام ومن كلام المأمون الحرص مفسدة للدين والمروءة. وانشد بعضهم حرص الحريص جنون والصبر حصن حصين ان قدر الله شيئا فانه سيكون ولمحمود الوراق. ونازح الدار لا ينفك مغتربا عن الاحبة لا يدرون بالحال في مشرق الارض طورا ثم مغربها لا يخطر الموت من حرص على بال ولو قنعت اتاك الرزق في دعة ان القنوع ان القنوع الغنى ان القنوع الغني لا كثرة المال ولو قنعت اتاك الرزق في دعة ان القنوع الغنى ان القنوع الغنى لا كثرة المال ان القنوع اسمه ان ان القنوع فان القنوع بما بمعنى اللسان. طيب. احسنت يا ابا عبد الله ان القنوع الغنى لا كثرة المال. وله ايضا ايها المتعب جهدا نفسه يطلب الدنيا حريصا جاهدا. لا لك الدنيا ولا انت لها فاجعل همين هما واحدا. نعم اه اذن خلاصة هذا النوع ان الحرص على المال وان كان على وجه مباح. لكن خرج مخرج الحرص واللهفة والشفقة واشغال النفس ان هذا محل ذنب وانه ينبغي للعاقل اللبيب ان يتقاصر في هذا الامر والا يتبع نفسه لعاعة الدنيا ولو جاءت من طريق مباح وليس من مقتضى هذا التقرير ان يكف الانسان عن طلب رزقه. فان الله سبحانه وتعالى قد استعمرنا في الارض نتمتع بخيراتها. ونقضي حاجاتنا منها فلا يكون هذا الكلام الذي جرى تقريره محبطا للانسان عن السعي في مصالحه. ليس هذا اراد ابن رجب ولا من ساق قوله من الحكماء وغيرهم بل المراد الا يتمكن حب الدنيا والحرص من قلب ابن ادم فيفسد عليه دينه. هذا هو المراد من من ذكر هذا النوع ثم انه انتقل الى ذكر النوع الثاني من انواع الحرص على المال فقال النوع الثاني من الحرص على المال ان يزيد على ما سبق ذكره في النوع الاول حتى يطلب المال من الوجوه المحرمة ويمنع الحقوق الواجبة فهذا من الشح المذموم. قال الله تعالى ومن يوقى شح نفسه فاولئك هم المفلحون. وفي سنن ابي داوود عن عبد الله ابن عم عن عبد الله ابن عمرو رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال اتقوا الشح فان الشح اهلك من كان قبلكم امرهم بالقطيعة فقطعوا وامرهم بالبخل فبخلوا وامرهم بالفجور وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال اتقوا الشح فان الشح اهلك من كان قبلكم حملهم على ان يسفكوا الدماء حملهم على ان سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم. قال طائفة من العلماء الشح هو الحرص هو الحرص الشديد الذي يحمل صاحبه على ان يأخذ الاشياء من غير حلها ويمنعها ويمنعها حقوقها. وحقيقة وحقيقة ان اذا في هذا الحديثين الحديث الذي رواه ابو داوود وهو صحيح والحديث الذي فيه مسلم الذي رواه مسلم. تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من الشح وهذا يدل على ان هذا المقام مقام اه اشد من المقام السابق المقام السابق تحصيل للمال من حلة. اما هذا المقام فهو تحصيل للمال من غير حله يعني طلب المال من وجوهه المحرمة بسبب هذا الحال الذي يقوم في القلب واصله غريزة فان الله سبحانه وتعالى قد قال واحضرت الانفس الشح اصل الشح مركوز في النفس فاذا مد الانسان فيه ودفع فانه يحمله على غشيان الحرام واكتساب المال من غير حله. وقد بين النبي صلى الله عليه ما الذي يصنعه الشح؟ او ما الذي صنعه الشح؟ في من كان قبلنا؟ امرهم بالقطيعة فقطعوا. امرهم بالبخل فبخل وامرهم بالفجور ففجروا. وفي في في حديث مسلم انه حملهم على ان سفكوا دماءهم واستحلوا اه محارمهم اذا هذا امر يجب الحذر منه اشد من سابقه وهو ان يتوقى الانسان تحصيل المالي من الحرام وكما ذكرت في مقدمة هذه الرسالة ان هذا سوق رائج في هذه الازمان. وان الناس باتوا يتبارون في تحصيل المال من ومن غير حله على اي وجه كان. حتى انهم طرقوا ابواب الربا بمختلف آآ اشكالها وربما كيفوها تكييفا شرعيا وادعوا انها تخرج على وجه من الوجوه وذلك لا يخرجها من صورة الربا. مهما كان فان العبرة بالنظر الى المقاصد لا الى النظر الى الاشكال والتكييفات علينا ان نحذر من هذا الامر غاية الحذر فقد تنافست او آآ تحذلقت المؤسسات البنكية في استدراج الناس الى صور من التعامل المصرفي الربوي اللي بيقول بسلبوس الشريعة وكيف بسورة تبدو للناظر لاول وهلة انها آآ جائزة ولكن العاقل اللبيب والفطن يعلم ان هذه الاساليب انما هي استذلال اكل الربا وتأكيله على المؤمن ان يحتاط لدينه كثيرا ما نسمع ايها الاخوة في هذه الازمنة من يستفتي في مسائل وقع فيها والذي ينبغي للعاقل ان يسأل قبل ان يقدم اذا عرض عليك شيء من هذه المعاملات قبل ان تقدم عليه سل. لا اذا وقعت الاوراق ورفعت الوثائق. قلت حينئذ هل يجوز ان افعل كذا؟ هل يحل لي في كذا وكذا وقد وقع الفأس في الرأس فالمؤمن الناصح لنفسه هو الذي يتوقى درهما يدخل في جيبه من حرام. فعليه ان يتقي الشح وما يجر اليه والشح ايها الكرام قد ادى بما قبلنا الى ان يتقاطعوا في الارحام وان يسفكوا الدماء وهو واقع هذا اليوم ايضا. فان كثيرا من الناس الذين جرى بينهم تشاح قد قطعوا ارحامهم وهم قد تحذروا من رحم واحد. ومن صلب رجل واحد وما ذاك الا لانحراف النية عن حد السواء ثم قال رحمه الله وحقيقة ان تتشوق النفس الى ما حرم الله ايه الظاهر انها ان صوابها هكذا وحقيقته اما ان يقال وحقيقة الشح واما ان يقال وحقيقته بان يرجع الضمير اليه وحقيقته ان تتشوق النفس الى ما حرم الله ومنع منه يعني الى ما حرم الله عليه ومنع منه ومنع منه والا يقنع الانسان بما احلها بما احله الله له من مال او فرج او غيرهما فان الله تعالى احل لنا الطيبات من المطاعم والمشارب والملابس والمناكح. وحرم تناول هذه الاشياء من غير وجوه حلها واباح لنا دماء الكفار والمحاربين واموالهم وحرم علينا ما عدا ذلك من الخبائث من المطاعم والمشارب والملابس والمناكح. وحرم علينا اخذ الاموال وسفك الدماء بغير حق فمن اقتصر على ما ابيح له فهو مؤمن. ومن تعدى ذلك الى ما منع منه فهو الشح المذموم. وهو مناف للامام. ولهذا اخبر النبي صلى الله عليه واله وسلم ان الشح يأمر بالقطيعة والفجور وبالبخل. والبخل هو امساك الانسان ما في يده تناول ما ليس له ظلما وعدوانا من ماله من مال او غيره. حتى قيل انه رأس المعاصي كلها وبهذا فسر فسر ابن مسعود رضي الله عنه وغيره من السلف الشح والبخل. طيب اذا افادنا المؤلف رحمه الله الفرق بين الفرق بين هذين المصطلحين الفرق بين الشح والبخل فجعل البخل امساك الانسان ما في يده وقد يمسك عن امر واجب عليه كأن يمسك عن النفقة على زوجه وعلى اولاده وبهائمه او على ضيفه فهذا بخل وهو مذموم قطعا لا ريب. لكن الشح ابلغ منه وهو تناول ما ليس له ظلما وعدوانا تناول ما ليس له بان يتشوف الى مال غيره ويرى ان اخذه غنيمة واقتناص وبعض الناس في هذه الازمنة عافانا الله واياكم من يرى ان الاخذ من المال العام نوع مهارة وانه امر مباح لكونه مالا عاما لا يختص بشخص معين فيرى انه اذا تمكن من ان ينال شيئا من جهة حكومية او يزور الاوراق بطريقة معينة ويستدخل لنفسه شيئا ما ان هذا كسب مباح وحلال وانه لم يأخذه من شخص معين والواقع ان ذلك اعظم جرما من ممن لو اخذه من معين لانه حينما يأخذ من المال العام فانه في الحقيقة يأخذ من عموم الناس لا من واحد منهم فهذا الفقه الاعوج الذي تصوره آآ اودى به وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم ان قوما يتخوضون في مال الله. مال الله هاي المال العام. ان قوما يتخوضون في مال الله الله على وجوههم في النار يوم القيامة فليتنبه لهذا فانه جار بين الناس التساهل في اخذ ما فاض من الميزانيات والبنود وغير ذلك واخراجها دفاع آآ غير ما وضعت له. فالحذر الحذر ثم قال ومن هنا يعلم معنى حديث ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه واله وسلم انه قال لا يجتمع والايمان في قلب مؤمن. والحديث الاخر عن النبي صلى الله عليه واله وسلم انه قال افضل الايمان الصبر الصبر والسماحة وفسر الصبر بالصبر عن المحارم والسماحة باداء الواجبات. وقد يستعمل الشح بمعنى البخل وبالعكس. ولكن الاصل هو التفريق بينهما على ما ذكرناه ومتى وصل الحرص على المال الى هذه الدرجة نقص بذلك الدين والايمان نقصا بينا فان فان منع الواجبات وتناول المحرمات ينقص ينقص ينقص بهما الدين. ينقص بهما الدين والايمان بلا ريب حتى لا يبقى منه الا القليل. نعم وهذا بناء على اصل عظيم من اصول اهل السنة والجماعة هو ان الايمان يزيد وينقص. وان الايمان له حقيقة مركبة من قول وعمل فاذا استكثر الانسان من خصال الايمان زاد ايمانه. واذا نقصت خصال الايمان نقص ايمانه فالايمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية وخلاصة هذا الشق من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم انه ينبغي للمؤمن العاقل الناصح لنفسه ان يحذر من الوقوع من الحرص على المال حرصا يثلم دينه وهو على صورتين احداهما ان يحرص على جمعه من وجه مباح لكن بنوع تلهف وشفقة وانجذاب والنوع الثاني وهو اسوأ من ان يحصله بطريق محرم ويأخذ ما لا حق له فيه فاذا وقي الانسان من هذين الامرين فقد عوفي ويروى ان احد الصحابة رضوان الله عليه طاف بالبيت سبعة اشواط وهو يقول اللهم قني شح نفسي. اللهم قني شح نفسي ذلك ان الله تعالى يقول لما سئل قال ان الله تعالى يقول ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون وهل وهل الفلاح الا الفوز بالمطلوب والنجاة من المرهوب؟ فاذا حصل الانسان الفلاح فقد حصل غاية الاماني هذا هو المقام الاول المتعلق بالحرص على المال. فنسأل الله سبحانه وتعالى في هذه الازمنة التي انفتحت فيها ابواب الاغراءات وصارت اه الجهات المختلفة تهتف بالناس من كل واد وفي كل ناد ادعوهم الى الدخول في المجازفات المالية الاعمال الربوية. وبعض الامور المشبهة المظلمة ان ان يوق الانسان اه الانسياق ورائها الوقوع في شراكها. بل يرضى بما قسم الله تعالى له فقليل طيب خير من كثير خبيث ثم قال فصل واما حرص المرء على الشرف فهو اشد اهلاكا من الحرص على المال فان طلب شرف الدنيا والرفعة والرفعة فيها على الناس والعلو في الارض اضر على العبد من طلب المال وضرره اعظم. والزهد فيه اصعب. فان المال يبذل في طلب الرياسة والشرف والحرص على الشرف على قسمين احدهما طلب الشرف بالولاية افادنا رحمه الله فائدة عظيمة وصدق ان هذا النوع او هذا الشق وهو الحرص على الشرف اشد اهلاكا من الحرص على المال لانه يتعلق بامر معنوي اعتباري ولعل طلبة العلم احوج الى التنبه الى هذا النوع منهم الى النوع الاول فان التصدر والمشيخة والمقامات والرياسات الدينية فيها الرفعة ارضاء النفس ما لا يوجد في غيرها ولاجل هذا ينبغي لطالب العلم ان يتنبه لمداخل الشيطان وحظوظ النفس في هذه اه المقامات حتى لا يهلك ويفسد دينه وهو لا يشعر قال رحمه الله احدهما طلب الشرف بالولاية والسلطان والمال وهذا خطر جدا وهو في الغالب يمنع خير الاخرة وشره وكرامتها وعزها. قال الله تعالى تلك الدار الاخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الارض ولا فسادا. والعاقبة للمتقين وقل من يحرص على رياسة الدنيا بطلب الولايات فيوفق بل يوكل الى نفسه. كما قال النبي صلى الله عليه واله لعبدالرحمن بن سمرة رضي الله عنه يا عبد الرحمن لا تسأل الامارة فانك ان اعطيتها عن مسألة وكلت اليك وان عن غيره اليها وكلت اليها وان اعطيتها عن غير مسألة اعنت عليها. ما شاء الله. هذا الحديث اخواني الكرام اصل عظيم. ومعيار دقيق فيما يعرض للانسان من الولايات والمناصب والرياسات اذا وجدت في نفسك تشوفا للمنصب فعليك ان تتقيه وعليك ان ان تجتنبه واياك من ان يزين لك الشيطان باب المصالح والمفاسد وغير ذلك واذا رأيت انك لا ترغب فيها ولكن ابتليت بها فحينئذ سل الله المعونة النبي صلى الله عليه وسلم يقول لعبد الرحمن بن سمرة صاحبه. قال لا تسأل الامارة لا تسأل للامارة لا تقل يا رسول الله استعملني على كذا وكذا. هذا نوع امارة فانك ان اعطيتها من غير مسألة اعنت عليها وان اعطيتها عن مسألة وكلت اليها لان الذي يطلبها اراد ان ان ان يلبي حاجة في نفسه ولهذا قال انا لا نولي هذا الامر احدا طلبا فصول النقاء والنزاهة هذا امر مهم. وينعكس اثاره على ولاية هذا الولي. فانه يسدد ويوفق اما اذا وجدته متشوفا لها فظن به سوءا فكأنما هو يريد شيئا لنفسه من حظ دنيا او حظ نفس او ما اشبه ذلك قال بعض السلف قال بعض السلف ما حرص احد على ولاية فعدل فيها وكان يزيد ابن عبد الله ابن مهب من قضاة العدل والصالحين كان يقول من احب المال والشرف واخاف الدوائر لم يعدل فيها. وفي صحيح البخاري عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال انكم ستحرصون على الامارة وستكون ندامة يوم القيامة. فنعمة المرضعة وبئست الفاطمة. وفيه ايضا عن ابي موسى الاشعري الله عنه ان رجلين قالا للنبي صلى الله عليه واله وسلم يا رسول الله امرنا قال انا لا قال انا لا نولي في امرنا هذا من سأله ولا من حرص عليه. واعلم ان الحرص على الشرف يستلزم ظررا عظيما قبل وقوعه في السعي في اسبابه. وبعد وقوعه بالحرص العظيم الذي يقع فيه صاحب الولاية من الظلم والتكبر وغير ذلك من من المفاسد. وقد صنف ابو بكر. رحمه الله الواقع ان الحرص على الشرف لنيل الولايات والرياسات يورث هذه الاثار الفاسدة التي آآ ذكرها فانه يؤدي الى حصول ظلم وكبر وعجب وزهو وغير ذلك بخلاف الذي ابتلي فيها ورأى انها من فروض الكفايات التي لا تستقيم اه حياة المسلمين الا بها. فولي القضاء وقبله كارها ولي يا امارة او ادارة او وزارة او غير ذلك من المناصب فقبلها من من باب ان مصالح المسلمين لا تستقيم الا بهذا فان قال قائل فما بال يوسف عليه السلام قال اجعلني على خزائن الارض اني حفيظ عليم كيف نجيب عن هذا الايراد كونه يوسف قال لملك مصر اجعلني على خزائن الارض اني حفيظ عليم والاحاديث تدل على عدم الحرص على طلب الولاية طيب مدى ما يتعلق بيوسف؟ فالجواب عند يوسف. تفضل نعم طيب هذا جواب. شيخ يوسف يقول ان يوسف عليه السلام انس من نفسه القدرة وانه احق من غيره بهذا الامر واصلح فلذلك انتدب له عبد الرحمن نعم. احسنت. لعل هذا ان يكون اقرب. لما لما ان ملك مصر قد قال انك اليوم لدينا مكين امين يعني علم منه انه يريد ان يمكنه وان يأتمنه فبادر عليه الصلاة والسلام آآ بما اتاه الله من عقل الى ان يختار الامر حتى لا يجعل فيما لا يحسن بل يكون في يسد المكان الاسد فلما علم من نفسه القدرة على سياسة الامور وترتيبها وانه اولى بغيره منها اختار نوع العمل نوع العمل. اما اصل العمل فانه قد جرى من قول ملك مصر انك اليوم لدينا مكين امين وبناء عليه فما يقع لاخواننا مثلا عند تخرجهم من الكليات الشرعية من التعيينات اذا وقع هذا الامر عليهم توجيه قضائي او نحو ذلك اقصد بتوجيه اداري فليستعينوا بالله تعالى ان انسوا من انفسهم القدرة على ذلك ويتصدوا مستعينين لله لكن المحذور هو ان يسعى هذا الخريج الى نيل هذه المرتبة. فيذهب الى وزارة العدل مثلا. ويطلب ان يكون في سلك القضاء ويذبح نفسه بغير سكين فانك ان عفيت فالعافية لا يعدلها شيء لا تبحث عن الرياسة والولاية والسلطان لان الوظائف الحكومية منها ما يكون فيها نوع ولاية وسلطان كالقضاء ومنها ما يكون وظيفة كسائر الوظائف العامة الخدمية النوع الاول يدخل فيما نتحدث فيه الان. لا تطلب الامارة. لا تسأل الامارة. والقضاء نوع امارة على طالب العلم ان يتورع ويتوقى ذلك. فان ابتلي به ورشح لذلك فانه يسعه ان يستعين بالله ان كان يأنس من نفسه القدرة العلمية والشخصية على هذا الامر وينوي نية صالحة بسد حاجة المسلمين والقيام بفرظ من فروظ الكفايات اما ما يقع من بعض المجازفين باعمارهم تجد احدهم يبحث عن الوساطات لكي يعين قاضيا فان هذا حري بان يوكل الى ما اه اراد لنفسه العقيدة والحياة والله يعلم متقلبكم